"أى مشعل للفكر قد انطفأ، لله درك يا إقبال، تظل ممنوعاً من دخول بلادك طوال ثلاثين عاماً، ويشمل سجلك من بين ما يشمل حكماً بالإعدام من المحاكم الموالية للحكم العسكري، وتجاهد عزلة أكاديمية صارمة، ورغم ذلك لا يهتز إيمانك بالفكر الأنسني، حتى أنك تظل للنهاية متمسكاً به ومصراً عليه. قناعة منك بأنه الدرب الأكثر ملائمة لك كمفكر، طالما دافع عن المقهورين والمضطهدين في شتى أنحاء المعمورة. ولو أن غيرك يا إقبال جاهد بعض ما جاهدته، لما سعته أرض التيه والفخر. لكنك على طريقة الجندي المجهول، أو حكيم شرقي تتوارى حكمته ومعارفه الموسوعية وعطاؤه الهائل في جسد ناحل وصوت خافت، يخلع نعليه ويتربع على الأرض، ويمنح حكمته للنجوم ويحتفظ لنفسه بالظلال! قال إدوارد سعيد تفسيراً لإهدائه كتاب "الثقافة والإمبريالية" لصديقه إقبال أحمد(7): "إن ما يفهمه إقبال ليس تجربة الهيمنة الإمبريالية في كل أشكالها فحسب، بل أيضاً الرؤية المبتكرة التي تطرحها المقاومة". وأراه ما قصد بذلك القول سوى الإشادة بإعمال إقبال للنهج الأنسني في فهمه المتميز والرائع لتجربة الهيمنة الإمبريالية، وما ينبغي أن تكون عليه المقاومة الفعالة لتلك الهيمنة.
أى قلب توقف عن الخفقان!"
نيكراسوف
ــــــــــــــــــ
(1) ـ راجع كلمة إدوارد سعيد في حفل تكريم إقبال احمد في كلية هامبشير بأمهرست مساشوستس، في 4 أكتوبر 1997: www.bitsonline.net
(2) ـ راجع نعي إدوارد لصاحبه إقبال في الجارديان:
Edward Said, Eqbal Ahmad, The Guardian, Friday May 14,1999.
(3) ـ استند الكاتب في معالجته لتصور إقبال أحمد للأنسنية، على عرض واف لكتاب "إقبال أحمد: مواجهة الإمبراطورية"، المنشور عام 2000، بواسطة دار نشرSouth End Press، قام به عالم اللغويات والمحلل السياسي الأمريكي ناعوم تشومسكي، ونشر على شبكة الإنترنت، بعنوان "أفكار صوفي علماني"، وذلك لتعذر اطلاع الكاتب على نسخة إلكترونية أو ورقية من الكتاب المذكور، والذي يضم بين دفتيه مجموعة حوارات مع إقبال أجراها دافيد بارساميان. وكذلك استند الكاتب في معالجة التصور نفسه إلى مقابلة أخرى منفصلة، أجراها بارساميان مع إقبال، نُشرت على شبكة الإنترنت، بعنوان "تواريخ مشوهة: مقابلة مع إقبال أحمد". للاطلاع على المصدرين المذكورين، راجع:
www.bitsonline.net
(4) ـ راجع نص مقابلة دافيد بارساميان مع إقبال احمد في 4 أغسطس 1993: www.thirdworldtraveler.com
(5) ـ راجع: حازم خيري، تعرية الثائر الأنسني فرانز فانون للآخرية، مقال منشور على شبكة الانترنت.
(6) ـ راجع: تواريخ مشوهة: مقابلة مع إقبال أحمد، م. س. ذ.
(7) ـ راجع: كلمة إدوارد سعيد في حفل تكريم إقبال احمد في كلية هامبشير بأمهرست مساشوستس، في 4 أكتوبر 1997: www.bitsonline.net
يحاور الباحث المصري القارئ وهو يتملى في ملامح وكلمات المثقف الباكستاني المرموق. يشدد على البعد الإنسانوي (أو الأنسني) في وصلات سيرته الذاتيّة، ويحاول إنارة مقاماته الشخصية في جدلها وصيرورتها ضمن التاريخ المحلي والكوني على حد سواء.
كان إقبال أحمد مناضلاً أنسنياً..