مشهد أقرب الى السوريالي، لكنها الصورة القاتمة لوضع بئيس يدفع الشاعر العراقي الى إعادة تشكيلها من جديد، حيث تمسي الحياة محض صدفة مسكونة بالوجع اليومي وبقساوة اليومي، في نص اختار الشاعر أن يعيدنا الى ديدن الوجع من جديد.

لمْ تؤازنا (البالات)

كريم عبدالله

 

المعبّأة في أقفاصِ أفراحنا ....

لمّا هبطَ شتاءُ الرصاصاتِ كــ نافورةٍ تغسلُ زهوراً إصطناعيةً ....

زيتُ أغنياتها لمّعَ عبثاً صدأَ نشيد السلالَ المتعطّل ....

خلفَ ابوابِ المجنزراتِ تنكّبَ الملاذُ يلحسُ الوداعَ ....

المدنُ المهوّسةِ بالخلاصِ أثمرتْ شوارعها تتسوّقُ هذياناً طائشاً ....

والشاحنات غادرتْ تعجُّ بأكياسِ الذكرياتِ المنكوبةِ .....

تعلّقَ متأرجحاً صباحُ أخيرٌ وغابَ منّدساً تحتَ وثائق مؤجلة ...

اسمالُ الليل جعّدتْ روزنامةً بلا تواريخ لـــ أشجارٍ عاريةٍ ....

واحدة بعدَ أخرى تنزعُ الأوراقَ أيامها العجولة على سريرِ الفحص

العبواتُ أمامَ بابِ الحقيقةِ ( طشّرها )* وعيدٌ ينضحُ بـ الترقب ...

والكلماتُ المتفكّرة بــ التلثّمِ هتكَ أستار بوحها نردٌ مجروح الاعتذار ...

فلا رجوعَ لــ وميضِ ندىً يتوحّمُ عبورَ أسلاكٍ شائخة ......

الألمُ الواقف على مشارفِ ( المسْطَرْ )* عبثاً ينتظرُ حافلةً ....

هناكَ عملٌ كثيرٌ على رفيفِ الراياتِ أنْ تزرعَ البطالةُ في الحنين .....

فــ المعاول إفترشتْ خارطةً تنبشُ عنْ وطنٍ في دفاترَ قديمة

الذاهبينَ الى هناكَ .........................................

حبيباتهمْ ينتظرنَ على سطوحِ الوحشة الهوياتِ الطافية في تجاعيدِ البناطيل....

..... لكنّهنَّ أدمنَّ الدموعَ وأحتفظنَ بالتصاويرِ تحتَ ( دشاديشهنَّ )*

على الوسادةِ .............

البالاتْ : ملابس مستعملة مستوردة من خلف الحدود .

طشّرها : كلمة عامية معناها فرّقها .

المسْطَر: مكان يتجمع فيه العمال من مختلف الحرف ينتظرون منْ يستأجرهم للعمل .

دشاديشهنَّ : كلمة عامية معناها ملابسهنَّ ( للنساء ) .

بغداد