مُرتجفا، مُترنِّحا أشق طريقي بين الأصوات منذ خروجي من السجن..! ما فتئ طيفها يظهر لي من بين ركام ذاكرتي المنهكة وأنا أدور في بيتي ورأسي. ظلت ظلال الغضب تلوح من وجهها، ولكني أكملت محاولتي لنيل الصفح منها: ولكني أكملت محاولة ملاطفتها في استماتة خرقاء: أضافت وهي تقوم من مكانها: ألقى بالخيط على الماء، وبدأ يسحب خيطا آخر: ـ هذا حاجز آخر من حواجز التفتيش يتفتت، ترى كم من الأوغاد تمزق الآن؟ ها ها ها.. أكمل رفيقي في السجن: من أي غيهب بعيد من غياهب القدر الحزين ينبثق لي طيفك يا "سُكينة"؟
ـ أرجوك يا "سكينة" لا تضخمي الأمور.
ـ القتل في الشوارع، والبلاد على كف شيطان وأنت لا تزال كما أنت.!
ـ المرأة هي الشيطان.!
ـ أنا رأيت..
يقدم الكاتب الليبي هنا تجربة شيقة تختلط فيها الوقائع بسمادير الخوف تحت وطأة السجن والتعذيب، وتمتزج فيها جسارة المقاومة للاحتلال بخيالات الرعب من الخونة والمتعاونين مع الأعداء في تجربة سردية مراوغة تفتح النص السردي بجسارة على أكثر من تأويل.
السجّان المُلثّم
قصة قصيرة