لم آت إلى هنا أحمل إرسالية message سريالية، لقد جئت لأقول أن السريالية قد تجووزت باعتبارها موضة في فرنسا. وهناك أشياء كثيرة تم تجاوزها في فرنسا كموضة، واستمرت محاكاتها في الخارج كما لو كانت تمثل فكر هذا البلد.
إن موقف السريالية كان موقفا سلبيا، وقد جئت لأقول أن شبابا بأكمله في هذا البلد متعطش إلى الحلول الإيجابية، ويريد أن يعيد إلى الحياة ذوقها. وكل ما يعتقده هو ما سيقوم به.
إن الطموحات الجديدة للشباب في فرنسا ليست شيئا يمكن أن نتحدث عنه في الكتب أو في الجرائد كما لو كنا نصف مرضا عجيبا، أو وباء غريبا لا يمت إلى الحياة بأية صلة.
يسيطر على جسد الشباب الفرنسي وباء فكري، لا يجب اعتباره مرضا، ولكنه ضرورة مرعبة، وهو من خاصيات هذا الزمن، حيث لم تعد الأفكار أفكارا، ولكنها رغبة ستتحول إلى التطبيق. توجد حاليا خلف كل ما يجري في فرنسا إرادة قابلة لأن تتحول إلى التطبيق. عندما يقوم الرسام الشاب (بالتوس) Balthus برسم لوحة امرأة، فهو يعبر عن رغبته في تغيير واقع المرأة، وجعله مطابقا لما كان يفكر فيه، إنه يعبر عبر لوحته عن مفهوم مرعب وضروري للحب والمرأة، وهو يعلم أنه لا يتكلم من فراغ، لأن رسمه يتضمن سر الحركة، إنه يرسم كالذي يعرف سر الصاعقةLe secret de la foudre. وما دمنا لم نطبق سر الصاعقة، فإن العالم يظن أن الأمر يتعلق بالعلوم ويترك ذلك للعلماء، ولكن سيطبق أحد يوما ما سر هذه الصاعقة، وسينتج عن ذلك تدمير العالم، إذ ذاك سيبدأ هذا الأخير في تقدير هذا السر.
فالشباب يريد أن نربط بين أسرار الأشياء واستعمالاتها المتعددة. يوجد هنا أيضا تصور ثقافي لا يدرس في المدارس، لأنه توجد خلف هذا التصور الثقافي فكرة حياتية تعمل على إزعاج المدارس وتخرب تعليمها، هذا التصور الحياتي سحري، ويفترض حضور النار في كل تظاهرات الفكر الإنساني. ويظهر لنا جميعا أن صورة الفكر هاته التي تتأجج نارا موجودة في المسرح. ونظن أن المسرح لم يوجد إلا لكي يجسدها. ولكن أغلب الناس اليوم، يظنون أن المسرح لا علاقة له بالواقع.
عندما نتحدث عن شيء يجعل من الحقيقة كاريكاتورا، فإن الكل يعتقد أن الأمر يتعلق بالمسرح. والحال، أننا نعتقد بكثير في فرنسا أن المسرح الحقيقي كفيل بإظهار الحقيقة لنا.
إن أوربا توجد في وضع حضاري متقدم، أريد أن أقول أنها مريضة جدا. ويناهض الفكر الشبابي في فرنسا هذا الوضع الحضاري المتقدم، فهي ليست في حاجة إلى (كيسرلنيغ) Keyserling أو (سبانغلر) Spengler لنحس بالفساد الكوني لعالم يعيش على أفكار خاطئة عن الحياة ورثها عن النهضة. إن الحياة تبدو لنا في حالة ضياع عنيف، ولكي نشعر بحالة الضياع العنيف ما علينا إلا أن نأخذ بفلسفة جديدة.
فالأشياء وصلت إلى درجة يمكن أن نقول معها أن الشاب يجري وراء الحب كما هو الحال في حقب أخرى، ولكنه يتبع هذه الحياة في جوهر إن صح القول. إنه يريد أن يعرف سبب مرض الحياة ومن لوث تصورنا عنها.
ولكي يعرف ذلك، فهو ينظر إلى الكون برمته، إنه يريد أن يفهم الطبيعة والإنسان وفضلا عن ذلك، فهو لا يريد أن يعرف الإنسان في فرادته، ولكن في ضخامته مثله في ذلك مثل الطبيعة. عندما نحدثه عن الطبيعة يتساءل عن أي طبيعة نريد أن نحدثه اليوم، ذلك أنه يعلم أنه كما توجد هناك له ثلاث عوالم متداخلة، هناك أيضا ثلاث طبائع مرتبة Echelonnées.
وهذا كذلك من العلم.
"إن هناك ثلاث شموس، الأولى فقط هي المرئية كما يقول الإمبراطور جوليان". و(جوليان لابوسطا) Julien l'apostat ليس مدانا بالإغراق في الروحانية المسيحية، وهو الذي يعتبر أحد أواخر ممثلي علم القدماء.
يقحم هذا الشباب العلم في الطبيعة، كما يرى أيضا أن هناك تصنيفات من الخارج إلى الداخل وسط الطبيعة، وهو يرى كذلك الإنسان مصنفا. ويعرف الشباب أن المسرح قد يمنحه هذا التصور الراقي عن الإنسان وعن الطبيعة.
فهو لا يعتقد أنه يخون الحياة بتصور راق جدا عن المسرح مثل هذا، ولكنه يرى عكس ذلك أن المسرح بإمكانه أن يساعده على معالجة الحياة.
هناك عشرة آلاف طريقة لكي نهتم بالحياة وننتمي إلى عصرها. نحن لسنا متفقين مع استسلام العقلانيين للرأي الصرف في عالم غير منظم. ولم نعد نعرف ماهية البرج العاجي.
إننا نتفق مع أن يدخل العقلانيون أيضا في عصرهم، ولكننا لا نعتقد أنهم يستطيعون دخول هذا العصر بطرق أخرى إلا إذا دخلوا معه في مواجهة.
الحرب من أجل السلام.
نرجع السبب في نكبة العقول الحالية إلى الجهل الكبير، وهناك تيار قوي جدا يمكننا من كيّ cauterise هذا الجهل، أقصد كيه علميا.
إن الحياة بالنسبة إلينا ليست لا محجرا صحيا Lazaret ولا مصحة Sanatorium ولا حتى مختبرا. ولا أعتقد من جهة أخرى أن الثقافة يمكن أن تلقن بالكلمات أو بالتصورات، ولا يمكن لحضارة أن تتواصل خارج هذه الأعراف. قبل أن نتعاطف مع هذا الشعب، نتفق على أن نحيي من جديد الفضائل المنسية لشعب يستطيع على هذا النحو أن يتمكن من التحضر بنفسه. أقول إذن أن الشباب ليس قلقا ولكنه مقلق، لأن ما يظهر لا يتماشى وما يفكر فيه، ويدين في ذلك جهل الزمان.
فهو يتوصل إلى جهل الزمان في انتظار الثورة ضده. عندما يعرف أن الطب الألفي[1] Archimillénaires للصينيين عرف كيف يعالج الكوليرا بوسائل ألفية، في حين أن الطب في أوربا لا يعرف لمعالجة الكوليرا سوى وسائل الفرار البربرية أو تحريق الأموات، فإنه لا يكتفي بإقحام هذا الطب في أوربا، ولكنه يفكر في عيوب الفكر الأوربي، ويبحث عن سبيل لمعالجة هذا الفكر.
توصل الشباب إلى أن الصين استطاعت معرفة الكوليرا بفهم عميق، وليس عن طريق المهارة. وهذا الفهم هو الثقافة، وهناك أسرار للثقافة لا تتضمنها النصوص.
في مقابل الثقافة الأوربية[2] التي تتقيد بنصوص مكتوبة، وتجعلنا نتوهم بأن الثقافة قد تضيع إذا أتلفت النصوص، أقول بأن هناك ثقافة أخرى عاشت في أزمة أخرى وهذه الثقافة البائدة تتأسس على فكرة مادية للعقل.
وفي مقابل الأوربي الذي لا يعرف إلا جسده، والذي لم يستطع قط أن يحلم بإمكانية تنظيم الطبيعة مادام لا يرى بعيدا عن نفسه، فإن الصيني مثلا يأتي بمعرفة الطبيعة عن طريق العقل. إنه يعرف درجات الفراغ والامتلاء التي تصف الحالات القابلة لوزن الروح. وعلى غرار الثلاث مائة وثمانين نقطة للعمل الفيزيائي للروح، فإن الصينيين يعرفون كشف الطبيعة وأمراضها، ويمكن القول أنهم عرفوا كشف طبيعة الأمراض.
يعلم جاكوب بويهم Jacob Boehime الذي لا يؤمن إلا بالأرواح متى تكون هذه الأخيرة مريضة، ويصف كذلك الحالات التي تظهر غضب الروح داخل الطبيعة كاملة. وتعطينا هذه الأضواء وغيرها مرة أخرى فكرة جديدة عن الإنسان.
ونحن متفقون مرة أخرى على أن نعلم من هو الإنسان، ما دامت أزمنة أخرى قد عرفته. إننا بدأنا نكشف تلك المحرمات التي وضعها علم مذعور وحقير Mesquine أمام بقايا علم كان يعرف تفسير الحياة.
بالنسبة إلى أوربا، فإن الإنسان بأكمله، الإنسان بصرخته الذي يستطيع صعود طريق العاصفة، يعتبر شاعرا، لكنه بالنسبة إلينا نحن الذين لنا تصورا تركيبيا للثقافة، فإن الاتصال بصراخ العاصفة يعني إيجاد سر الحياة ثانية.
هناك اليوم عبر العالم تيار بمثابة مطالبة ثقافية، مطالبة بتصور عضوي وعميق للثقافة التي يمكنها تفسير حياة الفكر.
أعرف الثقافة العضوية بكونها ثقافة مؤسسة على الفكر في علاقته مع الأعضاء، والفكر الغارق في كل الأعضاء، والمتجاوب في نفس الوقت. تتضمن هذه الثقافة تصورا فضائيا، وأقول أن الثقافة الحقيقية لا يمكن أن تعلم إلا داخل الفضاء، وإنها ثقافة موجهة كما أن المسرح موجه لثقافة في الفضاء. تعني ثقافة فكر لا يكف عن التنفس والإحساس بالحياة داخل الفضاء، ويطالب بضم أجساد الفضاء إليه كموضوعات فكره نفسها، ولكن باعتبارها فكرا متمركزا وسط الفضاء، أي في نقطته الميتة.
إن فكرة النقطة الميتة للفضاء هاته هي تقريبا فكرة ميتافيزيقية وعبرها ينبغي للفكر أن يمر. ولكن بدون ميتافيزيقا لا يمكن أن تكون هناك ثقافة. وما المقصود بمفهوم الفضاء هذا الذي دخل الثقافة فجأة إن لم يكن تأكيدا على اقتران الثقافة بالحياة.
"إن ثلاثين شعاعا تفضي إلى المحور، يقول (تاوتوكينغ دولاوتسو) Tao te king de lao-tseu، ولكن الفراغ الذي يوجد في الوسط هو الذي يسمح باستعمال العجلة". عندما يكون هناك اتفاق في أفكار الأشخاص، حيث يمكننا القول بأنه يمكن لهذا الاتفاق أن يتشكل، إن لم يكن ذلك في الفراغ الميت للفضاء.
إن الثقافة حركة فكرية تنتقل من الفراغ نحو التشكلات، ومن التشكلات تدخل في الفراغ، في الفراغ كما تدخل في الموت. أن تكون مثقفا معناه أن تحرق الأشكال[3]، وتحرقها لكي تربح الحياة. يتعلق الأمر بمعرفة كيف نقف مستقيمين داخل الحركة الدائمة للأشكال التي ندمرها على التوالي.
فالمكسيكيون القدامى لم يعرفوا وضعا آخر غير هذا الذهاب والإياب من الموت إلى الحياة. هذه المحطة الداخلية المرعبة، هذه الحركة التنفسية، هذه هي الثقافة التي تتحرك في نفس الوقت في الطبيعة والفكر.
"لكن هذه هي الميتافيزيقا، غير أننا لا نستطيع العيش في الميتافيزيقا". والحال، أنني أقول بالتحديد، إن الحياة يجب أن تعيش مرة أخرى في الميتافيزيقا[4] وهذا الموقف الصعب الذي يجن أناس اليوم، هو موقف كل الأجناس الخالصة التي كانت تشعر بنفسها دائما بين الموت والحياة في آن واحد. لهذا، فإن الثقافة ليست مكتوبة، وكما يقول أفلاطون Platon فإن "الفكر ضاع منذ اليوم الذي كتبت فيه أول كلمة". أن نكتب، معناه أن نمنع الفكر من التحرك داخل الأشكال باعتباره تنفسا واسعا، انطلاقا من كون الكتابة تثبت الفكر وتبلوره داخل شكل. ويتولد الهيام Idolatrie عن الشكل.
فالمسرح الحقيقي مثل الثقافة لم يكن مكتوبا أبدا.
إن المسرح فن الفضاء، ولأنه يرتكز على النقط الأربع للفضاء، فإنه يوشك أن يلامس الحياة. وتجد الحياة صورها في الفضاء المسكون بالمرح، وتحت هذه الصور صوت الحياة.
هناك اليوم حركة تسعى إلى فصل المسرح عن كل ما هو ليس بفضاء، وإلى إعادة لغة النص إلى الكتب حيث كان من المفروض ألا تخرج. وهذه اللغة الفضائية بدورها تؤثر على الحساسية العصبية وتنضج المشهد المعروض أسفلها. لست ملزما أن أعيد هنا هذه النظرية المتعلقة بالمسرح في الفضاء، والتي تؤثر في نفس الآن عن طريق الحركة والانتقال والصوت. وبملئها الفضاء فإنها تلاحق الحياة والقوة لإخراجها من هذه النقط. إنها مثل الصليب ذو الستة فروع المنتشر على أسوار بعض المعابد المكسيكية، هندسة سرية. فالصليب المكسيكي الموجود وسط سور مطوق على الدوام. وهو مستوحى من فكرة سحرية. ولصنع الصليب، فإن المكسيك القديم يتموضع في نوع من الفراغ، بينما يدفع الصليب من حوله. إنه ليس صليبا للترميز إلى الفضاء كما يظن علماء اليوم، بل هو صليب يستعمل للكشف عن كيفية دخول الحياة إلى الفضاء، وكيف نجد عمق الحياة ثانية من خارج الفضاء. دائما الفراغ، دائما النقطة[5] le point التي من حولها تخثر s’éppaissit المادة. فالصليب المكسيكي يرمز إلى نهضة الحياة.
شاهدت الآلهة المكسيكية كثيرا في الكوديكسات les codex وتبين لي أن هذه الآلهة كانت قبل كل شيء آلهة في الفضاء، وأن ميتولوجيا الكوديكسات تخفي علما للفضاء مع هذه الآلهة، وكأنهم ثقوب ظلية، بحيث تدب الحياة في هذه الثقوب.
وهذا يعني، بعيدا عن الأدب، أن هذه الآلهة لم تولد صدفة، ولكنها في الحياة كما لو أنها في مسرح، وهي تملأ المناطق الأربع للوعي الإنساني حيث يعشعش nichent الصوت والحركة والنفث الذي يلفظ الحياة. من الذي ما يزال يظن أنه يشعر بالآلهة، ويبحث عن مكانها؟
أن نبحث عن مكانها معناه، أن نبحث عن قوتها وتكون لنا قوة إلاه. ويسمي العالم الأبيض هذه الآلهة معبودات Idoles، لكن الفكر الهندي يعرف كيف يهز قوة الآلهة بموضعته لموسيقى قوتها، ويستدعي المسرح لنفسه قوة الآلهة عبر توزيعه لموسيقى القوى. كل واحد له مكانته في الفضاء الارتجاجي للصور. والآلهة تخرج تجاهنا عبر صراخ أو عبر وجه. كما أن لون الوجه له صراخه. والصراخ يقوم مقام صورة في الفضاء حيث تنضج الحياة.
بالنسبة إلي، فإن هذه الآلهة المنحرفة Tournants والمرتبكة خطيا، خطيا لكي تستقصي الفضاء، تقدم لنا منهجا ملموسا لمعرفة تشكل الحياة، كما لو كانت خائفة من عدم الإحساس الجيد بالفضاء.
هذا الخوف من الفراغ الذي يلازم الفنانين المكسيكيين، ويجعلهم يضعون خطا فوق خط، ليس فقط ابتكارا للخطوط والأشكال التي تلاطف العين، ولكنه يشير إلى الحاجة في إنضاج الفضاء. والآلهة المكسيكية التي تدور حول الفراغ تقدم نوعا من الطرق المعدودة لإيجاد قوى الفراغ ثانية، والتي بدونها لن يكون هناك واقع. وأظن في الأخير أن الآلهة المكسيكية هي آلهة الحياة، وهي مرتع لفقدان القوة، ولدوار فكري، وأن الخطوط التي تصعد فوق رؤوسها تقدم طريقة شجية وإيقاعية للارتقاء بفكر على فكر. وهي تدعو الفكر إلى عدم التقوقع على نفسه، وعلى المشي إذا صح التعبير.
"أتقدم في الحرب" ، يبدو أن هذا هو لسان حال الإله الذي يحمل في قبضته سلاحا حربيا ويضعه أمامه، وفي أعلى هذا التقدم أظن، "يقول نوع من الخطوط المضيئة وهو يعرج في أعلى رأسه -هذا يرد من جديد في بعض نقط الفضاء".
"وإذا كنت أفكر، فإنني أستقصي قوايا، يقول الخط الذي يوجد خلفه: أنادي القوى التي خرجت منها". لهذا السبب، فإن هذه الآلهة في صورتها اللاإنسانية، والتي لا تكتفي بقامتها البسيطة كإنسان، تبين كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز ذاته – ذلك أنني أظن علاوة على ذلك، أن هناك انسجاما بين هذه الخطوط، نوعا من الهندسة الأساسية التي تتناسب مع صورة صوت.
بالنسبة إلى المسرح، فإن الخط هو صوت، حركة وموسيقى، والحركة التي تنبثق عن صوت هي مثل كلمة واضحة في جملة.فالآلهة المكسيكية لها خطوط مفتوحة، وهي تشير إلى كل ما يخرج، ولكنها تقدم في الآن نفسه الطريقة التي ندخل بها في شيء ما. إن الميثولوجيا المكسيكية ميثولوجيا مفتوحة. ومكسيك الأمس واليوم يحتفظ بدوره بقوى مفتوحة. وليس بحاجة إلى الذهاب بعيدا في مشهد مكسيكي لكي يحس بكل ما يخرج منه.
إنه المكان الوحيد في الأرض الذي يقترح علينا حياة خفية، ويقترحها على مساحة الحياة.
* * *
الهوامش
[1]- بعد إخفاق أرطو في تجربة مسرح (ألفريد جاري) Alfreed Jary، وبعد فشل مسرحية آل سنسي Les cenci التي علق عليها آمالا كبيرة في ترجمة أفكاره النظرية حول مسرح القسوة، لم يجد بدا من البحث عن موطئ قدم جديد يستجيب لآفاقه الانتظارية. فكان أن اختار الرحيل إلى المكسيك بحثا عن الأرض الحمراء والثقافة الحمراء التي تمثل بديلا عن الثقافة الغربية البيضاء الرثة. كما أنها أيضا محاولة للبحث "الأنتروبولوجي" عما يثمن أفكاره الطليعية حول المسرح.
وقد وجد عند قبائل "التراهوماراس" بالمكسيك ما كان يبحث عنه، ومارس معهم مجموعة من الطقوس التي اعتبرها مسرحا حقيقيا مفتوحا.
والنص الذي بين أيدينا، والمعنون بـ"المسرح والآلهة" مثل موضوع محاضرة ألقاها أرطو على الطلبة بالعاصمة مكسيكو. وهو متضمن في كتابه: إرساليات ثورية الصادر عن دار Gallimard للنشر سنة 1971.
[2]- تم اكتشاف الطب العلاجي الصيني بفضل أعمال George Salié de movant الذي انبهر حقيقة بنجاحات هذا الطب في أعقاب انتشار الكوليرا بشنغاي. وقد كان يعمل آنذاك قنصلا لفرنسا بالهند. وفي سنة 1932 اتصل به أرطو ليجرب المعالجة بوخز الإبر لتهدئة روع الألم الذي ألم به.
[3]- تحامل أرطو على الثقافة الأروبية والعقل الأبيض في محاولة لتدمير المركزية الغربية، وإعطاء مفهوم واسع للثقافة الذي صار يقترن عنده بالحضارة وبكل أنماط التفكير البدائي. في هذا الإطار جعل من الحديث عن الثقافة الشرقية والمسرح الشرقي عتبة لولوج شعريته المسرحية في إنجيله، المسرح وقرينه.
[4]- إن ثورة أرطو لم تكن ثورة مسرحية ولا فكرية، بل كانت ثورة شاملة. على هذا الأساس، طالب بحرق كل الأشكال الجاهزة وإعادة النظر في كل البدهيات والمسلمات التي أنتجها العقل الغربي.
[5]- إن مفهوم الميتافيزيقا عند أرطو بعيد عن الفهم المدرسي المتداول، حيث أن الميتافيزيقي يتضمن بالضرورة الفيزيقي، وبالتالي يصير المجرد والملموس منصهرين داخل بوثقة واحدة.