هذه الحمى التي يؤشر عليها هنا الشاعر الفلسطيني لازالت تتكرر بأوجه وصور أخرى بل وكأنها كما يسمها الشاعر صدأ من الذكرى في استدعاء للبعد البصري وفي محاولة لتأثيث فضاء الرؤية ولمس وجع الحب حين يخبو كل شيء.

حُمَّى

حمزة شباب

 

نَزَلَتْ بِهِ حُمَّى الهُمُومِ

لِتَرْتَسِمَ عَلَى وَجْنَتَيْهِ أجْنِحَةُ الظَّلامِ

و تَرْتَمِي حُبَيْبَاتُ المَطَر

عَلَى سِلاحِهِ

لِتَزيدَهَا مِنْ صَدَأِ البَلاءِ

يُفَكِّرُ فِي عَثَرَاتِ النُّجُومْ . . .

يَسْتَلِذُّ بِالاخْتِبَاءِ

خَلْفَ جَيْشِهِ المَهْزُومِ

يَتَذَكَّرُ عُطُورَ صَدْرِهَا

و مَقَامَ الإِمَامِ

كُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ

فِي نَظَرِهِ

و فَي سُطُورِ مُخَيِّلَتِهِ

يَنْتَقِمُ الحُبُّ مِنَ المَجَانِينَ

و يَقْطِفُ أحْذِيَتَهُ العَسْكَرِيَّةَ

لِيَزْرَعَهَا عَلَى أطْلالِهْ . . .

يَشْرَبُ مِنْ بَحْرِ بَارُودَتِهِ

بَارُودَةٍ خَفِيفَةٍ

يَلُفُّهَا المَاءُ بِازْدِرَاء

يَتَعَاظَمُ الحَنِينُ فِي قَلْبِهِ

نَحْوَ سَاحَاتِ المَطَرِ

وقُبْلَةٌ مِنْ كَأسِهِ المَدْفُونِ

عَلى جِيدِهَا المُغْرَقِ بِالصُّدَفْ . . .

عَادَ إلَى حَيْثُ انْتَهَى

إلى مَسْرَحٍ مَلِيءٍ بِالدُّمَى

عَادَ لِيَسْتَقِيلَ

مِنْ آلافِ الصُّوَرِ

يَكَادُ لا يَرَى إلا الهَشِيمِ

فِي ارْتِدادِ صَوْتِ وَلاعَتِهِ

بِكُلِّ حَرَكَاتِهَا تَسْتَمِرْ . . .

ظَنَّ أنَّهُ يَسْتَطِيعُ إغْرَاءَهَا

بِبَعْضِ مَلامِحِهِ المُرْسَاةِ فِي عَيْنَيْهَا

و بَعْضَ الهُمُومِ

ظَنَّ أنَّهُ يُخِيفُهَا بِصَوْتِهِ الجَهْوَريِّ

فِي مَقَاهِي خَلَوَاتِهِ

حَيْثُ يَرْتَعِدُ مِنْهُ ثَوْبُهُ الرَّثُّ

و تَنْطَلِقُ فِئْرَانُ غُرْفَتِهِ

لِتَحْجِزَ مَقْعَدِهَا جِوارَ المِدْفَأةِ

و تُبْقِي مَشَاعِرَهُ

بَيْنَ الحَرْبِ و حُبِّهَا

لِيَبْرُدَ الحَنِينُ فِي قَلْبٍ

مُلَبَّدٍ بِالآهَاتِ و الغُيُومْ . . .

 

شاعر فلسطيني