حوار الثقافة المغربية الاستراتيجية الثقافية

تنظيم اللقاء الثاني

محمد برادة

لاشك أن مما يشكو منه الحقل الثقافي في بلادنا هو غياب استراتيجية ثقافية محددة توفر لجل الفاعلين فيه رؤية دقيقة تمكنهم من تبصر الأهداف المرحلية والبعيدة للنهوض بالثقافة المغربية وجعلها نتاجا ملموسا ذا ملامح واضحة له القدرة على الوصول إلى أكبر عدد من أفراد شعبنا على اختلاف زمره الاجتماعية، بما يسمح للجميع بالمشاركة فيه على نحو إيجابي وفعال، وبما يسمح بتوفير أدوات فكرية وجمالية تسهم في فهم العالم وتعاطيه والمساهمة فيه كل حسب قدراته وملكاته. ولا يمكن بتاتا التفكير اليوم في الحقل الثقافي من زاوية الربح المادي المباشر المستند إلى رؤية اقتصادوية ضيقة تحصر الإنتاج الثقافي في مدى ارتباطه بما هو فكلوري، بل يجب النظر إليه في أبعاده الاستراتيجية الشمولية التي تتمثل أساسا في تكوين الفرد داخل المجتمع وتطوير ملكاته المختلفة وربطه بأسئلة العصر الكبرى، وبمدى القدرة على الحضور في الزمن بوصفه طاقة موجهة نحو الإنتاج لا الاستهلاك، وجعله مساهما في بناء المجتمع وتحديد مصيره على نحو فعال انطلاقا من القيم الإنسانية المثلى المرتبطة بالكرامة والتعدد والحق في التعبير الحر والنزيه من دون الارتهان إلى البنيات التقليدية في تدبير علاقة الفرد بذاته وبالآخرين والدولة. ولا مناص لنا في توجه من هذا القبيل من التمسك بخلق فضاء للسجال والتداول حول ما هي الأهداف والمبادئ التي بإمكانها أن تشكل رؤية مرجعية للمثقف المغربي. لقد كان الأمر واضحا في أزمنة ما بعد الاستقلال، كما كانت الأهداف تكاد تتمثل في النضال من أجل التحرر والتقدم والمطالبة بدولة تحترم العيش الكريم للطبقات المسحوقة. وفيما بعد أمام التحولات العاصفة التي مر بها العالم والتي أفضت إلى انهيار منظومات فكرية تقدمية بانهيار معسكر سياسي كان يمثلها، وأمام انعدام بديل ملائم للتطلعات التي تربى عليها جيل بكامله كان التيه وحده يقود الجميع- من دون وجود مرجعية موجهة- نحو الانزواء أو تعاطي الشأن الثقافي من خلال الاستجابة لما يمليه الظرف وفق زاوية نظر خاصة متحررة من كل التزام. ومن ثمة لم تعد الحدود بين ما هو ظرفي واستراتيجي واضحة، وصارت الحدود بين توجهات الدولة التي لم تحسم بعد في وضوحها الديمقراطي عائمة مما تولدت عنه ممارسات ثقافية غير مسؤولة ولا تخدم الأهداف النبيلة في بناء مجتمع جديد قوامه الحرص على القيم النبيلة بما يعنيه ذلك من تضحيات ومساهمة في الربط بين الثقافي والسياسي على نحو يساهم في تحصين مجتمعنا من اللامبالاة واليأس وفقدان الثقة في النخبة وقدرتها على الدفاع عن الغد على نحو لا لبس فيه. إن وضعا هذا يتبدى بكل وضوح اليوم في العزوف عن كل ما له صلة بما هو ثقافي والركون إلى ما هو عابر واستهلاكي. ويكفي النظر إلى عدم تحمس المجتمع، بما في ذلك المثقفون، للملتقيات الثقافية وتراجع القراءة، وركوض السوق الثقافي في جل مناحيه لندرك فداحة ما نحن مقبلون عليه ما لم تتضافر النيات الحسنة من أجل وقف تدهور الوضع الثقافي. ولا يمكن بتاتا فعل ذلك إلا بخلق فضاء للحوار يأخذ على عاتقه مهمة تحديد استراتيجية واضحة المعالم تحدد ما الذي نريده من الفعل الثقافي، وبأية رؤية، وبأية وسائل. لهذا نتوجه إليكم بهذه الأسئلة من أجل الحضور راجين منكم المساهمة في حوار وطني جاد يعيد للشأن الثقافي جدواه وفعاليته.

1-  محددات عامة للاستراتيجية:

 ا - تحديد رؤية استراتيجية مرجعية لتمتين الحداثة الثقافية

 ب - علاقة الرؤية الاستراتيجية بالواقع الثقافي وتبين سبل تحويل الثقافة إلى شأن عام

 موسع.

 ج - الثقافة والتحولات العالمية.

 د - الصناعة الثقافية (الارتهان بحاجيات السوق واقتصادياته) وتدبير القيم.

 هـ - الثقافة وأسئلة المجتمع والهوية.

 و- الثقافة والتنشئة الاجتماعية والتعليم.

 ز- ترشيد الحقل الثقافي وأسئلة الديمقراطية.

 ح - الوضع الاعتباري للمنتج الثقافي.

 2 – التصور الاستراتيجي لمجالات الإنتاج الثقافي الفني:

 ا – الإنتاج الثقافي ومجالاته المتعددة (المسرح- السينما – الفنون التشكيلية... الخ).

 ب- الثقافة الشفوية والتراث الشعبي.

 ج – الثقافة ووسائط الإعلام والتكنولوجيا الحديثة.

 د – الإنتاج الثقافي والنشر والتوزيع.

 هـ- الإنتاج الثقافي واستهلاكه

 و- الإنتاج الثقافي والتدبير المؤسساتي (البرامج الحكومية- البرامج الحزبية- مؤسسات التكوين- دور الثقافة – المكتبات...الخ).

 

يجرى اللقاء يوم السبت 26 مارس 2011 ب في المكتبة الوطنية من التاسعة والنصف إلى الخامسة بعد الظهر.

 

عن اللجنة الداعية

محمد برادة