يصل جلالُ الدين، عائداً إلى أمِّه.
نادى. ولقد جاهرَ بصوته عالياً، على الرغم منه.
نادى اسمَ حسيبة كذلك، كيما يقلِّل الروعَ.
ما سمع رداً إلا ما وافته به أذناه من طرقعات لأغصانٍ تهشَّمت تحت حذائه.
عليه أن ينسلَّ، وحده، ويتحسس خطاه إلى غرفة أمه، حسب ما ظنَّ.
ـ أستفسر منكِ عن لون عينيها الحقيقي، عسلية أم سوداء؟
ـ عسلية وسوداء!
عليك بالمكوث في غرفة أجيا، وسأتدبر أنا غلْقها من الخارج.
وزوَّدت ابنَها بالخبز، وأدخلته في خبءِ أجيا.
ـ ستتسلل وتخرج بعد أذان العشاء، وتبتعد، ثم تأتي أمام الجميع كأنك عُدت لتوك، وتقف في ليلة العزاء.
ردت المرأةُ الشابة بصوتٍ كأنه ليس إلاَّ ذكرى صوت:
ـ اسمي جلال الدين. أشعرُ أنكِ تألفين الاسم!
ـ وأنا أزور أمي، كما عساك تتفكَّر.
كاد جلال الدين يُبهَتُ، وترجَّاها:
(18 إبريل 2008 ـ القاهرة، عابدين).