يقدم لنا الكاتب المصري، وهو يتناول مأساة هذا الكاتب الإيطالي الذي لم توله الثقافة العربية ما يستحق من اهتمام، مسيرة حياة هذا الكاتب وعالمه البالغ الخصوصية، ودوره في الثقافة الإيطالية، ويعرف القارئ على رواياته المهمة وعلى قدر لا بأس به من أشعاره، بصورة تثري معرفتنا به.

مأساة كاتب إيطالي

ماهر البطوطي

 

في صيف عام 1950، وضع روائي وشاعر إيطالي ذو مكانة في قومه وفي فنه، حدا لحياته بعد أن يئس من الوحدة التي يعيش فيها، وفشل في إيجاد صلات تربطه بعدد ممن كان يعدهم أصدقاءه. فما هي الظروف التي دفعته الى اتخاذ ذلك القرار المصيري وهو في أوج نضجه وشهرته ؟

ولد تشيزاري بافيزي في قرية من قرى تورينو - إحدى كبار المدن الإيطالية - في 9 سبتمبر 1908. وكان مولده في "سان ستيفانو بلبو"، قرية صغيرة تقع وسط الغابات وشجيرات الكروم، حيث كان والده يعمل موظفا بجامعة تورينو. وقد عمل الجو الذى نشأ فيه بافيزى على تنشئته نشأة خاصة، فقد كان الفتى يترك نفسه معظم الوقت بين الأحراش والأشجار، يتأمل ويقرأ، ويعيش منذ صغره في عالم شعرى مغلق. ولقد كانت فترة طفولته وصباه من الثراء في ذلك المجال حتى انه يقرر في كثير من مؤلفاته أن كل حياة الشخص، وكل رموزه الحية، إنما تنبع من فترة الطفولة . وسوف تصبح أعماله الأدبية بعد ذلك، مثله مثل مارسيل بروست وجوليان جرين، هي مدار الزمن، والبحث عن ذكريات وآثار الطفولة، ومحاولة بعثها واستعادتها؛ وهو في هذا يقترب من خلق كلا من الواقع والأسطورة. وقد ارتبطت تأملاته في تلك الفترة بالريف الإيطالي المتمثل في بلدته وما فيها من جمال الطبيعة والمسحة الواقعية. وهو قد عرف الواقع آنذاك تحت ستار من الأشكال الأسطورية "صبي حساس، يرقد وسط حقول القمح، يلفه الصيف، لا يحتاج الى شئ ولا الى العلاقات الطبيعية بين بنى الانسان" . وهو يؤكد بعد ذلك في يومياته المعنونة "مهنة الحياة" أن الفن هو عملية تقطير للأسطورة البدائية، وهو تقارب تجاه الحالة الأولى التي كانت عليها طفولة الشخص. وستصبح الكتابة والقصة بالنسبة لبافيزي في فترة النضج اختبارا قاسيا للعمل والنظام، وتدريبا مستمرا للذاكرة، من أجل استعادة الحقائق العليا والأسطورية لتجاربه الأولى في قرية سان ستيفانو بلبو .

ولكم بالرغم من عبادة بافيزى للوحدة وللذكريات الشخصية، فإن فنه ككاتب روائى سوف يحمله بعد ذلك الى محاولة الاتصال بالناس ليخلق منهم شخوصا حية لرواياته، وليكسر حدة الدائرة التي أغلقها حول نفسه بالبحث المرير عن الحب. ولم يتوفر له ذلك إلا بعد أن انتقل للحياة في المدينة، تورينو، ليكمل دراسته الثانوية. وقد مر بافيزى بأول حقائق الحياة الأليمة عند وفاة والده وهو ما يزال ابن السادسة، في عام 1914، وتولت أمه تنشئته. وكانت الأم ذات نزعة آمرة ونشاط جم، تسيطر عليها مشاعر حزن غامض من ذكريات وفاة بعض أطفالها الصغار قبل تشيزارى، ومن وفاة زوجها بعد ذلك. وهكذا لم يكن البيت الذى نشأ فيه بافيزى تشيع فيه السعادة، مما ساعد على ألفته جو الوحدة والتأمل، وأصبح يفهم تمام الفهم روح الفتية الذين نشأوا على الكآبة والحزن فأصبحوا وهم في ريعان شبابهم كالشيوخ المسنين.

وتتوافق فترة المراهقة عند بافيزى مع فترة قيام الفاشية في أسوأ أوقاتها. ويتذكر الكاتب مناظر العنف الدموي في تورينو عندما لم يكن يتجاوز الرابعة عشرة من عمره. ولذلك كأنت أول صلة له بالسياسة مقرونة بالعنف والهول والموت. بيد أن حياته ستتركز منذ تلك الفترة في العمل، العمل المستمر، فهو يجاهد ليثقف نفسه، ويعمل ليحول العالم الى مادة لشعره ورواياته. ويعمل بعد ذلك في الترجمة، وفى النقد الأدبي، وهو يجاهد فوق كل شئ ليخرج بأسلوب خاص به، مجاهدة شاقة تعتمد على العمل والتجربة المستمرة. وقد دفعه حبه للقراءة الى استيعاب الكثير من أعمال المؤلفين الأثيرين اليه، ومنهم عدد كبير من قدامى الأدباء الإيطاليين ومحدثيهم، خاصة الروائي جابرييل داننزيو. ثم اكتشف خلال دراسته الثانوية عالم الأدب اليونانى القديم وعالم إدجار ألان بو، فنهل منهما وقرأ الكتب الخاصة بهما من المكتبة العامة في تورينو. كان ينتظر الصيف كل عام بتقديس رمزي، إذ أنه يعنى لديه العودة الر الروابي الخضر والأرض، التي نظر اليها كقدره ومصيره، في البلدة التي شهدت مسقط رأسه، حيث كان يستمر في قراءاته المهمة هناك.

وقد ظهرت في حياة بافيزى ومسلكه منذ لك العهد صفتان سيكون لهما تأثير كبير على نفسه فيما بعد، أولاهما خجله الشديد الذى دفع به الى شيء أشبه بالعزلة المفروضة، مما جعله ينظر الى عالم النساء والفتيات من زميلاته بوصفه عالما جديدا ساحرا، ينظر اليه من بعيد ولا يجرؤ على الدنو منه. أما الصفة الثانية فهى مرض الربو الذى هاجمه منذ الصبا وكان له أكبر الأثر في تكوين جهازه العصبى. وقد بدأ فور انتهائه من الدراسة الثانوية والتحاقه بالجامعة في مراسلة أحد أصدقائه هو ماريو ستورانى، ممن كانوا يدرسون بعيدا عن تورينو ؛ ويستبين من رسائله له ما كان يشغله دائما: فكرة الفشل في الحب مما يدفع به الى المزيد من العزلة والتفكير في الانتحار، وهى نواة الأفكار التي سوف يدور حولها أدب بافيزى وحياته. ومن الأحداث ذات المغزى في حياته في تلك الفترة، الحب الذى كان يشعر به نحو فتاة من زميلات الدراسة تدعى أولجا. ولكن كالعادة كان حبا عنيفا صامتا لم يجرؤ على البوح به لها. وحدث ذات مرة في إحدى نزهاته على شاطئ البحر أن لمح قاربا صغيرا مكتوبا عليه اسم حبيبته المتمناه، فما لبث أن سقط مغشيا عليه من فرط الانفعال والتأثر. أما الحب الآخر الذى كان له أثر أكبر وأشد عنفا فهو غرامه بالفتاة التي لا تظهر سوي تحت لقب "الفتاة ذات الصوت الأبح"، وقد قاسى الكثير من حبها الذى يبدو أنه كان من طرف واحد.

وقد أرجع "دافيد لاجولو" - كاتب سيرة بافيزى - عزلة الكاتب ووحدته وتهيبه الى عقدة أوديب التي نشأت لديه من حياته مع أم مسيطرة عكفت على تربية ابنها تربية متشددة، خلقت لديه عواطف متصارعة تسببت في لجوئه الى القراءة والدراسة ليعوض عن عوامل النقص التي شعر بها في داخله.

وفى عام 1930 ينتهى بافيزى من دراسته الجامعية بتورينو، وقد قدم بحث التخرج عن الشاعر الأمريكى "والت ويتمان". ومنذ ذلك الوقت يكاد بافيزى يكرس نفسه لدراسة وترجمة عيون الأدب الأمريكى، وهو تيار ساد إيطاليا طوال الثلاثينيات من القرن العشرين. وقد تنبأ كاتبنا - إذ كان يدرس اللغة والأدب الإنجليزى والأمريكى - أن الرواية الأمريكية سوف تسود وتزدهر على ما عداها من أنواع الأدب الأمريكي، وعلى غيرها من فنون الرواية العالمية. وقد جذبه اليها اختلافها عن معالم الرواية الأوروبية أيامها، التي كان نجومها فلوبير وبروست وجويس، الذين تناولوا الأفكار الداخلية لشخوصهم وأفرطوا في تحليلها. أما الرواية الأمريكية فقد تميزت بموقفها من الواقعية، وبلغتها الدقيقة المباشرة، فهى تقدم مجموعة شخوص عن طريق حركاتهم وأفعالهم الخارجية، حيث الحدث الخارجى للشخصية هو يسيطر على الرواية. وقد اهتم بافيزى بهذا النوع من الرواية، وقدم للقارئ الإيطالى عددا من عيونها مترجما الى الإيطالية، منها مؤلفات لجون دوس باسوس، وجون ستاينبك، وشرود أندرسون، وسنكلير لويس، وخاصة رواية ملفيل المشهورة التي أعاد اكتشافها: «موبى ديك».

كما أنه كتب مقالات نقدية عن همنجواى وفوكنر وكالدويل. ولكن هذا لا يخفى ترجماته من الأدب الإنجليزي، الذى كان أبرز ما فيها ترجمته لرواية جويس "صورة الفنان في شبابه". وقد عمل عكوفه على ترجمة تلك الروايات على إرهاف الحس الروائى لديه، واستفادته من الأساليب المختلفة للفن الروائي والسرد القصصي، غير أنه لم يكتب أبدا متأثرا بأحد ممن قرأ أو ترجم لهم أو على نمطه، وإنما اختط لنفسه أسلوبا ونمطا جديدين خاصين به وحده.

بدأى بافيزى عمله الأدبى بنشر تلك المقالات عن الأدب الأمريكي في مجلة "الثقافة" التي كان يصدرها الكاتب "دى لوليس"؛ وسوف تُجمع بعد ذلك وتصدر في كتاب عام 1951 تحت عنوان "الأدب الأمريكى ومقالات أخرى" . وقد عبّر الكاتب فيها عن إيمانه بالبحث الدؤوب عن آفاق جديدة للمعرفة (في وجه الجو السكونى الذى كان يسود إيطاليا أيام ظهور الفاشية)، آفاق تتمثل في الآداب الأمريكية التي تناولها بعمق من نواحي الأسلوب والواقعية، وتتمثل كذلك الأسطورية الكلاسية وتاريخ الأديان. وقد شغلت الواقعية وعلاقتها بالأسطورة حيزا كبيرا من تلك المقالات النقدية، وكان يرى أن الروائى يجب أن يتعدى حدود التصوير الفوتوغرافى لموضوعه، بأن يحتضن رؤيا قادرة على تغيير العالم، الى سلسلة من الرموز المنظمة، لا أن يسجل الواقع الحى تسجيلا وثيقا، أو مسهبا، أو متكررا. وكان ينظر الى رواية (موبى ديك) باعتبارها مثالية في هذا المجال.

وقد أتاح نشر بافيزى لمقالاته في مجلة "الثقافة" التآلف مع بعض الأصدقاء الذين جمعهم العمل في تلك المجلة ممن كانوا قادة حركة المثقفين الشبان. ولكنه لم يكد يهنأ بهذا الوضع الذى خلع عليه بعض الاستقرار، إذ صدر في مايو 1935 قرار بنفي عدد من هؤلاء المثقفين بتهمة النشاط المعادي للفاشية، ويتم القبض على بافيزى وهيئة تحرير المجلة بأكملهم، ويعرف قسوة السجن خمسة عشر يوما في زنزانة بتورينو، قبل أن يُحكم عليه بالنفى ثلاث سنوات بالبلدة الصغيرة "برانكاليونى" بمقاطعة كالابريا. وهكذا عاد كاتبنا الى العزلة المريرة والانغلاق الذاتى اللذين عهدهما من قبل، مما لا يتيح له سوى التفكير والتأمل والعمل الدائب.

ولم تكن برانكاليونى إلا قرية صغيرة، عاش فيها بافيزى في منزل فقير بالقرب من البحر، وكان يتعين عليه أن يحيا في ظروف اقتصادية صعبة للغاية، حتى أنه كان أحيانا ما يمضى يومه على بعض الفاكهة والخبز، كما كان عليه أن يسجل نفسه كل مساء في قسم الشرطة التابع للقرية، حسبما يقضى نظام المنفى. ولكن عزمه على الكتابة لم يفتر ولم يهن، فهو يستمر في إعداد ترجماته من الأدب الأمريكي، ويمضى قدما في تنقيح وإعداد ديوان شعر بعنوان "العمل المجهد" . وقد تناوبت عليه في هذه الظروف أفكار الكآبة والانتحار، كحل أخير للوضع الانسانى. وفى ديوانه نجد هذه القصيدة المعنونة "جنون الوحدة" :

"بينما آكل عشائى الى جوار ضوء النافذة

غشى الظلام الغرفة

والسماء تُظلم أيضا

وفى الخارج

تفضى الطرقات الهادئة

الى الريف المفتوح ...

آكل وأتطلع الى السماء

من يدرى

كم من امرأة تأكل الآن

وجسدى نظيف

ولكن العمل يرهق الجسد ويرهق كل النساء .

*

وفى الخارج، بعد العشاء

ستلمس النجوم صفحة الأرض الرحيبة

النجوم حية

ولكنها ليست في جمال الفراولة التي آكلها وحيدا.

أستطيع أن أرى السماء

ولكنى أعرف

أن الأضواء تلتمع فوق وسط الأسطح العتيقة

وتصطخب الأصوات تحتها.

زفرة عميقة

ويلتهم جسدى حياة الأشجار والأنهار

ويشعر بنفسه منقطعا عن كل شئ .

سيغنينى بعض الصمت

ثم يتوقف كل شئ

مثلما توقف جسدى.

*

كل شئ منعزل أمام أحاسيسى

ومقبول دونما سؤال لا .

حفيف الصمت.

أستطيع أن أسبر غور أي شيء في الظلمة

كما أعرف الدماء التي تجرى في عروقي .

السهل اندفاع فائر للمياه بين الحشائش

عشاء كل شئ .

كل شجرة، كل حجر يعيش بلا حراك

أشعر بغذائى

يغذى عروق كل شئ حي على سطح هذا السهل .

*

لا يهمنى أمر الليل

وتهمس لى قبة السماء بكل الضوضاء

ونجمة صغيرة تناضل في الفراغ

بعيدا عن الطعام وعن البيوت

مختلفة عن كل شئ .

إنها غير كاملة في حد ذاتها

وتحتاج الى الى الكثير من الصحاب.

هنا، في الظلمة، وحيدا

جسدي في سلام

ويشعر بنفسه سيدا .

إلا أن أهم حدث من أحداث فترة المنفى الأدبية هي بدء بافيزي في تسطير يومياته في شهر أكتوبر من ذلك العام. وقدة بدأها تحت ضغط الصدمة النفسية العنيفة للنفي وعزلته في القرية وهجمات مرض الربو التي كانت تعاوده من آن لآخر. وقد صدرت اليوميات عام 1952 بعد وفاة مؤلفها تحت عنوان "مهنة الحياة" فأصبحت أشهر وأهم أعمال بافيزى جاذبية للقراء. ولا غرو، فهى تظهر لنا شخصية المؤلف بكل مظاهر قلقه الثقافي والجمالي والتحليلي، وهى مفتاح مهم لحياته وأفكاره، ووثيقة أساسية لفهم كتاباته ونفسيته. وكما كانت يوميات "البير كامى" تمتلئ بإشارات وأفكار وفقرات تظهر بعد ذلك في أعماله، كذلك كان الحال في يوميات بافيزى. وإذا كان القارئ يرى المعاناة والألم وجنون العزلة مصفاةً مقطرةً في روايات بافيزى وشعره، فإنه يراها مباشرة وعارية في يومياته. ويدور تحليل بافيزى للحياة ولنفسه في يومياته حول أربعة موضوعات رئيسية: أولا، مشكلة العزلة والوحدة والسيطرة على النفس؛ ثانيا، مشكلة المرأة وما يعنيه الحب من فشل؛ ثالثا، الانتحار ؛ رابعا، مشكلة الخلق الأدبى.

وبرغم أن المؤلف بدأ يومياته بباعث من وحدته في منفاه، فإنه يستمر في كتابتها حتى آخر سنوات عمره، ففترة المنفى لم تدم سوى عدة أشهر وانتهت في مارس 1936، عاد بعدها الى تورينو . وكان أول خبر سمعه من أحد أصدقائه لدى وصوله الى محطة قطارات تورينو هو زواج حبيبته، ذات الصوت الأبح. وكانت صدمة أليمة عصفت بكيانه كله، ولم ينج من آثارها طوال حياته. وقد اصطبغت يومياته منذ ذلك الوقت بتعاظم ظلال الكآبة والحزن، كما بدأ الحديث فيها يكثر من أفكار تدمير الذات والانتحار. ويقول في مقطع من اليوميات: "لا يمكن تفسير حياتى المنتحرة إلا هكذا فقط. وأنا أعلم أننى محكوم عليّ دوما بأن أفكر في الانتحار أمام أي صعوبة أو ألم .

هذا هو ما يخيفنى؛ إن مبدئى هو الانتحار، وهو مالم يتحقق أبدا، والذى لن أحققه أبدا، ولكنه هو ما يدغدغ حواسى دوما". وقد أشار في أماكن عدة من يومياته الى الفراغ العاطفى الذى خلفته له المرأة ذات الصوت الأبح. ويرى دافيد لاجولو أنه منذ خيانة هذه المرأة له بزواجها المفاجئ، لم يعد بافيزى يفكر في النساء إلا من زاوية الانتقام، ولم يعد قادرا على الحب رغم حاجته المستمرة اليه، ومن ثم أغرق نفسه في سلسلة من التطلعات غير المجدية لم تكن لتقوده إلا الى المصير الذى انتهى اليه. فحين اختفى الحب من حياته، لم تعد هذه الحياة تستحق أن تُعاش. وكما تبين لنا يومياته، لم يكن ثمة ما يسبب فرجة في صفحات الأسى والتشاؤم التي تعبّر عنها حياته إلا في اهتماماته ككاتب ومشروعاته للخلق الأدبى.

ولقد ضمن إخلاص بافيزى لعمله كأديب مبدع أن يجد فيه الملاذ من آلامه بعد عودته من المنفى. وقد عاد مرة أخرى ليعيش في حجرة بمنزل أخته المتزوجة بتورينو، حيث شرع في كتابة أول قصتين في حياته وهما "السجن" و "هناك في بلدتك". وكان قد أصدر ديوانه الشعرى "العمل المجهد" وطفق يبحث عن أشكال أدبية جديدة يعبر بها عن نفسه، ووجدها في القصة والرواية، وهو المجال الذى أنتج فيه كل أدبه بعد ذلك. وكان يقسم وقته بين العمل في دار النشر "أيناودى" وبين كتاباته الأدبية. وحين نشبت الحرب العالمية الثانية فى 1939، كان يكتب رواية جديدة بعنوان "الشاطئ".

وفى أول قصص بافيزى "السجن"، تظهر أولى الشخصيات الخاصة بعالمه: ستيفانو، وهو كائن مغلق، منعزل، مفكر، أقرب في ملامحه الى شخصية المؤلف نفسه في تلك السنوات، وهو يحاول أن يستعيد ويتذكر الزمن الماضى. وستيفانو هو أول شخصية - جزيرة يخلقها بافيزى، ويصارع ضد عزلته وسط طبيعة جميلة حرة، يحوطه البحر. ويحمل ستيفانو في داخله البذرة التي ستظهر مرارا وتكرارا في رواياته التالية. وفى رواية "هناك في بلدتك"، يظهر موضوع مهم آخر من الموضوعات التي تشغل بال المؤلف: المرأة كرمز لا يُنال، والفشل في الحب، وغموض العلاقة الجسدية. ويبدو فيها البطل "برتو" شخصية بلا جذور، دونما أسرة ودونما تاريخ ظاهر أو باطن، يتعرف على زميله "تالينو" داخل السجن. وتدور القصة في الريف، وسط الروابي التي طالما أحبها بافيزى، وتقص في واقعية باردة حادة يلفها جو من العنف، الميل المحرم لتالينو تجاه أخته جيزيلا، حتى يقوده ذلك الى قتلها. ويعتقد برتو أن الخلاص يكمن ربما في الريف، بعيدا عن المدينة وتعقيداتها، حتى تطلعه جريمة تالينو على قسوة الحياة. وثمة لغة حادة في القصة، والقسوة التي يتصف بها تالينو، وبعض الغموض عند السرد، والطبيعة الحارقة، ومواقف الانتقام، مما يذكر القارئ بأسلوب "فوكنر" في كتاباته. وقد اكتشف النقاد في بافيزى - بعد صدور هذه القصة - بذرة روائى عظيم يندرج تحت لواء النهضة الروائية في فترة ما بعد الحرب.

أما رواية "الشاطئ"، التي كتبها المؤلف ما بين عامىْ 1939 و 1941، فهى رواية قصيرة، نُشرت لأول مرة في إحدى المجلات الأدبية الشهيرة عام 1942؛ وقد عاد فيها المؤلف الى ذات العوامل التي تشكل عالمه: الحب والفشل؛ ثنائية العقل والذكرى؛ التوتر بين الفرد والمجتمع؛ الطبيعة الأسطورية؛ المدينة والحضارة. وتحكى القصة فرار "دورو" وصديقه الى الجبال والربى، حيث كانا في شبابهما سعيدين ومتفاهمين، وهو رمز لدى بافيزى لبحث شخصياته الدائب عن الخلاص والحرية. ونرى الصديقين يعاودان ابتعاث عالم طفولتهما البعيد الذى يحيط بهما على الدوام: البيت الذى ولد فيه دورو، الروابي الراسخات، الذرى الصفراء، المزارع، مذاق النبيذ القروى، الأغاني تحت قمر الصيف، النزهات وسط الدروب.

وعصب الرواية يكمن أيضا في أزمة في العلاقة بين دورو وزوجته "كليليا"، وهى - كما يحدث دائما عند بافيزى - مخلوق هروب يفر باستمرار ولا يستطيع أن يتعلق بأحد. وبينما يحاول دورو الهرب من واقعه الى الجبال حينا والى الرسم حينا آخر، لا تفعل زوجته شيئا إلا أن تسلم جسدها لحمام البحر كل صباح. والبحر عند بافيزى رمز للحرية، والرغبة في الحياة، والعودة الى المنابع، والتطهير الأسطورى. ويقدم لنا الكاتب الحدث القصصى ويحلله عن بُعد، عن طريق وصف التصرفات الخارجية للشخصيات، مشبعة بوجه نظر القَصّاص. وكان بافيزى يهتم كثيرا بتبيان وجهات النظر المختلفة التي يقدمها في رواياته. وقد غمر الإحساس بالوحدة رواية الشاطئ ممثلة في انفصال وجهات النظر حول الأحداث : دورو/ كليليا، الراوى، برتى. وبرتى هو رفيق دورو ويمثل شخصية بوهيمية في طور أزمة المراهقة.

وفى عام 1943، يرحل بافيزى الى روما حيث يُكلف بإعادة تنظيم دار النشر ايناودى هناك . وفى هذه الفترة، يُستدعى للخدمة العسكرية ولكنه يرسب في الكشف الطبي بسبب الربو الذى يعانى منه. وبعد عودته الى تورينو، حيث يجد راحته في جوب طرقات المدينة وغشيان المقاهي التي يصفها ببراعة ملحوظة في كتاباته. وفى هذه الأثناء، بدأ الحلفاء غزو إيطاليا لإنقاذها من الحكم الفاشي، ولإسقاط موسولينى للمرة الثانية. وقد انتظم معظم أصدقاء بافيزى السابقين في خلايا المقاومة ضد الفاشية، ولكنه كان قد قطع كل ما له صلة بالسياسة منذ فترة، لذلك نجده يغادر تورينو مع أسرة أخته لاجئين للجبال بعيدا عن الغارات الجوية. وقد سبب هذا الموقف ندبة أخرى في نفسية بافيزى لم يشعر بها إلا بعد انتهاء الحرب، وربما أراد أن يكفّر عن موقفه ذاك بانضمامه بعد الحرب انضماما ظاهريا للحزب الشيوعى الإيطالى.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، كانت إيطاليا قد أصبحت أطلالا مهدمة بفعل عشرين عاما من الفاشية والحروب؛ وكان الأدب والفن خلال تلك الفترة مرتبطين بالحكم والدولة، بعيدين عن تصوير المشاكل الحقيقية للمجتمع والناس؛ ولكن بدأت بعد الحرب نهضة ثقافية كبرى مست مجالات الرواية والسينما والمقالات. وبزغت الرواية الإيطالية قوية بكل بهائها ونضارتها، وعادت اليها الواقعية الجديدة والملامح الانسانية التي افتقدتها مدة طويلة. وظهر على مسرحها بافيزى وفيتورينى ومورافيا وكارلو ليفى ليخلقوا لها النماذج الفنية التي بنت أمجادها العظيمة .

ويعود بافيزى من مكمنه وسط الجبال الى تورينو ليجد ملامحها قد تغيرت كثيرا، مليئة بمن غابوا عنها وبالاتهامات الصامتة ضده. ويعود فيها الى حياة أشد تفردا وعزلة، فقد مات عدد من أصدقائه ومعارفه السابقين في الحرب، وكان الباقون قد ناضلوا الحكم الفاشي، وبقى هو تنتابه مشاعر الاتهام الذاتي والندم القاسي. وبرغم ذلك، فهو يبدأ في هذه السنوات التي بقيت أمامه موجة من الخلق الأدبى الغزير الناضج. وهذا التوتر الخَلْقي هو ما دفعه الى الحياة طوال هذه الفترة، فهو قد وجد في الأدب سببا للمضي قدما، وعاد الى روما لترتيب دار النشر ذاتها. وفي تورينو، نجد أملا بارقا يطلع له في صورة زميلة في العمل تدعى "ماريا سيرينى" كان يملي عليها كتاباته. وقد وجد معها راحة وأمنا؛ إلا أنها تنتقل بعد قليل للعمل في روما. ويعود وحيدا مع نوبات الربو التي أصبحت أكثر ترددا، ونوبات أخرى من التأمل العميق.

وتأتى بعد ذلك روايات ثلاث هي قمة النضج الروائي عند بافيزى، وهى تشكل موضوعا واحدا تقريبا حتى ان النقاد يصفونها بالثلاثية. وأول هذه الروايات "الصيف الجميل" التي كتبها في عام 1940، ويرسم فيها عالما تشغله الآن شخصيات نسائية مشغولة بالبحث الدائم عن الحب، ولكن الحب ليس ممكنا، لأن الطبيعة الانسانية قد جُبلت - في رأى المؤلف - على أساس من العزلة. لقد تركت شخصيات بافيزى الطبيعة وعاشت في المدن الكبرى بكل ما فيها من آلية وتصنع وزيف. ويحمل الأبطال في المدن بذرة التعب البافيزى في داخلهم وهو مزيج من الانعزال والغثيان والهروب من الذات. ونرى في الرواية شخصية "جينيا" تهرب من واقعها دائما الى الاحتفال مع زميلاتها بأى شئ، فهى تخشى الانتهاء من العمل والاضطرار الى العودة لمنزلها لتواجه الوحدة والملل. وهى تعانى من الغيرة الشديدة على حبيبها "رودريجث" وتشك في وجود علاقة بينه وبين فتاة تدعى "أماليا"، فتهب نفسها الى "جيدو" وتقع في غرامه. ولكنها تكتشف في النهاية أن أماليا مثلية وأنها كانت تسعى الى علاقة معها. وهى في استسلامها النهائي لها تعنى قبولها تلك الحياة، وبدون الحب تشعر جينيا بالضياع:

"يالها من مفاجأة أن تستطيع السير كالمعتاد، وأن تشعر بالجوع . كان كل شئ مفاجئا حتى أنها قررت أن تكون مقابلاتها مع جيدو منذ الآن فصاعدا، على انفراد، دون وجود الآخرين. لم يقل لها جيدو إلا أنها تستطيع الحضور في أي وقت الى الاستوديو، ولكنه لم يقل شيئا عن مقابلاتهما خارجه. قالت لنفسها: لابد لي أن أحبه، وأن أحبه بكل جوارحي، وإلا فأنا ضائعة".

وقد كتب بافيزى الرواية الثانية "الشيطان فوق الربى" عام 1948، وهو عام هام جدا بالنسبة اليه، كما يقول في يومياته "عام جاد جدا، ملئ بالجهد المضمون، بلغتُ فيه مكانة فنية راسخة . روايتان، وأخرى قيد الإعداد". وتبدأ هذه الرواية بداية تذكّر بأجواء "الصيف الجميل":

"كنا شبانا صغارا. أظن أننى خلال هذا العام لم أنم أبدا. ولكن لى صديق كان ينام وقتا أقل منى، وكان يُرى في بعض الصباحات يتمشى أمام المحطة في ساعة وصول وقيام القطارات . كنا نتركه قبل ذلك أمام باب منزله، في الفجر، ولكنه يرغب في التجوال، ورؤية الفجر وتناول فنجان من القهوة، وبعد ذلك يدرس الوجوه النائمة للكناسين وراكبى الدراجات."

وعن طريق هذه المقدمة، يتطرق القارئ على الفور الى عالم المدينة. ويقول لنا المؤلف في هذه الرواية إنه في داخل عزلة المرء في المدينة، يشكل حضور المرأة عنصرا محبطا، أساسا وسببا للتعاسة وعدم إمكانية التواصل. وفيها تحاول جابرييلا إقامة علاقة حب مع بولى ثم مع أورست، ولكنها تفشل. فالحب شئ غامض محزن حتمي الفشل، شيء يولد ميتا ويسجله الروائي في مؤلفه بطريقة باردة. ويقابل الإخفاق في الحب، الحضور الكامل للموت والانتحار.

ويكتب بافيزى الرواية التالية من الثلاثية خلال شهور قليلة من عام 1949 . وفى ذلك العام، يفوز بجائزة "ستريجا" عن روايته الصيف الجميل، مما يجعله يشعر بانفتاح مجال الكتابة أمامه، وبالتقدير والاحترام من النقاد والقراء. بيد أن هذا لا يمنعه من السير في طريقه المحتوم، ففي الرواية التالية المعنونة "بين نسوة وحيدات"، تظهر من جديد الدوافع التي تغشى الروايتين الأولين، إذ يعمد المؤلف الى استكشاف عالم المدينة حيث تتحرك فيه مجموعة من النساء الوحيدات. وهو هنا يملك ناصية الفن القصصي، ويتمكن من إدخال القارئ الى عالمه الروائي في بساطة ويسر، بأسلوب متزن محكم، حيث يحاول أن يخلق نوعين من الواقعية: واقعية وصفية خارجية، وواقعية أخرى خفية ذات مضمون رمزى. ونرى في الرواية "كليليا"، امرأة ناضجة، لا أسرة لها، صورة مجسمة للعزلة البافيزية، تعود الى تورينو لتعمل هناك. وهى امرأة مجربة، واقعية، تحمل في داخلها - الى جانب العزلة - الكراهية والاحتقار للآخرين. وتظهر كليليا - الى جوار امرأتين أخريين - مومينا وروزيتا - يتصارعن مع المدينة، مع الحضارة، في مقاومة حتمية الفشل في الحب والالتقاء مع الآخرين. وينتهى الأمر بانتحار روزيتا، وهو إرهاص بما سينتهى اليه حال المؤلف بعد ذلك بقليل، كما أشار النقاد وكاتبو سيرته.

وفى عام 1949، يرقد بافيزى مريضا في غرفته بشارع لامرمور، حيث يكتب روايته الأخيرة، التي يحاول بها أن يبتعث الخلاص النهائى بالعودة الى الأسطورة الخالدة للأرض. وكانت تمثُل أمامه كفرصة أخيرة للعودة الى الجذور، نحو الروابى الساحرة الخالدة. وهكذا يخلق المؤلف رواية "القمر والشعلات". وتصور الرواية في لغة قصصية صافية، أسطورة العودة، فهي تقدم لنا شخصية "نوتو" الذى يؤوب الى مسارح طفولته فىى الريف بعد سنوات من المغامرة في المدينة، ويدرك بعد أن يتكرر لقاؤه مع الأرض الأسطورية لأيام طفولته، أن كل شيء يتغير، بما في ذلك الطبيعة ذاتها. وهو في ذلك يشعر بعدم الرضا عن الكشف العميق للرؤى التي طالما هدهدها في نفسه عن الأيام الخوالي، فكل شيء مختلف. ويتأمل بافيزى مع نوتو، آخر رفاقه، تحت الشعلات، الأماكن المقدسة لطفولته للمرة الأخيرة. وهذه الأماكن الأسطورية التي شكلت خياله كروائي وشاعر، تختفى من روحه عندما تنطفئ الشعلات في القصة. لقد كان ذلك آخر وداع له للروابي، فسيكون حصار المدينة له نهائيا بعد لك.

وبعد أن كتب بافيزى روايته الأخيرة، يبدأ طريقه الحتمي ناحية الحركة الأخيرة التي طالما أحس بها وتعهدها في نفسه. ولم يفلح نجاحه الأدبى بعد حصوله على جائزة استريجا، ولا اعتراف النقاد بموهبته، في انتشاله من وهدة التشاؤم التي سقط فيها. وأحس إحساسا عميقا أن مهمته في الدنيا ككاتب قد انتهت. ويبدأ صيف عام 1950 في تورينو، ويتخذ نهر "البو" لونه المميز في هذه الفترة، وتتطاول الليالي بلا نهاية. وفى 18 أغسطس يكتب بافيزى آخر سطور في يومياته: "دائما ما يقع في الحياة أشد ما تخشاه أنفسنا. إني أكتب، آه، أنت، اشفقي علىّ. وبعد ذلك؟" وبعد ذلك يبدأ العد التنازلى للأيام الباقية له على قيد الحياة، فهو يرتب أوراقه وكتبه وينظم حجرته ومكتبه. وفى يوم السبت 26 أغسطس، يطلب من أخته مارى أن تعد له حقيبته الصغيرة التي يستخدمها في السفريات القصيرة، ويخرج في هدوء واطمئنان لآخر مرة من منزله بشارع لامرمور . ويتخذ بافيزى طريقه وحيدا منعزلا الى فندق روما بالمدينة حيث ينزل في غرفة بالطابق الثالث. ومن هذه الغرفة، يُجرى كاتبنا أربعة اتصالات تليفونية يدعو فيها بعض معارفه من النساء للعشاء، ولكن النسوة الأربع يعتذرن ويتعللن لعدم اللقاء. وهكذا انعقدت الدائرة حول بافيزى ولم يعد له مخرج من الوحدة القاتلة التي شعر بها دائما. وفى صباح اليوم التالي، عثروا عليه بكامل ملابسه ممددا في سريره وقد مات جراء ابتلاعه كمية من الأقراص المنومة التي وجدوا لفائفها الى جوار الفراش. وهكذا عاد بافيزى في نهاية الأمر الى الأرض عودة نهائية حتمية، حقق بها ما كان يفكر فيه دائما بعد فشل الدنيا في إعطائه الحب والصلة الانسانية التي كان ينشدها في كل مكان ويفشل دوما في العثور عليها. وكانت القصيدة التالية من أواخر القصائد التي سطرها قبل موته، بعنوان "رياح مارس"، ويتحدث فيها عن الحياة والموت :

"إنك أنتِ الحياة والموت.

أتيتِ في شهر مارس

الى الأرض الجرداء

وارتجافاتك تمضى في هدوء.

دماء أو ربيع -

زهور أو سحب -

هى خطواتك الرفيقة تستلب الأرض

ويبدأ الحزن ثانية.

*

خطواتك الرفيقة

أيقظت الحزن من جديد

وترقد الأرض مقرورة

تحت صفحة السماء الواهنة

ترقد ساكنة منغلقة

فى حلم مستسلم

كانسان لم يعد يعانى من أى شئ

حتى الصقيع كان عذبا

فى قرارة فؤادها.

وبين الحياة والموت

كان الأمل صامتا.

*

الآن كل شئ حى

لديه كلام ودماء

الآن الأرض والسماء

رجفة عميقة يعذبها الأمل

يزعجها الصباح

تغرقها خطوتك

وأنفاسك في الفجر.

يا دماء الربيع

الأرض كلها ترتعد

رجفة عنيفة

أيقظت الحياة من جديد

أنتِ الحياة والموت.

وفوق الأرض الجرداء

مررتِ في رفق

كالعصافير أو كالسحب

وتستيقظ سيول الفؤاد

وتنطلق ثانية في عنف

وتعكس أشياء مختلفة

على صفحتها

الأشياء التي في السماء وفى الفؤاد

الذى يتألم ويتلوى في حزن

إذ هم ينتظرونك .

إنه الصباح،

إنه الفجر

يا دماء الربيع

لقد اسلبت الأرض .

*

الأمل يعذبه الحزن

وينتظرك، ويناديكِ

إنك أنتِ الحياة والموت .