يمارس الناقد التونسي فن التقطيع مع قصائد درويش، ليدرج في شبكة نصه كولاج أشعارٍ تتكافل مع صوته النقدي، متلاعبة على أوتار الدلالات، وسيمياء الشتات الفلسطيني وقد تشكل لغة وشعرا، ومن خلالها يمرر امتدادات التاريخ، في سيرة الشاعر وروح الشعر على حد سواء.

محمود درويش: سيميولوجيا الحصار

وعزلة الكائن الفلسطينيّ

مصطفى القلعي

كلّما حاصر مطاريد البلدان فلسطينَ، يسارَها ويمينَها سال لُعابُهم على ألسنتهم الطويلة إذ تستبدّ بهم الشهوة إلى دماء المستقبل... مستقبل فلسطين. وكلّما حاصروا فلسطين كانوا مدجّجين بالكره وبالسلاح ومدعومين بالعطف الغربيّ ومظلّلين بالحجاب الواقي من إمكانيّة صحوة الضمير الإنسانيّ. حينها وبمناسبة كلّ حصار، يلتفت محمود درويش، إلى مسانيده العرب يستحثّ أقربهم إلى ساحة المعركة حتى يلتحق البعيد بعد حين، إذ «لا وقت للصور الجميلة فوق جدران الشوارع». ولكنّه في كلّ حصار يفاجئه ألاّ يجد بين عَرَبِه من يُمتَدح!! فيمتدح ظلّه .. ظلّه العالي. خلال حصار مطاريد البلدان بيروتَ، كانت بغداد تُسوِّي ثارات رأس المال الليبراليّ مع ثورة العمامة "المقلِقة" في طهران. وكانت القاهرة منكفئة على جرح كامب ديفيد الساداتيّ تلعقه. و «لا مصرُ في مصرَ» ولا خارجها. و «كانت دمشق جفون أحمد» التي بها يرى الدّنيا. لكنّ جفونه، ويال العجب، رفضت أن ترى المحرقة رغم أنّ رائحة الشواء الفلسطينيّ في مشاوي بيروت كانت تزكم أنفها. فالأعداء:

«تأبّطوا تسعين جيتارا وغنّوا
حول مائدة الشواء الآدميّ»

والفلسطينيّ المتيّم، أمسِ ودائما، بعشق دمشق كان يسأل ويجيب: «ما اسمي؟ دمشق». لكنّ رؤيا المستحيل الشاميّ كانت تلحّ عليه منبّهة: «يا أيّها المستحيل.. يسمّونك الشام». ورغم ذلك لم ينفكّ أحمد الفلسطينيّ عن الصراخ عالياً مردّداً تمسّكه بانتمائه العربيّ إذ لا جدار سواه: «أنا أحمد العربيّ فليأت الحصار» لا يهمّ فعربُه قادمون لفكّه وتأديب المعتدين. إنّهم قادمون.. كان أحمد وياسر وإسماعيل والحكيم يسمعون ويردّدون «جئنا من يد الفصحى». جميعهم كانوا يردّدون ذلك وهم يسمعون صدى خبب الخيول العربيّة "الأصيلة" يدوّي من بعيد. وكانوا يرون سحائب غبار الرّمال يتعالى فيحجب عين الشمس.. إنّ عربهم يشحذون حرابهم وسيأتون.. أو هكذا تهيّأ لهم. فالعرب جميعهم:

«من المحيط إلى الخليج، من الخليج إلى المحيط
كانوا يعدّون الرّماح»

لكنّ عمّان كانت لا تزال ترتجف من هول أيلول الأسود. وكانت الجزائر ذاهلة منقادة نحو الجحيم التسعينيّ. وكانت يد تونس الممسكة بعصا الشيخوخة ترتعش فتندلق الكأس. وكانت الرّباط مشغولة بتشفير لغز تغييب المهدي بن بركة. وكانت طرابلس تلعب لعبة سَبِّ الخصم لحرمانه من النّوم. وكانت الرّياض سابحة دامعة العينين في سجودها الخاشع حمدًا لوليّ النعمة، فخسر أحمد الفلسطينيّ ظلاله، وقد «كان الحجاز ظلال أحمد».

*     *     *

حينها قال أحمد العربيّ الفلسطينيُّ للفلسطينيِّ: يا أخي إنّي حزين قليلاً لأنّي «أرى مدناً من الورق المسلّح بالملوك وبدلة الكاكي». ولا أرى فرساناً يملأ هديرهم الأفق. ومع ذلك، فإنّي أعلمك بأنّي سأقول: لا، لن أسلّم. وإنّك حتماً «ستقول: لا»، لن أسلّم أنا أيضاً. أنا أعرفك جيّداً، فلن تقول سواها هذه ال "لا" الشمّاء صاحبة العزّة. فأجاب الفلسطينيُّ أحمدَ العربيَّ الفلسطينيَّ: «يا أحمد العربيّ.. قاوِمْ» لأنّك تحمل «أرض كنعان التي اختلف الغزاة على مقابرها»، تحملها صليباً على كتفيك. وقل: وداعاً للسيوف وللنخيل». فـ«لا برّ إلاّ ساعداك»، و «لا بحر إلاّ الغامض الكحليّ فيك». «واسحب ظلالك عن بلاط الحاكم العربيّ حتى لا يعلّقها وساما». و «قاوِمْ».

*     *     *

إنّها «مدن الرّماد»، يا حبيبي الفلسطينيّ، لا حياة فيها ولا جذوة من نار. إنّها «خراب هذه الأرض التي تمتدّ من قصر الأمير إلى زنازننا». وأهل النّ.. خ.. وة الذين كان أحمد وياسر وإسماعيل والحكيم ينتظرون نجدتهم، كانوا يجدّون بين الأسواق العالميّة لاهثين لاستيراد القطن وإن بأسعار مشطّة، إذ لم يعودوا ينتجونه بعد أن حوّلوا مزارعه إلى فواكه لتطْييب السّهرات العربيّة. وقد بذلوا قصارى جهدهم وكثيراً من أموالهم ليستوردوا كمّيات كبيرة منه تكفي لحياكة أكفان بيضاء ناصعة بعدد الشهداء المتّفق عليه، ثمّ كيّها وطيّها وتغليفها وإرسالها على عجل إلى أحمد وياسر وإسماعيل والحكيم بوساطة عربيّة ودوليّة وقطبيّة شماليّة وقطبيّة جنوبيّة:

«من الخليج إلى المحيط، من المحيط إلى الخليج
كانوا يعدّون الجنازة»

*     *     *

داميةَ القلب، قالت فلسطين أمُّ أحمد وياسر وإسماعيل والحكيم عن أطفالها المشتهى لحمهم ودمهم: إنّهم لن ينقرضوا أبدا. أؤكّد لكم ذلك. إنّهم قد حظيوا بتركيبة بيولوجيّة لم تُعرف بعدُ. وتبذل مختبرات الموت العسكريّة الأمريكيّة جهودا قاسية منذ زمن لابتكار الوباء الأقدر على التغلّب على هذه التركيبة. فآذت أطفالي كثيراً وأوجعتهم. وحين فشلت في كنسهم من الوجود مرّرت المهمّة إلى مختبرات الموت السياسيّة الأمريكيّة لعلّها تساعدها في مهمّتها. وحتى الآن ابتكرت هذه المختبرات ما لا يحصى من الصفقات مع آباء أطفالي. لكنّها صفقات ذهبت تذروها رياح أطفالي. أنا أمّهم التي وهبتهم الاسم، قالت. وأنا التي أرضعتهم «حليب الرّوح». وأنا، وحدي، من يعرف أنّهم:

«سيولدون، ويكبرون، ويُقتلون،
ويولدون، ويولدون، ويولدون»

هكذا حدّثت أمّهم فلسطين النّاسَ عنهم. وكان المستمعون ذاهلين من شدّة العجب.

*     *     *

كان خبرُ مطاريد البلدان، خبرُ حصارِهم لأحمد وياسر وإسماعيل والحكيم وخبرُ نارِهم عليهم، كان لا يستغرق أكثر من بضع دقائق في نشرات الأخبار الرئيسيّة في التلفزيونات الحكوميّة المحليّة الأرضيّة. ومع ذلك فقد كان خبراً يوجع العرب المنهكين بالخبز اليوميّ العائدين من مواسم جني الزيتون ويدمي قلوبهم. فتزداد حرارة عناقهم أطفالَهم. وتطول فترات تحديقهم في الفراغ. ويتساءلون، في صمت طبعا خشية ضمير الوشاة فـ«أمريكا وراء الباب أمريكا»: أ «سبايا نحن في هذا الزمان الرّخو» أم ماذا نكون؟!.

*     *     *

أيقن أحمد الفلسطينيّ بخلوّ الأفق من غبار سنابك الخيل، إذ «لا شيء يطلع من مرايا البحر في هذا الحصار». لكنّ بيروت، جنين، ثمّ غزّة، أخيراً، فاجأها أن سمعت حناجر ملايين المتظاهرين في مدن أهل الن..خ..وة وقد بحّت بالصّراخ مخاطبة كلّ مقاتل من مقاتليها: «لحمي على الحيطان لحمك يا ابن أمّي» فـ «قاوم». ولا تستسلم. فابتسم المقاتل للمقاتل، وقال: أ رأيت أهل الن....وة، «حطّوك في حجر وقالوا: لا تسلّمْ»! فردّ المقاتل على المقاتل: نعم، رأيت أهل النّ....ة وقد «رموك في بئر... وقالوا: لا تسلّم»!.

تحدّث أحمد العربيّ إلى نفسه مستنتجاً: لقد «أنكروك لأنّهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار». لقد «سقط القناع عن القناع عن القناع»، يا أحمد (يتحشرج صوته) ال..ر..يّ الفلسطينيّ. ولذلك قرّر أحمد أن يجري على حصاره تحويلاً سيميائيّا ليصيّره تجربة يفيد منها في استخلاص حجمه ومعرفة قامته الحقيقيّة: «والتجأتُ إلى حصارٍ كي أحدّد قامتي». فصعقته الحقيقة العارية الخالية من أيّ رمز أو تكثيف:

«كنتُ وحدي
ثمّ وحدي»

فأوجعته العزلة وأحسّ بالوهن. فارتدّ إليه صدى أنينه: «آه يا وحدي». سأظلّ دائما وحدي. وهالت أحمدَ الفلسطينيَّ وِحدتُه. فرمق أخاه الفلسطينيّ وحشرج:

«كم كنت وحدك، يا ابن أمّي!
يا ابن أكثر من أب»

يا ابن اثنين وعشرين أباً... ولا سند ولا ملاذ ولا رفيق ولا شيء معك.. لا شيء:

«لا إخوةٌ لك يا أخي، لا أصدقاء
يا صديقي، لا قلاع»

*     *     *

سحبت الذكرى المقاتلَ من لحظته فتذكّر رجال الجمارك في مطار أثينا، ذات رحيل. فقال المقاتل للمقاتل: أتذْكُر حين، لنا، «قال رجال الجمارك: من أين جئتم؟» قال المقاتل: نعم، أذكر. وقد «أجبنا: من البحر». إذ لا عنوان لنا على الخريطة. فـ «قالوا: إلى أين تمضون؟» فـ «قلنا: إلى البحر» إذ نحن أحفاد بحّارة ومغامرين وفاتحين وسادة بحار. ونحن نؤمن أشدّ الإيمان بأنّ:

«مَن لا برّ لهْ
لا بحر لهْ»

*     *     *

لقد ضاق الكون من حوله إذ صارت «الأرض أصغر من مرور الرّمح في خصر نحيل» وربّما هي «أكبر من خيام الأنبياء» قليلاً. فقال الفلسطينيّ للفلسطينيّ: «وطني حقيبهْ». فأجاب الفلسطينيّ الفلسطينيَّ: «وحقيبتي وطني». أمّا الوطن العربيّ الحقيق... والمجازيّ فقد اختفى من الأفق الوجوديّ.

أسرّ الفلسطينيّ برؤياه المفزعة للفلسطينيّ أخيه وحبيبه، فقال: «لا أرى بلداً ورائي». فسأل الفلسطينيُّ حبيبَه الفلسطينيَّ: ماذا ترى، إذن؟ فأجابه: رؤى كثيرة تنثال على عينيّ أستطيع أن أميّز منها ثلاثاً. قال: هاتها. قال: «أرى فيما أرى دولاً توزَّع كالهدايا» و «أرى مدناً تتوّج فاتحيها»، و «أرى مدنا تعلّق عاشقيها». فقال: إنّه الخسران العربيّ المطبق، إذن.

ووطني..؟ أين وطني؟ سأل الفلسطينيُّ الفلسطينيَّ. فأجاب الفلسطينيُّ الفلسطينيَّ: «وطني قصيدتي الجديدة» ولا شيء آخر. فاعترف الفلسطينيّ للفلسطينيّ: «هذه الصحراء تكبر حولنا»، يا حبيبي. فأيّده بأن قال: نعم، إنّها «صحراء من كلّ الجهات». ثمّ اختلى الفلسطينيّ بالفلسطينيّ بالفلسطينيّ الثالث.. بالفلسطينيّ المليون وتشاوروا جميعا واتّفقوا وقالوا لبعضهم بعضاً: «لن نقول: «نعم»». ثمّ أصدروا البلاغ الإذاعيّ التالي:

«نحن الواقفين على خطوط النّار
أحرقنا زوارقنا، وعانقنا بنادقنا»

*     *     *

هزّت غزّةَ الأختَ الصغرى رعدةٌ من الخوف فهمست لأختها الكبرى بيروت: «الطائرات تطير من غرف مجاورة إلى الحمّام»، يا أختاه. فنصحتها الأخت الكبرى قائلة: «اضطجعي على درجات هذا السلّم الحجريّ، وانتبهي إذا اقتربت شظاياها كثيراً منك وارتجفي قليلاً»، يا صغيرتي. فقالت الأخت الصغرى: إنّي أشاهد «المباني تخبز السكّان»، يا أختاه. وأظنّ أنّي «استندت على جدار ساقط». ولكن حين «تضيق بنا الأرض» و «تحشرنا في الممرّ الأخير»، ماذا نفعل؟ فقالت لها الأخت الكبرى: «نخلع أعضاءنا كي نمرّ». والآن، «نامي قليلاً»، يا صغيرتي حتى تمرّ الطائرة.

حاولت الصغرى أن تنام. ولكنّ سؤالا ألحّ عليها، فسألت أختها: كيف يحيا الأعداء، يا أختاه؟ فأجابت بيروتُ، الأختُ الكبرى، أختَها الصغرى: إنّهم «يقصفون مقابر الشهداء، يدَّثَّرون بالفولاذ، يضطجعون مع فتياتهم، يتزوّجون، يطلّقون، يسافرون، ويولدون، ويقطعون العمر في دبّابة». فسألتْ وقد أعوزها الفهم: ولماذا تُقتَلين أنت وأُقتَل أنا؟ فردّت: كي «يمدح الشعراء قتلي في مجالسهم». ثمّ يمدحون قتلكِ، بعد ذلك. فاطمأنّت الصغيرة إلى المديح وأغمضت عينيها وهي تتذرّع صامتة: «وحّدنا بمعجزة فلسطينيّة».

*     *     *

عندما غفا الفدائيّون في الخندق قليلاً، أيقظهم، عند السَّحر، نشيد الأناشيد تؤّديه هواتف الشهداء الصادحة في سماء بيروتَ غزّةَ:

«حاصر حصارك... لا مفرّ.
سقطت ذراعك فالتقطها
واضرب عدوّك... لا مفرّ.
وسقطت قربك، فالتقطني
واضرب عدوّك بي... فأنت الآن حرٌّ
حُرٌّ...
وحرُّ...
قتلاك، أو جرحاك فيك ذخيرة
فاضرب بها. اضرب عدوّك... لا مفرّ»

فقال الفدائيّ للفدائيّ: إنّ المسألة واضحة وفي غاية البساطة والشفافيّة، يا حبيبي. ولأنّ أهل الن.... لم يهبّوا استجابة لاستستصراخنا إيّاهم، ولأنّه «لا الماء عندك، لا الدواء ولا السماء ولا الدماء ولا الشراع ولا الأمام ولا الوراء»، ولأنّي «كلّما آخيتُ عاصمةً رمتني بالحقيبة»، فالمسألة تتلخّص في معادلة بسيطة مفادها أن تتشكّل الحياة بنا، نحن البشر جميعا، أو لن تتشكّل بأيّة صيغة أخرى أبدا. ولنقل ببساطة:

«إمّا أن نكونْ
أو لا تكونْ»

*     *     *

ما أشبه اليوم بالأمس!! وما أشبه جِنينَ ببيروت!! وما أشبه غزّة بجنين وببيروت!! وما أشبه شذّاذ الأوطان المطاريد، أمسِ بهم اليومَ!! وما أشبه فروسيّتهم اليوم بالأمس!! وما أشبه أسلحتهم اليوم بالأمس!! وما أشبه ساديّتهم اليوم بالأمس!! وما أشبه أحلافهم اليوم بالأمس!! وما أشبه صَغارَنا اليوم بالأمس!! وما أشبهنا، نحن، أهلَ ال... اليوم بالأمس!! يا إلهي!! ما أشبه اليوم بالأمس، يا ابن خلدون!! لكن لماذا يتكرّر الأمسُ اليومَ؟ هل للتكرار من فائدة؟ نعم. إنّ له فائدتين، الأولى: أن يتدرّب أطفالُهم على مذاق اللّحم العربيّ مشويّاً فـ«أزقّة أورشليم تعلّق اللحم الفلسطينيّ فوق مطالع العهد القديم». والثانية: أن يتروّض أطفالُنا على الإيمان بالغلبة والقهر قدَرًا.

*     *     *

حين التفت أحمد وياسر وإسماعيل والحكيم إلى المتفرّجين عليهم، الحزانى منهم والسعداء على السّواء، زمجروا فيهم داعين عليهم بالتلاشي في الصمت: «يا أيّها المتفرّجون! تناثروا في الصمت»، اذهبوا إلى كوى التاريخ العطنة الرّطبة حيث تظلّ أسنانكم تصطكّ هناك من البرد وجلودكم تَزْرَقُّ إلى الأبد. ثمّ حزموا أمرهم وأعلنوا بصوت واحد: «لن نترك الخندق» حتى «ولو أنّا على حجر ذبحنا» فلن نترك خندقنا وبنادقنا. ولن نُبهج العدوّ والشامت والمتفرّج والمتآمر بهذه الـ "نعم" الحقيرة. فأرجوك:

«تجمَّعْ أيّها اللحم الفلسطينيّ في واحدْ
تجمّعْ واجمع الساعدْ
لتكتب سورة العائدْ...». 

كاتب من تونس
mustapha.kalii@yahoo.fr