يخلص الباحث إلى أن تعالق الأنساق المنهجية في النقد العربي والمغربي يمكن النظر إليها من زاويتين: أولاهما تتعلق بالممارسة الثقافية العربية التي يطغى عليها "التمثل"، و"الاستهلاك"، وتغيب عنها شروط المثاقفة القائمة على الإبداع والإضافة. وتتعلق ثانيتهما بـ"التطور اللامتكافئ" للمناهج النقدية، بين العالم العربي وأوروبا.

تعالق الأنساق المنهجية في النقد المغربي الحديث

محمد مريني

 

ملخص
ينطلق هذا البحث من السؤال التالي: هل يمكن الحديث داخل النقد المغربي، والعربي عموماً، عن اختيارات منهجية خالصة: اجتماعية، أم تاريخية، أم شكلانية أم غيرها؟ الجواب المفترض لهذا السؤال هو أن الممارسة النقدية لهؤلاء النقاد كانت دوما مفتوحة على حساسيات منهجية مختلفة، حتى وإن سلمنا بوجود اختيار منهجي نوعي مهيمن يضمن حدا أدنى من الاتساق والانسجام: وهذا ما سميناه من خلال العنوان "ظاهرة تعالق الأنساق المنهجية". لتأكيد هذه الفكرة سنعمد إلى تقديم مدخل عام نناقش من خلاله الظاهرة المذكورة؛ وذلك في علاقتها بـ"التطور اللامتكافئ" للمناهج النقدية في العالم العربي. وإذا كان الحديث عن هذه الظاهرة في تجلياتها الفكرية والثقافية العامة قد يحتاج إلى عمل موسع، فإننا سنقف في القسم الأول من البحث عند حقل معرفي محدد، هو النقد الأدبي المغربي في العقدين السابع والثامن من القرن العشرين؛ الذي عرف تضايف ثلاثة توجهات منهجية: الماركسية، والشكلانية، والبنيوية. أما في القسم الثالث من البحث فسنعرض لتجربة أحد النقاد المغاربة، الذين كتبوا نقدا يمكن تأطيره -مبدئيا- ضمن المقاربة الشكلانية. لكنها ليست شكلانية خالصة؛ بل جاءت متلبسة بمعطيات نقدية من مرجعيات اجتماعية، وبنيوية على وجه الخصوص.

مدخل:
أشار العديد من الدارسين والمفكرين العرب إلى ما يميز اتجاهات التفكير في العالم العربي من تجاذب وتقاطب. إن مركز التوجيه والاستقطاب ليس واحدا في كل مرحلة تاريخية؛ بل غالبا ما نجد المشاريع الثقافية المتقابلة تتجاذب، ويتحين كل منها الفرصة للهيمنة، وإقصاء المشروع الآخر. يرى الأستاذ عبد الله العروي في هذا الإطار أن “المجتمع المغلوب على أمره، المسيطر عليه، هو مجتمع مشتت في ذاته، مقطوعة فيه علائق التسبب، فتتجاور فيه الأزمنة والعقبات التاريخية والفئات المتحجرة الدائمة التوالد... إلخ. فالقاعدة الاقتصادية تتوزع إلى مجالات متفاوتة المعاصرة، والفئات الاجتماعية ترتبط إلى قواعد اقتصادية مختلفة والإيديولوجية تنتمي إلى أصول تاريخية متنافرة. تبقى هناك علاقات بين القاعدة الاقتصادية، والفئات الاجتماعية، والإيديولوجية، لا شك في ذلك، لكنها تفقد صبغة المباشرة والتطابق ويزداد دور المستويات التوسطية"[1].

كما تناول بعض الدارسين هذه الظاهرة في علاقتها بالنخب العربية، التي يفترض أن تضطلع بدور نقل وتفعيل المشاريع الثقافية الوافدة إلى العالم العربي. لقد بقيت هذه المشاريع حبيسة النخبة، ولم تتسرب إلى الفئات الشعبية. النخبة في الغرب مسايرة في اتجاهها العام لحركة الفئات الشعبية ولا تمتاز الأولى عن الثانية إلا في كونها متقدمة عنها خطوة إلى الأمام لكن في الاتجاه الواحد: "فالنخبة في الغرب ابنة تجربته وحضارته وهي إن نزلت لفئاته الشعبية من خارجها إلا أنه نزول من فئات أعلى تنتسب إلى المجتمع نفسه وإلى الحضارة نفسها. أما النخبة في بلادنا فسمتها أنها هبطت من خارج المجتمع على فئاته الشعبية"[2].

إن العناصر التي تلحم البنيات الثقافية في الغرب مفتقدة في العالم العربي؛ ذلك أن الاختلاف هو ما يسم هذه العلاقة. ولعل أهم ما يمكن تقديمه في هذا المضمار لإبراز أوجه التباين المعرفي، هو الإشارة إلى أن النظريات الوافدة من الغرب تبقى محصورة لدى "النخبة"، ولا يتأتى لها التسرب إلى النسيج الاجتماعي العربي العام. يمكن الإشارة هنا إلى النظريات السياسية والفلسفية والفنية التي “انتقلت” إلى العالم العربي، لكنها بقيت حبيسة نخبة محددة، وسرعان ما يتم الانتقال منها إلى غيرها من النظريات دون أن تكون النظريات التي انتقلت إلينا، في وقت سابق، قد حققت شيئا ما على صعيد البناء العام للمجتمع.

حيث أننا نجد أن العلاقة مع الغرب صارت تأخذ أبعادا أخرى منذ عصر النهضة، لكن اختلاف البنيات الثقافية التاريخية، وعوائق التفاعل البنيوية، تحول دون جعل عملية التواصل الثقافي تتحقق بالصورة الملائمة. لا نريد الوقوف عند هذه النقطة لتحليل العوامل المعيقة للتفاعل، وأسبابها الجوهرية. لكن ما يمكن استنتاجه هو أن عملية الانفتاح حين يضطلع بها أشخاص، يصطدمون في الغالب ببنيات اجتماعية وثقافية غير "مؤهلة" للتفاعل السريع مع ما يتم نقله. ولا يمكن هنا التوقف فقط عند الشروط البنيوية الموضوعية التي تستصعب قبول الجديد، بل لابد من الوقوف أيضا عند "طريقة" النقل، لأننا سنجد لها، باعتبارها شروطا ذاتية، دخلا كبيرا في عدم تحقق المراد من النقل[3].

إذا كان الحديث عن هذه الظاهرة في تجلياتها الفكرية والثقافية العامة قد يحتاج إلى عمل موسع، فإننا سنقف هنا عند حقل معرفي محدد، هو النقد الأدبي، بل عند ناقد واحد هو الناقد المغربي إبراهيم الخطيب. سنبين من خلال الآتي كيف تعالقت العناصر النقدية الماركسية مع العناصر الشكلانية والبنيوية في تجربته النقدية، في فترة زمنية واحدة تقريبا هي العقدين السابع والثامن من القرن العشرين. لكن، قبل تفصيل الحديث في الموضوع، نقف في البداية عند الأنساق النقدية التي ستتعالق في الخطاب النقدي لإبراهيم الخطيب

القسم الأول: تعالق المرجعيات المنهجية في النقد المغربي الحديث
المرجعية الماركسية

يمكن الإشارة هنا إلى السياق الثقافي العام الذي كان يسلم في العقدين السابع والثامن من القرن العشرين بالقدرات التفسيرية والتحليلية للفلسفة الماركسية وإذا كان الأستاذ عبد الله العروي قد أشار في كتابه “الإيديولوجية العربية المعاصرة” منذ وقت متقدم (النسخة الفرنسية 1967) إلى أهمية تعريب المفاهيم الماركسية، وتقديمها في دراسات عينية حول جوانب متعددة من تاريخنا وواقعنا[4]، فإن بعض المفكرين العرب قدموا مشاريع لقراءة التراث العربي الإسلامي استنادا إلى المرتكزات النظرية للمادية الجدلية. هكذا نعثر في كتابات الطيب تيزيني على ما يسميه "دليل عمل منهجي عام في البحث التراثي"[5]، وهو دليل يعتمد على المادية التاريخية باعتبارها حسب تعبيره "آلة علمية"[6].

أما حسين مروة فقد بحث عما يسميه “النزعات المادية” في الفلسفة الإسلامية منطلقا في ذلك من نظرة متعصبة للمادية التاريخية باعتبارها “مفتاح الحقيقة كاملة"[7] على حد تعبيره!

وقد شكلت هذه الشروط الثقافية والسياسية والاجتماعية الخلفية المناسبة لظهور النقد السوسيولوجي بتنويعاته المختلفة. وهكذا سيجد الناقد المغربي في الفلسفة الماركسية المرتكزات النظرية والإجرائية لربط النص بالواقع.

وقد كان النقد المشرقي في البداية هو الوسيط في تقديم هذه المرتكزات. وذلك لأن النموذج النقدي المشرقي ارتبط في أذهان النقاد المغاربة -على حد تعبير أحد نقاد المرحلة- "بالوضعية الميثيولوجية للمشرق الذي يثور، ممثلا في بعض الأسماء: محمد مندور، محمود أمين العالم، لويس عوض، إلخ. ومع كثرة القراءة، استقرت هذه الأسماء كنماذج في الذاكرة، وفي اللاوعي"[8]. لذلك لم يكن من الغريب أن نلاحظ ، منذ الستينات، حضورا لبعض مقولات الخطاب السوسيولوجي من قبيل "الواقعية"، "الالتزام"، الإيديولوجيا... إلخ. يقول عبد المجيد بن جلون في نص يعود إلى سنة 1966: "إن الغرض من القصة في نظري أن تصور في عين القارئ حياة واقعية بكل ما في هذه الحياة من غنى وأصالة"[9].

كما نجد في هذه الفترة بعض المحاولات للتنظير لمفهوم الواقعية في الأدب. يقول مبارك ربيع: "فالواقعية مهما تعددت مذاهبها وتنوعت في التفاصيل والجزئيات، فإنها على العموم تنزع إلى تصوير الواقع كما هو أو تسير في هذا الطريق […] ومثل ذلك يقال عما تفرع عن الواقعية، كالواقعية النقدية التي لا تهتم فقط بتصوير الواقع بل تنقده وتعمل لإصلاحه بطريقة إنسانية شاملة"[10].

أيضا يؤكد الأستاذ محمد برادة منذ سنة 1969 دور الأديب في تحمل "المسؤولية للمشاركة في رصد التحولات ودلالاتها والإلمام بالقيم الجديدة واستيحائها، ومعارضة الواقع المتجمد المعرقل لتفتح ونمو قدرات الإنسان وإبراز خاصية تطبع هذا الصنف من الأدباء هي التعبير الواعي الباحث عن التجديد الذي تفرضه اللحظة التاريخية لمواكبة العصر وتطوراته"[11].

وابتداء من أواسط العقد السابع سيغدو اتصال الناقد المغربي بالمرجع السوسيولوجي الغربي اتصالا مباشرا، بعد أن كان للنقد المشرقي، في الستينات، دور الوسيط، وثمة شهادات لبعض النقاد المغاربة تؤكد ذلك. فقد تحدث الناقد إدريس الناقوري عن تأثير المصادر السوسيولوجية الغربية في إنتاجه النقدي فقال: "من الطبيعي جدا أن يكون هناك تلاقح أفكار، وأن نتأثر بما يأتينا من الغرب، وأن نحاول الاستفادة من كل منجزات العلم الحديث والمناهج الحديثة. وبالنسبة لي شخصيا فقد قرأت أيضا لبعض أقطاب هذا المنهج، وخاصة منهم ألتوسير وبارت وغولدمان وكنت متأثرا بغولدمان الذي كان أقرب هؤلاء لي […] والمحاولات التي قمت بها في هذا الصدد كانت بتأثير من منهج غولدمان وبنيويته. على أنني كنت دائما أحاول أن أكون علميا ما أمكن في تطبيقاتي النقدية"[!][12].

كما يشير في مكان آخر إلى تأثره بكتابات جورج لوكاتش وبتحليلاته للرواية والقصة القصيرة، وخاصة للرواية الأوربية (الفرنسية والألمانية)[13].

يتحدث أيضا عن اهتمامه بآراء رونيه جيرار في تحليله لبعض النماذج الروائية وإن كان لم يستجب له –على حد تعبيره- "نظرا لنزعته التجريدية المغلقة"[14].

يشير الناقوري في المصدر نفسه إلى تجربة إبراهيم الخطيب، ويلاحظ أنه يستمد الكثير من ألتوسير: "فكل المفاهيم التي اعتمدها الخطيب في بعض دراساته [….] كان متأثرا فيها بكثير من الإنجازات أو الدراسات أو الكتب التي ألفها ألتوسير"[15].

أما الأستاذ نجيب العوفي فقد أشار هو الآخر إلى استفادته من بعض النقاد أمثال لوكاتش، وغارودي، وفيشر، وغرامشي، وطومسون، وريتشاردز، وأوستن وارين، ورينيه ويليك... لكنه أشار إلى أن هذه "الاستفادة تبقى أساسا مرتبطة بالمنهج الجدلي وموظفة له بل ونابعة منه"[16].

وإذا كان –في موضع آخر- قد أشار إلى تعدد مراجعه الفكرية بين التاريخ وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد وعلم النفس وعلم اللغة، فإنه يعتبر "الماركسية –اللينينية مرتعا خصبا لالتقاط معظم هذه المفاتيح واستحصال معظم تلك المعارف"[17].

وكان لبعض المنابر الثقافية، مثل "اتحاد كتاب المغرب"، مساهمة أساسية في توجيه النقد والأدب عموما اتجاها إيديولوجيا وتحريضيا؛ فقد نظم هذا المنبر سنة 1972 ندوة في موضوع "الثورة الثقافية"، وأشار رئيس الاتحاد يومذاك، عبد الكريم غلاب، إلى دور الثقافة في التغيير. إذ لم يعد معنى الثقافة اجترار الأفكار القديمة أو ابتداع أفكار جديدة في انعزال عن الحياة وعن الشعب الذي يمارس الحياة. وانتهى إلى القول: إن المشاركة العملية هي التي تعطي للثقافة طابعها العملي وطابعـها الإنساني والأخلاقـي معـا[18].

كما تحدث عباس الجراري في الندوة نفسها عن "الثورة والثقافة والوطنية". ووصف هذه الثورة بكونها "معركة إيديولوجية تستمد قوتها وروحها من الجماهير، لتخدمها ولتحارب المستغلين والمحتكرين والوصوليين، ولتكشف الحقيقة وتفضح الفساد وتقاوم التزييف والتزوير، ولتصون استقلال الأمة وتحفظ شخصيتها وتذود كرامة المواطنين"[19]. وهناك عامل آخر له أثره في هيمنة هذا الخطاب النقدي الإيديولوجي، يتمثل في التطور النسبي للصحافة الأدبية خاصة في شكل ملاحق ثقافية تابعة للصحف الوطنية اليومية مثل "المحرر الثقافي"، و"العلم الثقافي"... مما أدى إلى ظهور صراع بين الخيارات الفكرية والعقائدية المختلفة، كثيرا ما كانت تأخذ شكل مهاترات ومساجلات ساخنة، لعل أبرزها وأطولها السجال الذي دار أواخر سنوات السبعين بين نجيب العوفي وحسن الطريبق.

المرجعية الشكلانية
ابتداء من أواخر سنوات الستين، سيعبر النقاد المغاربة صراحة عن تطلعهم إلى خطاب نقدي جديد، متحرر من سلطة الإيديولوجيا. إذ بدأت تتبلور تصورات جديدة في مقاربة النصوص الأدبية وهي تصورات استهدفت بالأساس تحرير الأدب من تبعيته للسياسي والإيديولوجي، وتخليص النصوص من القراءات التبسيطية والاختزالية، وفك الارتباط الحميمي بين النص ومرجعه الخارجي.

ستجعل هذه الظروف الناقد المغربي يعتمد على المرجع الغربي، وستكون هذه الفرصة التي سيتخذ فيها المبادرة لتنويع مراجعه إلى جانب المرجع العربي المشرقي، خاصة بعد ترجمة أعمال الشكلانيين الروس إلى اللغة الفرنسية، إذ ظهرت ترجمات كتب مثل: نظرية الأدب، نصوص الشكلانيين الروس[20](1965)، و"مورفولوجية الخرافة"[21] لفلاديمير بروب (1970)، و"نظرية النثر"[22] لشلوفسكي (1973). وسينكب النقاد المغاربة على المرجع الفرنسي دراسة وترجمة، وسيتحدث بعضهم عن "الكتابة بواسطة الغرب"[23] وأن "الغرب جزء من كياننا الأنطلوجي"[24]. وكان هناك إقرار واعتراف من عدد من النقاد المغاربة بتأثرهم بالغرب. فهذا محمد برادة يصرح بذلك فيقول: "لا بد من الاعتراف ونحن على بضع كيلومترات من أوربا وخاصة من فرنسا ... أننا تأثرنا نحن أيضا وكل الأدب العربي المعاصر بهذه المناهج"[25].

انصب هذا التواصل المنهجي مع الغرب في البداية على الخطاب الشكلاني. وترجمت في هذا السياق عدة نصوص. وأصبح هذا الخطاب يحظى بقوة تداولية داخل المشهد النقدي المغربي، خاصة بعد انفتاح المؤسسة الجامعية، على المناهج الجديدة، حيث أضحت هذه المؤسسة أشبه ما يكون "بورشة علمية لاختيار وتجريب المناهج وطرائق القراءة والتحليل... وهذا ما جعل الجامعة دالة كبيرة على الحركة النقدية [...] ولعل أوضح قرينة على هذه الدالة الجامعية أن جل المشتغلين في النقد والمنشغلين به منذ الانطلاقة النقدية في الستينات إلى الآن هم من أساتذة الجامعة، وطلابها وخريجيها"[26].

كما ظهرت بعض الكتب التي تعنى بتعريف القارئ العربي بالشكلانية البنيوية مثل كتاب "نظرية البنائية في النقد الأدبي" للدكتور صلاح فضل[27]، وكذا كتاب "الأسلوب والأسلوبية نحو بديل ألسني في نقد الأدب" للدكتور عبد السلام المسدي[28].

المرجعية البنيوية:
سيصبح المثقف المغربي في العقد الثامن، وما بعده، مشدودا أكثر إلى قيم العلم والتقنية والاختبارية، مع نزوع واضح إلى دراسة الظواهر بحسب تشخصها المادي والاستعداد لتوظيف المعرفة العلمية في المجالات المادية وغير المادية، والحرص على النظرة التركيبية والكلية للظواهر والأشياء. سيتعرف النقاد المغاربة في هذا السياق الثقافي على المناهج الجديدة. وقد كان لعامل المثاقفة مع الغرب دور كبير في هذا التحول؛ سواء من خلال الاتصال المباشر أم من خلال الاعتماد على الوسيط المشرقي. وهذا ما يذكره أحد رواد هذا الخطاب بقوله:

"ما حاولنا انجازه، إذن هو أن نقدم بعض الترجمات التي تلقي الضوء على المنهج البنيوي التكويني وعلى المنهج البنيوي وأخرى تتصل بالمنهج التحليل النفسي والمنهج السيميائي. جملة من الأساتذة ساروا في هذا الاتجاه وبدأوا يدرسون هذه المناهج بالاستناد، مباشرة إلى أصولها ودفع الطلبة إلى قراءة تلك النصوص باللغة الأجنبية. من هنا جاء هذا التحول مقترنا، أيضا، بعودة عدد من الأساتذة من أوربا والمشرق، وبسعي الكليات إلى اكتساب نوع من المشروعية العلمية. ومن ثم بدأ هذا التدريس يتخذ كخلفية له المرجعيات العلمية لهذا النقد"[29].

يمكن الإشارة هنا إلى الدور الذي قامت به بعض المجلات المشرقية في التعريف بالمناهج الجديدة. أشير بالتحديد إلى بعض المقالات التي صدرت مترجمة بمجلة "مواقف"[30]، وهي من المجلات التي كان لها السبق في التعريف بالمناهج الجديدة. كانت هذه المجلة جد مقروءة في المغرب آنذاك.

وعموما يمكن القول أنّ انتقال النموذج التحليلي البنيوي إلى النقد العربي تم بواسطة ثلاث طـرق: عرض الكتب والمقالات والنظريات، والترجمة، والتنظير[31]. ولا شك في أن هذه المادة المترجمة في المشرق كانت تقرأ من طرف نخبة من النقاد المغاربة، لكن هؤلاء النقاد سيأخذون بعد ذلك زمام المبادرة للتواصل المباشر مع الثقافة الغربية، بعد أن كان للنقد العربي المشرقي دور الوسيط في إنجاز هذا التواصل. ويعود هذا التحول إلى عوامل متعددة، منها أن المشرق العربي لم يعد يمارس تأثيرا كبيرا في الساحة الثقافية عموما، ويصدق ذلك أساسا على مصر التي كانت تعيش تداعيات هزيمة يونيو 1967 على جميع المستويات المادية والمعنوية؛ بالإضافة إلى أنها خضعت لاختيارات سياسية واقتصادية بعد سنة 1970 عزلتها نسبيا عن العالم العربي، مما أدى إلى ركود الحياة الثقافية، خاصة مع تعرض المثقفين لشتى أنواع المضايقات، تمثلت أساسا في توقف كثير من المجلات والمنابر الثقافية التي كان لها دور أساس في توجيه الحركة الثقافية في العالم العربي.

كما أن الحرب الأهلية التي عاشتها لبنان لم تعد تسمح لها بالقيام بدور ثقافي متميز. ويمكن نفس الملاحظة نفسها على العراق التي حالت حربها مع إيران دون أن تقود الحركة الثقافية في العالم العربي[32]. وكان الإعلام الصحفي من جهته يواكب هذا الانفتاح من خلال ترجمة مقالات لنقاد فرنسيين؛ تمثلوا الخطاب الشكلاني، أمثال: بارت، تودوروف، جينيت... إلخ. وأصبحت المصطلحات ذات المرجعية البنيوية مهيمنة على الخطاب النقدي المغربي، مصطلحات مثل: التحليل، الوصف، النسق، البنية، الأدب... الخ.

وقد خصصت بعض المجلات المغربية أعدادا كاملة لترجمة نصوص لكبار النقاد البنيويين، أشير على سبيل المثال لا الحصر إلى العدد الذي أصدرته مجلة آفاق (المغربية) بعنوان "طرائق التحليل الأدبي"[33]. وقد تضمن العدد ترجمة لمقالات بعض النقاد البنيويين: رولان بارت، تودوروف، جيرار جينت، ولفغانع كايزر، جاب لينتفلت، غريماس، فلاديمير كريزنسكي. كما خصصت مجلة "الثقافة الجديدة"[34] أحد أعدادها لترجمة بعض النصوص النقدية البنيوية.

لكن الخطاب البنيوي ما كان له أن يهيمن على النقد المغربي إلى ما لا نهاية. وإذا كان بعض النقاد البنيويين الغربيين أنفسهم قد مارسوا نوعا من النقد الذاتي على تجربتهم النقدية من خلال الكشف عن مواطن الخلل والقصور في هذه التجربة، فإن النقاد العرب من جهتهم قد قاموا بنفس العملية. لقد وصف محي الدين صبحي –صاحب كتاب نظرية الأدب- النقاد الذين استلهموا الخطاب البنيوي بأنهم "حمقى ومغفلون وناقصو ثقافة"[35] وأن البنيوية "لم يستفد منها أحد شيئا"[36].

القسم الثاني: التعالقات المنهجية في الخطاب النقدي لإبراهيم الخطيب:
أ- في التنظير:

بدأ إبراهيم الخطيب مسيرته ناقدا إيديولوجيا ينظر إلى الإبداع باعتباره انعكاسا للواقع. يقول: "لكن مهما يكن التعريف فإن القصة القصيرة إيديولوجيا ليست سوى شكل من أشكال التصعيد الاجتماعي لأزمة الفرد في مواجهة فشله السياسي الميتافيزيقي داخل اختياراته الذاتية […] إذن باختصار إن القصة تصعيد اجتماعي للوعي البورجوازي الصغير في حالة الأزمة"[37].

وقد استتبع هذا التصور نوعا من الانزلاق إلى المطابقة بين شخصيات العمل الأدبي والأشخاص الواقعيين، وكذا المطابقة بين أبطال القصص ومؤلفيها. يقول: "هناك آفة من آفات الفكر البورجوازي وهي أن أغلب كتاب القصة القصيرة هنا يعبرون بطريقة صريحة أحيانا وغير مباشرة أحيانا أخرى عن ذاتيتهم ودليل ذلك أن معظم أبطال القصة هم في واقع الحال الكتاب أنفسهم ولهذا السبب جاءت من اعترافات [كذا] ذاتية شخصية أو عن حوار مع النفس (مونولوجات داخلية) أو زفرات وإسقاطات متوترة"[38]. وبما أن الناقد كان ينظر إلى الشخصيات الفنية بوصفها كائنات إنسانية فمن الطبيعي أن يصدر في حقها أحكاما تتراوح بين "التقدمية" و"الرجعية"، وأن ينظر إلى العلاقة بين الشخصيات بوصفها علاقة صراع؛ وذلك انطلاقا من فكرة "الصراع الطبقي" كما تقدمها الأدبيات الماركسية، ولعل التحليل الذي قدمه لقصة "البناية الجديدة" مثال لذلك[39].

يبقى معيار التقويم في هذا النوع من الخطاب هو القرب أو البعد عن الإيديولوجية الخاصة التي كان الناقد يتبناها في هذه المرحلة. لذلك جاء هذا الخطاب مثقلا بمفردات القاموس التقني الماركسي، من قبيل: علاقات الإنتاج، الاختيار الإيديولوجي، العلاقة الدياليكتيكيّة، الأجهزة الإيديولوجية، البنية التاريخية، الواقع-انعكاس، الصراع الطبقي...الخ.[40] لقد تبنى إبراهيم الخطيب هذا النوع من النقد طيلة عقد السبعينات. ودافع عنه، ونظر له في أكثر من مناسبة. لكنه سيتنبه فيما بعد إلى بعض مظاهر القصور في هذا الخطاب، وسيتحدث عن "أزمة المنهج في النقد الأدبي بالمغرب"[41]، وسيكتب-فيما يشبه عملية نقد ذاتي- عن "تركة الماضي وشرعية السؤال"[42]. وقد طرح إبراهيم الخطيب أسئلة تتعلق بطبيعة النقد ووظيفة الناقد: "هل هو الشخص الذي يقوم بتلخيصات لأعمال أدبية؟ هل هو الذي يقدم عروضا حول كتب روايات أو مجاميع قصصية أو دواوين ثم يدلي برأيه في نهاية العرض؟ هل هو الشخص الذي يملك زادا نظريا يمكنه من رؤية النص فيتوصل إلى بعض الظواهر يتحاشى (عن قصد وبدون قصد) ظواهر أخرى؟"[43].

وكان الجواب أن وظيفة الناقد تتمثل في الكشف -في الوقت نفسه- عن الجوانب الفنية والإيديولوجية للعمل الأدبي. ولذلك فإن "تنمية مفاهيم خاصة بالنقد الأدبي مستمدة بالطبع من النظرية الأدبية للأدب […] أمر محبوب جدا"[44]. إن الأزمة التي يعاني منها النقد المغربي- في نظر إبراهيم الخطيب- أزمة بعيدة الغور؛ إذ منذ سنة 1954 -سنة صدور الماضي البسيط- لا يزال النقد يفرض على الأجيال المشكل نفسه، هو كيف يمكن تحديد مجال نقد يعمل بالموازاة مع الصراعات السياسية والإيديولوجية، ولكنه يستمد مفاهيم وخصوصيات النشاط النوعي الخاص بالمجالين الإيديولوجي والسياسي لذلك فإن من أهم مظاهر الأزمة في الخطاب النقدي السائد يومذاك -في نظر الخطيب- عدم الوعي بحدود العلاقات بين النقد الأدبي والسوسيولوجيا[45].

إن الدعوة إلى الاهتمام بالبنى الشكلية والجمالية للنص الأدبي لا تعني التنكر لجوانبه الإيديولوجية، لذلك فإن مهمة الناقد المغربي ذات طابع مزدوج، فهو من جهة، يحاول تحديد مفاهيمه الجمالية، وفي ذات الوقت يعمل على تفسير القضايا السياسية بواسطة الأبنية الروائية الأكثر تعبيرا عن وعي أصحابها[46]. لقد قدم الخطيب بعض مقالاته التنظيرية في قالب أقرب إلى النقد الذاتي. فقد تحدث مثلاً عن "الطبيعة العنيفة التي يتميز بها النقد الإيديولوجي في وقت كان هذا النقد، بالنسبة لي، يمثل الشكل المناسب، عمليا"[47]. كما أشار إلى طبيعة ذلك النقد الذي كان جد مشحون بالإيديولوجيا؛ حيث "إن المفاهيم النقدية كثيرا ما تغدو مفاهيم ثانوية بالنسبة للصراعات التي تدور حول مضامين أو تأويلات إيديولوجية"[48]. ويوضح الخطيب، أن المقصود من هذا ليس منع تسرب الإيديولوجيا إلى النقد بشكل مطلق، "فهناك بدون شك كتابات نقدية تستعمل مصطلحات إيديولوجية وسياسية ولكنها تضع حدودا لمجال عملها. إن المطلوب بالنسبة لنا هو القيام بهذا العمل لكن في مجال آخر، يعني في مجال نقدي صرف"[49].

إن المتتبع لما يصدر في الساحة النقدية في المغرب "يصاب بذهول، من كثرة المفاهيم الإيديولوجية المطروحة على سطح النقاش الأدبي والنظري بوجه عام"[50]. لكنه سيصاب بخيبة أمل عندما يلتفت إلى الحقل الأدبي "إذ لا نجد شيئا كثيرا يخص تجربتنا الأدبية"[51].

وبفعل هذه التطورات في رؤيته النقدية سيعمل الخطيب على بلورة مفهوم جديد للناقد ووظائفه وعلائقه بالإيديولوجيا، يحرره من التبعية المطلقة للإيديولوجي والسياسي. ففي مقال له تحت عنوان "عناصر لفهم أزمتنا النقدية"[52] يرى "أن المشكل الأساسي الذي يعترض هذا الموضوع هو تحديد ماهية الناقد الأدبي: من هو؟"[53].

وقد حاول إعادة صياغة هذا الإشكال في أسئلة جزئية تحمل أجوبة ضمنية، تعكس واقع الممارسة النقدية السائد في ذلك الوقت، وهو واقع محكوم بالأوهام المرجعية والقراءات الاختزالية للنصوص. يتساءل الخطيب: من هو الناقد: "هل هو الشخص الذي يقوم بكتابة تلخيصات لأعمال أدبية؟

- هل هو الذي يقدم عروضا حول كتب، روايات أو مجاميع قصصية أو دواوين، ثم يدلي برأي عام في نهاية العرض؟

- هل هو الشخص الذي يملك زادا نظريا يمكنه من رؤية النص فيتوصل إلى بعض الظواهر ويتحاشى (عن قصد أو بدون قصد مسبق) ظواهر أخرى"[54].

وفي مقابل هذه الأسئلة/ الأجوبة ينتهي الناقد إلى تصور آخر لمفهوم ووظيفة الناقد، مفاده أن الناقد هو ذلك المنظر، الغائب عن ثقافتنا النقدية العربية، الذي يستطيع أن يقدم تحليلا شاملا وكليا للمشاكل الجوهرية البنيوية للنصوص[55].

ولا شك في أن القارئ لهذه الأقوال والمواقف سيتنبه إلى أن الخطيب يستوحي هنا الكشوفات القيمة التي جاءت بها المدرسة الشكلانية في تأكيد استقلالية النص الأدبي، وفي نقد المنهج الإيديولوجي والمناهج التقليدية التي كانت تنظر إلى الأدب من الخارج، حتى قيل يومذاك- إن الأدب كان أرضا لا مالك لها. وهكذا بدأ البحث عن العناصر التي تحقق "أدبية" النص الأدبي، وأرجع الأدب إلى مالكه الحقيقي. وقد ظهرت على إثر ذلك المدارس البنيوية والسيميائية المختلفة التي ستعمل على تطوير الإرث الشكلاني.

ب- في الممارسة النقدية:
وقد خصص إبراهيم الخطيب بعض مقالاته لتحليل ونقد نصوص نقدية كتبها بعض النقاد الإيديولوجيين، منها مقالة تناول فيها بالدراسة والتحليل كتاب "النص العضوي"
[56] لعبد القادر الشاوي، الذي كان يقاسمه من قبل نفس الأطر المرجعية. ومن بين المآخذ التي سجلها إبراهيم الخطيب حول كتاب الشاوي مسألة الفصل بين الشكل والمضمون. يقول:

"يعمل الكاتب على الفصل بين محتوى القصص المدروسة (ما يسميه "مضمون" الحكي) وتركيبها وإذا كان هذا الفصل معقولا على مستوى الإجراء فإنه لا يمكن أن يكون إلا انطلاقا من رؤية منهجية"[57]. ويبرر الناقد ذلك بطبيعة القراءة النقدية للشاوي المحكومة بالتفسير الإيديولوجي. يقول: "غير أننا نلاحظ أن الشاوي إنما فعل ذلك لاعتقاده بأن التوجه الإيديولوجي-القصدي، يحتل مكان الصدارة في إنتاج برادة"[58] صاحب مجموعة "سلخ الجلد" التي خصها الشاوي بالدراسة في كتابه المذكور].

وإذا كان الخطيب يرفض هنا مبدأ الفصل بين الشكل والمضمون، على غرار ما قام به الشكلانيون فإنه لا يكشف عن البديل الذي اقترحه بعضهم لتجاوز هذه الثنائية. يتعلق الأمر هنا بمفهوم تأسيسي وضعه توماشكفسكي هو "المتن والمبنى الحكائيان"[59]. كما يناقش الناقد أيضا الاستعمالات المختلفة التي خضع لها مصطلح "الواقعية" في كتاب "النص العضوي": فهو يأتي صفة للمعرفة (المعرفة الواقعية)، وللنص (النص الواقعي)، وللدلالة (دلالة واقعية)، أو للأحداث (أحداث واقعية)، وللمنظور (منظور واقعي)…إلخ. وفي هذا الصدد يشير إلى مقالة ياكبسون عن "الواقعية في الفن"[60]، حيث "يقع التركيز على التباس معنى "الواقعية" فيها بين وجهات نظر المشاهد (أو القارئ)، والفنان (أو الكاتب)، والاتجاه والمنظر والمؤرخ"[61].

ويلاحظ الخطيب أن قارئ كتاب "النص العضوي" يستنتج أن الشاوي يشعر بـ"ألفة" كبيرة إزاء نصوص تأخذ أبعادا واقعية. لكنه ينزعج عند ما يكون بصدد نص مخالف لذلك، وهذا ما يتجلى –في نظره – في تحليله لـ"حكاية الرأس المقطوع" التي تتميز بأسلوبها "الفانتازي"[62].

وإذا كان الخطيب قد خلص إلى أن التحليل الذي ارتضاه الشاوي لا يمكن أن يوصل إلا إلى نتائج جزئية أو عامة[63]، فإنه قد لا حظ أن الظاهرة الأساسية التي لم ينتبه إليها الشاوي "هي أن كتابة برادة تبحث عن كتابة أخرى. إنها تغير جلدها سعيا وراء أفق لا يزال قيد الانفلات"[64].

هنا أيضا يبدو الانشغال العام للخطاب محكوما بالتنظيرات الشكلانية والمبادئ التأسيسية التي وضعها روادها حول القضايا الأساسية في الدرس الأدبي. لهذا يرى الخطيب أن "تنمية مفاهيم خاصة بالنقد الأدبي، تستمد بالطبع من النظرية العامة للأدب -وليس من سوسيولوجية أدبية متجاوزة أو من تأويل تاريخي مزعوم لتسلسل الأشكال- أمراً حيوي جدا"[65].

وقد حاول تطبيق هذه المفاهيم النظرية على بعض النصوص الروائية مثل "قبور في الماء" لـمحمد زفزاف[66]، و"رفقة السلاح والقمر"[67] لمبارك ربيع:

ففي دراسته لـ"قبور في الماء" يركز الناقد على "المادة الحكائية للرواية"[68]، وهو ينطلق من فرضية أساسية مؤداها: أن قبور في الماء كانت في الأصل قصة قصيرة، نشرت في مجلة "شعر" البيروتية تحت عنوان: "شيء غير متوقع لكنه ضروري"، وتم إخراجها بعد ذلك في قالب روائي، ومن ثم يطرح الناقد السؤال التالي: "كيف تخلقت الرواية، إذن، من قصة قصيرة؟ بعبارة أخرى: كيف خرجت "قبور في الماء" من "شيء غير متوقع لكنه ضروري؟"[69].

يرى إبراهيم الخطيب أن "قبور في الماء" تتألف من عدد لا حصر له من الوحدات الحكائية يمكن تسميتها "قصصا قصيرة". غير أن هذه الوحدات توجد في حالة "بناء"؛ ذلك أن هذه الوحدات الحكائية محكومة بوحدة كبرى منظمة (بكسر وبتشديد الطاء) "تخلق الانطباع النوعي بأننا أمام رواية وليس أمام قصة قصيرة"[70].

وذلك لأن الوحدة الوحيدة الكبرى تقوم بوظيفة الربط حتى يكون تعدد الوحدات الحكائية الصغرى تعددا منظما ومحققا للخصوصية النوعية للرواية.

أما وظائف الوحدات الحكائية فهي متنوعة بحسب وضعها في السياق، غير أنها تسهم –في نظره- بدون استثناء في تقوية الانطباع بواقعية النص الروائي، خاصة أن "قبور في الماء" لا تخفي –على مستوى الموضوع- إحالتها على الواقع[71].

هكذا تعطينا "قبور في الماء" –في نظر الناقد- مثلا بارزا لتخلق الرواية من تراكم وحدات حكائية داخل وحدة حكائية بانية، مبدأها المنظم هو "الاستطراد"[72].

أما في دراسته لرواية "رفقة السلاح والقمر" لمبارك ربيع[73] فيقوم بتحليل تقنية السرد، حيث لاحظ أن الرواية تقدم من خلال خطين سرديين، أحدهما مباشر والآخر يتم عن طريق "السارد". يستدعي كل من الخطين فروعا حكائية صغيرة متشعبة عن الخط الأساس، تساهم معه في بلورة أحداث الرواية. لذلك فإنّ "البناء الحكائي" في رواية "رفقة السلاح والقمر" ينمو من خلال تقنيتي "الترابط"، و"الاستطراد"، المتمثلة في الوحدات الجزئية الصغيرة التي تخرج عن الخط السردي الرئيس وتنشئ فروعا صغيرة[74]. يبدو أن الاشتغال العام للخطاب النقدي لإبراهيم الخطيب يستوحي الكشوفات القيمة للمدرسة الشكلانية. من المؤشرات المنهجية لهذا الاستيحاء ما حققه من استقلالية على مستوى مقاربته للنصوص الإبداعية، حيث أنجز الخطيب دراسات محايثة للنص، دون الانفتاح على خارجياته، المتمثلة في حياة المبدع، المؤثرات التاريخية والاقتصادية...إلخ. كما كان الناقد يستوحي أيضا بعض العناصر المنهجية التأسيسية التي وضعها الشكلانيون الروس، من قبيل: المبنى الحكائي، الموضوع، الحافز، المبدأ المنظم، القيمة المهيمنة، السرد، الوحدات الحكائية...إلخ.

لكن الملاحظ أن هذا القاموس التقني الشكلاني قدمه إبراهيم الخطيب –في الغالب- دون تأطير نظري. هذا مع العلم أن هذه القيم النقدية كانت، في ذلك الوقت، محدودة التداول على الساحة النقدية. ثم إن إبراهيم الخطيب قد اكتفى، في أغلب الأحوال، باستثمار الرصيد الذي أخصبته المدرسة الشكلانية في مجال التحليل السردي. هذا الرصيد الذي يبقى –على أهميته – محكوما بنسبيته ومحدوديته ونواقصه[75]، دون أن تكون له الجرأة على الانفتاح على المشاريع النقدية التي طورت هذه المبادئ التأسيسية. أشير هنا على سبيل المثال إلى الناقد الفرنسي تودوروف، الذي انطلق في كتاباته التنظيرية الأولى من المسلمات والفرضيات التي وضعها الشكلانيون الروس[76] لكي يعيد صياغة هذه المفاهيم التأسيسية ضمن مقاربة أكثر شمولية وقابلية لاستيعاب خصائص النص الأدبي.

ختاما، يمكن النظر إلى ظاهرة تعالق الأنساق المنهجية في النقد العربي والمغربي من زاويتين: تتعلق أولاهما بطبيعة الممارسة الثقافية العربية نفسها، التي يطغى عليها "التمثل"، و"التوظيف"، و"الاستهلاك"، وتغيب عنها شروط المثاقفة المنهجية والاستعارة المفاهيمية القائمتين على الإبداع والإضافة. وتتعلق ثانيتهما بظاهرة "التطور اللامتكافئ" للمناهج النقدية، بين العالم العربي وأوروبا: لقد تعرف العرب إلى النظريات الشكلانية –مثلا- في العقدين الثامن والتاسع من القرن العشرين كما رأينا؛ وذلك بعد أن كانت قد استنفدت أغراضها عند الغربيين. وكانت اتجاهات التفكير في العالم الغربي قد تجاوزت النظرية البنيوية إلى ما بعد البنيوية. إن الانفتاح على المصدر الشكلاني، وغيره من المصادر النقدية، قد أفسح المجال لصعوبات متعددة تطبع عملية انتقال المفاهيم من واقع ثقافي حضاري يحقق تراكما كبيرا على مستوى الإنتاج الثقافي والفكري، إلى واقع آخر يكتفي، في أحسن الأحوال، بتقبل هذه المفاهيم النقدية واستهلاكها، دون القدرة على المشاركة في إغنائها وتطويرها.

(جامعة محمد الأول-كلية الناظور-المملكة المغربية)

* * *

الهوامش

[1] عبد الله العروي، العرب والفكر التاريخي، دار الحقيقة، ط2: 1973، ص: 150.

[2] منير شفيق، قضايا التنمية والاستقلال في الصراع الحضاري، دار البراق، تونس، ص: 35.

[3] سعيد يقطين، انتقال النظريات السردية (المشاكل والعوائق)، ضمن مؤلف جماعي: انتقال النظريات والمفاهيم، تنسيق: محمد مفتاح وأحمد أبو حسن، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة: ندوات ومناظرات، رفم: 76، ص: 62-63.

[4] أنظر كتابه: الإيديولوجية العربية المعاصرة، تر: محمد عيتاني، دار الحقيقة للطباعة والنشر، بيروت 1970. والجدير بالذكر أن هذا الكتاب كان قد صدر باللغة الفرنسية عن "ماسبرو" سنة 1967.

[5]الطيب تيزيني، من التراث إلى الثورة، حول نظرية مقترحة في التراث العربي، ج: 1، دار بن خلدون، بيروت 1976ـ ص: 17.

[6] المرجع نفسه، ص: 18.

[7] حسين مروة، النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية، ج: 1، دار الفارابي، بيروت، 1978، ص: 31.

[8] إبراهيم الخطيب، عناصر لفهم أزمتنا النقدية، مجلة الثقافة الجديدة، س: 78، ع: 10-11، ص: 146.

[9] عبد المجيد بن جلون، في حوار مع محمد مصطفى القباج، مجلة آفاق، س 3، ع 1 و 2. 1966.

[10] مبارك ربيع، ظلال الرومانسية في قصة زينب، مجلة آفاق، ع2. 1967 ص: 86.

[11] محمد برادة، الأدب المغربي واللحظة التاريخية، مجلة آفاق، ع 1969، ص: 5.

[12] ادريس الناقوري، دفاعا عن المنهج الاجتماعي، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 9، س: 3-1978، ص: 19.

[13] المرجع نفسه، ص: 21.

[14]المرجع نفسه، ص: 22.

[15] المرجع نفسه، ص: 19.

[16] نجيب العوفي، المنهج الجدلي، حدود متحركة ولا نهائية، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 9 س: 3 شتاء 1978 . ص: 47.

[17] المرجع نفسه، ص: 46.

[18] عبد الكريم غلاب، دور المثقف في معركة التغيير، مجلة آفاق. ربيع 1972. ص: 29-30.

[19] عباس الجراري، الثورة والثقافة الوطنية، مجلة آفاق، ربيع 1972. ص: 48.

[20] T. Todorov, théorie de la littérature, textes des formalistes russes, 1965.

[21] V. Propp, Morphologie du conte, traduction: M. Derrida, T.Todorov, C. Kalan. Seuil, 1970.

[22] V. CHKLOVSKY, sur la théorie de la prose, Slavia l’AGE d’Homme LENVANNE, 1973.

[23] إبراهيم الخطيب، الكتابة بواسطة الغرب . مجلة أقلام، عدد: 5، نوفمبر 1979.

[24] المرجع نفسه، ص: 90.

[25] محمد برادة، مجلة الثقافة الجديدة، عدد: 9 – شتاء 1978،ص: 17.

[26] نجيب العوفي: حاجة النقد إلى نقد، جريدة أنوال: 10: 3-1994.

[27] د.صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو-مصرية، مطبعة الأمانة، 1978، ص: 19.

[28] د. عبد السلام المسدي: الأسلوب والأسلوبية نحو بديل ألسني في نقد الأدب، الدار العربية للكتاب، 1977.

[29] د. محمد برادة، في رحاب الكلمات، حاوره عثمان الميلودي وبوشعيب شداق)، ط 1: 1997، ص: 12.

[30] من بين النمادج التي يمكن الإشارة إليها في هذا الإطار ما يلي:

- مقال رولان بارت “الكتابة بدءا من الصفر”، مجلة مواقف، ع: 9، 1970.

- مقال "الناس-الحكايات" لتزفتان تودوروف، ترجمه موريس أبو ناظر، تحت عنوان: "ألف ليلة وليلة كما ينظر إليها التحليل البنيوي"، مواقف، ع: 16-1971، ص: 135.

- فصلين من كتاب "الإنشائية" لتودوروف، ترجمهما كاظم جهاد تحت عنوان: "الشعرية"، مواقف، ع: 33-1978. ص: 122.

- مقدمة كتاب "دراسات نقدية" لرولان بارت، مواقف، ع: 29-1974، ص: 152.

-الفصل الخامس من كتاب تودوروف "مقدمة في الأدب الفنطاسي"، ترجمه عبد الرحمان أيوب، مواقف، ع: 43- خريف 1981.

[31] توفيق الزيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، الدار العربية للكتاب 1984، ص: 19.

[32] فاطمة الزهراء أزرويل، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، مصادرها العربية والأجنبية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1989، ص: 39.

[33] مجلة آفاق، العدد: 8-9. سنة 1988.

[34] مجلة الثقافة الجديدة، عدد: 10-11 سنة 1978 . وفيه ترجم محمد البكري نصين: الأول لرولان بارت من كتابه "الكتابة في الدرجة الصفر"، والثاني لجاك دريدا بعنوان "البنية، الدليل، اللعبة في حديث العلوم الإنسانية". كما ترجم مصطفى المسناوي في نفس المجلة نصا للوسيان غولدمان تحت عنوان: "علم اجتماع الأدب: نظامه الأساسي ومشاكله المنهجية"... إلخ.

[35] جهاد فاضل: أسئلة النقد (حوار مع محي الدين صبحي) الدار العربية للكتاب، ص: 358.

[36] المرجع نفسه، ص: 356.

[37] إبراهيم الخطيب، الذات والطبقة في حزن في الرأس والقلب، ضمن "حزن في الرأس والقلب"، لإدريس الخوري، مطبعة الأمنية 1974، ص: 7.

[38] إبراهيم الخطيب، على هامش فاس في سبع قصص، العلم 6 ديسمبر 1968.

[39] إبراهيم الخطيب، كلمة حول البناية الجديدة، مجلة أقلام، عدد: 6. 1968.

[40] أنظر هذه المصطلحات-على سبيل المثال لا الحصر- في مقال: المرأة والوردة: الواقع والإيديولوجيا، مجلة أقلام، العدد: 4-1972.

[41] إبراهيم الخطيب، حول أزمة المنهج في النقد الأدبي بالمغرب، المحرر الثقافي في 24 دجنبر .1978

[42] إبراهيم الخطيب، تركة الماضي وشرعية السؤال، الثقافة الجديدة، عدد: 9 – سنة 1978. ص: 31.

[43] إبراهيم الخطيب، عناصر لفهم أزمتنا النقدية، الثقافة الجديدة، عدد: 12، سنة: 1979، ص: 143.

[44] المرجع نفسه، ص: 143.

[45] إبراهيم الخطيب، حول أزمة المنهج في النقد الأدبي بالمغرب، المحرر الثقافي في 24 دجنبر 1978.

[46] إبراهيم الخطيب، الرواية المغربية المكتوبة بالعربية، الرغبة والتاريخ، مجلة أقلام، عدد: 4- سنة 1977 . ص: 2.

[47] إبراهيم الخطيب، تركة الماضي وشرعية التساؤل، مجلة الثقافة الجديدة، عدد: 9/1978، ص: 37.

[48] المرجع نفسه، ص: 31.

[49] المرجع نفسه، ص: 32.

[50] المرجع نفسه، ص: 32.

[51] المرجع نفسه، ص: 36.

[52] إبراهيم الخطيب، عناصر لفهم أزمتنا النقدية، الثقافة الجديدة، عدد: 12-1979، ص: 143.

[53] المرجع نفسه، ص: 143.

[54] المرجع نفسه، ص: 143.

[55] المرجع نفسه ص: 143.

[56] إبراهيم الخطيب، النص العضوي: ملاحظات في المنهج. مجلة آفاق. عدد: 1 مارس 1984، ص: 66.

[57] المرجع نفسه، ص: 67.

[58] إبراهيم الخطيب، النص العضوي: ملاحظات في المنهج، ص: 67.

[59] أنظر: توماشفسكي، نظرية المنهج التشكيلي (مرجع مذكور)، ص: 180.

[60] المقالة مترجمة في كتاب نظرية المنهج الشكلي (نصوص الشكلانيين الروس).

[61] إبراهيم الخطيب، ”النص العضوي”: ملاحظات في المنهج. ص: 67.

[62] المرجع نفسه، ص: 68.

[63] المرجع نفسه، ص: 69.

[64] المرجع نفسه، ص: 69.

[65] إبراهيم الخطيب، تركة الماضي وشرعية التساؤل، مجلة الثقافة الجديدة، عدد: 9-1978، ص: 37.

[66] إبراهيم الخطيب، قبور في الماء، ملاحظات حول واقعية زفزاف، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 19-1979، ص: 95. وقد أعيد نشر هذا المقال، مع بعض التعديلات، في مقال تحت عنوان: قبور في الماء: الواقعية ونسق الاستطراد، مجلة آفاق (السلسلة الجديدة)، عدد 4-1979، ص: 36.

[67] إبراهيم الخطيب، ملاحظات في السرد الروائي، مجلة آفاق، (السلسلة الجديدة)، عدد: 1-1977، ص: 78.

[68] إبراهيم الخطيب، قبور في الماء: الواقعية ونسق الاستطراد، ص: 36.

[69] المرجع نفسه، ص: 36.

[70] المرجع نفسه، ص: 36.

[71] إبراهيم الخطيب، قبور في الماء: الواقعية ونسق الاستطراد، ص: 37.

[72] المرجع نفسه، ص: 37.

[73] إبراهيم الخطيب، ملاحظات في السرد الروائي، مجلة آفاق، عدد: 1-1977.

[74] المرجع نفسه، ص: 37.

[75] فيما يتعلق بتقويم إنجازات المدرسة الشكلانية يمكن الرجوع إلى: محمد الوكيلي، الشكلانية "نقد أزمة" أم "أزمة نقد"، مجلة دراسات أدبية ولسانية، العدد: 3 السنة الأولى 1986، ص: 113.

[76] يمكن تتبع ذلك في مقال:

T.Todorov, les Catégories du Récit littéraire, in communication 8, seuil 1981.

* * *

مراجع باللغة العربية:

أ- كتب:

- توفيق الزيدي، أثر اللسانيات في النقد العربي الحديث، الدار العربية للكتاب 1984.

- حسين مروة، النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية، دار الفارابي، بيروت، 1978.

- سعيد يقطين، انتقال النظريات السردية (المشاكل والعوائق)، ضمن مؤلف جماعي: انتقال النظريات والمفاهيم، تنسيق: محمد مفتاح وأحمد أبو حسن، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة: ندوات ومناظرات، رقم: 76.

- صلاح فضل، نظرية البنائية في النقد الأدبي، مكتبة الأنجلو-مصرية، مطبعة الأمانة، 1978.

- الطيب تيزيني، من التراث إلى الثورة، حول نظرية مقترحة في التراث العربي، دار بن خلدون، بيروت: 1976.

- عبد السلام المسدي، الأسلوب والأسلوبية نحو بديل ألسني في نقد الأدب، الدار العربية للكتاب، 1977.

- عبد الله العروي، الإيديولوجية العربية المعاصرة، تر: محمد عيتاني، دار الحقيقة للطباعة والنشر، بيروت 1970.

- عبد الله العروي، العرب والفكر التاريخي، دار الحقيقة، ط2: 1973.

- فاطمة الزهراء أزرويل، مفاهيم نقد الرواية بالمغرب، مصادرها العربية والأجنبية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1989.

- منير شفيق، قضايا التنمية والاستقلال في الصراع الحضاري، دار البراق، تونس، 1936.

ب- المجلات:

- إبراهيم الخطيب، قبور في الماء، ملاحظات حول واقعية زفزاف، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 19-1979.

- إبراهيم الخطيب، الذات والطبقة في حزن في الرأس والقلب، ضمن “حزن في الرأس والقلب”، لإدريس الخوري، مطبعة الأمنية 1974.

- إبراهيم الخطيب، الرواية المغربية المكتوبة بالعربية، الرغبة والتاريخ، مجلة أقلام، عدد: 4، سنة 1977.

- إبراهيم الخطيب، الكتابة بواسطة الغرب، مجلة أقلام، عدد: 5، نوفمبر 1979.

- إبراهيم الخطيب، المرأة والوردة: الواقع والإيديولوجيا، مجلة أقلام، العدد: 4-1972.

- إبراهيم الخطيب، النص العضوي: ملاحظات في المنهج، مجلة آفاق، عدد: 1 مارس 1984.

- إبراهيم الخطيب، تركة الماضي وشرعية التساؤل، مجلة الثقافة الجديدة، عدد: 9/1978.

- إبراهيم الخطيب، على هامش فاس في سبع قصص، العلم 6 ديسمبر 1968.

- إبراهيم الخطيب، عناصر لفهم أزمتنا النقدية، الثقافة الجديدة، عدد: 12، سنة: 1979.

- إبراهيم الخطيب، قبور في الماء: الواقعية ونسق الاستطراد، مجلة آفاق (السلسلة الجديدة)، عدد 4-1979.

- إبراهيم الخطيب، كلمة حول البناية الجديدة، مجلة أقلام، عدد: 6. 1968.

- إبراهيم الخطيب، ملاحظات في السرد الروائي، مجلة آفاق، (السلسلة الجديدة)، عدد: 1-1977.

- إدريس الناقوري، دفاعا عن المنهج الاجتماعي، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 9 س: 3-1978.

- عباس الجراري، الثورة والثقافة الوطنية، مجلة آفاق، ربيع 1972.

- عبد الكريم غلاب، دور المثقف في معركة التغيير، مجلة آفاق، ربيع 1972.

- مبارك ربيع، ظلال الرومانسية في قصة زينب، مجلة آفاق، ع2. 1967.

- محمد الوكيلي، الشكلانية "نقد أزمة" أم "أزمة نقد"، مجلة دراسات أدبية ولسانية، العدد: 3 السنة الأولى 1986.

- محمد برادة، في رحاب الكلمات، (حاوره عثمان الميلودي وبوشعيب شداق)، ط 1: 1997.

- نجيب العوفي، المنهج الجدلي، حدود متحركة ولا نهائية، مجلة الثقافة الجديدة، ع: 9 س: 3 شتاء 1978.

- نجيب العوفي، حاجة النقد إلى نقد، جريدة أنوال: 3/ 10/ 1994.

مراجع باللغة الفرنسية:

- Todorov, théorie de la littérature, textes des formalistes russes, 1965.

- T.Todorov, les Catégories du Récit littéraire, in communication 8, seuil 1981.

- CHKLOVSKY, sur la théorie de la prose, Slavia l’AGE d’Homme LENVANNE, 1973.

- Propp, Morphologie du conte, traduction: M. Derrida, T.Todorov, C. Kalan. Seuil, 1970.