مصطلح الأدب النسوي مصطلح إشكالي قيلت فيه آراء عديدة ومتباينة، فبعضهم يرفضه لأن الأدب نتاج إنساني عام بغض النظرعن جنس من كتبه، وبعضهم يتبناه لأن للمرأة خصائص نفسية وفكرية تختلف عن خصائص الرجل، وبالتالي فأدبها مختلف بطبيعته عن أدب الرجل. ونحن في هذه الدراسة، وإن كنا نقر بأن الأدب هو إبداع إنساني بغض النظرعن جنس مبدعه، فإننا نعتقد أن الواقع الخاص الذي تعيشه المرأة، والمغاير في مناح كثيرة لواقع الرجل لا بد أن يلقي بظلاله الثقيلة على أدب المرأة، وينتج سمات خاصة بأدبها. فهي في كل مرة تلج العوالم الروائية تكسر محظوراً اجتماعياً عمره آلاف السنين، وترزخ -بنسب متفاوتة- تحت نير الموروث الاجتماعي والثقافي الذي لا يراها إلا داخل أسوار جنة المنزل الخالدة، أو في مساحة محدودة جداً من الخارج في حال كانت عاملة. ولا شك أنها في كل مرة تمسك بالقلم يفرض الرقيب الخفي سطوته عليها، وتتسسلل خفية أو جهاراً معاناة بنات جنسها، فيبرز الحديث عن الموضوعات النسوية، ومعاناة المرأة، وترسم مشاهد، وترصد مواقف لا يتنبه لها كاتب رجل، وإن فعل فهو فلا يؤكدها أو يحتفل بها كما تفعل الكاتبة. وأعتقد أن هذا المصطلح سيظل حياً إلى أن ينتهي الاضطهاد اللاحق بالمرأة، وإلى أن يصبح واقعها الاجتماعي والعملي والاقتصادي والسياسي مماثلاً تماما لواقع الرجل.
نشأة الرواية العربية
جاء مولد الرواية العربية استجابة للتحولات التي طرأت على المجتمع العربي إثر احتكاكه بالغرب الصناعي الذي بدأت موجاته الاستعمارية تغزو الوطن العربي مع بداية القرن التاسع عشر، لتبحث عن أسواق جديدة تمتص فائض إنتاجه، وتغذي معامله بالمواد الخام. وقد أدى هذا الاحتكاك إلى خلخلة البناء الإقطاعي العربي، وإلى بداية ظهور الطبقة الوسطى وتناميها، وسعيها إلى تلبية احتياجاتها الاقتصادية والفكرية والروحية. وقد قادت هذه الطبقة حركة التحرر الوطني، وطمحت إلى تأسيس دول حديثة تحاكي دول الغرب. وظهر التوجه إلى الفرد، وإلى البحث عن سبل تطويره. وخرج التعليم من قوقعة الطبقة الإقطاعية ليصبح مطلباً لأبناء الطبقة الوسطى المتنامية؛ فظهرت المدارس الوطنية الحديثة التي تأسست إلى جانب مدارس البعثات التبشيرية. وتعاظم دور الصحافة التي كان لها دور كبير في نشوء الفن الروائي(1)
نشر الكاتب اللبناني سليم البستاني عام 1870 أول رواية عربية هي ( الهيام في جنان الشام) على صفحات مجلة الجنان. إلا أن أغلب الباحثين يرون أن رواية (زينب)(2) لمحمد حسين هيكل، والتي نشرت عام 1913 هي أول رواية عربية نظراً لمآخذهم الفنية على رواية سليم البستاني، وبعض الروايات المشابهة لها التي نُشرت بعدها.
كان للبنانيين الفضل في نشأة الرواية العربية ترجمة واقتباساً وتأليفاً سواء الذين أقاموا منهم في لبنان، أو الذين هاجروا إلى مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر هرباً من الاستبداد السياسي، وبحثاً عن فضاء سياسي واجتماعي أكثر حرية. وقد أسهم الكتاب اللبنانيون في تنشيط الحياة الثقافية وتطوير الصحافة في مصر، لكن النتاج الروائي اضطرب بين أيديهم ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وانتقل ثقل االنشاط الأدبي والثقافي للمصريين، وتقدمت الرواية المصرية بخطى متسارعة لتحتل مكان الصدارة في الدول العربية كما ونوعاً.
الإسهام النسوي في الرواية العربية
استجابت المرأة الكاتبة للفن الروائي منذ نهاية القرن التاسع عشر، وكان إسهامها مرتبطاً بحجم هذا الفن وتطوره في كل بلد عربي، فإن كان موجوداً ومتطورا في بلد ما كان الانتاج النسوي موجوداً ومتطوراً، وإن بنسبة أقل نظراً للمعوقات الاجتماعية التي تواجه المرأة، فلم يكن من السهل أن تمسك المرأة قلماُ وتكتب رواية تودعها تجربتها الحياتية، وما تفكر به في ظل مجتمع محافظ قد يسقط ما تقوله روايتها على حياتها الخاصة، فيجرّمها بسببها، وينزع عنها حمايته لها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن كتابة رواية تحتاج بالإضافة إلى الموهبة والثقافة الواسعة تجربة حياتية غنية تتعرف من خلالها المرأة على مجتمعها بعمق، وهذا ما لم يتوافر للغالبية العظمى من النساء اللواتي عشنّ حيواتهن، على الأغلب، في البيئة الأسرية الضيقة، وبيئة عملهن الوظيفي إن كن من العاملات.
وكما كان الروائيون الرجال اللبنانيون هم رواد الرواية في البلاد العربية، كانت اللبنانيات رائدات الرواية النسوية سواء المقيمات في لبنان أو المهاجرات إلى مصر والولايات المتحدة الأمريكية. فقد صدرت عام 1895الرواية الأولى للروائية زينب فواز التي كانت تقيم في مصر آنذاك، وقد أسمتها (حسن العواقب أو غادة الزهراء)، وأعقبتها بعد سنوات برواية (كورش ملك الفرس). ثم تلتها مواطنتها لبيبة هاشم التي قدمت إلى مصر، وتفتحت مواهبها فيها فأصدرت عام 1904 رواية (قلب رجل)، وفي عام 1907نشرت رواية ثانية بعنوان ( شيرين أو فتاة الشرق)(3). ونشرت عفيفة كرم رواية (بديعة وفؤاد) في نيويورك عام 1906. وفي عام 1912 نشرت فريدة عطية رواية تاريخية بعنوان (بين عرشين).
بعد هذه البدايات توقف الانتاج الروائي النسوي في لبنان إلى أن ظهرت رواية (أنا أحيا) لليلى بعلبكي عام 1958. ومنذ ذلك التاريخ أحرزت الرواية النسوية اللبنانية تقدماً كبيراً، فذاع صيت بعض الروائيات داخل الدول العربية وخارجها، وترجمت أعمال عدد منهن إلى عدد من اللغات الأجنبية كإملي نصر الله، وهدى بركات، وحنان الشيخ، وإيمان حميدان، وعلوية الصبح. وعالجت الكاتبات بشكل خاص الموضوعات المتصلة بهموم المرأة اللبنانية، والحرب الأهلية اللبنانية التي امتدت من نيسان/ إبريل 1975 حتى تشرين الأول/ أكتوبر 1990.
في مصر نشرت الرواية النسوية الأولى في عام 1935، لكن البداية الحقيقة كانت في الخمسينيات من القرن الماضي. ومنذ السبيعينيات منه وإلى الآن حققت الرواية النسوية المصرية تقدماً كبيراً، فنشرت في ذلك العقد فقط اثنتان وثلاثون رواية (4). ومن أهم الروائيات أمينة السعيد، لطفية الزيات، صوفي عبد الله، نوال السعداوي، رضوى عاشور، إقبال بركة، ميرال الطحاوي.
في البلدان العربية الأخرى تأخر ظهور الرواية النسوية، عنه في مصر ولبنان، وتطور ببطء، لكننا اليوم نشهد نهضة روائية كبيرة في كل البلدان العربية تتزامن مع تطور الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمرأة العربية. ففي السعودية مثلاً ظهرت الرواية النسوية الأولى عام 1963 لسميرة الخاشقجي، ولم يصدر حتى عام 1985 سوى ثماني روايات، خمس منها لسميرة الخاشقجي. لكن الرواية السعودية النسوية تشهد منذ بداية الألفية الثالثة طفرة في عدد الروايات الصادرة لخمس عشرة كاتبة جديدة نشرت كل واحدة منهن ما بين رواية واحدة وست روايات، مثل أميمة الخميس، هند حجازي، رجاء عالم التي حصلت روايتها (طوق الحمام) على جائزة البوكر بنسختها العربية عام 2011.
أما الإمارات العربية المتحدة، البلد الصغير مساحة، والذي لم يصل عدد مواطنيه إلى المليون نسمة حسب إحصاء عام 2010 (5)، فإن هناك اثنتا عشرة روائية نشرنّ العديد من الروايات، ولعل أغزرهن انتاجاً الكاتبة سارة الجروان الكعبي التي نشرت ست روايات كان آخرها “طروس إلى مولاي السلطان (الكتاب الثاني–البرقع) وقد ” اختار ملتقى الشارقة للرواية في دورته الرابعة سنة 2009 روايتها “شجن بنت القدر الحزين” كأول رواية نسوية في دولة الإمارات"(6).
نشأة الرواية النسوية السورية
أُعلن ميلاد الرواية النسوية السورية في عام 1950، أي بعد نشر أول رواية ذكرية سورية بثلاثة عشر عاماً، وكانت للكاتبة وداد سكاكيني بعنوان (أروى بنت الخطوب). ونُشرتْ في العام نفسه رواية (يوميات هالة) لسلمى الحفار الكزبري. وقد بلغ عدد الروايات النسوية السورية المنشورة في الخمسينيات من القرن الماضي خمس روايات، وهو أعلى معدل تبلغه الرواية النسوية العربية في أي بلد في ذلك العقد(7). وازداد نمو الرواية في الستينيات حتى وصل عددها إلى ست عشرة رواية. وحققت الرواية النسوية السورية نمواً كبيراً منذ العقد الأخيرمن القرن الماضي؛ إذ نشر خلاله ما يزيد على أربعين رواية(8). وازداد إقبال المرأة على كتابة الروايات منذ مطلع الألفية الثالثة، فبرزت مجموعة كبيرة من الكاتبات، كشهلا العجيلي، نجاة حسين عبد الصمد، مها حسن، لينا هويان حسن، روزا ياسين حسن، ديمة ونوس، نغم حيدر، منهل السراج، إيناس عزام، أسماء معيكل.
لقد ارتأت هذه الدراسة أن تدرس نتاج الروائيات السوريات من خلال ثلاثة أجيال روائية، هي:
الجيل الأول، هو جيل التأسيس والتأصيل، جيل الكاتبات الرائدات اللواتي نشرن رواياتهن في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وكان لهن الفضل في فتح الباب للسوريات للمشاركة في النشاط الروائي الحديث نسبياً في سورية والوطن العربي. كاتبات تلك الفترة كنّ من الأسر البرجوازية في مدينتي دمشق وحلب، والتي أتاحت الفرصة لبناتها بأن يتعلمن، وأن يطورن مواهبهن الأدبية. ولم يكن التعليم في النصف الأول من القرن العشرين متاحاً للغالبية العظمى من أبناء السوريين.
الجيل الثاني: هو جيل كاتبات العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين. وقد ظهر في هذا الجيل الأثر الكبير لمجانية التعليم في سورية حتى المرحلة الجامعية العليا، فأتيحت الفرصة للفتيات من الطبقات المتوسطة والفقيرة للحصول على مؤهلات تعليمية عالية مما أهلهن للدخول إلى سوق العمل، والانخراط في الحياة الثقافية السورية بشكل أوسع.
الجيل الثالث: جيل الروائيات اللواتي بدأن بنشرأعمالهن في القرن الواحد والعشرين.
السبب الذي يدعونا إلى الأخذ بهذا التصنيف هو أن هناك سمات عامة مشتركة تجمع روايات كل جيل. وهذه السمات مرتبطة بواقع المرأة السورية في الحقب المشار إليها، وبواقع المجتمع السوري الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وعلاقته بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية في العالم، وانعكاس هذا الواقع على التكوين المعرفي والنفسي للمرأة الكاتبة، وبالتالي أثره على إنتاجها الأدبي.
جيل التأسيس والتأصيل
تشترك كاتبات الجيل الأول بتمحور جميع رواياتهن حول حيوات نساء، تكاد تكون مقطوعة الصلة بالعالم الخارجي لعالمهن الأنثوي، لكنهن يختلفن في كيفية رسم هذا الواقع، وبأسباب اختياره.
بعض الروائيات اخترن تقديم حيوات نساء لأنهن أقدر على التعبير عن عالم المرأة، بحكم نشأتهن وتجاربهن الخاصة. وفي هذه الروايات نرى مجموعة من الأحداث بطلتها امراة، وتبدو الكاتبة مطمئنة لواقع المرأة، أو على الأقل غير رافضة له. نجد ذلك في روايتي سلمى الحفار الكزبري (يوميات هالة، 1950)، و(عينان من إشبيلية، 1965) وفي روايتي أميرة الحسيني (الأزاهير الحمر، 1961) و (القلب الذهبي، 1963).
البعض الآخر من الروائيات قدمنّ سير بطلات ليعبرن من خلالها عن رفضهن لواقع المرأة والتقاليد الذكرية الموروثة التي تعلي من مكانة الرجل، وتقصي المرأة إلى المرتبة الثانية، وتمنعها من ممارسة حقوقها. وقد تباينت آراؤهن، وسبب رفضهن لهذا الواقع. فإنعام مسالمة في رواية (الحب والوحل، 1960) رفضت ما استقر في ذهن الرجل الشرقي من أنه يجب أن يكون الرجل الأول في حياة المرأة، حتى وإن قطعت علاقتها بالآخر، وكرهته. أما وداد سكاكيني في روايتها الرائدة (أروى بنت الخطوب، 1950) فقد هجت الرجل هجاء مراً، وأظهرته كتلة من الغدر والخسة والضعة والتمرغ في رغبات الجسد، في حين أعلت من شأن المرأة، وقدمتها تقية، عفيفة، نافرة من الجسد. وقد عزت سبب تأليفها للرواية إلى رغبتها في الدفاع عن بنات جنسها، والرد على الأدباء المعادين للمرأة الذين يتهمونها بالجهل والتخلف، تقول الكاتبة: " آليت على نفسي أن أكتب رواية أودعها صبر المرأة على الأذى، ممن يدعون عداوتها ظلماً ووهماً، فكانت أروى بنت الخطوب صورة لما لحق بالمرأة من بهتان وهوان، عبرت فيها عن شقاء المرأة بلعنة الرجل وبقاء كرامتها في اعتصامها بالتقوى"(9).
هذا الموقف المتشنج جداً من الرجل قلما نلتقي به في الروايات النسوية السورية. فكوليت خوري وجورجيت حنوش قدمتا بطلات متمردات على مواضعات المجتمع وتقاليده، وثائرات على سلطة الأب والأسرة، لكنهما لم تدينا الرجل إدانة صارخة منفعلة، وإن انتقدتا خيانته للمرأة. لقد " ظل الرجل بالنسبة إلى بطلاتهما الهدف، والمآل، والسند باعتباره الأقوى"(10). وكرمى له تبدى بطلة كوليت خوري استعدادها للتخلي عن حريتها، وعن حلمها بأن تصبح شاعرة، وهي الرافضة لأي سلطة، والمطالبة بحرية الحب والجنس، وبحق المرأة في اختيار حياتها التي تريد دون أي إكراه "إن حريتي لا تفيدني، وإنني أفتتها إرباً إرباً، وأنثرها تحت أقدام رجل أحبه ويعطف عليّ"(11).
لقد صدرت كاتبات الجيل الأول عن موقف تقليدي من المرأة، فهي كائن ضعيف يحتاج للرعاية والتوجيه، أما الرجل فهو الأنضج والأقوى، وهو محور حياتها. وما رفضها للعادات والتقاليد إلا لأنها تمنعها من التواصل مع من تحب، وممارسة حريتها الفردية التي حُرمت منها لآلاف السنين. وقد ساعد المناخ السياسي بعد الاستقلال، واطّلاع الكاتبات على الأدب الغربي والتيارات الفكرية الغربية على تبني الدعوة إلى الحرية الفردية، وحرية الحب والجنس.
الجيل الثاني: جيل السبيعينات حتى نهاية القرن العشرين- ما بعد الريادة
ظل المناخ السياسي والاجتماعي في الخمسينيات، ومعظم سنوات الستينيات يساعد على سيطرة الهم النسوي على وعي الروائية السورية، لكن حدثت متغيرات جسيمة في العالم والدول العربية أثرت في الرواية النسوية، وجعلتها تخرج من التقوقع على الموضوع النسوي، وترى أن الهموم النسوية لا تنفصل عن هموم المجتمع ككل. وكان أولها وأهمها هزيمة حزيران عام 1967 أمام الجيش الإسرائيلي، والتي كان من نتائجها احتلال إسرائيل للجولان السوري بالإضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه الهزيمة أحدثت واقعاً عربياً جديداً، وشروخاً عميقة في بنية الإنسان العربي الفكرية والنفسية، وأحدثت انعطافاً كبيراً في تناول الكاتبات السوريات لموضوعاتهن الروائية. فبدأنّ يزاوجن في موضوعاتهن بين الموضوع النسوي التقليدي، والهموم الوطنية بأبعادها المختلفة، وبدأنّ يعين –بنسب متفاوتة- أن واقع المرأة الخاص لا يمكن أن ينفصل عما يحدث في المجتمع؛ فالاستقلال الوطني الذي لم يمض وقت طويل على إنجازه اختل وخسر السوريون الجولان دون قتال حقيقي، فشعروا بالضعف والذل والمهانة. ونتيجة لهذه الأزمة الكبيرة خفت صوت الفرد، وعلا صوت الجماعة، وطغى الألم الجمعي على الألم الفردي. لكن هذا لا يعني أن الكاتبات بدأن يكتبن عن الهم العام عقب الهزيمة مباشرة، فستمر بضع سنوات حتى تتضح الرؤية وتنضج.
وأثرت الحرب الأهلية اللبنانية في عدد من الروائيات السوريات نظراً للروابط التاريخية والأسرية بين البلدين اللذين كانا جزءاً من سورية الكبرى قبل اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. كما كان لانطلاقة المقاومة الفلسطينية المسلحة أثر بيّن أيضاً على الرواية النسوية السورية.
وبموازاة الأحداث السياسية التي ذكرنا بعضها، حدثت متغيرات اجتماعية واقتصادية هامة في المجتمع السوري، إذ ازداد إقبال المرأة على التعليم، وازداد الوعي العام بضرورة تعليم المرأة وخروجها إلى العمل لا بدافع بناء الذات المستقلة عن الرجل فقط، بل أيضاً بسبب ضغط الحاجة المادية نتيجة الأزمات الاقتصادية، وارتفاع منسوب الاستهلاك رغبة في الوفاء بمتطلبات الحياة المدنية. فلم يعد عمل المرأة مرفوضاً أو مستهجناً، بل بات ضرورة ملحة لدعم اقتصاد أسر أبناء الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة. ولهذا، وتحت ضغط الحاجة اضطر الكثيرون من المحافظين للسماح لبناتهم أو أخواتهم أو زوجاتهم بالعمل خارج المنزل. ولا شك أن العمل هو البيئة المثلى لخلق قيم ومفاهيم جديدة تسهم في بناء علاقة سوية بين الرجل والمرأة، فتسقط المفاهيم الموروثة المغلوطة عن عدم قدرة المرأة على مجاراة الرجل في تحمل أعباء العمل والتفوق فيه. وتزداد ثقة المرأة بنفسها، ويتنامى دورها في أسرتها. وتسقط الحواجز النفسية والفكرية بينها وبين زميلها في العمل الذي يتعرف عن قرب على إمكاناتها، ويصبح مهيئأ أكثر لتصويب خلل العلاقة الموغلة في القدم بينه وبين المرأة، لتصبح أكثر إنسانية وتكافؤاً من ذي قبل. والمرأة العاملة التي لا تحكم حاجتها المادية علاقتها بزوجها أو أبيها أو أخيها، والتي تعامل زميلها بالعمل بندية تصبح أكثر قدرة على تفهم الرجل، وأكثر موضوعية في الحكم عليه.
لقد خرجت الرواية النسوية السورية في هذه المرحلة من أًسْر الموضوعات النسوية الصرف بتأثير من العوامل السابقة، وقدمت رؤيتها لما يجري حولها من متغيرات سياسية واجتماعية، لكنها لم تتخل عن الموضوع النسوي، فبعض الكاتبات ظل اهتمامهن منصباً على الهموم النسوية الفردية، في حين ربطت أخريات بين المشكلات التي تعترض المرأة والمشكلات التي يعاني منها المجتمع ككل، فالكاتبة لم تتخل عن التعبيرعن واقع المرأة حتى في أشد حالات التصاقها بالهم العام. لكن مكانة هذا الموضوع تراجعت قياساً بالموضوعات العامة الأكثر إلحاحاً، ولم تعد تعالجه الكاتبة بشكل منفصل.
صورة المرأة في روايات الجيل الثاني
معظم شخصيات الروايات في هذا الجيل كن من النساء، وحضور الشخصيات الذكرية بدا في كثير من الأحيان متمماً لرسم عالم المرأة، ومساعداً على تبيان وجهة نظرها في العلاقة بين الرجل والمرأة. ويمكننا أن نلحظ ثلاثة نماذج رئيسة للمرأة، هي: المراة النمطية،المرأة المتمردة، المرأة الجديدة.
المرأة النمطية:
تماثل المرأة النمطية في هذا الجيل معظم شخصيات الجيل الأول، فهي امرأة تابعة للرجل خاضعة له، وإن كانت متعلمة تعليماً عالياً، أو عاملة. هو محور حياتها، حتى وإن قسا واضطهد وخان وهجر. وقرارها بيده، فإن عملت، فالعمل يجب أن يكون وفق شروطه الصارمة التي لا يجب أن تحيد عنها، ولذا توصي إحدى الشخصيات الروائية ابنتها بالخضوع التام للزوج: " تعلمنا في حياتنا ألا نعاند الزوج، وألا نخطئ معه لو أخطأ معنا. فالزوج يا وفاء هو رب صغير."(12)
المرأة المتمردة
استمر في هذا الجيل ظهور النساء المتمردات، ومعظمهن كن من الطبقة البرجوازية، متعلمات تعليماً عالياً، مثقفات، متميزات، ويمتلكن موهبة أدبية، وأغلبهن كن جميلات أيضاً. وقد يكون إصرار الكاتبة على اختيار البطلة الجميلة من باب التأكيد على أن جمال المرأة لا يعني البلاهة والتفاهة، والانغماس في قشور الحياة، وقد يكون تأكيداً على تميّز البطلة وتفردها، فما زالت الجميلة هي المقدمة اجتماعياً على النساء المحرومات من الجمال. وقد انحصر تمرد العديد من البطلات في رفض سلطة الأب، والزوج، والطبقة الاجتماعية، والتقاليد الموروثة والسلطة السياسية، وفي الدعوة إلى حرية الحب والجنس.
بعض البطلات عشن صراعاً حاداُ بين الحاجة إلى الرجل والحقد عليه، وهذا ما قاد بعضهن إلى أن يتحولن إلى شخصيات مرضية. فاضطهاد والد بطلة رواية ( قبو العباسيين، 1995) لأمها يحولها إلى فتاة سادية تريد الانتقام من الرجل فقط لأنه رجل، فتوهم شاباً أنها تحبه، ثم تتخلى عنه فتدفعه إلى الانتحار، ومن ثم تصاب بالانهيار النفسي نتيجة عذاب الضمير ولوم الأصدقاء لها. هكذا تحمّل الكاتبة هيفاء بيطار الواقع غير السوي الذي تعيشه المرأة مسؤولية دمار شابين في مقتبل العمر.
بعض المتمردات كن أكثر توازناً في رفضهن لسلطة الرجل وللمعوقات الاجتماعية، فبدونّ أكثر موضوعية في مقاربة علاقة الرجل بالمرأة. لقد وصلنّ بعد تجارب قاسية إلى أن المخرج لمعاناتهن يكون بالاستقلال الاقتصادي عن الرجل، وبدونّ أكثر تفهما للرجل رغم رفضهن لممارساته وازدواجيته. نجد ذلك مثلاً في روايتين: الأولى لهيفاء بيطار(أفراح صغيرة... أفراح أخيرة، 1996)، والثانية لأسيمة درويش (شجرة الحب.. غابة الأحزان، 2000).
تقدم الكاتبتان زوجين عربيين يحملان شهادات جامعية عالية من جامعتين أوربيتين، ويحبان زوجتيهما، ويتعاملان معهما بندية تامة، وهما في أوروبة، لكن عندما يعودان إلى بلديهما (سورية، والسعودية)، ويمكثان فترة من الزمن، تعود التقاليد الاجتماعية لتفرض سطوتها عليهما، فيدين الأول الحاصل على درجة الدكتوراه زوجته بأثر رجعي لأنها عاشت معه، لا غيره، في باريس دون عقد زواج. أما الآخر، فيفرض على زوجته الالتزام بعادات وتقاليد المجتمع السعودي الصارمة، فإن خرجت عنها خروجاً طفيفاً غير مقصود اتهمها بتعمد إحراجه اجتماعيا، وعدم دعم نجاحه المهني. أما ممارسة حقها في الكتابة والنشر، فأمر محرم لا يجب الاقتراب منه.
كان الزوج السعودي لا يرى في سلوكه تناقضاً مع ما كان يؤمن به سابقاً، وإنما تعايش مع الحياة في بلده، لكن البطلة مدى ترفض هذه الازداواجية، وتطلب الطلاق مودعة عالم الرخاء والحياة السهلة الرغيدة. وتقرر بدء حياتها من جديد، فتلتحق بإحدى الجامعات في لندن لتحضير درجة الدكتوراه. وهناك تقع في حب الطبيب الإنجليزي الذي كان يعالجها، لكنها تضطر بعد ذلك لقطع علاقتها به رغم أنه كان الصديق والحبيب والسند. وهي رغم ألمها النفسي لم تجزع أو تستسلم لعذابات الفراق، فحافظت على توازنها الروحي وإقبالها على الحياة. ولأن الكاتبة أرادتها قوية، متميزة، غير متكئة على الرجل، جعلتها تبدو خلال علاقتها بحبيبها الإنجليزي الأقوى والأكثر تأثيراً، إذ بسببها استعاد توازنه النفسي، وهجرته كوابيس طفولته المرعبة، واختفى من حياته شبح والده الميت الذي ظل يلاحقه سنوات طويلة. هذه العلاقة التي تظهر تميّز المرأة الشرقية على الآخر الغربي تذكرنا بعلاقة ناديا بطلة رواية (الوطن في العينين، 1979) لحميدة نعنع بحبيبها فرانك الثوري الفرنسي الذي تقاعد عن العمل الثوري، واستسلم لحياة الرفاهية البرجوازية في فرنسا البلد العقيم، والذي تعيده ناديا ثانية إلى توهجه الثوري، وإلى العمل ثانية على تثوير بقعة شرق أوسطية ولود-لبنان أثناء الحرب الأهلية(13).
أما هيام بطلة الرواية الأولى فقد طلبت الطلاق أيضاً، لأنها لا تستطيع العيش مع إنسان يحتقر ماضيها. وكانت سعيدة باستعادة حريتها. ولما فشلت علاقتها بالشاعر الذي أحبته بعد الطلاق، حافظت على توازنها، واحترامها لذاتها، ولم ترض أن تكون عشيقة لرجل متزوج وأب لولدين.
لم تصل هاتان البطلتان إلى قرار الانفصال عن الزوج، ومن ثم الحبيب بيسر، فقد عاشتا صراعاً نفسياً مريراً، خاصة وأنهما تعتبران الرجل ركناً هاماُ في حياتهما، لكنهما في النهاية انتصرتا لكرامتهما الإنسانية واحترامهما للذات.
هذا النموذج للتمرد الإيجابي الذي ظهر في الروايتين السابقتين زاد حضوره في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وقد يحدث أن تكون الشخصية المتمردة امرأة ريفية لم تحصل إلا على التعليم الابتدائي، كبطلة رواية (فرات، 1998) لمية الرحبي، لكن تسكنها روح رفض الظلم والانكسار، فتقاوم اضطهاد زوجها لها، وترد له ضرباته لها حتى بات يخشى منها، ويمتنع عن ضربها. وعندما توفي إثر مرض عضال بحثت عن عمل يحفظ كرامتها وكرامة أولادها، ورفضت وصاية أهلها أو أهل زوجها عليها. التجربة علمتها أن الرجال ليسوا وحدهم المسؤولين عن الاضطهاد الواقع على النساء، بل خوف النساء منهم واستكانتهن لهم عامل هام أيضاً في استمرار معاناة المرأة. ووصلت إلى نتيجة، هي " ما دمْتُ لست بحاجة إليهم، وما دمْتُ قد نزعت الخوف من قلبي فلن يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء معي"(14).
صورة المرأة الجديدة
المرأة الجديدة هي النموذج النسوي الذي كان شبه غائب على امتداد فترات التاريخ المختلفة، والذي بدأ يظهر بشكل طفيف في السبعينيات من القرن الماضي في الروايات التي انفتحت على الهموم الجمعية، وبنت عوالمها الروائية من واقع الحياة السياسية والاجتماعية في سورية وبعض الدول العربية. هي المرأة الحرة، الثورية، الحريصة على صون كرامتها الإنسانية، واستقلابها الاقتصادي، المؤمنة بارتباط مصيرها الشخصي، بمصير مجتمعها، وبأن مهمومها الفردية كامرأة غير منفصلة عن هموم مجتمعها الكبير بكل مكوناته. وهي المرأة الواعية الناضجة التي تسعى باستمرار إلى إغناء عالمها الداخلي، والتي تنظر إلى الرجل نظرة متوازنة بعيدة عن التشنج والتطرف رغم أنها لا تقر في معظم الأحيان سلوكه، ونظرته غير السوية للمرأة. هو بالنسبة إليها رفيق درب وشريك حياة، عليها أن تعمل معه لخلق عالم أفضل على المستويين الخاص والعام. وهو ليس قيماً على حياتها أو معيلاً لها، ولذا فهي على استعداد للتخلي عنه غير نادمة أو منكسرة إن شعرت أن علاقتها به ستنال من استقلالها.
نرى هذا النموذج في روايات حميدة نعنع، ملك حاج عبيد، غادة السمان، نادية خوست، وأنيسة عبود التي قدمت في روايتها المتميزة (النعنع البري، 1997) امرأة مثقفة، أستاذة جامعية، تلقي المحاضرات الثقافية، وتكره الارتزاق السياسي، وترفض المظاهر السلبية في مجتمعها، من مثل أن يتحول الأديب والمثقف إلى بوق للسلطة السياسية يروج لسياساتها، وترفض أن تتحول زوجة تاجر ولص كبير إلى راعية للأدب والأدباء، وترفض أن يصعد المرتشي واللص درجات السلم الاجتماعي، فيتمتع بالثروة والجاه، ويصبح مقدماً على العلماء، والذين أطعموا الجوعى والمحتاجين، واستشهد أبناؤهم دفاعاً عن الوطن.
أحبت شاعراً، وبادلها حباً عميقاً، وكان يراها امراة نادرة، لكنها قطعت علاقتها به عندما ضعف، وتحول إلى مرتزق يبيع شعره ويصفق للسلطة السياسية. لقد شعرتْ "أن العمر مجموعة خسارات"(15) وعاشت أزمة نفسية حادة، لأنه لم يكن بالنسبة لها حبيباً وزوج المستقبل وحسب، بل كان الأمل في بناء مستقبل نظيف مغاير للحاضر الفاسد.
تدين الكاتبة الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي في بلدها، فحياة البطلة عليا التلميذة ابنة الفلاح الذي كان يضطهده الإقطاعي لم تتغير كثيراً بعد مضي سنوات طويلة، وبعد تغير السلطة السياسية التي تبنت النظام الاشتراكي، وبعد أن أصبحت أستاذة جامعية مطرودة من جامعتها لأنها تجرأت وطردت حفيدة أحد المتنفذبن من قاعة الامتحان بسبب الغش. تقول واصفة نفسها: "تغيرتُ من عليا تلك إلى عليا هذه... وبين تلك وهذه لم تتغير الظروف المعيشية كثيراً، ولا تغيرت الظروف الحياتية"(16).
قدمت أنيسة عبود في رواية ( النعنع البري) نموذجاً معاصراً للمرأة السورية، ومن خلالها، قدمت تاريخ سورية في النصف الثاني من القرن العشرين. أما نادية خوست فقدمت من خلال روايتها (حب في بلاد الشام،1995) الواقع الاجتماعي، والسياسي والاقتصادي لبلاد الشام في الفترة الواقعة ما بين 1908 و1913، أي عندما كانت دولة واحدة قبل أن تمزقها اتفاقيات سايكس بيكو إلى أربع دول.
في هذه الرواية قدمت ثلاث نساء يمتلكن خصائص المرأة الجديدة، "ولعل الشخصية الأكثر تميزاً هي شخصية نفيسة، المرأة المتعلمة التي تعمل في التجارة والزراعة، والمشغولة دائماً بكل ما يبعدها عن عالم النساء التقليدي. تمتطي الفرس، وتحمل السلاح، وتظهر سافرة الوجه، ويتعامل معها التجار والفلاحون بقدر كبير من الاحترام والتقدير، وترفض أن تتذلل للرجل وتخضع له، وتؤمن بان الرجال والنساء سواسية، لذلك طلبت الطلاق من زوجها الأول، لأنها رفضت أن تعيش مع ضرة، وطلبت الطلاق من زوجها الثاني، لأنه رغم احترامه الشديد لها، ما عاد يعاملها كزوجة بل كصديق عظيم جليل، بعد أن أشاد القاضي بذكائها وقوة حجتها، وسعة اطلاعها. وظلت بعد الطلاق تعامله كصديق، وتستقبله في بيتها، وتشير عليه بما يجب أن يفعله في تجارته(17).
أما غادة السمان الروائية السورية الأشهر والأكثر إبداعاً، والتي أصدرت حتى الآن خمسين كتاباً بين الشعر والقصة القصيرة والمقالة وأدب الرحلات، فقد قدمت في رواياتها نموذج المرأة الجديدة القوية التي تتفوق على الرجال بحكمتها وصلابتها الروحية. ففي رواية (كوابيس بيروت، 1977) التي عرّت فيها أسباب الحرب الأهلية اللبنانية، وفضحت من وقف خلفها، ومن كان المستفيد منها، بدت البطلة – الكاتبة التي تعيش في بيروت امرأة صلبة، قوية، تمارس حياتها بحرية كأي شاب دون خوف من ضوابط المجتمع اللاعقلانية، أو تقيد بشروط الأنوثة الشرقية. وكانت أكثر قوة وحنكة وحسن تصرف من الشاب أمين الذي كان يكرهها، لا لشيء إلا لأنه يشعر كأكثر أفراد أسرتها بأنها "رجل الأسرة، ويصدمه أن يلحظ من خلالي أن الفروق الفيزيزلوجية لم تعد بالغة الأهمية، وأن الصلابة الداخلية لا تسكن بالضرورة شاربين مفتولين... وأنها قد تقبع تحت الملمس الناعم لامرأة هشة المظهر... وكانت رجولتي تتحدى أنوثته، وحريتي تتحدى استرخاءه العقلي"(18).
في هذه الرواية، وخلال روايتها للأحداث تكثر غادة السمان من عرض المواقف التي تظهر تفوق الكاتبة -البطلة على أمين- الرجل، لتؤكد أن الأنوثة ليست طاردة للقوة والصلابة، وأن الذكورة ليست بالضرورة وعاء للقوة والجلد والتغلب على الخوف. فالمسألة ليست ذكورة وأنوثة، وإنما فروق فردية بين إنسان وآخر بغض النظر عن جنسه.
ومن خلال الأحداث التي عاشتها البطلة بينت الكاتبة زيف مقولة الدفاع عن الدين. وأكدت أن الأغنياء على اختلاف طوائفهم هم مشعلو الحرب، وهم الوحيديون المستفيدون منها. أما الفقراء من الطوائف كلها فهم وقودها. وبينت في الرواية النتائج الكارثية للحرب على اللبنانيين والمقاومة الفلسطينية في لبنان. وككل امرأة جديدة ترى بطلة الرواية أن مصيرها الشخصي مرتبط بمصير الوطن، فترفض الهرب من الحرب، ومغادرة لبنان، رغم الحصار والقنص والكوابيس السادية " هنا... أو لا شيء... الفعل لا الهرب والانتظار"(19).
الجيل الثالث: روايات الألفية الثالثة: غزارة الإنتاج وسردية الحرب
استمرت بعض روائيات الجيل الثاني في نشر روايات جديدة كغادة السمان، وهيفاء بيطار. وظهرت مجموعة كبيرة من الكاتبات الشابات، مثل :مها حسن، لينا هويان حسن، سمر يزبك، ديمة ونوس، روزا ياسين، سوسن جميل حسن.
وقد امتازت سنوات القرن الواحد والعشرين بغزارة نشر الروايات النسوية السورية، فابتسام التريسي نشرت وحدها عشر روايات، و لينا هويان حسن نشرت تسع روايات. وقد يحدث أن تنشر الكاتبة روايتين في سنة واحدة، مثل هيفاء بيطار، ولينا هويان حسن.
هذا الازدياد الكمي المضطرد يشير دون ريب إلى تقدم إيجابي واضح في نظرة المجتمع السوري للمرأة، وإلى تطور رؤيتها لذاتها، ودورها في المجتمع. كما يشير وبقوة إلى ازدياد كسر المرأة لجدار الخوف من المجتمع، الذي حرم في السابق أعداداً كبيرة من النساء من التعبير عن أفكارهن، وتجاربهن الحياتية الخاصة.
امتازت روايات هذا الجيل بتقديم مروحة واسعة من الموضوعات الاجتماعية والسياسية، إلى جانب إبراز معاناة المرأة وتقديم نماذج نسائية إما مضطَهَدة أو متمردة أو جديدة. كاتبات هذا الجيل أبدين اهتماماً أكبر بالهم العام من كاتبات الجيلين السابقين، وحاولنّ أن يقدمنّ رؤيتهنّ للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للمجتمع السوري المعاصر، في أريافه وباديته والعديد من مدنه، بل وفي سجونه، وقدمنّ نماذج متعددة من أبنائه وبناته من طبقات المجتمع وشرائحه كافة.
وقد استحوذ على اهتمام عدد من الروائيات الواقع الجديد الذي تعيشه سورية منذ آذار/ مارس من عام 2011، إثربدء الحراك المعارض للنظام الحاكم، وتطوره إلى حرب شاركت فيها أطراف كثيرة محلية وإقليمية ودولية، وبرز فيها التيار الإسلامي المتطرف الذي أحدث تغيراً في بنية الوعي لدى شريحة من السوريين خاصة أبناء الأرياف منهم، ودخلت إلى الحياة السورية مفاهيم غير معهودة، كالحديث العلني عن الطائفية. ولذا بدأنا نقرأ في بعض الروايات إشارات صريحة لها، وحوارات بين شخوص الروايات حولها، ومواقف تتخذها بعض الشخصيات مرجعيتها طائفية.
ونلحظ أن معظم الروايات التي تحدثت عن الحرب في سورية في السنوات الأخيرة علا فيها الخطاب السياسي المباشر، وحملت نقداً حاداً للنظام الحالي والنظام الذي سبقه، على اعتبار أن هذا وليد ذاك. ونقرأ فيها نبرة انفعالية، ومقاطع سردية ومفردات مستهلكة، مشابهة لما ينشر على صفحات الجرائد حول الحدث السوري الجديد، كما نرى في رواية ( المشاءة، 2017) لسمر يزبك.
لكن هناك روايات ابتعدت عن الخطاب السياسي المباشر، وآثرت أن تقدم أثر الحرب على حياة السوريين الشخصية، وما خلفته من مآس، كما نلحظ في رواية (موسم سقوط الفراشات، 2015) لعتاب شبيب التي اتخذت من مدينة حمص مسرحاً لأحداثها، وهي المدينة التي شهدت جولات دامية من الاقتتال. في هذه الرواية تتحدث الكاتبة عن تفاصيل حياة أبناء المدينة، كهجر زوجة البطل له لأنه يتبنى موقفاً مغايراً لموقفها مما يحدث في بلديهما، وكقصص الحب المنكسرة؛ لأن الحبيبين ينتميان إلى طائفتين مختلفتين، وكانتظارالأمهات لجثامين أبنائهن، وتحوّل الجثث المجهولة الهوية إلى مجرد أرقام.
بعض الروائيات ابتعدن عن أرض الحدث السوري، وتحدثنّ عن اللاجئين السوريين الذين هجّرتهم الحرب قسراً أو طوعاً، كالكاتبة نغم حيدر في روايتها الثانية (أعياد الشتاء، 2018) التي رصدت حياة لاجئتين سوريتين في ألمانيا جمعتهما غرفة واحدة، والكاتبة منهل السراج التي روت في روايتها (صُراح، 2018) قصة امرأة سورية لجأت إلى السويد منذ بدء الحرب في بلدها، وتناولت فيها حياة المهاجرين السوريين في السويد.
بعض الروائيات فضلنّ الابتعاد عن تقديم الحدث السوري الحالي في رواياتهن، كي تمضي فترة من الزمن تنضج فيها صورة ما يحدث، ويصبح الحديث عنه أكثرموضوعية وعقلانية، مثل لينا هويان حسن رغم موت أخيها خلال الحرب على يد جهة تجهلها.
من الروايات النسوية السورية البارزة التي قاربت الواقع السوري الحالي بعيداً عن الانفعال والتشنج وتبني موقف سياسي منحاز للنظام الحاكم أو المعارضة بأطيافها كافة رواية (سماء قريبة من بيتنا، 2015) للروائية شهلا العجيلي. تحدثت الكاتبة في هذه الرواية بهدوء وترو عن مدينتها الرقة التي رزخت تحت سيطرة تنظيم داعش، ونالها منه الدمار الكثير، وعادت بالذاكرة لتقدم لمحات من ماضي المدينة العلماني، وطبيعة الحياة فيها، ولترسم صورة باهرة لنساء الرقة المتحررات، اللواتي يصعب أن يحتويهن هذا التنظيم. لكن لا يمكن أن تمر هذه الأحداث الجسام على المدينة دون أن تُحدث نكوصاً في وعي شريحة من أبنائها، فقد ارتدت أخت البطلة الصغرى الحجاب، ووافقت على الزواج من مقاتل بريطاني من أصول أفغانية.
استقبل والدها المقاتل في بيته، وكان يود لو يستقبل شخصاً يتكلم الإنجليزية ليتحدثا في الثقافة والسياسة، وهما يتناولان كأساً من الويسكي أو البيرة، لا أن يستقبل هذا المقاتل الغريب الذي ما إن وقعت عيناه على صورة فوتوغرافية تَظهر فيها البطلةُ وأمها وأختاها بثياب سهرة تكشف أكتافهن العارية حتى قلبها. ما كان بإمكان الأب إلا الموافقة مكرهاً على هذا الزواج، لأنه إن رفض، أو عادت ابنته عن موافقتها، فإن المقاتل سيأخذها عنوة. يومها بكى الأب بحرقة، وعرف أنه لن يرى ابنته ثانية.
تسرد البطلة جنان ما أحدثه تنظيم داعش في بيت أسرتها، وفي مدينتها من دمار وخراب، وتنتقد الدولة لتقصيرها في حماية مدينتها، الذي أدى إلى سقوطها بيد داعش. وتحمّل المثقفين والأكاديميين السوريين المعارضين الذين تعلو قهقهاتهم في فنادق عمان الفخمة مسؤولية ما يحدث في سورية " الناس تموت كل لحظة بسببهم.أنا الآن هنا بسببهم"(20). وتنتقد الانتهازيين بشخص طارق الذي كان يحلم أن يتبوأ مركزاً مهماً في قيادة الحزب الحاكم، لكنه ينتقل إلى صفوف المعارضة، ويظهر بعد ذلك على قناة الجزيرة ناطقاً إعلامياً باسم (تحالف الثورة) ومندداً بدكتاتورية النظام، ومبشراً بانتصار الثورة(21).
البطلة في الرواية كانت أستاذة جامعية في جامعة حلب، هربت من حمم الحرب في سورية إلى عمان بعد أن اغتالت بندقية قناص زميلاً لها وهو عائد إلى بيته. وهناك عملت لصالح هيئة إغاثة لاجئين هولندية. وكانت ترى أن الدول التي تقدم معونات لللاجئين هي السبب في تشريدهم لدعمها جهات مقاتلة، "تقتل بيد، وتدفع الدية بالأخرى "(22). في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن التقت بأناس كانوا حتى الأمس القريب أقوياء، والتقت بأم حسن، ونقلت بذكاء لمحات من حياتها قبل اللجوء وبعده. هي مصرية متزوجة من سوري. كانت، وهي السنية، تزور كغيرها من المصريين ضريح الحسين، إمام الشيعة، في القاهرة للتبرك به والتماس شفاعته، ليحقق الله أمنيتها بإنجاب الأطفال. وعندما فقدت أثر زوجها المصري لدى زيارتهما للضريح، ورأت نفسها وسط ازدحام شديد ممسكة بيد رجل غريب، هو سوري سني قدم إلى الضريح للتبرك به أيضاً والبحث عن امرأة، رأت في ذلك إشارة من الله لتحقيق حلمها بالإنجاب من هذا الرجل بشفاعة الحسين. كان هذا قبل ثلاثين سنة، قبل أن تصاب المجتمعات العربية بلوثة الطائفية التي فتكت بالنسيج الاجتماعي، وباعدت بين أبنائه.
تستعرض الكاتبة في الرواية المحطات السياسية والاجتماعية الهامة في تاريخ سورية المعاصر بعد الاستقلال. وتقدم نساء يمتلكن خصائص المرأة الجديدة، علاقتهن بالرجال معافاة، هادئة متوازنة. وهذا مؤشر على تحقيق تقدم إيحابي كبير في واقع المرأة السورية. فخفوت إدانة الرجل -نسبياً- في الروايات دليل على أن المرأة أصبحت أكثر قدرة على التحكم بمصيرها، وأكثر استقلالية ومشاركة في الحياة العامة في سورية.
الرجل وعلاقته بالمرأة
يلاحظ الدارس أن حضور النماذج النسوية فاق حضور الشخصيات الذكرية، وقلما كان الرجل بطلاً للرواية في الأجيال الروائية الثلاثة، وإن ازداد حضوره كبطل في روايات الجيل الثالث، كما نرى في رواية (الكرسي، 2008) لديمة ونوس ورواية (موسم سقوط الفراشات، 2015) لعتاب شبيب. وهذه ميزة بارزة تميز الروايات التي كتبتها نساء عن الروايات التي كتبها رجال في سورية والدول العربية الأخرى. ويعود ذلك، في رأيي، إلى أن الكاتبة تعرف عالم المرأة أكثر من معرفتها عالم الرجل، ولأنها تود التعبيرعن عذابات المرأة والظلم اللاحق بها بسبب الرجل والتقاليد الاجتماعية، ناهيك عن أن التجرية الحياتية للعديد من الكاتبات محدودة. فالعمل الروائي يحتاج إلى تجربة حياتية غنية ومتشعبة، بالإضافة إلى الموهبة، وسعة المعرفة بجنبات النفس البشرية والعلوم الإنسانية، وإشكاليات الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي للمجتمعات التي يتحدث عنها.
ويلاحظ أن معظم الرجال في الروايات كانوا من المثقفين والكتاب والمتعلمين تعليماً جامعياُ. وأعتقد أن سبب ذلك يعود إلى أن الكاتبات أكثر معرفة بهذه النماذج من خلال مقاعد الدراسة، وتجربة العمل، وممارسة النشاط الأدبي. ولأنهن رغبن في أحيان كثيرة في إظهار زيف وعي هذه الشخصيات، وازدواجية معاييرها، ومعاناة المرأة من ذلك. فهؤلاء يقدمون أنفسهم على أنهم متحضرون ومناصرون للمرأة، في حين أن سلوكهم مغاير لذلك. ونلتقي في الروايات أيضاَ بالتجار والعمال والفلاحين. ونادراً ما التقينا بشخصيات تنتمي إلى الفئات الأكثر فقراُ في المجتمع، مثل العتال، وعامل النظافة، والبائع على الرصيف، كما نرى في رواية (النبّاشون، 2012) لمها جميل حسن.
برزت في الروايات النسوية في أجيالها الثلاثة ثلاثة نماذج ذكرية: نموذج المُضطهِد الذي سام المرأة صنوفاً من العذاب، وهو الشخصية الأكثر حضوراً في الروايات حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي. لكننا منذ ذلك التاريخ بدأنا نلتقي –بنسب متزايدة- في الروايات التي تعنى بالشأن العام بشخصية الرجل النهضوي المناصر للمرأة، الذي استطاع التغلب على إرث قرون طويلة من احتقار الرجل للمرأة، والذي بات يراها نداً له، ويؤمن بمساواتها التامة له. وهذا الرجل كان، على الأغلب، متعلماً، مثقفاً، أو منخرطاً في النشاط السياسي. كما في الروايات التالية: (دمشق يا بسمة الحزن، 1980) لألفة الأدلبي، (التوق، 1997) لأميمة الخش، و (فرات، 1998) لمية الرحبي، و( سماء قريبة من بيتنا، 2015) لشهلا العجيلي.
ونلتقي في الروايات بنموذج يتأرجح بين النموذجين السابقين، بين رفض المفاهيم الموروثة المغلوطة، وبين صعوبة الانعتاق منها، والتخلص من ربق سيطرتها. فقيس مثلاً في رواية (أعاصير في بلاد الشام، 1998) لنادية خوست، يحترم المرأة، ويراها مساوية له، ولا يدينها، بخلاف الكثير من الرجال، لأنها تقيم علاقة جسدية معه قبل الزواج. لكنه مع ذلك يصر على أن يتزوج فتاة ما عرفت رجلاً قبله. وأمجد الخيال في رواية (الرواية المستحيلة، 1997) لغادة السمان بذل جهداً كبيراً في تربية ابنته الوحيدة كما يمكن أن يربي أي صبي. كان يريدها قوية، شجاعة، مستقلة، لكنه في الوقت نفسه كان يخشى أن تلوثها التجربة؛ فهو ليس مستعداً نفسياً واجتماعياً لتقبل تبعات حريتها. وأظن أن هذا النموذج القلق ازدادت نسبته شيوعاً في الألفية الثالثة في المجتمع السوري بين رجاله ونسائه، خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الحديثة، واختراقها لحواجز الحدود والمجتمعات المغلقة؛ فالكثير من الرجال والنساء ما عادوا متمسكين نظرياً ببعض المفاهيم الاجتماعية الموروثة، لكنهم يفتقدون للشجاعة في اتخاذ خطوات عمليّة متسقة مع قناعاتهم الجديدة خوفاً من العقاب الاجتماعي، أو خوفاً من الفشل وصعوبة تحمّل نتائجه، ولذا يؤثرون السلامة الخائبة على الصدق مع الذات.
تقنيات الرواية النسوية السورية
مضت عقود سبعة على ميلاد الرواية النسوية السورية الأولى، نشرت خلالها أكثر من مئة وخمسين رواية. وحققت حضوراً لافتاً في سورية وخارجها، وترجمت أعمال روائية عديدة إلى عدد من اللغات الأجنبية، وبرزت روائيات ضاهين الروائيين الذكور في القدرة الفنية على معالجة موضوعاتهن الروائية، وبدونّ على دراية تامة بتقنيات الرواية الحديثة، وتوظيفها لتقديم عوالم روائية نابضة بالحياة، مثل غادة السمان، حميدة نعنع، أنيسة عبود، أسيمة درويش، شهلا العجيلي. لكن هذا لا يعني أن جميع الروايات المنشورة ناضجة فنياً، وهذا ينسحب على روايات الأجيال الثلاثة، فما زلنا نلتقي بروايات أشبه ما تكون بسرد صحفي لبعض الأحداث. واللغة في العديد من الروايات تقترب من اللغة الصحفية العجلى، وتكثر فيها الألفاظ والتعابير العامية في السرد، وهذا ما لم نجده في أعمال روائيات الجيل الأول اللواتي كنّ أكثر قدرة على السيطرة على اللغة، وتطويعها للتعبير عما يردن سرداً ووصفاً وحواراً من عدد كبير من الروائيات الشابات.
إن الضعف الفني في بعض الروايات، أو المستوى الفني المتواضع في بعضها الآخر مرده، فيما أرى، إلى توق بعض النساء للمشاركة في الحياة الفكرية والأدبية السورية أسوة بالرجال دون أن يكنّ قد أعددن أنفسهن فنياً بالقدر المطلوب. وقد يكن قد اخترن الرواية فضاء للتعبيرعن أفكارهن نظراً لأن الرواية تترك مسافة مفترضة بين الكاتبة وما تقوله شخصياتها.
ونستطيع أن نقول أخيراً، إن الرواية النسوية السورية حققت بشكل عام إنجازات باهرة إن على صعيد الشكل أو الموضوع، وحظيت بمتابعات نقدية واسعة داخل سورية وخارحها، ونالت بعض كاتباتها جوائز أدبية هامة. ويحمد للرواية النسوية السوربة أنها تسير وبشكل حثيث لتضييق الشقة بينها وبين رواية الرجل من حيث تناولها موضوعات الهم الوطني، وإن لم تتخل عن تناول هموم المرأة، لأن المجتمع السوري كغيره من المجتمعات، ما زال أمامه الكثير ليفعله لإنجاز المساواة التامة بين الرجل والمرأة اجتماعياُ وقانونياً.
* * *
الهوامش:
(1) انظر: إيمان القاضي: الرواية النسوية في بلاد الشام: السمات النفسية والفنية (1950-1985)، دار الأهالي، دمشق، ط1، 1992، ص 15
(2) سبق نشررواية زينب رواية (كتاب خالد) للأديب اللبناني أمين الريحاني عام 1911، لكنها كتبت باللغة الإنجليزية، لذا لم ير النقاد فيها بداية للرواية العربية، بل للرواية العربية- الأنجلوفونية انظر: د. مديحة عتيق: الكتابة بلغة الآخر،دار اليازوري العلمية، 2015، ص 27
(3) إيمان القاضي: الرواية النسوية في بلاد الشام، صص21،22
(4) المرجع نفسه، ص27
(5) موقع البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، https://u.ae/ar-AE#/،2/3/2010
(6) عن موقع جائزة كتارا للرواية العربية الإلكتروني، https://www.kataranovels.com/novelist، 3/3/2020
(7) إيمان القاضي: الرواية النسوية في بلاد الشام: السمات النفسية والفنية (1950 -985 )، ص22
(8) إيمان القاضي: "الرواية النسوية السورية في نصف قرن"، موسوعة الكاتبة العربية: ذاكرة للمستقبل، المجلد الأول (لبنان وسوريا)، المجلس الأعلى للثقافة، مؤسسة نور، القاهرة، ط1، 2004، ص 167
(9) وداد سكاكيني: شوك في الحصيد في النقد والأدب، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1981، ص209.
(10) إيمان القاضي: "الرواية النسوية السورية في نصف قرن"، موسوعة الكاتبة العربية: ذاكرة للمستقبل، مج 1، ص168.
(11) كوليت خوري: أيام معه، دار الأنوار للطباعة، دمشق، ط5، 1980، ص27.
(12) وصال سمير: زينة، دار الأهالي، دمشق، 1992، ط،1 ص 221.
(13) انظردراسة موسعة للرواية: إيمان القاضي: السمات النفسية والفنية للرواية النسوية في بلاد الشام، صص 366-388.
(14) مية الرحبي: فرات، دار الأهالي، دمشق 1998، ص 210.
(15) أنيسة عبود: النعنع البري، دار الحوار للنشر والتوزيع، اللاذقية، سورية، 1997، ص 355.
(16) المصدر السابق، ص324.
(17) إيمان القاضي: " الرواية النسوية السورية في نصف قرن "، موسوعة الكاتبة العربية: ذاكرة للمستقبل، مج1، ص179.
(18 ) (19) غادة السمان: كوابيس بيروت، منشورات غادة السمان، بيروت، ط4، 1981، ص 63، ص331.
(20) شهلا العجيلي: سماء قريبة من بيتنا، منشورات ضفاف: بيروت، مجاز: عمّان، الاختلاف، الجزائر، 2015، ص92.
(21) المصدر نفسه، ص33.
(22) المصدر نفسه، ص 122.