تكشف هذه المقدمة العامة لما تنطوي عنه مقالات هذا الكتاب الألماني الجديد أهمية استشراف المستقبل، ودراسة آثار جائحة كرونا على أوروبا واتحادها وما يهدده من أخطار مستقبلية دور البحث العلمي والدرس العقلي في تجنيب المجتمعات مخاطر المستقبل من ناحية، وما تعاني منه بلدانا من هذا النقص من ناحية أخرى.

السياسة الدولية تحت ظروف الوباء

الوباء والسياسة الدولية: نظرة تمهديه عامة

فولكر بيرتيس

تقديم وترجمة حامد فضل الله

 

صدر عن مؤسسة العلوم والسياسة - المعهد الألماني للسياسة والأمن الدولي - برلين، دراسة حديثة بعنوان «السياسة الدولية تحت ظروف الوباء: الاتجاهات والآفاق لعام 2021» قام بتحريرها باربرا ليبرت / ستيفان ماير / فولكر بيرتيس وضم مجموعة من الدرساسات قام بها عدد كبير من باحثي المؤسسة. الدراسة تقع في 90 صفحة وتحتوي بجانب المقدمة على فصلين وخاتمة. جاء الفصل الأول بعنوان "النظام الدولي والديناميكيات العالمية"، ويضم الأبحاث التالية: متغيرات النظام القادم: ثلاثة سيناريوهات. كوفيد ــ 19 والاقتصاد العالمي: تحديات لألمانيا وأوروبا. لا ازدهار للحكم الشعبوي في زمن كورونا. لا "إغلاق" للعنف، كوفيد ــ 19 يعمق من مخاطر نشوب النزاعات ويزيد من صعوبة التعامل معها. البلاد سريعة النمو ووباء فيروس كورونا. هشاشة أكبر في أفريقيا والحاجة إلى استعدادات على جميع المستويات. آثار وباء كوفيد ــ 19 على الهجرة الدولية. على مفترق طرق: توزيع لقاح كوفيد ـ 19، وضوح الانعطاف؟ تشكيل سياسة المناخ الدولية واستدامتها. تأمين التوريد: تخطيط لديناميات السوق وتحولات السلطة.

أما الفصل الثاني بعنوان "أوروبا ومحيطها"، ويضم: الاتحاد الأوروبي والوباء: باعث للتكامل مع تأثير غير مؤكد. السياسة الخارجية والأمنية في ظل الوباء. الرعاية المرنة في أوقات الأزمات: مزيد من التنسيق عبر السياسات، بين الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء. "الصفقة الخضراء" أزمة مستحكمة. الاضطراب الاِقليمي في الجوار الجنوبي لأوروبا، فاعلي الصراع ومتابعة المصلحة الذاتية بإصرار. كوفيد ــ 19 وإدارة الأزمة في المانيا. أما الخاتمة فجاءت بعنوان "آفاق عام 2021": العام الثاني للوباء والفرص، إنعاش التعاون المتعدد الأطراف من جديد. سوف نقوم بتقديم وترجمة بعض هذه الأبحاث تباعا، ونبدأ بتقديم كلمة مدير المؤسسة البروفيسور فولكر بيرتس. تم اختياره كممثل خاص للأمين العام ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) لدعم الانتقال في السودان.

الوباء والسياسة الدولية: نظرة تمهديه عامة:
يعد وباء كوفيد ــ 19 ثالث صدمة ملموسة لبداية القرن الحادي والعشرين. فإن نطاقه، على عكس الهجمات الإرهابية في أيلول (سبتمبر) 2001 والأزمة المالية والمصرفية في 2007/ 2008، فهو يؤثر في الواقع على نطاق عالمي، وبشكل مباشر على جميع الناس في جميع دول العالم تقريباً، وأن كان بدرجات مختلفة. لا يزال من السابق لأوانه الإدلاء بأي تصريحات نهائية حول كيفية تأثير الوباء على السياسة الدولية. ومع ذلك، يمكن الافتراض بدرجة عالية من اليقين بأن الجائحة وعواقبها ستستمر في تشكيل الظروف الدولية، وعلى مستوى التعاون والتنمية الداخلية لعدد كبير من البلدان في الوقت الحالي، وحتى لو تم تطوير لقاحات فعالة وتم السيطرة على المرض.

منذ بداية الوباء، يدور نقاش حول ما إذا كان الوباء يمثل لحظة تغير تاريخي هامة فحسب، أو يمثل بالأحرى تغييراً متسارعاً في مسار التاريخ. تظهر المساهمات في هذه الدراسة حقيقة، بأن بعض الاتجاهات الدولية، التي كانت معروفة قبل الوباء، اكتسبت قوة أثناء مساره. ولكن، ما يتضح بشكل عام، وجود انقطاعات لهذا الاتجاه أيضاً. ويبدو السؤال الأكثر إثارة للاهتمام وذو صلة سياسية، بأن تسارع التطورات الحالية لا تعني ببساطة المزيد مثلها في فترة زمنية أقصر، وإنما تتحول أو يمكن أن تتحول إلى تغيير نوعي.

لذلك يوجد بلا شك الخطر، بان تزايد عدم المساواة لا يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات الاجتماعية فحسب، بل إلى صراعات مسلحة تزعزع استقرار مناطق بأكملها. بالعكس كذلك، لا يمكن استبعاد أن يكون التغيير النوعي، بمثابة نموذج يحتذى به، إذا تم تحقيق تعاون دولي ناجح في توزيع اللقاحات. يمكن لهذا المثال أن يساعد في إزالة الحواجز المتعددة الأطراف، أمام العمل، على الأقل في مجالات سياسة أخرى. توضح نظرة مقارنة لمجالات مختلفة من النشاط في مناطق العالم، بأن كوفيد ــ 19 أصبح عاملاً طوال الوقت، لكن الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأزمة ليست موحدة أبدًا، ولكنها دائمًا عرضية. بالإضافة إلى الظروف الهيكلية ذات الطبيعة الاقتصادية أو الجغرافية أو الديموغرافية، وتوافر الموارد المادية والقدرات التقنية والمؤسسية، تلعب قضايا الحوكمة دوراً رئيسياً أيضاً - أي كيفية تنفيذ الحوكمة على المستوى الوطني أو الدولي.

وهذا يعني، أن العواقب طويلة المدى للوباء كظاهرة طبيعية تظل معتمدة على صنع القرار السياسي أيضاً. من المتوقع أن الدول التي تمر بالأزمة بشكل جيد نسبياً، يجب أن تواجه توقعات أعلى من المجتمع الدولي - أو بعبارة أكثر إيجابية: ستكون مطلوبة كشركاء في التعاون. لقد تم حتى الآن، تأكيد هذا لألمانيا. لذلك يأتي تساؤلنا في معظم المساهمات، عما يمكن ويجب لألمانيا والاتحاد الأوروبي أن يساهما به، ليس من مصلحة ذاتية مفهومة جيدًا، لاحتواء الوباء فحسب، بل ولدعم البلدان والمجتمعات الأخرى في التعامل مع العواقب أيضاً، وتقوية التعاون الدولي وجعل العالم ككل أكثر مرونة.

تلعب الديناميكيات الجيوسياسية دوراً في التغلب على كوفيد ــ 19، والتحديات الفعلية التي يفرضها الوباء على المجتمع الدولي. وهكذا استغلت كل من إدارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية والحزب الصيني، وقيادة الدولة، الوباء محليًا وكجزء من التنافس الاستراتيجي بينهما. كما قدمت الأزمة أسباباً أخرى للسعي من أجل تأكيد الذات الأوروبية أيضاً - ومن أجل المزيد من السيادة الأوروبية أو الاستقلال الذاتي - على الأقل فيما يتعلق بمدى أمان ووثوق سلاسل التوريد. أن النظرة الكلية، تؤكد مساهمات هذه الدراسة، قبل كل شيء، على أن قضايا الاستدامة، تمثل مركزية للسياسة الوطنية والأوروبية والدولية لبلورة المهام التي تنشأ استجابة للوباء. كما لا تقل أهمية توسيع الاسئلة المتعلقة بقدرة ألمانيا وأوروبا على العمل في مواجهة المنافسات المستمرة بين القوى العظمى، وهياكل النظام الدولي المتعثرة، والصراعات العنيفة في المنطقة الجغرافية المجاورة.

النظام الدولي والديناميكيات العالمية:
هناك أسباب وجيهة لافتراض أن فوز جو بايدن الانتخابي والطريقة التي يتعامل بها اللاعبون الآخرون في جميع أنحاء العالم، سوف يؤثر على النظام الدولي في السنوات القادمة، أكثر من الوباء. ومع ذلك، فإن للوباء تأثيره على هذا النظام أيضاً. كما يمكن أن تساعد السيناريوهات في تنظيم أفكارنا وكذلك لعرض الفرص والمسارات غير المرغوب فيها. وبذلك يمكن تحديد الأسئلة المتعلقة بخيارات العمل في مجالات السياسة التي سوف يتم تحليلها في هذه الدراسة. تبرز في السناريوهات الثلاثة التي طورها لارس بروزوس وهانس ماول بشأن أهمية الاتحاد الأوروبي في التعامل، والتي تشمل القدرة على التعامل المشترك مع فاعلين متعددي الجنسية وغير حكوميين أيضاً.

تتجلى الطبيعة العالمية للوباء أولاً وقبل كل شيء في آثاره الاقتصادية. لقد تسبب في أعمق ركود اقتصادي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، لكنه ترك بصماته على مناطق العالم، بدرجات متفاوتة. من المرجح أن تستمر الصين وشرق آسيا، كما أوضح كل من هانس جونتر هيلبرت وبيتينا رودلوف وباول توكارسكي، بأن تستمر الصين وشرق آسيا، في اكتساب وزن نسبي في الاقتصاد العالمي. غالبا ما تكون العواقب الاقتصادية للوباء مصحوبة باعتبارات عصيبة. يؤكد كوفيد ــ 19 أهمية الاقتصادات المستدامة، ولكن في الوقت نفسه أصبحت الشروط أكثر صعوبة، التي بموجبها يجب تنفيذ أجندة النمو المستدام. وبغض النظر عن مقدار المطلوب من الاتحاد الأوروبي لتقليل نقاط الضعف الأوروبية في توريد السلع الحيوية، يجب أن يعمل من أجل المزيد من التعاون والتنسيق الدوليين - على عكس الاتجاهات الحمائية التي تكثفت في جميع أنحاء العالم في أعقاب الوباء. أخيرًا وليس آخرًا، من المهم الحفاظ على قواعد تجارية موثوقة ومتعددة الأطراف.

وكما ظهر سياسياً أيضاً، لا يمكن، تحديد الاتجاهات دائما بوضوح. ومثلما أوضح كاي أولاف لانج وكلوديا زيلا، فإن الوباء لم يساعد دائمًا الحكومات الشعبوية أو الاستقطابية أو الاستبدادية على تعزيز أو توسيع قوتها. ومع ذلك، تزدهر في أوقات الأزمات، سياسة الاستقطاب في كل مكان تقريبًا. وهذا درس يجب أن يؤخذ على محمل الجد في ألمانيا. لا يزال يتعين استكشاف إلى أي مدى ساهم الوباء والتعامل معه من قبل إدارة ترامب، في عدم تجديد انتخاب الرئيس الأمريكي. الشيء الوحيد المؤكد اليوم، بأن نتائج دراسة الرأي العام بالغت في تأثير كورونا على نتيجة الانتخابات.

كما لا يمكن إثبات الروابط السببية المباشرة بين الجائحة والنزاعات العنيفة؛ ومع ذلك، فإن الآثار غير المباشرة واضحة. حتى الدول التي كانت هشة في السابق، أصبحت الآن أقل قدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لشعوبها وفي بعض الحالات تترك المجال لفاعلين متشددين غير حكوميين. تستغل القوى الإقليمية أو القوى الكبرى المتنافسة، الوباء: على الصعيد الدولي وفي أوروبا أيضًا، تتوفر موارد أقل للتعامل مع النزاعات. لذلك، أوصت كلاوديا مايور وماركو أوفرهاوس ويوهانس تهم وجوديث فورات، بسياسة ألمانية وأوروبية لوقاية الأزمات، بإعطاء الأولوية لتلك الدول الهشة التي يهدد كوفيد ــ 19 وضعها الداخلي بحدة.

البلاد سريعة النمو هي الأكثر تضررا اقتصاديا. وفي نفس الوقت، فإن الأزمة توسع اتجاه التمايز بينها. وكما كتب جانيس كلوج وجونتر مايهولد وستيفان رول وكريستيان فاغنر، فأن هذا التطور سوف يستمر في الغالب. ما يهم هنا، المكان الذي يحتله كل منهم على خريطة سلاسل القيمة العالمية؛ ومن ناحية أخرى، يتعلق الأمر، قبل كل شيء بالظروف السياسية المحلية والمتطلبات المؤسسية لكل دولة. ينبغي على أوروبا أن تقدم الدعم بشكل خاص إلى الأكثر فقراً، في البلاد سريعة النمو - من خلال تقديم اللقاحات وكذلك مع تخفيف الديون. وهذا بدوره يجعل من الممكن الضغط من أجل سياسة اقتصادية تحافظ على البيئة أو تحترم حقوق الإنسان.

كان رد فعل الدول الأفريقية، التي يتم التركيز عليها هنا بشكل خاص، مختلفًا تمامًا تجاه الوباء. كما يتضح هذا من مساهمة سوزان بيرجنر وميلاني مولر وأنيتا فيبر وإيزابيل فيرينفيلس، ساهم الفيروس بشكل أساس في زعزعة الاستقرار حيث تهدد النزاعات الداخلية بالفعل التماسك الاجتماعي. فكلما قلت قدرة الدول والحكومات على إمداد السكان وحمايتهم، كلما زاد خطر اكتساب الجماعات المتطرفة والجماعات المسلحة قوة. ومن ناحية أخرى، مع الثقة الأساسية في القيادة السياسية، فإن الدول التي تعاني من ضعف المؤسسات أو البنية التحتية، ظلت إلى حد ما مستقرة. حتى أن بعض الدول الأفريقية تمكنت من توسيع قدراتها في إدارة الأزمات من خلال المشاركة الفعالة للفاعلين في المجتمع المدني، وكما ساهمت المنظمات الإقليمية بفعالية، في تسخير خبرات الأوبئة السابقة.

تلعب الأزمات والنزاعات في إفريقيا دورًا مهمًا في الهروب والهجرة العالمية. يشير ستيفن أنجينندت ونادين بيهلر ورفائيل بوسونج وآنا كوخ إلى أن كوفيد -19 لم يغير القوى الدافعة وراء الهروب والهجرة، "لكنه غير الإطار السياسي والإداري". التنقل في جميع أنحاء العالم أصبح أكثر محدودية، والمهاجرون واللاجئون هم الأكثر تضررا، وكذلك البلدان التي تعتمد على التحويلات المنتظمة من العمال المهاجرين. بالنظر إلى الحاجة الأوروبية للعمال المهرة - ليس أقلها في قطاع الصحة - تكتسب "سياسة طليعيه للهجرة، بالشراكة مع بلدان المنشأ" أهمية أيضاً.

تعتمد إمكانية السيطرة على الوباء وعواقبه بشكل فعال إلى حد كبير على ما إذا كان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه والولايات المتحدة والصين على استعداد للتعاون عالميًا وفي شراكة في بناء أنظمة صحية مرنة وتوزيع اللقاحات. ومن المهم أيضًا أن يتم تعزيز منظمة الصحة العالمية من أجل الإصلاحات المستهدفة. بالنظر إلى هذه التحديات، كما يوضح مايكا فوص، من خلال سيناريوهات مختلفة ومتوقعة. في النهاية، سوف تقرر البلدان الصناعية، ما إذا كانت لقاحات فيروس كوفيد باعتبارها منفعة عامة عالمية ويتم توزيعها وفقًا لذلك - أو ما إذا كانت غالبية السكان في إفريقيا، على سبيل المثال، تبقى غير محصنة على الرغم من اللقاحات الكافية. يمكن لألمانيا وشركائها الأوروبيين تمهيد الطريق للتوزيع العادل، ووفقًا للمؤلفة، ينبغي أيضًا إعطاء الأولوية لتعزيز منظمة الصحة العالمية.

فيما يتعلق بسياسة المناخ، يمكن الافتراض أن فوز بايدن في الانتخابات زاد من فرص سيناريو تعاوني. لكن هذا لن يُفرض من تلقاء نفسه. وفقًا لماريانا بيزهايم وسوزان دروجا، هناك تساؤل على ألمانيا وشركائها الأوروبيين بطريقتين، من ناحية يجب ربط الأموال الوطنية من حزمة كورونا ومن صندوق إعادة الإعمار في الاتحاد الأوروبي باستمرار بأهداف المناخ والاستدامة. من ناحية أخرى، يجب كسب الشركاء الراغبين في "مناورات التحول المشتركة في سياسة المناخ والاستدامة" دولياً، إذا لزم الأمر من خلال عروض التعاون الفني والوصول المميز إلى الأسواق.

لقد وضع الوباء أمن الإمدادات على جدول الأعمال السياسي في العديد من البلدان. إذا كانت الجهود المبذولة لنقل أو تقليص سلاسل التوريد الدولية في السابق ذات دوافع جيوسياسية أكثر، فهناك الآن أسباب أخرى. بجانب ذلك أغفلت البلدان الصناعية غالباً، بأن العديد من البلدان الأخرى ليست في وضع يمكنها من تقليل التبعية للسياسة التجارية بهذه الطريقة. لذلك تقترح ميلاني مولر إجراء حوار عملي المنحى مع البلدان الشريكة حول مرونة سلاسل التوريد. وسوف يكون الهدف، أخيراً وليس آخراً، هو جعل ظروف الإنتاج أكثر استدامة في جميع أنحاء العالم.

أوروبا ومحيطها
وفقًا لبيتر بيكر وكاي أولاف لانغ وباربرا ليبرت وباول توكارسكي، أصاب الوباء أعضاء الاتحاد الأوروبي بقوة مختلفة، لكنه في الوقت نفسه كان بمثابة "محفز الإصلاح" للاتحاد ككل. من خلال برنامج إعادة الإعمار الممول من الديون المشتركة، خبِر الاتحاد الأوروبي دفعة التكامل، وكان في وضع لدعم قرارات السياسة الاقتصادية والمناخية لميزانية متعددة السنوات وبرنامج إعادة الإعمار، سياسيا واجتماعيا. ولكن لا يوجد تحرك في جميع مجالات السياسة: إذ لا تزال الخطوات نحو سياسة صحية أوروبية مشتركة معلقة. وما إذا كان تأثير سياسة التكامل لبرامج المساعدة سيكون مستداماً، لا يزال مفتوحاً.

على الرغم من الجهود المشتركة، هناك خطر من أن الاختلالات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي سوف تتفاقم نتيجة للأوبئة والركود. كما من المرجح أن تؤدي الجهود المبذولة لتحقيق تكامل أكبر في مجالات، مثل السياسة الداخلية والقضائية أو السياسة النقدية إلى إثارة الجدل. وفقًا للمؤلفين، يجب على ألمانيا بالتالي العمل مع مجموعة من الدول ذات التفكير المماثل لتطوير العناصر الأساسية لحزمة إصلاحات متوازنة تعد بتعزيز قدرة الاتحاد على العمل وشرعيته.

تم الاندماج المذكور في السياسة الخارجية والأمنية حتى الآن بشكل جزئي فقط. كان الاتحاد الأوروبي في مكافحة الوباء، فعالاً في الحفاظ على العمل متعدد الأطراف وتعزيزه. تقاوم النشرة الاعلامية الخارجية للاتحاد الأوروبي حملات التضليل المتعلقة بالوباء، وقد تمت زيادة نهج سياسة الأمن والدفاع المشتركة بشكل كبير في إطار ميزانية 2021 ــ 2027.  وفي المقابل، حسب شرح أنجريت بينديك ورونيا كيمبين، لم يحرز الاتحاد الأوروبي في التعامل المشترك مع الأزمات والصراعات الجيوسياسية أي تقدم. ومن المقرر إجراء تحليل مشترك للتهديدات الأوروبية؛ ربما يساعد على الأقل في تنسيق الأولويات الاستراتيجية.  وسوف يكون للعمل الخارجي للاتحاد، وفقاً للمؤلفتين، تأثير أكبر قبل كل شيء، إذا تم دمج أدوات السياسة الخارجية والأمنية مع أدوات سياسة التجارة والاستثمار.

كان السعي المرن في مواجهة الصدمات الخارجية، منذ زمن من صميم السياسة الأمنية الأوروبية. نشأ مع الوباء وعي عام بمدى اعتماد المجتمعات على شبكات الاتصال الآمنة وعلى معلومات البنية التحتية، وعلى الإمداد السريع للمنتجات منخفضة التقنية، مثل الأقنعة الواقية أيضاً. كما أوضح رافائيل بوسونج وبيتينا رودلوف، فإن الاصلاحات بمعنى التكيف المرن، يمكن أن تعزز الدفاعات ضد المخاطر المتعدية الجنسية (متخطية للحدود القومية) - على سبيل المثال، وباء آخر - وفي نفس الوقت تساهم في الاستقلال أو السيادة الاستراتيجية لأوروبا. ينطبق هذا على المحاولات المستمرة من قبل طرف ثالث لتقويض النظام الداخلي للاتحاد، أو لبعض الدول الأعضاء أيضاً.

لقد أوضح الوباء مدى أهمية إعادة التوجه نحو الاقتصادات المستدامة. كتب أوليفر جيدن وكيرستن فيستفال أن ذلك قد ساعد داخل الاتحاد الأوروبي في منح برنامج إعادة الإعمار لمسة خضراء وجعل الصفقة الأوروبية الخضراء أكثر قدرة على المقاومة. وحتى لو ظل التحدي يتمثل في التنفيذ الفعلي للأهداف المتوسطة المدى، مثل الحياد المناخي، فإن الأهداف نفسها على الأقل لم تعد مسألة خلافية. ومع ذلك، يجب في داخل أوروبا، تقبل معارك توزيع الانبعاث الحراري. من المتوقع حدوث اختلافات على الصعيد الدولي، ليس أقلها مع البلاد سريعة النمو، إذا قرر الاتحاد الأوروبي تعديل حدود ثاني أكسيد الكربون. وهذا يجعل الأمر الأكثر أهمية، وفقًا للمؤلفين، "اصطحاب البلدان الشريكة معك" في الطريق إلى عالم الطاقة الجديد. إذا لعب موردو النفط والغاز، كمنتجي الهيدروجين دوراً ليخدم المناخ، قد يُمكن ويساعد، حتى في استقرار الجوار الجغرافي لأوروبا.

أضاف الوباء، في الجوار الجنوبي، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كارثة أخرى إلى الأزمات والصراعات القائمة. عندما تغيرت ديناميكيات الصراعات الأحادية، وكما أوضح موريل أسيبرج، وفولفرام لاشر، وجيدو شتاينبرغ، فإن هذا يرجع بشكل أكبر إلى التحولات الجيوسياسية. اكتسبت روسيا وتركيا نفوذاً في البحر الأبيض المتوسط - ليس بسبب الوباء، ولكن لأنهما كانا على استعداد لاتخاذ تدخلات محفوفة بالمخاطر. فقدت أوروبا ككل نفوذها في المنطقة، على الرغم من الجهود النشطة التي تبذلها المانيا خاصة، لحل النزاع في ليبيا. حقيقة لم يجعل كوفيد ــ 19 الأزمات والصراعات التي تشارك المانيا في معالجتها، أقل ضراوة في أي مكان.

ومع ذلك، كتب ماركوس كايم، إن فيروس كورونا قد طغى بالفعل على أجندة الأزمة الدولية وأجندة الاتحاد الأوروبي. نظرًا لأنه لا يمكن توقع تحديات أقل في البيئة الأوروبية في المستقبل، سيتعين على ألمانيا وشركائها في الاتحاد الأوروبي توسيع نطاق الأدوات التي يمكن من خلالها معالجة الأزمات. بالإضافة إلى المهارات السياسية والعسكرية المناسبة، ستكون أدوات السياسة الصحية في المستقبل أيضاً جزءاً من المخزون القياسي للسياسة الخارجية والأمنية الألمانية وكذلك الأوروبية.

 

برلين (أوراق المانية)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Volker Perthes, Die Pandemie und die internationale Politik: Eine einleitende Übersicht Internationale Ordnung und Globale Dynamiken, Internationale Politik unter Pandemie-Bedingungen Tendenzen und Perspektiven für 2021 SWP-Studie 26 Dezember 2020, Berlin:  

مؤسسة العلوم والسياسة، المعهد الألماني للسياسة والأمن الدولي - برلين.

 Stiftung Wissenschaft und Politik Deutsches, Institut für Internationale Politik und Sicherheit (SWP) 

Autoren:  

Varianten der kommenden Ordnung: Drei Szenarien Lars Brozus/Hanns W. Maull, Covid-19 und die Weltwirtschaft: Herausforderungen für Deutschland und Europa Hanns Günther Hilpert/Bettina Rudloff/ Paweł Tokarski, Kein Aufwind für populistisches Regieren in Corona-Zeiten Kai-Olaf Lang /Claudia Zilla

Kein »Lockdown« der Gewalt: Covid-19 verschärft die Gefahr von Konflikten und erschwert ihre Bearbeitung Claudia Major/Marco Overhaus/Johannes Thimm/ Judith Vorrath

Die Schwellenländer und die Corona-Pandemie Janis Kluge / Günther Maihold / Stephan Roll / Christian Wagner

Größere Fragilität in Afrika: Gefragt sind Ansätze auf allen Ebenen Susan Bergner/Melanie Müller/Annette Weber/ Isabelle Werenfels

Die Auswirkungen der Covid-19-Pandemie auf das internationale Wanderungsgeschehen Steffen Angenendt/Nadine Biehler/ Raphael Bossong /Anne Koch

An der Kreuzung: Die Verteilung eines Covid-19-Impfstoffes Maike Voss

Klar zur Wende? Internationale Klima- und Nachhaltigkeitspolitik gestalten Marianne Beisheim/ Susanne Dröge

Versorgungssicherheit: Marktdynamiken und Machtverschiebungen einplanen Melanie Müller EUROPA UND SEIN UMFELD

Die Pandemie und die EU: Integrationsimpuls mit ungewisser Wirkung Peter Becker/Kai-Olaf Lang /Barbara Lippert/ Paweł Tokarski

Europäische Außen- und Sicherheitspolitik in der Pandemie Annegret Bendiek/Ronja Kempin

Resiliente Versorgung in Krisenzeiten: Mehr politikfeldübergreifende Koordination zwischen der EU und ihren Mitgliedstaaten Raphael Bossong /Bettina Rudloff

Ein krisenfester »Green Deal« Oliver Geden/Kirsten Westphal

Regionale Unordnung in Europa südlicher Nachbarschaft. Konfliktakteure verfolgen Interessen unbeirrt Muriel Asseburg /Wolfram Lacher/Guido Steinberg

Covid-19 und das Krisenmanagement Deutschlands Markus Kaim

AUSBLICK

Ausblick auf 2021: Das zweite Jahr der Pandemie und Chancen, die multilaterale Zusammenarbeit wiederzubeleben Barbara Lippert / Stefan Mair.