يقدم الباحث المغربي هنا دراسة ضافية لمسألة العنوان في النصوص الأدبية، دارسا تاريخ تناول هذه القضية في الخطاب النقدي الغربي والعربي، ثم يتناول وظائف العنوان المختلف، ويقدم قراءته لمسيرة العنونة في النصوص العربية، منتهيا بالتطبيق على نصوص القاص المغربي سالم حميش والشاعر المغربي عبدالرحمن بوعلي

مقاربة العنوان في النص الأدبي

جميل حمداوي

يعد العنوان من أهم عناصر النص الموازي وملحقاته الداخلية؛ نظرا لكونه مدخلا أساسيا في قراءة الإبداع الأدبي والتخييلي بصفة عامة، والروائي بصفة خاصة. ومن المعلوم كذلك أن العنوان هو عتبة النص وبدايته، وإشارته الأولى. وهو العلامة التي تطبع الكتاب أو النص وتسميه وتميزه عن غيره. وهو كذلك من العناصر المجاورة والمحيطة بالنص الرئيس إلى جانب الحواشي والهوامش والمقدمات والمقتبسات والأدلة الأيقونية.

أولا- صورة العنوان في الرواية العربية:

لقد أهمل العنوان كثيرا سواء من قبل الدارسين العرب أم الغربيين قديما وحديثا،لأنهم اعتبروا العنوان هامشا لاقيمة له وملفوظا لغويا لايقدم شيئا إلى تحليل النص الأدبي؛ لذلك تجاوزوه إلى النص كما تجاوزوا باقي العتبات الأخرى التي تحيط بالنص . ولكن ليس العنوان" الذي يتقدم النص ويفتتح مسيرة نموه- يقول علي جعفر العلاق- مجرد اسم يدل على العمل الأدبي: يحدد هويته، ويكرس انتماءه لأب ما. لقد صار أبعد من ذلك بكثير. وأوضحت علاقته بالنص بالغة التعقيد. إنه مدخل إلى عمارة النص، وإضاءة بارعة وغامضة لأبهائه وممراته المتشابكة(...) لقد أخذ العنوان يتمرد على إهماله فترات طويلة، وينهض ثانية من رماده الذي حجبه عن فاعليته، وأقصاه إلى ليل من النسيان. ولم يلتفت إلى وظيفة العنوان إلا مؤخرا."(1)

وعلى الرغم من هذا الإهمال فقد التفت إليه بعض الدارسين في الثقافتين: العربية والأجنبية قديما وحديثا، وتنبه إليه الباحثون في مجال السيميوطيقا وعلم السرد والمنطق وأشاروا إلى مضمونه الإجمالي في الأدب والسينما والإشهار نظرا لوظائفه المرجعية واللغوية والتأثيرية والأيقونية. وحرصوا على تمييزه في دراسات معمقة بشرت بعلم جديد ذي استقلالية تامة، ألا وهو علم العنوان Titerologie الذي ساهم في صياغته وتأسيسه باحثون غربيون معاصرون منهم: جيرار جنيت G.Genette وهنري متران H. Metterand ولوسيان ?ولدمان L. Goldmann وشارل ?ريفل C. Grivel وروجر روفر R. Rofer وليوهويكL. Hoek الذي يعرف العنوان بكونه "مجموعة من الدلائل اللسانية... يمكنها أن تثبت في بداية النص من أجل تعيينه والإشارة إلى مضمونه الإجمالي ومن أجل جذب الجمهور المقصود" .(2)
هذا وقد نادى لوسيان ?ولدمان الدارسين والباحثين الغربيين إلى الاهتمام بالعتبات بصفة عامة، والعنوان بصفة خاصة. وأكد في قراءته السوسيولوجية للرواية الفرنسية الجديدة مدى قلة النقاد" الذين تعرضوا إلى مسألة بسيطة مثل العنوان في رواية الرائي Le Voyeur الذي يشير ـ مع ذلك بوضوح ـ إلى مضمون الكتاب، ليتفحصوه بما يستحق من عناية".(3) وتعتبر دراسة العتبات Seuils لجيرار جنيت أهم دراسة علمية ممنهجة في مقاربة العتبات بصفة عامة والعنوان بصفة خاصة؛ لأنها تسترشد بعلم السرد والمقاربة النصية في شكل أسئلة ومسائل، وتفرض عنده نوعا من التحليل (4). ويبقى ليو هويك المؤسس الفعلي ( لعلم العنوان)؛ لأنه قام بدراسة العنونة من منظور مفتوح يستند إلى العمق المنهجي والاطلاع الكبير على اللسانيات ونتائج السيميوطيقا وتاريخ الكتاب والكتابة. فقد رصد العنونة رصدا سيميوطيقيا من خلال التركيز على بناها ودلالاتها ووظائفها.

لكن النقد الروائي العربي لم يول العنوان أهمية تذكر، بل ظل يمر عليه مر الكرام. لكن الآن بدأ الاهتمام بعتبات النص وصار يندرج "ضمن سياق نظري وتحليلي عام يعتني بإبراز ما للعتبات من وظيفة في فهم خصوصية النص وتحديد جانب أساسي من مقاصده الدلالية، وهو اهتمام أضحى في الوقت الراهن مصدرا لصياغة أسئلة دقيقة تعيد الاعتبار لهذه المحافل النصية المتنوعة الأنساق وقوفا عندما يميزها ويعين طرائق اشتغالها؟"(5) ومن أهم الدراسات العربية التي انصبت على دراسة العنوان تعريفا وتأريخا وتحليلا وتصنيفا نذكر ما أنجزه الباحثون المغاربة الذين كانوا سباقين إلى تعريف القارئ العربي بكيفية الاشتغال على العنوان: تنظيرا وتطبيقا، وهذه الدراسات هي على النحو التالي:

وظائف العنوان:
إن العنوان عبارة عن علامة لسانية وسيميولوجية غالبا ماتكون في بداية النص، لها وظيفة تعيينية ومدلولية، ووظيفة تأشيرية أثناء تلقي النص والتلذذ به تقبلا وتفاعلا، يقول الباحث المغربي إدريس الناقوري مؤكدا الوظيفة الإشهارية والقانونية للعنوان: "تتجاوز دلالة العنوان دلالاته الفنية والجمالية لتندرج في إطار العلاقة التبادلية الاقتصادية والتجارية تحديدا؛ وذلك لأن الكتاب لايعدو كونه من الناحية الاقتصادية منتوجا تجاريا يفترض فيه أن تكون له علاقة مميزة وبهذه العلامة بالضبط يحول العنوان المنتوج الأدبي أو الفني إلى سلعة قابلة للتداول، هذا بالإضافة إلى كونه وثيقة قانونية وسندا شرعيا يثبت ملكية الكتاب أو النص وانتماءه لصاحبه ولجنس معين من أجناس الأدب أو الفن"(6).
كما أن للعنوان وظائف أخرى تتمثل في الوظائف التالية: الوظيفة الإيديولوجية، ووظيفة التسمية، ووظيفة التعيين، و الوظيفة الأيقونية/ البصرية، و الوظيفة الموضوعاتية، والوظيفة التأثيرية ، والوظيفة الإيحائية، ووظيفة الاتساق والانسجام، والوظيفة التأويلية، والوظيفة الدلالية أو المدلولية، والوظيفة اللسانية والسيميائية...

العنوان في الرواية:
إن العنوان هو الذي يوجه قراءة الرواية، ويغتني بدوره بمعان جديدة بمقدار ما تتوضح دلالات الرواية. فهو المفتاح الذي به تحل ألغاز الأحداث وإيقاع نسقها الدرامي وتوترها السردي، علاوة على مدى أهميته في استخلاص البنية الدلالية للنص، وتحديد تيمات الخطاب القصصي، وإضاءة النصوص بها. إن العنوان كما كتب كلود دوشيه Claude Duchet"عنصر من النص الكلي الذي يستبقه ويستذكره في آن، بما أنه حاضر في البدء، وخلال السرد الذي يدشنه، يعمل كأداة وصل وتعديل للقراءة"(7). إن العنوان في الحقيقة "مرآة مصغرة لكل ذلك النسيج النصي"(8) واسم فارغ. وهذا يعني أنه علامة ضمن علامات أوسع هي التي تشكل قوام العمل الفني باعتباره نظاما ونسقا يقتضي أن يعالج معالجة منهجية أساسها أن دلالة أية علامة مرتبطة ارتباطا بنائيا لاتراكميا بدلالات أخرى. ومن ثم فإن العنوان قد يجسد المدخل النظري إلى العالم الذي يسميه، ولكنه لايخلقه إذ إن العلاقة بين الطرفين قد لاتكون مباشرة، كما هو الشأن في الآثار الفنية التي يحيل فيها العنوان على النص والنص على العنوان، كما في الأسطورة ومعظم حكايات ألف ليلة وليلة والرواية الموسومة بالواقعية، على نحو مباشر. وفي هذا الحال فإن العنوان يتحول من كونه علامة لسانية "أو مجموعة علامات لسانية تشير إلى المحتوى العام للنص... إلى كونه لعبة فنية وحوارية بين التحدد واللاتحدد، بين المرجعية المحددة وبين الدلالات المتعددة وذلك في حركة دائبة بين نصين متفاعلين في زمن القراءة"(9).

انطلاقا من كل هذا قد يكون بالإمكان تتبع عمل العنوان في النص والشروع في نمذجة تصنيفية Typologie للعناوين وفقا لعلاقاتها بالشرح الروائي بالذات عن طريق الاختزال إلى الحد الأقصى. فإما أن الرواية تعبر عن عنوانها "تشبعه وتفك رموزه وتمحوه، وإما أنها تعيد إدماجه في جماع النص وتبلبل السنن الدعائي عن طريق التشديد على الوظيفة الشعرية الكامنة للعنوان، محولة المعلومة والعلامة إلى قيمة والخبر إلى إيحاء"(10). إن العنوان الذي يلتصق به العمل الروائي قد يكون صورة كلية تحدد هوية الإبداع وتيمته العامة، وتجمع شذراته في بنية مقولاتية تعتمد الاستعارة أوالترميز. وهذه الصورة العنوانية قد تكون فضائية يتقاطع فيها المرجع مع المجاز، فمثلا عنوان رواية" زقاق المدق" عند نجيب محفوظ قد يعني" الحارة الضيقة من حارات القاهرة القديمة كما يعني سكانها من البشر خلال الحرب العالمية الثانية. لكن امتداد ظل هذا الزقاق كمكان وقيامه بدور المركز في الحركة القصصية وتحديد مصائر من يسكنه جعله يقوم بدور البطولة الفعلية في القصة، ويفرض نفسه على عنوانها ويبلور رؤية المؤلف لعالمه"(11).

ومن هنا فالعنوان عبارة عن صيغة مطلقة للرواية وكليتها الفنية والمجازية. إنه لايتم إلا بجمع الصور المشتتة وتجميعها من جديد في بؤرة لموضوعات عامة تصف العمل الأدبي، وتسمه بالتواتر والتكرار والتوارد. إذاً، فهو الكلية الدلالية أو الصورة الأساسية أو الصورة المتكاملة التي يستحضرها المتلقي أثناء التلذذ والتفاعل مع جمالية النص الروائي ومسافاته الاستيتيقية. فالصورة العنوانية قد تندرج ضمن علاقات بلاغية قائمة على المشابهة أو المجاورة أو الرؤيا، فيتجاوز العنوان مجازيا مع دلالات الفضاء النصي للغلاف وتنصهر الصورة العنوانية اللغوية في الصورة المكانية لونا ورمزا.
إن فهم الصورة العنوانية وتفسيرها وتذوق جمالها وصيغ أساليبها مرتبط بمعانيها" ضمن" خطاطة المجموع"، أي السياق الكلي للرواية"(12). . وتتجلى أهمية الصورة العنوانية عندما نكون أمام عناوين رمزية ذات الشحنة الاستعارية والمجازية في عناوين بعض الروايات كما عند أندريه جيد Andre Gide قوت الأرض والباب الضيق" والسيمفونية الريفية"(13).

وإذا أخذنا على سبيل التمثيل رواية الطاعون La Peste لألبير كامو A.Camus ، سنجد العنوان عبارة عن صورة رمزية معقدة، يتماهى فيها البعد المرجعي مع البعد الإيحائي. أي تختلط فيهخيوط التسمية العنوانية، وتتلاشى أضواء الحقيقة لتعوضها دلالات التضمين الرمزي. "فالعنوان نفسه رمزي، أو هو بدقة أكبر أليغوري. والطاعون حرفيا هو وباء أصاب مدينة وهران سنة 1944م، ولكنه في الوقت نفسه رمز للاحتلال النازي. وهو على مستوى أعلى شر ميتافيزيقي وخلقي في هذا الكون العبثي الذي نحيا فيه. وأكثر من ذلك تثير فكرة الطاعون نفسها على طول الرواية، العديد من الصور التي تنسج تارة دلالتها الأدبية، وتارة مظاهرها الرمزية."(14)

هذا وإذا تأملنا النصوص الروائية فغالبا مانجد على ظهر الغلاف سجل العنوان وتحته التعيين الجنسي (رواية) على شكل عنوان فرعي مكتوب بأحرف صغيرة، على عكس العنوان الأساسي الذي يكتب بأحرف بارزة كبيرة دلالة على أهميته، وبعده الأيقوني ومركزيته في تبئيردلالات الرواية. والعنوان الذي يحدد التعيين الجنسي (رواية) هو بيان إيضاحي يؤكد مدى احترام العمل الإبداعي لخصائص الجنس الروائي وسماته بطريقة جمالية وفنية. كما نجد عناوين الفصول التي تلخص مضامينها وتكثف أهم ماجرى فيها من أحداث ووقائع، وتسجل أسماء شخصياتها والأدوار التي قامت بها والصعوبات التي واجهتها في حياتها والمصير الذي آلت إليه في نهاية المطاف. ويتطلب العنوان من المؤلف وقتا واسعا من التأمل والتدبر لتوليده وتحويله ليصبح بنية دلالية وإشهارية عامة للنص الروائي، فكل عنوان يلصقه الكاتب على ظهر روايته أو يعلقه كالثريا في رأس الصفحة أو يموقعه في وسط كل فصل أو قسم "لاشك أن المؤلف أفرغ فيه جهدا وتطلب منه اختياره؛ لأن صياغة عنوان أي عمل إبداعي جزء من الكتابة الفنية نظرا لما للعنوان من أهمية على المستوى الإعلامي (الإشهار) أولا، على المستوى الفكري ثانيا، وعلى المستوى الجمالي ثالثا، ونظرا إلى كل هذه الاعتبارات فإن العنوان ذو أهمية خاصة بالنسبة للمؤلف والمتلقي على السواء؛ لأنه جماع النص وملخصه" .(15)

ويمكن اعتبار العنوان الروائي بنية عامة قابلة للتحليل والفهم والتفسير والتقويم أيضا من خلال عناصر النص الأساسية التي تتمثل في مشاهده ومتتالياته ووحداته الوظيفية ومراحل تكوين بنيته العامة، التي تتمثل كذلك في بنياته الأساسية، وخطاباته، ومنظوره الفني الذي يبدو في الشخوص، والأحداث، والفضاء الروائي، والراوي، ومنظور التعدد (الرواة ـ اللهجات ـ اللغات). ومن ثم فإن العنوان ذو موقع نصي استراتيجي" يشتغل بوصفة دليلاsigne ، به تمتاز الرواية عن غيرها. ومنه يعلن نواياه ومقاصده. وعبره يشي النص بمحتواه دون أن يفصح عنه بكيفية كلية. واعتمادا على هذا التحديد تنهض علاقة العنوان بالرواية على أساس التضمن المتبادل. وفي مدار العلاقة هذه، تتبدى الرواية جوابا... عن الأسئلة الطافحة في جملة العنوان. ويستعلن من هذا أمران: يقول أولهما: إن الرواية تنهض بوظيفة المرجع ، فالعنوان نص بدئي يمانع عن الفهم إذا لم يرد إلى القصة التي تفصل ما أجمله وتبسط مااختصره وتطلق ما احتجزه، أما الأمر الثاني فيلهج بالاشتغال الكنائي للعنوان؛ إذ إن الأخير جزء من كل. ويسمح التحدث به باستحضار هذا الكل. وبهذا المعنى يفترض في العنوان الاشتمال على عناصر الخطاب المكنى عنه، وتشغيلها بما يضمن عدم إرباك العلائق الوظيفية بين المكنى والمكنى عنه"(16).

وليست العناوين الروائية دائما تعبر عن مضامين نصوصها بطريقة مباشرة أي تعكسها بكل جلاء وبوضوح ، بل نجد بعض العناوين غامضة ومبهمة ورمزية بتجريدها الانزياحي، مما يطرح صعوبة في إيجاد صلات دلالية بين العنوان والنص.. ولكن على القارئ أن يبحث عن العلاقة بين العنوان والنص وأن يبحث عن المرامي والمقاصد والعلاقات الرمزية والإيحائية. فكثير من المبدعين كتبوا نصوصا بعناوين غامضة وبعيدة عن مضامينها مثل: رولان بارت في (S/Z) وسارتر في (Les Mots). وهكذا فإذا كان كل عنوان يحاول أن يلم "شتات النص المعبر عنه ويلخص كل ماورد فيه من وقائع وأحداث وما تفاعل فيه من شخوص وأبطال في نطاق الزمان والمكان: أي داخل فضاء معين أو فضاءات مختلفة؛ فإن المؤلفين لايفلحون دائما في اختيار العناوين المعبرة عن محتويات كتبهم أو الدالة على كل ما أرادوا قوله فيها، أو دالا على ما يراه المؤلف أساسيا، أو ذا قيمة خاصة بالنسبة إليه. وهذا مايؤكد أن كل كتاب أو كل نص أدبي قابل لأن يحمل عنوانا مغايرا أو تسمية أخرى غير تلك التي اختارها المؤلف"(17). ومن هنا نؤكد أن ثمة عناوين مخادعة ومضللة للقراء، لاتعبر عن محتويات أعمالها ولا تصور لهم الدلالة الحقيقية التي ينطلق بها النص، مثل رواية محمد برادة: لعبة النسيان(18) ، أو روايته الثانية: الضوء الهارب(19) ، حيث يصير العنوان عبارة عن مجرد تسمية من "تسميات كثيرة ممكنة. وهي على الرغم من اختيار المؤلف ليست ملزمة للقارئ الذي من حقه أن يقترح للكتاب المقروء عنوانا بديلا أو تسمية جديدة، قد تكون أكثر ملاءمة وأصدق تعبيرا عما يرغب المؤلف في إبلاغه إلى المتلقي، أو عما يتوصل إليه القارئ نفسه من خلال قراءته"(20)

منهجية مقاربة العنوان:
عند دراسة العنوان لابد من تأطيره ضمن النص الموازي أو العتبات، أو هوامش النص كما يعبر هنري متران. وهذه العتبات عبارة عن ملحقات تحيط بالنص من الناحية الداخلية أو من الناحية الخارجية. وهي تنسج خطابا ميتاروائيا عن النص الإبداعي، وترسل حديثا عن المجتمع والعالم. ومهما تبدت مستقلة أو محايدة، فإنها شديدة الارتباط بالنص الروائي الذي تقف في بوابته ومداخله.

وترتكز مقاربتنا لعناوين النصوص الروائية على منهجية مبنية على أربع خطوات أساسية نجملها في:
1. البنية
2. الدلالة
3. الوظيفة
4. القراءة السياقية: الداخلية والخارجية.
ولقد اخترنا هذه المنهجية لأن العنوان يعكس لنا النص في تضاريسه السطحية والعميقة. ومن ثم فالعنوان هو النص، والعلاقة بينهما علاقة تفاعلية وجدلية، وهو كذلك بؤرة النص وتيمته الكبرى التي يتمحور حولها. وما النص إلا تكملة للعنوان وتمطيط له عبر التوسع فيه وتقليبه في صيغ مختلفة. يشكل العنوان ـ إذاً ـ خطابا أو نصا مستقلا في حد ذاته. فهو نواة معنوية أساسية. وكل ماتلاه من ملفوظ فهو عبارة عن شرح وتوضيح له. وهكذا فالعنوان الذي يوجد في أعلى الصفحة هو أساس كل خطاب روائي، عليه يبنى النص أو المشهد أو الفصل أو القسم أو المقطع الروائي عبر التحوير والشرح والتمطيط والإسهاب في المعنى وتفصيله حتى يمكن لنا القول: إن الرواية تتلخص غالبا في العنوان؛ لأنه المركز وماعداه محيط. أما العلاقة بينهما فهي علاقة جدلية تتمثل في تفاعل النص مع العنوان عبر الانسجام والتغريض الدلالي أوتخييب أفق انتظار القارئ.

وفي كل هذا ننطلق من العنوان إلى النص، ومن النص إلى العنوان عبر مراعاة السياقين: الداخلي والخارجي، ومن خلال القراءة المباشرة وغير المباشرة مراعين مبدأ التأويل المحلي ومقاصد النص ونوايا المبدع. وإذا كنا نؤكد مدى نسبية هذه المقاربة العنوانية، فإن هناك من يحاول أن يصفها بالعلمية اعتمادا على معطيات اللسانيات والسيميائيات. فقد اصطلح على الاهتمام بالعنوان والاشتغال عليه"Titrologie" (علم العنونة) أو ( علم العناوين)... ومن ثم، صار العنوان موضوعا لعدة مقاربات سوسيولوجية وسيكولوجية ولسانية وسيميائية ونقدية بحسب اختلاف الرؤى الإيديولوجية والمنظورات الذاتية والموضوعية. ويمكن تقسيم العنوان منهجيا إلى العنوان الخارجي ( العنوان الغلافي أو المركزي)، والعنوان الأساسي الداخلي ( العنوان الرئيس)، والعنوان الفرعي، والعنوان الفهرسي، بينما يقسمه جيرار جنيت إلى العنوان الأساس والعنوان الفرعي والتعيين الجنسي. كما يحدد للعنونة أربع وظائف أساسية وهي: الإغراء والإيحاء والوصف والتعيين(21). وعليه، فعند مقاربة الرواية وعوالمها التخييلية لابد من استحضار عتبات النص الموازي بصفة عامة، وهوامش الخطاب الغلافي من واجهتيه: الأمامية والخلفية بصفة خاصة.

تحقيب الرواية العربية عنوانيا:
سنحاول في هذه الدراسة المتواضعة تحقيب الرواية العربية وتحديد محطاتها على ضوء المقاربة العنوانية لفهم مكوناتها ومشخصاتها الفنية قصد تحليلها وتفسيرها. ولقد صدق الباحث المغربي شعيب حليفي حينما قال بأن: "دراسة عناوين الرواية العربية كخطاب هي دراسة تبسط مشهدا كاملا يغري بالمتابعة، ويدعو إلى استفتاء خصوصياته ومكوناته، ثم وظيفته الوصول إلى نتائج تدعو إلى تحليل صارم للعنوان باعتباره جزءا من المشهد الروائي المتميز في الراهن الثقافي".(22) وكم كانت رغبتي ملحة وعارمة للاستجابة للنداء الذي أطلقه أحد الباحثين المغاربة حينما قال: "إن تحليل" الضوء الهارب [ للروائي المغربي محمد برادة] كعنوان يفرض علينا وضعه مع مجموعة من العناوين الأخرى للرواية المغربية أي نقوم بدراسة نسقية لهذه العناوين وذلك على الشكل التالي:
- جرد العناوين الروائية المغربية. - تصنيفها بحسب صياغتها وتحديد أنواعها والصيغ الغالبة والصيغ الغائبة. - استخلاص العناوين الحداثية منها. - تحديد مميزات العناوين الحداثية...."(23).

وعليه فلا يمكن أن نضع تيبولوجية (صنافة) لعناوين المتن الروائي المغربي قبل أن نضع تصنيفا عنوانيا للرواية العربية بصفة عامة، نضع فيها عناوين الرواية المغربية قصد فهمها وتفسيرها: مناصيا ودلاليا وإيديولوجيا. ومن ثم نحدد أنماط العنونة من خلال بناها الدلالية والشكلية. وهذا ماقام به الباحث المغربي شعيب حليفي في مقاله القيم ( النص الموازي للروا ية ـ استراتيجية العنوان). وإذا تأملنا النصوص السردية والروائية، سنلاحظ قطيعة وتجاوزا على مستوى تطور البنية العنوانية خلال المراحل التالية التي قطعتها الرواية العربية عبر عمرها الطويل:

مرحلة الحكي العربي القديم:
تعتبر الأشكال السردية الحكائية القديمة أنماطا روائية تراثية ( ألف ليلة وليلة مثلا) بمقياسنا العربي الأصيل، لابمفاهيم الرواية الأوربية الحديثة( رواية القرن التاسع عشر) التي أوقعتنا في التقليد والانبهار والتلفيقية والتجريب رغبة في العولمة والحداثة؛ وإن كان ذلك على حساب الأصالة والتراث والذات والهوية والفهم الحقيقي للشخصية العربية والتواصل الحضاري وربط الماضي بالحاضر. فهذه الأمور هي الكفيلة بتحقيق قفزة حضارية: قوامها التوازن بين الماديات والأخلاقيات الإسلامية.

مرحلة الجهود الروائية الأولى:
وهذه المرحلة امتداد للمرحلة التراثية الأولى، كما نجد ذلك في أعمال كل من حافظ إبراهيم (ليالي سطيح) والمويلحي (حديث عيسى بن هشام)، ورفاعة الطهطاوي (تخليص الإبريز في تلخيص باريز)، ومحمد بن المؤقت المراكشي(1894-1949) في (الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية). وكانت هذه الجهود امتدادا لألف ليلة وليلة وسيرة عنترة وسيف بن ذي يزن ومقامات بديع الزمان الهمذاني أو الحريري وكتاب ابن المقفع (كليلة ودمنة) وابن بطوطة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، والشريف الإدريسي( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق). وهي تؤكد التواصل الحضاري والفني وربط الماضي بالحاضر. لكن صدمة النهضة والانبهار بالحضارة الغربية والتهافت على الجديد الأدبي- لا التكنولوجي- وتقليد رجل الغرب في طقوسه وشكلياته وعاداته- لا في عقليته الاجتهادية وإبداعه العلمي- سبب القطيعة الفكرية والانفصام الحضاري وانفصال الحاضر عن الماضي على مستوى التخييل الحكائي والإبداع السردي.

مرحلة التجنيس الفني للرواية العربية:
مع بداية القرن العشرين سارت الرواية العربية على نهج الرواية الأوربية في تمثل قواعدها الفنية والتجنيسية. ومن ثم عرفت روايتنا العربية جميع التيارات الغربية من كلاسيكية ورومانسية وواقعية الخ... وذكرتنا بروايات فلوبير وإميل زولا وبلزاك وستندال وتولوستوي ودويستفسكي. ولما حاز نجيب محفوظ جائزة نوبل قال أحد القراء الغربيين: لقد عاد إلينا بلزاك مرة أخرى. وهذا يترجم موقف المشارقة القديم من الأندلسيين:"هذه بضاعتنا ردت إلينا". يلاحظ- إذاً- على هذه المرحلة تقليد الرواية العربية للرواية الغربية في مضامينها وأشكالها الفنية وتياراتها الأدبية، مما أوقع الرواية العربية في شرك الاحتذاء الأعمى، والتجريب والاستهلاك، والانقطاع عن التراث الروائي بدلا من محاولة تطويره امتدادا وتواصلا وإبداعا: شكلا ومضمونا ورؤية.

مرحلة الرواية العربية الجديدة:
وقد سعى أصحابها إما إلى التحديث الروائي على غرار الرواية الفرنسية الجديدة le nouveau roman التي من أقطابها كلود سيمون وآلان روب ?رييه وريكاردو وميشيل بوتور ومار?ريت دورا... والنهج على طرائق رواية مابعد الحداثة nouveau roman modern التي كان يمثلها كل من فيليب سولرز وجوليا كريستيفا بعد تطور النقد الحديث وظهور جماعة تيل كيل Tel Quel ومابعد البنيوية، وإما التأصيل والبحث عن شكل روائي عربي. إلا أنهم عادوا إلى التراث قصد استلهامه معارضة وحوارا وامتصاصا وإعادة بنائه في أشكال تخييلية تناصية مثلما كان يفعل إميل حبيبي والطيب صالح وواسيني الأعرج وجمال الغيطاني وبنسالم حميش ومؤنس الرزاز في روايته(متاهة الأعراب في ناطحات السراب)(24)، وروائيون آخرون. هذا وإذا عدنا إلى النصوص السردية العربية القديمة سنجد العناوين تنقسم إلى قسمين:
1. نوع يركز على الزمن مثل: ألف ليلة وليلة؛
2. نوع ثان يركز على الأسماء البطولية: عنترة وسيف بن ذي يزن وبنو هلال...وحمزة البهلوان.....
وكان العنوان قديما يتميز بعدة خاصيات ضابطة له منها: خاصية السجع والطول والتوازي الإيقاعي والطابع الفانطاستيكي وتفريع العنوان الأساسي. وإذا انتقلنا إلى مرحلة الجهود الروائية الأولى، سنجد هيمنة العنونة التراثية رغبة في ربط الحاضر بالماضي الحضاري لاسيما في مرحلة القرن التاسع عشر، بل حتى حدود الأربعينيات من هذا القرن (روايات محمد بن الموقت المراكشي)، فقد جاءت العناوين الملصقة بالروايات على النمط الحكائي التقليدي. وليس هذا الاحتذاء تقليدا أو اجترارا لقوالب التراث العربي القديم ـ كما يعتقد شعيب حليفي(25) ـ بل رغبة في استكمال مسيرة تطور الرواية العربية نموا وامتدادا وتواصلا. لذا اعتمدت الطول في الكتابة الجملية والتسجيع في إثارة القارئ وتشويقه إيقاعيا علاوة على ظاهرة التناص التي تتحكم في هذه العناوين محاكاة للسرد العربي القديم. ويلاحظ مع مرحلة الانفتاح على الغرب وتجنيس الفن الروائي العربي اعتمادا على المعايير الفنية للرواية الغربية أن الرواية الحديثة في العالم العربي منذ ظهور زينب لمحمد حسين هيكل (1912) أو الأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران اعتمدت نمطيا العنونة الكلاسيكية أوالتقليدية التي كانت مرآة تشخيصية للذات أو الواقع أو المرجع التاريخي.

لذا كانت الهيمنة لأنماط عنوانية ثلاثة:

ونسجل إلى جانب هذه الأنماط العنوانية طغيان ظاهرة الأسماء العلمية ( أنثوية كانت أم ذكورية) على المنتوج الروائي الذي ظهر ما بين 1914 و1960، وشكل ما يسمى بالرواية الفنية الحديثة مثل رواية زينب لمحمد حسين هيكل، وثريا لعيسى عبيد1922 ورجب أفندي لمحمود تيمور 1928 وأديب لطه حسين 1935 وحواء بلا آدم لطاهر لاشين1934 وسارة للعقاد 1938. ونكتفي بهذه النماذج لنقول بأن "السمة الغالبة في هذه المرحلة للعناوين هي سيادة الأسماء بالدرجة الأولى. وذلك راجع إلى سيادة البطولة المطلقة وروح الفردية وهو مايشير إلى بداية الرواية الأوربية كما تحدث عنها كوزينوف ومارت روبير وحملها لأسماء أبطالها (دونكيشوت، تيل، كروز...). فهذا النوع من العناوين التي سادت في مرحلة كاملة كان من أجل إعادة الاعتبار للفرد بالإضافة للمكان الذي حفلت به عناوين أخرى (عند البستاني والطهطاوي وفرح أنطون وتوفيق الحكيم). فقد ساد الإحساس بالغربة عن الذات والمكان، وهو يؤكد أن احتشاد الانكسار الفادح الذي كان يتخفى تحت إهاب الكلمات عكسته العناوين، فجاءت على وتيرة واحدة لتخلق مستويات متعددة المعاني تفيض بآلام الذات العربية التي اختارت هذا المجال كوسيلة للتعبير عن الأسى والرعب الذي استجمع قواه لرؤية انهيار العديد من القيم في حين أن العنوان في الخطاب الروائي الحديث يشكل إستراتيجية خاصة لها خصوصيات ومكونات تدخل في إطار التجريب انطلاقا من استفادتها من الركام الكلاسيكي من جهة، ثم الوعي بأهمية العنوان وتغيراته من جهة ثانية."(26)

وهكذا فلم تقتصر الرواية العربية الحديثة في بنيتها العنوانية على الصورة اللغوية والبنية الحرفية التقريرية المباشرة، بل تجاوزتها إلى الصورة البصرية على غرار العناوين السينمائية ذات الوظائف الإيحائية والسيميولوجية. فالسينما الحديثة حرصت على" اختيار عناوينها من كلمة أو كلمتين أو من حرف. أما السينما التي اعتمدت الروايات البوليسية وأعمال الخيال العلمي فإن مكوناتها ظلت كما هي تحتفظ بالعنوان الحدثي المؤسس لبؤرة الرواية قصد تزكية العنوان البصري (الصورة). كما أن سينما الخيال العلمي ظلت تنحو منحى تتخذ فيه الزمان والمكان مكونين للعنوان قصد الإيحاء الوظيفي وأداء مهمة تحيل على المستقبل. نستنتج ـ إذاً ـ أن العنوان الفني يتميز بخصائص محددة تميل نحو ماهو بلاغي في محاولة التقاط جوهر الشيء، وليس الشيء في ذاته: عناوين سريالية تميل نحو ماهو استعاري وتؤدي وظائف متعددة ومتراكبة في آن."(27) وتمتاز العناوين في الرواية الكلاسيكية أو الفنية الحديثة بخاصية الانسجام على مستوى مظاهر القصة (الأحداث- الشخصيات- الفضاء)، والخطاب (الرؤية- الصيغة- الزمن).

غير أن العناوين في الرواية العربية الجديدة التي ظهرت مع الستينيات من القرن الماضي تبتعد عن العناوين الكلاسيكية على المستويات التالية: البنية والدلالة والوظيفة رغبة في التجريب والعصرنة والعولمة والتأصيل. لذا فالعنونة الحداثية في الرواية الجديدة قد اتخذت مسلكين عنوانيين:,لاق.

إن العنونة الحداثية التي ظهرت مع الرواية الجديدة منذ ستينيات القرن الماضي، وقبل ذلك بقليل( كتب المسعدي في منتصف الخمسينيات بتونس رواية تراثية عنوانه: حدثني أبو هريرة قال) ستبتعد عن العناوين التقليدية المباشرة، وتؤسس لنفسها إيهاما يوحي بالغواية والتأويل المغاير، علاوة على شاعرية تنفلت من الجملة ومدى اتساعها الدلالي. (28) سيتجاوز العنوان الحداثي - تجريبا وتأصيلا- بنية الجملة العنوانية إلى بنية النص، خاصة عندما يستصحب العنوان الرئيس العنوان الفرعي مثل رواية مجيد طوبيا ( تغريبة بني حتحوت إلى بلاد الشمال، حيث الملاحم العظيمة والحوادث الجسيمة وخوض الأهوال وانقلاب الأحوال وتسلط الفأر على القط وركوع الأسد للقرد)(29). وسنلاحظ كذلك تجاوزا للصورة اللغوية وإرفاقها- على غرار السينما- بالصورة البصرية التجريدية ذات الوظائف السيميولوجية.

وتتحكم الصورة- الرؤيا( الرمز- الأسطورة- الفانطاستيك- المفارقة) في معظم عناوين الرواية الجديدة، إذ أصبحت لهذه البنية العنوانية وظائف أخرى جديدة، تتطلب قارئا ذكيا يوظف الذهن أكثر من الوجدان، ملما بتقنيات الرواية الحديثة وطرائق الكتابة التراثية ومنفتحا على الرواية العالمية ومناهج النقد الحديث وطرائق الكتابة التراثية ومنفتحا على الرواية العالمية ومناهج النقد الحديث كالشعرية والبنيوية والسيميوطيقا ونظريات التأويل والتفكيك.

نقول بكل اختصار: لقد عمدت عناوين الرواية الجديدة إلى التجريب قصد تحقيق الحداثة والعالمية، والتأصيل قصد التواصل مع التراث والانفتاح عليه وتطعيمه بمفاهيم جديدة وتصورات معاصرة بعد القطيعة التي شهدتها الرواية العربية إبان انفتاحها على الغرب لاستيراد أشكال روائية وتقنيات حديثة تقليدا وانبهارا واقتباسا وتمصيرا. وكل هذا عن الرواية العربية بمحطاتها الكلاسيكية والتجديدية،فماذا عن الرواية المغربية؟

ثانيا: تصنيف الرواية المغربية عنوانيا:

يمكن تصنيف الرواية المغربية عنوانيا على الشكل التالي:

العنونة التراثية في الأشكال الروائية الأولى (1930-1956):
ومن النماذج التمثيلية لهذه العنونة التراثية التي تستوحي بنيتها السردية من الرحلة والمقامة والمناقب( الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية لمحمد بن الموقت(1960)، وطه لحمد الحسن السكوري(1941)، والزاوية للتهامي الوزاني(1992).

العنونة الكلاسيكية في الرواية الفنية المغربية الحديثة (1956- 1970): وتنقسم هذه العنونة إلى:
1. العنونة التاريخية: رواية وزير غرناطة لعبد الهادي بوطالب والمعركة الكبرى لحمد أشماعو...
2. العنونة الرومانسية: كما في ضحايا حب لمحمد بن التهامي والمرأة والوردة لمحمد زفزاف...
3. العنونة الواقعية: كرواية دفنا الماضي لعبد الكريم غلاب....

العنونة الحداثية في الرواية المغربية الجديدة (1971- إلى يومنا هذا):
وتمثل هذه العنونة مجموعة من النصوص الروائية ذات السمات والخصائص التالية:

ويلاحظ على هذه العنونة الحداثية أنها تجمع بين تجريب تقنيات الرواية الغربية وتأصيل الرواية المغربية عن طريق الاستفادة من التراث واستلهام قوالبه معارضة ومحاورة وتعلقا كما عند بنسالم حميش ومبارك ربيع وشغموم الميلودي ومحمد الهرادي ومحمد الشركي...

ثالثا :مقاربة العنوان الخارجي في الرواية العربية:

مفهوم العنوان الخارجي:
يعتبر العنوان الخارجي الذي يوجد وسط الغلاف الأمامي من أهم عناصر النص الموازي وملحقاته الأساسية. فهو أول عنصر يواجه القارئ أثناء تفاعله مع النص الروائي. ليس العنوان يافطة إشهارية إغرائية تستهدف دغدغة عواطف المتلقي أو المتقبل المستهلك فحسب، "بل هو استدعاء القارئ إلى نار النص، وإذابة عناقيد المعنى بين يديه. إن له طاقة توجيهية هائلة؛ فهو يجسد سلطة النص وواجهته الإعلامية التي تمارس على القارئ إكراها أدبيا، ويمثل أيضا الجزء الدال على النص والرامي إلى إخضاع المرسل". ويقوم العنوان الخارجي بتقديم العمل الإبداعي والتعريف به وتوسيمه دلالة وبناء وتصورا. إنه بمثابة بطاقة ضيافة "carte visite" للنص مثلا، إنه يمنح القارئ مجموعة من الإشارات الضوئية حول مضمون هذا العمل. أي إنه يصف العمل الأدبي ويعكسه كليا أوجزئيا. أو قد لا يعكسه بطريقة مباشرة إذا كان العنوان يحمل أبعادا رمزية وشحنات انزياحية ثرية. وهكذا، فالعنونة الخارجية طقس من طقوس التسمية (إعطاء اسم للكتاب). وقد يتردد الكاتب كثيرا في اختيار اسم من الأسماء الكثيرة التي تنثال عليه أثناء تثبيت العنوان الخارجي. ينتقي منها في آخر المطاف ما هو ملائم ودال. ويصوغه بدقة وإحكام؛ لأنه هو أول ما سيقرع السمع ويجذب النظر، ولأنه سينزل من الكتاب منزلة الوجه والغرة، وسيضطلع بمهام حاسمة إما تجعل الجمهور لا يفتتن به أو يتطير منه. وعليه سيكون العنوان مختارا بدقة وكلاما معسولا يثير شهية الجمهور ويدغدغ مشاعره الداخلية ويحرضه على الإقبال على الكتاب واقتنائه، كما يعتبر بمثابة نواة إخبارية تعطي نظرة إجمالية عن محتويات النص وتبيان أن كل القضايا المعالجة متناسلة منها. وينبه جيرار جنيت G. Genette دارسي الأدب ومحللي النصوص إلى "العلاقة الدالة التي تربط العنوان بالنص ... [لأن] العنوان كما هو معروف هو اسم الكتاب، ومن حيث هو كذلك، فهو يستخدم لتسميته أي لتعيينه بأكبر قدر ممكن من الدقة مع تفادي أي خطر في الخلط. ولذا من الضروري معرفة تبريرات استخدامه".

آليات مقاربة العنوان الخارجي:

يتخذ العنوان أهمية كبرى عندما نربطه بالنص، فيوحي بدلالات تفسيرية وتعليلية مادامت هناك علاقة جدلية بينهما، لأنه نص صغير(Micro- texte) واصف لنص كبير(Macro- texte)، أوهو نص مواز له (Paratexte) يحكي عنه بدلالة وإيحاء. إن العنوان كما هو معلوم جزء لا يتجزأ من النص حيث به يكتمل العمل الأدبي كما يرى ذلك ميشيل بوتور. فكل عمل أدبي يتشكل- حسب منظوره- من نصين مشتركين: الجسد (البحث ـ رواية ـ عمل درامي ـ قطعة شعرية) وعنوانه. فهما قطبان أساسيان يمر بينهما تيار كهربائي من المعاني، غير أن أحدهما موجز وقصير والآخر طويل. إن العنوان ـ في الحقيقة ـ بنية عميقة، هو الذي يولد النص باعتباره خطابا سطحيا عبر مجموعة من عمليات التحويل كالتوسيع، والزيادة، والإضافة، والاستبدال، والحذف، وتغيير الترتيب، وتمطيط الفكرة وقلبها إيجازا أو حذفا.

ويفصح العنوان منذ البداية عن نص (الرواية) ويتشكل، من ثم، كمحرك يوجده، وينظم عملية القراءة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تتحد عناصره الدلالية لتظهر كمحور أساسي التحمت حوله كل دلالات النص. وقد أشار جان ريكاردو إلى هذه العمليات الناتجة عن البنيتين: السطحية والعميقة للعنونة في تفاعلها مع النص الروائي بقوله:" توضيح النص هو تفكيك لعنوانه ...، فالعنوان يخفي النص ويكثفه عبر الاختصار أو الحذف.". ومن المعلوم أن الخطاب الروائي المعاصر أو الحداثي لا يقدم نفسه للمحلل الأدبي أو الناقد أو المتلقي" على طبق من ذهب ليبتلعه بكل سهولة؛ وإنما عليه أن يتسلح بعتاد هجومي ودفاعي للاقتراب من مأدبته. وهذه الرغبة في الاقتراب تجعلنا نسلك إستراتيجية مضبوطة وحيلا تكتيكية نظرية ومفاهيم إجرائية تطبيقية. وأول الحيل التكتيكية هي الظفر بمغزى العنوان، والمفهوم المحلي الذي نستخدمه لهذا الغرض هو من القاعدة إلى القمة ومن القمة إلى القاعدة. ومعنى هذا أنه يجب فهم معاني الكلمات المعجمية وبنية الجملة ومعناها المركب من القاعدة إلى القمة والعكس صحيح أيضا. وعلى أساس هذه الجملة نتوقع ما يحتمل أن يتلوها من جمل أي من القمة إلى القاعدة". ولتشريح العنوان تفكيكا وتركيبا أو فهما وتفسيرا لابد من مقاربة العنوان باعتباره بنية صوتية وصرفية وتركيبية ودلالية، ودراسته على مستوى التركيب النحوي والبلاغي، والانتقال بعد ذلك إلى المستوى التداولي والمرجعي، مع مراعاة مجموعة من القواعد والشروط لضمان قراءة حسنة للعنوان والنص معا. وأهم هذه القواعد التي لابد من التقيد بها أثناء التفاعل مع النص الروائي قراءة وتأويلا نجد:
أ- مراعاة الانسجام القولي المتمثل في مبدإ المشابهة المستقى من تجارب المحلل اللغوية السابقة؛
ب- مراعاة الانسجام المعرفي المستمد من تجاربه الحياتية وتقاليده ( المعرفة الخلفية)؛
ت- مراعاة مبدإ التأويل المحلي. أي يجب على المحلل ألا ينساق مع تداعياته المعرفية؛ ولكن عليه أن يراعي ما يسمى مبدأ التأويل المحلي الذي يعير الانتباه إلى السياق المحيط باللفظ أو بالجملة، ووحدته والمحاذاة الزمانية والمكانية والعلاقات المعجمية وتفضيل المعنى الأقرب على الأبعد، ومقصدية المبدع؛
ث- مراعاة المجاورة الزمانية والمكانية.

كما يمكن مقاربة العنوان الخارجي من خلال المرتكزات التالية:
أولا- البنية.
ثانيا- الدلالة.
ثالثا. الوظيفة.
رابعا. القراءة السياقية: من العنوان إلى النص، ومن النص إلى العنوان.(30)

وظائف العنوان الخارجي:
من أهم وظائف العنوان أنه هو الذي يحقق للنص اتساقه وانسجامه على المستوى البنيوي والدلالي والوظيفي. وهو يمدنا بزاد ثمين لتفكيك النص ودراسته. وهو يقدم لنا كما يقول محمد مفتاح:" معرفة لضبط انسجام النص وفهم ما غمض منه، إذ هو المحور الذي يتوالد ويتنامى ويعيد إنتاج نفسه، وهو الذي يحدد هوية (الرواية) فهو إن صحت المشابهة- بمثابة الرأس للجسد، والأساس الذي تبنى عليه،غير أنه إما أن يكون طويلا فيساعد على توقع المضمون الذي يتلوه، وإما أن يكون قصيرا. وحينئذ فإنه لابد من قرائن فوق لغوية توحي بما يتبعه." ولا ننسى أن العنوان هو الذي يحدد المقصدية المتوخاة من الرواية، فقد يستجيب العنوان لأفق انتظار القارئ أثناء مراعاة معرفته الخلفية، وقد يخيب تطلعاته القرائية والتقبلية عن طريق المفارقة والانزياح. ويمكن بناء على هذا أن نحدد للعنونة الخارجية مجموعة من الوظائف ، يمكن حصرها في الوظائف التالية: الوظيفة الإيديولوجية، ووظيفة التسمية، ووظيفة التعيين، والوظيفة الأيقونية /البصرية، والوظيفة الموضوعاتية، والوظيفة التأثيرية، والوظيفة الإيحائية، ووظيفة الاتساق والانسجام، والوظيفة التأويلية، والوظيفة الدلالية أوالمدلولية، والوظيفة الإشهارية/الإغرائية، والوظيفة اللسانية، والوظيفة السيميائية.

العنوان الخارجي في الرواية العربية:
إذا تأملنا العنوان الخارجي لنص روائي ما، سنجده إما عنوانا مجردا يحيل على قيم مجردة كالحب و السعادة والفضيلة...(دمي ودموعي وابتساماتي لإحسان عبد القدوس، الحب وحده لا يكفي لأحمد فريد محمود... )، وإما على التفضية المكانية والزمانية كما نجد ذلك في الروايات الواقعية (زقاق المدق لنجيب محفوظ، دفنا الماضي لعبد الكريم غلاب، أطياف الظهيرة لبهوش ياسين...). وقد يكون العنوان مؤشرا على التوثيق التاريخي (رادوبيس لنجيب محفوظ، ووزير غرناطة لعبد الهادي بوطالب،...)، وهذه الأنماط العنوانية تهيمن كثيرا على الروايات العربية الكلاسيكية. هذا، ولقد اتكأت الرواية العربية في بداية انطلاقتها الفنية والتجنيسية منذ بداية القرن العشرين على استعمال العنوان الشخوصي المحدد من خلال توظيف أسماء علمية بطولية (سارة للعقاد، زينب لمحمد حسين هيكل،...)، أو غير المحدد (أديب لطه حسين، الفلاح لعبد الرحمن الشرقاوي...). لكن العنوان الخارجي في الرواية الجديدة، سيتخذ عدة أشكال كالعنوان الرمزي (المباءة لعز الدين التازي، جنوب الروح لمحمد الأشعري، والسيل لأحمد توفيق، البرزخ لعمر والقاضي...)، والعنوان الفانطاستيكي (أحلام بقرة لمحمد الهرادي، وسماسرة السراب بنسالم حميش، والجرذان ليحي بزغود...)، وعنوان التخييل التاريخي (مجنون الحكم ، والعلامة، ومحن الفتى زين شامة لبنسالم حميش، والزيني بركات لجمال الغيطاني، وجارات أبي موسى لأحمد توفيق...)، والعنوان الأسطوري (بدر زمانه لمبارك ربيع، والزويل لجمال الغيطاني....)، والعنوان الاستعاري (الضوء الهارب لمحمد برادة، و رحيل البحر لمحمد عزالين التازي، وحجر الضحك لهدى بركات...)، وعنوان المفارقة الساخرة (برطابوراس ياناس لبنسالم حميش، أبو العلاء يكتب من الآخرة لنادية عبد المجيد) والعنوان الشاعري (سوانح الصمت والسراب لجلول قاسمي...)

ويبدو من خلال استقرائنا للعنوان في المتن الروائي العربي، أنه يحيل على المكونات التي تنبني عليها الرواية على مستوى التشكيل والكتابة والمقصدية. إذ يحدد العنوان الخارجي:
* جنس النص ونوعه:( أوراق لعبد الله العروي، سيرة للعته والجنون لجلول قاسمي، أخبار عزبة المنيسي ليوسف القعيد، نهاية حكاية لحسن رشاد، رسالة الوداع لرزق عبد الحكيم عامر...)،
* الفضاء السردي:( ليالي ألف ليلة لنجيب محفوظ- الكرنك لنجيب محفوظ...)؛
* تيمة النص:( الخوف لعبد الفتاح الجمل،الضياع لفتحي الرملي، الندم لفتحي فضل، الحب لمحمد جلال..).
* شخصية النص أوالبطل الرئيس:( زينب لمحمد حسين هيكل- سارة للعقاد، أديب لطه حسين...).
* الحدث البارز في النص:( الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي للطاهر وطار، عائد إلى حيفا لغسان كنفاني....)؛
* المكون الحالي أو الوصفي :(ضحكة زرقاء لمحمد عزالدين التازي، الحوت الأعمى لميلودي حمدوشي وعبد الإله الحمدوشي...)؛
* المكون الشيئي:(طوق السراب ليحي بزغود، قنديل أم هاشم ليحيى حقي، الطوق والأسورة ليحيى الطاهر عبد الله...)

وعلى مستوى التركيب ،نلاحظ هيمنة الجملة الاسمية على العنوان الخارجي (نهاية حكاية لحسن رشاد، بداية ونهاية لنجيب محفوظ) بالنظر إلى الجملة الفعلية (اختفى الشيطان لدرية رستم، اشرب من ذات الكأس يا هذا! لمحمود فوزي الوكيل...). كما تطغى الجملة البسيطة على العنونة الخارجية (الأقنعة، الاعتراف، خفايا الصدور لحسن رشاد...) بالمقارنة مع الجملة المركبة (الرجل الذي باع رأسه ليوسف عزالدين عيسى...). وبلاغيا، تهيمن الجمل الخبرية على العنوان (العمر لحظة ليوسف السباعي، الإغراء الأخير لنعيم عطية....) بالقياس مع الجمل الإنشائية (كفاني يا قلب لموسى صبري، لو أنصف الدهر! لممدوح مصطفى عبد الرازق، اشرب من ذات الكأس ياهذا! لمحمود فوزي الوكيل...)، كما تأتي العناوين الخارجية إخبارية ومرسلة وتقريرية (الأيام لطه حسين، سارة للعقاد، الحب لمحمد جلال...)، و تأتي أيضا في صيغ بلاغية قائمة على المشابهة والمجاورة و الصورة- الرؤيا (حجر الضحك لهدى بركات، رحيل البحر لمحمد عزالدين التازي، البرزخ لعمر والقاضي،أبو العلاء يكتب من الآخرة لنادية عبد المجيد....).

وقد ينبني العنوان الخارجي على الاختلاف الصوتي (المشي على الصراط ليحي الرخاوي، دفنا الماضي لعبد الكريم غلاب، بداية ونهاية لنجيب محفوظ...)، أوالتوازي الإيقاعي والائتلاف الصوتي (متاهة الأعراب في ناطحات السحاب لمؤنس الرزاز...).

تلكم نظرة موجزة ومقتضبة عن العنوان وعلاقته بالنص الموازي والعمل الإبداعي وسماته البنيوية والدلالية والوظيفية في ضوء تطور الرواية العربية بصفة عامة والمغربية بصفة خاصة. سنقدم بعدها نماذج من التعامل مع العنوان في عدد من النصوص المغربية:

العناوين الداخلية في روايات المغربي بنسالم حميش

العنونة الداخلية: يلاحظ على المستوى الداخلي أن روايات حميش تستند إلى :
1. عناوين رئيسية.
2. عناوين فرعية.
3. عناوين المداخل والأبواب والفصول.
4. عناوين الفهرسة.
ويمكن توضيح هذا في الخطاطة التالية:

الروايات
طبيعة العنونة
ملاحظات
سماسرة السراب
عناوين مقطعية مرقمة على غرار روايات نجيب محفوظ
غياب الفهرسة العنوانية، والعناوين اللغوية ذات الطبيعة التيماتية واستبدالها بالأرقام.
مجنون الحكم
عناوين المداخل والأبواب إلى جانب عناوين فرعية وعنونة فهرسية
تذكرنا هذه العناوين بالكتب التراثية والأبحاث العلمية الأكاديمية. وتتسم هذه العناوين بطابعها التراثي؛ لكونها طويلة من حيث البناء ومسجعة وذات طابع ديني وسياسي وقائمة على جدلية المفارقة والتضاد.
محن الفتى زين شامة
عنونة الفصول والمقاطع الفرعية إلى جانب العنونة الفهرسية
عناوين تراثية على غرار عـناوين الكتب التـرسلية القديمـة ذات الـصيغ الشاعرية والتسجيع والتطويل في بنية الجملة.
العلامة
عناوين الفصول والفهرسة العنوانية
عناوين تراثية صيغت على غرار عناوين الكتب التاريخية
بروطا بوراس يا ناس!
عناوين رئيسية مرقمة بدون فهرسة عنوانية
عناوين ذات نفحات تراثية تحمل مدلولات تيماتية وحدثية.

وهكذا نخلص إلى أن عناوين رواياته تغلب عليها السمة التراثية بسبب عدة معطيات:
1. تطويل العنوان وتركيبه.
2. اعتماد التسجيع والإيقاع الموسيقي والفواصل المتناسبة.
3. اعتماد التوازي التركيبي والبلاغي.
4. استعمال عناوين المداخل والخواتم والأبواب والفصول.
5. التركيز على العنونة الفهرسية.
6. الأسلبة والمفارقة واللعبية والباروديا في استخدام العناوين على غرار العنونة القديمة في السرد العربي القديم.
7. اعتماد السجل الديني والقرآني في صياغة العناوين.
8. الإحالة التناصية على الأجواء التراثية.
9. ترتيب العناوين على غرار الكتب التراثية (فاتحة-مدخل-الباب- الفصل- تذييل-خاتمة).

هذا ويلاحظ على هذه العناوين أنها ذات طبيعة فضائية (المارستان- في ساحة كان يا ماكان...)، أو حدثية (بروطابوراس يترأس... يا حفيظ!- بروطابوراس يسهر ويبوح-...)، أو وصفية [بومهمة والمرآة، الشوكة- الرحلة إلى تيمور الأعرج، جائحة القرون...]، أو تركز على الشخصيات الفاعلة (السلطانة ست الكل- العبد مسعود أو آلة العقاب اللواطي- أنا وخالي ضد ظلال الكتابين الأحمدي ورقبة في دائرة الأحبة...)، أو على حالات مثل: إن حبي لزهرة العلا وللحياة لواقع- شكر لترجمان الأشواق - بين حلم واحتلام نما حبي ذو العصف والريحان...

وعلى مستوى التركيب، فأغلب العناوين صيغت على بناء الجملة الاسمية: بسيطة كانت أم مركبة. ويهيمن عليها الانزياح الإيحائي، والترميزي، والكنائي، والتراثي، والنحوي، من خلال صيغة التقديم والتأخير، كما هو الشأن في هذه العناوين: (بين حلم واحتلام نما حبي ذو العصف والريحان- الأحمدي أو "رب أخ لم تلده أمك" وتعويضات أخرى- الليلة البيضاء في حضن رقية- زيارة زهرة زكت عدالة حربي على رمز القهر...).

العنوان الفهرسي أو عنوان الفهرسة : يعد الفهرس من هوامش النص وعتباته التي تحيط به داخليا. وغالبا ما يأتي في آخر النص الروائي بعد خاتمة العمل. وقد يرد في بعض الأحيان في بداية العمل أو وسطه. ويضم الفهرس محتويات الكتاب وعناوينه الداخلية والفرعية، وتسميات المقاطع والفصول والأبواب، وكيفية تنظيم المؤلف أو العمل الإبداعي. إذن فالفهرس أو الفهرست، عبارة عن مجموعة من التسميات والعناوين ورؤوس الأقلام التي تضيء العمل وتوضحه وتنظمه، وتسهل على القارئ عملية التصفح والقراءة والبحث المنهجي. وهي عملية معروفة في ثقافتنا العربية القديمة. فقد كان مصنفو الكتب والدواوين الشعرية يستندون في فهرسة الكتب والإبداعات إلى مجموعة من المعايير الشكلية والدلالية. ويمكن حصرها في :
1. المعيار الإيقاعي (البحور- القوافي).
2. المعيار الموضوعاتي أو الدلالي (المواضيع والتيمات الدلالية)
3. معيار الأغراض.
4. معيار التأريخ الزمني.

فإذا كانت رواية (سماسرة السراب) لبنسالم حميش تخلو من الفهرسة العنوانية، وتكتفي بالأرقام العناوين داخل المتن الحكائي، فإن رواياته الأخرى مذيلة بفهارس موجزة ومفصلة بشكل عام، على غرار الأبحاث العلمية والكتب التراثية القديمة والرسائل والأطروحات الاكاديمية المرتبة بشكل علمي وموثق، أثناء تصفيف المادة، وجمعها وتدوينها، وتصفيحها في شكل مؤلف قابل للنشر والقراءة.

وتأتي الفهرسة العنوانية في روايات حميش على الشكل التالي :

الروايات
طبيعة الفهرسة
مكونات الفهرسة العنوانية
ملاحظات
سماسرة السراب
---
---
غياب الفهرسة
بروطابوراس يا ناس!
---
---
غياب الفهرسة
محن الفتى زين شامة
فهرسة دلالية/ موضوعاتية أو تيماتيكية
عناوين الفصول- عناوين فرعية مرقمة - تذييل فهرسة عامة
وجود فهرسة عامة طويلة في ثلاث صفحات
العلامة
فهرسة / دلالية - موضوعاتية.
فاتحة - عناوين الفصول
وجود فهرسة صغيرة جدا في خمسة أسطر غير مكتملة
مجنون الحكم
فهرسة/ دلالية/ موضوعاتية
مدخل- عناوين الأبواب-والعناوين الفرعية
وجود فهرسة في صفحة واحدة

ونستنتج من خلال هذا أن بنسالم حميش يعتمد على الفهرسة العنوانية في ثلاث روايات (محن الفتى زين شامة والعلامة ومجنون الحكم)، ويتم تغييبها في روايتين (سماسرة السراب وبروطابوراس يا ناس!). ويرتكز على الفهرسة الدلالية لتبيان مواضيع الرواية ومحتوياتها، وأحداثها الأساسية والثانوية والفرعية. وتضم الفهرسة عناوين الافتتاحيات والمداخل والخواتم. كما تحتوي على عناوين الأبواب والفصول والمقاطع الفرعية المترجمة، عل غرار الكتب التراثية في تبويب المواد وعنونة أجزائها ومحتوياتها وفصولها والاستهلال بمقدمة والانتهاء بخاتمة أو تذييل. من هنا يبدو بنسالم حميش مفتونا بالعناوين التراثية على المستوى الداخلي، في تنظيم أبواب الروايات، وتفصيلها وتفريعها، وفهرسة تمفصلاتها الحدثية في شكل تيمات موضوعاتية ودلالية.

مقاربة العنوان في شعر عبدالرحمن بوعلى

يعد عبد الرحمن بوعلي من الشعراء العرب البارزين في الكتابة الشعرية، ومن المؤسسين الرواد للقصيدة المعاصرة بالمنطقة الشرقية بالمغرب الأقصى. و قد بدأ الكتابة الشعرية منذ السبعينيات كما يتضح ذلك في ديوانه" أسفار داخل الوطن"؛ ليتوجها أخيرا بقصيدة شعرية طويلة، وهي"تحولات يوسف المغربي" التي حصل بها على جائزة مؤسسة البابطين في أفضل قصيدة ترصد صيرورة الإنسان العربي و تحولاته.

وفي هذه الدراسة سنحاول مقاربة شعر الأستاذ عبد الرحمن بوعلي مقاربة عنوا نية ضمن مستويين: خارجي و داخلي.

1- المستوى الخارجي:

1- العنوان الخارجي ( العنونة الديوانية):
يقصد به ذلك العنوان المركزي الذي يحدد هوية المؤلف خارجيا. ويعني هذا أن العنوان الخارجي هو أول ملفوظ يواجه القارىً بعلامته اللغوية أو البصرية. ولقد أصدر عبد الرحمـــــــن بوعلي مجموعة من الدواوين الشعرية. وهذه الدواوين هي:

العناوين الخارجية
حيثيات النشر
البنية التركيبية
نوع الدلالة
أسفار داخل الوطن
ط1/1977/الدار البيضاء
خبر+ شبه جملة
دلالة حرفية
الولد الدائري
ط1/1984/بغداد
مبتدأ+ نعت
دلالة رمزية
وردة للزمن المستحيل
ط1/1984/وجدة
خبر +جار و مجرور + صفة
دلالة رمزية
الأناشيد و المراثي
ط1/1996
مبتدأ + التركيب العطفي
دلالة رمزية
الأناشيد و المراثي و مدن الرماد
ط1/2003/وجدة
مبتدأ + التركيب العطفي + التركيب العطفي + المضاف إليه
دلالة رمزية
تحولات يوسف المغربي
ط1/2003/وجدة
خبر+ مضاف إليه + الصفة
دلالة رمزية

ويلاحظ على هذه العناوين الخارجية الغلافية أو المركزية أنها تتبنى تركيب الجملة الاسمية تأكيدا و تقريرا وإثباتا. وهذه العناوين جمل بسيطة مثل:(أسفار داخل الوطن- وردة للزمن المستحيل- تحولات يوسف المغربي- مدن الرماد...). وإذا كانت معظم الدواوين الشعرية تتركب من (خبر + مضاف إليه)، فإن عناوين عبد الرحمـــــن بوعلي تتجاوز هذه الصيغة النحوية إلى بنى تركيبية أخرى.

ويبدو أن الشاعر يفضل العنوان القائم على الحذف و الإضمار الخبري (الولد الدائري)، أو على الحذف المبتدئي ( أسفار داخل الوطن، وردة للزمن المستحيل، تحولات يوسف المغربي، مدن الرماد). ونجد في هذه العناوين الخارجية عدة مكونات كالمكون النعتي(المغربي، المستحيل، الدائري)، و المكون المكاني(داخل الوطن، مدن الرماد)، والمكون الزمني(وردة للزمن المستحيل)، و المكون الشخوصي( تحولات يوسف المغربي، الولد الدائري)، والمكون الحدثي (تحولات يوسف المغربي، أسفار داخل الوطن).
وإذا كان هذا العنوان (أسفار داخل الوطن) يتخذ دلالة حرفية، فإن العناوين الأخرى تتخذ صيغا بلاغية إيحائية كالترميز في ( تحولات يوسف المغربي)، والاستعارة في ( وردة للزمن المستحيل)، و الكناية في ( مدن الرماد، الأناشيد و المراثي، الولد الدائري).و تحضر في ملفوظات هذه العناوين الخارجية نبرة الحزن و السأم و القتامة. ويتجلى ذلك في تكرار بعض الأصوات المهموسة الدالة على المعاناة و الغثيان والصمت والسكون على الرغم من حركية الراء واللام م و الميم والنون، و هذه الأصوات الهامسة هي: السين، والشين، والتاء، والحاء، والثاء، والفاء، الخاء...

و تحيل هذه العناوين الخارجية على ثنائية المعاناة والألم والوجود والعدم والحركة والثبات. و يلاحظ إيقاعيا انحدار نفسي لدى الشاعر. فبعد الأمل في غد التغيير الذي نراه في ديوان ( أسفار داخل الوطن)، نجد الشاعر أكثر تشاؤما و حزنا و غثيانا في دواوينه اللاحقة. فبعد زمن الشهادة و الاستشهاد - على حد تعبير عبد الله راجع-(1) لم يعقبه إلا زمن الضياع والموت والسراب والكيد والخيانة والخديعة.

وتتنوع الفضاءات في شعر عبد الرحمـــــن بوعلي كما يدل على ذلك تنوع العناوين الخارجية. فمن فضاء خارجي مفتوح ( أسفار داخل الوطن) ، إلى فضاء مغلق دائري (الولد الدائري)، و فضاء عدمي(وردة للزمن المستحيل- مدن الرماد- الأناشيد و المراثي)، لينتهي الشاعر بفضاء جدلي يتسم بالتحول و التغيير الدينامكي(تحولات يوسف المغربي).

1- العنوان التجنيسي:
يحدد هذا العنوان جنس الإبداع و هويته. لذلك نجد مجموعة من الدواوين التجنيسية داخل العنونة الديوانية أو تفريعا عن العنوان الخارجي. و من أمثلة ذلك: (تحولات يوسف المغربي= قصيدة طويلة)، ( الأناشيد و المراثي)، ( الأناشيد و المراثي يليها مدن الرماد = شعر).

2- العنوان التشكيلي:
يمتح العنوان التشكيلي وجوده من فن الرسم و التشكيل و التبئير الأيقوني والتنويع في الألوان و الفضاءات الهندسية. وقد يترجم العنوان التشكيلي ملفوظات العنوان الخارجي اللغوي. فعنوان اللوحة التشكيلية في ( أسفار داخل الوطن)، يحيل على الأمل و التحدي و الاستشهاد في سبيل حرية الذات و الوطن. أما عنوان اللوحة البصرية في ( الولد الدائري) فيشير إلى الموت و الانغلاق الدائري المحصور بين التلاشي الوجودي و الأمل الباهت. و تتخذ اللوحة التكعيبية في ( وردة للزمن المستحيل) عنوانا أيقونيا مجردا يدل على الانتظار و اليأس والحزن

والتآكل البشري. ويحضر العنوان التجريدي في ( الأناشيد و المراثي ومدن الرماد) لينسج خيوط الموت و السواد و السأم الحزين. أما العنوان التشكيلي في ( تحولات يوسف المغربي) فيحيل على لوثة السواد و ضحالة الكائن البشري و صيرورته نحو آفاق العدم والاضمحلال و العبث و طرح الأسئلة المميتة الراكدة على واقع راكد بانحطاط القيم و غياب المثل الأصيلة. و هكذا، تترجم لنا هذه اللوحات العنوا نية التشكيلية خاصية الحزن لدى الشاعر التي نجدها عند كثير من الشعراء الحداثيين مثل: إليوت، و بودلير، و رامبو، و صلاح عبد الصبور، وبدر شاكر السياب، و أمل دنقل، و نازك الملائكة...

3- العنوان الإشهاري:
يتخطى هذا العنوان المستوى الفني إلى المستوى التجاري والإشهاري. فيؤشر على مكان إصدار المنتوج و المطبعة التي سهرت على طبع الكتاب و نشره وتوزيعه وعنوان المطبعة و مكتب المؤسسة، بالإضافة إلى ثمن النسخة و شعار مؤسسة النشر أو الوزارة التي تكلفت بالإصدار. و كل هذا يدخل ضمن حيثيات النشر و سوسيولوجية التسويق. وتتسم دواوين الشاعر بالثراء الإشهاري ولاسيما ديوانه (الولد الدائري) الذي طبع في بغداد من قبل وزارة الثقافة و الإعلام العراقية. ويحيل العنوان الإشهاري على ثلاثة مراكز أساسية في طبع الديوان. وهي: بغداد، الدار البيضاء، وجدة. أي يتخذ مركز الديوان -عنوانيا و مؤسساتيا- طابعا قوميا ووطنيا و محليا.

2- المستوى النصي الداخلي:

1- العنوان الأساسي:
يتربع العنوان الأساسي قمة القصيدة و عرشها العلوي. و بالتالي، يحدد دلالات القصيدة وأبعادها الذاتية و الموضوعية. وتعزف عناوين القصائد في الدواوين الشعرية المذكورة سيمفونية الألم والموت والعبث والحزن والضياع. وتشخص صراع الإنسان مع الموضوع: أملا وألما.
و يلاحظ - تركيبيا-أن معظم العناوين الأساسية تهيمن عليها الجملة الاسمية. و قلما نجد عنوانا ذا تركيب فعلي كما هو الشأن في ديوان(أسفار داخل الوطن) تحت عنوان ( سأمتهن الريح سيدتي والطريق). وتصدر دلالات هذه العناوين الأساسية عن رؤية و جودية قوامها العبث و السأم و الصمت و التيه والبكاء و العدم و الموت.

2- العنوان السياقي:
نقصد بالعنوان السياقي ذلك العنوان الذي يحدد سياق القصيدة: تأريخا أو إهداء أو تحديدا لمناسبة القصيدة. و يساعدنا هذا العنوان في اتساق النص و خلق انسجامه، وفهم دلالاته و تأويله. لذلك، نجد معظم القصائد ذيلت بتاريخ النشر و الكتابة ومكان الإبداع بتحديد اليوم أو الشهر أو السنة أو الفصل، علاوة على تحديد مكان النشر سواء أكان خاصا أم عاما.

ومن أمثلة ذلك:
1- عودة البدو من ديوان "وردة للزمن المستحيل "، (الرباط، صيف، 1982)؛
2- مقاطع للرهبة و البكاء " وردة للزمن المستحيل"، (وجدة، 7/1/1996)؛
3- "تحولات يوسف المغربي "، (صلالة - سلطنة عمان-6-11-1996).

3- العنواني المقطعي أو الفرعي
يعد عبدالرحمـــــن بوعلي من الشعراء القلائل الذين وظفوا العناوين المقطعية المتفرعة عن العناوين الأساسية. ومن القصائد التي تضم العناوين المقطعية نجد:
1- الأرض و الأصدقاء في ديوان ( وردة للزمن المستحيل)؛
2- أناشيد للتعب البربري في ديوان ( وردة للزمن المستحيل)؛
3- أوراق من كتاب الوطن في ديوان( وردة للزمن المستحيل)؛
4- السفر داخل الوطن في ديوان ( أسفار داخل الوطن).

و تخلو باقي الدواوين الشعرية من العناوين المقطعية، وتكتفي فقط بالعنونة الأساسية المسيجة بالإهداء أو المقتبسات النصية (فريدريكو غارسيا لوركا، والت وايتمان...)، أو الاستهلال التناصي كما في (تحولات يوسف المغربي).

4- العنوان الفهرسي أو المفهرس:
لقد أرفق الشاعر عبد الرحمن بوعلي معظم دواوينه الشعرية بفهارس معنونة لنصوصه الشعرية.وقد صيغت بطريقة دلالية موضوعاتية مبوبة: ترقيما و تصنيفا و تقسيما.

هذه نظرة مختصرة عن أهم المكونات العنوانية في دواوين الأستاذ عبد الرحمن بوعلي على مستوى البنية و الدلالة والوظيفة. وقد ترجمت لنا هذه الدوال العنوانية ذوبان الأمل وتمدد الحزن، وتآكل الإنسان العربي سأما و عبثا و عدما و ضياعا و موتا. و تحيل هذه العناوين على مرجعيات الشاعر الجدلية في ديوان ( أسفار داخل الوطن)، و العبثية الوجودية في ( الولد الدائري- الأناشيد و المراثي- مدن الرماد- وردة للزمن المستحيل)، والمرجعية الدينية ( تحولات يوسف المغربي). وكل هذا يرصد صيرورة الشاعر عبد الرحمن بوعلي ضمن إبدالات الشعر المغربي المعاصر و مساهماته في إثراء البنية العنوا نية بصفة خاصة، والشعرية بصفة عامة.

وهكذا يتبين لنا أن العلاقة بين العنوان الخارجي والنص قد تكون علاقة حوارية تفاعلية على مستوى الدلالة، أو علاقة إحالية انعكاسية على مستوى الصياغة والمكونات والسمات. كما قد تكون العلاقة بينهما مباشرة أو غير مباشرة. ومن هنا نؤكد العلاقة التوالدية والتجاورية بين النص الروائي وعنوانه في الغلافي الخارجي . ويمكن القول مع جيرار فينييهGerard Vigner : " إن العنوان والنص يشكلان بنية معادلة كبرى: العنوان : النص".

______________________________________

1- علي جعفر العلاق: ( شعرية الرواية)، علامات في النقد ، المجلد 6، الجزء23 ، السنة 1997 ، صص:100-101؛
2 - A Regarder LEO HOEK : La marque du titre, ed Mouton 1982 ;
3 - لوسيان ?ولدمان وآخرون: الرواية والواقع، ترجمة رشيد بنحدو، عيون المقالات، دار قرطبة، الدار البيضاء، ط1 ، 1988، ص: 12؛
4 - A ; regarder G. Genette : SEUILS, Collections Seuils, Paris, 1987 ;
5 - عبد الفتاح الحجمري: عتبات النص: البنية والدلالة، منشورات الرابطة، الدار البيضاء، ط 1 ، 1996، ص: 7؛
6 - إدريس الناقوري: لعبة النسيان- دراسة تحليلية نقدية- ، الدار العالمية للكتاب، الدار البيضاء، ط1 ، 1995، ص:24؛
7 - كلود دوشيه: (عناصر علم العنونة الروائي)، أدب، فرنسا، عدد12 ، كانون الأول، 1973، ص:52-53؛
8 - د. شعيب حليفي: ( النص الموازي للرواية:إستراتيجية العنوان)، مجلة الكرمل، العدد 46، السنة،1992،ص:84-85؛
9 - د. موسى أغربي: مقالات نقدية في الرواية العربية، دار النشر الجسور، وجدة، ط1، 1997، ص:5-6؛
10 - دليله مرسلي وأخريات: مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص، دار الحداثة ، بيروت، لبنان،ط1 ، 1985، صص:43-44؛
11 - موسى اغربي: مقالات نقدية في الرواية العربية،دار النشر الجسور، وجدة،ط 1، 1997، صص:5-6؛
12 - د. محمد أنقار: المرجع السابق، ص:35،
13 - المرجع السابق، ص: 36؛
14 - المرجع السابق، ص:36؛
15 - د. إدريس الناقوري: المرجع السابق، ص: 51-52؛
16 - عبد الجليل الأزدي: ( عتبات الموت- قراءة في هوامش وليمة لأعشاب البحر")، ص:39. وهو في هذه القولة يترجم نظرية شارل ?ريفل حول العنونة؛
17 - د. إدريس الناقوري: المرجع السابق، ص:75؛
18 - محمد برادة: لعبة النسيان، دار الأمان، الرباط، المغرب، ط 3، 1995؛
19 - محمد برادة: الضوء الهارب، نشر الفنك، ط2 ، 1995؛
20 - إدريس الناقوري: نفس المرجع السابق، ص: 75؛
21 - G ;Genette :Seuils .Collection Poétique, ED, SEUIL, Paris 1987, p : 73-97 ;
22 - شعيب حليفي: ( النص الموازي للرواية-إستراتيجية العنوان-)، الكرمل،ص:84؛
23 - جمال بوطيب: ( العنوان في الرواية المغربية)، الرواية المغربية: أسئلة الحداثة،دار الثقافة الدار البيضاء،ط1 ، 1996، ص: 204؛
24 - مؤنس الرزاز: متاهة الأعراب في ناطحات السراب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ن لبنان، 1986؛
25 - شعيب حليفي: نفس المرجع السابق، ص: 87؛
26 - شعيب حليفي: نفسه، ص:88؛
27 - نفسه،ص:89؛
28 - نفسه، ص: 99؛
29 - مجيد طوبيا: تغريبة بني حتحوت، بيروت، دار الشروق، ط1 ، 1988؛
30 - للاستزادة من المعلومات حول العنوان انظر: د. جميل حمداوي: (السميوطيقا والعنونة)، عالم الفكر، الكويت، المجلد 25، العدد 3، يناير ومارس،1997، صص:79-112.