مستقبل الدرس البلاغي

مشروع بلاغة الجمهور بين البلاغة المقاوِمة ونقد الخطاب

محمد العناز

نظمت فرقة البحث في البلاغة وتحليل الخطاب بكلية آداب تطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي المغربية محاضرة تحت عنوان" مستقبل الدرس البلاغي" ألقاها الأكاديمي والبلاغي المصري د.عماد عبد اللطيف، وأطرها رئيس الفرقة د.محمد مشبال بحضور ثلة من الأساتذة الجامعيين والطلبة الباحثين بماستر النص النثري العربي القديم: دراسة في الأشكال والأنواع.

 قد استهلت المحاضرة بورقة قدمها الباحث محمد مشبال ركزت على مشروع عماد عبد اللطيف البلاغي انطلاقا من"بلاغة المخاطب" أو"بلاغة الجمهور" كما يصطلح عليها بوصفها أساس مشروعه البلاغي الذي يقيمه على تجديد الخطاب البلاغي العربي الحديث مستفيدا من التطورات القوية التي شهدها حقل البلاغة في الثقافة الغربية الحديثة.  معتبرا أن خوض عماد عبد اللطيف في البلاغة ليس فحسب من قبيل الاستجابة إلى التجديد الذي يمكن أن يقتضيه التطور الطبيعي لهذا الحقل في الثقافة الإنسانية، ولكنه تجديد قائم على حوار ذكي مع الأفكار التي رسخها  هذا الحقل في مسيره التجديدي منذ بدايات القرن العشرين وخاصة في الجامعة المصرية. لينتقل بعد ذلك صاحب كتاب" بلاغة النادرة" إلى ملاحظة مفادها أن المتأمل في خطاب عماد عبد اللطيف البلاغي لا يمكن أن يكون سوى سليل أسلافه من البلاغيين المصريين الأفذاذ أمثال أمين الخولي وجابر عصفور وألفت الروبي وعبد الحكيم راضي. منتهيا إلى أن كثير من ملامح تصوره البلاغي ماثلة في تصور هؤلاء للبلاغة، لكن الجديد الذي حمله لنا هذا الباحث الشاب يضيف –مشبال دائما- هو نقله لموضوع الممارسة البلاغية من الأدب الرفيع إلى حقل الخطابات العادية ومنها الخطاب السياسي. وانصبت محاضرة د. عماد عبد اللطيف "مستقبل الدرس البلاغي" على ما يتعرض له المواطن العربي المعاصر لأشكال وأنواع مختلفة من الخطابات العامة، يتباين منشئوها والوسائطُ المستخدمة في نقلها ووظائفُها ومدى فاعليتها. فهناك-بحسب الباحث- خطاباتٌ دينية وسياسية وإعلامية؛ قد تستخدم وسائط مرئية مثل الصحف أو الكتب أو اللافتات، أو وسائط مسموعة مثل شرائط الكاسيت والإذاعة، أو وسائط مسموعةً مرئيةً مثل التليفزيون والسينما والإنترنت. تتنوع وظائفُ هذه الخطابات بتنوع أغراض منشئيها وسياقات تداولها. كما تتنوع كذلك أشكال الاستجابة لها والآثار التي تحدثها بتنوع الجمهور الذي يستقبلها. مع ذلك تشترك هذه الخطابات في أنها تسعى للتأثير على الجماهير، وأنها تعطي أهمية كبيرة للطريقة التي يستجيب الجمهور من خلالها لهذه الخطابات. وقد انطلق صاحب كتاب" بلاغة التلاعب بالجماهير في السياسة والفن " في بناء مداخلته على الكيفية التي يتم بها إنتاج الخطابات الجماهيرية واستهلاكها في إطار عملية اتصال يمثل الجمهور طرفا فاعلا فيها. فهو ليس طرفا سلبيا في هذه العملية؛ وليس مجرد ‘مستقبل‘ لنص المتكلم. فبالإضافة إلى قيام الجمهور بعملية إنتاج معنى نص المتكلم عن طريق التأويل والتفسير فإنه يستطيع أن يُدخِل تغييرات جوهرية على الرسالة ذاتها من خلال استجاباته لها؛ حيث إن الاستجابات الآنية للمخاطَب والمتمثلة في رد الفعل والتغذية المرتدة feedback..إلخ تؤثر في الطريقة التي يبني المتكلم بها نصه ومجمل خطابه. ومن ثم فإن الجمهور الذي يُدرك قدرة استجابته على تعديل نص المتكلم، ويمتلك قدرة على التمييز بين خطاب سلطوي يحاول السيطرة عليه وخطاب غير سلطوي يحاول تحريره- يستطيع بواسطة تطوير وتفعيل استجاباته أن يقاوم الخطاب السلطوي. ومن ثمة عمل الباحث على إبراز مدى إيمانه بأن الجمهور يستطيع أن يلعب دورا كبيرا في التواصل الجماهيري المعاصر بوصفه حافزا على اقتراح توجه بلاغي هدفه دراسة الاستجابات التي ينتجها الجمهور الذي يتلقى خطابًا جماهيريًا ما، ودراسة الدور الذي تُعزز به من سلطة الخطاب أو تقاومه. يضيف صاحب " لماذا يصفق المصريون؟" أطلقت على هذا التوجه "بلاغة الجمهور" لكونها تتخذ من "طبيعة الاستجابات البلاغية الفعلية والمحتملة للمخاطب الذي يتلقى خطابا بلاغيا عاما موضوعا لدراستها، كما تحاول أن تطور مقاربة خاصة لدراسة هذه الاستجابة". فموضوع بلاغة الجمهور إذن هو الاستجابات التي يُنتجها الجمهور أثناء تلقيهم للخطابات الجماهيرية التي تبثها وسائل الإعلام. وهي تُعنى بشكل أساس بالعلاقة بين هذه الاستجابات والسلطة التي يمثلها الخطاب الجماهيري أو يسعى لترسيخها أو إضفاء الشرعية عليها. والغاية الأساسية لها هي تقديم أدوات للجمهور تساعدهم على تطويع استجاباتهم أو تغييرها بما يحقق مصالحهم العامة وليس مصالح المسيطرين على الخطابات الجماهيرية. هذه الاستجابات الجديدة أو المعدلة يمكن التعامل معها بوصفها استجابات بلاغية، تساعد على تحقيق أهداف الجماهير ومصالحها. مبرزا أحد أهم الاستجابات التي يمكن أن يُنتجها الجمهور، والمتمثلة في التصفيق الذي يعتبر موضوع بحث مهم في إطار بلاغة الجمهور. ثم انتقل صاحب كتاب " أنا كبير عائلة مصر: البلاغة والسياسة والدين في خطب السادات" تحت هاجس الحفر الابستمولوجي، إلى الكشف عن الخلفيات المنطقية التي تتحكم في إنتاج بلاغة الجمهور التي تحاول إعادة رسم حدود البلاغة العربية مع العلوم الأخرى؛ لتنفتح على بلاغة الحياة اليومية، وتغدو علما بينيا تتلاقى فيه علوم الاتصال والاجتماع والأنثربولوجيا والعلوم السياسية وعلم النفس وتحليل الخطاب. وينشأ عن ذلك تغير في إدراك الظواهر البلاغية يتم فيه إدراكها بوصفها ظواهر مجتمعية تتسم بالتعقد والتركيب، شأنها شأن بقية ظواهر المجتمع، وهو ما يفرض تطورا في مناهج وإجراءات دراستها بما يتيح فهمها وتحليلها وتقييمها وربما تقويمها.

وحاول الباحث بعد ذلك الكشف عن بلاغة الجمهور انطلاقا من كونها محاولة لتخليص علم البلاغة من جزء من تاريخه السلبي. فعلى مدار قرون عديدة كانت البلاغة -(الغربية خاصة)- أداةً يستطيع من يتقن استخدامها أن يسيطر- إلى درجة ما- على الآخرين. وقد ذكر جورجياس -وهو أحد أشهر معلمي البلاغة في تاريخ اليونان القديمة- في المحاورة التي خصصها أفلاطون لنقد البلاغة أن هؤلاء الذين يعرفون كيف يتكلمون، وكيف يُقنعون الجماهير يتمكنون من تسخير الجماهير لخدمتهم، ويمكنهم بسهولة سلب الجماهير ما تمتلكه. لا يزال الكثير من التصورات والتقنيات البلاغية التي قدمتها البلاغة القديمة ما تزال مستخدمة. وذلك على الرغم من أن المهمة التي كان يقوم بها الخطيب قديما (أعني إخضاع الناس لإرادته تمهيدا لاستغلالهم) أصبحت تقوم بها طائفة من التقنيين -مثل محرري الخطاب The Ghost Writers، وأخصائيي التضليل الإعلامي Spin-doctors، وخبراء الدعاية، والمتحدثين بالإنابة Spokes(w)men، ورجال الدين الرسميين..إلخ- وأن المستفيدين الأصليين من هذا الإخضاع ليسوا هم هؤلاء التقنيين وإنما من يعملون لحسابهم.متوقفا عند ما كتبته كريستينا شتوك في دراستها عن البلاغة السياسية العربية في القرن العشرين أن منْ "يعتقد بأنه يعلم الأهداف التي توظَّف من أجلها سلطة اللغة، يمكنه أن يخوض تجربة نزع هذه السلطة من اللغة". ومع أن شتوك –يضيف الباحث- استخدمت عبارتها في سياق البلاغة السياسية فقط، وأنها استخدمتها للإيحاء بمحدودية مقدرة الجمهور العادي (أي غير المشترك في صنع القرار وغير العارف بالدوافع والأهداف التي يريدها المتكلم مسبقا) على مقاومة بلاغة المتكلم -وهو ما نقول بنقيضه- فإن هذه العبارة تُعدُّ صحيحة في سياق آخر هو سياق العلم بالبلاغة. ومن ثمة صار العارف بطرق استخدام البلاغة بوصفها أداة للسيطرة هو القادر على إبطال هذه السيطرة، وتحويل البلاغة إلى أداة للتحرير. وهو ما يعني أن ‘بلاغة الجمهور‘ في صورتها ووظيفتها المقترحة هي امتداد عكسي كامل للبلاغة القديمة من ناحية، وهي المعرفة المؤهلة لأن تقوم بوظيفة مقاومة السيطرة التي يمكن أن تمارس بواسطة الخطاب من ناحية أخرى.

 تتسم ‘بلاغة الجمهور‘ من حيث هي ممارسة أكاديمية وتربوية بالسمات الآتية؛

أولا: أنها ممارسة موجهة للمخاطَب. وهو ما يعني أنها تشترك مع الخطابات الجماهيرية في طبيعة مستهلكها، ولكنها تخالفها في أهدافها وطبيعتها.

ثانيا: أنها ممارسة عبر نوعية؛ وذلك على مستويين، الأول مستوى التحليل؛ أي أن ممارِس ‘بلاغة الجمهور‘ لا يدرس الأنظمة اللغوية والسيميوطيقية المكونة للخطابات الجماهيرية فحسب بل يدرس أيضًا السياقات الاجتماعية التي تُنتج وتُستهلك فيها هذه الخطابات. المستوى الثاني المستوى التربوي؛ حيث إن ‘بلاغة الجمهور‘ يمكن أن تتحول إلى نشاط يشترك فيه أشخاص متعددو الاهتمامات والاختصاصات (أكاديميون، سياسيون، إعلاميون، ناشطون اجتماعيون..إلخ)، ويمكن أن تتنوع الوسائط المستخدمة في تقديمها.

رابعا: أنها ممارسة نقدية؛ فهي تُعنى بالكشف عن التحيزات والتمييزات والهيمنة التي تُمارَس أو تُقاوَم بواسطة استجابات الجمهور.

 يحاول هذا التوجه أن يستفيد من حقول معرفية متعددة؛ منها التحليل النقدي للخطاب، الذي يدرس العلاقة بين الخطاب والسلطة، إضافة إلى أحد توجهات دراسات المتلقين، وهو المعني بدراسة ظاهرة المتلقي الإيجابي. أما البلاغة العربية القديمة المعنية ببلاغة المتكلم فهي مهمة من جانبين؛ الأول أنها تقدم للمتكلم أدواتٍ تمكنه من تحقيق أغراضه من الكلام. و‘بلاغة الجمهور’ تمثل من هذه الناحية معكوسا لبلاغة المتكلم؛ فهي تحاول إلغاء فعالية أدوات المتكلم في حال استخدامها في بلاغة سلطوية. الثاني: الاستفادة من الخبرات التربوية التي طورتها بلاغة المتكلم على مدى عصور متعاقبة، وتحتاج إليها ‘بلاغة الجمهور‘ في إنجاز بعدها التربوي.

لمشروع ‘بلاغة الجمهور‘ اهتمامان؛ الأول تربوي والثاني أكاديمي. يعد الاهتمام الأول امتدادا عكسيًا للتصورات التقليدية للبلاغة بوصفها مهارة إنتاج الكلام البليغ، ولعلم البلاغة بوصفه العلم الذي يحدد هذه المهارات ويمرن على ممارستها، وللمادة البلاغية بوصفها النصوص التي يرى البلاغيون أنها بليغة. وقد حددت البلاغة المهارات البلاغية بأنها مهارة المتكلم، وحددت المتكلم البليغ بأنه القادر على الوصول إلى أهدافه عبر أفضل استخدام للغة. ومن ثم انشغلت بتطوير قدرات المتكلم على توظيف اللغة بهدف التأثير في الجمهور. أما ‘بلاغة الجمهور‘ فإنها تعيد تعريف المهارة البلاغية بأنها مهارة إنتاج استجابات بليغة؛ أي مقاومة للخطاب السلطوي. وتُعرِّف البلاغة بأنها العلم الذي يقوم بتحديد مهارات إنتاج الاستجابات البليغة، ويمرَّن على ممارستها. ويعرف الجمهور البليغ بأنه منْ يقوم بإنتاج استجابات بليغة.

تُعنى ‘بلاغة الجمهوربدراسة طرق وأساليب إنتاج استجابات بلاغية. وفي سياق هذا الاهتمام يمكن دراسة موضوعات مثل دور الجمهور في عملية الاتصال، وأثر نوع الخطاب (سياسي، دعائي..إلخ)، والسياق الذي ينشأ فيه (مجموع الظروف الاجتماعية والاقتصادية..إلخ)، وطبيعة العلاقة بين المتكلم والجمهور (مثل حاكم/محكوم، واعظ/متدين..إلخ)، والوسائط المستخدمة في نقله (التليفزيون، الإذاعة..إلخ) في استجابة الجمهور. وأنواع الجمهور (نصي، فعلي..إلخ، مثقف/محدود المعرفة)، والاستجابات التي يمكن أن ينتجها كل نوع. وقدرة كل منهم على مقاومة الخطاب السلطوي، والمهارات التي يحتاجها لتحقيق ذلك. وطبيعة استجابة الجمهور (لفظية/غير لفظية، مباشرة/غير مباشرة، خطابية/غير خطابية..إلخ)، وطرق تطويرها. وخصائص الاستجابة البليغة، والعلاقة بين الاستجابات الخطابية والسلطة.

هذه القائمة الأولية من الموضوعات التي يمكن أن تُبحث في إطار أكاديمي خالص، قابلة للتطوير بالإضافة أو الحذف أو التعديل. بعض هذه الموضوعات مطروح للبحث بالفعل (على سبيل المثال يقوم خبراء التسويق والإعلان بدراسات دءوبة لأنواع الجماهير واتجاهاتهم وسلوكياتهم..إلخ)؛ لكنها توظَّف لغاية مختلفة في إطار ‘بلاغة الجمهور‘. ففي حين يهدف خبراء التسويق والإعلان إلى الإفادة من هذه الدراسات في تحسين أنشطتهم التسويقية والإعلانية، تهدف ‘بلاغة الجمهور’ إلى تحسين قدرة الجمهور على مواجهة الخطابات التي تسعى للسيطرة عليه. وقد أوضحت في كتاب "لماذا يصفق المصريون؟ بلاغة التلاعب بالجماهير في السياسة والفن"، كيف أمكن تطبيق ‘بلاغة الجمهور’ على دراسة إحدى استجابات الجماهير المهمة هي استجابة "التصفيق".

يمثل التصفيق إحدى الاستجابات التي يستطيع الجمهور إنتاجها في سياق التفاعل اللفظي الآني مع خطاب المتكلم. وعلى الرغم من أن الجمهور قد لا يكون حرا تماما في إنتاج أو عدم إنتاج التصفيق، وفي اختيار مدته وطريقته نتيجة لبعض الأعراف الاجتماعية، أو وجود سيطرة مادية على استجابته..إلخ؛ فإن الجمهور يستطيع تطويع التصفيق ليصبح استجابة ‘بلاغية’ فعالة، تُغيِّر بدرجة أو أخرى- من الآثار النهائية التي يحققها خطاب المتكلم؛ فبواسطة فعل التصفيق، حضورا أو غيبة، على سبيل المثال يمكن للمخاطَب أن يوقف فعل التكلم أو أن يعضده أو أن  يجبر المتكلم على تغيير كلامه أو تغيير طريقة أدائه...إلخ.

يمكن أن تُدرس ظاهرة تصفيق الجمهور الذي يتلقى خطابا ما دراسة بلاغية تقابلية؛ تُعنى بالمقارنة بين الدلالات والأشكال المتباينة للتصفيق في الثقافات المختلفة. أما دراسة ظاهرة التصفيق في إطار ‘بلاغة الجمهور’ فتعني توجيه الاهتمام إلى جوانب أخرى للظاهرة، يمكن صوغها في شكل موضوعات للبحث على النحو الآتي:

1.                دراسة الآثار التي يُحدثها فعل التصفيق في الجمهور بنوعيه؛ الجمهور المباشر الذي يتلقى الخطاب ويقوم -أو لا يقوم- بفعل التصفيق، الذي تُنقل استجابته بوصفها جزءا من الخطاب، والجمهور غير المباشر الذي يتلقى خطاب المتكلم وتصفيق الجمهور المباشر بوصفه خطابا واحدا يقوم هو بالاستجابة له. والإجابة عن هذا السؤال تقتضي القيام بعمل ميداني، يتضمن جمع بيانات عن الآثار التي يُحدثها التصفيق في الجمهور.

2.                دراسة الوظائف والأغراض التي يسعى المتكلم لتحقيقها بواسطة دفع الجمهور إلى التصفيق، والوسائل التي يستخدمها في تحقيق هذه الوظائف؛ سواء أكانت وسائل بلاغية أم غير بلاغية، مثل انتقاء الجمهور، أو وجود مجموعات منهم تقوم بدور موجهين للفعل أو مبادرين به...إلخ.

3.                دراسة أنواع التصفيق الممكنة، ويمكن تقسيمها، بشكل أولي، إلى: 1-تصفيق عُرفي 2- تصفيق عفوي منظم 3- تصفيق عفوي غير منظم 4- تصفيق معد سلفا 5- تصفيق إيقاعي 6- تصفيق غير إيقاعي 7- تصفيق طويل أو متوسط أو قصير الزمن 8- تصفيق حاد أو متوسط أو ضعيف 9- تصفيق فردي أو جماعي 10- تصفيق متقطع أو مستمر...إلخ. وتحديد السياقات التي يمكن أن توجد فيها حزمة أو أخرى من هذه الأنواع، وهل ثمة علاقات (اطراد، تلازم، تعارض...إلخ) بين أنواع منها؟ وكيف تفسر هذه العلاقات؟ وهل تتباين التأثيرات التي تُحدثها حزم بعينها على الجمهور غير المشارك؟ ولماذا؟

4.                دراسة أثر طبيعة العلاقة بين المتكلم والجمهور (الاجتماعية والوجدانية...إلخ) في استجابة الجمهور بواسطة التصفيق (وجودا أو عدما، نوعا ودرجة...إلخ).

5.                دراسة كيف يمكن تحويل التصفيق ليصبح استجابة بلاغية مقاومة للخطاب السلطوي.

6.                دراسة كيف يُنتج التصفيق دلالاته، وهل توجد علاقات بين درجة التصفيق ومدته وشدته وطريقته والدلالات التي تنتج عنه.

7.                البحث فيما إذا كان موقف الجمهور غير المشارك في التصفيق من التصفيق (قبولا، رفضا، استهجانا...إلخ) يؤثر في تحقيق التصفيق للوظائف التي يسعى المتكلم لتحقيقها، ولماذا. وفي حال غياب فعل التصفيق بسبب موقف ديني (كما هو الحال عند بعض الجماعات الإسلامية)، أو عرفي (كما هو الحال في بعض القرى) ما هي الاستجابات التي تحل محله وتقوم بوظائفه؟

 وقد دُرِست هذه الجوانب تطبيقا على خطابات طبيعية منجزة، متباينة السياقات تشمل الرسمي والشعبي، السياسي والاجتماعي، التعليمي والترفيهي. وهو ما كان معينًا في الوصول إلى تعميمات تخص استجابة التصفيق في سياق المجتمع المصري. ويمكن أن تُستخدم هذه التعميمات أساسا لإنشاء جزء من مقرر تربوي، يوجه لمن يتعرضون لهذه الخطابات بهدف توعيتهم بالطرق التي يمكن أن يُستخدم التصفيق من خلالها كأداة خطابية سلطوية، والطرق التي يمكن أن يستخدم بها التصفيق كأداة لمقاومة خطاب سلطوي.