]هذا ما عثر عليه من دفاتر سجن قديم، تم تجميع أوراقها (أو ما بقي منها) في كراسة صغيرة ، هي كل هذا الملف الذي يتعلّق باستجواب (س) [
الورقة الأولى:
شعبة (ق)1، المواصفات، مديريّة التحقيقات العامة بغداد (13) تموز 1985،
التحقيق العام، المديرية الخاصة للمعلومات والقيود رقم (1625) للمحافظة على أمن الدولة.
الضابط بالوكالة (مساعد) نايف التكريتي
أنا، الموقع أدناه، الاستجواب، التهم، وعرض الوثائق
وثيقة رقم (1)
الاسم الثلاثي: سهيل علي الساري
العمر: 21
محل وتاريخ الولادة: كربلاء، العباسية الشرقية 1964
محل الإقامة الحالية: الكَرنتينه، بغداد، 251/21
المهنة: بائع متجول، فقرة(م) -آخر مكان لحالة الخدمات والمنصب.
الحالة الزوجيّة: وحيد.
ضبط ومكتب إقرار الممتلكات، مادة (208) تحريرات -كتب محظورة.
عضوية الحزب: مستقل
الأحزاب السياسية: لا توجد قناعات سياسيّة محددة.
التعليم العام: تحصيل جامعي
الخدمة العسكرية:
أ). قبل حرب 1980: طالب مدرسة
ب). خلال حرب 1980-(خاص): مركز شرطة الكاظميّة. قبل وما بعد الاعتقال
لا توجد معلومات إدانة عن الإدانات السابقة.
الوثائق المتعلقة بملف الاستجواب:
لم أرتبط أبداً بأي حزب أو منظمة سياسية ، ولا أستطيع أن أقول أي شيء عن قناعاتي البسيطة فيما يتعلّق بالعقائديّة والثقافة، باستثناء هذه الفقرة المتعلقة بإقرار حيازتي كتباَ أو مطبوعات سياسية قد تخلّ بمصلحة أو أمن الدولة، ولا أعرف أيضاً ما هو القانون الأصلح للدفاع عن نفسي في وشاية كهذه قد تؤدي بي الى السجن، وربما استفيد من اعترافي هذا الذي وقعت به، في تخلفي عن أي مصلحة سياسية، منذ بداية الثورة، وذلك ببساطة لأنني كنت صغيراً حينها، ولهذا لم يكن لي الحق على ما أظن، لتقييم أو الاعتراض على قانون الدولة العراقية، الذي اطيعه تماماً، فلقد كنت أعتقد أن مهمة المثقف هي السعي لتحسين حياته الروحيّة أولاً، قبل التفكير بهذه المهام المشروطة بالعصر ، بشكل عام، سعيت الى اقتناء الكتب وقراءتها، ولكن في بعض الحالات تبدو أن مثل هذه الأشياء غير مسموح بها،
ليس لدي أي فكرة عن محررات أو بيانات الأحزاب الأخرى، فقد كنت اعتبرها مجرد مناقشات لمثقفين حالمين في غير محلها. حول محاكمة (ح. س) لا أعرف أيّ شيء، وكنت أخشى فقط أن يؤدي الحكم ـ عقوبة الإعدام، الى تأكيد عقوبة الإعدام نفسها. ولست على دراية بحلقة (الوقت الضائع) وكما أظهرت الممارسة حول موقفي السلبي من المنتمين إليها، والمنشورة مادته في الجرائد المحليّة، ولكن مرّة واحدة، كانت لديّ رغبة في قراءة رواية (داموس)، لـخضر العواد. وهو التعاطف الوحيد الذي لوحظ لي خلال تقربي من هذه الجماعة.
حالات الهروب التي حدثت لهم، في رأيي، محزنة جداً، لا يسعني إلا أن أعبّر عن تقييم أخلاقي لأعمال أولئك الذين تركوا بلادهم، في حالات فرديّة. وأود أن أؤكد موقفي من هذه القضيّة، فليس لديّ للأسف الأموال لدفع الغرامة المترتبة في حال إقرار واحدة من التهم المثبتة ضدي.
قرار من (م.أ.ع)، فيما يتعلق من ملف الاستجواب رقم(1625) تموز 1985
أنا الضابط بالوكالة نايف التكريتي، وبالصلاحيّة المخولة لي (قسم التحقيقات) للحكم في ملف استجواب س، سهيل علي الساري قررت:
تورطه كمتهم بحيازة تحريرات وكتب محظورة التداول في الأوساط الخاصة، واتهامه بحقيقة أنّه ومنذ لحظة اندلاع الحرب العراقية ـ الإيرانيّة الى الوقت الحاضر، لم ينتمى الى أي حلقة حزبيّة، وليست لديه أي (وثيقة) مباشرة ، لكنه ورغم ذلك لم يتوقف عن أنشطته السياسية المناهضة لحزب البعث العربي الاشتراكي المجيد، وفي هذا الوقت الذي تواجهه الجمهورية العراقية من أعداء الداخل والخارج، كإجراء وقائي للتهرب من الحرب، وللجنة الأمنية وحدها كامل الصلاحية لإصدار اللازم بحقه، بدءاً من قيد الاحتجاز حتى تحويل أوراقه الرسميّة الى مديريّة مكافحة بغداد، للمحافظة على أمن الدولة.
المساعد لمفوّض الإدارة الخاصّة الأولى قسم التحقيقات، (التوقيع) العقيد معاذ هاشم النوّاف
من القسم الأول الخاص، مركز شرطة الكاظميّة (التوقيع)، الرقيب عناد غبّاش مشاري
وبموافقة الضابط بالوكالة النقيب نايف التكريتي (توقيع)
وثيقة رقم (2)
الإعلان الذي أقرّه لي س
17 تموز 1985
نايف التكريتي بيان الى مكافحة أمن بغداد (لا يوجد تاريخ)
بيان س:
أنا لا أعرف ولم أشر إلى وثيقة واحدة، ولا حقيقة واحدة تؤكد أو على الأقل تجعل من الممكن الاشتباه بي في الجرائم المنصوص عليها في المادة 208. وهذا خطأ أو سوء فهم.
لقد كنت دائماً مخلصاً لأوامر الدولة، أطيع كل أوامرها وألبي جميع مطالبها، واثقاً من أنني لم أساهم في مثل هذه الفوضى.
لم يسبق لي أن شاركت في السياسة، ولم أتحدث، ولم أحضر حتى (بسبب ضيق الوقت والطاقة) في أي اجتماع ما، ولم ينشر لي أي شيء. شراء وبيع الكتب المستعملة، وسيلة عيشي الوحيدة، ولا استبعد إمكانية اتهامي بحيازة كتب ممنوعة بسبب ذلك كنت حينها عائداً إلى الفندق للراحة والاستعداد ليوم جديد. لم أكن في أي مكان، ولم يزرني أحد تقريباً.
أنا لا أعرف ذنبي، ولكن إذا كان المحقق المسؤول يعرف ذلك، لهذا أطلب عقوبة مختلفة، ولكن ليس لتحويل أوراقي إلى جهة أخرى، السجن أو الغرامة سيكونان أشد عقوبة كنتيجة لذلك.
لدي أصدقاء ومعارف هنا من الماضي، يمكن التحقق من أقوالهم بشأن ارتباطاتي السياسية، ومن دون وجود هذه المساعدة يكاد يكون من المستحيل بالنسبة لي الدفاع عن نفسي. لا أعرف إذا ما كان هناك أي شيء، عقوبة أخرى يمكن أن تكون لمساعدتي. وبما يضمن لي الحق بممارسة حياتي العادية، ودون التزامات خطيرة قد تهدد إقامتي الحالية، ويمكنني أن أعطي جميع الضمانات المتعلقة بعدم ممارستي لأي مهنة تتعارض ومصالح الأمن العام.
الضابط بالوكالة
بيان الى وحدة معالجة الرسومات من تموز 29 , 1985
انتهى
قضية التحقيق رقم 1625
المواطن سهيل علي الساري
غ. تشرين الثاني /نوفمبر2004 "10" (ق) ، إذن من قبل الإدارة الخاصة بالسجون العراقية ، بعد النظر في القضية الموجهة ضد سهيل علي الساري وجدت ما يلي:
منذ اعتقاله في 3 تموز 1985، وتاريخ خروجه (كذا) والى الوقت الحاضر، لم يتوقف عن أنشطته المناهضة لدولة القانون.وهو كل ما تؤكده المواد الاستخباراتية المتاحة في القضية، وبالتالي، وبناءاَ على البند 2 من رسالة المرجعيّة المؤقرة (مراجعة) حول المسائل المتعلقة بشأن السجناء السياسيين.
وبغية قمع الأنشطة المدمرة والمعادية للدين والدولة التي قام بها السيد سهيل علي الساري، أطلب بإعادة حبسه أو طرده الى خارج البلاد.
ملاحظة: ينبغي إنهاء هذه القضية عن طريق التحقيق ونقلها إلى الأرشيف.
تقرير
أطلق سراح سهيل علي الساري من السجن في 28/1/ 2001 مع الاعتراف بعدم مغادرة العراق، أو التورط بأي عمل سياسي.
معتمد من: مفوض الإدارة الخاصة لـ(رؤساء) الفروع الأمنية لمحافظة بغداد (توقيع)
الورقة الأخيرة /11 سبتمبر 2005
توفي هذا الصباح السجين السياسي السابق سهيل علي الساري، أثر تعرضه لطلق ناري، من أحد الجماعات المسلحة، وأكدّ معارف لصحيفة محليّة خاصة، أن القتيل كان رئيساً لجماعة ثقافية ناشطة في الثمانينيات اسمها (جماعة الوقت الضائع)، وله رواية غير منشورة اسمها (داموس)، وكان سهيل، قد صرح الأسبوع الماضي لأحد أصدقائه عن هجوم وتهديدات بالقتل تلقاها عبر فيسبوك، وهو سادس أديب يقتل في البلاد خلال الشهرين الماضيين.
الى هنا ينتهي ملف استجواب (س)، مع ملاحظة قد تُشكل لاحقة أخيرة مكتوبة باليد، وتشير عرضاً الى (كتاب الطريقة العراقيّة للتخلص من الأعداء)، دون ان تشير الى مؤلف هذا الكتاب، او إذا ما كان هناك شخص قد فكر بتدوينه.
كاتب عراقي، كندا-فانكوفر