تتقصى الباحثة الجزائرية في هذه الدراسة ملامح بعض الممارسات الجزائرية في النقد الأدبي المعاصر، في سعيها لاستخدام المناهج النقدية الحديثة في دراستها للنصوص الأدبية الجزائرية منها وغير الجزائرية للتعرف على وضع هذه الدراسات المنهجية في الساحة الأدبية العربية والجزائرية على السواء.

تحليل الخطاب الأدبي الجزائري

في ضوء المناهج النقدية الحديثة

زهيرة بنيني

لقد ظل النقد الأدبي والثقافي بشكل عام الموجه والراصد لكثير من القضايا التي يمر بها الفكر الإنساني على مختلف شعوبه وثقافاته، ومن الواضح رؤية الاتجاهات النقدية المختلفة وهي تمر بتحولات متعددة متأثرة ومؤثرة بكثير من الأطروحات عبر أجيال متعاقبة. ولقد جاءت المشاريع النقدية حاملة لكثير من الأسئلة التي كان لها الصدى الواسع في مختلف الأوساط العالمية، والتي أعادت النظر في مجموعة من القضايا والمفاهيم المتعلقة خاصة بمسألة تحليل النصوص وقراءتها وفق تأملات ونظريات ومناهج مختلفة، والسبب في ذلك هو: «غياب المركز الثابت للنص إذ لا توجد نقطة ارتكاز يمكن الانطلاق منها لتقديم تفسير معتمد أو قراءة موثوق بها أو حتى عدد من التفسيرات والقراءات للنص، وإن ما هو مركزي أو جوهري في قراءة ما يصبح هامشيا في قراءة أخرى، وإن ما هو هامشي في قراءة ما يغدو مركزا في قراءة ثانية»(1) ومن هذا المنطلق اختلف الدارسون في منهج تحليل النصوص وذهبوا إلى ذلك مذاهب عدة، حتى أن الجهد النقدي منصب على متابعة الإثارة الجمالية المكنونة في النص وإظهارها من خلال بيان مقاصد الناص، بدعوى أن المعاني مكنونة في عالم من الإشارات والدلالات وغيرها، وتأتي وظيفة النقد للبيان والتحليل باستعمال آليات ووسائل مشخصة ومحددة لكشف الأسباب المعرفية التي أسهمت في بناء النص وليس البحث عن الدلالة فيه وحسب.

وتتحدد هذه الأسباب بمجموعة من التوجهات الفلسفية والثقافية والسياسية، حتى أن هذه المناهج النقدية تتيح فرصة تقديم قراءات مختلفة للنص الواحد مهما اختلفت طبيعته وتباين حجمه يدرس ككيان لغوي قائم بذاته بوصفه أداة للتواصل ومادة تخاطبية بين طرفين هدفها إيصال الرسالة المبتغاة من النص لأن: «نظرية النص ونظرية الفعل اللغوي متقابلتان، متساندتان ومتداخلتان لأن نظرية الفعل اللغوي تصف الوحدات اللغوية الاتصالية التي لا يمكن الاستمرار في تقسيمها وتحليلها من حيث تأثيرها ووظيفتها الأدائية في فعل الكلام وهذا معناه قضية فعل الكلام الأساسية ترتبط ارتباطا مبدئيا بالوحدات الصغرى التي تتكون منها النصوص»(2) وكان التعامل مع اللغة بوصفها انعكاسا لثيمات محددة وليست كقيمة دلالية عليا في تحديد توجهات النص مع الاعتناء بخارجياته وتقديم مسببات تسهم في قراءته فحاولوا إبراز أسراره وكشف غموضه واعتمدوا على أسس علمية متباينة، وكان منطلق البحث عندهم من النص، فاتخذوه منعرجا حاسما ينبئ بالنضج الفكري، باحثين عن بنيته وتفاعل عناصره والقواعد التي تحكمه فكان القرن العشرين رافضا لفكرة تبني المنهج الواحد ومؤسسها لتعدد المناهج. فكان الاهتمام بالنص الأدبي منذ ظهور منهج النقد الجديد في أمريكا والشكليين الروس وحتى البنيوية الفرنسية التي قطعت النص عن مرجعيته الخارجية وعن مؤلفه. واتضح أن الخطاب الأدبي لم يحظ باتفاق بين الدارسين مما أدى إلى غياب نظرية شاملة لتحليله، ولا نجد سوى آراء تسعى إلى إضاءة بعض جوانبه دون بعضه الآخر، ومرجع ذلك أن الخطاب الأدبي تتحكم فيه نوازع نفسية واجتماعية وحضارية وتاريخية وثقافية تعمل على اتجاهات فكرية قي الدراسة تجد السبيل إلى حقيقة النص: «بتعبير فلسفي أو إلى فهمه بتعبير التأويلية، أو إلى تفسيره بمصطلح علماء التفسير، أو إلى استكشاف علاقة الدال بالمدلول بتعبير اللسانيين، أو إلى الكشف عن نظام الإشارة فيه بتعبير السيميائيين، أو إلى تقويضه أو تفكيكه بمصطلح الدريديين نسبة إلى جاك دريدا. وقد قامت من أجل خدمة النص الأدبي والإبانة عمّا في طواياه من جمال والكشف عما في خفاياه من أبعاد أو دلالات أو علاقات أو ثنائيات متشاكلة أو متضادة أو كل ما يمكن أن نطلق عليه حقيقة النص»(3) ولهذا فقد سعت إلى الوقوف على الجوانب الغامضة في العمل الأدبي لكشف مواطن الإبداع فيه. 

الخطاب الأدبي الجزائري والمقاربات المنهجية:
لقد توالت الكتابات النقدية المستقلة بمناهجها ومقاييسها وأصولها ولغتها ووظيفتها التي تتحرك وفق حدود المساحة المتوفرة لها بفعل تلك الحركة المنظمة من تحديد نقطة الانطلاق المناسبة لها والمسار الذي تستطيع أن تتخذه لنفسها وصولا إلى الهدف المنشود من خلال الخطاب الأدبي الذي يعد مسرح انجازات النقاد الإبداعية، فهو المادة الأولية القابلة للتشكيل عبر مناهجهم المختلفة. إن انطلاقة المقاربات المنهجية أصبح ضربا من الإبداع في تحديد تلك المرجعية والسلطة من مراكز الرؤية في النصوص الأدبية تفصيلا وبحثا لتتسع رؤيتها على الواقع الثقافي ومستوى أنساق العلاقات داخل بنيتها، ورغم وجود قراءات متعددة والتي تعد كاجتهادات خاصة في معاينة الخطاب الأدبي عن طريق المقاربة المنهجية والتي تحيلنا إلى مسألة العلاقة بين الخطاب والمنهج في أبعادها الثقافية والعلمية والفكرية وما يجر عليها من إشكاليات بعضها مرتبط بالنص والبعض الآخر له علاقة بالمنهج والتصور في هذه المحاولة لا يعتمد على إخضاع نص معين بطريقة ما في القراءة. بل هو إسهام متواضع في معرفة الخطاب الأدبي الذي يأخذ معناه من السياق الثقافي وعلاقته بالمنهج الذي يبحث عن بنياته المختلفة (الخارجية والداخلية) بتشكيل أنساقه وتفسير ماهيته وفق منطلقات متعددة وإدراك حدوده. 

تجليات المقاربات المنهجية في الخطاب الأدبي في الجزائر:
ومن المواقف النقدية التي ساهمت في إثراء الحركة النقدية في الجزائر تلك المشاريع النقدية الخاصة بالدكتور/عبد المالك مرتاض التي حققت انفتاحا منهجيا في مرحلة المتغيرات الثقافية فكانت مشاركته واضحة المعالم من خلال ذاك المكتسب المزدوج في المفاعلة بين ثقافتين: العربية والغربية باتجاهها الحديث، المنفتحة على ثقافة الآخر حيث ألح في مشروعه النقدي على المحاورة بين الأنا (النقد العربي) والآخر (النقد الغربي). ويؤكد من خلال قوله: «من أجل ذلك وعلى الرغم من مسعانا في هذا النص يحاول أن يتموقع في إطار السيميائيات فإننا مع ذلك لم نر بأسا من التحلل من هذا الواقع والانتشار خارج فضائه كلما رأينا ضرورة لإشباع النص بالتحليل... وقد رأينا أن نتوسع في مفهوم التشاكل لدى التطبيق لينتقل من مجرد اختيار لوجه واحد من القراءة، إلى شبكة منهجية ذات قابلية للتعمق في بنى النص، واستخراج كل ما نود استخراجه وهو مسعى جعلنا نتظاهر ببعض الأدوات البلاغية على الرغم من أنها دمجت في نظرية الخطاب الآن، إلا أن الحديث عنها في التنظيرات السيميائية تعني أنها لا تزال تفرض نفسها في بعض المواقف، وخصوصا لدى تحليل نص أدبي تحليلا أسلوبيا سيميائيا»(4).

وهنا تكمن الرؤية الجوهرية في نبش خفايا الخطاب الأدبي والانطلاق من مكنوناته العميقة النابعة من وعي الباحث على استخدام مناهج مختلفة أو قراءات متعددة للنص الواحد والوقوف على الثابت والمتحول فيها. ووفق هذه المنطلقات المنهجية المتشبعة بالآفاق الحداثية تتجلى لنا تلك المنهجية المركبة المعتمدة على المنهج السيمائي والمنهج التفكيكي في قراءة قصيدة أين ليلاي للشاعر محمد العيد آل خليفة والذي يثبت لنا ذاك التميز والتجديد في مشاريعه النقدية بغية تحقيق الفلسفة الجمالية، والابتعاد عن الركود حيث يوضح أن التركيب المنهجي لدى قراءة نصها مع محاولة تجنيس التركيبات المنهجية حتى لا يقع السقوط في فخ التلفيقية(5). وهذه المساعي: «لا تعني بلغة عصرنا إلا بجمعانية أو تعدديتها بحيث أن كل قراءة تمثل وجهة نظر معينة، فهذه قراءة نحوية وتلك قراءة لغوية وثالثة أسلوبية تترعرع مترعا آخر»(6). وهذه المقدمة ماهي إلا تتبع أولي لمشروع نقدي لباحث فذ عانق متغيرات الحياة الثقافية مستوعبا رسالتها فاستخرج لنا بعض الاحتمالات الواردة من خلال إدراكه للعلاقة الموجودة بين الخطاب والمنهج برؤية إبداعية مخترقا تلك البنية المتماسكة وتفكيك مستوياتها الداخلية فكانت الازدواجية بين التصورات الإبداعية والنقدية.

وساحتنا النقدية تعج بالقراءات والدراسات النقدية في تحليل الخطاب الأدبي بمختلف أنواعه من الشعر والرواية والقصة والمسرح وإذا نحن حاولنا البحث في نموذج من نماذج تطبيق المناهج على الخطاب الأدبي فإننا نجد كتاب الرؤية والبنية في روايات الطاهر وطار للكاتب إدريس بوديبة ما يوضح استخدام الكاتب لمناهج متعددة في قراءة الأعمال الروائية. واستناده لمعرفة تلك النظم والمستويات التي تؤسس بناء موحدا، يحتاج إلى قراءة منهجية ويوضح هذا من خلال قوله: «وكانت قضية المنهج من أعوص المشاكل التي واجهتني لأن الخيارات أمامي عديدة ومغرية وبعد أخذ ورد استقر بي المطاف على الاستفادة من المنهجين البنيوي والاجتماعي لأفلت من عيوب الصرامة الشكلية للمنهج الأول الذي يهمل المكونات الاجتماعية، وأتجنب الثاني الذي يحفل بالجانب المضموني على حساب التجليات الجمالية والفنية»(7).

إن هذه الازدواجية التي أراد تحقيقها بتطبيق هذين المنهجين تتيح الفرصة لتقديم قراءات مختلفة للنص الواحد بالتوجه نحو توظيف الدلالة الفكرية والعقائدية والثقافية المتعلقة بخارجيات النص من الناص والظروف السياسية والأجواء النفسية والإسقاطات الواقعية والنظريات الاجتماعية. وقد حاول الكاتب البحث عن بنى الروايات واكتناه خفياها والوصول إلى الخلق والتجاوز. هذا ما يبرر قوله من خلال المسحة الكلاسيكية لرواية (اللاز) بعرض شخوصها وأهم ما يميزها في مظهرها الخارجي والجوهر الداخلي: «إن الشكل الكلاسيكي المباشر لرواية اللاز كان ينبئ عن ميلاد كاتب روائي قادر على تفجير الأشكال الروائية مستقبلا، والسير بالمغامرة الإبداعية إلى آفاق أرحب. ويتضح هذا خاصة في طريقة عرض الروائي للشخوص في سياق حياتهم وأعمالهم وتوغل في استقصاء أدق التفاصيل التي تنتاب الذات الإنسانية مع فهم عميق للأسباب الاجتماعية (8). فهاهنا يرسي نقدا ينبئ على النص باعتباره مظهر الإبداع وفضاءه الذي تلتقي فيه وتتداخل ذواته المؤتلفة والمختلفة الذي يأخذنا للحديث عن تطبيق المنهج البنيوي في رواية (العشق والموت في الزمن الحراشي) أين يبين أن هذه الرواية : «عالما روائيا متكاملا في بنيته ومتنه من حيث الأحداث والشخوص والزمان والمكان ثم أتحدث عن الأدوات الفنية التي وظفها الكاتب لتشكيل هذا العالم، البنية الروائية من أسلوب وحوار وبناء ووجهة النظر السردية...الخ» (9). ويردف قائلا: «إن هذا النظام (البنية) هو الذي يفرق بين ما يسمى رواية وبين ما يمكن أن نسميه حدثا وضمن هذه البنية المشكلة يقدم لنا الكاتب رسالة أيديولوجية مبنية على أساس من أفعال تنتج رؤى فكرية أو خطابا مجددا»(10).

ويلتقي مع المنهج البنيوي الذي لا يبدأ بالجزئيات وتحليلها بغية الوصول إلى كليات وأنظمة ولكنه يبدأ بالنظام لأن الناقد البنيوي يتم في المقام الأول بتحديد الخصائص التي تجعل الأدب أدبا، التي تجعل القصة أو الرواية أو القصيدة نصا أدبيا. ولكي يحقق ذلك فعلى الدارس أن يدرس علاقات الوحدات والبنى الصغرى بعضها ببعض داخل النص في محاولة للوصول إلى تحديد النظام أو البناء الكلي الذي يجعل النص موضوع الدراسة أدبا(11). ومن هنا فإن المقاربات المنهجية تضع النص في مواجهة السؤال الذي ينفذ إلى بنيته دون اللجوء إلى المحيط على اعتبار أن النص صياغات ووظائف ودلالات. إن هذه المعالجة التي قام بها الكاتب من زوايا متعددة قادتنا إلى معرفة معاملته للرواية على أنها بنية لها قوانينها الداخلية الخاصة بها والتي تضبط حركتها وتحدد طبيعتها. غير أن هذا العزل لا يستمر طويلا إذ سرعان ما يتم ربط البنية مرة أخرى بمحيطها الخارجي حيث تتوالى تلك القوانين المكتشفة بالإشراف على عملية الربط، وتنظيم العلاقات بين ما هو داخلي، وما هو خارجي.

هذا يأخذنا للحديث عن مصطلح التناص(*) من خلال تلك الإسقاطات الواضحة على الروايات حيث يدرك العلاقة الواضحة بين المسار الخارجي والمسار الداخلي لها: «عندما نتعامل مع نص ما فإننا نأخذ مسارين مختلفين،يمثل المسار الأول اعتبار النص بغير عالم وبغير مؤلف ونأخذ في تفكيك علاقاته الداخلية انطلاقا من معرفة بنيته الخاصة ويمثل المسار الثاني إدخال النص بما هو خارج عنه»(12). وهنا تبين طريقة طرحه للموضوع مما يجعل الخطاب الروائي منطقة جغرافية تتعدد فيها الأقطاب الثقافية تعتمد عل التواصل والحوار فاستحضر الموروث الشعبي والعوالم الصوفية والأسطورية فهي: «لا تخرج عن النص الروائي ولكنها لا تكتفي به بل تتفاعل معه وتسعى إلى استحضار عوالم أخرى أو لنقل مراجع ثقافية أخرى تجد جذورها في أعمال فنية أخرى أو في مدلولات مسننة بطريقة فنية»(13). إن هذا الاستدعاء والتجاوز هو خلق نص جديد منفتح مغاير للنص الراهن الذي يشكل البنية العميقة متجاوزة محاكاة الواقع لإعادة تشكيله وترتيبه وفق أنساق تخييلية وتعبيرية والقدرة على استيعاب المكونات الفكرية والجمالية من أجل تحقيق النص اللامتناهي الذي تتماهى فيه عناصر التاريخ والزمن والهوية... الخ لإعطاء أبعاد التجربة إمكانات التواصل والاستمرار.

وعلى أية حال فإن كل ما جاء من تتبع وأفكار هو من أجل التأكيد على الضبط المنهجي وخاصة فيما يتعلق بالمساحات الخاصة للممارسات النقدية التي اتبعها الكاتب في بلورة مشروعه النقدي وتخليص تلك الكتابات من الفوضى المنهجية باعتبار أن ذلك يمثل مظهرا من مظاهر القراءة المتعددة للنص الواحد، فالنص الجيد يولد كل مرة ميلادا جديدا لأنه لا يحمل معنى متناهيا يمكن الإتيان عليه بالقراءة، بل يتجاوز الزمان والمكان فتبرز أهمية القراءة ومناهجها المختلفة وأساليبها التقنية الجديدة لتفتح المسالك وتكشف عن أبعاد جديدة.

رغم التعدد في القراءات وفي المناهج وتبني التحليل بهذه الطرق اقتحام لفضاءات الخطاب بجرأة والتحليق إلى عوالم أفضل والنظر إلى الإبداع بأفق أكثر عمقا ورحابة ومنه السعي إلى الإثارة الجمالية المكنونة في الواقع وإظهارها وما الولوج إلى هذا العالم إلا رغبة في اكتشاف المتغيرات المختلفة وفق الصراع الثقافي الراهن وتزايد الحاجة إلى قراءة النصوص وفق منظور جديد يتماشى مع الآفاق الجديدة والمعاصرة ومواجهة التراكمات الزمنية حيث تمس الحاجة إلى التأمل فيه وبحثه والتنقل معه من محطة إلى أخرى في رحلته التي يمر بها في موضع ألوان وأنواع متفاوتة في المظاهر وخاصة ما يتعلق بحركة التزامن مع الحياة ماضيا وحاضرا ومستقبلا. وبعد قراءتنا المتواضعة حول المقاربات المنهجية في تحليل الخطاب الأدبي في الجزائر وتقديم بعض النماذج التي استفردت بهذا التحليل، إلا أن الدراسات في هذا المجال تبقى محدودة، وتكاد تعد على الأصابع وافتقار المكتبة الجزائرية لمثل هذه الكتب لكن لا ننفي الاجتهادات الخاصة لبعض الباحثين سواء أكان هذا في الرسائل الجامعية المختلفة، أو بنشر بعض المقالات في المجلات الوطنية والعربية والذي يؤكد على التأثر بالثقافة الغربية والاحتكاك بالآخر لتتعدد عنده المعالجات المختلفة والقراءات المنهجية المتنوعة.

ومن هذا المنظور وهذه المقاربات تتجلى إضاءة معالم الخطاب الأدبي وما يتضمن بناؤه من ابتداع وفرادة وجمال وفسح المجال للأسئلة المنبثقة من النص واستنطاقه ومحاورته، أين تتولد المعرفة الكامنة فيه من وظائف ودلالات، فيهرّب الحقائق المحاصرة ويكشف المسكوت عنه. 

كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة باتنة الجزائر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ـ عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، نيسان 1998، ص367
(2) ـ خالد محمود جمعة، نظرية النص بين التنظير والتطبيق، علامات، جزء49، مجلد13، رجب1424، سبتمبر 2003، ص508
(3) ـ عبد المالك مرتاض، في نظرية النقد، دار هومة للطباعة والنثر الجزائر، 2002، ص51.
(4) ـ عبد المالك مرتاض، التحليل السيميائي للخطاب الشعري (النص من حيث هو حقل للقراءة) علامات، جزء 5، مجلد2، ربيع الأول 1413، سبتمبر 1992، ص146، ص147.
(5) ـ (6) ـ المرجع السابق ص144، ص145، ص146.
(7) ـ إدريس بوديبة، الرؤية والبنية في روايات الطاهر وطار، منشورات جامعة منتوري، قسنطينة، ط1،2000، ص6.
(8) ـ المرجع السابق، ص70، ص71،
(9) ـ المرجع السابق، ص82.
(10) ـ المرجع السابق، ص83.
(11) ـ محمد ساري، نظرية السرد الحديثة، مجلة السرديات، تصدر عن مخبر السرد العربي، جامعة منتوري قسنطينة، العدد1جانفي 2004، ص32.
(12) ـ إدريس بوديبة، الرؤية والبنية في روايات الطاهر وطار، ص223،
(*) ـ يبدو أن أول من أستخدم التناص الباحثة جوليا كريستيفا وحددت النص على أنه كفسيفساء من الاستشهادات وامتصاص وتحويل نص آخر.
ينظر/ محمد خطابي، لسانيات النص مدخل إلى انسجام النص
تودوروف وآخرون، في أصول الخطاب النقدي الجديد، ترجمة أحمد المديني.