بكُم قد تنتهي الاحتمالات الفجائيّة لعرض أمور، من المهم أن تقصي جملة أسلاف كانت محميّة بتناقضات مشبعة بمصالح ذهنية لم تقدر أن تقدّم لنفسها مبرّراً مغايراً، إلا فيما يتعلّق بتهيئة الذّوات لكلّ تلك الأحاسيس المستقبليّة النّاتجة عن الوخزات الفكريّة، في خانة اللاتحمّل، وجرّها لظلال الواقع ضمن تصنيفات عدّة من الاتهامات في سحق وتخريب ما هو جميل... وكأنني أحدّثكم بكلّ ما لا تعتقدون أن تغيب في جزئيّة الزمن. ما هو ممنوع من الاكتساب طبيعي، أو فطري، أو غير شائب، أو جذري وبحتي. ولربّما لعدم إمكانية التزاوج أو المزج بين تأثيراته، ولا حتّى نفسه... تشكيل مسموح به، قابل للنقاش عند أي سكون ما، حتى قبل النهاية وقبل ذهابي أيضاً!!!
عجيب للغاية في أثره المتبقّي، غريبٌ لدرجة خيال مجنونٍ صغير، بكاء الصغير كما آخر لحظة للعنة النّفسيّة القاضية إلى بُعدٍ مقسّم من حيث مجيء قاتم لا يحتمل ارتداداً آخر، فتتناثر الأنانيّة الدينيّة في أوّل سقوط للجسد أمام توأمه، معرّفه ومحرّكه، ويعاد اللوم فيما لو اكتملت ركائز متعدّية جملة من المساقط في تحرّكاتٍ شخصيّة توحي بلفّ نفسها مع انسجام العامّة، قسراً، تكون ممزوجة مع فكاهة لفظيّة غير فعليّة تامّة... كلّ ذلك؛ اعتماد واضح مسبّق لمقهور تائهٍ من مجهول، من نفسه، هاربٍ لمجهولٍ آخر، من نفسه.
إذا كان لابد لما يبديه من حيرة ماضية، فوقع صرف مستقبليٍّ سيكون بقدر قذارة الموقف حيث لن يستطيع إيجاد مخرج مكانيٍّ بين كلّ مَن حوله، ومن مستوى مختلف وبارز في الآن ذاته، قد يتحوّل كل تشبيه لغاية تشابك بغرائزه المتوحّدة لفضّ خلافات بين تمرّدات حسّيّة معيّنة من أفكارٍ متعفّنة راسمة أبعد تصاوير لتماثيل الشّخصيّة، متسندة على أحجيةٍ مهزومة من ساديّة طافية على العقل في مجمل مبارزات الحياة... محاولةٌ مضعّفة لصنع كارثةٍ عاجلة في أقصر مدّة في العقل، فتأخذ ما بين الروح والفكر إلى دوّامة التقليل من الواقع ومحاولة الانتهاء من كلّ المفاهيم السّيرورة، فيغدو كما على نفسه فائز في لعبة ما... كما لعبة التلذّذ الشخصي.
أنا أعتذر... عن أمورٍ لم يكن لديّ فيها أيّ شيءٍ منّي، لم تكن هناك أيّة حجة، لم أكن قط. عندما أعود إلى تلك الحيلة الذكرياتية العاطفيّة المتعبة، الحالة التي أوقعت كلّ شيءٍ تحت أغطية أسرّة باتت تقصّ لأثر يبسه كل ما قد ينتهي في لحظة عبورٍ من نفس المكان المتكدّس بنظراته، التي بقت تنتظر لقاءً آخر مع نفسه، وكلّ شيءٍ مختلف بالنّسبة لغير ذلك. وفي ذات الحين، كان يقف نفس السّائق أمام سيّارته، على جانبيها وخلفها، في يده لصاقات مكتوبة عليها " أعتذر " يزيّن كلّ جوانب السيّارة بتلك الكلمة، يتجوّل في كلّ أزقّة المدينة، دون أن يقف، الصّدفة أنه لم يكن هناك أحد في كلّ الأزقّة وقت مروره، ينظر لكلّ شيءٍ، يسير ببطء وهدوء... السّائق أبكم، لا يعلم أحد عما يبحث هذا الرّجل، ممن يعتذر، ما سبب كلّ هذا التضخيم الصوري... لا يعلم أحد أن ابنت هذا السّائق ماتت دون حلم في كل ليالي حياتها!!!.
قُتِل السّائق في لحظة لم تكن في الحسبان، لم تكن اللحظة مراقبة، لا استخبارات ولا عملاء، كانت بعيدة عن كاميرات الطّرق، عن الأقمار وكلّ الإشارات، عن مراسلي الصّحافة، وحتّى عن سهر العشّاق والمهجَّرين، وعن أعين اليتامى... ربّما كان هناك حظر تجوّل، ربّما كانت مدينة وهميّة. ربّما قتلته حبيبته، وربمّا ذكرياته، أو ربّما أكلته الوحوش البشريّة المتمدّنة بعد قتله، وربّما انتحرت سيّارته بتفجير نفسها... المهم أنّهما ليسا هناك الآن، وليسا هنا، لا أثر لأي شيءٍ، لا أعلم كيف أشرح الموقف كتابيّاً. إنّهما غير موجودان الآن، هذه معلومةٌ مؤكّدة، سُرٍّبت أخيراً، لا تحتاج أدلّة ماديّة، على الأقل بالنّسبة لكم!!!
هناك من يتوسّل للظلمة قبل حلولها، وهناك من يبصق على كلّ ليلةٍ لا يحلم فيها. هذا السائق المكلّف زمكانيّاً، الفقير في الكثير من صفاته، صاحب السيّارة الملوّنة، المختلفة عن كلّ السيّارات المألوفة.
لماذا أنا، ماذا كان يريد منّي؟.
هل قُتِلت أحلامه أيضاً، أم أنه لا يملك أحلاماً هو الآخر أيضاً، كما ابنته؟.
هل كان يريد قتلي؟.
ماذا يعني هذا، هل أنا في محور القتل، هل مقتولٌ أنا؟!!.
.....