يتنقل الشاعر العراقي سوران محمد بين وجوه على البياض حيث ينجلي النص ووجوه لها أثر في واقع مفترض حيث يصبح للماء ذاكرة المحو، وللحرف ذاكرة الحضور الأبدي وما بينهما تنجلي القصيدة وهي تحاول لملمة هذا التشظي والاغتراب.

وجوه ممسوخة في مرايا الشعر

سـوران محـمد

 

(١)

ليس الوحيدون وحيدا

كأنك نهضت من نوم

 في عصر متأخر

و صارت الأشياء كلها

غريبة عنك

المكان و الزمان

الأسماء و العلاقات

ولن تستطيع

توظيفهم من جديد

.

أم كأنك واقف

على ساحل محيط ساكن

تلتفت من بعيد

الى مزرعة شمام مأهولة

لكنك لا تتعرف على أحد هناك !

.

والى الآن

أثناء كتابة هذا الشعر

هناك شارد ما

على رأس كل زاوية نائية

يدور 

عن نفسه

.

و الأبعد من ذلك...

لعل هنالك عابر 

على كل ممر خاوي

يبحث عن آهل

.

إذ ليس الوحيدون

وحيدا

وهم  يدورون في آن

عن القطع المتناثرة لأرواحهم

.

إن

بقي

بصيص

أمل

للبحث

والاكتشاف

.

(٢)

ميتامورفوسست(*)

يتسرب فطور أسود (**)

من أنابيب ماء مكسورة

و يلتصق بوجوه اللوحات،

أما الأوردة

فتجري فيها حشائش جافة

.

ولن تستقر الكلمات

على صفحات الكتب 

بل تقفز خارجا

على أشكال براغيث

وتنتشر في كافة الاتجاهات

.

عند مشارق القلوب،

يطلع أعين القبور

بأبر النسيان

.

و الى مغارب الذكريات

شوارع،

على أشكال ثعابين ملفوفة

موصولة الی مراكز اللدغات

.

لكن  أفق الدجى و كمامات الأيام

لا  يمكن ربطهما بنقاط (الواي فاي)

لمعرفة تقلبات الأحذية

و حالات انكماش العضلات!

ترى بعد كم فراسخ

 يأتي تجمع آخر مسكون فيه الحياة؟

.

هنا... رويدا رويدا

تنهار التلال الكاذبة

و تذوب الجبال المسروقة

ثم تتحول الى أسراب خادعة

و تصاب جدار البيوت مع  أساسها

بشيزوفرينيا حادة

حيث تتغير

همسات خلف زجاج  شبابيكها

الى  أصوات زيزان

ثم تمتزج 

بنشيد ضفادع

المستنقعات

.

هذە المرة

 قد تمسخ العناصر برمتها

و ترجع الكل الى أصولها..

.

لمعرفة حيثيات هذا النبأ المفزع

استمعوا الى

تفاصيل نشرة أخبار

هذه الليلة

...

 

(٣)

مذهب الماء 

في زمن الانحياز والأوبئة

و الانتماءات

قالوا: كيف أن الماء

عديم اللون

لا منتميٌ؟

لكنه يسقي

و يزين الأوراق والأزهار

بل الحياة برمتها

بأجمل الـحُـلي

*

قلت: إن الماء حر!

لكنه عندما يحبس

يركد و يتعفن

وأن ترك طليقا

لا يتوقف عن الجري

في المسيرات

*

يغسل أوساخ متراكمة

عن وجوه سنين عجاف

و ينجرف أشواك

و حشائش جفاء

نحو  محيط  النسيان

*

و هكذا

 كلما يقول لي

الأبيض والأسود:

أنك لست على شاكلتنا

     و لا تنتمي الينا

 أقول لهم:

هل نسيتم حقيقة الماء

هنالك تجدونە

على مذهبه

انتمائي

***

 

كالمذهب و الطريقة، بأضافة (التاء) عليه.  Metamorphosis* استعمل  هنا

** اشارة الی ظهور مرض فطر الاسود في العراق، بعد آلاف السنة من اندثاره.