تحلل هذه الدراسة آخر أعمال الروائي المصري عادل عصمت وتكشف عن شفرات القراءة المتعددة في هذه الرواية الجديدة الشيقة التي يكرس بها عادل عصمت وجوده كصوت بارز في الرواية العربية الجديدة.

حياة مستقرة ووهم الاستقرار المستعصي

صبري حافظ

رواية عادل عصمت الجديدة (حياة مستقرة) هي روايته الثالثة بعد (هاجس موت) عام 1995، و(الرجل العاري) 1998، وقد انصرمت ست سنوات على كتابتها قبل أن يصدر روايته الجديدة تلك. فعادل عصمت، منذ روايته الأولى، التي فرضت اسمه بقوة على المشهد التسعيني، كاتب شديد الحرص على تجويد لغته السردية، وتأمل استقصاءاته السردية، وإرهاف بنية عمله الروائية، وتقديم عالم يتسم بالرهافة والكثافة والتعقيد. ولا تختلف هذه الرواية في ذلك عن أي من روايتيه السابقتين. لأنها تتسم هي الأخرى بتلك اللغة السردية المتقنة برغم عدد من الهنات النحوية. وببنية روائية شيقة تتصادى فيها الحالات والشخصيات، وتتراكب مستويات المعنى والدلالات. ومع ذلك فهي رواية سلسة تتتابع الأحداث في أقسامها الثلاثة بيسر وتلقائية، إلى الحد الذي يمكن معهما أن يفوت على القارئ كثير مما يدور تحت السطح فيها، وخاصة عملية التصادي بين الحالات والشخصيات التي سأعود إليها بعد قليل. وتبدو من سلاستها أنها رواية تقليدية يحكي فيها الراوي لنا قصته بقدر كبير من الحياد والتأمل والموضوعية، دون كثير من الفجوات السردية أو الحيل الروائية. لكنها كروايتيه السابقتين ليست من الروايات السهلة التي تعطي القارئ مفاتيح شفراتها السردية بسهولة، برغم أنها رواية ذات حبكة سردية تبدو على السطح وكأنها حبكة بالغة البساطة، لأنها حبكة غائبة إلى حد ما. فالرواية إذا ما حاول القارئ تلخيصها بعد الفراغ من قراءتها تبدو وكأنها رواية لايحدث فيها شيئ يستحق الحكي. وبرغم ذلك فإنها رواية تستحوذ على القارئ وتمسك بخناقه. ليس فقط لأن القارئ التسعيني خاصة يستطيع أن يكتشف في بطلها، وما يعانيه من إخفاقات نفسه، ولكن أيضا لأنها تخلق لنا حالة أقرب ما تكون إلى حالة الوجود بلا ماهية التي يعاني منها الجيل التسعيني برمته، والواقع المصري والعربي من ورائه. وهي حالة تتطلب من القارئ التفكير فيها، وتأمل أيعادها، والتعرف على أسبابها، أكثر ما تتطلب منه التماهي معها، أو التعاطف مع مكوناتها الغريبة. ليس فقط لأنها حالة الواقع الذي نسعى جميعا إلى فهمه دون جدوى، ولكن أيضا وأساسا لأنها حالة ترفض التماهي، وتؤكد داخل البنية الروائية ذاتها استحالته.

قلت أنه ما أن يفرغ القارئ من قراءة هذه الرواية حتى يكتشف أنه بإزاء رواية لايحدث فيها شيئ يستحق الحكي برغم كثافتها المفرطه، وامتدادها لأكثر من مئة وثلاثين صفحة بالبنط الصغير، أو مايعادل ثلاثمئة صفحة بالبنط العادي. لأنه إذا ما أراد القارئ أن يجيب على سؤال: ماذا يحدث في هذه الرواية فلن يجد الكثير ليحكيه. فهي رواية عن شاب لامسمى اختزل الواقع وجوده ـ كجل أبناء جيله ـ إلى الدوران في ساقية عمل لايرحم ولا يوفر أدنى درجات التحقق المادي أو المعنوي. فهو يعمل في الصباح موظفا في قسم الفهارس بمكتبة أقليمية في عاصمة إحدى المحافظات، يبالغ مديرها في تأكيد أهميتها دون جدوى. ثم يؤوب بعد الظهر إلى بيته، يأكل وجبته ويستريح قليلا، ثم يتوجه للعمل في صيدلية من الخامسة مساء حتى منتصف الليل، يعود بعدها هامدا مهدودا لينام كي يدور في نفس الطاحونة في اليوم التالي كثيران السواقي المغماة. إلى هنا وصاحبنا هذا نموذج عادي لآلاف المصريين من جيله الذين لايسد المرتب رمقهم، خاصة إذا ما كانت لديهم مثله أسرة وابن صغير عليه أن يوفر له مستقبلا آمنا. وهو كأي مصري مثله لاتخلو حياته من المنغصات سواء في محيط أسرته أو في محيط العمل. لأن عليه ـ وهو الإبن الأكبر وكبير العائلة بعد وفاة الأب ـ أن يتعامل في أسرته مع أخيه الأصغر "حسام" الذي عاد من حرب العار العربية المسماة بعاصفة الصحراء مثخنا بالجراح النفسية التي لم تقم له قائمة بعدها لسنوات طويلة. ولاتقتصر مشاكله في أنه رفض البحث عن عمل وعاش عالة على أسرته الفقيرة أصلا، بل تتجاوزها إلى سرقة المبلغ الذي أدخرته أمه لكفنها، وتعاطي المخدرات وبيعها، مما يقوده في نهاية المطاف للسجن. أما في العمل فإنه يعاني من شكوى كيدية قدمها فيه والد زميلة له، تنتهي بنقله إلى مكتبة صغيرة في المحافظة بدلا من مكتبة المحافظة المركزية التي كان يعمل بها. صحيح أنه لادخان بغير نار لكن النار في هذه الحالة كانت مجرد مجموعة من الأحاديث الحميمة مع زميلة له في العمل، لم تتجاوز حدود الفضفضة والتخفف من ضغوط خانقة، وأن مشاكل هذه الزميلة في بيتها مع أسرتها هي التي قادت إلى اتهامه الظالم ذاك. ولولا شفاعة زملائه له لأدى التحقيق إلى عواقب وخيمة.

هذا هو كل ما يدور في الرواية من أحداث تستحق، أو بالأحرى لاتستحق، الحكي. لكن افتقاد الرواية للأحداث العاصفة ليس نتيجة لغيابها، بل لأنها كلها تدور تحت السطح، أو إذا شئنا الدقة قلنا إن الرواية تتعمد تغييب كل الأحداث المهمة فيها، لا تجسدها أمامنا، بل تشير إليها إشارات عابرة. لذلك قد لاتلحظ دمدماتها العنيفة العين القارئة على عجل، وخاصة إذا لم تتوفر لها مفاتيح فك شفراتها. لكن هذه الحياة التي لايحدث فيها شيء، والتي تجسدها الرواية بدقة ودأب، هي التي تجعل هذا البطل اللامسمى نموذج الواقع التسعيني، أو بالأحرى الواقع المصري عند نهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن الجديد. فالرواية تستخدم بمهارة ما يسميه علماء السرد التجسيد showing والإيماء telling أو الإخبار، وهما أداتا السرد الأساسيتان. حيث تجسد أولاهما الأحداث أو المواقف أمامنا مستخدمة الوصف والسرد والحوار في مواقف حية كي نشاهدها بأعيننا ونحكم عليها بأنفسنا، بينما تشير ثانيتهما إلى بعض المواقف أو الأحداث بإيماءات عابرة، تخبرنا بإيجاز عنها. والفرق بين الأداتين كبير، حيث تبلور أولاهما كل أبعاد الموقف وتجسده، وكأننا نراه أمامنا فيتعمق تأثيره فينا، بينما تمر الثانية عليه مرورا عابرا، وكأنه أمر ثانوي لايستحق التريث عنده، ناهيك عن الانشغال بكل تفاصيله. لذلك فأن تجسيد أحداث ومواقف بعينها، والإيماء إلى أخرى ينطوي في الواقع على تراتب خاص يبرز بعض أجزاء الرواية على حساب بعضها الآخر. لكن هذه الرواية تعمد إلى قلب منظومة القيم السردية تلك رأسا على عقب. لأنها تتعمد أن تجسد ، وبشكل تفصيلي، تفاصيل حياة بطلها العادية التي لايحدث فيها شيء ذو بال. بينما تمر مرور الكرام على كثير من الأحداث الهامة والمصيرية في حياته، والتي كان لها تأثير كبير عليه. لأن هم الرواية الرئيسي هو تجسيد مدى التسطح والبلادة التي يعيشهما بطلها اللامسمى في هذا الزمن الردئ، كي تدفع القارئ إلى مساءلة هذا الواقع عما حال فيه دون تحقق جل الشخصيات، وطرح الأسئلة الأساسية عليه.

وإذا ما أردنا معرفة طبيعة الأسئلة التي تحثنا الرواية على طرحها، واكتشاف حقيقة ما تطرحه علينا من رؤى وتصورات علينا أن نعيد منظومة القيم السردية المقلوبة إلى وضعها الطبيعي، بأن نتأمل دلالات كل الأحداث والمواقف التي تشير لها الرواية بشكل عابر، كي ندرك فداحة ما عاشته كل الشخصيات التي تتصادى حكاياتها وكأنها جميعها أصداء لهذا الواقع المقلوب، أو ترجيعات لبنيته التدميرية التي لافكاك من أنشوطتها الجهنمية. فالرواية تنقسم بداءة إلى ثلاثة أقسام توشك أن تكون جميعها مرايا تنعكس عليها بقية أحداث الأقسام الأخرى. فما يدور في القسم الأول "صورة أخي" سرعان ما ينعكس على مرآة القسم الثاني "بدروم دار الكتب" المقعرة التي تكبر الصورة وتتيح لنا تأمل أدق تفاصيلها. ثم يردنا القسم الثالث "البيت" للمرآتين لأن ما دار بهما ينعكس عليه، كما أن ما يدور فيه يردنا من جديد إلى القسم الأول حيث يتحول لمرآة نرى فيها كل ما مادار من جديد، وهكذا دواليك وكأننا في قاعة المرايا الشهيرة. لأن البنية الروائية تستخدم تقنية المرايا بقدر ما تسخدم تقنية الحبكات الثانوية والشخصيات الثانوية التي توسع أفق ما يدور في حبكتها الأساسية ولشخصيتها الرئيسية. حيث تستخدم الرواية بنية التماثل والتضاد بمهارة فائقة. لأننا نجد ثمة تماثلات وتضادات بين شخصيات الرواية الأساسية الرجالية منها والنسائية على السواء. ففي البطل قدر كبير من التماثل مع أخيه ٍ"حسام" برغم التناقض البادي بينهما، وكذلك الحال بينه وبين رئيسه الأستاذ "توحيد"، وبينه وبين أبيه الراحل والذي ترك بصمته على الجميع، وترك لهم عبء ميراثه معا. أما "ماجدة" فإن فيها قدرا من التماثل مع كل من "سهام" و"علياء" و"نوراِ" بالرغم من تناقضها الكامل مع "سهام" خاصة. ولكن قبل رسم خريطة التماثلات والتضادات علينا أن نتعرف على شيء مما تضمره الرواية وتومئ إليه.

تبدأ الرواية قسمها الأول "صورة أخي" بتلك البداية السحرية التي تؤكد لنا بطريقتها الناعمة والمراوغة معا أن القص هو مدخلنا للفهم ٍ"أثناء حديثي مع ماجدة أعدت فهم ما حدث. في تلك الأيام الصافية التي كنا ننهي فيها فهرسة مجموعة قليلة من الكتب، ثم ندخل في أحاديث تبدو بلانهاية؛ أحاديث تغلفها مشاعر غامضة لايمكن الاعتراف بها، ولايجب الإعلان عنها، لكنها تكوَّن مناخا لكي يسرد المرء حياته"(ص9) أو بالأحرى لكي يتأملها ويفهمها بحق. لأن الرواية تكشف لنا عن أن كلا منهما يعيش حياته دون أن يفهمها، أو على الأقل دون أن يدرك كثيرا من دلالاتها. وأن هذا الود الذي تخلق بينهما منذ البداية هو الذي أتاح لكل منهما أن يفهم حياته، وهو يكتبها إفضاءا للآخر. أو وهو يرويها منذ البداية، لأن البدايات هي التي تقودنا إلى النتائج. فنعرف أن أخاه "حسام" دخل الجيش في ربيع عام 1990 وعاد من حفرالباطن في أبريل عام 1991 وأخذ يحكي كيف أن الجنود المصريين في هذه الحرب المشؤومة ـ التي تمخضت عن الاحتلال الأميركي للكويت، وكانت المقدمة الحقيقية لاحتلال العراق بعد ذلك ـ كانوا "أرخص جنود، حتى السوريين تم نقلهم من المدن إلى الصحراء في أتوبيسات. أما هم فيرحلون في سيارات نقل الجنود. يجلسون على السطح الخشبي للشاحنات الميري الكئيبة، يغطيهم المشمع الكاكي. بعد صمت طويل لاتظهر فيه غير حركة الأجساد التي تنظمها سرعة السيارة، يبدأ أحدهم الحديث ثم الغناء. وتضيع المهانة في تصفيق وغناء يتبدد في جوف الصحراء"(ص10) هاهي البداية الدالة لمن يريد أن يفهم؛ بداية بهوان مصر والمصريين في هذا الزمن الردئ الذي قدمت فيه مصر التبعية أبناءها وقودا لحرب ظالمة، دون أن توفر لهم الحد الأدنى من الاحترام.

لذلك لم يكن غريبا أن يعود "حسام" من هذه الحرب القذرة مهزوما حتى النخاع، ومدمرا من الداخل. لا يريد أن يبحث لنفسه عن عمل، أو يفكر في الزواج أو تكوين أسرة. ومن يلومه وقد دار الزمان دورة عكس؟ لكن أمه لاتريد أن تفهم، وأخاه الأكبر ـ وهو راوي النص غير المسمى ـ يتعامى عن الفهم هو الآخر، لأنه يريده أن يفعل مثله، يصم أذنيه ويغمض عينيه عن كل ما في الواقع من فساد وتردٍٍِِ، ثم يدور في نفس الساقية. مع أنه يعرف أن "حسام" ليس مثله، وأنه تمرد منذ بواكير الصبا على إرادة الأب، ولعب الكرة ضد رغبته التي طالما انصاع لها دائما الأخ الأكبر، وكأنها دستور لايقبل النقض. ويدفع هذا التعامي "حسام" إلى العناد، وقد افتقد الفهم حتى من أقرب الناس إليه، اللهم إلا بعض الفهم وشيء من التعاطف من أخته "نورا" التي تكبره مباشرة. فهو أصغر الثلاثة. ويدفعه الحصار إلى مواجهة الجميع بالحقيقة عارية وصادمة، فيصارح أمه التي تطلب منه الاتصال بخاله ليساعده في البحث عن عمل "أخوك لم يعد بيده شيء، وأنه إثر فضيحة رشوة في البنك عزل من منصبه. لم تهتم بما في حديثه من اتهام لأخيها بالفساد. لم تهتم بشيء قدر اهتمامها بأنه لم يقل خالي، وقال لها أخوك".(ص21) فنحن في عالم لايزال يتمسك بالمظاهر وسفاسف الأمور، وينصرف عن الكبائر وولوغ الخال في الفساد. بل تردي الواقع كله فيه. وهذا التعلل بالسفاسف هو أحد مظاهر العمى الجمعي واستساغة الهوان الذي تقدم لنا الرواية بعض تجلياته. وكلما عجز المحيطين به عن فهم ما يعانيه من أثر المشاركة في عاصفة العار، كلما تمادى في عدوانيته. فعندما يقترح عليه أخوه أن "أن يسافر إلى لبنان كما فعل أخو زوجتي، كان رده جاهزا. فقد أخبر مي بأنهم بيدخلوا تهريب، ويرجعوا ترحيل"(ص22) فقد طفح به الكيل، ولذلك يعلق بيادة الجيش على الحائط في غرفته بدلا من "صورة له مع أصدقائه في إحدى رحلات الإسماعيلية أثناء سنوات الجامعة"(ص18). فالبيادة هي شارة الهوان الذي تجرعه، وتجرعته معه مصر حتى الثمالة. وهي التي محت بقسوة المهانة كل آثار الصبا واللعب القديم في رحلات أيام الجامعة. وهي أيضا تذكار ما عاناه في تجربة حفرالباطن من عذاب باح به لأخته نورا التي روته بدورها لأخيها الأكبر.

"كان حظه سيئا في الجيش. من أول يوم وصل وحدته والقائد يكرهه لله في لله. ثم جاءت الحرب، وتم اختياره ضمن المجموعة التي ستسافر لحفر الباطن. كانت الحرب بالنسبة لزملائه فسحة، حسب رأيها، أما هو فعاش في عذاب. ليس من الحرب بل من اضطهاد القائد. وبعدما انتهت العمليات العسكرية انفجر لغم في واحد من أصجابه. لم يحد القائد غيره ليجمع أشلاء صاحبه بالأمر. ظل أسبوعا لايستطيع أن يضع الأكل في فمه"(ص17) ولما عاد في نهاية الأمر من تلك الحرب القذرة، استقر الداء في روحه وسمم حياته. فقد ظلت "أصابعه ترتعش بعدما جاء من الحرب".(ص32) وعجز عن البحث عن عمل، وعن إدارة حياته بشكل عادي. وبدأ يقترض النقود من أخته، وعندما لم يجد من يقرضه سرق مدخرات أمه التي كانت تحتفظ بها لكفنها، وهرب من البيت، والتم على شلة سوء انحدر معها إلى مباءة المخدرات، وانتهى به الأمر إلى السجن.

لكن حكاية الراوي لحكاية أخيه تجعله يكتشف التناقض بينهما. فقد كان "حسام" متمردا من البداية، مترعا بالحياة حطمت تجربة الحرب شغفه بالحياة وألقها. بينما كان الراوي مطيعا لكل ما يريده الأب، شديد القرب منه، يقدر كفاحه من أجل بناء بيت لهم، وإن لم يتغلب على مشاعر الألم وعقد النقص التي سببها الحرمان الناجم عن بناء البيت والتقتير على الأبناء في سبيله. وجعله هذا التناقض يشعر برغبة في قتل أخيه "ٍكنت أعرف أنه لو تكلم أو نطق فإنني سأقتله. ظل هذا مكمن ألمي فترة طويلة. فقد أدركت بعد ذلك أنه لم يكن خاطرا في لحظة خارج الشعور، لكنه كان رغبة حقيقية، حتى أنني تمنيت أن يتحرك أو ينطق حتى تنفجر تلك الرغبة وتكتمل، لكنه لم يفعل"(37)

فما هو سر كل هذا العنف المضمر في حياته؟ هذا ما يكشف لنا عنه القسم الثاني "بدروم دار الكتب" من خلال حكايته لحياته هو لزميلته الجميلة "ماجدة". وقد ربط النص انتقاله للبدروم بعملية تجديد المكتبة ـ تجديد مصر المزعوم ـ التي تهبط بهذا الجيل الجديد تحت الأرض، بدلا من أن ترتفع به فوقها، فالتجديدات التي يزعمون أنهم يجرونها في مصر لانتهض بإبنائها، بل تهبط بهم إلى البدروم، بعدما كانوا من قبل "على وش الدنيا"، كما ربطه بعمله في الصيدلية الذي بدد جزءا من إنسانيته وعاداته القديمة من ناحية، كما كان هزيمة إضافية له من ناحية أخرى "واكب انتقالي للعمل في البدروم عملي في الصيدلية. كان الصراع بيني وبين سهام حول العمل الإضافي قد حسم لصالحها بعد إنجاب طفلنا الأول"(ص42). وهي الهزيمة التي تستدعي أولى الإشارات إلى أسباب هذا الغضب الكظيم ـ وهو يتحدث عن نفسه لطرافة المفارقة بضمير الغائب ـ "شيء ما في الذات يحرن، خاصة بالنسبة لشخص قضى سنوات يعاني من انقلاب حياته، بعد أن كان على وشك مغادرة هذا المكان، والسفر إلى العالم الواسع في أوروبا"(ص42) وهذا الاحتمال المحبط في السفر في العالم هو الذي يكشف لنا بالتدريج عن أن الراوي الذي يتجسد أمامنا هو في حقيقة الأمر "صورة باهتة من شخص ظل هناك لم يتحقق، كان يمكن أن يكونه، ولكنه ظل هناك بعيدا غير قابل للتحقق بسبب أحداث صغيرة طارئة"(ص56) فلم تتح له رغبة أبيه في بناء البيت وتقتيره على أبنائه بسببها أن يتحقق أمام أنداده من التلاميذ ألا بالتفوق الدراسي الذي منحه ميزة دارى بها رثاثة ثيابه وقلة مصروفه وعدم قدرته على الذهاب للسينما كل أسبوع كبقية زملائه.

لكن المرض الذي ألم به فجأة كقدر جائر وهو في الثانوية العامة حرمه من التحقق، وكان بداية شعوره بأنه ضحية لأقدار عابثة. "بعد أن كنت مؤهلا لدخول كلية الطب وجدت نفسي في كلية الآداب ... غير قادر على البوح برغبتي في الحصول على فرصة ثانية" (ص61)، فكيف لمن في ظروف أبيه، قتر على أبنائه كي ييني لهم بيتا، أن يوفر لابنه فرصة ثانية؟ لذلك قرر الراوي التفوق في الآداب، ويتفوق فيها بالفعل طوال سنوات الدراسة، لكنه يلوم ضغوط جسده، وعلاقته بـ"علياء" التي بلغت حد الاكتمال الجنسي في عام التخرج، على ما أصابه من مرض اللامبالاة بكل شيء. ففقد فرصة التعيين معيدا بالجامعة. وهذا ما جعل "ماجدة" تصفه بأنه يشبه "لاعبا رياضيا يكون جيدا جدا في التمرين، ويرتبك أثناء المباريات المهمة ويفقد البطولة"(ص64) وهو التأويل الذي يستمرئه الراوي ويتمادي في نسج خيوط قصته كي تدعمه. وبعد تخرجه سافر للعراق ومارس فيه تحققا وحرية لم يعرف مثلهما من قبل، وأوشك أن ينطلق إلى العالم ويبحر فيه، وأن يعبر الحدود الكردية في شمال العراق إلى تركيا ومنها إلى أوروبا. لكن الأقدار تعانده من جديد. فبعد أن وصل إلى دهوك على الحدود التركية تصله عدة خطابات من أخته نورا "تطلب مني العودة حتى لا أفقد تعيني في الحكومة"(ص68) وشددت في رسالة أخيرة منها على مرض أبيه، وضرورة أن يرجع يستلم التعيين ثم يعود.

ولكن العودة في أجازة قصرة تصبح عودة نهائية، وفخا لافكاك منه، بسبب موت الأب الذي أصبح السفر معه "يحمل معنى الهروب وخيانة الرجل الميت"(ص69) ويجد نفسه متورطا في تأجير شقة في المساكن، اعتبرها خاله لقطة، بدلا من شراء سيارة وتشغليها تاكسي، وفي الزواج من أمرأة لم يحبها ولم يخترها ـ وهو الذي قرر ألا يتزوج "علياء" لأنها منحته نفسها قبل الزواج ـ والعمل في تلك الوظيفة الخاملة في المكتبة الإقليمية.

وينقلنا القسم الثاني كذلك إلى قصته مع "ماجدة" أو قصة ماجدة معه التي جعلته علاقته بها يكتشف كثيرا مما في أعماق نفسه، ومما دار له وهو يحكي لها. ليس فقط لأنها استدعت قصته القديمة مع "علياء"، فهي تجديد من نوع مغاير لهذه القصة، ولكن أيضا لأنها لمست وترا حساسا في داخله، لأنها تخلت طوعا عما أجبر هو على التخلي عنه كرها: العمل في الجامعة. فمن البداية يقدم لنا النص "ماجدة" من خلال عيون رئيسهم "الأستاذ توحيد" على أنها "زميلة تركت العمل الجامعي، وجاءت لتساهم معنا في نهضة المكتبات الحديثة. كان يتكلم بجدية عن أمور نعرف كذبها. إنه تربى في مناخ آخر، يصدق ما يقول، أو يجد من الضروري أن نعيش الشعارات على أنها حقائق"(ص42) وهو تقديم يطرح علينا من البداية المفارقة بين جيلين: جيل قديم يصدق الشعارات يمثله "الأستاذ توحيد"، وجيل آخر لايثق فيها ويسخر منها سرا أو علانية ينتمي إليه لراوي و"ماجدة" معا. فعلاقة "ماجدة" بأبيها "متوترة بسبب رفضها لكل عريس، عندما سألتها عن السبب قالت وقد لمعت عيناها: بصراحة مش عايزة أتجوز ... الخلافات بينها وبين أبيها بدأت بسبب أمور لم تبح بها، وتفجرت عندما أصرت على ترك الجامعة وتوقفت عن استكمال رسالة الماجستير، ثم أصبحت العلاقة أكثر توترا وعنفا كلما رفضت عريسا"ِ(ص47). فقد اكتشفت أن الجامعة غابة مترعة بالفساد والاستغلال وقررت أن تهرب بنفسها منها بعدما شوهت أقرب صديقاتها إليها. وأخذت تبحث عن حياة هادئة نقية بعيدا عن هذه المباءة، ووجدت شيئا منها في المكتبة وفي علاقتها الإشكالية مع الراوي. فهذه العلاقة هي التي جعلتها تجيء يوما للمكتبة دون حجاب أو كما تضعها زميلتهما "نادية" بطريقة دالة:"ماجدة جاءت للعمل بدون نفسها"(ص83) فأثار ذلك زوبعة لم تهدأ إلا بعدما اطاحت به من المكتبة. فقد كانت كما قالت له: "تسمع وسوسات الشيطان تتردد في صوتي"(ص78) وهو الأمر الذي أقلقه حينما عترفت به له.

وكمعظم حالات الاستلطاف، بدأت العلاقة بينهما بشيء من التوتر والعدوانية " ذات يوم حدثتني عن أنها لم ترني أصلي الظهر. رددت قائلا إنها ليست مندوبة العناية الإلهية، وأن عليها أن تكون في نفسها ولا تتدخل في حياتي"(ص44). وهي عدواينة يعرف الراوي أنها قناعا "لذلك التيار السري الذي كان يبحث عن أي نقطة تلاق كي ينفلت؛ تلك الرغبة في أن أدفع عن نفسي خطرا ما، أنفي سيطرة كنت أدرك أنني سأخضع لها دون شك"(ص45). وتتطور علاقتهما من خلال البوح وسحر الحكي حتى تبلغ درجة كبيرة من الحميمية أثناء روايتها لمخاوفها من المطر، وهي لحظة أقرب إلى الذروة الجنسية منها إلى أي شيء لآخر، خاصة وأن النص يصفها بنفس المصطلحات عندما بلغت ذروة الحكي: "كنت أشعر أنها تحاول السيطرة على صوت تنفسها العالي، لكنه يفلت من سيطرتها ويظهر واضحا في ارتفاع صدرها وانخفاضه. كررت بصوت خافت ـ أظهر صوت تنفسها المتوتر ـ تعبيرات تنم عن دهشتها. كيف يمكن أن تحكي لي ذلك الأمر الخاص جدا؟

قربت وجهها مني، وطلبت أن أحتفظ بهذا الأمر سرا. ثم مدت كفيها وأمكست كفي وطلبت ذلك ثانية. لهجتها بها قدر من الرجاء. وكفي بين كفيها تشد عليه غير واعية بما حولها. ما أدهشني هو الأسباب التي تجعل خوف الإنسان من المطر سرا. لذلك بدا لي أنها تطلب مني في الحقيقة أمرا آخر"(ص76). وهذا فعلا ما كانت تطلبه، لكن الظروف التي يعيشها كل منهما جعلت من المستحيل لهذا الأمر الآخر أن يسفر عن نفسه.
بل دفعت الأمور بينهما إلى التأزم بعدما قدم أبوها الشكوى فيه بعد حادث خلعها للحجاب. لكن الراوي لم يدرك أبدا مدى تعلقها به. يكفيه حتى يدرك مدى تجاوبها معه أن يقارن طريقة تعاملها معه بالطريقة العنيفة والصارمة التي تعاملت بها مع "الأستاذ توحيد" بعدما كثر تردده على البدروم بعد وفودها إليه، ولما لامتها بعض زملاتها على قسوتها معه، كانت صريحة في ردها "قالت إنها أرادت أن تضع حدا لطريقته معها، أرادت أن تمنعه من أن يستخدم الحديث الديني أداة للغزل"(ص53).

وتظل سحابة عدم الفهم تلك تغيم على علاقتهما منذ أن أساء فهم إمساكها ليده، وأخفق في لآن يدرك أن ماجدة توشك أن تكون الوجه الآخر له/ النظير / النقيض / والمكمل لما أخفق في تحقيقه. فهي مقهورة مثله، أدركت منذ اللحظات الأولى لظهورها في بدروم دار الكتب ذاك أنه يهتم بها، "أدركت تعلقي بها من أول لحظة"(126) وبادلته هذا الاهتمام دون أن يجرؤ أي منهما على تطويره. وأخذت تحكي له قصتها بنفس الطريقة التي حكى لها قصته، فبدا وكأننا بإزاء قصة واحدة في مرآتين. ولما تمخض الحكي عن تغير فيها، وخلعت الحجاب تمردا على كل ما حولها تقدم أبوها بشكوى ضده ـ وكأنه صورة لها ـ يعلن فيها أنه أراد اغتصاب ابنته، فكان ما كان من نقله وإنهاء علاقتهما البريئة. أم تراها كانت غير بريئة؟ على الأقل من ناحيتها، لأنها حينما تجيء بعدما تمخض زواجها عن مأساة، تعرض عليه نفسها بطريقتها الجريئة، وتمنحه فرصة أن يكون أبا للطفل الذي تريده، فإنه يخفق في فهم عرضها على حقيقته. ليس فقط لأنه كان غارقا في دوامة القسم الثالث من الرواية "البيت"، بعد عودة حسام ورغبته في بيع البيت الذي أنفق الأب عمره في بنائه، وحرم أسرته من الكثير بسببه، وشعوره بأنه يخون أباه بالموافقة على البيع، ويحقق حساما ويخون نفسه؛ ولكن أيضا لأن عجزه عن تحقيق ذاته، وخلافاته مع زوجته، وضغوط الحياة القاسية عليه كانت قد بلغت غايتها وجعلته شخصا آخر. لذلك فإنه لا يدرك حقيقة الكثير من الإشارات التي ينطوي عليها حديثها الجرئ معه، ولا يلتقط بالسرعة المطلوبة مدى ما انتابها من تحولات بسبب بوحها له.

فقد تزوجت من شخص لاترغبه، بعد أن "كانت طاقتها على المقاومة قد جفت. ولأول مرة في حياتها تشعر بأنها محبطة تماما وعاجزة"(ص125) لذلك عندما اقترب منها هذا الزوج في ليلة الزفاف "تشنج جسدها ٍكأنه كتلة من الخشب، ثقيلة مظلمة خالية من الحياة. كانت تعرف أنه الرفض لأن يلمسها شخص لاترغبه"(ص125). وعندما روضت نفسها بالشراب الساحر على قبوله اكتشفت أنه عنين، وأنه فض بكارتها بإصبعه. فقد "كان عضو زوجها لايتعدى في نموه عضو طفل في الخامسة من العمر"(ص127) وحينما تبلغ أسرتها بالأمر، وتطلب الطلاق تؤيدها أسرتها، ولما يعارض الزوج الثري ويهدد، ترضخ الأسرة التي تشابكت مصالحها بمصالحه، واستفادت من هذا الزواج. إلى حد أن قال أبوها ذات يوم في حضور عمها الذي أبرم الصفقة كلها "وإيه يعني، في رجاله عندهم عجز جنسي وشواذ، وفي رجاله بتموت في الشهور الأولى من الزواج. يعني الدنيا مخربتش"(ص128) هكذا يتم بيعها بالحلال في سوق النخاسة العصري، وها هو الأب الذي أفسد علاقتها الإنسانية بالراوي، وسمم حياتها بعدم الفهم على طول الخط، يضحي بها من أجل مصالحه المادية ومصالح أخيه. فتقرر أن عليها أن تتصرف وحدها، وتتصل بالراوي في أول زيارة لها للمدينة منذ ذلك الزواج الصفقة/ الكارثة معا.

لكن الراوي لايفهم حقيقة مأساتها بالسرعة المطلوبة لإنقاذها. تفوته الإشارات الواضحة: "امسكت بذراعي حين كنا نعبر ارتباك المرور في مدخل النفق أمام محطة أتوبيس المدينة، وظلت ممسكة به حتى وصلنا إلى باب الفندق."(ص124) ويكتفي بالدهشة التي لاتعبأ بها عندما تدخن، وسوف تكشف له مدى ارتباط التدخين باكتشافها للمأزق الذي وضعها فيه عجز زوجها الجنسي. ولايدرك دلالات صراحتها الجنسية معه، وهي تكشف له كل أوراقها. ثم يحاول جاهدا أن يثنيها عن إنجاب الطفل الذي تجد فيه خلاصها الوحيد، وتحققها بأن تنجب طفلا من الشخص الذي مالت إليه، إن لم تكن قد أحبته. لذلك "بدا كلامي سخيفا عندما حاولت أن أعارض خططها. شارحا موقفا كنت أدرك تفاهته، حول أن الحل الصحيح للمشكلة هو ... الرجوع إلى نقطة البداية"، فترد عليه "بنفس الطريقة التي كانت تشرح بها ما غمض علي من خبايا خطط التصنيف: إن الزمن قد تحرك، ولايمكن استعادة البدايات أبدا"(ص129). هذه المقولة المفتاحية تكشف لنا عن طبيعة الشبكة العنكبوتية التي تتخبط فيها الشخصيات وهي عاجزة عن العودة إلى البدايات، أو تصحيح المسارات الخاطئة التي عليها الاستمرار فيها، وكأنها قدر إغريقي صارم. لذلك فإنه عندما يبحث بعد فوات الآوان عن رقم تليفونها، الذي دسته في يده قبل مغادرتها في قطار القاهرة، يكتشف أن زوجته قد غلست بنطلونه الذي كانت الورقة في جيبه "كانت الورقة مفروكة داخل الجيب. لمت سهام لأنها لاتفتش في جيوب البنطلونات قبل غسلها. كانت متعجبة وهي تقول إنني من يوم زواجنا أفرغ جيوب ثيابي من المحفظة والأوراق بنفسي"(ص131) فهل هي مصادفات الأقدار التي أجهزت على فرصته الأخيرة في التحقق هذه المرة أيضا؟ أم أنه العجز الذي لايريد الاعتراف به؟

والواقع أن ثمة تناظرا مدهشا بين القصتين قصة الراوي وقصة ماجدة، خاصة وأن الرواية تكتب اعترافاتها الأخيرة بضمير الغائب، وعلى لسان البطل الراوي نفسه كي تبالغ في إبراز عجزه وسوء فهمه. وقد كان باستطاعتها أن تجعل اعترافاتها بصوتها، لكنها الصنعة الروائية المتقنة التي يتسم بها سرد عادل عصمت من البداية. فقد تركت هي وظيفة المعيد في الكلية لتعمل موظفة فهرسة في مكتبة إقليمية، بينما ينعي هو دوما فقدانه فرصة التعيين معيدا في الكلية. وسافرت في العالم "سافرت إلى تركيا وسوف تسافر إلى اليونان"(ص125) وهو الذي حرم من السفر في العالم، واضطر للعودة من الحدود التركية أثناء تجربته بالعراق لمرض أبيه. وإذا كان زواجه بسهام قد تمخض عن فشل ذريع، فإن زواجها هي الأخرى قد تمخض عن فشل أكبر. لكنها وإن استطاعت في نهاية المطاف أن تتحقق، وأن تقرر ما تريد، بل أن تجيء لتعرض عليه فرصة تعويض ما فات، فإنه لم يستطع أن ينتهز هذه الفرصة وتركها تتبدد منه، كما تبددت فرص أخرى من قبل. ليظل عاجزا عن أن يحقق ما يريد حتى النهاية، وحتى يبقى عنوان الإخفاق والإحباط الذي يتمرغ فيه هذا الجيل التسعيني التعيس. حتى حلمه البسيط بشراء سيارة تاكسي، والعمل عليها بعد بيع البيت، لايبدو لنا أنه سيحققه. لكن المثير للحزن حقا في هذه الرواية الجميلة هو أننا نجد أنه في نهاية الأمر يتساوى من انصاع للتعاليم العائلية فدمر طموحه، وأحبط رغبته في السفر في العالم الواسع والتحقق، ومن تمرد عليها من البداية منذ تحدى الأب، ولعب الكرة، فقد انتهى به الأمر هو الآخر محبطا حسيرا. فالجيمع يعيش لمرارة المفارقة التي ينطوي عليها العنوان "حياة مستقرة" هذا الاستقرار المقهور الناجم عن الإخفاق، والإحباطات المتراكمة، وانسداد الأفق والهوان، في هذا الزمن العربي الردئ. وتعود الجميع هنا على الجيل الجديد، لأن الجيل القديم كله من الأستاذ توحيد، إلى خال الراوي، إلى والد ماجدة، والغ في الفساد حتى النخاع، ويدفع الجيل الجديد من حلمه ودمه ومستقبله ثمن هذا الفساد الفادح.