ينسج القاص المصري في نصه القصير المكثف من تفاصيل الحياة جريانها الرتيب الممل في يومها المكرر والروتيني، عن أحداث عرضية ممكن أن تحصل لتكسر هذا السياق الثابت، ثم يفجر في أخر سطرين فداحة فقد العزيز والشوق المستحيل إلى وجوده في ذلك الجريان الرتيب.

درس

ماهر طلبه

 

ليست قصة أن تستيقظ في الصباح، تنزل من فوق سريرك، تغمر السعادة روحك، لتتجه إلى الحمام، تقف تحت الماء الساخن لتغسل أحلام الليل وتعيد ترطيب شفتيك، تعد كوبا من الشاي، ثم ترتدى ملابسك التي اختارتها هي وجهزتها، وتترك قبلة صغيرة على وجهها البريء البشوش -لا تكفى لطرد الأحلام الساكنة في عينيها- قبل أن تغادر المسكن لتذهب إلى العمل... تستمر فى عملك حتى انتهاء ميعاد العمل الرسمي وتسرع عائدا إليها.

ولن تصبح قصة إن اختلقتَ في بداية اليوم، أو منتصفه أو حتى نهايته خناقة مع سائق العربة، أو المدير أو رجل عادى في الشارع لأى سبب من الأسباب في محاولة منك لتحريك الأحداث أو خلق "صاصبنس" وتنتظر فارغ الصبر العودة إلى البيت لكى تغسل أثار حادثتك وأنت في حضنها تحكى وتحكى.

ولن تعتبر قصة لو تبدلت الأحداث والمشاعر فاستيقظت غاضبا مكفهر الوجه لسبب لم نعلمه ولكنك التزمت بترتيب الأحداث السابقة، حتى تركك القبلة على وجهها، والتي كنت تتمنى أن تطرد أحلام الليل عن عينيها لعلها ترمى لك بكلمة- والذهاب والعودة.

لكن الأمر كله يتحول فجأة إلى قصة يتداولها الأهل والأصدقاء حين تبحث يوما ما عن وجهها لتترك القبلة، تلك القبلة التي تشبه باب البيت بالنسبة لك، مفتاح يوم بالنسبة لك، فلا تجدها على سريرك، فتتركها على المخدة الباردة لعلها تعود يوما ما فتجدها مازالت طازجة تصلح لملامسة هذا الوجه البريء البشوش.