هذا العبور المستحيل الحالم لكائنات هشة لا زالت تتلمس خطوها الأول، هو ما يقترحه علينا الشاعر والفنان التشكيلي العراقي، مقاطع مشكلة بأدوات الرسم حيث تبدو الصور أقرب الى عوالم الألوان مادامت الأحلام هي ما تؤسس أفقها.. ولأنها أحلام أطفال وآمالهم، فالشاعر ينسج منها لحظة شعرية للتأمل.

أحلام بطعم الحليب

ليث الصندوق

 

- 1 –

كلّ الأطفال أمامَ بواباتِ المستقبل الألف

يُصرّون الدخولَ من بوابة الأطباء

صارخين بالبوابة الجافلة من إصرارهم

لا تطيري بعيداً أيتها البوابة المجنّحة

لا نُريد تزويجكِ من مفاتيح ثلاجة الموتى

نُريد فقط إرعابَ البكتيريا بصدرياتنا البيض

فتظننا أشباحاً

وتقفز منتحرة في الفورمالين

**

منذ أيام رضاعتهم

يحلم الأطفالُ بنقل لوحاتِ بيكاسو إلى المستشفى

وحقنِها ضدّ شلل الأطفال

لكنّ عوائقَ كثيرة

ستحول دون طيرانهم

مع أسراب الصدريات البيض

لذلك سيخلعون أجنحةَ أحلامهم بأياديهم

ويحفظونها وديعة

لإخوانهم الذين لم يولَدوا بعد

 

- 2 –

كلّ الأطفال يريدون أن يصبحوا مهندسين

يبنون برجَ بابل بتكديس حقائبهم المدرسية

ليُشرفوا منه على الشهب والكواكب

التي هي صلعات آبائهم

لكنّ عوائق كثيرة

تحول دون اختراقهم تحصيناتِ كلية الهندسة

عندئذ سيهدمون جسورَ أحلامِهم بأياديهم

ويعبرون غطساً

إلى الضفة الأخرى من نهر الطين

 

- 3 –

كل الأطفال يريدون أن يصبحوا ضباطاً

فوميضُ النجوم على الأكتاف

يوهمُهم أنّ ضغطة زرّ

تحوّلُ عيونَ الضفادع إلى مصابيح

لذلك يُعبّئونَ مسدساتِهم البلاستيكية بالماء

ليجبروا ( سانت كلوز )

أن يربط أيائله بأرجل أسرّتهم

لكنّ عوائق كثيرة

ستحول دون تطوعهم في مهرجان حَصدِ النجوم

فكلّ نجمةٍ على الكتف

تحتاج لصاروخ دفع إضافيّ

في مكوك ارتياد المجرات

 

- 4 -

في مناجم الأحلام المجانية

ليس من طفل يريدُ أن يصبحَ نسّاجاً

أو صباغَ سيارات

ليس من أحد يريد أن يصبح ماكنةَ لحيم

أو مِعصرةَ فواكه

فالأحلام تولدُ عملاقة

وبها يصبح الحالمون الصغار عمالقة

تدور الشُهُبُ الطنانة حول رؤوسهم

فيهشّونها بأياديهم كالذباب

لكنّ طبقاتِ الجليد على الأرصفة

ستجبرُ الجميعَ للعودة إلى بيوتهم

والإكتفاءِ بلحس مقابض الأبواب

 

- 5 –

مهما عَظُمتِ الأحلامُ

فهي معرّضة للإصابة بالحصبة

وأنها بحاجة للتلقيح

بجرعات إضافية من مضادات اليأس.