الكاتب الفائز بجائزة نوبل هذا العام والذي لا يعرف القارئ العربي عنه الكثير هو حقا كاتب من جيل الستينات بكل معنى الكلمة، يطرح الحقيقة في مواجهة سطوة القوة والاستنامة لخطابها المشبوه، ولا يغازل الجوائز فتأتيه صاغرة، لكي تثرى به.

لوكليزيو.. كاتب مهموم بالعالم

الفائز بجائزة نوبل هذا العام كاتب من جيل الستينات

صبري حافظ

أثارت جائزة نوبل كعادتها زوبعة صغيرة في الأوساط الأدبية الغربية حينما أعلنت أن الفائز بجائزة نوبل هذا العام هو الكاتب الفرنسي جان ماري جوستاف لوكليزيو. ليس فقط لأن اسمه لم يتردد كثيرا بين الأسماء التي كان من المتوقع لها الفوز مثل المكسيكي كارلوس فوينتس، والأمريكي فيليب روث، والكندية مارجريت آتوود، والياباني هاروكي موراكامي، والجزائرية آسيا جبار، والكوري كو أون وغيرهم؛ ولكن أيضا لأن الصحف السويدية أشارت إلى أن 84 في المئة من قراء الأدب في السويد لم يسمعوا باسمه، ولم يقرأوا له، مع أن له 15 كتابا مترجما إلى اللغة السويدية، (بالمناسبة له 12 كتابا مترجمة للانجليزية) ومع أنه سبق له أن فاز في مطلع هذا العام بجائزة  أدبية سويدية هي جائزة ستيج داجرمان Stig Dagerman. ولكنها زوابع الصحافة التي لا تحب المفاجآت، وتريد أن تأتي الأفعال مطابقة لتوقعاتها وليست مخالفة لها. أم لعلها المفارقة بين رأي العامة، ومفاجآت المتخصصين، والأكاديمية السويدية حريصة على أن تقوم بدور ملحوظ في ريادة الرأي العام، والأخذ بيده إلى بقاع جديدة، بدلا من مجاراته.

لكن الأمر لم يقتصر على هذه الزوبعة المعهودة، فقد كانت هناك زوبعة أخرى أثارتها الأوساط الثقافية الأمريكية التي تتذمر بصوت جهير لأن الجائزة لم تذهب لكاتب أمريكي منذ 15 سنة، أي منذ فازت بها توني موريسون عام 1993. كما أن لوكليزيو يعد الكاتب الأروبي الثاني عشر الذي يفوز بالجائزة منذ ذلك التاريخ. مع أن آخر مرة حصلت فيها فرنسا على هذه الجائزة كانت عام 1986 ومع هذا لم يسبق لها أن تذمرت كما يتذمر الأمريكيون الذين يتصورون أن غطرسة القوة التي يفرضون بها أنفسهم بقحة على العالم يمكن أن تفرضهم على جوائزه الأدبية الكبرى كذلك. أو أن احتجاجهم لذهاب الجائزة 12 مرة لأوروبيين ينطوي على وهم بأن الولايات المتحدة الأمريكية تطرح نفسها معادلا ثقافيا لأوروبا بكل ثقافاتها ولغاتها العريقة. لكن يبدو ما دفع الأمريكيون للتذمر هو أن سكرتير الأكاديمية الدائم هوراس  انجدال والذي استضافه الأمريكيون هذا العام للتحكيم في جائزة بوليتزير الأدبية، صرح بأن أوروبا هي مركز العالم الأدبي، وأن الكتاب الأمريكيون يتسمون بقدر من المحدودية وضيق الأفق، وبجهلهم بآداب العالم. كما أنهم يرزحون تحت تأثير الثقافة الأمريكية الشعبية الضحلة بشكل يحول بينهم وبين الجدارة بجائزة نوبل. لذلك استخدمت الكثير من الصحف الأمريكية عناوين مثل: «الجائزة لفرنسا والإهانات لأمريكا» وهي تنشر خبر فوز لوكليزيو.

وقد اضطر هذا التذمر أنجدال للتصريح بأن الجائزة ليست مسابقة بين الأمم، ولكنها جائزة لكتاب أفراد. وأن أعمال لوكليزيو لها طبيعة كوزموبوليتانية، فهو فرنسي حقا، ولكنه رحالة ومواطن عالمي، وبدوي بالمعنى الأصيل للبداوة، بما فيها العزوف عن الأضواء، والاعتزاز بالنفس، ومجافاة مجالس الملق الأدبي والاجتماعي. لكن ذلك لم يمنع نيكولا ساركوزي رئيس الجمهورية الفرنسية من اقتناص الفرصة، والإعلان بأن لوكليزيو «أحد كتابنا الكبار الذين يجسدون عظمة فرنسا ونفوذها، ويطرحون ثقافتها وقيمها في عالم العولمة. إن الجائزة شرف لفرنسا، وللغة الفرنسية، وللعالم الفرانكفوني الناطق بها». وهذا ما يحسب للجائزة التي راكمت رأسمالا رمزيا يفوق رأسمالها النقدي الذي تجاوز هذا العام المليون يورو. لأنها بحق، وبرغم كل الانتقادات التي توجه لها، تحظي بقيمة معنوية عابرة للقارات والثقافات، والقيمة المعنوية كثيرا ما تتحول في حالتها إلى قيمة مادية لاحقة.

ولوكليزيو كاتب استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة بين البساطة الآسرة التي تجعل كتبه متاحة للعامة يقبل عليها الجمهور الواسع، وبالتالي تبيع بأعداد كبيرة أقرب ما تكون إلى أعداد الروايات الشعبية الرائجة، وبين العمق والقيمة الأدبية والفكرية حيث تحافظ كتبه في نفس الوقت على معايير الأدب الراقي، وأعلى مستويات الكتابة الأدبية التي تتعدد فيها اللغات وتتراكب المستويات المتعددة من المعاني والدلالات. وهي كتب تكشف عن شغف بالأبعاد الفلسفية والميتافيزيقة. فهو كاتب كبير بأي معيار من المعايير، ففي عام 1994 اختاره قراء مجلة (اقرأ Lire) الأدبية الفرنسية الشهيرة في اقتراع واسع على أنه «أعظم كاتب حي في اللغة الفرنسية». خاصة وأنه كاتب متنوع الإنتاج غزيره. يكتب الرواية والقصة وكتب الأطفال والدراسة والمقال، ويقع القراء بسهولة في غواية عوالمه الحلمية، ومناخاتها الفريدة، وتستهويهم قدرته على التعبير عن القلق والأحساس بالعزلة والوحشة التي يعيشها الأنسان المعاصر وسط الزحام في المدينة. وقد صرح انطوان كومبانيو، أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة كولومبيا، عقب فوزه بأنه أكثر كاتب فرنسي حيّ يدرّس في الجامعات الأمريكية، ويكتب عنه في الأوساط الأكاديمية، فقد كتب عنه عدد ضخم من الكتب والأطروحات الجامعية.

وقد اختار لوكليزيو أن يعيش حياة مغايرة لتلك الحياة النمطية للكاتب الغربي، خاصة وأنه أعجب منذ بدايات حياته الأدبية بكاتبين كان الترحال من أهم مصادر تجربتهما الأبداعية وهما روبرت لويس سيتفنسون وجوزيف كونراد. لذلك  خاض تجربة الحياة ـ لا مجرد السفر العابر والترحال ـ في العديد من البلدان والحضارات والثقافات، بصورة وسعت أفقه وعمقت رؤيته بشكل كبير، وأدت إلى أن يصف بعض النقاد أعماله بأنها من نوع السرد الميتافيزيقي الذي يطرح أسئلته الجوهرية على الحياة والإنسان ويبحث عن طرق بديلة للوجود أو للكينونة. فقد قال مرة «إنني أشعر بأنني كائن ضئيل للغاية في هذا الوجود، وأن الأدب هو الذي يمكنني من التعبير عن ذلك. وأنني لو كنت فليسوفا، فإنني سأكون نسخة فقيرة من جان جاك روسو، حيث لم أستطع أن أتوصل لحل مرضٍ للغز الوجود». لهذا كان طبيعيا أن تصفه الأكاديمية السويدية في قرار منحها الجائزة له بأنه «كاتب الارتحالات الجديدة، والمغامرة الشعرية، والنشوة الحسية، ومستكشف الإنسانية فيما وراء الحضارة المسيطرة، وما تحت طبقاتها البادية».

وأضافت «أنه استطاع منذ شبابه الباكر في أعقاب موجة الوجودية والرواية الفرنسية الجديدة أن يرتقي باللغة الفرنسية، بقدرات ساحر بارع، فيخلصها من إسفاف الاستعمالات اليومية، ويستعيد لها القدرة على ابتعاث الحقائق الأساسية، فأعماله مزيج شيق ومثير من الروايات والمقالات وكتب الأطفال استطاعت تقطير خبراته في المكسيك وأمريكا الوسطى وشمال أفريقيا ومزجت هذا كله بالبحث عن الثقافات المفقودة، والتوق إلى حيوات روحية جديدة». ونوهت الأكاديمية بروايته (صحراء) باعتبارها «عملا ينطوي على صور رائعة للثقافات البائدة في الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا ويقابلها أو يعارضها بوصف لأوروبا كما يراها المهاجرين المطاردين فيها، وغير المرغوبين بها». ونوهت كذلك بروايته «(ثورات Revolutions) 2003 التي ينشغل فيها بقضايا الذاكرة والمنفى وإعادة التوجه والصراعات الثقافية». كما أشارت إلى أنه من «الكتاب الذين ركزوا منذ فترة باكرة في حياته الأدبية على قضايا البيئية والالتزام بها، وهو اهتمام يبرز في أعماله (الأرض المحبوبة Terra Amata) 1969 و(كتاب الارتحالات) و(الحرب) و(العمالقة)». كما أشارت إلى كتابه الأخير (Ballaciner) باعتباره «دراسة شخصية مؤثرة عن تاريخ فن السينما وعن أهمية الأفلام في حياته، بدءا من علاقته بآلة عرض الأفلام اليدوية في طفولته الأفريقية، مرورا بصرعة سينما المؤلف والكاميرا المحمولة يديويا في بواكير حياته، وحتى مغامرته الخاصة مع فن صناعة الأفلام في عدد من المناطق المعزولة التي لم تعرف صناعة السينما من قبل».

فمن هو لوكليزيو؟ ولد جان ـ ماري جوستاف لوكليزيو في 13 أبريل عام 1940 في روكيبلييه Roquebillière وهي قرية صغيرة قرب مدينة نيس المطلة على البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الفرنسي، أو بالأحرى في الريفييرا الفرنسية، لأب انجليزي من أصول فرنسية وأم فرنسية تنحدر من مقاطعة بريتاني في شمال فرنسا، وإن كانت أصول الأب تعود به إلى جزر موريشيوس في المحيط الهندي حيث كانت مستعمرة فرنسية، ثم استولى عليها الانجليز عام 1812 فأصبحت بريطانية. وأمضى لوكليزيو طفولته الأولى في قرية روكيبلييه، وبدأ تعليمه الأولي بها. وكان أبوه طبيبا سرعان ما انتقل للعمل في أفريقيا فقضى جان ـ ماري الطفل عاما من طفولته في نيجيريا يتسم بالتحرر من المدرسة، ولم يعد إلى فرنسا إلا في العاشرة من عمره. وقد عاد لتلك التجربة في روايته السيرذاتيه Onitsha التي نشرها عام 1991 وكتب فيها عن رحلته مع أمه وأخيه إلى افريقيا وما خلفته لديه من تأثيرات باقية. فقد تركت هذه السنوات الأولى من طفولته أثرها التعليمي عليه حيث أجاد فيها اللغة الانجليزية، وظل بعدها لفترة طويلة لايعرف إن كانت لغته الأساسية هي الانجليزية أم الفرنسية. بل إنه طالما تصور في بواكير حياته أنه سيكتب باللغة الانجليزية التي كان شغوفا بدروسها وبتمارين الكتابة التي كانت تنطوي عليها هذه الدروس.

لكنه سرعان ما عاد من نيجيريا عام 1950 وواصل تعليمه في مدارس نيس الفرنسية في جنوب فرنسا، وعندما انتهى من شهادة الباكالوريا عام 1957، وهي شهادة إتمام الدراسة الثانوية متخصصا في فرعي الأدب والفلسفة، انتقل عام 1958  إلى بريطانيا لدراسة الأدب في جامعة بريستول لعامين، ثم عاد بعدها ليكمل دراسته الجامعية في معهد نيس للدراسات الأدبية عام 1961. وما أن تخرج منه حتى سافر للعمل في بريطانيا ـ حيث قام بتدريس الفرنسية في جامعة لندن وإن لم يطل به المقام فيها. لأنه عاد عام 1963 إلى فرنسا بمناسبة نشر روايته الأولى بها وهو في الثالثة والعشرين من عمره فقد نشر روايته الأولى (المحضر الرسمي أو التحقيق Le procès verbal) عام 1963 وفاز عنها بجائزة Théophraste Renaudot  رينيدو التي تعد أهم جائزة أدبية فرنسية بعد جائزة الجونكور الشهيرة. وهي رواية اعتبرت وقتها أنها تندرج في تيار الرواية الفرنسية الجديدة، وأن كاتبها الجديد يبدأ بداية تقليدية بالتمرد على سائد الخطاب الأدبي الفرنسي، والمغامرة في عالم الرواية الجديدة الذي وسم تغير الحساسية الأدبية الفرنسية في الستينات مع ألان روب جرييه، وناتالي ساروت وميشيل بوتور وموريس بلانشو ومارجريت دوراس. إلا أنه سرعان ما خيب تلك التوقعات، وشق طريقا فريدة خاصة به كما سنرى بعد قليل.

وإن كانت معالم هذا الطريق الرافض للانخراط في الحياة العادية للمدنية الغربية أو الانصياع لأنماط التفكير والتصور السائدة، قد تخلقت في روايته الأولى تلك. حيث نجد بطلها آدم بوللو، وهو شاب مفرط الحساسية، يهيم على وجه في المدينة ككلب ضال، لانعرف الكثير عن خلفيته الثقافية والاجتماعية، كل ما تقدمه لنا الرواية عنه من احتمالات أنه إما ان يكون هاربا من الجندية، أو مسرحا من مصحة عقلية. والشيء المؤكد الوحيد هو أن المجتمع سينتقم من طريقته الحرة واللامبالية في الحياة، وسيزج به في نهاية المطاف إلى مستشفى الأمراض العقلية. ويعيش آدم بوللو في بيت غير مأهول يعيش فيه حياة من العزلة، كل ما يربطه بالعالم هو علاقة يقيمها مع فتاة تدعى ميشيل يمارس معها الجنس على مائدة البلياردو بطريقة آلية، ويناقش معها قضايا الميتافيزيقا وهما ممدان على مائدة البلياردو تلك في هذا البيت المهجور، بطريقة أقرب إلى طريقة من يلقى بخطبة حماسية لجمهور لايعبأ به. وتنطوي الرواية على مجموعة من التقنيات السردية الجديدة، بما فيها استخدام وثائق من الصحف توشك أن تكون ملصقة بالسرد بطريقة الكولاج، أو التجاور بين أساليب بالغة الرهافة والشعرية تذكر القارئ الفرنسي بصوفية لوتريامون، وأخرى بالغة البساطة والعادية بل حتى تقترب من الركاكة، وتمزج الرواية كذلك بين الارتفاع إلى سماوات الفلسفة والميتافيزيقا ثم الهبوط إلى الانخراط في مقاطع وصفية مطولة لتفاصيل بالغة العادية ولا أهمية لها.

ولكن أهم ما لفت أنظار النقاد فيها وقتها هو لغتها الشعرية الراقية، ولعبها الذكي بالتقنيات والأفكار. مما دفع الكثيرين لمقارنة مناخاتها بما يدور في (غريب) البير كامو أو (غثيان) جان بول سارتر.  وهي مقارنة تكشف عن بعد مهم من أبعاد بطل لوكليزيو الأثير وهو الفرد المتوحد الأنوف الذي يتسم بعد الرضا عن الذات وعن العالم المحيط به في آن، والذي لايتورع عن الاصطدام مع ما يعج به العالم المحيط به من ثوابت، والباحث باستمرار عن بدائل ستكتسب مع الزمن أبعادها الفكرية والحضارية والميتافيزيقية المتميزة. فلوكليزيو كاتب من جيل الستينات الذي تفتح وعيه الباكر على مقولات جان بول سارتر ورؤاه الوجودية حول الالتزام، وسرعان ما عمد جيله تلك الرؤى في ثورة الشباب في فرنسا عام 1968. لذلك يشعر لوكليزيو ككاتب منذ روايته الأولى تلك ومن خلال بطلها المترع بالغضب، بنوع من المسئولية عن العالم، وبالرغبة في تغيير الكثير مما ترسخ فيه. فهو لايكتفى بما يدعى بعبقرية عدم الرضى، ولكنه يحس بضرورة البحث عن البديل لكل ما يستهجنه ويرفضه من رؤى وممارسات.

وفي عام 1964 وبعد أن حصل على درجة الماجستير من جامعة أكس أن بروفانس الشهيرة في الجنوب الفرنسي برسالة عن العزلة في أعمال الشاعر الفرنسي هنري ميشو Henri Michaux، ثم نشر محموعته القصصية الأولى (الحمى La fièvre) في العام نفسه، وهي عبارة عن تسع قصص متشابكة عن الجنون، وسافر بعدها للتدريس في الولايات المتحدة الأمريكية لعامين، وعاد من جديد إلى فرنسا عام 1966 لينشر روايته الثانية، وكتابه الثالث (الطوفان Le déluge) ولتأدية الخدمة العسكرية التي كان قد أجلها حتى هذا الوقت. وفي العام التالي بعث به الجيش الفرنسي للخدمة في تايلاندا، ولكنه سرعان ما طرد منها بسبب احتجاجه على تعهير الأطفال واستخدام الجيش الفرنسي لهم في الدعارة. وأرسله الجيش إلى المكسيك ليكمل خدمته العسكرية بها، وفي العام نفسه 1967 نشر روايتيه: (نشوة مادية L'extase matérielle) و (تيرا آماتا أو الارض الحبيبة Terra amata) لأن العنوان مستقى من موقع أثري شهير في الجنوب الشرقي الفرنسي قرب نيس، يعود إلى الحضارات القديمة. وما أن انهى خدمته العسكرية حتى قرر مواصلة الترحال في عوالم أمريكا الوسطى وسبر أغوار حضاراتها. فقد أدرك السر وراء مقولة الرسام الفرنسي الشهير جوجان، إن الطريق من مونمارتر وهو الحي الذي يعيش فيه الفنانون الشباب إلى اللوفر لابد أن يمر بابعد منطقة في العالم، وكانت تلك في حالته هي تاهيتي التي الهمته ألوانه الوهاجة وموضوعاته وأسلوبه الحوشي الجميل. أما في حالة لوكليزيو الذي ارتحل هو الآخر منذ بواكير الشباب فقد كانت أمريكا الوسطى، حيث عاش بين هنود الإمباروا في بنما لمدة أربع سنوات (1970 1973). نتج عنها كتابه الشهير (Haï) عام 1971، وأهم منه التغير الجذري لحياته وتصوره لنفسه وللعالم، فلم يعد بعدها يطيق العودة للحياة الغربية الحديثة. بعدها جاب الصحراء العربية الكبرى في شمال أفريقيا، وتزوج من زوجته المغربية «جميعة» عام 1974، وهي زوجته الثانية بعد زواج مبكر وهو في العشرين من عمره من Rosalie Piquemal وهي فتاة نصف فرنسية نصف بولندية، أنجب منها ابنته الأولى، ولكنه لم يتسطع مواصلة الحياة معها فطلقها بعد أعوام قليلة.

ومنذ السبعينات في القرن الماضي، وبعد تجربة بنما، يواصل الارتحال وراء الرؤى الجديدة والتجارب الجديدة. وقد أخذه الارتحال إلى الصحراء العربية الكبرى، وإلى التعرف على حياة الطوارق فيها. وقد أنجبت هذه المعرفة الوثيقة بالصحراء، والثقافة العربية الصحراوية الراوية التي ارتقت بمكانته الأدبية إلى مصاف الأدباء الكبار، ألا وهي (صحراء Désert) عام 1980 التي حصل بسببها على جائزة الأكاديمية الفرنسية الشهيرة Grand Prix Paul Morand وهي واحدة من أهم رواياته. حيث يضفر فيها خيطين سرديين يقدم عبرهما جدل رؤيتين متغايرتين، أولاهما خيط عصري يقدم لنا من خلال منظور فتاة صحراوية من الجزائر تعيش كمهاجرة غير شرعية في فرنسا، يختار أن يسميها «لالة» وهو اللقب العام للمرأة المحترمة في المغرب العربي لتصبح رمزا للمرأة العربية عامة في فرنسا، ولكي تبرز حدة المفارقة بين الاحترام الذي كانت تتمتع به في ثقافتها، والزراية والاضطهاد التي يعاملها بها الواقع الفرنسي في مدينة مارسيليا بالرغم من أنها نجحت بجمالها في أن تكون موديلا مشهورة. وتقيم الرواية مواجهتها الأساسية بين الحياة القاسية الفظة في مارسيليا والحياة البريئة النقية في الصحراء التي خلفتها لالة وراءها. أما الخيط الثاني فتاريخي يروي فيها تفاصيل حرب الإبادة والإخضاع البشعة التي شنتها فرنسا ضد الطوارق في بداية القرن الماضي، والتي استلهمها المخرج الصحراوي الشهير محمد هوندو في فيلمه الجميل (ساراوينا).

وتشكل هذه الرواية الجميلة التي كرست مكانته الأدبية الكبيرة نقلة أساسية في عالمه الروائي، إذ يوشك بعدها أن يكون هذا العالم مكرسا لتقديم رؤى معذبي الأرض ـ حسب تعبير فانون الشهير ـ من المهمشين والمضهدين من أبناء العالم الثالث وإدارة حوار فكري وفلسفي خلاق بينها وبين رؤى الغرب المادية وغطرستها وتمركزها على ذاتها. ذلك لأنه منذ تلك الرواية قرر أن يوزع حياته بين أكثر من مكان، وألا تقتصر إقامته على الغرب وحده، بل أن يقيم في الغرب أقل مما يقيم في غيره من المناطق. ولذلك فإنه مع مطلع الثمانينات عاد مع زوجته المغربية إلى المكسيك حيت واصل العمل والكتابة والدراسة، وحصل منها على درجة الدكتوراة عام 1983 عن تاريخ الهنود الماهوكان، ويعد من أكبر المتخصصين في هذا الموضوع. ويمضي حياته منذ ذلك الوقت بين  Albuquerque في المكسيك، ومدينة نيس الفرنسية، وجزيرة موريشيوس، ويواصل الكتابة بشكل متنوع وغزير. ومع انه قدم بعض النصوص ذات البعد السيري إلا أنها قليلة نسبيا، حيث يسعى في أغلب أعماله إلى تقديم شخصيات أبعد ما تكون عن حياته الشخصية، وعن نمط البطل الغربي التقليدي.

هذه الحياة والخبرات العريضة ـ فقد عاش في كل القارات تقريبا باستثناء استراليا ـ انعكست بشكل مباشر على عالمه الأدبي، بحيث يعد من أوسع العوالم الأدبية حضاريا وإنسانيا. حيث تدور أعماله في مناخات شديدة التباين، لاتقتصر على المناخات الأوربية كما هي الحال بالنسبة لأغلب الكتاب الأوروبيين، ولكنها تجوب الكثير من بقاع العالم التي يعرفها وخبرها كلها عن قرب. من المكسيك حيث عاش مع هنود الأمبيرا بها إلى الصحراء العربية الكبرى، ومن الحضارات القديمة لهنود أمريكا اللاتينية إلى جزر موريشيوس في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا. ومن العالم العربي والمخيمات الفلسطينية إلى كوريا الجنوبية وعدد من بلدان شرق آسيا، بالصورة التي دعت البعض إلى إطلاق كنايات غريبة عنه مثل «البدوي الحضري» أو «الواحدي الرائع» نسبة إلى إيمانه بوحدة الوجود، أي الوحدة الكلية التي تعي أن لكل شيء دور وغاية في تلك الوحدة الكلية التي تتكامل فيها عناصر الوجود البشرية منها والبيئية والطبيعية على السواء. ويدفعه هذا الإيمان إلى الاهتمام بالكثير من العناصر في أعماله الأدبية الغزيرة، فهو كاتب غزير الإنتاج متعدد المواهب.

ولن أعدد هنا رواياته، أو مجموعاته القصصية، أو دراساته المختلفة، فله دراسات كثيرة أيضا لأنه قام بالتدريس في عدد من الجامعات من لندن إلى بوسطن في الولايات المتحدة، إلى المكسيك إلى كوريا، لأنني سأقدم ثبتا بكل أعماله في آخر هذا المقال. ولكني سأتريث هنا عند بعض رواياته وكتبه الشهيرة حتى أقدم للقراء بعض ملامح عالمه. ففي (الحرب La Guerre) عام 1970، نجد أنه يسعى لتقديم ميثولوجيا البيئة الصناعية، فعلى المستوى السطحي، مستوى أنثروبولوجيا ليفي ستراوس، نجد امرأة جميلة، هي بال مال، تحرق شعرها الذهبي وتستنشق دخانه في نوع من الطقس الأنثروبولوجي الدال، وعلى المستوى نفسه نجد سيارة فارهة تجوب الشوارع بحثا عمن تلتهمه من الضحايا، تاركة علامة حرف Z بعجلاتها على جسد الضحايا، وهناك الكثير من تلك الصور الرمزية التي تسعى لخلق غابة من الرموز المجسدة للمجتمع الاستهلاكي والقادرة على خلق نوع من اللاوعي المهيمن على المدينة الصناعية وسكانها. فالنص يخلق عبر بطلته الأساسية بيا بي والتي تصطادها مجموعة من الصعاليك الذين يجوبون المدينة بسياراتهم أثناء الليل يرومون دهس الضحايا، أمثولة للرغية المستحوذة للعنف المجاني والثورة التدميرية التي لايهمها أن تفكر فيما يمكن أن يحل مكان ما تدمره. فالنص يسعي في مستوى أعمق ومن خلال تناوله لحرب فيتنام لخلق رؤيا شعرية تروم تأسيس حساسية جديدة لعالم مترع بالعنف تروم فيها بيا بي جرفا مكونا من ناطحات السحاب وكأنها تتجول داخل كابوس حديث بكل ما في الحداثة من معان ودلالات، وفي رؤيا تعلن عن كارثة وشيكة تتجسد في المشهد الذي تسحق فيه عجلات طائرة في لحظة ما قبل التحليق رأس البطلة. وقد تخلت الرواية عن الحبكة أو رسم الشخصيات وشحنت النص بدلا منها بغابة من الرموز التي تتخلق عبرها بقوة اللغة الشعرية والخيال الخلاق طقسية المدينة الحديثة عبر الرعب والعنف الاعتباطي.

أما (العمالقة Les géants) 1976 وهي من النصوص النادرة التي تجمع بين الغضب والتهكم والأسلوب الفني والشعري الراقي، فإنها تبدأ بفصل طويل يوشك أن يكون طالعا من كتابات هربرت ماركوز عن الإنسان ذي البعد الواحد ووهم الحرية وحقيقة الاستبداد. ويمهد لتخليق هذه المدينة الخرافية Hyperpolis والتي يمكن ترجمتها بسوقستان، أوالمدينة ـ السوبرماركت الاستهلاكي العملاق، بقبته الضخمة التي تضارع قباب أعظم الكاتدرائيات، والذي يشكل قلب هذه المدينة السيريالية النابض، ويصوغ صورة إنسانها ومزاجه، ويتحكم في حياته وحركته. وقد ادمن إنسان هذه السوقستان الجديدة التسويق واللهاث وراء لافتات النيون المضيئة، والإعلانات، وأرقام أسعار البورصة، ومانشيتات الصحف، وشاشات الكومبيوتر التي ترسم لها خطى حركته. وهو عالم تخلقه الرواية لتدينه، لأن تسعة من فصول الرواية الأربعة والعشرين مخصصة لنوع من الإدانة الدامغة لهذا العالم الضحل الخالي من الروح. ولكي تقيم الرواية نوعا من التوازن بين ضحالة هذا العالم وضرورات السرد، تنطلق في عدد من فصولها في عوالم فنتازية موازية تتسم بالفكاهة والاعتماد على المفارقات الصارخة. أما شخصيات الرواية فإنها تتأرجح بين الواقعية والفانتازيا، حيث نجد دم بوجو الطفيلي، أو هادئ وهو نوع من أقنان هذا السوبر ماركت كما كان أقنان الأرض في الماضي، أو الماكينة وهو المسئول عن تروليات التسوق في السوبرماركت، كلها شخصيات قزمية ولكنها متمردة في الوقت نفسه في نوع من الجمع العمدي بين المتناقضات.

أما (الباحث عن الذهب Le Chercheur d'Or) عام 1985، فإنها تروي لنا قصة بحث الكسي ليستان Alexis L'Estang الطويل عن الذهب الغارق في أعماق البحر مع سفن القراصنة في المحيط الهندي. وليستان رجل من جزر موريشيوس عاد لتوه من الحرب الحرب العالمية الأولى. وتحكي لنا الرواية قصته بدءا من عام 1892 حينما كان في التاسعة من عمره وتستمر لثلاثين سنة. ومع هذا فنحن لسنا بإزاء سرد تاريخي وإنما سرد أمثولي بالدرجة الأولى، يمد خيوط علاقته الواهية مع أخته لورا من ناحية، ومع أوما الفتاة الهندية التي يعثر عليها بعد عودته من الحرب في جزيرة رودريجز ويرشده أبوها إلى سفن القراصنة الغارقة في المحيط. وكما فعل في (الصحراء) فأن لوكليزيو يقيم مواجهة بين الزمن التاريخي وحروبة البشعة، وتعقيداتها المضنية، وهي في هذه الرواية حروب الفلاندرز، وبين الزمن البدئي الأسطوري البسيط. كما يلعب البحر في هذه الرواية دور الصحراء في الرواية السابقة، من حيث تجسيده لحضور الطبيعة وقوتها المسيطرة. وفضلا عن حضور الطبيعة تستخدم الرواية الكثير من الرموز الهندية المقدسة مثل ال chalta وشجرة الخير والشر والطوفان الذي ينذر بنهاية زمن البراءة الفردوسي.

أما (قصة الجوع المكرورة Ritournelle de la faim) التي نشرت  عام 2007 فقد حظيت بثناء كبير لجرأتها في مناقشة عقدة الذنب الفرنسية تجاه ماضيها العسكري المثقل بالفظاعات. وكيف أنه من الصعب على الطبقة الفرنسية المتوسطة، والتي تجسدها بطلتها أيتيل أن تعيش حياة طبيعية مع وقائع هذه الحروب وتواريخها المبهظة. وقد ابتكر في أعماله عالما افتراضيا أقرب ما يكون إلى العوالم الموازية، لا يلتزم كثيرا بالوقائع التاريخية أو الجغرافية، ولكنه يبدو مألوفا برغم هجينيته. حيث يختلط فيه بدو الجنوب المغربي بالعبيد الفارين من جزيرة موريشيوس أو هنود حضارة المايا القديمة في محاولة لتأكيد وحدة الهم الإنساني. ومع أن أعماله مترجمة على نطاق واسع، إلى الحد الذي يعتبر معه أكثر الكتاب الفرنسيين المعاصرين ترجمة، فأنه لم يترجم إلى العربية إلا في حالات نادرة، وهو الأمر الذي علينا الآن أن نتداركه في اقرب وقت.

فترجمة هذا الكاتب ضرورية، ليس فقط لأنه كاتب كبير بأي معيار من المعايير، ولكن أيضا لأنه شغوف بالعالم العربي، وخاصة بالمغرب العربي الذي تزوج منه، والصحراء العربية خاصة التي كتب عنها روايته الشهيرة (الصحراء)، كما سبق له أن شارك في لجنة تحكيم جائزة الأطلس الكبير الفرانكوفونية المغربية. بل إن بطلة روايته (صحراء) هي امرأة جزائرية تدعى لالة وتجسد النقيض الكامل لقبح المجتمع الأوروبي وقسوته، كما أنه كتب نصا جميلا عن البتراء الأردنية في الكتاب الجماعي الذي أصدره المركز الثقافي الفرنسي عنها، وترجمه للعربية الشاعر اللبناني عيسى مخلوف تحت عنوان (كلام الحجر)، ناهيك عن نصه الشهير عن المأساة الفلسطينية وحياة المخيمات والذي جلب عليه سخط اللوبي الصهيوني في فرنسا. أشير هنا إلى هذا النص حتى أبدد أي وهم بأن شراء رضى الصهاينة يفتح الباب أمام نوبل، التي حاول الصهاينة الترويج لحصول الكاتب الصهيوني عاموس عوز عليها هذا العام، ولم ينجح ترويجهم له. لذلك لا ضرورة لتملق الصهاينة بناء على أوهام سرابية بأنهم سيفتحون لمن يتبنى قضاياهم الجائرة أبواب المجد، ولو كان هذا حقا في قدرتهم لفاز كاتبهم بجائزة نوبل، وليس ذلك الكاتب الكبير الذي اهتم بنصرة الحق، ودافع عن المضهدين، وواجه الصهاينة بمسئوليتهم الفادحة عن جريمة حياة الفلسطينيين لعقود في المخيمات.

مراجع
1. قائمة بأعمال لوكليزيو بالفرنسية

Le procès verbal. Paris: Gallimard, 1963
Le jour où Beaumont fit connaissance avec sa douleur. Paris: Mercure de France, 1964

La fièvre. Paris: Gallimard, 1965

Le déluge: roman. Paris: Gallimard, 1966

L'extase matérielle. Paris: Gallimard, 1967

Terra amata. Paris: Gallimard, 1967

Le livre des fuites: roman d'aventures. Paris: Gallimard, 1969

La guerre. Paris: Gallimard, 1970

Haï. Genève: Skira, 1971

Mydriase. Montpellier: Fata Morgana, 1973

Les géants. Paris: Gallimard, 1973

Voyages de l'autre côté. Paris: Gallimard, 1975

L'inconnu sur la terre. Paris: Gallimard, 1978

Vers les icebergs. Montpellier: Fata Morgana, 1978

Voyage au pays des arbres. Paris: Gallimard, 1978

Mondo et autres histoires. Paris: Gallimard, 1978

Désert. Paris: Gallimard, 1980

Trois villes saintes. Paris: Gallimard, 1980

Lullaby. Paris: Gallimard, 1980

La ronde et autres faits divers. Paris: Gallimard, 1982

Celui qui n'avait jamais vu la mer ; suivi de La montagne du dieu vivant. Paris: Gallimard, 1982

Balaabilou. Paris: Gallimard, 1985

Le chercheur d'or. Paris: Gallimard, 1985

Villa Aurore ; suivi de Orlamonde. Paris: Gallimard, 1985

Voyage à Rodrigues. Paris: Gallimard, 1986

Le rêve mexicain ou la pensée interrompue. Paris: Gallimard, 1988

Printemps et autres saisons. Paris: Gallimard, 1989

La grande vie ; suivi de Peuple du ciel. Paris: Gallimard, 1990

Onitsha. Paris: Gallimard, 1991

Etoile errante. Paris: Gallimard, 1992

Pawana. Paris: Gallimard, 1992

Diego et Frida. Paris: Stock, 1993

La quarantaine. Paris: Gallimard, 1995

Poisson d'or. Paris: Gallimard, 1996

La fête chantée. Paris: Le Promeneur, 1997

Hasard ; suivi de Angoli Mala. Paris: Gallimard, 1999

Coeur brûlé et autres romances. Paris: Gallimard, 2000

Révolutions. Paris: Gallimard, 2003

L'Africain. Paris: Mercure de France, 2004

Ourania. Paris: Gallimard, 2006

Raga: approche du continent invisible. Paris: Seuil, 2006

Ballaciner. Paris: Gallimard, 2007

Ritournelle de la faim. Paris: Gallimard, 2008

2. قائمة بما ترجم له للغة الانجليزية

The Interrogation/ translated from the French by Daphne Woodward. New York: Atheneum, 1964. Translation of Le procès verbal

Fever/ translated from the French by Daphne Woodward. New York: Atheneum, 1966. Translation of La fièvre

The Flood/ translated from the French by Peter Green. London: H. Hamilton, 1967. Translation of Le déluge

Terra Amata/ translated from the French by Barbara Bray. London: Hamilton, 1969 ; New York: Atheneum, 1969. Translation of Terra amata

The Book of Flights: an Adventure Story/ translated from the French by Simon Watson Taylor. London: Cape, 1971; New York: Atheneum, 1972. Translation of Le livre des fuites

War/ translated from the French by Simon Watson Taylor. London: Cape, 1973 ; New York: Atheneum, 1973. Translation of La guerre

The Giants/ translated from the French by Simon Watson Taylor. London: Cape, 1975 ; New York: Atheneum, 1975. Translation of Les géants

The Mexican Dream, or, The Interrupted Thought of Amerindian Civilizations/ translated by Teresa Lavender Fagan. Chicago: University of Chicago Press, 1993. Translation of Le rêve mexicain ou la pensée interrompue

The Prospector/ translated from the French by Carol Marks. Boston: David R. Godine, 1993. Translation of Le chercheur d'or

Onitsha/ translated by Alison Anderson. Lincoln: University of Nebraska Press, 1997. Translation of Onitsha

The Round & Other Cold Hard Facts = La ronde et autres faits divers/ translated by C. Dickson. Lincoln: University of Nebraska Press, 2002. Translation of La ronde et autres faits divers

Wandering Star: a Novel/ translated by C. Dickson. Willimantic, CT: Curbstone Press, 2004. Translation of Etoile errante

3. كتب مؤلفة عنه

Lhoste, Pierre, Conversations avec J.M.G. Le Clézio. Paris: Mercure de France, 1971

Brée, Germaine, Le monde fabuleux de J.M.G. Le Clézio. Amsterdam: Rodopi, 1990

J.M.G. Le Clézio/ textes réunis par Gabrielle Althen. Marseille: Sud, 1990

Onimus, Jean, Pour lire Le Clézio. Paris: PUF, 1994

Cortanze, Gérard de, J.M.G. Le Clézio: le nomade immobile. Paris: Ed. du Chêne, 1999

Chung, Ook, Le Clézio: une écriture prophétique. Paris: Imago, 2001

Jollin Bertocchi, Sophie, J.M.G. Le Clézio: l'érotisme, les mots. Paris: Kimé, 2001

Rimpau, Laetitia, Reisen zum Ursprung: das Mauritius Projekt von Jean Marie Gustave Le Clézio. Tübingen: Niemeyer, 2002

Jarlsbo, Jeana, Ecriture et altérité dans trois romans de J.M.G. Le Clézio: Désert, Onitsha et La quarantaine. Lund: Romanska institutionen, Univ., 2003

Lectures d'une oeuvre J. M.G. Le Clézio/ collectif coordonné par Sophie Jollin Bertocchi et Bruno Thibault... Nantes: Du Temps, 2004

Kastberg Sj?blom, Margareta, L'écriture de J.M.G. Le Clézio: des mots aux thèmes. Paris: Honoré Champion, 2006

Salles, Marina, Le Clézio: notre contemporain. Rennes: Presses Universitaires de Rennes, 2006

Suzuki, Masao, J MG Le Clézio: évolution spirituelle et littéraire: par delà l'Occident moderne. Paris: L'Harmattan, 2007