تبتغي هذه الورقة البحث في القياس واستعمالاته في الثقافة العربية الإسلامية باعتباره، ولا شك، من أهم المصادر التي ألّف حولها علماء الأصول. وكذلك مناحي التأثير والاختلاف بينه وبين القياس المنطقي الذي نظر له أرسطو في كتابه «أنالوطيقا أولى»، ويستعين في هذا الباحث بتأويل ابن رشد لكتاب أرسطو.

القياس واستعمالاته: بين المنطق والأصول

محـمـد بن الـظاهر

 

تمهيد:
لا ريب أن واقع الناس متحول؛ فلا يمكن أن نطالب من القرآن والسنة، باعتبارهما مصدري تشريع الأحكام، الإجابة على كل نازلة وبالتالي فتح مساحة للعقل المشرع. هذه الإجتهادية تشتغل وفق مسالك استدلالية صارمة والتي تقيد كل القراءات المنفلة من سلطة مصادر التشريع الأولى. فكان لزاماً رد متحول =م جهول إلى ثابت = معلوم.

وبالتالي يكون ترتيب منابع التشريع على هذا الوضع: القرآن والسنة والإجماع والقياس. والإجماع بأنواعه: الصريح أو القطعي والسكوتي، وشروطه...إلخ، فسنخص له إضاءة في مقام آخر.

قبلَ الشُروعِ، نُشير إشارةً اجرائيةً وهي أننا سنكون أوّابين كلَ هذه الفقرة إلى كتاب "أنالوطيقا أولى" لأرسطو وَاسِطينَ ابن رشد لإعراب وترجمة ما استغلق.

1: القياس المنطقي:

يُعرف أبو المنطق[1] the father of logic أرسطوطاليس القياس المنطقي/ الجامعة[2] بأنه "قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم شيء ما آخر من الاضطرار لوجود ذلك الأشياء الموضوعة بذاتها"[3]. ويضمن القياس صحة الانتقال من المقدمات إلى النتائج لكن لا يضمن الصحة الموضوعية للنتائج، هذه وإن سَلِمَت حتى عملية الاستدلال، وهذه مثلبة القياس المنطقي. أما البرهان (التحليلات الثانية) على سبيل المقارنة، فنتائجه في كل الأحايين صحيحةٌ وموضوعيةٌ وينضوي تحت لواء القياس، حيث كل برهانٍ بالضرورة قياس لكن ليس كل قياس برهان[4]. يتحدث أرسطو في مطلع كتابه "أنالوطيقا أولى" عن المقدمة فيعرفها ب "قول موجب شيئًا لشيء أو سالب شيئًا عن شيء"[5] ، ونفسه نجد في شرح ابن رشد ولا يزيد[6]، والقياس يتوفر على مقدمتين اثنتين أو يزيد، ثم يتبعهما النتيجة أو الاستنتاج، فتنقلب النتيجة التي كانت لدينا ساعة ئذٍ مجهولةً للمقدمتين المعلومتين معلومة:

لدينا:  A  >  B

و  :  B  >  E

إذن :  A  > E  

فنلاحظ أن الثابت B أو الموضوع في المقدمة الأولى يشمل موضوع المقدمة الثانية؛ فإذن يكون هذا القياس، قياسًا شموليًا. ويتكون هذا الأخير من:

مقدمة1 + مقدمة2 = نتيجة (قضية)

وكل عنصر من عناصر القضية تحوي موضوعًا ومحمولاً، وعليه تكون القضية إما موجبة في حالة الاثبات، أو إما سالبة في حالة النفي. وتكونُ كليةً إذا وفقط كان الموضوع يحمل على كله، أو تكونُ جزئيةً إذا وفقط كان الموضوع يحمل المحمول على جزء غير معين منه.

والحد هو"ما إليه تنحل المقدمة، وذلك كالمقول والذي يقال عليه المقول: إما بزيادة "ولا توجد" أو بانقسام: "يوجد ولا يوجد""[7]. يعني في مثالنا: الحد الأول A هو أكبر من ويشمل B . ونعرب ما مضى بمثال آتٍ:

 

(قياس مباشر).

 

 

(قياس مباشر).

 

 

 

 

 

 

وللحد الأوسط أهمية بالغة في القياس الاستدلالي فهو ''العنصر الجوهري في الاستدلال"[8]، ودوره الوساطة والرباط رغم ماصدقه لا يكون متوسطاً حقيقة إلا في القياس، فيكون "للحد الأوسط تفسير رياضي وصوري خالص تعني فيه كلمة (إيتون) العلة الفاعلة والعلة المنطقية في آن واحد''[9].

وللقياس أشكال مختلفة تختلف تبعاً للصورة التي عليها اقتران الحد الأوسط بالمقدمتين، وكل شكل يَنْسل أضرباً. فالأقيسة إما كاملة كما قسمها أرسطو حالة (وضع-حمل) الحد الأوسط هنا موضوع في القضية الأولى/ الكبرى ومحمول في القضية الثانية/ الصغرى. والأقيسة الناقصة حالة (حمل-حمل) و (وضع-وضع) فمرةً يكون الحد الأوسط محمولًا في كلا المقدمتين أو موضوعاً في المقدمتين[10]، ولرد القياس الناقص ليكون كاملاً لابد من اجراء تعديل لمكاني الموضوع والمحمول (العكس المستوي) أو بالخُلف ، ومعناه افتراض صحة نقيض النتيجة وإجراء قياس من النوع الكامل لإثبات شذوذ النتيجة مع صدق المقدمات ما يدل على صحة الأصل.

بالرغم من هذا، فليست كل القضايـا صالحة لتكون مقدمات للقياس، ولانعقاد القياس وجب توفر القضايا على شروط نجملها في:

  1. ألا يتوفر القياس على أكثر من 3 حدود. إن كانت الحدود 3 سُمي استدلالاً مباشراً، فإن كان أكبر منه سُمي قياساً مركباً.
  2.  لا انتاج من مقدمتين سالبتين (القضيتان المنفصلتان ليس لها حد مشترك). إذ لا تنتج أي نتيجة/ مهملة ولانفصال الموضوع عن الحد الأوسط وكذا المحمول عن الحد الأوسط. فمثلاً:
  • المـــــغاربة ليسوا مسيحين
  • والمـــــسيحين ليسوا عرباً
  • إذن المــــغاربة ليسوا عرباً.

       (وبالتالي فهذا قياس فاسد).

  1. لا يستغرق حد في النتيجة مالم يستغرق في المقدمة التي ورد فيها. فمثلاً:
  • بــــــــــــــعض الناس أغبياء
  • وبــــــــــــعض الناس أذكياء
  • إذن فـــــبعض الأغبياء أذكياء.

       (وبالتالي فهذا قياس فاسد).

  1. لا انتاج من مقدمتان جزئيتين لعدم وجود صلة بين الجزئيتين لانعدام الحد الأوسط، في حالة: كون المقدمتين جزئيتان سالبتين. أو حالة: كون المقدمتان جزئيتين موجبتين. أو حالة: كون إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة.
  2. ألا تحوي النتيجة الحد الوسط لأن وظيفته علة الربط.
  3. المقدمتان الموجبتان لا تنتجان نتيجة سالبة.
  4. إن كانت إحدى المقدمتين سالبة تكون النتيجة سالبة. وإذا كانت إحداهما جزئية وسالبة تكون النتيجة جزئية وسالبة أيضًا، فالنتيجة تتبع أبداً أضعف الجانبين وأخسهما.

2: القياس الأصولي:
يعرفه صاحب الشمسة بأنه "قول مؤلف من قولين أو أقوال أو قضايا، متى سلم بها لزم عنها لذاتها قول آخر بالضرورة"[11].

و يطلق بمعنيين:

  1. يطلق على التقدير.
  2. يطلق على المساواة.

والعرب استعملت لفظ "القياس" على "التقدير" وعلى "المساواة"[12]  وفي الاستعمال الشرعي يستعمل كثيراً، كحين يقال: "النبيذ يقاس على الخمر" و"الأرز يقاس على البُر"، فتعدى هنا كما هو بين في المثالين ب"على" وكذلك يتعدى في أحايين ب"الباء".

وفي الاصطلاح ينقسم إلى قياس العكس وقياس الطرد.

فالأول: عبارة عن تحصيل نقيض حكم معلوم ما في غيره، لافتراقها في علة الحكم. والثاني: ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع لثبوت على الأصل فيه.

وأعرب بن تيمية أن القياس طي متنه، الصحيح والفاسد من القياس، فالصحيح وردت به الشريعة "وهو الجمع بين المختلفين"[13]، قياسا الطرد والعكس.

والشريعة -بحسب ابن تيمية- لا تأتي بخلاف هذه الأقيسة وهي مثلاً: "أن تكون العلة التي علق بها الحكم في الأصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها [...] وكذلك القياس بإلغاء الفارق، وهو أن لا يكون بين الصورتين فرق مؤثر في الشرع"[14]، ولا يشترط على صحة القياس أن يعلم كل أحد صحته "فمن رأى شيئاً من الشريعة مخالفاً للقياس فإنما مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، ليس مخالفاً للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر"[15]

منهم -الأصوليين- من يقول: "إن القياس هو التشبيه، ويلزم عليه أن يكون تشبيه أحد الشيئين بالآخر، في المقدار، وفي بعض صفات الكيفيات كالألوان والطعوم ونحوها قياساً شرعياً، إذ الكلام إنما هو في حد القياس في اصطلاح المتشرعين، وليس كذلك".[16]

ومنهم من يقول: "هو الدليل الموصل إلى الحق، وهو باطل بالنص والإجماع".[17]

ومنهم من يقول: "هو العلم الواقع بالمعلوم عن نظر، وهو أيضاً باطل بالعلم الحاصل بالنظر في دلالة النص والإجماع"[18]، إذ أن العلم غير الحاصل من القياس، فهو يقيد سوى الظن وفي الحالة ما تحصل منه، فهو ثمرة القياس وليس هو القياس بالذات.

ونعث قياس العكس قياساً كان عن طريق "المجاز لفوات خاصية القياس فيه"[19]، وإن كان، فاسم القياس مشترك بين قياس الطرد وقياس العكس.

في المنظومات الفقهية، أي المتون المنطقية المعروفة بالسلم والشمسية وشروحهما العديدة، يقسمون القياس إلى اقتراني واستثنائي.[20]

والفقهاء في اعتبار القياس دليلاً على الأحكام اختلفوا، فلا وجود للقياس عن منأىً من المجتهد أي إلم يخن التعبير، وطبعه خوان، أن المجتهد يأخذ بربقة القياس، ما يفسر اختلاف كل فقيه فقيه في تعريفه وفي حجيته وأوجه استدلاله ومسائله وفي أضربه ومقاصده وثماره، إذ أن الحمل يحتاج إلى حامل، والإثبات يحتاج إلى مثبت والتعدية تحتاج إلى معدي والرد يحتاج إلى راد. آخذين بعين الاعتبار تعريف القياس هو "حمل فرع على أصل".

وأَمَدُ هذا أن القياس إنما يطلب به علة الحكم فيما لم يرد نطق به ولا نص "فكان في ذلك دليل على الانتزاع من الأصول وإلحاق المسكوت عنه بالمذكر على وجه الاعتبار"[21] انطلاقاً من قوله تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" (سورة: النساء. الآية: 59)

ومذهب مالكٍ ذهب إلى القول بالقياس بحجة إجماع الصحابة على تسويغ بعضهم القول بالقياس وتوظيفه فحجيته إذن تأتت من إجماع الصحابة.

يقدم القياس -الأصولي طبعاً- على خبر الواحد فمذهب مالك يقول أنه إذا ما اجتمع خبر الواحد مع القياس يقدم لحجة هي أن خير الواحد لما جاز عليه النسخ والغلط والسهو والكذب والتخصيص ولم يجز على القياس من فساد تقدم عليه بموجب العلة"[22].

المخصوص كذلك إذا ما عُرفت علته جاز عليه القياس وذهب إلى هذا القاضي إسماعيل بن إسحاق وحجته أن الحكم للعلة، بها يتعلق الحكم[23].

وتأخذ الأسماء من جهة القياس وأيضاً يجوز أخذ الأحكام قياساً، ففي الحالين سواء، ف "المعاني أعلام للأحكام وأدلة عليها، والأسماء كذلك"[24].

والباجي في "إشارته" قسم أدلة الشرع إلى: أصل ومعقول الأصل واستصحاب حال الأصل[25]: فأما الأصل فمعلوم، أما معقول الأصل فله 4 أضرب: لحن الخطاب وفحوى الخطاب والحصر ومعنى الخطاب؛ الأول: ضمير لا يتم الكلام إلا به، والثاني: ما يفهم من نفس الخطاب من قصد المتكلم بعرف اللغة، والثالث: له لفظ واحد هو "إنما"[26]، والرابع: معقول الأصل وهو القياس وتعريفه: حمل أحد المعلومين على الآخر في إثبات حكم أو إسقاطه بأمر جامع بينهما وهو دليل شرعي عند كل العلماء. وأغلبهم ذهب إلى اعتبارية التحاجج بالقياس، ودلائلهم هي:

  • الدليل الأول:

قوله تعالى: "فاعتبروا يا أولي الأبصار" (سورة الحشر. الآية 2).

التوضيح:

الاعتبار هو إلحاق بعد النظر في وجوه الأدلة، والفعل للمجتهد بالقوة والفعل، وبتدعيم منه تعالى في إضافته الاعتبار لذوي الألباب البصيرة والمهج المفكرة.

  • الدليل الثاني:

حديث معاذ حيث قال له النبي صل الله عليه والسلم: "إن عرض عليك قضاء فيم تقضي؟" قال: بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد؟" قال: بسنة رسول لله صل الله عليه وسلم، قال: " فإن لم تجد؟" قال: أجتهد رأيي، فصوبه النبي صل الله عليه وسلم".

التوضيح:

ألحقَ إلى رأيه الاجتهاد فيما استجد مما لم يرد نص بخصوصه، والقياس من الرأي، وبالتالي فالقياس من فعل المجتهد.

  • الدليل الثالث:

عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري كتابا جاء فيه: "الفهم فيما جاءك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قس الأمور عند ذلك".

التوضيح:

إن عمراً أمر الصحابي أبا موسى الأشعري بأن يلحق المجتهد مالم يرد في حكمه نص بما يشابهه مما ورد فيه نص.[27]

القياس الأصولي، ولا شك، له من المنزلة بمكان لكل مجتهد، فنصوص الكتاب والسنة محدودة متناهية والواقع الذي يخرقه الزمن مستجد ولا متناهي. فمَ السبيل إلى وصل المستجد بجوهر الشريعة[28] Law’s essence بغير رأي والذي عينه القياس؟. ونلخص قطاعاً أن لا طريق، وإن هو وَعِر، لإثبات الأحكام للحوادث الجديدة إلا بالقياس.

وأما فيما يخص مكوناته أو أركانه، بحسب ما جاء في كتب الأصوليين، فهي:

  1. المقيس عليه: يسميه الأصوليون بالأصل وهو الأمر الذي ورد النّص بحكمه.
  2. المقيس: يسميه الأصوليون بالفرع وهو الأمر الذي لم يرد النص في حكمه ويطلب معرفة حكم الله فيه.
  3. الحكم: هو الحكم الشرعي الثابت للأصل بنص أو إجماع.
  4. العلة: هي الوصف الظاهر المنضبط المتعدي المناسب للحكم أو الوصف المشترك بين الأصل والفرع، والذي من أجله شرع الحكم في الأصل.

وتطبيقاً لما نُظّر آنفاً نعرج إلى التوضيح سبيلاً للتمثيل:

" حمل الأوراق النقدية على الذهب والفضة في تحريم بيعهما متفاضلة لاشتراكهما في العلة وهي الثمينة".

أما بالنسبة للشروط الضابطة وما يتطلبه كل ركن من هاته الأركان، فهي:

  • شروط المقيس عليه:
  • أن يكون من أصول العبادة.
  • أن لا يكون مما أختص بالرسول.
  • أن لا يكون فرعاً لأصل آخر.
  • شروط المقيس:
  • أن تكون فيه علة مساوية لعة الأصل إما بالذات أو بالجنس، حتى لا يكون القياس قياساً مع الفارق.
  • أن لا يكون في الفرع نص خاص يدل على مخالفة القياس.
  • شروط حكم الأصل:
  • أن لا يكون حكم الأصل غير مختص به بل يشمله ويتعداه، بتعبير آخر: أن لا يكون حكم الأصل خاصاً به.
  • أن لا يكون حكم الأصل مستشفاً من دليل أو حكم عام.
  • أن لا يكون حكم الأصل قياس متأخراً في التنزيل على حكم الفرع.
  • أن لا يكون حكم الأصل ثابتاً بدليل عام يشمل الأصل والفرع بعمومه ومطلقه.
  • شروط العلة:
  • أن لا تكون وضعاً ظاهراً يمكن التحقق من وجودها وعدمها.
  • أن لا تكون موجودة في الفرع كوجودها في الأصل.
  • أن تكون وصفاً منضبطاً لها حدود معينة.

3: القياس المنطقي والقياس الأصولي: أية اختلافات؟:
بعدما بينا من خلال نقاط رئيسة كل قياس على حدى: نأتي إلى وجه الفرق.

القياسان طريقان للاستدلال، لكن الفرق في بعدهما الماهوي. فالقياس الأصولي ننطلق فيه من الجزئي بجامع هو العلة وأما بالنسبة للقياس المنطقي فننطلق فيه من الكلي لنتحصل به على الجزئي، فالأول ننطلق فيه من الجزئي الذي هو الحكم في الخمر، مثلاً، وهو الحرام لنصل للمخدرات وحكمها جزئي وهي أنها حرام بسبب جامع هي علة الاسكار، وأما الثاني فننطلق من الكلي وهو إثبات حكم أن العالم متغير وأن كل متغير حادث فنتحصل على جزئي: العالم حادث.

والأقيسة، وإن تغيرت مسمياتها، لا تخرج عن هاذين والاستقراء، الذي ننطلق فيه من الجزئي لنتحصل به على الكلي كانطلاقنا من الجزئي وهو أن التمساح يبكي فنستقرئ كل التماسيح فنتحصل على الكلي وهو أن كل التماسيح تبكي. وأيضاً القياس الأصولي ليس ينظر فيه في طبائع الأشياء وصفاتها التي تفارقها كما في السيليجسموس وإنما النظر فيه متعلق بحكم غير مرتبط بطبيعة الشيء.

على سبيل الختم:
كيف لخاتمة أن تكشف مالم يستطع المتن كشفه؟، لكن وجب لكل متن فتح وختم. وبالتالي يكون ما تقدم من فصل للأقيسة الأصولية مسالك للإستدلال ظناً وقطعا. واختلافهما في ماهيتهما.

باحث بجامعة القاضي عياض- شعبة الفلسفة

 

[1] See: F.C.S. Schiller, Aristotle and the practical syllogism, the Journal Of Philosophy, Psychology And Scientific Methods, Nov 22, 1917, P 645.

[2] سليجسموس أو Syllogism هو ترجمة لما يصطلح عليه ب "القياس المنطقي". وهذا الاصطلاح فاش بين شراح المسائل المنطقية إلى أن أتى صاحب التقريب ابن حزم، وشرح كتب أرسطو المنطقية وأبقى على السيلجسموس والتراجمة الأوائل لم يستعملوا لفظة القياس المنطقي وابن حزم كذلك صك لفضا مقابلا بها هو "الجامعة".

[3] أرسطوطاليس، التحليلات الأولى، ضمن كتاب منطق أرسطو، نقل تذاري، تحقيق عبد الرحمن بدوي، دار القلم- بيروت ووكالة المطبوعات- الكويت، الطبعة الأولى، 1980، الصفحة 143.

[4] ابن رشد(أبو الوليد)، تلخيص القياس لأرسطو، تحقيق عبد الرحمن بدوي، الطبعة الأولى، الكويت-1988م، الصفحة 05.

[5] أرسطوطاليس، المرجع نفسه، الصفحة 138.

[6] ابن رشد(أبو الوليد)، المرجع نفسه، الصفحة 27.

[7]أرسطوطاليس، المرجع نفسه، الصفحة 142.

[8] تريكو(جول)، المنطق الصوري، ترجمة محمود يعقوبي، ديوان المطبوعات الجامعية- الجزائر، الصفحة 235.

[9] تريكو(جول)، المرجع نفسه، الصفحة 232.

[10] تريكو(جول)، المرجع نفسه، الصفحة 237 و 240.

[11] فضل الله (مهدي)، الشمسية في القواعد المنطقية، المركز الثقافي العربي-بيروت، الطبعة الأولى، 1998، الصفحة 146.

[12] أنظر اللسان 187-188\5.

[13] ابن تيمية(تقي الدين)وابن القيم الجوزية، رسالة القياس ضمن القياس في الشرع الاسلامي، منشورات الآفاق الجديدة-بيروت، الطبعة الثانية، 1975، الصفحة 10.

[14] ابن تيمية(تقي الدين) وابن القيم الجوزية، المرجع نفسه، الصفحة 10.

[15] ابن تيمية(تقي الدين) وابن القيم الجوزية، المرجع نفسه، الصفحة 11.

[16] سيف الدين(الآمدي)، الإحكام في أصول الأحكام، الجزء 3، تحقيق إبراهيم العجوز، دار الكتب العلمية-بيروت، 2011، الصفحة 165.

[17] سيف الدين(الآمدي)، المرجع نفسه، الجزء 3، الصفحة 166.

[18] سيف الدين(الآمدي)، المرجع نفسه، الجزء 3، الصفحة 166.

[19] سيف الدين(الآمدي)، المرجع نفسه، الجزء 3، الصفحة 166.

[20] متن السلم المرونق:

ثم القياس عندهم قسمان    **   فمنه ما يدعى بالاقتراني.

وهو الذي دل على النتيجة   **   بقوة واختص بالحملية.

فإن ترد تركيبه فركبا     **   مقدماته على ما وجبا.

ورتب المقدمات وانضرا   **   صحيحها من فاسد مختبرا.

فإن لازم المقدمات       **  بحسب المقدمات آت.

وما من المقدمات صغرى   **  فيجب اندراجها في الكبرى.

وذات حد أصغر صغراهما  **   وذات حد أكبر كبراهما.

وأصغر فذاك ذو اندراج   **   ووسط يلغى لدى الإنتاج.

[21] الباجي(أبو الوليد)، الإشارة في أصول الفقه، تحقيق محمد اسماعيل، دار الكتب العلمية-بيروت، الطبعة الثانية،2011م، الصفحة 22.

[22] الباجي (أبو الوليد)، المرجع نفسه، الصفحة 34.

[23] ومثالنا: قوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" (النور. 2). فكان ذلك علماً على كل زانية وزانٍ باختلاف صنوفهم: إماءً أو عبيداً... فكانت العلة الجامعة بين الإماء والعبيد وجود الزنا مع كونهم أرقّاء، فكان هنا جواز القياس على المخصوص.

[24] الباجي(أبو الوليد)، المرجع نفسه، الصفحة 51.

[25] يعرف الاستصحاب لغة: طلب مصاحبة وفي الاصطلاح: الحكم بثبوت أمر أو نفيه في الزمان الحاضر أو المستقبل بناء على ثبوته أو نفيه في الزمان الماضي.

[26] والأمثلة في هذا الصدد كثيرة: "فإنما عليك البلاغ" (الرعد.40). "إنما صنعوا كيد ساحر" (طه. 69). "إنما أنت نذر ولكل قوم هاد" (الرعد.7). "إنما تقضي هذه الحياة الدنيا" (طه. 72). "إنما تجزون ما كنتم تعملون" (الطور.16)... إلخ.

[27] السبيعي(شافي مذكر)، العلة والحكمة في القياس الأصولي، مــجلة كلية الشريعة والقانون، المقالة 22، المجلد 21، العدد 6، 2019،الصفحة 5096-5097.

[28] المقصود بهذا الجوهر Essence أنه مخصوص بالثبات ولا تشوبه تغيرات، فيكون الأمر إذن رد "مستجدٍ" إلى "ثابتٍ" (الكتاب والسنة) بالقياس عن طريق العلة.