العدم الذي يتسيد على الأفق ويمسي المستقبل رجع الصدى في ظل راهن ملتبس سوداوي تماما، هكذا تنكتب الصورة في لغة الشاعرة الفلسطينية وهي تخيط اللامنتهى كما يفعل الشاعر عادة وهو يحاول لملمة الصورة المتشظية، الشاعرة التي جربت أن تعيد بالكلمات رسم نشيدها الأول والأخير، وأن تظل القصيدة سكنها ونافذتها على البوح.

بلا منتهى

إيمان زياد

 

إليك دون الأرض أجمع نصفيّ

وأعدو مع الريح

بلا منتهى

لا أرض ترثنا يا صديقي

ولا وُجهةً

ولا حبًّا،

الطير يأكل صدري إذ

يغمّسني بالخبز

ويكتم بجناحه فمي

فلا أعوي،

الآن في ركن الموتى

أقامر على وحدتي

وحدي مع ليلك الأبدي؛

نردي،

أجمعي نصفيّ؛

يداي تتزنان للرقص أو الصلب

عيناي تضخان الحزن

كالحليب في فم مرآتي

أُشرّد فيهما حُزم الشوق

فلا تُغمضان حتى الموت،

لا أرض ترثنا ولا حبًّا؛

القلب المنفتح على الخياطة

مشرّعة أبوابه على الآخرة والنُدب

كفيلسوف أعمى،

الماء المرتشح من أصابع كفّك، النجمة،

المهرّب من غيمة إلهية؛

تقطّر به بؤبؤتي

لتعميني،

ماؤك تفاحة الجنّة

جحيمي،

إليك أمرّ بكامل عطبي

أربعين ألف ليلة

أسرد قصتنا للا أحد

والفراغ تلمع شفرته تحت ذقني

كفّك الصحن يوثّق جزّي

ببساطة توديع الموتى

كان انسحابك عاريًا مني، مقدّرًا،

متجردة من النصفين أدخل إليّ أولا

فلا أجدني

إليك ثانيا

فلا أجدني

كنت طلقتك الأخيرة

أو هذا ما أذكره

أو كنتُ جريمتك،

سلام عليك حين يهبط الأنبياء من منافيهم

واُخيّل لك الخلاص، البحر

تدخل إليّ مؤمنًا أن لا أحد أيضًا،

هذه المرّة

أشقّني نصفين ملء إرادتي

دون أرض تحتنا

أهبك منتهى الغرق، مقدّرا أيضا

و دون إنعتاق

أهبك الآخرة..

 

شاعرة من فلسطين