على سبيل التقديم:
إن الإنصات لصوت الشعر بمفهومه الواسع والعميق، وفي أقصى تجلياته المتعددة واختلافاته الممكنة، يسمح لنا بتلمسه في أكثر الأشكال نثرية كالرواية والمسرح والقصة وغيرها من أشكال الكتابة الإبداعية، كما يسمح لنا هذا الفهم بتقبل كل ما يمكن أن تسفر عنه تحولات الشعر المحتملة، كالقبول بانتماء الموشحات أو قصيدة النثر أو الكتابة الشذرية أو الومضة، مثلا، إلى حديقته الخصبة، لكن الأمر الذي يفرض نفسه بإلحاح هو أن القبول بانتماء فن أدبي مستحدث أو وافد من ثقافة أخرى إلى جنس الشعر يستوجب أن يتوفر ذلك الشكل على عناصر أو مكونات شعرية ضرورية تمنحه حق الانتماء إلى مملكة الشعر. فسواء أنظرنا إلى الشعر نظرة جدية بكونه فنا نهدف من خلاله إلى تحقيق الفائدة أو المتعة، أو هما معا، أم نظرنا إليه بوصفه مجرد "لعبة لغوية" فإن من الضروري أن تكون له قوانين تميزه عن غيره وتسيّج حدوده، لأن أي فن، ولو كان مجرد لعبة، سيفقد متعته و"جديته" حين انتهاكه أو خرقه والعبث بقوانينه وقواعده الضابطة له.
يلح أكثر نقاد الشعر، القدامى والمحدثين، على ضرورة انتصاب مجموعة من الأثافي كي ينضج قِدْر القصيدة ويخرج الإبداع مستويا ناضجا. وهذه الأثافي تتمثل في الفكرة، والصورة الشعرية، والإيقاع. فالشعر، أولا، فكرة. ولا يمكن تصوره خاليا من أي مضمون مهما كان بسيطا وعاديا، بل إن الفكرة حاضرة لدى أكثر المدارس الأدبية إيهاما بغيابها، كالمدرسة السوريالية التي تبدو للبعض مجرد عبث بالكلمات، إذ إن ذلك العبث وتلك الكتابة الآلية هي فكرة في حد ذاتها، يروم أصحابها إيصالها، وتحضرني هنا عبارة لجبران خليل جبران يقول فيها: «متى أسكرت المرءَ فكرةٌ يحسب التعبير خمرةً». فالفكرة عند جبران هي التي تسكر المتلقي وتدهشه، وإن كان ذوقه سينصرف إلى الإعجاب بجمال الأسلوب وروعة التعبير. وترتبط الفكرة بالرؤيا، إذ إن الشعر الحقيقي لا يقف عند حدود الوصف والشرح للعواطف والانفعالات ورصد الواقع، وإنما تقف وراء كل ذلك خلفية فكرية ضرورية تمنح هذه العناصر قوتها، من جهة، وعمقها، من جهة ثانية، كما تمنحها مسوغات وجودها، أي مشروعيتها من جهة ثالثة.
الشعر، ثانيا، لغة. وهذه اللغة يُفترض فيها أن تكون لغة مجازية، تنزاح عن المألوف من القول، وتخترق أبعاد التعبير السائد، كما أنها تبتعد عن الحرفية والظاهر، وتتكئ على الرمز لتقول به ما لا تفصح عنه الحقيقة، وتتكئ على الإشارة لتتجاوز بها الحدود التي تسيّج العبارة، ولتخلق معاني لم يكن لها إمكان الوجود لولا هذا الانحراف عن المألوف والخرق لقواعد اللغة العادية وركوب الانزياح نحو آفاق شعرية أرحب.
أما ثالث هذه الأثافي فهو الإيقاع. وأعني بالإيقاع تلك الطاقة الموسيقية الحاضرة في القصيدة. وعندما أقول: إن الشعر إيقاع، فإني لا أقصره على الوزن، لأن الإيقاع أعمق وأشمل، خاصة في الأشكال الشعرية المستحدثة الرافضة للقصيدة الموزونة، سواء أكانت عمودية أم تفعيلية. فالإيقاع يضم كل ما تحفل به اللغة من تواز وترصيع وتجنيس وتكرار وغيرها من العناصر الموسيقية التي تعضد الوزن أو تعوضه، وبذلك فهو حاضر في كل أجناس الكتابة وأنواعها مع تفاوت في نسبة تردده داخلها.
- الهايكو بين سؤال الأولية ومحاولة التأصيل العربي:
لا شك سؤال الأولية سؤال سخيف، لأنه سؤال لا يحمل أي قيمة في ذاته، ولأن كل مبدع هو نقطة في خط الزمن الإبداعي، فالفضل لمن أجاد وأبدع وليس لأول من كتب في هذا الفن أو ذاك. ولعل من أعطاب ثقافتنا العربية هذا الهوس بالأولية على حساب الأفضلية، وفق قاعدتنا التراثية المحنطة (الفضل للسابق وإن أبدع اللاحق) أو قولنا الشعبي (اللي فاتك بليلة فاتك بحيلة). فكثير من المبدعين العرب كتبوا ما يشبه الهايكو دون تسميته بذلك، أو أنهم كتبوا نصوصهم تحت تأثيرات فنية أخرى لا موقع للهايكو فيها.
وحتى نفند قيمة "السبق الزمني" نذكر بأنه قد تكون نازك الملائكة أول من كتب الشعر الحر، ولكنها بالتأكيد ليست أفضل من كتبه، وقد يكون أنسي الحاج أول من بشر بقصيدة النثر، لكن ثمارها اليانعة ظهرت في حدائق غيره. وإذا كان شعراء الحداثة قد احتلوا قطار الشعر وخلصوه من التقليدية فـ«ليس ضروريا، بعد احتلال القطار، أن يتخانق الأولاد الذين هاجموه، وأن يختلفوا على اسم من دخل القطار أولا وتاريخ دخوله (...) ولا أهمية أبدا أن يسبق الواحد الآخر بمسافة ذراع أو نصف ذراع، أو ثانية أو جزء من أجزاء الثانية، لأن التجديد في الشعر لا تنطبق عليه قواعد مباريات السباحة (...) وعلى هذا الأساس لا يمكننا القول بأن فلانا هو أول من اكتشف جرثومة الشعر الحر، كما اكتشف أينشتاين نظرية النسبية، والدكتور فليمينغ عقار البنسلين. فمثل هذه الأحكام القاطعة كالسيف لا تنطبق على الشعر.»(1)
بعد سؤال "السبق الزمني" أنتقل إلى سؤال التلقي، إذ يمكننا، من خلال تتبع سريع للمسار الخاص الذي قطعته القصيدة العربية المعاصرة بكافة تلويناتها وأشكالها منذ ما يتجاوز نصف قرن، أن نكشف عن صورة شديدة التعقيد والالتباس، تتكرر فيها السيناريوهات وتتقاطع فيها الرؤى والتصورات وتتباين المرجعيات، فينتج عن ذلك كله ما يمكن أن نسميه ب"جدل المؤتلف والمختلف" في القصيدة العربية المعاصرة، تمييزا لها عن القصيدة الحديثة لأنها مجرد فصل واحد من فصول هذا المسار الشعري الطويل. وحتى أربط الكلام بموضوع مقالتنا، أي فن الهايكو، أستطيع أن أقول إن الهايكو العربي شأنه شأن القصيدة الحرة أو قصيدة النثر أو الشذرة أو الومضة أو غيرها مر من المراحل نفسها وعولج بالقضايا ذاتها، بدءا من مشكل التسمية وحدود العلاقة بين الاسم والمسمى، مرورا بمشكلة التأصيل بحثا عن شكل تراثي شبيه به أو البحث في مدى ما يتيحه من إمكانيات نحو تحقيق التحديث والجدة، وصولا إلى الاستسهال والتهافت والتقليد مما صير التعريف جامعا غير مانع، فأصبح كل نص قصير مدرجا ضمن الهايكو ولو كان مجرد مطلع لقصيدة غير مكتملة أو قصة قصيرة جدا حادت عن مسارها السردي، دون أن يعني ذلك عدم وجود قصيدة هايكو حقيقية ممتلئة بأدواتها الفنية كاملة.
ولعل مشكل الاطلاع على النصوص المترجمة فقط، وتعذر الاطلاع عليها في لغتها الأصلية، واختلاف المنطق الداخلي والإيقاع وبناء الصورة الشعرية في اللغة العربية عن نظيراتها اليابانية عوامل ساهمت في فوضى كتابة هذا النوع، حيث إن النص المترجم يفقد كل مقوماته في لغته الأصلية، حتى في الشعر الحر أو قصيدة النثر، فضلا عن أن جل الترجمات لم تكن مباشرة، أي تمت عن طريق الوسيط الفرنسي أو الإنجليزي ابتداء، قبل أن تقتبس النصوص مباشرة من لغتها اليابانية. من هنا أمكننا القول إن الحديث يدور حول "هايكو عربي" وليس عن هايكو ياباني مكتوب بالعربية، لأن هذا الفن، في سياق المنجز العربي، يفقد أهم مقوم له وهو الإيقاع الذي يقوم على نظام مقطعي وفق الترتيب التالي: (5/7/5)، لأن اللغة العربية ليست لغة مقطعية، بالإضافة إلى فقدانه لخصائصه البلاغية حيث إن فن الهايكو الياباني يخلو من المضمر والمحسنات البلاغية ولا يروم الأبعاد الرمزية، فنجد أصحابه يحرصون على أن يكون المعنى مباشرا يمنع أي تأويل، في حين أن الشعرية العربية شعرية مجاز تحتفي بالصورة وتحتفل بالرمزي والمعنى الثاني.
ولعل هذه الملاحظة ليست خاصة بفن الهايكو، وإنما تنسحب على كثير من مقتبساتنا الفنية، فقصيدة النثر العربية، مثلا، ليس لها من قصيدة النثر الفرنسية إلا الاسم، والشعر الحر العربي ليس له من الشعر الحر الغربي إلا الشكل؛ أي اعتماد البناء السطري عوض الشطرين، بل إنهما متشابهان في الترجمات العربية ولا يمكن تمييز الموزون في لغته الأصلية من النثري.
إن اختيار أشكال فنية جديدة يكشف عن مأزق خطير تعيشه الثقافة العربية منذ عصر النهضة، حيث تسود فكرة متحكمة في الأنساق الفكرية العربية مفادها أن الثقافة العربية – كما يقول عبد الله إبراهيم – هي «ثقافة "مطابقة" وليست ثقافة "اختلاف". فهي في جملة ممارساتها العامة، واتجاهاتها الرئيسة، تهتدي بـ"مرجعيات" متصلة بظروف تاريخية مختلفة عن ظروفها، فمرة تتطابق مع مرجعيات ثقافية أفرزتها منظومات حضارية لها شروطها الخاصة، ومرة تتطابق مع مرجعيات ذاتية تجريدية وقارة متصلة بنموذج قديم.»(2)
إن هذه المطابقات التي توهم بالاختلاف الظاهري والتنوع الثقافي تضمر في العمق تمزقا خطيرا في النسيج الداخلي للثقافة العربية، وأحيانا يكون التسارع نحو اكتشاف أرض نتوهم أنها بكر، وأنه يمكن أن نبني عليها مجدنا الشخصي خدعة وسراب يعدنا بالماء حتى إذا وصلنا إليه لم نجده شيئا، لكن الوعي بوجود هذا السراب، وأننا لا نريد ماء سيكون مفيدا للدفاع عن اختيارنا لهذا الشكل أو ذاك.
لن أعرف فن الهايكو الياباني ببيان أصوله الثقافية ومرجعياته الدينية والحضارية وخصائصه الفنية وأعلامه، لأن ذلك ليس هدف هذه المقالة ولأن دراسات سابقة عنيت بذلك(3) ، لكن يكفي أن أقول إنه فن قديم، كما أشير إلى أن فكرة استعادته الآن لا تمنحه الحداثة المرغوبة، كما أن كتابة الشعر العمودي لن تفعل، لأن الحداثة في عمقها الفلسفي لا تصنع بالتقليد وإنما تفترض الإتيان بشكل جديد تماما، لذا لا يمكن تأسيس حداثة شعرية على فن الهايكو، باعتبار حجمه القصير الذي يسعف في النشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة ربطه بهذه الوسائل باعتبارها منجزات حديثة، لأن استعادة فن الهايكو ليست وليدة الأمس، وإنما تمت في الثقافة الغربية منذ وقت طويل يتجاوز القرن من الزمن، دون أن تسميه كذلك.
أما شعراء العربية المحدثون فقد استفادوا من النصوص القصيرة المترجمة، والمتأثرة بفن الهايكو، ونسجوا على منوالها نصوصا سموها ومضات أو شذرات أو "قصائد قصيرة جدا" أو "لافتات". ومن الأمثلة الدالة ننقل بعض نصوص نزار قباني من "كتاب الحب":
يقول نزار قباني:
ما دمت يا عصفورتي الخضراء
حبيبتي
إذن، فإن الله في السماء(4)
ويقول أيضا:
لأن حبي لك فوق مستوى الكلام
قررت أن أسكت
والسلام(5)
ويقول أيضا:
أجمل ما فيك هو الجنون
أجمل ما فيك – إذا سمحت لي –
خروج نهديك على القانون.(6)
- سؤال القيمة المضافة:
ما الذي يمنح قصيدة الهايكو قيمتها المضافة؟ سنحاول الإجابة عن هذا السؤال بتفكيك مقومات فن الهايكو، وذلك بالإجابة عن الأسئلة الجزئية المتولدة عن هذا التفكيك.
الهايكو فن قصير، يتكون النص فيه من 3 أسطر. لكن لا يمكن تأسيس حداثة هذا الفن على الحجم وحده، لأن التراث الأدبي في جميع الحضارات والأمم عرف أشكالا أدبية قصيرة. وما دام الحديث عن الهايكو العربي أذكر أن التراث العربي عرف ما سمي ب"البيت الواحد"، الذي ألف فيه خليفة محمد التليسي كتابه "قصيدة البيت الواحد"(7) وألف فيه أدونيس "ديوان البيت الواحد"(8) الذي يقول عنه: «هذه محاولة أخرى لبناء سياق مشترك بين ماضي الشعر العربي وحاضره. تنهض هذه المحاولة على قاعدة البيت الواحد. وهو بيت يقوم على الفكرة – الومضة، أو الصورة- اللمحة، أو المعنى- الصورة.
هنا في البيت الواحد، يصفو الإيجاز، وتتكثف حكمة البداهة وبداهة الحكمة. هنا كذلك يرتجل الغامض، وتتعانق الرؤية والشفوية.
- ينفتح مجال آخر لامتحان التجربة، رؤية وكشفا.»(9)
وعرف النتفة والمقطع والألغاز الشعرية، قديما، وصولا إلى القصيدة القصيرة والبرقية واللافتة مع أدونيس ونزار قباني وعز الدين المناصرة وأحمد مطر وغيرهم، أما نثرا فكانت التوقيعات والأمثال والأحاجي وصولا إلى الشذرة والومضة.
الخاصية الثانية لفن الهايكو هي التركيز على الطبيعة. وهذه أيضا لا تمنح الهايكو القيمة المضافة لاعتبارين: الأول أن التراث الشعري العربي مليء بقصائد الطبيعة، من الصحراء الجاهلية إلى حدائق الأندلس، وصولا إلى القصيدة الرومانسية مع مطران وأبي شادي وجبران، والاعتبار الثاني أن الهايكو تخفف من قضية الطبيعة وانتقل لمعالجة موضوعات أخرى فأصبحت الطبيعة أحد موضوعاته وليست موضوعه الأوحد.
الخاصية الثالثة هي المشهدية أو الحياد في نقل المشهد، وهذه أيضا موجودة في كل شعر العالم. ويكفي أن أذكر بيت بشار بن برد:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
أو أحد أبيات المتنبي في وصف معركة الحدث:
أتوك يجرون الحديد كأنما سروا بجياد ما لهن قوائم
الخاصية الرابعة هي المفارقة بين شطري الهايكو حيث يكون هناك انفصال بينهما، وحذف كبير يملؤه القارئ باحثا عن مضمراته. وهذا أيضا موجود في شعرنا العربي خاصة في التورية أو في التشبيه الضمني. سأذكر الأمثلة وسأكتفي بحذف حرف العطف الرابط بين الجملتين:
- لا تنكري عطل الكريم من الغنى
السيل حرب للمكان العالي
- ضحوك إلى الأبطال
وهو يروعهم
للسيف حد حين يسطو ورونق
- سيذكرني قومي
إذا جد جدهم
في الليلة الظلماء يفتقد البدر
بعد تفكيك هذه العناصر الأساسية لشعر الهايكو، وبيان أنها متداولة في الشعر العربي نصل إلى أول قيمة مضافة لفن الهايكو والمتمثلة في أنه فن استطاع تجميع ما تفرق في التراث. فالعناصر الأربعة التي ذكرنا كانت مبثوثة في الشعر العربي ومخبأة داخل النصوص، إلى درجة أنه لا يُنتبه إليها إلى في شواهد البلاغة، صارت بارزة في هذا الفن القصير.
- شعرية الهايكو في أفق ما بعد الحداثة:
لا ينتمي فن الهايكو إلى الحداثة لاعتبارات عديدة، ولعل استدعاءه من قبل فلاسفة كبار أمثال نيتشه يجعله منتميا إلى الأفق الما بعد حداثي. ويمكن شرح هذه النقطة ببيان أن الهايكو الذي تبلور في القرنين 16 ـ 17 سابق على قصيدة النثر زمنيا، مما يجعل العودة إلى ما قبل قصيدة النثر، زمنيا، كسرا للخطية الزمنية التي تقوم عليها فكرة الحداثة والتي ترى أن المستقبل أفضل دائما، وأن الحضارات تسير نحو الأمام، ذلك أن أهم مبادئ الحداثة هو مبدأ الخطية الزمنية.
ولعل هذه العودة الغربية إلى فن الهايكو واستدعائه في هذا السياق الثقافي الجديد تكشف أنه ليس فنا حداثيا، وإنما ينتمي إلى "الوضع ما بعد الحداثي"(10) بتعبير جون فرانسوا ليوتار أو "الحداثة السائلة"(11) بتعبير زيجمونت باومان. ففلسفة "ما بعد الحداثة" ترتكز على التملص من القواعد والأنساق، والمشي على رمال متحركة دائما، والنزوع نحو الحسي والنص السائل غير المنضبط. وسأبرهن على ذلك من خلال السؤال عن سر العودة الغربية لفن الهايكو.
أطرح السؤال أولا: ما هي الظواهر الفكرية والإبداعية التي استعادها الغرب منذ نصف قرن تقريبا. الجواب هو أن هناك استعادة فلسفة نيتشه الذي كان ضد العقلانية الحداثية وضد الأنساق الفلسفية، وأحد أهم معاول هدم هذه الأنساق ومقدمة لكل الفلسفات اللاحقة الرافضة للحداثة.
ويكفي أن نعود لديوان نيتشه(12) الذي عاش خلال القرن التاسع عشر، والذي عاد إلى ثقافة الشرق الأقصى فاستلهم من الثقافة اليابانية والفارسية وكل الروحانيات القديمة لنجد نصوص هايكو مكتملة، ننقل منها ما يكفي لتأكيد فكرتنا.
- غير مؤتلف مع ذاته/ غير راض/ خصيم امرأته الفظة (ص 301)
- في عدادكم/ أنا زيت على الماء/ دائما أنا المنتصر (300)
- لتمضية الوقت/ رمى بلفظة جوفاء/ غير أن امرأة بسببها سقطت (156)
- "الخير والشر انحياز الإله"/ يقول الثعبان/ ويسرع هاربا (87)
- أحبب عدوك/اسمح للسالب أن يسلبك/ المرأة تعرف هذا وتفعله (325)
- كما قططٌ مخدوشة/ قوائمها مقيدة/ مسمومي النظرات يجلسون هنا (318)
- ما نذهب إليه نقتطف بعض عبارات مترجم الكتاب في مقدمته التي يؤكد فيها ما تتسم به قصائد نيتشه من غرابة لا تنسجم مع روح الحداثة والعقلانية الملتصقة بها، ف«قصيدة نيتشه، هي من الكثافة والغرابة والتناقض وتعاقب الأحوال، إذ تولد من ركام الوقت، عندما الذات، حرة من كل قيد، تعدم الحواجز كي تعانق في الكوني ذاتها.»(13) كما أنها قصائده ترفض الخضوع للنسقية وتعلي من قيمة الجسد وما يعتريه من توتر خلاق، وبذلك فهي «قصائد ترفعت عن وسائل العقل النسقي في التدليل، واعتدت بما عانته من توتر الجسد.»(14) ليخلص إلى أن احتدام الصراع بين عنصري هذه الثنائية يرجح كفة ديونيزوس في توتره وانفعالاته، فيقرر أن «هذه الثنائية، ثنائية العقل، البرهاني النسقي – الأبوللوني، والجسد المتوتر المنفعل الديونيزوسي، توضح لنا، ولو إلى حد، حرارة انحياز نيتشه لديونيزوس.»(15)
إن نيتشه الذي لم يبع في حياته إلا نسخا قليلة جدا من كتبه كان يصرح أنه «لن يفهم إلا في فجر الألفية الثالثة». وقد صدق تنبؤه، وها نحن نعود إليه في أفق ما بعد الحداثة الذي أعلن سقوط المحكيات الكبرى، ومنها العقلانية، وأعاد الاعتبار للمهمش واليومي والخيالي.
وإلى جانب استعادة الغرب لفن الهايكو الذي له أصول دينية وفلسفية، واستعادة نيتشه بفلسفته المتمردة على النسق، استعاد الغرب، أيضا، التصوف الإسلامي في شكله الفلسفي الذي كان رافضا للنسق الفقهي والسياسي وممجدا للخيال ولحريته في اختراق العوالم والأمكنة. ولعل الاحتفاء الكبير بابن عربي وجلال الدين الرومي والحلاج في الغرب الآن يكشف عن ذلك، واستعاد الاهتمام بالتصوف اليهودي والتصوف المسيحي الغنوصي.
قد تبدو هذه الفلسفات للقارئ متباعدة في الزمان والمكان، لكنها في العمق منصهرة ومتآلفة ضمن هذا الأفق ما بعد حداثي، لهذا يجب أن ننظر إلى الهايكو في هذا البعد وليس في كونه مجرد شكل قصير يسهل القفز عليه، كما عبرت يوما: (كم صرت قصيرا يا جدار الأدب!). فالمبدع الذي يمتلك وعيا عميقا لا يستسهل الهايكو لقصر حجمه، وإنما يستصعبه لأنه يحتاج إلى زاد كبير لاقترافه. فالله عندما تحدى الكفار بأن يأتوا بسورة من مثل القرآن لم يحدد لهم حجم السورة، فلم يقل في حجم سورة البقرة أو آل عمران، وإنما تركها مطلقة فلم يتجرأوا على ذلك على رغم أن من سور القرآن ما لا يتعدى 3 آيات/ أسطر كسورة الكوثر، أي بحجم قصيدة هايكو.
إن انتماء فن الهايكو إلى فلسفة ما بعد الحداثة جعلنا ننتقل من استعارة البناء إلى استعارة الصيد، فالنقد كان يتحدث عن بناء النص أو بناء القصيدة، بما يضمر دال البناء من مستلزمات واقتضاءات، منها أنه يستلزم النسق والتصميم والثبات والتنظيم والعقلانية والتوقع وينسجم مع السرديات الكبرى التي حكمت العالم فكريا وسياسيا، أما استعارة الصيد التي أصبحت تُتداول اليوم تحت عبارات مثل: اقتناص اللحظة، وصيد فكرة جديدة، مع ما يستلزمه الصيد من متعة عابرة وعدم اهتمام بما تمت حيازته. لقد صرنا، حتى في الأدب، «نفضل فعل الصيد على الفوز بالغنيمة.»(16) ولم تعد كتابة نص شعري بناء وإنما مجرد صيد نص قصير وبسيط، وبذلك صار فن الهايكو صيدا، و«الصيد كالمخدر، فما إن يجربه المرء حتى يتحول إلى عادة وضرورة وهوس؛ فاصطياد الغنيمة يعتبر نهاية مخيبة للآمال، إنه يزيد من جاذبية جولة أخرى من الصيد، ما دامت الآمال المصاحبة لفعل الصيد هي أمتع ما في الأمر، (والشيء الوحيد الممتع؟) وهكذا، فإن اصطياد الغنينة ينذر بنهاية الإثارة – تعزيز الآمال؛ فالطريقة الوحيدة لتخفيف الإحباط هي التخطيط الفوري لمغامرة الصيد التالية والشروع فيها.»(17)
لقد أصبح شعراء ما بعد الحداثة، ومنهم كتاب الهايكو، مشغولين إلى درجة الهوس بالتفكير في مدى اختلاف المنجز القادم عن سابقه، والإتيان "بما لم يستطعه الأوائل" – كما قال أبو العلاء المعري - فأصبحنا، تبعا لذلك، «لا نتحدث عن تحول النموذج ولا عن تعديله، فمن الأدق أن نتحدث عن بداية عصر "ما بعد النموذج".»(18)
من خلال هذا التحليل الذي نروم القيام به، عن طريق الربط بين الهايكو وما بعد الحداثة، يمكن أن نسقط كثيرا من الظواهر الثقافية والاجتماعية على هذا الفن، لأنه أحد تجلياتها، وإن كان الأقل بروزا، فهو مثل كل تلك الظواهر التي صارت تتألف اليوم «من العروض المغرية لا من التحريمات، إنها من الاقتراحات لا من القواعد. وكما لاحظ بيير بورديو فإن الثقافة اليوم تنخرط في وضع إغراءات ومفاتن، بالسحر والإغواء لا بالضبط والربط.»(19)
إن ما سبق رصده من سياقات معرفية متحولة تحيط بكافة أشكال الإبداع الجديد يؤكد أن فن الهايكو المعاصر، باعتباره ينتمي إلى هذا الوضع ما بعد الحداثي، لا ينزع نحو الثبات بقدر ما يطمح في أن يكون أحد الأشكال المتداولة ضمن جنس الشعر، لذلك نجد أن منتجيه يلحون على أنه مجرد مقترح جمالي يضاف إلى الأشكال السابقة، كشعر التفعيلة وقصيدة النثر وغيرها، وأنه ليس نموذجا وحيدا لقصيدة العصر وليس بديلا لأي فن آخر، وأنه فن متحول بدليل أنه قد تخلى، في صيغته المعاصرة، عن كثير من مقوماته التي كانت له عند التأسيس بما فيها صرامته الإيقاعية واقتصاره على معالجة موضوع الطبيعة.
- الهايكو، جدل الجمالي والمعرفي:
يكتسب النص الأدبي مكانته وقيمته من ذلك التواشج القوي بين البعد المعرفي والبعد الجمالي، لكن وهم الفصل بين هذين البعدين جعل الكثير من الدارسين والنقاد ينظرون إلى النص الأدبي على أنه تحفة فنية أو مجرد حلية أو زينة لغوية وبلاغية. وقد انطلت هذه الحيلة على المبدعين أيضا، فأصبح هوسهم وأقصى طموحاتهم هو إنتاج نص جميل ومدهش، فغاب بذلك سؤال العمق المعرفي الذي يحمله النص، إلى درجة أن كثيرا من الشعراء يمكن أن نسم شعرهم بالوصف الذي أطلقه شوقي ضيف في كتابه "دراسات في الشعر العربي المعاصر" على شعر علي محمود طه، وذلك حين عنون الفصل الخاص به ب"ضجيج الألفاظ الخلابة عند علي محمود طه"(20) .
ولعل هذا الجدار العازل بين الجمالي والمعرفي جعلنا نرى في النص الأدبي مجرد حلوى لذيذة وخلابة المنظر، دون الانتباه إلى ما قد يُمرر من أفكار عبرها قد لا ينتبه إليها القارئ. ويكفي أن أشير هنا إلى ما قاله إدوارد سعيد في "الثقافة والإمبريالية" حين تحدث عن رواية "كيم" ل"كپلنغ" فقال: «هي رواية عظيمة، وعمل امبريالي بعمق.»(21)
وحتى أوضح الفكرة أكثر يمكن أن أبين كيف يمكن تمرير النسق الفكري عبر لغة جميلة وخلابة. وأستحضر في هذا السياق بيتين للمتنبي العظيم يقول فيهما:
أين أزمعت أيهذا الهمام نحن نبت الربى وأنت الغمام
- أنّا إذا ارتحلت لك الخيـ... ـل وأنّا إذا نزلت الخيام
لا شك أنه كلام حلو ولذيذ، يقطر شهدا بلاغيا، نعجب بتشبيهاته البليغة وباستعاراته ومحسناته البديعية وبإيقاعه الداخلي والخارجي، لكننا نغفل عن دوره في "صناعة الديكتاتور العربي" عبر التاريخ. وإذا ما بحثنا في مضمرات هذا النص وجدنا ما يلي:
العلاقة العمودية بين الحاكم والمحكوم؛ فالحاكم في السماء (الغمام) والمحكوم في الأرض (نبت الربى). وإذا ما تعمقنا في هذه الاستعارة التصورية الاتجاهية، واعتمادا على التحليل الأسطوري بدا لنا الحاكم ذكرا، فالسماء ذكر لأنها الأعلى والفاعل والمؤثر وتملك ماء (معادلا لمني الرجل) والأرض هي الأنثى لأنها الأسفل والمنفعل والمؤثر فيه وتحتاج إلى الماء للإنبات (الولادة) فعلاقة الحاكم بالمحكوم كعلاقة الرجل بالمرأة في الثقافة التقليدية تصل حد الاستعباد.
الحاكم راكب، والمحكوم مركوب بإرادته ورغبته عبر حرف التمني (ليت أنّا لك الخيل). ومثل هذه النصوص كثير في كافة الآداب العالمية، مما يؤكد أن العمل الإبداعي محمل بقدر كبير من المواقف والمعارف التي يمكن إيصالها إلى اللاوعي الفردي أو الجمعي في قالب فني جميل، فتمر بسلاسة ويسر وبإعجاب شديد أحيانا.
بإسقاط هذه الفكرة على فن الهايكو يمكن القول إن هذا الفن القصير يمتلك طاقة مهمة على تحقيق التكثيف عن طريق شحن النص بمضمرات كثيرة تمنحه إمكانية القراءات المتعددة، فيصبح بذلك نصا لا يستنفده التأويل ولا تنقضي دلالاته، أما إذا لم يتحقق له التكثيف اللازم فإنه سيكون مجرد نص تجريبي شكلي فارغ، يتمركز حول ذاته، ويُنسى بمجرد الانتهاء منه قراءة وكتابة، على عكس النصوص المكثفة التي لا نزال نرددها من مثل قول ابن عربي: "المكان الذي لا يؤنث لا يعول عليه" أو قول النفري: "كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة" هذه الجمل المكثفة التي صارت نواة لنظريات في تمجيد المؤنث أو في علاقة الفكر بالتعبير، حيث نوّع شعراء كثيرون على عبارة النفري، ضمن أبيات قوية ترصد عجز اللغة عن التعبير، جمع بعضا منه أحمد المجاطي ووسمها ب"الغربة في الكلمة"(22) ، بالإضافة إلى التنويع عليها عندما قال:
تسعفني الكأس ولا
تسعفني العبارة (23)
في إعادة صياغة واضحة لجملة النفري، فضلا عما أسسه أدونيس من تنظيرات حول كون الشعر رؤيا، وهو يطوف حول هذه العبارة.
لعل هذه المسألة الأخيرة، أي تكثيف المعاني والدلالات والجمع بين الجمالي والمعرفي/ الموقف، ستكون أهم قيمة مضافة لفن الهايكو إذا ما كان أصحابه يعتبرونه مشروعا جماليا هدفه كتابة فن جميل ومفيد، أما إذا استسلم شعراء الهايكو لشهوة وسائل التواصل الاجتماعي القاتلة، وانساقوا وراء فعل الصيد دون تفكير في كسب الغنيمة، فإنه سيكون موضة عابرة لا تحدث أثرا.
قائمة المصادر والمراجع:
1. أحمد المجاطي، ظاهرة الشعر الحديث، شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء ـ المغرب، الطبعة الأولى 2002
2. أحمد المجاطي، الفروسية، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية، الطبعة الأولى 1987
3. إدوارد سعيد، الثقافة والإمبريالية، ترجمة كمال أبو ديب، دار الآداب، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية 1998
4. أدونيس، ديوان البيت الواحد، دار الساقي، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 2010
5. جون فرانسوا ليوتار، الوضع ما بعد الحداثي، ترجمة أحمد حسان، دار شرقيات للنشر والتوزيع، القاهرة – مصر، الطبعة الأولى 1994
6. خليفة محمد التليسي، قصيدة البيت الواحدـ دار الشروق، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى 1991
7. شوقي ضيف، دراسات في الشعر العربي المعاصر، دار المعارف، القاهرة – مصر، الطبعة الخامسة 1974
8. عبد الله إبراهيم، الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، تداخل الأنساق والمفاهيم ورهانات العولمة، المركز الثقافي العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى 1999
9. فريدريش نيتشه، ديوان نيتشه، ترجمة محمد بن صالح، منشورات الجمل، بيروت ـ بغداد، الطبعة الثانية 2009
10. كتاب الهايكو، ترجمة وتقديم محمد عضيمة وكوتا- كاريا، دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر، دمشق – سورية، الطبعة الأولى 2010.
11. هنري برونل، أجمل حكايات الزن يتبعها فن الهايكو، ترجمة محمد الدنيا، سلسلة إبداعات عالمية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 353، أبريل 2005
12. نزار قباني، قصتي مع الشعر، منشورات نزار قباني، بيروت ـ لبنان، الطبعة السابعة، 1986
13. نزار قباني، كتاب الحب، ضمن الأعمال الشعرية الكاملة، ج1، منشورات نزار قباني، الطبعة 14، 1998
14. زيجمونت باومان، الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 2016
15. زيجمونت باومان، الثقافة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 2018
نص المداخلة التي ألقيتها في ندوة (في ضيافة فن الهايكو) التي نظمها الصالون الأدبي التابع لـ"مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية" بوجدة، بتاريخ 23 فبراير 2019
هوامش:
(1) ـ نزار قباني، قصتي مع الشعر، منشورات نزار قباني، بيروت ـ لبنان، الطبعة السابعة، 1986، ص 68
(2) ـ عبد الله إبراهيم، الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، تداخل الأنساق والمفاهيم ورهانات العولمة، المركز الثقافي العربي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى 1999، ص 7
(3) ـ للتوسع في معرفة فن الهايكو، انظر:
ـ كتاب الهايكو، ترجمة وتقديم محمد عضيمة وكوتا- كاريا، دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر، دمشق – سورية، الطبعة الأولى 2010.
ـ أجمل حكايات الزن يتبعها فن الهايكو، تأليف هنري برونل، ترجمة محمد الدنيا، سلسلة إبداعات عالمية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 353، أبريل 2005
(4) ـ نزار قباني، كتاب الحب، ضمن الأعمال الشعرية الكاملة، ج1، منشورات نزار قباني، الطبعة 14، 1998، ص 737
(5) ـ المرجع نفسه، ص 772
(6) ـ المرجع نفسه، ص 768
(7) ـ خليفة محمد التليسي، قصيدة البيت الواحدـ دار الشروق، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى 1991
(8) ـ أدونيس، ديوان البيت الواحد، دار الساقي، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 2010
(9) ـ المرجع نفسه 2010، ص 5
(10) ـ جون فرانسوا ليوتار، الوضع ما بعد الحداثي، ترجمة أحمد حسان، دار شرقيات للنشر والتوزيع، القاهرة – مصر، الطبعة الأولى 1994
(11) ـ زيجمونت باومان، الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 2016
(12) ـ فريدريش نيتشه، ديوان نيتشه، ترجمة محمد بن صالح، منشورات الجمل، بيروت ـ بغداد، الطبعة الثانية 2009
(13) ـ انظر مقدمة المترجم محمد بن صالح ل"ديوان نيتشه"، ص 5
(14) ـ المرجع نفسه، ص 7
(15) ـ المرجع نفسه، ص 5
(16) ـ زيجمونت باومان، الثقافة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 2018، ص 32
(17) ـ المرجع نفسه ، ص 32 - 33
(18) ـ المرجع نفسه، ص 20
(19) ـ المرجع نفسه، ص 21
(20) ـ شوقي ضيف، دراسات في الشعر العربي المعاصر، دار المعارف، القاهرة – مصر، الطبعة الخامسة 1974، ص 195
(21) ـ إدوارد سعيد، الثقافة والإمبريالية، ترجمة كمال أبو ديب، دار الآداب، بيروت – لبنان، الطبعة الثانية 1998 ، ص 10
(22) ـ أحمد المجاطي، ظاهرة الشعر الحديث، شركة النشر والتوزيع المدارس، الدار البيضاء ـ المغرب، الطبعة الأولى 2002، ص 66
(23) ـ أحمد المجاطي، الفروسية، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية، الطبعة الأولى 1987، ص 64