يكتب الشاعر العراقي اللحظة الراهنة بكل تناقضاتها ومفارقاتها، حيث الزمن العراقي المتشعب، والذي لا يؤشر على أي أفق انجلاء، فقط لحظة المفارقة التي تمسي راهنا، هنا الآن، وأضحى معها الوطن كثلة من مؤشرات السواد والموت، كلاهما يشكلان هذا الزمن الذي عمت فيه سحابة الخيبة.

فقـطْ لا غيـــــرْ!

حمـيد الحـريزي

 

عايَشْتُكِ (37) تَمْوينيّة ً

حتّى صرْتِ تَعرِفَتي

عراقيٌّ أنا

مواطنٌ أنا

بالتَموينيّة المُتهازلَةِ

فقطْ لا غيرْ !!

*

رقَصْتُ في نقاطِ التفتيشِ

فلا حاجةَ لي بمعلّمِ رقصٍ

وسطَ الدمِ والدُخانِ

صرتُ راقصاً

بالعادةِ

فقطْ لا غيرْ !!

*

سالمٌ معافى في زمنِ الديمقراطيةِ

سِوى

ضغطٍ و سكرٍ وقرحة معدةٍ

وهجرِ سريرِ النّومِ

فقطْ لا غيرْ !!

*

أرفلُ بنعمةِ الأمنِ

والأماني

كرامتي مصونةً بالدستورِ

حياتي مضمونةً بالقبورِ

غيرُ مطلوبٍ

سوى رأسي

فقطْ لا غيرْ!!

*

أرفلُ بالنّعمةِ والعزِّ

أرى لحومَ الضأنِ والوزِّ

وفي

قمامتِهِمْ أكوامُ اللّحمِ والرزِّ

جُيوبي وبطونُ أطْفالي

بهواءِ البَرلمانِ

ممتلئةً

فقطْ لا غيرْ!!

*

الذهبُ الأسودُ في بلادي

مشاعلُ

يهتدي بها السرّاقُ لكنوزي

الذهبُ الأسودُ في بلادي

سَوادُ وجوهِهِمْ، قذارةُ كفوفِهِمْ

براءةُ وَجْهي ، بياضُ كفوفي

فراغُ جُيوبي

فقطْ لا غيرْ !!

*

إمامُ العدْلِ قالَ :

الموتُ للفقرِ

قالوا : الموتُ للمساواةِ

قالَ : الدّينُ المعاملةُ

قالوا : الدينُ المُخَاتلةُ

لَطْمُ خدودٍ وشجِّ رؤوسٍ

وإطاعةُ اُولي الأمرِ

فقطْ لا غيرْ !!

*

في بُيوتِنا خيَّمَ الظّلامُ

مَزارعُنا ملاعبُ للفئرانِ والأفاعي

هَمَدَتْ مداخنُ المصانعِ

الهمراتُ والحرائقُ تزيّنُ الشّوارعَ

وموانعٌ تَتْلو موانعَ

مزيّنةً

بصورِ (سَماحةِ الإمامِ)

فقطْ لا غيرْ !!

*

العراق

*أحد نصوص مجموعتي الشعرية ((لايعني))