كان اللقاء الأول لراندا وياسمين هكذا: "اقعدي معايا نص ساعة وخدي اللي انتي عايزاه". كنتما في جولة اصطياد، وحينما لمحت ياسمين بشكلها المميز قلت لمنعم: "هو إيه اللي بتاخدوا.. إيه دي.. أنا ما اعرفهاش". تبادلت النظرات مع منعم وضحكتما، قال: بدا مطلبا بسيطا ومتواضعا، فهززت لها رأسك، وسألتها: ولمحت الصليب الأخضر الصغير في معصم يدها اليمني، لكنك تظاهرت بأنك لم تره حتى لا تفسد الليلة. فشخرت وهي تسحب سيجارة LM من علبة منعم: "زيها إيه العيلة دي. دا أنا مفتوحة". حاولت أن تضع يدك على راندا، فالتفتت ياسمين، وقالت لها: "شيلي إيده يا عبيطة.. الفلوس أول حاجة". "ما أنا عارفة". "ازيك يا قمر.. لأ هو انا اقدر". حاول منعم أن يتكلم، فوضعت يدها على فمه بقوة، ولم تنزلها، أكملت: "ماشي يا جميل.. ماشي.. سلام". حاول منعم أن يقبلها لكنها دفعته بعنف: "ما تشوفي صاحبتك هتبوظ لنا الليلة". قالت ياسمين، ودارت برأسها، ولم ترفع عينها عن بنطلونك المفتوح: فجأة ضحكت ياسمين ضحكة حقيقة عالية ورقيعة، وجذبت راندا من شعرها: بعد أن عادت بقليل ضحكت ضحكتها الرقيعة مرة أخري، قالت: فقال منعم مبهوتا يدافع عن نفسه: نزلت راندا مرة أخري على بنطلونك المفتوح، ومر وقت طويل، وهي بين الحين والأخر تقول لك: "أنا تعبت.. بقالي ساعة طالعة نازلة وما فيش فايدة". ففهمت أنت ما وشوشتها به ياسمين، وقلت: فرفعتْ المنديل المبلل بلعابها أمام وجهك: "ما تيجي معايا المشوار ده... هي ساعة بالظبط وهديكي خمسين جنيه". لم ترد عليها راندا، ولم تعترض، لاحظت أنها مترددة وخائفة. حاولت أن تكلمها فأبدت تمنعا كما لو كنتما تتعارفان للمرة الأولي على كوبري قصر النيل. "يعني بشتري لبس وميكب وبدفع فاتورة الموبايل.. وكمان ساعات مش باخد فلوس". دخل منعم البنزينة، فنامت على الكرسي، حتى تخفي وجهها. مددت يدك وفتحت غلاف الكشكول الذي وضعتْه بينكما حتى لا تقترب منها، فوجدت مكتوبا: مارينا عزيز كامل. "والله العظيم أنا جايبهم بمزاجي". هززت له رأسك موافقا ومتواطئا، وزاد هو من سرعة السيارة حتى تفترقا بأسرع وقت ممكن.
كان مرتخيا جدا، وصارحها بأنه يصبغ عانته.
فشعرت أنها بريئة، وأنها أتت إلى هنا بطريق الخطأ.
وأغلقت.
الفرقة الثالثة.
كلية الحقوق.
جامعة عين شمس.
يؤكد نفاد طبعة روايته الثانية (وقوف متكرر) في شهر واحد، أن القاص المصري قد رسخ مكانته ككاتب يسيطر على أدواته، ويطرح بعض أفضل ما في الكتابة المشهدية الجديدة هنا في نص يحاوو الواقع ويقتنص بالسرد متغيراته المؤسية.
مدينة نصر