ذاكرة الكلمة تستعيد الوجع الفلسطيني أنبل القضايا على الأرض وعبر التاريخ الإنساني برمته، في وقت تجهز ترسانة التقتيل الهمجي بوحشية غريبة بأجهزتها وعتادها على شعب ظل يقاوم من أجل التحرر واستعادة أرضه المغتصبة، قبل عشر سنوات، توفي الشاعر سميح القاسم أحد أشهر شعراء فلسطين والذي ارتبط بشعر الثورة والمقاومة والكفاح الفلسطيني، بعد مسيرة حافلة بالنضال والإبداع وقد صدر له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، كما ترجم شعره الى العديد من اللغات.

إلى جميع الرجال الأنيقين في هيئة الأمم المتحدة

سميح القاسم

 

أيها السادة من كل مكان
ربطات العنق في عز الظهيره
والنقشات المثيره
ما الذي تجديه في هذا الزمان
أيها السادة من كل مكان
نبت الطحلب في قلبي
وغطى كل جدران الزجاج
واللقاءات الكثيره
والخطابات الخطيره
والجواسيس..

وأقوال البغايا..

واللجاج
ما الذي تجديه في هذا الزمان
أيها السادة
خلو قمر القرد كما شاء يدور
وتعالوا
إنني أفقد للدنيا الجسور
ودمي اصفر
وقلبي انهار في وحل النذور
أيها السادة من كل مكان
ليكن عاري طاعونا..

وحزني أفعوان
أيها الأحذية اللامعة السوداء من كل مكان
نقمتي أكبر من صوتي..

والعصر جبان
وأنا.. مالي يدان

 

سيرة:

ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء بالاردن في 11 أيار 1939 لعائلة فلسطينية من قرية الرامة الجليلية،  درس المرحلة الابتدائية في مدرسة اللاتين في الرامة (1945 - 1953)، ثم درس في كلية تيرسانطا في الناصرة (1953 - 1955)، ثم نال الثانوية في سنة 1957، ليسافر من بعدها إلى الاتحاد السوفياتي حيث درس سنة واحدة الفلسفة والاقتصاد واللغة الروسية. عمل القاسم معلماً، لينتقل بعد ذلك إلى النشاط السياسي في "الحزب الشيوعي"، قبل أن ينتقل إلى العمل الصحافي ومن ثم يتفرغ للكتابة الأدبية. اعتقله الإسرائيليون مرات عدة، وفرضوا عليه الإقامة الجبرية بسبب مواقفه الوطنية والقومية، قاوم التجنيد الإلزامي الذي فرضته إسرائيل على أبناء الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها، وأسس حركة "الشبان الدروز الأحرار" في أواخر الخمسينات لمناهضة السياسة الإسرائيلية إزاء العرب.

أسهم سميح القاسم في تحرير مجلة "الغد" و"الاتحاد ثم أصبح رئيساً لتحرير جريدة "هذا العالم" التي أصدرها أوري أفنيري في 1966م، ثم عاد بعد ذلك  للعمل مُحرراً أدبياً في جريدة "الاتحاد" وأمين عام تحرير جريدة "الجديد" ثم رئيس تحريرها، وأسس منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. رئس اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما، ورئس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات"، وكان رئيس التحرير الفخري لصحيفة "كل العرب" الصادرة في الناصرة حتى وفاته.

صدر له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرت أعماله الناجزة في سبعة مجلدات عن دور نشر عدة في القدس وبيروت والقاهرة. تُرجِمَ عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والاسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات، فنال جائزة "غار الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصل على جائزة البابطين من مؤسسة عبد العزيز سعود، كما حصل مرّتين على "وسام القدس للثقافة" من الرئيس ياسر عرفات، وحصل على جائزة نجيب محفوظ من مصر،  وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر"الفلسطينية.