هذه قصة سمعتها منه ذات مرة:
ذهب أحد الرجال إلى عرافة وسألها دون مقدمات: هل سأحيى طويلا؟ فأجابته هي بأنه سيموت في ذلك اليوم بالتحديد.
إن العرافة طبعا كانت تستخدم المجاز، أو أنها تمزح. ذهل الرجل الذي كان غنيا، وقد حصل على ثروته للتو. أضاف أسئلة أخرى، ثم خرج دون أن يدفع ثمن استشارته.
إن هذا يسمى استغلالا. قالت العرافة فيما بعد أنه بصق على أرضيتها أيضا، وأطلق شتائم لا تليق بمُحتضر. هكذا تكون كذبتها قد انطلت عليها هي أيضا. خرج الرجل من عندها ثورا. ذهب لبيته-الذي كان لا يزال فقيرا-وذرعه لساعة وهو يحدث نفسه. كان موضوعه الأساسي هو ماله الجديد، يبدده ويفضح نفسه، أم يتركه للآخرين. كان يفكر أيضا بأنه لا يملك من يُورثه، وقال عندها بصوت عال: سأتزوج، وبعدها خرج ونفذ ما قاله.
إن هذه هي الصيغة الأصلية للعيش، تقول الشيء ثم تفعله. خطب ابنة الجيران الفقيرة وأوضح لهم أنه مستعجل. وضع المال على طاولتهم العرجاء، وصرح أنه سيدخل بها في نفس المساء فلم يلق أي اعتراض.
لم يسألوه عن مصدر المال. قفز الشعور بالذنب إلى حلقه فقال لهم: لقد ورثت، وكانوا يعرفونه يتيما ولكن من يهتم. زُفت له العروس في نفس اليوم، وكانت دائخة من سرعة الأمور وتحسب نفسها في حلم.
حصلت المرأة على طفلها الأول يومها، وبقي فقط أن يكبر في بطنها على رسله. شعر عندها زوجها بأنه قد تخلص من مهمته الأولى فنهض للصلاة. لم يكن قد صلى من زمن طويل، ولكن يوم الوفاة هو يوم مختلف. قالت له هي: أنت تخطئ القبلة، وكان هذا الفتيل الذي أشعل شجارهما الأول.
إن الشجارات التالية تبقى دون أهمية. عاشا معا سنوات كثيرة، وأذاعت العرافة سر زيارته لها، فصار الناس يدعونه بالرجل الذي عاش بعد موته. كان مكروها من الجميع، أما زوجته فقررت أنها لا تراه. فهمت أن زواجهما كان نتيجة هذيان ليلة موته الأول وقالت لنفسها: لقد تزوجتُ جثة، وجعلته يفهم بأنه جثة قديمة أيضا.
لم يصدر رائحة مع ذلك. قال لي الرجل الذي حكى لي القصة: كان وحيدا بشكل مؤذ. كثر ماله وعياله ولم يزر عرافات أبدا. التقى تلك التي زارها في شبابه ذات مرة فلم يعرفها. أوقفته هي وضحكت في وجهه: ها أنت حي كبغل. كانت تستخدم الوقاحة لينظر إليها، إذ أن هذه أيضا قصة عن العشق. قالت له المرأة التي كان قلبها منتفخا كدمل: حي ولكنك تخطئ وجهتك.
تجاوزها بنظره وتابع طريقه. سمع ضحكاتها وقال لنفسه بأنه صدقها ذات مرة. عاد أدراجه وصرخ بها: إنهم يعتبرونني جثة وأنت السبب، فأشاحت عنه بوجهها وغادرت.
إن هذه لعبة معروفة بشأن العشق. أنت تُقبل فأصد، وأنت تصد فأقبل. حرك راوي الحكاية رأسه بأسى، وادعيتُ أنني لا أفهم ما يقصده. كنت أعرف أنه يترك مصدر المال مجهولا حتى يحوز اهتمامي، فقررت أن لا أسأله.
تعلق اهتمامي فقط بالنساء في هذه القصة، وبَدَين لي متواطئات وأذكى مني جميعا. جاء السيد بماله من سرقة أو قتل أو غيره، ولكنهما جعلتاه ميتا بالمقابل.
قال لي الراوي غاضبا تقريبا: كان قد وشى بمجموعة من الوطنيين. قتلوهم وأعطوه حق وشايته مالا. كان سيقول لي بعد ذلك أن جده كان بينهم، وأنه قد حصل على رصاصة فوق حاجبه الأيسر. كنت أعرف القصة سلفا، وهذه هي نتيجة الزواج الطويل.
تظاهرت بالاستماع وفكرت برؤوس الناس التي يَسهُل تطويعها، وبهذه الجثة التي تنجب الأطفال، وتتاجر بمال مُلوث على مرأى من الجميع، وتبين لي أنني فهمت.
قلت لزوجي كي أقاطعه: بالنسبة للعرافة، كان هو من يدفع لها كي تستمر بالكذب على مسامع الآخرين.
المغرب