داخــــل الرقــعــة :
من المفارقات العجيبة؛ في ثقافتنا العربية التي تتجلى: بأن هنالك العـديد من المبدعين والمفكرين؛ يشتغلون في الـظل وفي صـمت شبه مطلق؛ وبعـيدا عن الأضواء والبهرجة الإعـلامية؛ وهـذا ليس خطأ بل اختيارا؛ لبقاء صفوة شخصيتهم منسجمة مع وجودها؛ وطبيعة تفكيرها؛ ولكن الإشكالية العظمى؛ بأن الإعلام بكل أطيافه لا ينتبه إليهم؛ ولا سيما أن الإعلام الحق/ الصادق؛ هو الذي يبحث عن مثل هؤلاء. ولكن النزقين والوصوليين؛ دائما يسعون قطع الطريق؛ وخلق العتمة بين الإعلام ورجال في الظل؛ والمؤسف؛ أن هنالك من يطلقون على أنفسهم (نقـاد) وبعضهم يتكلم ويكتب في كل شيء ويخلط بين التشكيل والتسفير والتطبيل والمسرح والتهليل! بدون حسيب ولا رقيب! مما تختلط الأوراق وتبدأ الفقاعات تنمو وتكبر وتتقوى في النسيج الاجتماعي؛ بفضل نزقية هؤلاء أو مصالحهم الشخصية.
ومدعاة هـذا الـقول أن هنالك العديد من الفعاليات الثقافية/ المسرحية؛ لم ينتبه لأعمالهم ومجهوداتهم أحد؛ وبخلاف ما قلته أعلاه؛ يمكن أن أشير؛ بأن مثل هؤلاء لا يتملقون أو يستجدون أحدا لمآزرتهم ودعمهم؛ ولم ينخرطوا في (لوبيات ثقافية) ومن داخل الرقعة أستشهد بأحد المبدعين والكتاب المسرحيين: الكاتب والمخرج - محسن النصار- الذي يشتغل في صمت وهدوء؛ رغم أنه مسؤول عن موقع مسرحي له إشعاعه الفعال وقيمته عبر خرائط المسرح ؛وساهم في مهرجانات مسرحية؛ وعضو مؤسس في تعاونية الإعلام الإلكتروني المسرحي العربي التابعة للهيئة العربية للمسرح، وعضو نقابة الفنانين العراقيين، وعضو اتحاد المسرحيين العراقيين. وحاصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية ومن بين أعماله [– النبيل/ امرأة رائعة/ الرشوى/ صرخة بوجه الارهاب/ الزجاج المحطم/ رسم حـديث/ رؤية فلسفية /] وهاته المسرحية الأخيرة؛ أثارتني بشكل خاص؛ وبحثت هل تم عرضها أم لا؛ فاكتشفت بأنها أنجزت في إحدى الورش المسرحية التي قامت بها وزارة التراث والثقافة ممثلة بدائرة المسرح والسينما والفنون التشكيلية على مسرح مدرسة مسقط الدولية / 2015 (1) ولكن المثير لا وجود لنقد أو شبيهه حولها لماذا؟ الإجابة تلتصق بما أشرت إليه سلفا؛ أنه يحاول أن يعيش في الظل؛ كالعديد من أمثاله؛ وإن كان – المبدع – محسن النصار – فاعلا ومهـووسا بالكتابة والمسرح؛ فـلا يستكين إلا لهوسه؛ بدل الجري وراء الأضواء الفاقعة.
إذن، فمسرحية – رؤية فلسفية – أعادت بي من خلال طرحها الهادئ والسلس؛ لتفعيل العقل. باعتبار أن التفلسف وفعله يفرض لامحالة الرجـوع إلى العقل؛ لكي نطرح تساؤلات؛ من بينها عن ماهي علاقة المسرح بالفلسفة؟ والفلسفة بالمسرح؟ وهـل الفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية التي أسهمت في خلق حرية الفكر والإبداع في شتى المجالات؟ وقبل هـذا وذاك؛ فمسرحية - رؤية فلسفية - فرضت نفسها علينا لأسباب من بينها:
1/ طبيعة هـدوئها من خلال شخصياتها؛ وسلاسة خطابهم واقتضابه؛ الذي أساسا خطاب الكاتب؛
2/ تلاقي وتداخل الأصل (الفلسفة) بالأصل (المسرح) بطريقة مكشوفة؛
3/ عادت بنا بطريقة لاشعورية لعوالم فلاسفة اتخـذوا المسرح قناة لتصوراتهم الفكرية والمعرفية كأرسطـو/ ألبير كامو/ سارتر/ سينيكا الروماني/ عزيز الحبابي/ ...../
تـداخل الرقـعـة :
بما أن أصل تدوين الفلسفة والنصوص المسرحية؛ في بداية عهدهما تمت في رقع الجلد؛ وتطـور الأمر؛ حتى أمـست الرقعة نوع من أنواع الخط؛ فبأي خط تمت كـتابة هـذا النص؟ بما أن الفلسفة والمسرح متداخلان تداخلا معقدا وبشكل مكثف؛ رغم عـدة محاولات في الحقول المعرفية للفصل التاريخي بينهما، وإن كان المسرح في بداية عهده انطلق من الأسطورة؛ ولحظة إنشا ء الحكمة؛ عن فـرض المسرح حضوره في انشغالات الفلاسفة؛ إلى الآن. فمن هذا التداخل فمن الصعوبة تحقيق توصيف أو تأطير خطاب فلسفي خالص؛ عن خطاب أدبي صرف. لأن الخطابات هي ممتزجة. بشكل تلقائي أو بناء على بنية التصور الدرامي. وهـذا ما يلاحظ في النص بنية خطاب الأفعال الملتصقة حتى بالبنية الذهنية للشخصيات؛ بمعنى ومن خلال هاته المعادلة نستشف ذلك:
( الجامعة ) = الأستاذ + سمير + سلام = ( الفلســفة)
( الجامعة )= (عالم فلسفة) - (طالب دكتوراه) - (طالب دكتوراه) = ( الفلســفة)
فهاته الشخصيات تتحرك في فضاء مغلق حسب ما هو مدون في اٌلإرشاد المسرحي في الفصل الأول: (مكتب استاذ جامعي يحتوي على منضدة كبيرة وضع عليها مجموعة من الكتب والأوراق وحاسبة دفترية لابتوب، وساعة معـلقة على الحائط وكذلك بعـض الشهادات التكريمية )(2)
فأول ما يلفت الانتباه؛ غياب أو انعدام – الحاسوب – الذي له علاقة وطيدة بالشبكة العنكبوتية والتواصل الرقمي؛ في المكتب؛ والذي يحيل أوتوماتيكيا إلى الانفتاح والانغماس الحضاري (للأستاذ الجامعي) فالمسألة لها أبعاد يتحكم فيها التداخل بين الفلسفة والمسرح؛ أي المجال الفلسفي/ المعرفي؛ لا يمكن أن يأخذ إلا من أمهات الكتب.
الأستاذ : (بعصبية) لن اذهب، أنا في حالة من التفكير والتأمل؛ أفضل ما يمكنان تفعله في هذا الوقت قراءة كتاب شيق! فأنت طالب دكتوراه وستحصل على منفعة كبيرة تساعدك في اختيار مناسب لمشروع الدكتوراه ..(3)
فـفعل الأمر الضمني؛ فرض فعلا اختياريا يكشف نوعـا من اللامبالاة للطلبة تجاه أبحاثهم؛ وكذا استغلال العلاقة الأفقية بين الأستاذ/ الطالب؛ وإن كانت ضمنيا تفعيل البعد الديمقراطي؛ الذي فرضته طبيعة التحولات الفكرية والسياسية حاليا؛ وفي نفس الإطار؛ تذكية على ما أنشأت في أرجائه – الفلسفة – الفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية التي أسهمت في خلق حرية الفكر والإبداع في شتى المجالات(4) وهذا ما يعَـبر عنه صاحب النص في دراسته؛ والتي اعتبرها شخصيا؛ نوعا من الاستئناس لماهية العمل الدرامي، وليست مشروع تنظير. كما سيتوهم البعض؛ إن حاول مزاوجة بين (رؤية فلسفية/ دراسات) منشورة هنا وهناك. كمبحث مبني على أسس فلسفية ولكنه في أصله رؤى بحثية تعالج الشأن المسرحي بالأساس. وبالتالي فأي نظرية سواء أكانت فنية أو علمية أو أدبية تعـد قاعدة بديلة عن قاعدة سابقة في مجال التخصص النوعي؛ ولكن نحن أمام تخصصين متداخلين (المسرح/ الفلسفة) علما أن المسرح في طروحاته يتغدى من الفلسفة؛ والعكس وارد: إن الفن المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"(5)
إذن؛ المسألة الديمقراطية متجسدة بين (الأستاذ والطلبة) وهذا يتأكد عبر عدة حوارات؛ وأهمها في الفصل الثاني: شهادة سعيد (موظف في الجامعة) الذي يعتبر علاقتهم؛ علاقة صداقة.
سـعيد: ... وعندئذ سوف يسب ويلعَـن ويتهم صديقه سلام وسمير(6)
إذ ربما توطيد العلائق في مثل هاته الحالات؛ أفرز كما اشرت نوعا من اللامبالاة؛ عند الطلبة تجاه بحوثهم ودبلوماتهـم؛ وهذا ما يعبر عنه الأستاذ؛ بنية حسنة.
الأستاذ: ... وانت تطلب مني ان اقوم في نزهة من اجل الراحة ... هيا اذهب انت. اما انا فقد أضناني التعب. لم يبق أمامي سوى القليل، حتى اتوصل الى فلسفة جديدة تخدم الانسانية والعودة بها الى سابق عهدها!
سلام: ( بفرح وسرور) الحمد لله! لقـد أحْـسنت صنعا!!!
الأستاذ: (ينظر الى مكتبة مليئة بالكتب موجودة في المكان) أخذتُ بتحليل جميع النظريات الفلسفية ولذا لن يهدأ لي بال حتى اجد الفلسفة المناسبة، للإنسانية ويقرأ كل فرد فلسفتي وفي كل مكتبة حتى يرتاح بعض الوقـت،..
سمير: (بتودد ومحبة) ومن الإنصاف يا أستاذ يجب أن قول بأنك مؤلف لم يغـفل أيا من الاتجاهات الفلسفية ... فأنت تناولت فلسفة أفلاطون ثم فلسفة سقـراط (7)
ففي هذا الفلك يبحث (الأستاذ) على أمل إيجاد نظرية؛ قوامها ايجاد فلسفة مناسبة للإنسانية في اكتساب بعْـض السلوكيات التي توفر لنا الجهد والوقت؛ وفي نفس الوقت يأمل أن يقرأ كل فرد فلسفتـه وفي كل مكتبة حتى يرتاح بعض الوقت؟ وهذا الطموح؛ يذكي أن (الأستاذ/ العالم ) متحفظ مـن التطور الحضاري المتمثل في وسائل التواصل وعوالم الكتب الإلكترونية؛ لأنه يركز ما مرة في البحث في مكتبته العامرة؛ ويعـلن صراحة التركيز على: (القراءة في كل مكتبة) بحيث مَـر عبر كل المذاهب والاتجاهات وأخـذ في تحليل جميع النظريات الفلسفية .وهـذا يتضح بين (الأستاذ/ سمير) في حوار مكثف؛ ليصل بنا إلى ماهية ما يؤمن به (الأستاذ) تلك فـلسفة سقراط ؛ هـذا الأخير؛ يعتبره (الأستاذ) أبا الفلسفة الغربية، وفي نفس الوقت يرسل لنا بالكاد أنه شخصية يكتنفها الغموض بشكل عام. لأنه لم يدَون حَقيقة مذهبه الفلسفي؛ لكن أجمع أغلب المؤرخين ومؤرخي الفلسفة على أن محاورات أفلاطون؛ وإن صيغت في قـالب فني؛ فهي أهم مصدر لمعرفة فلسفة سقراط. وهاته الإشارة غير موجود في النص؟
انــفصام الرقـــعــة :
فمن خلال المسرحة؛ التي فرضت نفسها لتحويل الانتباه في سياق توالي الأحداث في فضاء مغلق (المكتب) ليتحول إلى إعادة تشخيص (محاكمة سقراط) عبر: (إضاءة حمراء تعم المكان ويقوم الأستاذ بارتداء الملابس اليونانية وكذلك سلام وسمير، ويقومون بتمثيل اعـدام سقراط مع موسيقى حزينة)(8) هنا لا نجد إشارات تصويرية لإطار المحاكمة بشكل واضح؛ ولا لشخصنة الشّخصيات وحيوية التّبادل المقولي في المرافعة بين المدعي والمدعى عليه؛ ونوعية صك الاتهام؛ هـذا الصك يطرحه المؤلف؛ بعـد مسرحة المحاكمة:
الأستاذ: ... تلقى اهتمامًا كبيرًا من قبل الشبيبة، مما أثار قلق أولياء الأمور، الذين سرعان ما اتَّهموه بالإلحاد وبالتجديف وبإفساد أبنائهم؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى محاكمته والحكم عليه بالموت – تلك المحاكمة الشهيرة التي حاول سقراط عبثًا الدفاع عن نفسه خلالها ... كان يعتقد بأن فطنة الإنسان إنما تعود فقط لامتلاكه يـدين أدوات عمل. أما سقراط فقد كان يعتقد بأن فطنة الكائن البشري إنما علَّتُها تلك الروح العاقلة القوَّامة على الجسد، والتي تشارك الإله في طبيعته. انطلاقًا من هذه القناعة ومن هذا الاعتقاد انبثق العديد من تعاليمه؛
سلام : الداعي إلى ضرورة تفهُّم أفضل للنفس، أي "اعرف نفسك"، العبارة المنحوتة على واجهة هيكل ذلفُس، التي اتخذها سقراط شعارًا: "حياة لا يُفحَص عنها لا تستحق أن تعاش". لأن أكثر ما يشدِّد العزيمة، حينما يتعلق الأمر بفناء الجسد، هو الإيمان بخلود الروح.
سمير: كان قبل أن يجرع كأس السمِّ الذي وضع حدًّا لحياته ( 9)
ففي تقديري؛ أن هاته الحوارات؛ كانت أن تكون في سياق المسرحة؛ وإن سعى المؤلف- محسن النصار- قصدا أو عفويا، ترك محاكمة لتصور إخراجي (مـا) . فلا مناص من أن ينطلق أي (مخرج) إلى مسرحية السحب – لأرستوفانس- لأنها هي الوجه الأمثل لمحاكمة – سقراط – وهنا سنكون أمام انفصام في الرقعة؛ بمعنى أن المسرح يحاكم الفلسفة المتجسدة في ( سقراط) وهذا في حد تعارض بين الفلسفة والمسرح، والذي يمثله أفلاطون في ( جمهوريته) تجاه (المسرحيين/ الشعراء) وأرستوفانس في (مسرحياته) تجاه (الفلاسفة) ولهذا: لقد كان مقدرا للفلسفة، وهي العلم الذي يهتم بالحقيقة والوجود وأسس المعرفة، أن تمقت المسرح، الذي يرتكز على الكذب والتظاهر والعوالم الزائفة. فلم تكن الهجمات الفلسفية على المسرح، لأنها صاحبت تاريخ الفلسفة منذ أفلاطون، متكررة فقط، بل كانت غير مفاجئة. وفي الوقت نفسه، دافع عن المسرح كثيرون من بينهم الكثير من كتاب المسرح من خلال ابتكار صورة ساخرة للفلاسفة فجسدوهم كحمقى ومشعوذين على خشبة المسرح، وهو التقليد الذي بدأ مع أرستوفانيس في مسرحية «السحب Clouds»(10)
لكن رغم ذلك هنالك تداخل الرقعتين؛ التي تنطلق من الفيلسوف [أرسطو] الذي اعتمد على تراجيديا [سوفوكليس] مصدراً مهـما وناجعا في كتابة فن الشعـر. وهاته الحقيقة هي التي تترك الرقعة في حيرة نظرا: أن المعرفة والفلسفة والمسرح نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة مهدت في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان (11) وهذا طبيعي جدا ما دام المسرح في أبعاده الجمالية والفكرية؛ يعكس نمط فكر كل عصر من العصور، فأغلب المسرحيات في بعدهـا الأعم تفلسف؛ يطرح شيئية الإنتاج الفني الذي يشخّص وجـود الموجودات. فمن هنا فالمسرح بإمكانياته وتصوراته الغنية يسـاهم بشكل كبير في صياغة الفكر الفلسفي؛ وهذا ما نراه جليا في أعمال (ألبير كامو) الذي استطاع أن يفلسف المسرح، وأن يقدم من خلاله بعض أفكاره الفلسفية؛ أو أعمال (سينيكا) واهتمامه بالفلسفة الرواقية تحديدا.
رؤيــــة فــــلسفـــية :
ففي الفصل الثاني من النص؛ تنقلب الرؤية المسرحية؛ بأسلوب أكثر حركية؛ وبإيقاع مختلف عن الفصل الأول؛ مما أعطـى حسا جماليا؛ ولاسيما أن: الحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي «لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة» يقول أرسطو: «إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد، فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما، ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما»(12) وهـذا يتحقق عبر الإخراج؛ ولكن حركية النص ونبضاته؛ توحي للعلاقة الوطيدة بين (الصورة / المادة) بحيث نلاحظ (الأستاذ) يتشبث بأبحاثه وأفكاره؛ باعـتبارها جزء من ذاتيته وكينونته؛ وبالتالي ينفعل ويتوتر حينما أدرك باختفائها من مكتبه
( الجامعة )= (الأستاذ)-----≥(النظرية)≤--- (سعيد / سليمان- موظف) = الجامعة
(الجامعة ) =( النظرية)≤----≥(سـرقة)≤---≥ (سعـيد/شرير) +(سليمان/مراوغ) =المحـيط
فمن خلال هاته المعادلة؛ يتضح بأن (الأستاذ) يعـيش في عالم مغلق (الجامعة/ البحث) بينما (الواقع/ المحيط) الذي له رؤية أخرى؛ وفلسفة مغايرة؛ يعبر عنها النص بكل تلقائية ووضوح:
الأستاذ: ماذا تقول؟ ما هذا الذي تتمتم به؟ هيا تكلم وأفصح، فمن الصعب تمييز ما تقول. كيف
تجرؤ على العودة من خلفي؟ والأدهى من ذلك تجيء لي وتقول بأنك لم تسرق.
سعيد : انا لا اهتم (يتحرك في المكان وبحقد) كما تعلم بأي شيئا وكان كل وقتي في خدمتك...
سليمان : كان قبل قليل يقول لي ان كتاباتك لا تساوي دينارا واحدا !!!
الأستاذ : (بعصبية وغضب) هل قررت السخرية مني يا سعـيد؟ هه؟ أتريد سرقة جهدي الإبداعي مجاناً؟ أبذل كل جهدي من أجل حياة جديدة تسعون انتم في سرقته ..وها أنتم قد عُـدتم إلى أتعـس المراتب في الحياة الانسانية (يدور في المكان وهو في حالة فوران) خالين الوفاض! والأكثر من ذلك جئتم بما تسمونه كتابات ...عديمة الفائدة والجدوى ثم تحكون لي مواقف لا أصل لها ولا ضمير . انكم في حقيقة الأمر، لصوص تقتاتون على الكتابات الفلسفية وتسرقونها وتبيعونها بأبخس الأثمان ولا تهتموا لذلك، وهذا هو الذي جعل اناس اغبياء يدعون العلم والثقافة !!! بسرقة جهود الاخرين، يشقون الطاعة عليك.. مهلاً يا عزيزي.. سألقنك درساً لن تنساه ؟.(13)
هـذا الوضوح؛ يكشف أن مجال البحث العلمي؛ في الوسط (الجامعي) هراء؛ مادامت جهود الآخرين تسرق وتباع بأبخس الأثمان؛ وهاته حقيقة أمست واضحة؛ فالأغلب الأعم موجود وكائن في الساحة الثقافية/ الفكرية؛ بعوالم السرقات الأدبية؛ والبعض يعرف هاته الحقائق؛ وملتزم الصمت! ربما لأنه سيسقط يوما ما في انتحال وسرقة نص (مـا) أو قصيدة (ما) أو فكرة (ما) مما أمسى النسيج الثقافي/ الإبداعي/ الفلسفي/ يعـيش خللا واندحارا معرفيا؛ مع العلم أن: المعرفة هي أحد أشكال الوعي المعرفي والجمالي تجد نفسها داخل المسرح، فالمسرح يقدم مواضيع فكرية وفلسفية عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان(14) هنا نكون أمام تعارض الرقعتين؛ باعتبار أن المسرح يكشف ما يمارسه دعاة الفلسفة؛ وذلك من خلال سرقة أفكار ونظريات الآخرين.
هنا فهل الطالبان (سمير/ سـلام ) مساهمان في سرقة أفكار ونظريات (الأستاذ) أم الأمر لا يعـنيهما؟ مدعاة هـذا السؤال؛ بأن المؤلف – النصار- لم يذكرهما في الفصل الثاني ولو إشاريا؛ بمعنى: انسحـبا من الفعل الدرامي كليا؛ وفي هذا التغييب تنطرح عدة أسئلة وذلك بناء على الحالة النفسية والعقلية التي يعـيشها (الأستاذ (وهو يتحرك بالمكان وفي حالة اندماج مع فلسفته؟؟)وأن العادة يراقبها الشعور الهامشي الذي ... ينتقل مباشرة للشعور كلما عجزت الآلية عن مواصلة الحركة فإذا أخطأنا أثناء!!! الكتابة شعرنا بخطئنا وانتبهنا.... وأنت ايها الوقح تقوم بسرقة جهودي وتعطيها للآخرين بأبخس الأثمان !!!!
سعيد : ( يبكي ويصرخ) آه يالتعاستي .. آه ! أرجوك ايها الأستاذ ارحمني وارحم عائليتي
الأستاذ : هل هذه حيلة جديدة تريد ان تلعبها علي؟ ( 15)
الإحـــــالات :
1 / موقع الجسرة الثقافية الالكترونية بقلم محمد سعد- بتاريخ 12سبتمبر/ أيلول 2015
2 / رؤية فلسفية لمحسن النصار- منتدى مجلة الفنون المسرحية - 2014
3 / نــفـــســــــــهـــا
4 / المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار- الحوار المتمدن- عـدد: 5735 – في 22/12/2017
5 / نــفســـــهــــــا
6 / رؤية فلسفية لمحسن النصار
7 / نــــفـــســــهـــا
8 / نــــفـــســــهـــا
9 / نــــفـــســــهـــا
10/ من كتاب “فلسفة الأداء المسرحي: التقاطع بين المسرح والأداء والفلسفة” الذي صدرعن
جامعة ميتشغان عام 2009. تأليف : مارتن بوشنر- ترجمة أحمد عبد الفتاح مجلة مسرحنا
عدد 563 بتاريخ /11 /06/ 2018
11/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار- إحالة سابقة
12/) كتاب السؤال الجمالي. للمهدي عقيل - ص 120- سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين- بغداد 2007.
13/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-
14/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-
15/ المعرفة والفلسفة والمسرح / لمحسن النصار-