لم تكن أكثر من زيتونةٍ في الحقلِ ،
والنارُ على السَّفحِ ،
ووجهُ الصُّبحِ جَمرٌ ودماء .
والعصافيرُ التي دَفَّت بعيداً ..
لم تجد في الغصنِ أعشاشَ الصغارِ الأبرياء !
وعلى مقرُبةٍ من شُرفةِ الأحلامِ
بيتُ الأنبياء .
وقبابُ الرّيحِ لم تحمل لها غيرَ مزاميرِ عذابٍ
من جهاتِ الكونِ ،
والفارسُ ، مَن كان على متراسِهِ الليليِّ ،
لم يبعث لها ،
ما عادَ..
كي يمضوا معاً في ليلةِ العيدِ ..
إلى أرضِ الغناء .
طفلةٌ ؛
صفعتْ وجهَ جنودٍ أقوياء !!
وهَوَت بالكَفِّ ..
هل كان لها غيرُ يديها ،
كي تعيدَ الصَّحوَ للأرضِ ،
وأنْ تفتحَ للفجرِ شبابيكَ الفضاء ؟!
لم تشأ عهدُ لأنْ تصرخَ بالجيشِ ،
ولم تحلم بأنْ تمشي إلى القيدِ ،
وأنْ تغمسَ أقلامَ الحكاياتِ
بجُرحِ الأشقياء ..
بل أرادت أن ترى البدرَ على الّلوحةِ ،
والغصنَ مُحيطاً بالعصافيرِ ،
وأنْ تلبسَ أثوابَ المرايا ،
والمدى نايٌ ومنديلٌ ووعْدٌ باللقاء .
فلماذا هَجَّروا الطفلَ من الطفلةِ ؟
أحرقوا الباقةَ والفستانَ والدفترَ ..
جعلوا العُرْسَ زفافاً لوداعِ الشّهداء ؟!
.. حلمتْ أنْ ترتدي الأبيضَ ،
أنْ يأتي حصانٌ من تلالِ العِشقِ
كي يمضي بها ..
وإلى القصرِ ..
على سَرْجِ الهواء ..
حلمتْ بغزالٍ كحَّلَتهُ الشمسُ..
أنْ يقطفَ تفّاحَ البساتينِ،
وأن تغفو على مدِّ غمامِ الغيبِ ..
والطيرُ على النبعِ أو النّهرِ ..
وتصحو لترى النّحلَ يدوّي
حول أزهار الشتاء .
.. حلمتْ ..
لكنّهم غَصَبوا الأقمارَ
والأشجارَ
والدّارَ
وتلَّ الهندباء ..
كسروا القنديلَ
والأقواسَ
والبابَ
وأرغولَ المجرّاتِ
وبلّورَ الضياء ..
سرقوا الألوانَ
والرُّمّانَ من ثوبٍ نبيذٍيٍّ
تراءى في مخدّاتِ السماء ..
فَرَسٌ جمحتْ في حَمْأَةِ البَرْقِ ،
وَخَلّت غابةَ الأحزانِ موجاً
من رعودٍ وسنابلْ ..
لتقاتلْ ..
والرسائلْ !؟
وصلتْ ..
إنها العهدُ
وفي العهدِ وفاء .
طفلةٌ ؛
شَعرُها من رغوةِ الشمسِ ،
وعيناها من الّلوز ..
ووجهٌ من سَحابٍ أرجوانيٍّ ،
وصوتٌ من يماماتِ المساء .