يستعير الشاعر العراقي مجرى النهر لإعادة تشكيل دورة هذه الحياة المليئة بالمفارقات، حيث يصبغ الحزن على من كان يصنع الحياة ويسد رمق العطشى ويعطي حيوات لمحيطه ومجراه، لينطفئ كل هذا حيث لا ملاذ حينها إلا انتظار دورة جديدة لانعتاق جديد.

النهر الحزين

ناجح فليح الهيتي

 

اّه من يجمع أشلاء الضحايا

من على شاطئ النهر الحزين

بعد الغروب

العاملون في الظلام

حولوا النور الى ظلام

خلطوا الدماء بالمياه

يتموا الأطفال

صاروا حزانى مثل النهر الحزين

اّه أيها النهر الحزين

لقد أصبحت حزيناً حين سرقوا مياهك

حين توقفت دواليب المياه

عن الدوران والرقص والغناء

في الليل وفي النهار

كنت فرحاً حين كانت تسقي الأرض

وتسقي النبات والاشجار والإنسان والدواب

حين ماتوا أولادك وتوقفوا عن الرقص والغناء

سكت صابراً تمضغ أحزانك

عطشت الأرض

ماتت شجرة النارنج الوحيدة

في بيتنا القديم الذي ولدت فيه

تداعى البيت وسقط

ماتت النخلة التي وضعوا في قلبها

شعري في أول حلاقة له بعد الولادة

لينمو ويطول مثل سعفها الجميل

ماتت أيضاً شجرة الخوخ

التي دفنوا في التربة مع جذورها

عقدة سرتي حين يبست وسقطت

لأحب الأرض والأشجار وأحب الوطن

صرت يتيماً مثل أطفال الضحايا

حزيناً مثل النهر الحزين

قتلتنا الظنون لا نعرف ماذا سيحدث

ماذا سيكون في هذه الأرض الملتهبة بالنار

المملوءة بالمجانين وبالجنون

يا أيها النهر الحزين

يا أيها النهر الحنين