تأكدَّ من حجز أكبر قاعة في فندق الأصدقاء، وشدد على معاونيه أن يكون المكان وكل ما فيه لائقا. نافَ عدد الضيوف على الأربعمائة، أقرباء، أصدقاء أعزاء، رياضيات ورياضيين، فنانات وفنانين، رجال دين، سيدات ورجال أعمال وسياسة، وجهاء المدينة ومسؤوليها الذين لم يكن يعرف أغلبهم، ولكنه سيحتاج إلى علاقات طيبة معهم لبدء أعماله وحمايتها.
عاش أكثر من عشرين عاما خارج الوطن، في أمريكا، لم يك طريقه مفروشا بالورد ومرصوفا بالعنبر، بل بالمعاناة والتعب والسهر، حلمه لم يفارقه يوما، ولم يخذله أبدا.
نام في الحدائق العامة، وتحت أدراج البنايات التي عمل فيها بوابا، وقرب عتبات المنازل الخاصة التي عمل فيها بستانيا، أو مدرسا للغة العربية لأبناء المغتربين الميسورين، وفي الغرف الخلفية للنوادي الليلية التي حرس أبوابها.
لياليه كانت قصيرة، نهاراته طويلة، جري قرب الأنهار وفي الشوارع والغابات، تدريب عضلي مرهق لساعتين يوميا، قفزعلى الحبلة لساعة كاملة، سباحة طويلة، وتمرين أساسي في رياضة الملاكمة.
قبل السفر لم يكن واضحا نوع العمل الذي سيحترفه، لكن عشقه لرياضة القوة وضعه على طريق الملاكمة العنيف والشاق، وحدثٌ عابرٌ دفعه دون عودة إلى مسارات التحدي والقتال الشرس الذي لا يعرف الرحمة.
ذاك المساء، كان يحرس مع زميلين له ناديا ليليا معروفا بشراسة رواده، كانت مهمته التحقق من وجود تذاكر الدخول أو دعوات خاصة تسمح لحامليها بتجاوز نقاط المراقبة، والاستمتاع بالسهر والرقص والطعام والشراب حتى الصباح.
كان عملا شاقا، ولكن أجره مغر بالنسبة له، ألفا دولار لشاب في الثالثة والعشرين من عمره فاقت طموحاته في ذلك الوقت، لم يتردد لحظة واحدة، قوته البدنية ولياقته العالية شجعت صاحب الملهى على قبوله.
في الليلة الثالثة من مباشرة عمله، كان كل شيء يسير على ما يرام، حتى جاء جاك العملاق ومعه ثلاثة من رفاقه المشابهين له.
-التذاكر يا شباب.
ألا تعرف من أنا يا غلام؟ -
-لا، لا أعرفك، ولا يهمني أمرك، أظهر تذكرتك، أو بطاقة دعوة، وادخل.
-جاك العملاق، لا يدفع ثمن تذاكر، وهو مدعو دائم، يبدو أنك جديد هنا، ألم يخبروك؟
تبرع أحد أصدقاء الرجل مفتول العضلات، كان مثله ناري النظرات، ولا يقل جسده قوة عن جاك.
أنا هنا منذ ثلاثة أيام، أخبرني مديري بشيء واحد، أن أرمي خارجا كل من يحاول الدخول عنوة إلى المكان.
نظر الرجال العتاة الأربعة إلى الشاب الواقف خلف منصة الاستقبال الصغيرة أمام الباب الدوار الموصل إلى مكان السهر الأشهر في المدينة، وتبادلوا ضحكات صاخبة، ثم ساد صمت قصير.
مدَّ جاك العملاق طرف يده الكبيرة ليدفع مالك عن طريقه، وهمَّ أصدقاؤه بالتقدم نحو المدخل متجاهلين الحارس الآخر الذي كان حياديا بالكامل، ولم يشارك بمحاولة ثنيهم.
لم تصل اليد العملاقة للرجل مفرط الثقة بالنفس إلى كوع مالك، الذي تراجع للخلف، ولكنه ثبَّت قدميه ليقطع الطريق على الأشرار الأربعة، كان قلبه خاليا من الخوف، فلم تنفع معه نظراتهم الشرسة ولا قهقهاتهم الساخرة، قبضته اليمنى الصلبة نالت من عين جاك العملاق اليسرى، وبيده اليسرى حيَّد الآخر القريب منه، لم يستسلم العملاق لكن مالك كال له ضربات سريعة على رأسه فترنح.
استجمع زميل مالك شجاعته، وساهم في ضرب الرجل الثالث، وتولى مالك بنفسه رفس الرابع بقدمه.
تجمَّع حراس الملهى جميعهم، وطوقوا الموضوع، رموا جاك العملاق ورفاقه المضرجين بدمائهم بعيدا.
في اليوم التالي، صدرت صحف الولاية بخبر رئيسي وحيد:
"حارس شاب في ملهى ليلي يحطم أسطورة بطل الولاية في ملاكمة الوزن الثقيل"
أدرك مالك قسوة المعركة التي وجد نفسه في خضمها دون أن يدري، فقد تغلب على أعتى ملاكمي الولايات المتحدة المحترفين معا، وحتى لو لم يتدخل زميله الآخر لكان قادرا على صرعهم.
عمل مالك في الملهى انتهى مع صدور هذه الصحف، لم يطرده مديره بالطبع، بل صرف له مكافأة محترمة وقدرها عشرة آلاف دولار، كرّم شجاعته في الدفاع عن مكان عمله، ولأن شهرة الملهى طارت شرقا وغربا، وسيكسب من ذلك مئات آلاف الدولارات إن لم يكن أكثر.
مالك الذي هزم بطل الولاية في ملاكمة المحترفين، استقطبه أحد أهم متعهدي الملاكمة في الولايات المتحدة، تفرغ للتدرب، وجنى مبالغ كبرى من الإعلانات، ورعاة العلامات التجارية، الخطوة التالية كانت تحدي جاك العملاق في مباراة رسمية لينتزع منه لقب بطولة الولاية.
لم تأخذ مالك الأنفة بما حصل معه من اندفاع سريع نحو القمة، فمعاناته قبل الهجرة كانت أكبر من الشهرة والمال، بقيت قدماه راسختان على الأرض، واستمر بالصعود درجة درجة على سلم المجد.
لم يكن انتصار مالك الأول صدفة بل نتيجة للعرق والتعب، ومستندا إلى بنية جسدية موروثة، اجتمعت عناصر النجاح، ولم يصمد جاك العملاق طويلا في المباراة، فسقط أرضا بعد لكمة يمنى محكمة على أنفه، وأكمل الحكم عداته دون أن يتمكن من الوقوف.
فاز مالك ببطولة المنطقة الشرقية من أمريكا، وبعد عامين فقط انتزع بطولة أمريكا كلها، توقفت انتصاراته بسبب كسر متبدل في ذراعه الأيمن، نصحه الأطباء بالتوقف عن الملاكمة، قبل أن ينجح بالفوز ببطولة العالم للوزن الثقيل.
خاب أمله، لكن روحه لم تتحطم، وما حققه في سنوات قليلة يفوق حد الحلم، كان راضيا، فقد فاز بأكثر من ثلاثين مباراة وتعادل في اثنتين ولم يهزم في أي مواجهة رسمية.
تحول بعدها إلى تدريب الأبطال، زرع فيهم الرغبة بالفوز، والإصرار رغم الجراح، ولم ينس أن ينقل لهم أخلاق الرياضة، فلا غرور ولا تعدٍ على الناس.
شغلت العودة إلى مسقط الرأس اهتمام مالك، وبعد أخذ ورد، حزم أمره، ونقل جزءا من أمواله إلى بنوك في الوطن، وصل أخيرا إلى مدينته التي قضى فيها طفولته وصباه الباكر.
لم يكن رياضيا فحسب، بل رجلا مثقفا، حصل على شهادة جامعية في الاقتصاد، ولم يهمل تعليم نفسه، كان مسلحا بكل ما يجعله ناجحا في مجاله الجديد رغم اختلاف الأوضاع بين البلد وأمريكا.
رغب مالك باستثمار أمواله في المجال الذي برع فيه، رياضة القوة، في زمن لا يعترف إلا بالأقوياء، ولا مكان للضعيف فيه، أسس على عام كامل أندية عصرية مزودة بأحدث الأدوات، وقبل أن يباشر العمل، وزّع بطاقات دعوة على جميع الفاعلين في المدينة.
كانت سمعته الحسنة قد وصلت قبله، وتابع كثيرون على التلفاز مباراته الكبرى التي حصل فيها على بطولة أمريكا في الملاكمة، ذاع صيته وصار نموذجا حسنا لكثير من الشباب.
أصرَّ مالك على التحقق بنفسه من وصول دعواته إلى أصدقائه القدامى، سأل منصور مدير أعماله:
-هل دعوتم حاتم الأكحل؟
-لا يا أستاذ، ألا تعلم، حاتم مات منذ سنوات؟
-لا لم أعلم بموته، ما زال شابا، ماذا حدث له؟
-أصيب بمرض عضال لم يمهله طويلا.
-سامحك الله يا حاتم، كيف تموت قبل أن أراك!
استغرب منصور تعليق مالك، ولكنه لم يعقب.
-وسميع النبَّاش، لا تقل لي أنه مات؟
لم يكن منصور معتادا على هذا الأسلوب من رب عمله، فالرجل مثال للذوق واحترام الآخرين حتى الغرباء منهم، فكيف يتحدث عن رفاق صباه بهذه الطريقة، قد يكون فيض المودة بينهم هو السبب، أسرَّ في نفسه.
-لا، الأستاذ سميع صار مديرا مهما في الخدمات الفنية، فرح كثيرا بالدعوة، وقال أنه سيصل قبل الموعد.
-ونمر العاصي، هل سيأتي؟
-تأكدت بنفسي من دعوته، لا أخفيك بأنه تفاجأ بشدة، ولكنه سيحضر أيضا.
-ونهى العمر، وزوجها؟
-سيكونان في الحفل دون شك.
وووو...
عدّ مالك عشرة أشخاص، أصر على حضورهم، أكد منصور تبليغهم الدعوات بنفسه، وحضورهم الحفل، واسترسل بالحديث عن دعوة مشاهير المدينة وشخصياتها المؤثرة لكن مالك لم يبدِ أي اهتمام بهم.
انزوى مالك في جناحه، وأخذ يستعرض مواقفه القديمة مع معارفه القدامى، هوى بقبضه الفولاذية على طاولة خشبية تتوسط المكان، كاد يشطرها قسمين، وكرر ما قاله لمنصور:
-سامحك الله يا حاتم، لما متَّ قبل أن أراك.
لم يكن مالك ملحدا، بل مؤمنا بالقضاء والقدر، ولكنه لم يستطع تحمل غياب حاتم الأكحل عن حفله المهيب، تفكيره بحضور الآخرين خفف حنقه، وانفرجت شفتاه عن ابتسامة معبرة.
صدحت الموسيقا، سيوف عربية مدت للأعلى، رسمت مسار شرف فوق السجاد الأحمر لاستكمال مهابة الحدث النادر في المدينة الهادئة، رغم انتعاشها الاقتصادي الملحوظ.
جامل مالك ظاهريا المحتفى بهم، سيدات ورجال السياسة والفكر والمجتمع والرياضة، لكن اهتمامه العميق كان في مكان آخر.
أخرج خطته السرية للتنفيذ، طلب من رجاله عدم السماح بخروج عشرة مدعوين محددين بالاسم من الحفل دون إذن منه، ولكنه شدد على احترام الجميع.
جلس كل مدعو في مكانه المحدد، لم ينقص شيء، طعام وشراب فاخرين، نظافة مطلقة، كل شيء لائق بالحدث المهيب.
وصلت فريسة مالك الأولى، سميع النبّاش، المسؤول الكبير في المحافظة، لم يكن مالك قد رآه منذ ذلك اليوم البعيد، كان سميع المراهق شديد البأس، ذي قلب فولاذي أيضا، عيَّر مالك بضعف جسده مرات، وقال له أنّه ناعم كالفتيات!
مالك الطفل والمراهق كان مثار سخرية من عرفه وقتها، كان خجولا بشكل مبالغ به، شاحبا، وتكوين جسده غريب نوعا ما، مع بدانة نسبية، لذلك وصفه سميع بأنه ناعم كالفتيات!
الليلة التالية، لم ينم مالك، لم يستطع ابتلاع الإهانة، رغب بشدة بردها، لم يمتلك مقدرة الفعل وقتها، فانحفرت في وجدانه، وفي الصباح اتجه إلى نادي كمال الأجسام، ولم يخرج من الرياضة بعدها أبدا.
تجنب رؤية سميع، وشاءت الظروف أن ينتقل الزميل الهازئ إلى مدرسة أخرى، ولم يره من يومها.
مدَّ سميع يده بالسلام، وانحنى ليعانقه، لكن مالك منعه من الاقتراب منه، وشدَّ على أصابعه بشدة معتدلة كانت كافية لإيقاف تدفق الدم في عروقه.
-هل ما زلتُ ناعما كالفتيات يا سميع؟
لم يجد سميع كلمات للرد، لم يتذكر أي إساءة وجهها في الماضي إلى راعي الحفل، فقد كان يصف سائر الصبيان ضعفاء البنية بهذه الوسوم، بالنسبة له كانت شقاوة عابرة.
مالك لم ينسَ شيئا من الموقف القديم، صحيح أنّه تجاوز كل ذلك، لكن ندبات الإهانة ما زالت في مكان ما من ذاكرته البعيدة.
-أرجو أن تستمتع معنا، هناك مفاجآت سارة كثيرة بانتظارك.
خشي سميع من التالي، لكنه قرر ضبط أعصابه، لم يكن رجلا جبانا، لكنه وجد نفسه في قفص أسد مجروح.
الأضواء الزرقاء والبيضاء تتماوج وترسم دوائر على الأسقف المستعارة، ثرثرات الحاضرين تتداخل مع نغمات يعزفها الفنانون على المنصة، تجانس جميل لم يعكر صفوه شيء، مالك في عالم آخر، قلبه الشجاع يخفق بشدة وعيناه تتفحصان المرأة المتألقة التي اقتربت وهي تتأبط ذراع رجل أنيق.
نهى، حبُّ حياته الأول، تلك التي رفضته وهو يحبو في خطواته الأولى، كلماتها القاسية ما زالت تعضُّ أذنيه:
-أنتَ ما زلت طالبا، لن أرتبطَ بك حتى لو مال قلبي إليك، سأكون صريحة معك، لن أتزوج إلا رجلا غنيا.
رحب مالك بالزوجين، ولم يبدِ أي قلة أدب تجاه زوج نهى، ولكنه توجه إليها مباشرة، وبصوت خافت:
-أنا لم أعد ذاك الطالب، هل ارتبطتي عن حب بشاب مال قلبُكِ إليه، أم برجل غني؟
استمتعا بوقتكما، ستسعدان بما حضرناه.
لم تجب نهى، فهمت مراد مالك، ولم يتأخر زوجها بالتعليق:
-ما به زميلك القديم، لا شك أنه بطل عالمي في الملاكمة، لكن لغته العربية رديئة للغاية، صحيح أن لا كمال لإنسان.
خشيت نهى من عواقب هذه السهرة على علاقتها بزوجها، وأدركت بحدس الأنثى أنَّ مالك يحضِّر أحداثا أخرى، وأن ذاك الشخص الذي عرفته في صباها، وكان يتجنب قطف وردة عن غصنها قد تغيّر.
خشي مالك من تغيب صديقه اللدود نمر العاصي، طلب من رجاله التحقق من الأمر، أخبروه بأنه على وصول، فبردت ناره.
اتفق حاتم الأكحل، ونمر العاصي على ضرب الفتى الذي رفض الانتساب إلى عصابتهم الصغيرة، كانت حماقة اعتيادية بين طلاب المدرسة الإعدادية.
لم يكن ذلك رأي مالك، تحسس الجانب الأيمن من شفته العلوية، نجح حاتم بتوجيه لكمة قاسية لها، بينما بقي نمر أمام مالك الذي كال له اللكمات، وأصابت معظمها وجهه، فلحق برفيقه.
تقرّب نمر بعدها بصدق من مالك، بينما تجنبه حاتم، كانت رغبة مالك كبرى بالانتقام من الأكحل لكن الموت سبقه إليه، ولم يشف غليله.
-أين حاتم الأكحل، لماذا لم يأتِ معك، كنتما متفقين على كل شيء في الماضي؟
فهم نمر الإشارة، رفض الدخول في اللعبة الخطرة:
-رحمه الله، لقد عانى كثيرا قبل موته.
-تُوفِّي إذن، لا بقاء إلا لله.
اكتفى مالك بإيصال الرسالة إلى نمر الذي بدا مستسلما لمصير مجهول.
جاء آخرون، وتلقى كل منهم هدية مالك، تجاهل البعض، وخشي غيرهم العاقبة، كانت صفحات ما حدث معهم قديمة ومقلوبة، أمّا مالك فقد كان مصرا على تصحيح أخطاء الماضي قبل أن يفتح كتاب المستقبل.
في الدقائق التالية، سيجد خصوم مالك القدامى أنفسهم في معركة غير متكافئة مع عملاق، لم يدركوا قبل اليوم أي ذنب اقترفوا بحق هذا الإنسان الذي أصبح ذكر اسمه يثير الخوف، وصلتهم رسائله مباشرة، الحفلة بالنسبة لهم انتهت قبل أن تبدأ، فكروا ربما بالهرب لكن أيَّا منهم لم تسعفه قوته الذاتية على التنفيذ، بعض الكلمات تجرح، وبعض المواقف تترك أثرا لا يمحى.
خطة مالك كانت مكتملة في ذهنه، سيلقي بعد قليل كلمة، وسيستدعي أصدقاء الأمس الألداء إلى المنصة، وسيمسح بكرامتهم الأرض تلويحا وتصريحا، والجحيم الذي ذاقه لسنوات قليلة بسببهم سيستقرون في قعره ما تبقى من حياتهم.
عمّ الصمت في قاعة الاحتفال، ولو رميت إبرة على الأرض لسمعت رنتها، تهيأ مالك لإلقاء كلمته، بلغ التوتر أشده في داخله، اضطرمت مشاعره وكذلك كان غرماؤه، بينما هلل عموم الحفل للرياضي البطل.
بعد كلمات ترحيب قليلة، نقّل مالك نظره على وجوه أشخاص محددين، وجدهم بعيني صقر رغم انتشارهم في الصالة، ذكرهم بالاسم، صعدوا واحدا بعد الآخر، شاحبي الوجوه، لاذوا بانتظار مريع، وتمنوا نهاية معقولة، لم يحلموا بالتملص الكامل من العواقب.
أشار مالك إليهم، دعا الحفل للتصفيق لأصدقائه:
دفعتني أسباب كثيرة للعودة إلى الوطن، لكن لأصدقائي الفضل الأكبر في قراري هذا. -
تراجع مالك في اللحظة الأخيرة عن استكمال خطته الجهنمية، انتهى العبثُ عند هذا الحدِّ، غضبه هدأ، وحنقه برد، أدرك أنّ ما صنع منه بطلا كان مزيج المعاناة والإصرار على المواجهة.
رأى في عيون أصدقاءه القدامى ما كان في عينيه حين وقف أمام جاك العملاق، مع فرق واحد أنهم الآن غير قادرين على المجابهة.
صافحهم من جديد، ولكن هذه المرة بيد مسامحة، اعتبر أن مجرد البوح بحقيقة ما أضمره لهم كل هذه السنين معادل لما تلقى منهم من أذى، همس لكل منهم:
-سامحني يا صديقي.
29/05/2021