يرى الناقد المصري أن عماد الرواية، هو الشخصيات. وقد أجادت الروائية رسمها، بالطريقة التي تجعل قارئها يعيش معهم، كما يعيش مع شخوص حية، وإن اعتمدت التشظي في تقديم تلك الشخصيات، وتوزيع الرؤي، أو الطرق المؤدية إلى الرؤية المركزية فيها.

«بريد الليل» .. وصناعة الإرهاب

شوقي عبدالحميد يحيى

 

هدي بركات، كاتبة لبنانية، تعيش في باريس، منذ العام 1989. بعد أن حضرت الحرب الأهلية بلبنان والتي، غيرها من الدول العربية، لم يُعرف فيها من أين يأتي القتل والتدمير. إلا انها لم تترك لبنان، ولم تترك العرب. فتمسكت بلغتها، وكتبت كل رواياتها بالعربية، وكأن لبنان، وكأن العرب لم يكن يوما وطنا تعيش فيه، وإنما وطن يعيش فيها. لذا تنظر لا إلى لبنان فحسب، وإنما، وكلما ابتعد المرء صارت الرؤيا أوسع، فإنها تنظر إلى العالم العربي، كله، حتى وإن قد ألمحت إلى بعض الدول بعينها، إلا ان جرثومة الفساد والتأخر في عالمنا العربي، ليست وليدة اليوم، وإنما هي ترعي في الجسد العربي، كنسق ثقافي يتغلغل في العروق، فيسممها، وقد أصبح العلاج صعبا، إن لم يكن مستحيلا.

أقامت الروائية بنيانها الروائي، بهدسة علمية مدروسة، وركزت فيها على التخلي من أي حشو، أو زوائد، فجاءت أقرب إلى التجريد، منها إلى التجسيد، وفق ما قد يري البعض. إلا اننا نري أن عماد الرواية،(1) هو الشخصيات. وقد أجادت الروائية رسمها، بالطريقة التي تجعل قارئها يعيش معهم، كما يعيش مع شخوص حية، وإن اعتمدت التشظي في تقديم تلك الشخصيات، وتوزيع الرؤي، أو الطرق المؤدية إلى الرؤية المركزية فيها، حتي أننا في النهاية، وبعد الاستمتاع بالقراءة والمعايشة، نصل إلي مرحلة اللذة، التي تقودنا إلي الراحة. وقد ساعد علي تلك الرؤية المتسرعة، تقسيم الرواية إلي ثلاثة أقسام، قد يبدو – ظاهرية – ألا علاقة بينها. بل حتى القسم الواحد ينقسم إلي عدد من الفصول-إن جاز ذلك – لم تعنون الكاتبة أيا منها، بل تركتها منفتحة علي بعضها، الأمر الذي كان له دور في الوصول إلي المضمون من خلال الشكل.

جاء القسم الأول "خلف النافذة" وكأنها عملية تلصص، لكشف المخبوءـ وغير المعلن، والذي يكشف عن مآس. فجاء ذلك العنوان الجانبي كاشفا، عن تلك الرؤية الخافية وراء لعبة الكاتبة التي أجادت اللعب مع قارئها. وهذا القسم عبارة عن خمس رسائل، من مجهولين، إلي معلومين لألئك المجهولين. انتهت كل ارسائل إما إلي انتظار غير مأمول فيه، لتفتح سؤلا ينتظر الجواب، وإما إلي طلب ينتظر الإجابة.

ثما جاء القسم الثاني "في المطار" حيث تتلاقي كل شخصة من شخصيات القسم الأول مع من خاطبها في رسالته، وإن لم يتلاقيا، حيث جاء الوصول متآخر، وحيث لا أحد منهما، الراسل والمرسل إليه لا يعرف عن الآخر شيئا في الوقت الحالي، وهو ما يمثل قمة الضياع والتيه بين البشر، أو بين اللبنانيين، والعرب عموما. وهو ما يمكن أن نعتبره رد الفعل لتلك الرسائل التي في القسم الثاني، رغم أن الكاتبة تعمدت عدم ذكر أي إشارة – إلا في القليل جدا – إلي تلك الرسائل، لتمارس مع القارئ لعبة التخفي. أما القسم الثالث "الخاتمة" أو "موت البوسطجي" وهو ما يعني فقدان الأمل في وصول تلك الرسائل، إذ هو المكلف بالتوصيل، خاصة بعد "موت" وكأنها تقطع الأمل في التواص، فهو صوت واحد، وما يمكن أن يكون الرابط بين القسمين السابقين، بل والذي يضئ لنا، كيف الطريق الذي سرنا فيها طوال الصفحات السابقة.  لذا كان علينا أن نقوم بجمع الشظرات من الأقسام الثلاثة، لنشكل منها الرؤية التي إرتأيناها خلال العمل ككل، بادئين بالقسم الأول، الذي يمثل الخامات التي بها سيتم التجميع لإخراج المنتج. وغير منكرين تلك الرؤية التي تري في العمل بالرؤية الإنسانية العامة، مقتنعة بأن هذا هو حال الإنسان عامة في عصر الإنترنت، الذي ساهم في غياب الاتصال الإنساني بين العائلة الواحدة. غير أننا ومن قناعة بأن الكاتب مهما تصور أنه يحلق بعيدا، فإنه لا يستطيع التخلص من مجتمعه، ومن بيئته التي شكلته، وشكلت رؤاه.

 شخصيات الرواية، كلها تعيش في حالة سفر، في حالة قلق وعدم استقرار. فضلا عن ترابطهم جميعا ببعضهم، بمعني أن كل شخص منهم يتحدث عن السابق، وكانها حلقات منفصلة متصلة، أو كأن خيطا ما يربطهم ببعضهم البعض. الأمر الذي يُفهم منه، أنه يمكن قراءتها علي أنها رسالة واحدة، مرسلة، لا إلي المجهول، مثلما قد يراها البعض، وإنما هي رسالة إلي جهة محددة، ولا تخفي علي فهم القارئ الحصيف. كما يُفهم بأن راسليها جميعا شخص واحد، متشرذم، ومفتت الكيان. متعدد الأصوات، لذا فإننا نعتبر الرواية رواية أصوات بامتياز، إذ كلهم ينظر إلي جهة واحدة، الوطن، رغم أن كلا منهم يراها من وجهة نظره، أو بمعني أصح، برؤيته، وفق ظروفه التي تُجمع جميعها علي الفساد، والإفساد، وغياب الحرية، وسحق كرامة الفرد، أو بمعني أدق، انسحاق آدمية كل من يتجرأ، وينظر إلي السادة في الأعالي بنظرة لا تروق لهم. أولئك السادة القابعين في الأعالي، حيث تُوجه الرسائل جميعها إليهم، غير أنهم قد سدوا آذانهم عن الرعاع، وارتفع حائط الأمن من حولهم، ليحول دون وصول اصوات الدهماء. فاصبح الأمن هو السيد وهو المتسيد، علي رقاب البلاد والعباد. ومن هنا كانت الرسائل "بريد الليل" حيث الظُلمة، ظلمة الرؤيا، وظُلمة الطريق، ظلمة النفوس التي أفسدها المجتمع، وأفسدتها الدول، وأفسدها حكم الأمن، وتحكمه.

تأتي الرسائل كلها كاشفة عن شخصية المُرسِل، للكشف عن سيرة من التشرد والإهانة والسقوط التي تعرض لها في الداخل، قبل أن يصير الخارج هو الملاذ، وفي الخارج عندما وجد أنه هرب من جحيم إلي آخر. حيث كانت الوشاية، وكانت البيئة هي التي قادتهم، جميعا، إلي ذلك المصير المحتوم. فإذا ما نظرنا إليهم جميعا، نصير أمام رؤية كلية لقهر الداخل، سواء من العائلة والمجتمع، او من الدولة، وفق ما يروي صاحب الرسالة الثالثة.

حيث يقف شاب في المطار، ينتظر المغادرة، متهربا من ألئك الذين يراقبون حركات وتصرفات البشر. يسترجع معها أفعال أبيه {كان عليَّ ان أسمع كلامك. كان عليَّ أن أحني راسي وأكون مطيعا دوما. لا أدري الآن إن كان ضرب أبي المتكرر، بالحزام الجلدي أو بالعصا، قد أفادني، أم أنه علي العكس، كان يراكم داخلي نوعا من الغضب. ليس غضبا فقط، كانت إهانة مستمرة، لا أجد حتي الآن لها مبررا. حتي الآن يؤلمني جسمي من ضربه لأني كنت صغيرا وبريئا. لم أفعل يوما ما كان يستحق ذلك الضرب. كان يضربني دائما أمام الناس. يجرني خارج البيت ليُري الناس أنه يضربني، وأنه يُربي ابنه، وأنه صحيح رجل فقير لكنه محترم ويعتني بأسرته}.

وكما هو المنطق، كلما إزداد الضغط، كان الانفجار، فكانت ثورة الإبن علي الأب قاسية ومؤلمة {صدقهم أبي فورا ولم يستفسر مني. قال: اخرج من بيتي وإياك أن تعود. ولما رفع يده يريد أن يصفعني، أمسكت ذراعه أريد أن أكسرها، بصقت في وجهه وخرجت. لم تأخذني شفقة عليه. شعرت بأنه يدفعني إلي حيث أصبحت، لأستقر هناك، معفيا من مساءلة نفسي، وسعيدا في عالمي السفلي} ص56.

ثم تخرج الشخصية من الخاص إلى العام، وكأنها القاعدة التي عليها سيتم البناء، بناء الإنسان، علي النحو الذي أراده المجتمع، وأرادته السلطة {كان أبي يضربني بمزاج وقناعة، يهيئني لكل أشكال الضرب التي ستأتي. يا سبحان الله. وهو بالفعل، ومع الوقت، حسَّن مقاومة جلدي وعظامي، وخفف إحساسي بالألم. صار في استطاعتي شد عصبي متوقعا ألم الضربة. عرفت أهمية الاستعداد للألم} ص51. في إشارة إلي ما سبق أن حدث أمه فيه في بداية رسالته، موضحا أن تجارة الحشيش أهون من تلك التي تصورت أمه أنه فعله {ولو أنك لن ترميني، كما كنت دوما. لم ترحميني منذ أخذوني من البيت أول مرة، قبل خروجي معهم وهم ينهالون عليَّ بالضرب، قلت لك إنها قضية حشيش، وما من داع لخوفك. لم تصدقيني. لم تصدقيني وبصقت في وجهي، ربما أردتِ إفهامهم أني فتي مهذب} ص51. أخذوه إلي المعتقل، وتنوعت أساليب التعذيب وبعد طول الإهانة وإهدار الكرامة {لم يقل لي أحد لماذا أتي العساكر وأخذوني من البيت. بدأوا بالضرب من دون أسئلة أو تحقيق أو تهمة. كانوا يضربونني ويتركونني علي الأرض، ثم يجرونني إلي غرفة صغيرة يعودون إلي سحبي منها، وإلي الضرب من جديد. نقلوني بعدها في سيارة إلي زنزانة قالوا: أصدقاؤك اعترفوا وتأكدنا ممن يعرفونك في النادي. قلت: حسنا، بما أن الكلام بات متاحا، فما هي تهمتي؟ وماذا روي عني أصدقائي؟ فاعتبروا أني أتذاكي عليهم. ثم مضت الأسابيع، وبعدها الشهور. واختلفت أساليب التحقيق}ص54.

 { قلت لهم: أريد أن أعترف. أنا بالفعل كذبت عليكم، وقمت بكل ما تتهموني به. قالوا يجب أن تبرهن علي صدقك وتوبتك. قلت: أبرهن. قالوا: تتعاون معنا وتفعل كل ما نأمرك به. ونحن نراقبك، وسنعرف.

ذهبت إلي أبعد مما توقعوه مني . ليس من السهل إقناعهم بأني صرت خادمهم.. نجحت في كل الامتحانات.. همي الوحيد ألا يعيدوني إلي هناك........  شيئا فشيئا، صرت أستلذ بقوتي. أستطعم لذة تحولي العجيب. وكيف صرت أنا من يرهب الخليفة، فيصبح الناس عند قدمي كالجرذان المصعوقة وينادونني "سيدي". رأيتني آنذاك، أعني في تلك الفترة المباركة في البيت، و قد صرت  رجلا، رجلا بكل معني الكلمة، يفخر به أبوه الذي لم يعد في حاجة إلي تربيته، إذ بات من الواضح أن الدولة استلمت عنه المهمة وأحسنت صنعا}ص55 ، 56.

وكانت النتيجة، جيل جديد، بل أجيال جديدة، مشمولة بالخنوع والاستسلام، بل والتبعية{ما عاد ممكنا أن أنسحب أو  أن أقف علي الحياد، فلماذا أعذب نفسي؟ من أنا لأدعي أنهم فاسقون وقتلة؟ أم أني أفضل العودة إلي الجحيم؟ أنا أحب الحياة ولست وحيدا فيما أعيشه. نحن أكثر من رمل الصحراء. أنا لا أعرف كل الأسرار أو المعلومات التي يجمعونها، لذا كان من الأفضل أن أصدق أقوال أسيادي ورؤسائي وتعاليمهم. هل كلهم حرامية وساديون؟ لآ. ...... ذلك الخوف القديم اقتلع من قلبي كل الشفقة. كانت القسوة ملازمة للسلامة، وكان من الأفضل ألا افتش عن الحقيقة بالاستماع إلي المعتقلين. فالمعتقل يكذب دوما للخلاص بجلده}ص56.

ويظل الخوف يلازمه حتي في الخارج. حيث يشير صاحب الرسالة الأولي إلي ذلك الخوف الكامن في الصدور، من مجرد شكه في أن هناك من يراقبه، من وراء الشبكات هو وصديقته، عندما كانا يلتقيان، ويذكرها بالواقعة، في رسالته { هو ليس شبيها بصاحب الشاربين الكثين. إنه هو نفسه! إنه أحد رجال المخابرات. ولا علاقة له بتعاطي الكوكايين أو تجارته. ليس تاجرا ولا مستهلكا بالحجم الذي يستدعي مراقبتي من غرفة فندق مستأجرة منذ أيام، وربما أسابيع. هو رجل مخابرات أرسله من رفض تجديد جواز سفري في القنصلية. هذا مضحك، مضحك ومخيف في الوقت نفسه}ص29.

 ورغم أن لبنان لم تكن من بين الدول التي شهدت الخروج علي الحاكم في الدول العربية الخمس، في العام 2011، إلا أنها، وكما سبق أن ذكرنا، تعيش في البعيد، وتنظر إلي الدول العربية مجتمعة، حيث لا فرق، في المناخ الضاغط الطارد، والذي بالضرورة يسوق إلي نفس النتائج ، التي بان أنها كارثية، وما اثببته التجربة في الدول الخمس. فيستمر السارد في استكمال قصته نحو الصعود للهاوية{ بعض المسروقات الصغيرة كانت لاتزال في جيبي حين انقلب العالم. اختفت الرؤوس الكبيرة فجأة وهجم علينا الناس في مقراتنا. تحولت مظاهرات الملحدين الفاسقين والأوباش إلي أنهار من البشر. لا أدري الآن كيف تخلصت من أيديهم التي نزلت عليَّ بالضرب من كل جهة، بالأيدي والعصي والحجارة. هربت}ص57.

وبأثير الأسرة، بما تحمله من جهل وتخلف وفقر، تعيش صاحبة الرسالة الرابع مثل تلك الحالة، حيث تتحدث إبنة لأخيها عن أمها، حيث تري في أمها التي زوجتها وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وكانت سببا في طلاقها، فتراها {وأنا فقدت أمي، كما فقدها رجل الرسالة الذي سيمضي كل الأيام المتبقية من حياته في السجن المؤبد. والحقيقة أني فقدتها قبل أن تموت}ص76.

وتتحدث عن الأخريات، اللائي تنظر الأم إليهن، وتسعي لأن تكون ابنتها كذلك، حتي سألتها ابنتها(الساردة): هل تريدين أن أشتغل "مومس"؟ {صرت أسمع برحلات البنات المتكررة إلي البلد. كيف تصل الواحدة محملة بالهدايا ذات الماركات، كيف تعرض مصاغها هناك علي الزوار الكُثر، كيف تستأجر سيارة وتعمر بيتا وتريح أباها من الشغل. ولا أحد يسأل نفسه من أين هذا كله، بما أن البنت محجبة، وأحيانا كثيرة منقبة، فكيف لأحد من يُشكك في أخلاقها}ص77.

عملت المرأة ك"مومس" وعندما أراد أحد الأثرياء العرب إعتصابها، رفضت وصرخت، ليطردها الفندق، بحجة أنها افتعلت الحكاية لابتزاز الرجل. عادت إلي البلدة لتجد أمها قد (باعت) ابنتها بتزويجها من أحد الخليجيين، تعمل خادمة وراقصة. انتزعتها وعادت بها شبه مريضة نفسيا. فرأت أمها تموت، تركتها تموت، دون أن تطلب حتي طبيب المستوصف المجاني. وعملت خامة في بيت سيدة تهوي إذلال من حولها، وعندما رأتها قد أغمي عليها، تركتها تنزف حتي تموت. إلا انها في الحالتين، لم تشعر بالندم {أنا لم أقتل أمي ولا تلك المرأة. تركتهما ربما تموتان، وهذا مختلف, بل ربما كانتا ماتتا في حال أنجدتهما أيضا. هذه إرادة الخالق وهذا قضاؤه. لماذا لا أرضي بقضائه حين يعطف عليَّ قليلا. بين ضربة وأخري؟ حين تُغمض قسوة عينها  قليلا عني وتُخفف قصاصها. أنا قتيلة أمي وأيضا ضحية تلك المرأة. هكذا أفكر. أنا لم أعتدِ علي أحد. أنا فقط رفعت يدي لرد الصفعات. هذا ليس قتلا}ص82.

ومرض آخر من أمراض المجتمعات العربية، التي غاب فيها العطف علي الأبناء، إما بحجة أن (الرجل لايبكي) ويجب أن تكون رجلا،  وللبنت (إكسر ليها ضلع يطلع ليها أربعة وعشرين. فتأتي الرسالة الثالثة، من ابن إلي أبيه، حيث يكتب له ما فعله به وما وصل إليه من تشوه الأجيال التالية. فإذا كانت رسالة الإبنة لأمها قد كشفت عن تأثير الرؤية للمحيطين، ومحاولة تقليدهم، ما أدي بتغير نظرة الأم للحياة، وما أفسد الإبنة، وابنة الإبنة، وكما كانت تصرفات الأب لإبنه، في الرسالة الأولي، أحد العناص التي أدت إلي ضياع الإبن، وانحداره إلي القاع. فها هو الأب أيضا، يساهم في تشويه صورة الجيل التالي، كما يتضح في الرسالة الخامسة، وما نستبينه في رسالة الإبن إلي أبيه، حيث  يكتب له يها تلك العلاقة غير السوية بينهما. حيث يعمل الرجل – كما يوحي السرد – كضابط بالجيش. وكيف كانت حياته مع بيته جافة وعنيفة، حولت الحب والمودة إلي جفاء وخشونة، الأمر الذي خلق من الإبن ضعيف الشخصية ، أو خنثي، كما كان يصفه، بل، تحول إلي مثلي "مومس".

{ صرتُ أخاف منك، لا من السلاح الذي تحكله، أو من ذلك الذي يحيطك به رجالك. أخاف من طقة مفتاحك في الباب، من عريك خارجا من الحمام، من ضحكك العالي، من معابثتك الفجة المؤلمة، من اضطهادك المقنع المريض لأمي، من سطوتك علينا بدافع الدفاع عن الوطن من الأخطار... كلما مررت علينا في البيت خفق دمي رعبا وفرحا. وكلما غادرتنا إلي الحروب تنفستُ الصعداء، ورحت أبكي علي موتك المحتمل في أول معركة}ص88.

يرسل الفتي رسالة لأبيه يرجوه العودة، ويُخبره بأنه مريض، ولا يملك مالا للعودة، ويطلب منه أن يُرسل في طلبه. وفي الجزء الثاني من الرواية (في المطار) نعلم أن لا شئ وصل من والده. لتستمر حالة الضياع والتيه، وعدم التواصل.

ويستمر العنف، ليس علي الأبناء فقط، ولكنه يشمل بالضرورة الأم، ليكشف مرضا آخر من أمراض المجتمعات العربية، حيث تقف الأم مكتوفة اليدين، ولا تملك من أمرها شيئا أمام جبروت الرجل. فها هو يعفي أمه، لأنه يعلم حالها {فات الآن وقت العتب، حتي عليك، إذ لم تحميني مرة منه. لماذا؟ لأنه سيضربك معي، أعرف . وسيضاعف ذلك غضبه، أعرف} ص51.

وفي موضع آخر تحدد صاحبة الرسالة الرابعة، أيضا، وضع المرأة العربية، معبرة، ومُحذرة من الانفجار الذي يأتي من شدة الضغط، حيث تتحول من الطيبة إلي العدوانية، ومن السكون إلي ، ربما القتل، كما رأيناها تترك والدتها، والسيدة التي تعمل عندها، تركتهما يموتان، دون أدني إحساس بالنب، بل تبرر ذلك بأنها لم تفعل سوي أن رفعت يدها لتصد العدوان عليها.

{وبشكل من الأشكال، يصبح الضعف مصدر قوة عظيما، تصور إمرأة ممتهنة يوميا، مفرغة من روحها يوميا، كتلك التي أردت زوجها ببندقيته بعد زواج دام عقودا. قالت في المحكمة إنها غير نادمة، وإنها مستعدة لقتله من جديد من دون أدني شك، وإنها منذ تلك  اللحظة تسللت إلي قلبها قوة رفعتها عن الأرض الحضيض لبقية سنوات عمرها القليلة. هل تسمي ذلك انتقاما،  غدرا؟ أم استردادا للحق الأولي في التنفس؟} ص37 -38.

فإذا كانت هذه هي أوضاع الأسرة، التي هي بنية المجتمع، وهو ما لا يقل عن مساهمة الحكومات في عملية تشويه شخصية الفرد، وأخطرها، زرع الخوف في النفوس، وهو ما يعترف به إحدي الرسائل {لم أعد أبالي بالألم، لكن الخوف الذي دخل روحي جعل أوقات "الراحة" عذابا خالصا. ليس الخوف من الموت، جهنم لم تكون أقسي عليَّ من هنا. هو خوف لا أعي مصدره. ياتيني حين أكون وحدي، حتي إني صرتُ أفضل أن أكون معهم ... ذلك الخوف، ذلك الهلع استحوذ عليَّ تماما. أخذني إلي قيعان عميقة سوداء، وجعلني علي حافة الجنون حين بدأوا باغتصابي. لم يكن ذلك مؤلما بشكل غير محتمل، إلا لما كانوا يستعملون القناني والهراوات.} ص55.

وأمام هذا القهر الداخلي، علاوة علي ضيق ذات اليد. الفقر والحاجة، لم يعد أمام الشاب المصري إلا الهجرة. وقد كانت بعض الدول العربية، كدول الخليج، والعراق، تستقبل العمالة القامة من الدول الفقيرة، إلا أن ما يلاقيه لشاب هناك، ليس بأقل مما يلاقيه هنا، خاصة في العراق. حيث الحكم العسكري . فها هي إحدي الرسائل تتحدث عن تجربته في إحدها.

تندر القبضاي علي الفارق الجسماني بينه وبين من (يكتبون). وفي يوم ذهبوا للعمل، ولم تٌفتح لهم البوابة الحديد، إلي أن تجمهروا، فجاء صوت الميكرفون، لا عمل اليوم. وتكرر الأمر أياما بعدها، حتي أصابهم الملل، فراحوا يبحثون عن عمل في مكان آخر، و{لم يشعر أحدنا بالغضب. أو بدافع الانتقام من الزعيم العسكري، سارق ثروات بلده، مُهرب المخدرات، العاشق للديمقراطية، والذي يحاضر فينا بلذة عارمة، ثم يوزع علينا الحلوي.. انشغلنا بالبحث عن عمل آخر، يشبه بالطبع ذلك الذي طُردنا منه، يسندنا ولو لبضعة أشهر، ولذا كان علينا، ومن أجل ذلك، أن نصمت تماما، وأن نبدو مطيعين قنوعين. فمن دون عقد عمل، لا سبيل إلي الشكوي.} ص26.

{عملت عند ذلك العسكري الانقلابي الذي فتح جريدة ليعلم الخليفة أصول الديمقراطية، وكان في كل مداهمة لمفتشي وزارة التشغيل يفرَغ المكاتب من الموظفين. نكرُ علي أدراج القصر الفخم كالنعاج إلي الشارع، وننتظر في المقاهي أن يأتي إلينا الحارس، القبضاي الموكل بالأمن، ليصفر لنا بأن عودوا، ذلك بأننا كنا نشتغل من دون أوراق. بالأسْود. كان عاشق الديمقراطية الذي هرب من بلده، أو تواطأ مع زعيمها "التاريخي" للابتعاد قليلا، لعل الناس تنسي مجازره، كان يحاضر فينا، بعد جمعنا بالقوة في القصر الذي اشتراه وحولَله إلي مقر، يهنئنا علي إقامتنا في المنفي – مثله – لأننا طلاب حرية، ولا نحتمل القمع والتخلف في بلداننا العربية.

ولأننا طلاب حرية وديمقراطية، وغرباء، فمن يسأل منا عن أوراق، بداعي الحاجة إلي مستند إقامة}ص25.

   {كنا نتساءل كيف يفسر المفتشون خلو كل هذه المكاتب، وفناجين القهوة ما زالت ساخنة فوقها؟ ثم نخلص إلي أن المال يُقفل الأفواه ويمدد المهل، بل يركب القوانين. ونروح نردد بكرارة، عزاء واحدنا للآخر بأنها شروط العيش في المهجر.. وبأننا يتامي بلداننا وأهلنا فقراء، ثم نتواعد علي اللقاء والبحث معا عن عمل} ص25.

وبعد أن أعياه البحث عن وسيلة للعمل، ورفضه الانصياع وراء الإسلاميين، فكر في تجديد الإقامة. قدم جواز السفر، لكنهم احتجزوه_ دون أن نعرف في أي بلد هو بالضبط {احتفظوا بالجواز. قلت خذوه لا بأس، لكني لم أكن أريده للعودة، بل لتجديد إقامتي هنا، أو ربما الانتقال إلى مدينة عربية أخري. إلى بيروت مثلا أو عمان.. ثم بدأت أفكر كيف سأعيش هنا بدون إقامة. مهاجر غير شرعي، لن يحصل على عمل، مستحيل ... هكذا وجدت نفسي "معارضا" جاء تصنيفي معارضا بعد أن نشرت صحيفة فرنسية مقالا كنت ترجمته من العربية. ترجمته ولم أكتبه} ص27. إلا ان –حتى – المعارضين، إعتبروه مشبوها ويجب مراقبته. فأصبح منبوذا منهم، مطاردا من جهة الدولة.

لنصبح أمام مشكلة جديدة أصبحت تسري في عروق الشباب العربي، حيث لم يعد أمامه من سبيل للعيش، سوي بالهجرة، والتي تناولتها العديد من الروايات العربية، والتي عبرت عنها صاحبة الرسالة الثانية في حديثها عن صاحب الرسالة الأولي، وتُخبر صديقها المجهول، انها ستنتظره، فقد يعود {وهي لا تحمل أي إشارة تصلح للبحث عن كاتبها.. وعلى الرغم من هذا، سأحاول. ربما أعثر عليه في باريس، في أحد المقاهي التي تجمع الشبان العرب التائهين، الهاربين من شئ ما، لن يكون ذلك صعبا جدا} ص48.

وبعد كل تلك الضغوط، الداخلية، والخارجية، ماذا يمكن أن تكون النتائج إلا إفراز أجيال مضطربة مشوهة، عدوانية، حد أنهم لاينكرون ذلك، بتلك المعاملة الخشنة، واللامبالية التي عامل بها صاحب الرسالة الأولي، لمن المفترض أنها حبيبته، ومن يكتب إليها، وفي انتظارها.

{أنا متخلف، عدائي وعنيف، وفوق ذلك مدمن. وأجمل خيالاتي الجنسية تبدأ بأن أضعك بين ذراعي رجل آخر. تكونين عارية تماما، تحته أو فوقه، ربما لأعالج غيرتي. يعجبني أن أراك تشبهين النساء، ولك جسم معافي ينضح رغبة، متنقلا بين أيدي كثيرة تجعل لحمك يضئ ويتوهج} ص 27.

وكذلك تتحدث صاحبة الرسالة الثانية {بعد موت أبي، صرت حرة في كراهيتي، في أحقادي على من أحببت وهو لا يستأهل حبي. كأني خرجت من ماض كنت أنزلق فيه على سكة السلامة، وفي مقطورة الطيبة بلا إرادة مني أو رغبة. فقط، كي يستمر في حبي من لم أعد أحبهم، أضعت نصف عمري.. والآن، أريد أن أمحوهم من أيامي}ص37.

وما نجحت فيه الكاتبة، مع هذا التسلسل الإبداعي، المتخفي في ثنايا العمل، وما عبرت به عن التطور في تلك الشخصيات، أنها – هذه الشخصيات، لم تكن شريرة من البداية، وإنما كل تلك الأسباب، والظروف الحياتية، والمعيشية، هي ما أجبرها علي ذلك التحول. فما من رسالة من الرسائل الخمس، إلا ونشعر فيها بالحب المفتقد، أو السماح المرتقب، سواء من الأب أو الأم أو الأخ أو الحبيب، فثمة بذرة طيبة كامنة هناك في الأعماق، إلا أن الظروف لوثتها. فها هو الأخ الذي كتبت إليه أخته، صاحبة الرسالة الرابعة، ورغم أنها سرقته، وسرقت مخدومتها، ولم تعتطف علي أمها، التي كانت السبب في دمار حياتها، وما أدي بها إلي العمل ك"مومس" ها هو يقول عنها في الجزء الثاني من الرواية "في المطار" {تخرج إلي الصبيان في الشارع إن سمعت صوت بكائب، كانت تأخذني من يدي إلي الدكان وتتركني أختار ما أريد وتدفع من القليل الذي كان في جيبها. كانت ترد عني ضربات العصي، وتبكي إن قاصصني أبي. تأخذني في حضنها الصغير، تشطف بالماء وتضحك. أنام إلي جانبها، قرب قلبها، وهي تروي لي الحكايات، تركررها قدر ما أريد، وتتركني ألعب بضفيرتها حتي أغفو...يا إلهي، فل لي أين ذهبت هذه الفتاة الصغيرة؟ أين ذهبت أختي.} ص114.

ولم تكن الهجرة إلى بلاد الغرب هي المنفذ الوحيد، للخلاص من ضياع قيمة الإنسان، بل كان هناك منفذ آخر، يحمل في عمقه دوافع الانتقام، وهو الجماعات حاملة شعارات الإسلامية، وحاملة السلاح في وجه المجتمع، وليس الحكومات فقط، ولتصبح عنصرا أساسيا في إثارة الخوف والرعب في نفوس الجميع، وحاملة فيروس الموت في كل اتجاه. وهنا استخمت الكاتبة ألفاظا لها دلالاتها الكاشفة { نشفت السوق من العملات، بعد مغامرات من هذا النوع، أو لنقل إن العملة انتقلت إلي أسواق أخري، وصار الخيار، شيئا فشيئا، بين الكوكايين والإسلاميين. وأني جبان، بل غاية في الجبن، وجدت نفسي أكثر ميلا إلي الأول}ص26 – 27. حيث تم تخدير الشباب بدعاوي أن طريق الجنة، هو قتل (الكافرين). وتشعبت وتعددت تلك الجماعات، لنصل مؤخرا إلي (داعش) تلك التي أشار إليها ساعي البريد، الذي يتحدث في الجزء الثالث من الرواية، وعن دوره بين المتراسلين، ويشير إلي ذلك الخوف الذي سكن القلوب، من الحكومات، ويصنع بؤرة الرواية {لم يكن ذلك بعيدا في الزمن. أبدا. لا الإنترنت ولا غيره كان يُغني عن جولاتي، حتي حين نبتت مقاهي الإنترنت كالفطر، ذلك بأن الناس لم تتحصل علي الحواسيب بسهولة. كانت غالية الثمن وينقطع خطها باستمرار. إلي جانب أنها كانت مراقبة من الحكومة، ولعل الحكومة نفسها هي من كان يقطع الخط. وبأي حال، لا يستطيع من يستعملها أن يقول ما لا يُعجب. أو يُخيل إلى الناس، من خوفهم، أن الحكومة تراقب كل شيء. حتى الهواء الذي ينقل ذبذبات الكهرباء. أما الرسالة والكاسيت فقلما كانا من مراقبين من أحد، إذ باتوا يعتبرونها من وسائل المتخلفين، البعيدين عن أفكار الإرهاب} ص124.

وتزداد الأمو وضوحا حين يقرر ساعي البريد: {صرت موظفا في مكتب البريد، لا يجول ولا يوزع شيئا، بسبب الحروب والمعارك التي نزلت من السماء أو صعدت من جهنم، لا أحد أحد يفهم كيف، أو لماذا. داعش. داعش يقولون وتهرب الخلائق وتموت علي الطرقات، أو تختبئ في زرائب الحيوانات. حتي الحيوانات دشرت في الفلاة أو أكلها الناس جيفا...} ص124.

{أفكر أحيانا في أني لن أعيش حتي تنتهي داعش، داعش أو غيرها. لن ينقشع غضب الرب قبل موتي، أنتهي أمر عمري} ص125.

كما يشير صاحب الرسالة الثالثة إلي ما وصلت إليه الأمور، للفرد وللمجتمع علي الأرض اللبنانية من حروب وقتل، وبعد شكه في أن أمه ربما لن تعرفه إذا ما رأته، فقد أصبح شكله هزيلا وسقطت أسنانه وملأ الصلع رأسه، فحتي رغم ذلك يرسل رسالته{أقله ستعرفين أني مازلت في قيد الحياة في حال وصلت إليك هذه الرسالة. ففي أخبار الموت التي تُمطرها السماء  كحجارة من سجيل أتمني أن تكوني أنت ما زلت في قيد الحياة، وأنك هربت في الوقت المناسب، برا أو بحرا.. لذا، أنا أكتب رسالتي} ص53.

تشوهت صور الأفراد، وانحدرت جميعها إلى الرغبة في الانتقام، وتشوهت صورته في الخارج. فصاحب الرسالة الثالثة، وصل حد ترك من آوته، وأحبته – في الخارج، تركها تموت، بعد أن سرقها. ليسقط في الاتهام، زميله البولندي الذي كان مرشدا له للخير ليواجه هو الاتهام {تقتلان مواطنة أوتكما، تسرقانها وتقطعان جثتها؟ هناك أجزاء من الجثة لم نجدها، القلب مثلا، هل أكلتما لحم المرأة؟}ص110.

وصاحبة الرسالة الثانية تعاني الاضطراب، وهي أيضا في الخارج {سأقول لك كيف أني لا أنتظر، أعني حتي عند طبيب الأسنان، أعني أني، وأنا أنتظر أنام. أغفو فعلا، لم أكن هكذا من قبل، كنت نافدة الصبر وأتوتر حين يتأخر من يواعدني ... صرت منذ مدة أنسي من أنتظر، ولماذا أنتظر من أنتظر} ص34.

وهكذا تحولت الشخوص كلها إلي شخوص فاقدة الروح، فاقدة الحياة. {أنا، على فكرة، قلما أسافر. البلدان القليلة التي سافرت إليها اصابتني بالخيبة، خيبة حقيقية، ليس بسبب أن بلادي أجمل، وخصوصا وهي في نار الحروب، بل لأن وعود شركات السياحة كلها كاذبة، يكذبون بوقاحة} ص43.

ويؤكد صاحب الرسالة الثالثة عن صاحبة الرسالة الثانية، بما يؤكد أن هجرة العربي إلي الخارج هجرة بلا عودة {هذا غريب. ثم، لو لم يكن في الأمر سر فلم عساها عادت تبحث عن أوراقها؟ هذه المرأة قالت، أي كتبت، إنها يستحيل أن تعود إلى بلدها. وفي اعترافاتها تلك، يخيل إليَّ أن بلدها هو لبنان. هنا أيضا يكمن سر كبير: هذا البهو ليس فيه أبواب تؤدي إلى شركات طيران تسافر إلى بيروت} ص53.

الأمر الذي كان معه بالضرورة أن تتحول رؤية الغرب إلي كل عربي، أو كل مسلم. فكان طبيعيا أن نسمع تلك التعليقات، او تلك التصرفات {هذه شعوب غربية. رجالها معقدون، مرضي} ص97. {انتهي الأمر بأن كرهته وكرهت عقده الكثيرة، تلك التي يبدو أنه قد حملها من طفولته البائسة في بلده المعتل}ص98. {وتتساءلون لماذا تخاف منكم الناس ولماذا تكرهكم؟ يللا، كل إلي بلده.} ص110.

وكما تشوه الأفراد، تشوه المجتمع، واصبحت الشوارع بلا عناوين. وهو ما يضع به ساعي البريد {فحين تختفي العناوين تماما في المناطق المُدمرة وتتصحر قرانا خالية من الناس، إلي من يكتب الواحد؟! وإلي أي عنوان؟! حين تنتهي الحروب سوف يبحثون طويلا عن أسماء الشوارع، وقد يعطونها أسماء جديدة، بحسب من ينتصر ويسيطر عليها}ص125.

وكأنه يعلن في النهاية، مع الكاتبة "هدي بركات" خلاصة القضية، أيها السادة. نحن بالفعل صُناع الإرهاب، بممارسات المجتمعات المتخلفة، وممارسات الحكومات الممسكة بالسلطة، حتي لو ضاع في سبيلها ملايين العرب.

 

Em:shyehia48@gmail.com

(1) هدي بركات – بريد الليل – رواية – دار الآداب للنشر والتوزيع – ط1  2018.