يرسم الشاعر العراقي المقيم في الأردن، حديقة للمظالم، في محاولة لردّ المظالم التي مُنيَ بها الإنسان الذي يبحث عن غرفة مضيئة، ليطفأ مصابيحها بنفسه، فهل تستطيع الطبيعة أن تردّ لنا مظالمنا؟ وعندما نصل نهاية القصيدة نجد أنفسنا أمام هذيان ربما يمحوه الشاعر بعد قليل! فليست الحديقة هي ما كنا نتوقعه!

حديقةُ المظالم

عبود الجابري

 

سهرنا طوالَ الليل

لنصلح هندام النّهار

فتحنا النوافذ

فتحنا الأبواب

وتظاهرنا بالنوم

لعلّ أحداً يدخل على أطراف أصابعه

ويعثرُ على ما أضعناه

لم نكن نريد سواه :

اليومُ الكاملُ في العمرِ الناقص

اعتذرنا لنوافذَ جرحَتْها الريح

وأبوابٍ، أقلقتْها أسئلةُ العابرين

كنّا أشبهُ بمن يريد أن ينام

- ويكدّر ليلَه من يذكّرهُ بالنّهار _

نختارُ من كلّ وجهٍ سمةً

لنرسم مرآةً ضاحكة

حيثُ الأسماء مظلّة

والواقفون تحتها تخطيطاتٌ بالفحم

لوجوهٍ عابسة

*****

حدثَ ذلك بسرعة عجيبة

كنتُ أكسر العُصيّ

وألقيها كسيحةً في جرابكِ

لكنّها تبعثُ من جديد

كلّما ساورتكِ الرغبة

في الكتابةِ لي

عن حاجتنا إلى غرفةٍ مظلمةٍ

في بلدٍ مضاءٍ بالشجر

بالبساطةِ ذاتها أكتبُ لك

عن حاجتنا إلى غرفةٍ مضيئةٍ

نطفئ مصابيحَها

حين نشتعلُ

ونقول: هيتَ لكَ أيها الظلام

*****

كلُّ ما سقطَ من يدك

لم يعدْ لك

فهو إمّا ساقطٌ في الوحل

أو هشيمٌ لا وقتَ لديك لتجمع خلاياه

كان عليكَ

أن تسيرَ على رأسك

وترخي يديك كما تشاء

تاركاً أشياءك تسبح

في الطريق إلى السماء البعيدة

وهي على أيّة حال

لن تعود ملكاً لك

حين يخوضُ رأسك في الوحل

*****

  أوقفْني إن شئت

فأنا أنحدرُ   

  يمكنك أن تعترض طريقي بقدمِك

أو بحجرٍ مركون على جانب الطريق

تستطيع كذلك أن تمسك بي

من ياقةِ قميصي

سيكونُ جميلاً لو انّك سارعت

بحفرِ خندق

لأسقط فيه سعيداً

فأنا أنحدرُ خائفاً

أن أصلَ، ولا أجدُ متّسعاً لقدمي

  أوقفني إن شئتَ

لتسألني

عن الحكمةِ من سفرِ الورد

إلى موائدِ الخريف

*****

فعلتُ ذلك عامداً وما تواريت:

 * قلتُ للطّين أنْ يعتذر من الوجوه.

 * ألقيتُ كثيراً مما كتبتُ في تنّور ليليّ كان مسجوراً للتوّ.

 * خرجتُ من بيتي بلا غايةٍ، وعدتُ إليه لأنّي لم أجد الطريق سالكاً.

 * مسحتُ وجهي بذيل قميصي، ولم أخجل من سخرية ما تبقى من البلل.

 * بكيتُ بين يدَيْ (داخل حسن)* كثيراً

وما زلتُ أخجلُ من تذكّر المرات التي لم أبكِ فيها عندما سمعته.

*  أحبُّ بعض القشور وألقي جانباَ بكثير من اللبِّ البائس خلفَ ظهري.

*  أحبُّ المقاهي فارغةً، والشوارع كذلك.

 * ما تحدثتُ به، أحسبُ أنّه نصفُ لساني، وما تبقّى أكلته العظايا والزواحف.

*  خلعتُ كثيراً من الصّور، عن زجاج أيامي لأبصرَ الطريق.

*  مدينٌ لقافلةٍ من المحبّين، يروّضون أحداقهم عندما يسمعون اسمي.

*  أشربُ ما تبقّى بارداً، من قهوة الأمس في الفنجان.

*  أكرهُ المدخنين الذين يدوسون أعقاب السجائر بأحذيتهم.

 * لديّ زوجان من الأحذية، أكرهُ أحدهما وأحرث المسافات بالآخر.

 * يدي تستحي من يدِها، أو لأكنْ واضحاً يدي بانتظار يدها.

*  ربّما أمحو هذا الهذيان بعد قليل:

Once upon the time I will

 

•          داخل حسن: مطرب عراقي ريفي .