ظِلِّي يَحُومُ فَرَاشَةً بَيْضَاءَ
حَوْلَ مَدَارِهَا
وَأنَا عَلَى قَـلَقٍ
أَلُوذُ بِنَارِهَا
وَعَلَى سَرِيرِ الأَرْضِ
عُدْتُ لِأَيْكَتِي
وَبَسَطْتُ كَفّي
تَحْتَ ضَوْءِ ثِمَارِهَا
وَأنَخْتُ رَاحِلَتِي
بِمَوْرِدِهَا
لِتشْرب من ضِفاف نَهَارِهَا
الْقَيْتُ شِصِّي فِي العَـرَاءِ
فَمَا التَقَطْتُ حَمَامَةً
أَوْ نَجْمَةً
كَانَتْ شِباكُ اللّيل
خَاوِيَةَ الوِفاَضِ
وَكُنْتُ مِنْ سُمّارِهَا
أَعْدُو وَرَاءَ الأُمْنِيَاتِ
لَعَلَّ رَجْع الرّيحِ
يَحْمِلُ بَوْحَهَا
أَوْ أَسْتَفِـيقُ عَلَى صَدَى
أَمْطَارِهَا
وَتَلُوحُ فِي عَـيْـنِ الفُصُولِ
كَوَاعِبٌ
أَشْرقْنَ من أقْمَارِهَا
مَاءُ الأنوثة لاَ يَزَالُ مُعتّقا
بِسُهُولِهَا وَبِحَارِهَا
وَعَلِمْتُ أنّ البَرْقَ
طَرّزَ ثَوْبَهَا
وَاسْتَيْقَـظ التّارِيخُ
فِي أَحْجَارِهَا
وَلَمَسْتُ دَهْشَةَ شَوْقِهَا
وَغِوَايَةََ التُّفَّاحِ
فِي أَشْجَارِهَا
وَأَصابِعِي انفَـلَـتَـتْ
لِتَعْزِفَ للَّذِي تَهْوَى
على أَوْتَارِهَا
حلّقتُ في أفُقِي بنيّةِ طائرٍ
ومسَكْتُ بَاب الكَوْنِ
تَحْتَ حِصارِهَا
الدّمع كان سمائيَ الأولى
وجئْتُ لأسْتَظِلَّ بِفَيْئِهَا
وَجِدَارِهَا
مَوْلاَ يَ هَذِي تَوْبَتِي
وَنَوَافِلِي
وبِحَضْرَةِ المِحْـرَابِ
مِسْبَحَتِي
وتلك الرّوحُ فِي اسْتغْفَارِهَا
لاَ تَجْرَحِي عَبَقَ الشَّوَارِعِ
وَاتْرُكِي وَرْدَ المَسَاءِ
يَضُوعُ مِنْ رِئَةِ العُصُورِ
فهذه السُّفُنُ الَّتِي
شَقَّتْ زُجَاجَ البَحْـرِ
لَمْ تَنْدَمْ عَلَى أَسْفَارِهَا
وأظلُّ أَسْألُ وَالعَوَاصِفُ
عِنْدَ بَابِ قَصَائِدِي
هَلْ تَضْحَكُ الكَلِمَاتُ
أَمْ تَبْكِي عَلَى أَقْدَارِهَا ؟
وَتَضِيعُ اَخِـرُ جُمْلَةٍ
فِي أَسْطُرِي
لَمَّا سَأَلْتُ الحَـرْفَ
عَنْ أَخْبَارِهَا
وَأَنَا وَأنْتَ
عَلَى الطَّرِيقِ
كأنّنا صِنْوَانُ خَيْلٍ
نَصْطَلِي بِقِفَارِهَا
نَجْتَـرُّ أَزْمِنَةَ الرَّمَادِ
كَمَنْ يَنُوءُ بِمَوْتِهِ الأَعْمَى
فَيَشْرَبُناَ صَدَى أَغْـوَارِهَا
كُنّا نَرَى أشْيَاءَهَا
فِي البَيْتِ غَائِبَةً
وفِي فِنْجاَنِ قَهْوَتِهَا
يَسِيلُ الشّهْـدُ
مِنْ أَنْهَارِهَا
فِي عَتْمَةِ المَجْهُولِ
أَبْحَرَ طَيْفُهَا
لاَ هُدْهُدٌ يَاْتِي
وَتَحْتَ جَنَاحِهِ خَبَـرٌ
كَأَنَّ الغَيْبَ مُؤْتَمَنٌ
عَلَى أَسْرَارِهَا
أَفِـلَتْ هُنَا الأَلْوَانُ وَالأَسْمَاءُ
لاَ فِي الأُفْقِ نَافِـذَةٌ
وَلاَ فِي صَوْتِنَا وَطَنٌ
وَذَاكَ الجُرْحُ
يَنْزِفُ مِنْ وَرَاءِ غُبَارِهَا
الاَنَ شَابَ العُمْـرُ
فِي عَتَبَاتِهَا
وَانْفَضَّ لَـيْـلُ العَاشِقِينَ
كَغَيْمَةٍ مَرَّتْ عَلَى أَسْوَارِهَا..
تونس