فنانون جزائريون يستذكرون رابح درياسة أحد أعمدة الأغنية الجزائرية الأصيلة، صوت الفنان درياسة ارتبط في ذاكرة الجزائريين بالأغنية الوطنية، وأوضح فنانون عشية الذكرى الرابعة لوفاته المصادفة لـ8 أكتوبر، أن صوت الفنان درياسة ارتبط في ذاكرة الجزائريين بالأغنية الوطنية والعمل والحب الصادق، حيث تجاوزت أغانيه الخالدة حدود الزمان لتبقى محفورة في الذاكرة الجماعية.

فنان خالد في الذاكرة الجمعية للجزائريين

 

يعد الفنان الراحل رابح درياسة أحد أعمدة الأغنية الجزائرية الأصيلة وأبرز الأسماء التي صنعت مجدها، فكان بذلك رمزا من رموز الفن الملتزم الذي جمع بين الإبداع والأصالة.

وأوضح فنانون حاورتهم وكالة الأنباء الجزائرية عشية الذكرى الرابعة لوفاته المصادفة لـ8 أكتوبر، أن صوت الفنان درياسة ارتبط في ذاكرة الجزائريين بالأغنية الوطنية والعمل والحب الصادق، حيث تجاوزت أغانيه الخالدة “يا محمد” و”نجمة قطبية” و”يا شمالية” و”الجولة الكبيرة” و”يحياو أولاد بلادي” وغيرها، حدود الزمان لتبقى محفورة في الذاكرة الجماعية.

وفي هذا السياق، ذكر الفنان نصرالدين البليدي أن المرحوم ابن مدينة البليدة المولود في 1 يوليو 1934، بدأ مسيرته الفنية في الخمسينات وجمع بين موهبة الرسم (المنمنمات والخط) والغناء، فكانت أول أغنية له “نجمة قطبيةوعرفت شهرة كبيرة داخل وخارج الوطن.

وأضاف الفنان نصرالدين البليدي، وهو ابن أخته، أن خاله درياسة كان فنانا شاملا” يكتب ويلحن ويؤدي أغانيه التي تناولت مواضيع وطنية والأخلاق والحب والعادات الاجتماعية، ما جعلها قريبة من قلوب الناس، لافتا إلى أن رصيده الفني تجاوز الألف أغنية مسجلة.

كما أشار إلى أن الراحل عمل على إحياء الأغنية البدوية “الآياي”، فتعامل مع العديد من الشعراء وشيوخ الأغنية البدوية على غرار الشيخ العرجاني والشيخ البدوي وخليفي أحمد وغيرهم، فنال بذلك احترام الجمهور الجزائري، وأضحى بذلك من رواد الفن الملتزم والهادف.

واعتبر البليدي الفنان الراحل قدوته ومصدر إلهامه في الالتزام والصدق الفني، مستذكرا بدايته الأولى في عالم الفن حيث كان المرحوم سنده الأول فلحن له ألبومه الأول بعنوان “كاتبة”، الذي نال شهرة كبيرة آنذاك.

من جهته، ذكر الممثل عبدالحميد رابية أن رابح درياسة كان “فنانا متكاملا” جمع بين الأخلاق الراقية والفن الأصيل الملتزم، مضيفا أنه كان محبوبا لدى عامة الناس وكان “مؤثرا” بأغانيه وكلماته التي كان يحتضنها الجمهور بكل عفوية ويرددها ويحفظها عن ظهر قلب.

وذكر الفنان رابية أن المرحوم درياسة كان محبوبا من طرف زملائه الفنانين داخل وخارج الوطن، ما جعله بمثابة سفير للأغنية الجزائرية في الخارج بامتياز، كما ترك بصمته خالدة في عدة دول عربية وأجنبية أحيا بها حفلات فنية على غرار العراق والسعودية والكويت والإمارات ولبنان ومصر وليبيا وغيرها.

بدوره، ذكر الفنان ومنظم الحفلات نورالدين بن غالي أن المرحوم كان يعرف بكتابة أغانيه بالدارجة المهذبة التي كان يفهمها الأشقاء العرب، ما جعله شخصية فنية مشهورة في العالم العربي”.

وأضاف أنه كان طيلة مسيرته الفنية التي جمعته به بعد الاستقلال، متواضعا وكانت تربطه علاقة طيبة مع جمهوره، و”لم يسع يوما إلى الأضواء بل إلى الكلمة الصادقة والنغمة التي تلامس القلب”، مؤمنا بأن “الفن النابع من القلب يصل إلى القلب دون تكلف”، كما قال.

والفنان رابح درياسة توفي يوم الجمعة 8 أكتوبر 2021 بمدينة البليدة عن عمر ناهز الـ87 سنة، تاركا وراءه إرثا فنيا غنيا.

وخلدت السلطات المحلية ذكرى المرحوم بإطلاق اسمه على “دار الفنان” التي تقع غير بعيد عن منزله بوسط مدينة البليدة، كعربون وفاء وعرفانا لما قدمه طيلة مسيرته الفنية الحافلة التي يحتذى بها والتي لم تكن مجرد كلمات وألحان، بل قصصا تنبض بالحياة، تحمل رسائل إنسانية ووطنية واجتماعية خالدة، لرجل كان مثقفا وحمل قضايا وطنه على كتفيه، خاصة خلال فترة ما بعد الاستقلال، حيث غنى للحرية، للأم، للحب، للإنسان البسيط، فلامست كلماته قلوب الملايين، وامتدت شعبيته من الجزائر إلى مختلف أرجاء العالم العربي. وبرغم رحيله في عام 2021، فإن أغانيه لا تزال حاضرة في الذاكرة الجمعية الجزائرية والمغاربية والعربية.