تستعيد هذه القصيدة اليمنية أصداء بلقيس وسليمان الأسطورية وهي تتناول تباريح عشق عصرية بصورة توسع أفق التجربة الراهنة وتكسبها مع زخم حضورها أبعادا إضافية تثريها وتوسع طاقات المعنى والدلالة فيها.

ساربٌ من بياضِ الخطيئة

محمد محمد إبراهيم

لها حين تغفو على وجعي

الخيالاتُ عاجيةٌ..
ضوؤها من تناهيد أنثى
يغربل في خافقي شجنا
واشتعالات أسئلةٍ "كبْرتَتْ"
في دمي ضجري..
هل لها جوهرٌ
من تفاصيل طلعتها؟
هل لها نسبٌ؟
أو وشائجُ من أصلِ حسٍّ
رقى سُلَّماً للأنوثةِ؟
أم أنها لم تكنْ ـ مثلما
خلتُها ـ
شاهقاً من حنينيَ
أو بارقاً من صدى لغتي..
إنها طائشٌ من بياضِ الخطيئةِ
أزكتْ حرائقَ ليلي
كنارٍ خبتْ في احتمالات ذاكرتي
أوجعتْ حين ذاك المساء
مصابيحَ روحي
وكانتْ رؤى قدري..
كلما أسرجتْني أنوثتها
في متاهات أخيلتي
حملتني القصيدةُ
مثقالَ طيفٍ
وأنشودةً
من صهيلِ الرجا
تحت ضيم الليالي..
أضجُّ شجوناً
لصبحِ اكتمالاتها..
أعتلي شُهُبي هاوياً
حيثُ مضجعها
كي أراها
وقد خضَّبتْ وجعي..
أين مرآتُها؟
تستشفُّ خوى مدني...
ربما
ربما
ربما..
ثم تنهار أسئلتي
عند تابوت غفوتها
لا حنين يؤازرني دهشتي..
أو شعور يؤنسن ألحاظ
هدأتِها
حين تغفو على وجعي..
كلما جرْجَرتْني
إلى صحوها لوعتي
صدَّني وجعٌ
أودعتْهُ التغابي
ليسرجني للتشظِّي
غوى أسفٍ
كاشتياقي
لفاتنة من غرورٍ
تمرُّ..
وفي عينها ضجةٌ
من نشيج القصائد..
ليت المرايا تُرِيها غرور مفاتنها..
كُحْلُ (هاروت) من لحظها
شاهر سيف غدر
تغمَّده جرح صبري..
فساح دمي
حين أشرقتُ من رمشها
سارباً من أسى..
كيف ألفيتُ روحي
وقد فُتِنَتْ في هواها..
فعامٌ يمرُّ بصمتي..
وعامٌ يسُّر لها ريشة
ـ مثلها ـ لم تعد تفقه المبتدا
من صريح جنوني إليها
كإشراقها يقتفي عدمي..
وابتهالات صحوي..
وومض الخيالات..
(بلقيس) عن ساقها كشفت
واستدارتْ.. لتعبر قلبي
الذي أثقلته
خطيئته في هواها..
فصار اللقاء ذُرى وجعٍ
والمرايا ـ غيابا ـ تصلي
على ناهديها
و(آصف) شعري
يفتشُّ في عرشها
عن "تراجيحِ" مشنقتي..
يا (سليمان):
خاتمها ناشبٌ في يدي..
غير أن التي
أحكمتْ طعنةً
في ظنونِ دمي..
لم تدعْ للممراتِ
بارقةً من هُيامي..
ولا خافتاً من غنائي..
تمادت بأفقي كوخز الخطايا..
ولم تدر أن الوشاة ـ على غفلةٍ ـ
نكَّروا عرشها
واستداروا (إلى ليس ما جهة)..
كم غفتْ في دمي..
واستفاقتْ على صخبٍ
من حريقي
وكم أدركتْني
وقد سِيطَ من لوعتي
زيفُ حلمِ
وشدوٌ يزيد احتراقي
دخانا للحن الغياب.