للأمكنة في الشعر الفلسطيني قدسية خاصة لأنها ذاكرة التاريخ وهي الحافظة لهذه الهوية التي تصارع وتقاوم الظلم والاحتلال والاستيطان وكل سياسات المحو، هنا حيفا المكان، وحيفا المرأة، كلاهما قصيدة يصيغ فيها الشاعر الفلسطيني نمر سعدي جزء من كينونته ويتحلل فيها في قصيدة تعيد لسؤالها الأنطولوجي بعدا رمزيا وغاية دلالية لتصبح المدينة/ المكان، المدينة/المرأة هي القصيدة.

حيفا تشبكُ شَعرها بيمامةٍ عطشى

نمر سعدي

 

منذُ متى وأنتَ تصُبُّ رغوةَ بحرِها

وشذى نداها في دمائكَ
تقتفي ما يتركُ اللبلابُ في شرفاتها

من شهوةٍ عجلى
تُؤثِّثُ ليلَها بشفاهِ ليليتَ

التي لم تأتِ

إلَّا عندما فخَّختَ عطرَ قصيدةٍ بالموجِ؟
منذُ متى

وأنتَ تقيسُ أبعادَ التأمُّلِ

في روايةِ حُبِّها الأزليِّ؟
كيفَ يشيخُ قلبُكَ في طفولتها
وتلمَعُ في أنوثتها شظايا مائكَ الكحليِّ؟
لوزُ البحرِ مرميٌّ على يدِها
ودمعُ طيورها البيضاءِ يلمعُ في خطاكَ
فهل تُرى تهذي بموسيقاكَ في جَسدٍ
وهل كالأقحوانةِ في الصدَى تهوي؟
تَرى حيفا من الأصدافِ تخرجُ

مثلَ أفروديتَ
تُشعلُ ماءَ بسمتِها
وتُسندُ قلبَها المثقوبَ بالنعناعِ والدامي
على نجمٍ من الصَوَّانِ
تشبكُ شعرَها بيمامةٍ عطشى
وتنتظرُ البرابرةَ المسائيِّينَ
منذُ متى وأنتَ تحبُّها

وتصُبُّ رغوةَ جِسمِها
أو نارَ شهوتِها المطيرةِ

في دمِكْ؟