رسالة ليبيا: ملتقى نقدي حول علوم السيميائيات

والسيميائية العربية تؤسس إتحادها

محمد الأصفر

على مدار ثلاثة أيام من يوم 23 الصيف يونيه وتنتهي يوم 25 من الشهر نفسه شهدت مدينة طرابلس حدثا أدبيا كبيرا واستثنائيا هو الأول من نوعه الذي ينظم في الجماهيرية الليبية حيث بدأ ملتقى نقدي حول "علوم السيميائيات: معالم وآفاق"، وليتوج في يومه الثالث بتأسيس الإتحاد العربي للسيميائيين والبلاغيين العرب، ويأتي هذا الملتقى الكبير نتيجة جهود مشكورة قام بها مختبر بنغازي للسيميائيات وتحليل الخطاب حيث استثمر أمينه وجوده مشاركا في الملتقى الدولي الثالث حول السيميائيات والبلاغة الذي نظمه في ديسمبر الكانون 2008 فـ "مختبر السيميائيات وتحليل الخطاب/ جامعة وهران"، ليقترح استضافة ملتقى سيميائي في ليبيا، وتأسيس إتحاد عربي يرعى هذه البحوث والاشتغالات النقدية. وقد كان جميلا أن يوصي ذلك الملتقى في بيانه الختامي توصية توافق على هذا الاقتراح الهادف.

من وهران إلى بنغازي
بعد مشاركة ناجحة عاد من وهران الناقد محمد عبد الحميد المالكي بحلمه الكبير ليقدم مقترحه مكتوبا مفصلا إلى الأستاذ سليمان الغويل أمين اللجنة الإدارية لمجلس الثقافة العام، موضحا أهمية تنفيذ هذا النشاط لإثراء المشهد الثقافي الليبي والعربي والعالمي حيث اقترحت خطاطة المقترح استضافة أهم أساتذة النقد السيميائي في الوطن العربي وخاصة في شقه المغاربي حيث يزدهر هذا العلم النقدي ويحقق إضافات مهمة مبهرة تنال إعجاب أكبر الجامعات العالمية التي تباشر دائما في استضافة هؤلاء الأساتذة للاستفادة من جهودهم البحثية من أمثال الناقد المغربي عبدالفتاح كليطيو صاحب «لسان آدم»، والناقد الجزائري رشيد بن مالك، والسيميائي التونسي عبدالرزاق بالنور، والناقد صاحب الإصدارات المهمة محمد مفتاح والناقد فريد الزاهي مترجم الكتب القيمة مثل كتاب علم النص لجوليا كريستيفا وكتاب حياة الصورة وموتها لريجيس دوبري والدكتور الأديب سعيد يقطين، والناقد السيميائي المتخصص في امبرتو ايكو سعيد بنكراد، وكذلك كوكبة أخرى من الأسماء النقدية المهمة منهم الجزائري رئيس اللجنة العلمية في ملتقى وهران أحمد يوسف والجزائري الآخر محمد يحياتن بالإضافة إلى النقاد المغاربة المصطفى شاذلي وعبدالجليل ناظم مدير دار توبقال المرموقة للنشر وأحمد علمي حمدان وفي الوقت نفسه وذاته لم تهمل التجارب النقدية الشابة في الجماهيرية الليبية فاقترح العديد من الأسماء المكرسة والمجتهدة للمشاركة في هذا الملتقى بأوراق بحثية فأقترح أسماء عدة للمشاركة منهم الناقد الشاب محمد السني، والناقد الشاب ميلاد مصباح محمد أبوعزوم، والناقد الشاب رضا جبران، الذي يحضّر الآن دكتوراة في جامعة فاس تحت إشراف الأستاذ أحمد علمي حمدان، الذي سيشارك بدوره في هذا الملتقى ايضا، بورقة قيمة بعنوان: "الأسئلة المركزية والمفاهيم الولود في بعض مناهج تحليل الخطاب الفرنكوفونية والانكلوفونية".

دخول المقترح إلى حيز التنفيذ
في أول اجتماع للعام الجديد 2009 أصدر مجلس الثقافة العام مشكورا قرارا بتبني هذا الملتقى ودعمه وولادته تحت رعايته ومن هنا بدأت الخطوات التنفيذية فشكلت اللجنة العلمية واللجنة الإعلامية وقامت هذه اللجان بدورها فنشرت خبرا مفصلا عن هذا الملتقى وعن الرغبة في تأسيس إتحاد السيميائيين والبلاغيين العرب وتم نشر الخبر في الصحف الليبية والعربية ومواقع الانترنيت الأدبية الليبية والعربية وبالإضافة للأساتذة الذين تمت دعوتهم من قبل اللجنة العلمية، وكانت المشاركة بعد نشر الخبر في وسائل الإعلام عامة، ووصلت إلى اللجنة العلمية العديد من المشاركات، وكل المشاركات تخضع للتقييم العلمي، ويعلم المتقدم بالمشاركة بقبول ورقته أو رفضها مع ذكر الأسباب. ووصلت الأوراق المجازة المعتمدة للمشاركة إلى 28 ورقة تقريبا بأقلام نقاد عرب وليبيين تتناول الشأن السيميائي بأسلوب بحثي أكاديمي ويعتبر هذا الملتقى من الملتقيات الأدبية القليلة في الوطن العربي كما أوضح لي الأستاذ أشرف بالنور عضو اللجنة التحضيرية: "أن هذا الملتقى يتميز بمشاركة كم كبير من النقاد المغاربيين، إذ من المعروف أن مشاركتهم في غير بلدانهم، عادة ما تقتصر على أسماء محدودة فقط"... وعند سؤالي لأمين اللجنة الإدارية حول علاقته بالأوراق المقدمة أجاب:

"إن المجلس لا يتدخل في عمل اللجنة العلمية فتجيز ما تراه مناسبا وترفض ما تراه قد يضعف من قيمة هذا الملتقى السيميائي الذي نعول عليه كثيرا في تأسيس قاعدة نقدية لهذا النوع المهم من النقد، وغير المنتشر كثيرا في أوساط المشهد الثقافي الليبي ونحن أصدرنا أكثر من 400 عنوان ومازلنا سنواصل إصدار الكتب في شتى مجالات الإبداع. ويهمنا جدا أن تنال كتبنا نصيبها من النقد الجاد الذي يحسن المستوى الفني لجميع كتابنا ويرتقي بهم إلى الأفضل وسوف نقوم بإهداء باقة من إصدارات المجلس للنقاد المشاركين وللمهتمين في هذا الملتقى لإطلاعهم على نشاط المجلس في مجال نشر الكتاب.. وبهذه المناسبة أحب أن أوجه الدعوة لكل أصحاب المشاريع الأدبية والراغبين في تنظيم أنشطة محلية أو عربية أو عالمية أن يتقدموا للمجلس بمقترحاتهم، وسوف تدرس هذه المقترحات وتتخذ بشأنها القرارات حسب إمكانيات المجلس.. وعندما سألته هل سيطبع المجلس كتابا نقديا يحتوي على كل البحوث المشاركة في هذا الملتقى أجابني بالطبع سيكون من خطتنا إصدار كتاب نقدي به كل الأوراق المقدمة في هذه الندوة كي يمكن الاستفادة من هذا الملتقى على المدى البعيد عبر توزيعه على الجامعات وقنوات التوزيع الخاصة بالمجلس".

كما التقيت بمقرر اللجنة العلمية أكثر من مرة منذ أن وافق المجلس على استضافة هذا النشاط وسألته عن الصعوبات التي واجهته فأجابني "بأنه سعيد في عمله هذا والسعادة تذيب الصعوبات، كما أكد ان حوالي 90% من النقاد، المستهدف حضورهم إلى الجماهيرية، قد استجابوا في الموعد، بل هم متحمسين لهذا الملتقى السيميائي. والأسماء القليلة التي تعذر حضورها بسبب ارتباطات سابقة فقد اعتذرت بدماثة واعدة على المشاركة مستقبلا بكل سرور ومتمنية للملتقى النجاح والتألق".

كما لاحظت من خلال اطلاعي على الأوراق غياب الناقد الليبي الشاب رضا جبران فسألت المالكي عنه فقال "إنه ناقد جيد بشهادة أساتذته في المغرب ولا أدري ما السبب؟!". وفي سؤال آخر عن اللجنة الإعلامية التي شكل معظمها من الصحفيين والصحفيات الصغار والجدد أجابني: "إنهم معظمهم شباب ولا أعرفهم شخصيا لكنهم معروفون بشغلهم من خلال نشاطهم في الصحف والإذاعة".

دعوة مفتوحة لطلبة الأدب ولعشاق النقد
ومن المنتظر أن يشهد هذا الملتقى متابعة كبيرة من المثقفين وطلبة الأدب والمهتمين ومن كل وسائل الإعلام الليبية والعربية لأهمية النقاد المشاركين فيه وأهمية الأوراق المقدمة كذلك سيكون هذا الملتقى ذي فائدة كبرى لطلبة الجامعات والدراسات العليا حيث أن مصادر بحوثهم معظمها من إبداع هؤلاء الأساتذة الذين سيقابلونهم شخصيا ويستفسرون منهم عن كل مسألة منغلقة عليهم.. فسيجدون في هذا المتقى أهم السيميائيين والبلاغيين منهم المبدعين الأجلاء: عبدالرزاق بنور، فريد الزاهي، أحمد يوسف ـ محمد يحياتن ـ سعيد يقطين ـ أحمد علمي حمدان، عبدالجليل ناظم، محمد المالكي ـ شعيب حليفي ـ عبدالحميد بورايو ـ المصطفى الشاذلي ـ محمد الداهي وغيرهم من المبدعين الذين نحترم ونقدر احتراقهم وعشقهم للأدب والكلمة.

توصيات الملتقى الدولي الثالث للسيميائيات والبلاغة بوهران ديسمبر 2008م:
(1) ـ
الحرص على تعميق الطابع العلمي والمنحى التكويني للندوات.
(2) ـ تطوير البحث العلمي في مجالات السيميائيات.
(3) ـ تبادل الخبرات.
(4) ـ عقد شراكة علمية مع الباحثين الأجانب.
(5) ـ فتح آفاق جديدة للبحث.
(6) ـ تعميق سبل البحث في ميدان السيميائيات.
(7) ـ طبع البحوث.
(8) ـ ربط علاقات علمية مع الباحثين المختصين.
(9) ـ دفع السيميائيات إلى الانفتاح على العلوم الأخرى.
(10) ـ عقد اجتماع تأسيسي للاتحاد المغاربي للسيميائيين بالجماهيرية الليبية الشقيقة.