بشأن ممارسات وسائل الإعلام الاسبانية.
تابع مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل بقلق وامتعاض شديدين الفضيحة الإعلامية التي ارتكبتها بعض وسائل الإعلام الاسبانية، التي سمحت لنفسها باستغلال مأساة الشعب الفلسطيني. قصد الانتصار ليس لجهة ما في الصراع الدائر بين المغرب و الجزائر حول أقاليمنا الجنوبية، بل الانتصار لوجهة نظر معادية بشكل هستيري للمغرب، والتي يتزعمها تكتل ذو عقلية كولونيالية متغلغل في بعض الأحزاب السياسية، اليمينية بكل تلاوينها، وبعض النقابات البيروقراطية، و وسائل الإعلام الموجهة وعناصر الجيش التي تحن إلى الماضي الكولونيالي، و مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل إذ يعبر عن استيائه البالغ إزاء هذه الممارسات اللا أخلاقية التي تسيء ليس إلى الجسم الصحفي الاسباني فقط بل إلى الجسم الصحفي في العالم برمته ، و تحوله إلى آلة طيعة في يد من لا يعرف ممارسة السياسية الا بشكلها الدنيء الذي تحركه الأحقاد والمخاوف ، يعتبر أن هذا السلوك يقوض كل المجهودات التي يقوم بها العقلاء في الضفتين من أجل بناء مستقبل مشترك وفضاء ديمقراطي لتقاسم القيم الإنسانية المشتركة. و يؤكد المركز أن توظيف وكالة الأنباء الإسبانية والبايس وإلموندو ومنابر أخرى، لصور المجزرة الصهيونية في حق أطفال غزة في الهجوم الغادر لسنة 2006، على أساس أنهم أطفال وجرحى ومباني في العيون، ليس خطأ مهنيا، بل هو حلقة من حلقات الإساءة المتعمدة من لدن عدد من المنابر الإسبانية والمذكورين أعلاه تجاه قضايا المغرب،
ويرى المركز أن اعتذار بعض المنابر لقرائها لا يكفي، فللصورة تأثير مستديم في الرأي العام،لا ينفع معه الاعتذار فقط ، وتوظيف صور الأطفال الفلسطينيين على أنهم أطفال صحراويون، هو تزوير للتاريخ وضرب للقضية الفلسطينية ومتاجرة بمأساة الأشقاء الفلسطينيين، وانتصار لليمين المتطرف الاسباني و الإسرائيلي المتصهين.
إن مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل الذي يعمل، رفقة شخصيات ومنظمات إسبانية نزيهة، على تأسيس مجال للتنمية البشرية وحقوق الإنسان وثقافة الحوار بين إسبانيا والمغرب، سيوظف كل طاقاته من أجل محو تلك الصورة النمطية التي يجترها تاريخ إسبانيا حول المغرب والمغاربة بكل مكوناتهم الجنسية والدينية . إنها صورة *المورو* الذي ما زالت تنظيمات سياسية ومنابر إعلامية تلوكها في إسبانيا "الديمقراطية" .
لقد توصلت ندوتنا حول سبتة ومليلية التي أقيمت بالرباط يوم 25 شتنبر 2010، إلى خلاصة تركيبية مفادها أن المغرب يشكل عمقا أمنيا استراتيجيا لإسبانيا ولأوربا، وأنه يشكل حاجزا أمنيا بين إسبانيا ، وخاصة جزر الكناري، و الجماعات الجهادية في الساحل والصحراء، التي اخترقت مؤسسات البوليزاريو،وعلمتها في البدء كيف تذبح الأبرياء من الوريد إلى الوريد كما فعلوا مع مواطن مغربي يقوم بواجبه المهني إبان أحداث العيون و مع رهينة بريطاني وآخر فرنسي. إن المصالح الاستراتيجية لإسبانيا و أوروبا على العموم تفرض بالضرورة مغربا قويا ديمقراطيا تسود فيه قيم مشتركة مع الانسانية كونيا . وأن أية محاولة للمس بالتحولات الهامة التي يشهدها مغرب ما بعد هيئة الانصاف والمصالحة تشكل خطرا على منطقة غرب المتوسط برمتها ، وتترك المجال مفتوحا أمام ورثة العقليات القرووسطية الدموية من المشارقة والأروبيين على السواء.
إن بناء صورة جديدة للعلاقات المغربية الإسبانية يتطلب تحولا لدى الإعلام الإسباني، الذي نريد منه فقط أن يمارس الإعلام كما هو جار به العمل في الدول الديمقراطية، في احترام شديد للمشاهد المتلقي و لأصول المهنة وأخلاقياتها.
إننا في مركز الذاكرة المشتركة لن تثنينا هذه الفضيحة الإعلامية على الاستمرار في الاشتغال مع النبلاء والعقلاء الأسبان و عن المضي قدما في تحصين ما هو إيجابي، ودعما لبناء فضاء ديمقراطي تنموي في حوض البحر المتوسط والساحل الصحراوي يستلهم من تجربة المغرب في الإنصاف والمصالحة .
الرباط في 15 نوفمبر 2010