هذه القصيدة/ الصلاة التي يناشد فيها الشاعر الله المطلق في كل الديانات، روح العقل والمنطق والوئام، والذي أسبغ على البشر كل العطايا والنعم كي يعم السلام على الأرض، أن يعيد للعراق/ بلد النخيل والأعناب وموطن الشرائع والقوانين/ السلام والعقل، بعدما انتشر فيه القتل وسادت الطوائف، فتبدد الشعر/ الحياة.

حوار ٌ مستمر

صـادق الطـريحي

 

يخيّرني الله ُ الصّديق ُ ثيابَه

فما شئت ُ منهن ّ ارتديت ُ ..

ودائماً يسائلني عما أحب ّ من الشّراب والأطعمة ْ ..

ما كان يمنعني من الحديث ِ مع الحور الحسان ِ مغازلاً

وما كان يخشى الانفراد َبهن ّ ..

إنهن ّ رفيقاتُ السّلام ..

وكان يأمرُ الخلق َ أن يفشوا الأمان َ..

وكان يترك ُ الأمر َ لي ..

عند اختيار ِ الكتاب في مدارسه ِ ..

ما قال َ أفٍ لنا ..

وكان يسمع ُ شطْحات ِ القصائد َ منصتاً ..

وكان غنيّاً ..

يمنح ُالفقراء َمثلنا قطعة ً من نثره ِ أو قصيده ِ

ويغفر ُ تغيير َ التفاعيل عالما ً

بأخطائنا : بالنّثر ِ ، بالوقت ِ ، بالشّعر ِ الحديث ..

وكنّا حين نشربُ من رحيق خمرته ِ ..

تنتابنا النشوة ُ العظمى ،

نصليّ صلاة َ العاشقين سُكارى

نجادله ُ: يا ربّ ، هل أنت َشرّعت َ القتال َ! ..

أما قلت َاهبطوا بسلام ٍ آمنين َ! ..

وأرسيت َ المناهج َ شرعة ً

وساويتنا كالمشط ِ ، سوداً وبيضا

وأنزلت َتوراتاً ،

وأنزلت َ إنجيلاً ،

وأنزلت َ قرآناً ،

وقلت َ اعبدوني ...

وأرسلت َ في كلّ الفجاج ِ ملائكاً يغنّون َ:

سُبحان َ الذي أنزل َ الحديد َ..

كي تُصنع َ الأقلام ُ، ليس َ السيوف َ..

ثُم ّعلمتنا أن ْ ننتشي بالسّلام ِ،

         أن ْ نعمّر أرض َ الرافدين

فإنّا مؤمنون، وإنّا مؤمنون َبيومك القريب ِ ..

بيوم ٍ يُنشر ُ الشّعر ُ فيه آمنا ً مطمئنا ..

هكذا كانت الصلاة ُ..

أمر ٌ بمعروف ٍ ونهي ٌ عن المنكر ْ ،

بلاد ٌ وأنغام ٌ وتسبيح ُ فتية ٍ

يغنون َ، كيف َ النهر ُ يجمع ُ بينهم!

محاورة ٌبين الشعوب ِ ، ومجلس ٌ

يضج ُّبأنواع التعارف ِ ، شائق ٌ

ومائدة ٍ خضراء َ، شمُّ مزاجِها

كرائحة ِ الأهوار ِ تُنشر ُفي الدّهر ِ

جلسنا إلى الشّطآن جِلسة َ سامع ٍ

ينبهنا الله ُ العزيز ُ بنفسه ِ

إلى مدن ِ الأعناب ِ والنخل ِ والرزق ِ ،

إلى معبد ٍ ، أو مسجد ٍ ، أو كنيسة ٍ ،

إلى موطن ِ القانون ِ تشرق ُ شمسُه ُ...

على عامل ٍ ، أو راهب ٍ ، أو مزارع ِ

وكنّا ...

          ولكن ّ الجفاف َ أتى ..

يجرُّ شمساً كليلة َ السّراج

فلا نخل ٌ، ولا عنب ٌ..

والجند ُ ينتشرون َ..

ينشرون َ السّرايا ، والولاة َ، وأصحاب َ الأقاليم ِ

والوادي الخصيب ُطوائفاً ...

فمن ْ جعل َ الشّعر َ الحنيف َ أحاديثاً ملفقة ً؟

ليست ْ بشعر ٍ ولا نثر ِ !.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر من العراق