إن الذي يحفُّ بهذا المعنى الأبهى والأثير إلينا جميعاً بلا إستثناءٍ (سوق الشيوخ) فلابدَّ انهُ قد احتطبَ بزوايا الغابةِ زمناً ليس يسيراً وأكملَ عُدتَّهُ وتعبَّقَ بأشذاءِ هذه المدينةِ التي اتخذتْ شكلَ اهزوجةٍ لا نعلمُ مَن بدأها ولكننا نرددُها بزهوٍ وارتخاء.
إن سوقَ الشيوخِ دهشةٌ دائمةُ الصدمةِ فعالةُ الجذبِ وتمثالٌ راعفٌ ولكن رغم الانفجارِ النزفيِّ الكابسِ على نافوراتِ البوحِ وتنظيراتِ الطقسِ العاطسِ ووباءاتِ الدني المبهورةِ بالمجهول.
أستشرفُ فظاظاتِ الدربِ وأرقبُ مطفأةَ الدخانِ لألمسَ هذا اللوثَ التدخينيِّ المقصودَ في جو الغرفةِ. إن مدينةً مثلَ مدينتي ما برحتْ تمتدُ جسوراً ومعابرَ لكلِّ بنيها ودولابَ هوى.
وهكذا يستمرُ النسيجُ لهذه الخيمةِ الظليلةِ الأفياءِ وينسابونَ كالفراتِ عندما يلقِّحُ صدرَ المدينةِ. نعم وبعد كلَّ هذا الشدوِ المتفجرِ فجراً مطرياً يطاردُ بعوضةَ الجفاف ليتعانقَ كلُّ شعراءِ المدينةِ ومبدعيها ليتخندقوا بنفس الراقمِ وينسابوا قلقاً على جنباتِ الربيئةِ.
وهنا تكتملُ الصورةُ ويتمُ النشيدُ وتمرُّ الوجوهُ متعاقبةً والكلُّ يبصمُ ويغدو وتزدحمُ الحكاياتُ ويكتنفُ الحفلُ قداسةً وطقسٌ يشتركُ الفائتونَ والآنيونَ واللاحقونَ في تغبيرهِ وتمطيرهِ وصنعهِ ... والدمعُ أبقى