نوا نوا - أشهر كتابات غوغان تكشف صفحة بعد صفحة ملاحظات غوغان الشديدة عن تاهيتي وشعبها، وكفاحه الشغوف لتحقيق الانسجام الداخلي الذي عبر عنه بعمق على القماش. نثر غوغان مغر مثل لوحاته المليئة بأوصاف البحار الدافئة والبحيرات الخفية والغابات الخضراء المورقة.

مذكرات غوغان في تاهيتي.. مقت للحضارة الأوروبية

علاء المفـرجي

 

في عام 1894، غادر بول غوغان أوروبا أسماه «أوروبا القذرة» في عام 1891 إلى ما كان يأمل أن يكون جنة غير ملوثة، تاهيتي.

رسم 66 مزهريات علب رائعة خلال أول عامين قضاها هناك واحتفظ بملاحظات كتب منها لاحقًا «نوا نوا»- وهي مجلة تسجل أفكاره وانطباعاته عن ذلك الوقت. عامان في تاهيتي، حيث أنتج بعضًا من أجمل لوحاته وأشهرها. لكنه أبدع أيضًا تحفة فنية أخرى ظلت غامضة منذ ما يقرب من 100 عام، نص المثير للذكريات والرسوم التوضيحية الغنية بالألوان لمذكرات تاهيتي غوغان. بما في ذلك الأساطير والأساطير التاهيتية، والقصص العاطفية عن لقاءات غوغان مع شعب تاهيتي الجميل، ولمحات رائعة عن الإلهام وراء لوحاته الأكثر شهرة، يحتل «نوا نوا» الآن مكانه الصحيح بين الأعمال الفنية لفنان غير عادي.

نوا نوا - أشهر كتابات غوغان تكشف صفحة بعد صفحة ملاحظات غوغان الشديدة عن تاهيتي وشعبها، وكفاحه الشغوف لتحقيق الانسجام الداخلي الذي عبر عنه بعمق على القماش. نثر غوغان مغر مثل لوحاته المليئة بأوصاف البحار الدافئة والبحيرات الخفية والغابات الخضراء المورقة،

تأسر المجلة القراءة، حيث تقدم جزءًا مقنعًا من سيرته الذاتية عن روح عبقري ولمحة نادرة عن الثقافة الأوقيانوسية. تم التعبير عن فترات السعادة الوجيزة التي وجدها غوغان بين التاهيتيين ببلاغة في روايته. “نحن نفهم الدوافع التي دفعته ونحصل على تقدير أعمق لفنه

تقدم المخطوطة اليوم نظرة ثاقبة لا مثيل لها لأفكار غوغان أثناء سعيه لتحقيق السلام الروحي، وفي منابع أسلوب فني فريد غيّر مسار الفن الحديث. هذه النسخة الرائعة ذات الأسعار المعقولة - معززة بـ 24 من رسومات تجعل شهادة فريدة وعاطفية في متناول جميع عشاق الفن.

في يوميات تاهيتي، كتب غوغان بمودة عن الأشخاص المهيبين والترابين الذين التقى بهم (أميرة الماوري، التي كادت أن تكسر سريره ؛ عشيقته التاهيتية الأولى، التي تركته لأنه لم يقدم لها ما يكفي من الهدايا ؛ وعمره ثلاثة عشر عامًا. وايضا كتب عن القصص والأساطير التي قيلت له، واللوحات التي عمل عليها، وعن المناظر الطبيعية الاستوائية الغنية التي أحاطت به وألهمته.

يمضي بول غوغان ما يقارب السنتين في تاهيتي وذلك بعد أن يهرب ما يصفها بالبلاد الفاسدة قاصدًا بذلك أوروبا. ينطلق برحلة غنية بالحياة وسط شعب وبيئة لا تزال غضّة وخصبة ولم تتلوث ومرحبة بالإنسان وروحه، خلال رحلته هذه ينجز غوغان ما يقارب الستين لوحة، ويعبر عن ذلك بأن هؤلاء الناس الجهلة البدائيين قد قاموا بتعليم هذا الرجل العصري دروسًا ثمينة لن يجدها في أي مكان.

ينتقد غوغان بشكل واضحة وأوروبا والمسيحية وما تحاول فعله في هذه الأراضي العذراء من نشرٍ للمسيحية ومحاولة لطمس الهويات والأديان الأصلية لأصحابها. في الصفحات الأخيرة يفرد غوغان عددًا لا بأس منه من الصفحات متحدثًا عن أساطير التاهيتيين وآلهتهم المختلفة.

ينقسم الكتاب لقسمين، في القسم الاول ملاحظات بول غوغان عن شعب تاهيتي وثقافتهم بنظرة القادم من أوروبا بثقافته المتعالية ونظرته الدونية لكل ما هو غير أوروبي ولكن في القسم الثاني ينغمس غوغان في ثقافة وأساطير تاهيتي وينعكس تاثر غوغان بهذه الثقافة في أعماله الفنية وأشهرها لوحة متى تتزوجين وكانت بداية التمرد من غوغان على تعاليم الأكاديمية الفرنسية للفنون الجميلة وهي التي كانت تمنع وتحرم تصوير ثقافات مغايرة والتأثر بالطبيعة..

ويروي الكتاب رحلة الكاتب بول غوغان إلى تاهيتي من خلال الكتاب يستشف القارئ النظرة الأوربية إلى قبائل التاهيتي.. فنرى الكاتب يصف شعب هاييتي مرات عديدة بالوحشية والبدائية.. وفي الوقت ذاته يسيطر سحر طبيعة تاهيتي على القارئ.. ويحكي الكاتب عن عادات الشعب، عن أساطيرهم و ارتباطهم بآلهتهم..

المذكرات كانت عبارة عن رحلة إلى تاريخ حضاري لسكان جزيرة تاهيتي الأصليين اللذين شوهت شخصيتهم المتأصلة بالطبيعة بالاجتياح المدني و الاستعمار الاوروبي حتى باتوا كما يصفهم الكاتب بـ”المتوحشون” اللذين غابت أرواحهم الطيبة السعيدة في غياهب كهوف التمدّن. يُسهب الكاتب في الحديث عن تفاصيل الديانة التاهيتيّة و التعريف بآلهتهم و الأساطير المتعلقة بطقوسهم.

 

جريدة المدى