يلتقط الشاعر المصري لحظة إنسانية تروم التحرر والانعتاق، استعارة لفعل انعتاق كلي من لحظات الآسر وانتقال واعي من أجل لحظة، أسمى، تحمل جميع معاني الحرية: الثورة، في قصيدة تحكي مشهدا مكتملا لا ينتهي إلا ليبدأ في أفق الخلاص.

من يوميات سجين

محمد الشحات

 

ظل يقاوم رغبته

فى أن يترك محبسه

ظن بأن خفافيش الليل

لها أجنحة

سوف تحاصره حين تراه

فيجمل حيطان زنازينه

ويرتب بعض وسائد

كان يجمعها

من أوراق الصحف

ويرسم فوق الحائط

بعض وجوه

لنساء

كان يغازلها فى أضغاث الأحلام

فتهرب حين تراه

أتقن رسم عصافير

وزهور وبيوت لا يعرف من يسكنها

لم يألفها إلا فوق جدار السجن

فكان يفتت قطع الخبز اليابسِ

ويرشّ رذاذ الماءِ

فيسمع زقزقة

ويشم روائح ويحس بدفء الانفاس

فيراه السجان فيغضب

حين ازاح الأبواب

لكى يغرية ليخرج

ظل يقاوم رغبته كى لا يترك محبسه

كان يُحس بأن الأسوار تطوّقه

وعيون السجان يراها فى مرقده

ويحس بكفيه تقلبه

كى يتأكد من أن النوم يحاصره

كان السجان

يحاول أن يسرق ضحكته

هداءته

لحظات سكون النفسِ

فساومه كي يملك زنزانتهُ

أغراه

بأن يتركه ويفكّ قيودا عنهُ

أو يستبدل موقعَه بموقعهِ

حاول أن يسرقهُ

وهمّ به كي يُخرجَهُ

فقاومهُ

فتحركتِ الجدرانُ

تحولت الزقزقة الى أصوت نسور

والأزهار إلى شوكٍ

اتسعت حجرتهُ

قاومه

وتمكن من أن يغلق محسبه

دافع واستبسل

حار السجان

وحاول أن يهدم

ما خلفه على جدران السجن

اتسعت حجرته

وتعالت أصوات الغضب الكامنِ

من سكان بيوتٍ لا يعرفها

وضاق السجن على السجان

فأنطلق

فقد بدأت ثورته

 

حدائق القبة 28 يونيو 2018