تواصل الباحثة السودانية قراءتها للواقع العربي ولما يريد الغرب له، بصورة تربط الحاضر بالماضي، وترى في الإجراءات التي تدور اليوم تجليات لوقائع قديمة ولأحلام ومخططات تحتاج منا إلى النقاش والتأمل كي ندير حوارا معمقا عما يدور في ربيع الثورات العربية، وكي نعي ما يحاك لها وما يراد بها.

الجمهورية الرئاسية واختراق الحركات الشعبية

هل الجمهورية الرئاسية الامريكية اعادة انتاج للدولة الخراجية؟

خديجة صفوت

يجب ان يقاطع كل من يناقش النظرية التآمرية وتوقع عليه ضريبة كلما اشار اليها" كاس سنستينCass R. Sunstein من صهاينة روثتشايلد Rothschild Zionists واخصائى أمريكى فى الشئون الدستورية(1)

تمهيد تعالق الجمهورية الرئاسية وعسكرة الحلول:
تحاول هذه المجادلة تأمل وتحليل تنويعات الجمهورية الرئاسية وقياسات عليها ما امكن. وتفترض تعالق تلك الظاهرة بوصفها مصادرة على مطلوب المعارضة المنظمة واختراق الحركات الشعبية التلقائية خاصة. وتتعرف هذه الدراسة على الجمهورية الامريكية وتنويعاتها الفطيرة Pristine الباكرة الى ما يسمى بالجمهورية الامبربالية السلطانية وقد تحورت الاخيرة تباعا الى ما يسمى الجمهورية الرئاسية المستبدة الامرة الامارة الناهية المتعجرفة Imperious واحاول فيما يلى استدعاء سفر تكوين الاخيرة وخلفياتها وما تصدر عنه. وفى الجرء الثانى اتعرف على واحاول تعريف وتحليل الجمهورية الرئاسية الروسية والقياسات التى يمكن عقدها بين الاخيرة وجمهوريات رئاسية عالم ثالثة كما احاول تعريف وتحليل الجمهورية الرئاسية الاسرائيلية ومغبتها على نظائر عربية. وتتعين هذه المناقشة على تأمل تعالق الجمهورية الرئاسية وخلق شرط تخشب اطراف وفكر المعارضة المنظمة Organised Opposition وونفى شرط قيام اي عمل شعبى تلقائي غير منظمUn-organized popular direct action . بوصف ان الاخير قد يهدد النظام القائم بما يسمى حكم العامة الغوغاء.the rule of the mobs الذى ليس ثمة ما هو اسوأ منه Nothing is worse than Auclocracy .

وقياسا فقد كرس شرط حلول انظمة حكم لا يترك فضاءا لابعد من حكم الفرد المطلق فيما يطلق عليه تزويقا بل تكاذبا بينا الجمهورية الرئاسية وقد راحت الاخيرة تحل فى درجات المقياس مكان معظم الانظمة الماثلة بغض النظر عن البرلمان والديمقراطية الليبرالية وقد اسلمت الاخيرة مكاتها بدورها للديمقراطية الليبرالية او الليبرالية الجديدة سمها ما شئت(ي).

ربيع العرب على خلفية الاحداث الماثلة:
لعل ربيع العرب يقيض كوة تطل على حقيقية ما يسمى بالجمهويات الر\اسية الماثلة في تعالقها وشرط المراكمة الرأسمالية المالية سواء على مستوى الامتدادات فى شكل رشاوى وربا وريع وايجار واستحواذ على المال العام بمعرفة، وربما بتشجيع المحاور التى تهرب الرساميل المنهوبة اليها، كما فى كل مرة. وما تنفك المحاور ان تجمد تلك الرساميل وتستولي عليها جراء تعقيد محاولة الشعوب لاستردادها، كما فى حالة الفيليبن والارجنتين وايران وفينزيويلا ومعظم الدول الافريقية وغيرها. وازعم ان الجمهوريات البرلمانية ما انفكت ان اذعنت لشروط المراكمة المالية، وباتت كما فى بريطانيا وفرنسا تشارف الجمهورية الرئاسية بزعامة الليبراليين الجدد مثل توني برلير وديفيد كاميرون ونيكولا ساركوزي وقد اخذ الاول بريطانيا الى الحرب بقرار مسبق لم يكد يعلن فيه البرلمان الا بقدر ما ساقه وراء فرية اسلحة الدمار الشامل مما لم ينفك ان اصبح تغيير للنظام العراقي بمعنى تدمير كل ما يؤلف مجتمع فى العراق. ويسوق كاميرون ووليام هيج بريطانيا الى حرب على ليبيا تحت ستار الحظر الجوى، بادعاء حماية الليبيين المدنيين تكاذبا، فقد قتل السلاح الفرنسى والامريكي منهم 64 فى الليلة الاولى للحظر. ومع ان قرار حظر الطيران فوق سماء ليبيا- الا ما خلا طيران وصواريخ الحلفاء - يزعم انه لحماية المدنيين، الا ان كلمة واحدة لم تصدر بشأن تغيير النظام سوى ان التحالف يفسر القرار بانه «ان استمر الرئيس الليبي فى قتل المدنيين تعين على التحالف التخلص منه.»

وازعم ان قوى التحالف الانجلو امريكي الانجلو ساكسوني الفرنسي تتعامل تباعا مع التحولات الحالة فى المنطقة العربية بما تعاملت امريكا وبريطانيا به مع البلقان. والفرق ان فرنسا وقد باتت جمهورية رئاسية بامتياز بظهور نيكولا ساركوزي المهاجر الاقتصادي من اوربا الشرقية حديثا نسبيا، وايطالية وقد باتت ضيعة خاصة لسيلفيو لبيرليسكوني يسوقها بقوة ادوات الاتصال واحتكار امبراطورية اعلامية هائلة، ومع الاخيرين بعض الكيانات كل اهميتها تصدر عن صوت ملفق فى مجلس الامن، او عضوية الامم المتحدة، ونظائر الاخيرات - بعض هاتيك الكيانات كانت قد اصطفت الى جوار تحالف ضرب البلقان، وتقسيم تشيكوسلوفاكيا مثلما تصطف اليوم لضرب ليبيا تيسيرا لتقسيمها. ذلك اننى اجدنى مضطرة الى تأمل ما يحدث على ضوء متغيرات جديدة من الاحداث المتسارعة منذ نهاية 2010 مما قد يمهد المنطقة العربية فيما يمهدها لما بعد تفسيم السودان. فحيث يكون المرء قد شغل بدومينو ثورات الشباب، وقد باتت حركات شعبية واسعة، فان سيناريو مواز قد يعبر عن نفسه فى تقسيم ليبيا الى ما كانت عليه ابان الخلاقة العثمانية عشية الغزو الايطالي فى 1911. وكان الجزء الغربي مستعمرة فينقية فى القرن الاول قبل الميلاد وكانت تسمى مرة بربرة ومرة صيدا الغربية يتبع تونس، اى قرطاجنة قبل هزيمة الاخيرة لروما. فان احتلها الرومان بعد حروب البونيك Punic الثلاث التى استمرت 20 عاما من 264 قبل الميلاد الى 146 قبل الميلاد وهزمت فيها قوات هانيبال فسقطت قرطاج للرومان فضموها الى تونس- قرطاج وانشأؤا عاصمة بديلة لقرطاح اطلقوا عليها اسم افريقيا. بالمقابل كان اليونان يحتلون الجزء الشرقي وقد انشأوا شواهد حجرية واثار ما تبرح باقية وقد بقي شرق ليبيا يعود الى مصر الى نهاية الخلافة العثمانية حتى وحد موسلينى الشقين الشرقي والغربى كمستعمرة رومانية واطلق عليها اسم ليبيا. ويسعى الحلفاء الى اعادة انتاج ليبيا السابقة على الاستعمار الطلياني. وكان ماركس- ووراءه جوقة من المارسكيولوجيين - قد هلل للاستعمار الايطالي بوصف ان حلوله كان حريا بان يعلن نشوء ليبيا من النمط الشرقي، الى البرجوازية الصناعية، صعودا الى الاشتراكية. هكذا فى متوالية ميكانيكية مسمطة.

المهم فحيث يقع النفط فى منتصف ليبيا تقريبا، فلعل التقسيم يتأكد من ان تكون أهم اباره فى الجهة الشرقية. ولعل ذلك قد يفسر كيف ان قوى التحالف الشيطانى المذكور، تتعين على كل من تشجيع، ثم تزويد ثوار شرق ليبيا بالاستخبارات علنا. فقد راح بعض ساسة الغرب يلتقى وقيادات الثوار الليبيين علنا، ويقال ان الغرب يزودهم او- ويسمح لجيرانهم كمصر بتزويدهم بالسلاح. ويقول تقرير نشر فى جريدة وول ستريت Journal Wall street ان مصر تزود الثوار الليبيين بالسلاح بمعرفة الحكومة الامريكية(2) . واجادل ان اخطر ما حاق بالثورة الليبية السلمية هو انها سلحت، مما بات معه ادعاء ان القذافى يرتكب تطير عرقي بحقهم امرا ملتبسا. ذلك انه ما ان يملك ثائرا او ثائرين سلاحا، حتى يسوغ ذلك للطرف الثانى استخدام السلاح ضدهم. ومن المفيد تذكر ان مفهوم التطهير العرقي الذى كان قد ظهر مع حرب البلقان، ظهر وبات مفردة فى قاموس الحروب اللاحقة، لان البوسنيين لم يمتلكوا وقتها سلاحا. ولم يكن ذلك ليقيهم مع ذلك سلاح الصرب بل العكس. ففى نفس الوقت الذى تسلح الصرب حتى اسنهانهم بمعرفة الغرب وبعض الاوربيين الشرقيين وقد تحرروا من القيم الاشتراكية وباتت تغويهم القيم الرأسمالية والربح واقسى الربح فقد حرم البوسنيون من السلاح. وكان مالكولم ريفكين Malcolm Rifkind الوزير المحافظ فى حكومة مارجريت ثاتشر ثم وزير اسكتلندا الاسبق الذى يملأ الدنيا صباح مساء تباعا بان على الغرب تسليح الليبيين كان ريفكين يجأر حين طالب البوسنيون بالسلاح لمواجه الصرب بان "تسليح البوستيين-المسلمين-من شأنه أن يحول الصراع الى ارض معركة متكافئة القوى فى القتل Level killing field.

هل فجر الاوديسا The Odessa Dawn تنويع على يوميات موت ربيع العرب المعلن؟
صوت 10 من ال 15 عضوا من اعضاء مجلس الامن الى جانب القرار1973 ولم يعترض احد على حظر الطيران، وامتنعت الصين والبرازيل وروسيا والمانيا والهند عن التصويت. وتلاحظ(ين) ان الخطاب يكاد يعيد انتاج نغمة ومفردات تسويغ اجتياح العراق. ويجأر رئيس اركان التحالف وديفيد كاميرون ؤئيس وزراء حكومة الائتلاف البريطاني «ان حماية المدنيين تستحيل مع وجود القذافى فى السلطة» وكأننا نتابع يوميات موت معلن Chronicle of a death foretold لغارسيا ماركيز. الا ان القتيل المحتمل هنا يعلم(3). وكان ساركوزي بصحبة لبنان والمملكة المتحدة، وقد بادر بمشروع القرار 1973 تحقيقا لحلقة من حلقات اجندة الصهيونية العالمية فى الوطن العربي. ففيما لا حاجة لساركوزي ان يقتل نفسه ليثبت انه صهيوني، يكاد ديفيد كاميرون ان يقتل نفسه ليثبت انه صهيونى. وقياسا فرغم ان أمريكا ما برحت تتخذ مقعدا خلفيا بعد- الا ان حلف الاطلنطي ما ينفك ياخذ بقيادة قوات الحلفاء بوصفه «اقدر من يقوم بهذه المهمة» وقد راح تدافع قوى الغرب ونصرائهاالمفتوح يشارف التدافع نحو افريقيا The scramble for Africa نهاية القرن التاسع عشر الا ان باراك اوباما – الحائز على جائزة نوبيل للسلام - لا يحتاج ان يدعي شيئا لتسويغ اجتياح ليبيا. فمن خصائص الجمهورية الرئاسية الامريكية ان ليس على رئيس الجمهورية تبرير الحرب، بل ليس عليه اخطار الكونجرس باعلان الحرب، طالما لم تستمر الحرب اكثر من 60 يوما قابلة للزيادة الى 90 يوما. فرئيس الجمهورية لا يخضع لمسائلة بشأن فرض حظر جوى منذ 19 مارس 2011 على بلد عربى هو ليبيا.

ان التطورات الحالة فى ليبيا قمينة باثارة الاهتمام بخصائص والخصوصية الاستثنائية لمفهوم الجمهورية الرئاسية الامريكية وتنويعاتها الماثلة. فقد يكون الحظر الجوى على ليبيا وما قد يتبعه من احتمال احتلالها بداية مسلسل قد يستلب العرب انتصاراتهم الشعبية فيعصف بربيع العرب مرة. وقد يوفر اجتياح ليبيا مرة اخرى رئة صناعية للدول الغربية فى زمان الازمة المالية التى جائت لتبقى طويلا. وقد تقيض الحرب على ليبيا مرة ثالثة لكل من ساركوزى وديفيد كاميرون واوباما فجأة وبليل مخرج من ازماتهم الخاصة والعولمية معا مما لا يخفى على احد احتفال الاخيرين به. ففيما عدى ان السلاح يقيض القضاء على الاعداد الزائدة عن الحاجة ممن لا وجوه لهم باسم حماية المدنيين فان الحلفاء يملكون ان يجأروا بانهم يحمون الليبيين من ان يقتلهم حكامهم. والسلاح الغربي يخدم اكثر من وظيفة :
- تتخلص الحروب العالمية الممحللة Localised world wars من السلاح البائر بغاية صناعة اجيال جديدة من السلاح وتجريب الاجيال الجديدة من السلاح على تلك الاعداد الزائدة عن الحاجة، مثلما حدث فى العراق، ويحدث فى افغانستان وباكستان. وقد راح خسائر موازية من الليبيين - حسب تقارير متكاذبة دائما 64 ليبي فى الليلة الاولى وحدها. فالجنود دربوا على ان يصبحوا محض آلة للقتل Killing machine. وان يتبارى الساسة الغربيون فيما بينهم باستعراض السلاح، يخلق استخدام السلاح حالة من استدعاء فحولة كل منهم، مثلما يفعل صبية تحت عامود النور فى شارع مترب، اذ يزهو كل منهم بما وفره لعملية فجر الاديسا Operation Odessa Dawn منذ الساعات الاولى، بعد اعلان قرار مجلس الامن رقم 1973 بحظر الطيران على الطائرات الليبية. وان كانت فرنسا اول من بادر بمشروع القرار فقد ارسلت فرنسا اول فوج من طائرات ميراج Mirage 2000 وميراج FI ومقاتلات من طراز Dassault Rafale لردع قوات الحكومة الليبية من ضرب بنى غازي، وارسلت الولايات المتحدة صواريخ من طراز storm shadow وصواريخ توماهوك كروز Tomahawk Cruise missiles وارسلت بريطانيا صواريخ تورنيدو Tornado GR1 وتايفون Typhoon ونبمرود R1 .Nimrod وارسلت كندا طائرات F18 hornet. هذا وتنطلق تلك الصواريخ والطائرات من كل من قطع الاسطول الامريكى فى المتوسط ومن اكثر من 45 قاعدة هيأت فى جنوب ايطاليا وكورسيكا وكأن كل ذلك كان معد سلفا والا كيف تكون كل هذه الجاهزية المعقدة قابلة للتحق بليل؟ ان الرأسمالية تدرك جيدا ان الحرب رئة صناعية لا غنى عنها، فى اى وقت وكل الاوقات. الا يذكرك ذلك بتأهب قوات الحلفاء لاجتياح العراق باكرا قبل صدور قرار مجلس الامن بشهور؟ فقد كانت القوات تنتظر صدور القرار رسميا بصبر نافذ حتى ان القواد اشتكوا مغبة الانتظار على معنويات الجنود.

هذا والا ترى(ن) الى انتفاش الزعماء الغربيين امام عدسات الاعلام، وقد تحولوا فجأة فحولا وقد احرز كل منهم لتوه أورجازم عظيم؟ فالسلاح كان دائما امتداد للعضو الغربي، خاصة اذا اخصى الاول خصمه، الذى قد يمتن لذلك بل يرسل بعضهم عتادا بدوره، فيدخل نادى القضبان بامتياز. وقياسا يتماهى الاعلام بانواعه مع الساسة والزعماء، وكان الكل ليلة حلقت طائراتهم وانطلقت صواريخهم السبت 19 مارس 2011- نحو اهداف- ولم يتوفر لهم الوقت الكافي لتحديدها بدقة - مثلما يفعلون فى باكستان وافغانستان وما كانوا قد فعلوا فى العراق- ولا يهم ان اصابت مدنيين - كان الكل فى جوقة احتفال، بما لم يكونوا يحلمون بتحققه هكذا. فقد قيض لما يسمى تحالف الراغبين بارادتهم The collision of the willing بما فى ذلك الجامعة العربية ما لم يكن فى حسبانهم. ام هل كان كل ذلك فى الحسبان، وان ليبيا هى فى الواقع الجائزة؟ فما كل هذا الهناء؟ الا ان عمرو موسى الامين العالم للجامعة العربية التى بصمت على قرار الحظر الجوى يحتج بانهم لم يتفقوا على قذف ليبيا جوا، وانما اتفقوا على حماية المدنيين. ان السيد عمرو موسى الذى يستعد لخوض انتخابات جمورية رئاسية مقبلة سراعا، يعلم جيدا ان عليه الانضباط فى الصف. وليس ذلك بامر الطارئ او الجديد عليه. فعمرو موسى لم يزر غزة الا منذ شهور، وهو الذي لم ينبس ببنت شفة حتى اليوم حول السبب الذي لم تنعقد الامم المتحدة، ولا مجلس الامن، لتستصدر قرارا بالحظر الجوى فوق سماء غزة. لماذا لم تطالب الجامعة العربية بحظر الطيران فوق سماء غزة؟ وقد استخدمت اسرائيل الفوسفور الابيض واليورانيوم المنضب وما لا نعرف بعد من العتاد ضد المدنيين الفلسطينيين؟

ان ايقاع الخسائر الموازية حكر على الجمهوريات الرئاسية الغربية والا كان في ذلك تطاولا عليها: يتوعد الغرب - بتاطؤ حكام العرب بقضهم وقضيضهم - ليبيا الرسمية بان الغرب يتوعد ليبيا الرسمية من قتل المدنيين. فذلك يبقى دائما حقا معقودا على الغرب وحده. هذا وتفتح تلك الحرب التى قد يحصل الغرب بها على ليبيا، بما يشارف المجان – ببلاش - قياسا على تكلفة العراق المادية وغير المادية فى ارواح قوات الحلفاء - فيما لا تحصى الاخيرة ارواح العراقيين بوصف ان قوات الاحتلال لا تفعل ذلك We do not do body cunt يفتح حظر الطيران فوق سماء ليبيا للغرب كوة على سعر منخفض لاجود انواع النفط، واقلها تكلفة. فليبيا على مشارف اوربا، وتفيض ليبيا غازا وماءا وما يبقى غير معروف من الثروات الطبيعية، زيادة على ايد عاملة رخيصة ستكون ممنونة لفرنسا وبريطانيا بتحريرها من عبودية طاغية، لتسلمها لعبودية العمل المهاجر. فالحرب على ليبيا من الباب الخلفى ليست مجانية تقريبا وحسب، وانما بمكاسب من طبعها ان تخصم على الليبييون العرب.

والاهم فقد توفر العملية فجر اوديسا تيسير ضرب سوريا وايران. فكان التحالف الغربي بين تلك الجمهوريات السلطانية الامرة المتأمرة – ولك ان تصغى الى لغة الخطاب وكأنه خطاب البابا اوربان الثاني يسوغ الحرب بوصفها عادلة، ففي شأن الله وثواب فى الرب – او- وفى الرأسمالية المالية - الصهيونية العالمية. وتعبر الحرب على ليبيا-  لست ادافع عن احد، فقد منى القابض على دينه كالقابض على الجمر منذ حروب الخليج - بالخيار بين خندقي الباطل - ولا خندق ثالث، بجريرة عجزنا عن خلق خندق ثالث، جراء استهلاك معظمنا للفكر والعجر عن انتاجه. تعبر الحرب عن نفسها، وكانها اوكازيون السوبرماركيت حيث تحصل على سلعتين بثمن سلعة واحدة buy one get one free، ذلك انه فيما تقلل هذه الحرب من الاختناقات الاقتصادية والاجتماعية جراء ازمات الغرب الداخلية فالحرب المتخفية وراء حماية المدنيين الليبيين ترفع من شعبية الزعماء الغربيين وكان معظهم - مثل ساركوزي وكاميرون واوباما - قد شارف مرحلة التهديد بسقوط وزاراتهم – او الجمهورية. ولعل تلك الحرب علبة اوكسيجين، قد تؤجل ثورات الشعوب الغربية الاتية لا محالة قليلا. وفى كل ذلك وبسببها لا يخطر اى من اؤلئك الطغاة الجدد البرلمان ولا يستشيرون شعوبهم فى اشعال حرب باسمهم. ولا يهم. فحيث لا يخطر باراك اوباما الكونجرس الامريكى بارسال قوات امريكية لضرب المنشئات للعسكرية الليبية، يحتج كل من الكونجرس والفرع التنفيذي للحكومة الامريكية Executive Branch of the US government على السواء على تجاهل اوباما لهم، ولا يغير ذلك فى امر شئ.

ضربة معلم؟
ان كان كل ذلك كذلك فلا بد من ان يعلن المرء اعجابه بما يبدو وكأنه ضربة معلم حقا. فاي عبقرية تلك التى تداهمك من بابك الامامي وتفتح لها انت الباب مرحبا مستبشرا مقبلا على ما قد يكون فيه مقتل البعض مثلما فى ليبيا وغيرها مما لا يمكن القول او التكهن بمآله. ونحن ما نبرح نتعاطى مقولاتهم المخدرة للحواس لا نستهلك فكرهم بنوع من الخدر بل بشئ من النشوى المحارمية وحسب. فمعظما لا يسئ استهلاك ذلك الفكر وحسب ناهيك عن ان لا ينتج فكرا يخصه ويعبر عخزه وانما يستاء وقد بنجرح ممن يجرؤ على النطق باسم ما يفعل بعضهم بمعظمنا. أترى ان مثل هذا القول تجديف بما انخرطنا جميعا فى التغنى به من ابداع الشعب العربي او اى شعب؟ ليس ذلك تماما. وانما اليس ان يرجع المرء خطوة الى الخلف فيتأمل ما يحدث وما يبدو من مغبته الماثلة هو رجوع الى الحق انشاء الله بوصف ان ذلك فضيلة؟  فحيث يقول الرافضون للاحتفاظ بالدستور المصري القديم مع اجراء التعديلات ان ذلك سوف يحتم اجراء 3 انتخابات للمجلسين ولرئيس الجمهورية وثلاث انتخابات لاحقة للدستور الجديد الخ فانهم يعتقدون ان العاقبة غير مضمونة. ذلك ان الدستور القديم بتعديلاته قد يأت بحزب المؤتمر الوطنى وجماعات قادرة على تنظيم نفسها وكانت قادرة على ذلك فيما لا يسمح الوقت للعناصر الثورية الشابة ولا حتى لاحزاب المعارضة التى كانت اطرفها قد تخشبن من طول المعارضة فى بيداء الفعل السياسي الحقيقي. ولعل العناصرة الشابة واحزاب المعارضة قد لا تلحق بالاحزاب ذات الجاهزية اما بتغيير الوان المعاضف وحسب او تلك التى كانت قد نظمت نفسها طويلا حتى تشارك فى وضع الدستور المصري الجديد. على انه يبقى مع ذلك وقبل ذلك وبعده ومهما حدث ان الذى احرزته الجماهير الثائرة فى ميدان التحرير وفي غيرها من ميادين الحرية لا يمكن العودة عنه الى ما كان قبل الثورة مرة اخرى ابدا. فقد ذاق الناس حلاوة الاقدام والفعل الثوري والحرية والكرامة ولن يأخذ ذلك منهم احد. فان لا ينقلب السحر على الساحر فلعل الغرب الصهيونية العالمية قد يسقط في يدها وقد تمثلت خسارة خصوم العرب ولو بما لا يمكن الرجوع عنه. وحتى ان لم تنجز الشعوب العربية شيئا-و هذا غير صحيح على الاطلاق-فيكفى ان العراقيين تجاوزوا المحاصصة والطائفية والتشرزم فاتحدوا يطالبون بما دفعت قوات التحالف مليارات الدولارات لمحوه من الذاكرة الشعبية العراقية(4). وان تمكروا يمكر الله بكم.

مقدمة: البحث عن كوة rقد تطل على احتمال انتاج الفكر بدلا من استهلاكه وحسب:
يشير بعضنا الى الجمهورية الرئاسية وكانها مفهوم مسمط فى الزمكان وبلا تنويع عليه. ذلك ان معظمنا يركز فى تعريف الجمهرية الرئاسية على طاهرة وجود شخص فى اعلى الهرم السلطوي يحيط به مستشارون وخبراء مما اشير اليه أدناه بالجمعيات المشابهة للجمعيات غير الحكومية الكوانجوزQUANGOs وما لزم من المتزلمين لا اكثر. وقد يميل ذلك الفرد المفرد الى توريث سلطته بصورة من الصور مما يجعل الجمهوريات تشارف الوراثات الاسراتية او-و المحاسبيية Chronis كما فى الدولة الخراجية السابقة على الرأسمالية الصناعية. الا اننى ادعى ان الجمهورية الرئاسية مفهوم مركب وقديم معا مما يلزم الباحث بارسال البصر والبصيرة بعيدا فى الماضى رأسيا وافقيا فى التحورات التى تحل بذلك المفهوم مثله كغيره من المفهومات.  وقياسا فقد تصدر بعض مكونات هذه الدراسة عن قراءات وخواطر لا حد لها بقيت تستعصى على الفكر الجاهز وتقاوم استهلاك الفكر قدر الممكن والاهم تقاوم محاولة فهم الواقع العربي بقدر ما تحدق فى عين الابتزاز والمساومة وغواية مكاسب او مكانة او مغنمة بثمن باهظ ولا تبكيت. وقياسا تصدر هذه الدراسة عن محصلة كل من المعاصرة والملاحظة المشاركة(بكسر الراء) والتعين على القياسات والتنويعات المفهوماتية الاجرائية Operational اكثر منها المطلقة او المجردةAbstract . وطالما كانت تلك المعاضرة والملاحظة المشاركة تهدد بالوقوع تحت طائلة التحورات الحالة تباعا فى تنظيم الحكومة والانتاج وفى النخب والصفوات العربية وغير العربية وغير ذلك من تجاريب شخصية او-و تجارب معارف واصدقاء تماهينا فيها وتشاركناها ونالنا جرائها الوان العنت وعدم الانصاف ولا اقول الظلم العام والخاص والمطاردة وما يشارف العزل او-و طائلة الحكم بالاعدام المدني-بجريرة الجرؤ على معارضة الانظمة والاختلاف مع النخب والصفوات المرقدة Embodied.

ذلك ان تلك التجارب اتصلت على مر سنين طويلة جدا عاصر بعضنا فيها تحور الجمهوريات الليبرالية الى ما بعد ليبرالية وصولا الى الجمهوريات الرئاسية والاسراتية كما شهدنا تحوؤ النخب منذ الستينات بصورة ابداعية من اليسار الى الليبرالية الجديدة ومن الاصطفاف الى جانب الشعوب ولو تكاذبا الى الاستهانة بالاخيرة والذراية بها الى ما يدور اليوم من الابداع مجددا ىف تغيير الوان المعاطف بليل. وكانت تلك الطواهر قد عبرت عن نفسها تباعا فى الاستقطاب العنيف بين الحكام والمحكومين وبينهما نخب لا مكترثة cynical تعينت على تزويق الجمهوريات الرئاسية على انها منتهى التقدم والتطور والحداثة او ما بعد الحداثة او تنويعات الاخيرة التى اعرفها بما بعد التقليدية-سواء عسكرية بملابس مدنية او استخباراتية او-و افانجلية متطرفة او أسلاموية. وقياسا تفترض هذه المجادلة ان الجمهورية الرئاسية Presidential Republic تنويع على السلطة الخراجية المشروقة. واعرف مفردة الشروقة بانها تصدر عن كل من:
- نمط انتاج سابق على الرأسمالية الصناعية او-و لاحق لها بمعنى يتجاوزها دون ان بمر بها فيما يلاحظه الناس اليوم فى الرأسمالية-الريوية-الخراجية بالضرورة- المالية بالنتيجة.
- ان شرائح سلطة الجمهورية الرئاسية تتمأسس فوق علاقات انتاج وملكية تستدعى تنويعات تشارف علاقات الانتاج التى تسود تحت ظل الدولة الخراحية المركزية رغم وربما بسبب غياب التماير الطبقى الا بقدر ما يستقطب المجتمع بين اقلية ثرية قوية حاكمة واغلبيات مفقرة مستضعفة محكومة بينهما نخب-من نساء ورجال وعبيد معتقين ومحظيات ملكيات-و نسووقراط-متواطئة مع الحكام ضد المحكومين فيما تدعى انها تمثل الاخيرين وتتحدث باسمهم. وتلاحظ هذه النماذج فى الجمهوريات الاشتراكية السابقة مثل ليف فاونسا وفى الاتحاد السوفيتى مثل بيروزفسكى وخوردوفسكي ويلتسين وفي اسرائيل ف امثال ليبرمان الذى كان ابضاية Bouncer بالنوادى الليلية الروسية ليغدو وزير خارجية اسرائيل وفى بعض المجتمعات العربية والاسلامية ممن تملا اسماؤهم ادواة الاعلام بانواعها والشيكة منذ اندلاع الثورات العربية الشعبية تباعا.
- أن مجتمعات الجمهورية الاسراتية تتميز او تمنى بمرحلة تطور تسودها منظومة قيم ومفاهيم القوة والثروة والنجاح بكل وسيلة وتكريس الميكيافيلية بل الاحتفال بها مما يسقط على النجاح الفردي. وتفرز كيمياء بهذا الوصف ما يطلق عليه الفكر السياسي الاقتصادي الغربي الفرد العقلانى the rational individual-بالتعريف المذكور فى دراسة سابقة بالكلمة. ذلك ان مصلحة ذلك الفرد العقلاني تغدو بهذا الوصف-تكاذبا-مصلحة المجتمع. ويعبر مثل ذلك الفرد عن نفسه فى المافيات المالية او-و الاوليجاركيات الاسراتية مما عرفته ايضا فى دراسة اخرى بالكلمة
- ان تعريف مرحلة تطور تلك الجمهوريات يصدر عن التركيز على ثروة وقوة اقليات من شرائح السلطة ومن اعضاء الدائرة الداخلية الضيقة التى تحيط بتلك الشرائح وتطرح نفسها بالالوان الطبيعية وأو بالبهزخ والابهة والجدى والازدهار بوصف ان اى منها او جميعها تعبير عن تطور المجتمع تكاذبا بالطبع.
- ذلك ان تطور ا لمجتمع بات يقاس بجماعات بعينها من تلك الجماعات الغامضة الى كبار حملة الاسهم والمصرفيين والنجوم ولاعبي كرة القدم وعيرهم من شذاذ الافاق ممن تمتلئ بصورهم وسيرهم الحصف التى يملكونها او-و تملكها الاوليجاركيات المالية.
- اى انه فيما ينسب الى تلك الاقلية مرحلة تطور المجتمع فان ازدهارهاو ثرواتها واسلوب حياتها يسقط علي المجتمع من المجتمع أعلى فيعرف تطور المجتمع بسير تلك الجماعات وسردياتها كما فى المحتمع الاثيني عبورا بالعباسى مثلا وصولا الى الامريكى مثلا.
- التستر على افقار وهوان الاغلبيات المنتجة للفائض وللكفاف وما هو اقل منه وللحياة اى اعادة انتاج الاغلبيات لنفسها حتى تتعين على انتاج الفائض الخ. ذللك ان تنظيم الحكومة والانتاج يخفى افقار الاغلبيات حتى فى المجتمعات الغنية التى لا تتحدث عن الفقر. فامريكا لار تذكر الفقر وتشير اليه رغم افقار الاغلبيات وانتشار الفقر فى اغنى المجتمعات الانسانية. وقد لاحظ الناس مدى افقار عامة الامريكان غب كارثة الاعصار كاترينا فى 2005. بل ان استقطاب المجتمع الامريكى الذى لا يتحدث عن الفقر ابدا اتضح حين رحل صحابا الاعصار كاترينا من الولايات الجنوبية على شواطئ المسيسيبى الى وسط الولايات المتحدة. فقد راح البيض يستنجدون بالشرطة كلما لمحوا اسودا فى الجيرة القريبة منهم.
- ان الجمهوريات الرئاسية تنتج فكرها ونموذج التنظيم والتنمية الذي يخصها فتهيمن على ما عداها من الفكر و-أو تصادر اي فكر وتنظيم بديل.
- تنتج تلك الكيانات او- وتفبرك نخبا تلحق بها ويتعالق مصير الاخيرة بالاطر الفكرية والبراديجمات التى نتجها النخب موسميا لتسويع عمليات الاستحواذ والتستر على افقار الناس على نحو منظم. وتتواطؤ النخب-او الصفوة مع تلك الكيانات سرا وعلنا وتجيد تغيير الوان المعاطف. فقد دخل فى روع النخب انها من سلالة فلاسفة اليونان والتنوير والمبدأ الانسانوي وعصر الكشوفات الجغرافية الكبرى والفتوحات والتدافع من اجل افتسام العالم. ومن المفيد تذكر ان اجندة الصفوة كانت تنادي على مر التاريخ بسياسات مفزعة بشأن التحكم فى اعداد السكان(5). وقياسا تغدو تلك النخب او الاحرى تطرج نفسها بوضفها فائقة على العامة الدهماء الغوعاء بواقع مفاهيم التمييز الذهنى على الاخيرة مما يمنحها الحق فى تجاوز العامة فى نظريات التطور او-و مماسات التقدم. كما تطرح النخب نفسها بالخصم على At the expense of من عداها من المثقفين مما يصادر اي فكربديل لفكر النخب والصفوات التى تملها الجمهوريه الرئاسية وتخلق شرط مناشط تسغلها بها او-و تورط غيرهامما يجعل الكل يكاد يدور فى سافية بلا ماء.

وقياسا لا يعبر الحوار ان تم عن نفسه الا بما لا يزيد او يفل عن حديث الطرشان. وبما ن الفكر ليس نتاج عقل او عقول متفردة وانما هو تراكم انتاج عقول تنعم بقدر معقول من رصانة الحياة الفكرية وخلوها ولو نسبيا من تنافس النخب على فضاءات الحركة فان فكر النخب يحجر على جماعية الفكر والحلول. ذلك ان النخب تحتكر الفضاءات دون من عداهم فى صراع عنيف لا متهاود منشأؤه ان النخب حرية بان تشعر بالخطر من وجود وبتهديد من لا يتفق معها زيادة على استرابتها فيمن ليس معها. فكأن النخب والصفوات هى التى اخترعت الخارطة الذهنية ومعمار لغة الذين يجأرون بان من ليس معى فهو عدوى. ومع النخب والصفوات-بهذا للوصف-الحق فى ذلك كل الحق جراء افلاس وهوان معظمهم الفكرى. ذلك ان عزلتهم عن الناس واستعلائهم على الشعوب-العامة-من شأنه ان يجفف منابع الابداع لدى معظمهم الا ما خلا كتابة التاريخ الرسمى وتاريخهم هم كجملة اعتراضية او شرح على متون الاخير. وتنشط النخب فى:
- تكريس الجمهوريات الرئاسبية ما تنويعاتها ونظائرها الاسراتية Dynastic الفطيرة Pristine على مر التاريخ منذ يوسوفوس مع جهورية يوليوس قيصر الاسراتية وربما منذ ارسطو مع جمهورية افلاطون.
- تسويغ سلطة الاثرياء الاقوياء والتمحك بهم او- ومنافسة بعضهم فى النجاح والشهرة والثروة. فتجد ان معظم النحب ما بعد الحداثية تتمتع بالثراء النسبي قياسا على العامة او-و تنظم انفسها قيما يشارف مافيات فكرية واوليجاركيات مالية كتومة.
- وقياسا تلاحظ كيف تتكتل الاخيرة متساررة بصورة محارمية incestuous فىما يشبه الكبالات Kabballah فلا يزيد ما يتعينون عليه على مجاز spin يدور recycle الكلام الذي لا يقول شيئا كساقية بلا ماء
- تمرير الوراثات العسرة للجمهوريات الرئاسية الوراثية كما فى روسيا والمجتمعات العربية الخ.

وتجد ان معظم الناس يستهلكون منتجات تلك الكيانات الفكرية والتنظيمية وقد حرم عليهم انتاج اى فكر او تنظيم بديل. فتلك المنتجات من سلع النخب تؤلف فكرا لا يزيد على مصادرة على مطلوب التطور الفكري التنظيمى. فما خلا ذلك الذى يصب فى مصلحة الحكام فيقيض للنخب الفتات الذى يحصلون عليها بالتماس والرقاعة ققد تعمل المصادرة والتعقب عملها. وحيث تبرع النظائر العالم ثالثية فى استهلاك الفكر دون انتاجه من سرديات تلك الكيانات المشروقة المنوالية يتواطأ الاخيرين على من عداهم وحيث تدعى شرائح سلطة الجمهوريات الرئاسية انها منتهى التقدم وقمة الحضارة والتطور فان اى منظور اخر حري بان يغدو غير قابل للتصور. وقياسا فهذه المجادلة محاولة فى تأمل وتحليل تنويعات من الجمهورية الرئاسية من الامريكية الى الاسرائلية عبورا بالروسية المرسملة مع نماذج وجيزة من نظائر عربية كلما امكن.

فما هو "سفر تكوين"الجمهوريات الرئاسية؟
ما هو سفر تكوين Genesis وما تستحضر به تنويعات مشوهة ومشوهة - بكسر الواو - للجمهورية الرئاسية؟ من اين وكيف تأصلت تنويعات الجمهورية الرئاسية؟ ما هى المسارات التى توفرت على اعادة انتاج تشكيلات سلطة الدولة ما بعد القومية Post-Nation نظائر ما بعد التقليدية فى تنويعات الجمهورية الرئاسية؟ وهل الجمهورية الرئاسية تنويعة ما بعد تقليدية Post-Traditional للسلطة المركزية الخراجيةpower Tributaryالوراثية الاسراتية Dynastic state؟ اجادل فى الجزء الاول ما اعتقده سفر تكوين تنويعة الجمهووية الرئاسية - الادارة الامريكية بوصف انها توليفة فطيرة Pristine تصدر عن تاريخ ثقافى وسلطوى وتننظيمى وفكرى يتصل بعنف بدايات الولايات المتحدة التى تبقى حديثة جدا وبالتالى طازجة فى الضمير الجمعى والرسمى اللذان يكادان يتقاطعان والسردية الرسمية بحيث اجادل ان تشكيلات السلطة الامريكية الشمالية-الولايات المتحدة على الخصوص تقف فريدة فى انها قد لا تحتاج-دون غيرها-الى مفصلة اساطير ومبثلولوجيا حول السلطة للمحكومين ولو ان ذلك لا يمنعها من التعين من وقت لاخر ومع ازمات السلطة والرأسمالية المالية مثلا من ان تنسج اساطير وصورة ذاتية ما تنفك تصدرها الى مناظق نفوذها وتلح بها على اصدقائها ان كان لها شئ من ذلك وعلى غرمائها الاكثر عن طريق الاعلام وهوليوود والكوكولا والطعام السريع مرة وبالهزيمة العسكرية مرات. واجادل ان مثولولجيا السلطة قد لا يزيد عن فلكلور متأصل وبلا بديل فى الثقافية السلطوية الاوربية الغربية مثلا الا ما خلا الانجلوساكسون.

هذا واعقد قياسات تباعا على ومن اجل مفصلة تنويعات شبه نوذجية Typologies للجمهورية الرئاسية. فان اجادل رواسب كامنة فى ومتماسسة على خلفيات وخصوصيات ثقافية-تاريخية-ميثولوجية- تقليدية -واحيانا خراجية-و ما بعد تقليدية فان الاخيرة تتمثل فى كل من النموذج الامريكي الفطير نفسه. وتنتقل عدوى هذا النموذج الى نظائر "محدثة" او ما بعد تقليدية منها. فالفدرالية الروسية مثلا عبرت عن تلك العدوى فى بداياتها على عهد يلتسين فباتت اشد دلالة على ما يسمى ب "الديمقراطيات الجديدة-كتسيكوسلوفاكيا قبل تفكيكها وحتى بعد نشوء الجمهورية التشيكية-برئاسة فاكلاف هافيل Vaclav Havel-الذي صدمته الراسمالية المالية- ولم تنفك الديمقراطيات الجديدة بهذا الوصف ان باتت اكثر نماذج الجمهورية الرئاسية خطرا على الممارسة الديمقراطية ما بعد الليبرالية.

الجمهورية الرئاسية والدمقرطة الانجلو امريكية ما بعد الليبرالية:
تنتظم ملامح الجمهورية الرئاسية بعض او معظم الظواهر التالية:
- ان صلاحية رئيس الجمهوريه اعلاه تكاد تتجاوز الاقتراع العام حيث لا فرق ان فاز حزب او اخر فى الانتخابات العامة.
- وقد يترتب على تجاوز رأى الاغلبية الممثل فى نتائج الاقتراع العام تجاوز العملية الديمقراطية السياسية وبخاصة فى غياب او-و اضعاف ما يسمى بالمجتمع المدنى
- ان انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا مباشرا لا يمنع رئيس الجمهورية- اذ لم يفز حزبه بالاغلبية من تعيين وزارة من اعضاء خارج الحزب الفائز بالاغلبية
- توفر الديمقراطية البرلمانية بالوصف اعلاه محض واجهة مظهرية لما لا وجود له
- فان قد تتمأسس سلطات واسعة بيد رئيس الجمهورية فقد يكون اولا يكون من بينها حق الفيتو
- اذ توفر احزاب صغيرة بالوان الطيف السياسي وبخاصة اليمين بتويعاته امكانات تحالفات -و تحالفات مضادة لا متناهية وقد توفر التحالفات او الائتلافات بدورها رئة صناعية للحكومة-الوزارة حيث يغدو بقاء الحكومة فلا تسقط من الاولويات .
- حيث قد تتصل تلك الاحزاب - فى المقياس المدرج بالوان الطيف السياسي من حيث برامجها الخاصة والمتقابلة المتنافرة احيانا بصورة مستقطبة مع سياسيات حزب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة- الوزارة فقد تغدو التحالفات بين لا متجانسات قيدا على حرية حركة الحكومة او اضعاف مبادرتها فى اتخاذ لقرارات الرئيسية بالذات باجبار الحكومة- الوزراة على اتخاذ قرارات مناقضة لبرامج حزب رئيس الجمهورية مع الاختناق الايديولوجى الذى قد تفرزه نتائج الائتلافات اللامتجانسة ايديولوجيا.
- قد يعنى ائتلاف حزب الحكومة واحزاب صغيرة ان تميل الاخيرة نحو ممارسة نوع من دكتاتورية الضعفاء على الحكومة
- قد يؤدى خطاب الاحزاب المذكورة الى درجات من التحجيم على الحكومة - الوزراة مما يترتب عليه تنويعات من الارهاب التنظيمى على رئيس الجمهورية
- محاصرة المعارضة ان وجدت بحيث قد تتظهر الجهمورية الرئاسية فى افضل الشروط فى دولة الحزبين الكبيرين المتشابهين على نحو ملحوظ و-أو دولة الحزب الواحد رغم "التعددية الحزبية" ومع وجود تراكمات عددية من احزاب صغيرة لا تنى تأخذ بخناق كل من الجمهورية الرئاسية والمعارضة معا.
- ترتهن الجمهورية من الداخل والخارج بكل من الرساميل "القومية " او- وما تبقى منها او- والاحرى بالرساميل عابرة الحدود - الشركات متعددة الجنسيات بخاصة ابان الحملات الانتخابية مقابل "امتيازات" و-او "فضائل" او- وبتحالفات وتحالفات مضادة مع احزاب صغيرة لا متجانسة. ويتظهر المثال النموذجى للجمهيرية الرئاسية والدائرة الضيقة للسلطة اكثر ما يتظهر فى الادارة الامريكية بوصف انها اصل ومصدر ومرجعية الجمهورية الرئاسية.
-:سفر تكوين الجمهورية الرئاسية المعسكرة:الادارة الامريكية :او الرئاسية الامبراطورية Imperial Presidential Republic :

يقول افلاطون «ان الثمن الذى يدفعه الناس نتيجة عدم اشتراكهم فى السياسية هو ان الرجال السيئين يحكونهم». The Price that men pay for not taking part in politics is the bad man that rule them أفترض- لمحصلحة الجدل ولو وجيزا حتى يتعين الاصطلاح او الاختلاف على ما عدى ذلك-ان الولايات المتحدة بقيت سياسيا واقتصاديا اقرب الى الجمهورية الاثينية من حيث تشكيلات السلطة وتنظيم الانتاج. وقياسا فقد تشارف تمثلات الديمقراطية الانجلو امريكية بدورها المفهوم الاثيني بالوصف الافلاطونى الاجرائى Operational definition وليس التعريف المجرد الانتقائي. ذلك ان الديمقراطية الامريكية ننمثل بهذا الوصف وتباعا في ديمقراطية اقليات من " الرجال الاحرار" الممتازين عرقيا يوصف انهم اسياد على مجاميع مستلبة ثقافيا وتاريخيا بالضرورة واقتصادايا بالنتيجة مع اضافة اقلية من "نساء الصالونات" "المثقفات" أو النسووفراط او المغامرات اللواتى يرفهن عن ويسلين الرجال الاقوياء الباحثات عن الثروة والقوة خصما على اغلبيات النساء والعبيد والاماء من السكان الاصليين والسود. ومن المهم جدا تذكر دور اقلية النساء المذكورات اعلاه-من تنويعات النسووقراط الافلاطونية وما بعد الرأسمالية-فى تكريس الخصوصية الثقافية لتنظيم الانتاج الامريكى وفى علاقات العمل والملكية وفى ملاح تشكيلات السلطة- تنظيم الحكومة. وقياسا على الفرضية اعلاه فان توسيع هوامش النفوذ الانجلو امريكى سياسيا واقتصاديا وثقافيا حرىا بان ينقل فيروس تنويعة السلطة الانجلوامريكية سياسيا واقصاديا وثقافيا ونمنوذج تنظيم الانتاج والحكومة الى مناظق نفوذ الولايات المتحدة على نحو لا انتقائى شبه حتموى مما يترتب عليها حصار يصدر عن نموذج التنمية الامريكي.

(1)    تعالق الخصوصية التاريخية الاجتماعية للنموذج الامريكي والعمل العبودي:
ازعم ان خصوصية المجتمع والتاريخ الامريكى قد تتقاطع ثقافيا وطبيعة الادارة-الجمهورية الرئاسية الامريكية على خلفية ومفهوم السلطة الامريكية وبطبيعة السلطة منذ غزو العالم الجديد فى القرن الخامس عشر ونشوء الدولة الامريكية غب حرب التحرير 1776-1782 وتسمى حرب المبادئ و"الدفاع عن الارض" والحرب الاهلية American civil war 1861–1865 زبادة على حروب الولايات المتحدة التوسعية شمالا فى كندا حتى الحرب الاميريكية الانجلو ساكسونية فى 1812 . ولم تكن معظم تلك الحروب فى الواقع سوى حرب الولايات فى تنافسها على الارض والعمل الحى. فحيث لم يكن تعداد سكان "المجتمع" الامريكى وقد ابيد السكان الاصليون- قد وصل حتى 1790 نصف ميلون نسمة- فقد تعينت تشكيلات السلطة وشرائح التجار العليا على تمويل وادارة تجارة الرقيق الاطلسية من اجل توفير العمل الزراعى العبودى فى الجنوب. وكان الاباء الاوائل من الحجاج الى القادة مثل لينكولن الذى اشعل حرب تحرير العبيد-يمتلكون عبيدا بغض النظر ان الولايات الشمالية كانت تنادى ب "تحرر"العبيد" من اجل الصناعة فى الشمال مما قد يفسر كسف استقرت علاقات العمل العبودي فى مسام الرأسمالية المالية.

وازعم ان ذلك المفهوم للعمل الحي صدر الى امتدادات امريكا باليات المراكمة الرأسمالية المالية مما بعبر عن نفسه فيما اسمه كراهية الشعوب فى كل مكان. ولعل ذلك يدفع الى التساؤل الملح فى كيف يحتفل الغرب-الرأسمالية المالية بالثورات الشعبية الماثلة وكأنها أنتصارات لها.(6) وقد وجدت التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية الشمالية شبه الصناعية نفسها فى منافسة مع التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية الجنوبية الاقطاعية العبودية على كل من فائض العمل والمواد الخام وعلى العمل الحي جميعا. ذلك انه فيما كان اقتصاد الولايات الشمالية قد اخذ ينشأ نحو نمط انتاج-تشكيلات اقتصادية اجتماعية- بعد عبودية-بعلاقات انتاج شبه صناعية فقد تعين " تحرير" علاقات الانتاج الجنوبية من الاقتصاد العبودى الى اقتصاد شبه صناعى وليد بحيث لم تزد حرب تحرير العبيد عن تحررهم من الارتهان للقنانة المنقولة مع الارض الى علاقات عمل بلا حقوق مطلبية لوقت طويل. فقد كان على السود ان ينتظروا مائة عام قبل ان "يحرروا" من علاقات العمل العبودى و50 عاما كيما يسمح لهم بالقتال مع البيض حربا استعمارية فى فيتنام بجيش البيض. ويمكن اضافة اثر علاقة الولايات المتحدة بامريكا اللاتينية حوشها الخلفى ومعمل تجاربها على ما بعد الديمقراطية وتنظيم الحكومة والانتاج منذ القرن التاسع عشر. فقد وظفا السلطة العارية فى هندسة التشكيلات السلطوية الامريكية اللاتنينة مرة وفى قمع البديل بشراسة مرة اخرى. على انه قد يكون من المفيد تذكر انه ان كانت الولايات المتحدة على الصعيد النشوئى-التاريخي- وظيفة داروينية الغزو والعنف وان قيام واستقلال وتوحيد الولايات كان قد عبر عن نفسه تاريخيا ونشوئيا كمحصلة للحروب الداخلية والتوسعية فى كل من امريكا الشمالية والجنوبية فان ذلك كان يتم باسم مبادئ امريكية ذات خصوصية معينة فى مناطق نفوذها الواسعة سعة فضاءات الرأسمالية ما بعد الصناعية.

ومن ذلك مثلا اشعال حرب اهلية فى 1773 بين الولايات الشمالية والجنوبية ثم حرب "تحرير العبيد" فى 1863. سوى انه لا الحرب الاهلية ولا العبيد انتظمت ملاك العبيد الجنوبيين وانما قاتل فى صفوف الجنوب والشمال من لم يكن له عبيد دفاعا ن اسلوب حياة الجنوب باسم "المبادئ" جملة القول يبدو ان الغزو والعنف والحرب والتوسع تتصل جميعا بقيم السلطة الامريكية الثروة - النجاح - تنظيم الحكومة والانتاج-"او اللانتاج بالاحرى- النشوء – النكوص بمتواليات مراحكل التطور- "الارتقاء" - ارتقاء الحكام والمصرفيين الخ-التقدم-التطور-تقدم الاخيرين وتطورهم هم خصما على من عداهم. وازعم ان ذلك المنوال كان قد تكرس باكرا بالحرب بين الافراد والسكان الاصليين منذ "اكتشاف" العالم الجديد والافراد والافراد من مجاميع المهاجرين حول "فتح" الغرب الامريكى والاستحواذ على الارض حتى استقرت او كادت تستقر قيم وحدود الملكية الخاصة وبين الولايات فى حروب بين الولايات انتهت بالحرب الاهلية منتصف القرن الثامن عشر وبين الولايات المتحدة وبريطانيا على الاستقلال وعلى الحدود الشمالية وحول التوسع فى كندا وغيرها بصورة معلنة او خفية منذ الحرب العالمية الاولى حتى صعود الولايات المتحدة كقوة عظمى الى زعامة العالم ما بين الحربين. وقدج عبرت ذلك المنوال عن نفسه مجددا فى "مناطق نفوذ" وامتدادات الولايات المتحدة خصما على الدول الاوربية بمشروع مارشال الذى لم يزد على الية استقطاب اوربا لحساب امريكا تباعا-و خصما على الدولة غير الاوربية تباعا حتى القرن الواحد والعشرين. وليس ثمة غرابة فوجود وبقاء التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية الامريكية بقي رهينا بتجارة السلاح وبالمركب العسرى الامريكي مما قد يفسر منوالية الحرب كما لو كانت شغيرة عنف تتردد مع المواسم والفصول.

والى ذلك ربما كان مفيدا تذكر ان السياسات والممارسات الداخلية - ازاء المعارضة الداخلية - لم تستثنى أى معارضة تذكر من العنف-والعسكرة فى موجات الهجوم - الماكارثية – المنظم واللامتناهى على الديمقراطية والديمقراطيين منذ الاربعينات عبورا بالقمع الريجانى للنقابات فى الثمانينات ووصولا الى انتشار تعقب الناس يوميا بذريعة الامن القومي مما يتحسد منذ احداث وبذريعة احداث الثلاثء 11 سبتمبر 2001 فى قانون باتريوت Pattrior ACT مثلا(7). وكان جورج ووكر بوش قد ازاع العمل بالقانون بعد شهر من احداث الثلاثاء المذكور اى فى 26 اكتوبر 2001 الا ان القانون كان قد سن باكرا وقبل احدث 11 سبتمبر 2001. واسم هذا المرسوم الكامل هو قانون توحيد وتقوية امريكا بتوفير ادوات مناسبة وضرورية لاختراق واعاقة عمليات الارهاب. Uniting and Strengthening America by Providing Appropriate Tools Required to Intercept and Obstruct Terrorism Act of 2001

(2) تاريخية النموذج العسكري ومثال القيادة الامريكية:
لعله من الوارد تصور ان الحروب المذكورة اعلاه كانت حرية بان تقوم على وتفرز نماذج قيادة وطنية مما يتغنى ويحتفل به الامريكان وقد الغيت ذواكرهم وعدلت خارطة الفرد الذهنية جينيا. ذلك ان التاريخ الرسمى والشعبى والفولكلور وهوليوود ووراءهم اعراب الشتات يمجدون تلك النماذج بوضفها تويع على واعادة انتاج للابطال التوراتيين وبخاصة امراء وقضاة وتجار الاصحاح القديم. فقد كانت الولايات المتحدة كما ذكرنا قد اشعلت حروب قيضت انتصاراتها التاريخية والمتوالية بقيادة جنرالات وشخصيات عسكرية - معسكرة ممن احتل منصب رئاسة الجمهورية منذ جورج ووشنجتون عبورا بلنكولن والى ايزنهاوز وقد بقى رئيس الجمهورية الرئيس الاعلى للقوات المسلحة بالطبع وكلما اشعل حربا كلما ارتفعت شعبيته. لذلك يثابر رئيس الجمهورية على اشعال حرب على الاقل ابان ادراته الاولي ضمانا لادارة ثانية مما يلاحظه الناس فى كل مكان ومما يذكر بعضها طرفا منه من حروب الهند الصينية وفيتنام وجرانادا والكوندرا وحروب الخليج سواء البينية او بالوكالة الى الحرب على العراق وافغانستان وباكستان واليمن وصولا الى اجتياح ليبيا وما قد يترى تباعا. وحيث كانت نماذج القيادة المذكورة مثالا للرئاسة تؤلف تراثا وخلفية ما تبرح ممثلجة على نحو اسطورى فقد كرست مفهوم الحلول العسكرية والانتصارات العسكرية الامريكية وكأنها حكرا وخاصية امريكية منتهية مما يتمثل فى عسكرة الحلول فى السياسات الخارجية المعسكرة من الثورات المضادة والانقلابات العسكرية فى امتدادات الولايات المتحدة ومناطق نفوذها. اى انه ان كانت الولايات المتحدة على صعيد تاريخي وتنظيمى وظيفة او محصلة حروب بغاية الاستحواذ والاستلاب والتوسع كما كانت وظيفة حروب فيما بين الولايات المتحدة والدول المستعمرة-بكسر الميم الثانية-على الاستقلال فان الولايات المتحدة -تمثل على صعيد اخر النموذج التنظيمى والمؤسسى للقيادة مما لا ينى يصدر عن نموذج الزعامة الكلاسيكية من اليونانية والاسبارطية الى الرومانية بحيث غدى استمثال الزعماء يستدعى كل من كونهم يمثلون نماذج لسلطة الحاكم الجمهورى "الافلاطونى"-و توليفة من القيم الاسبارطية العسكرية والرومانية التوسعية جميعا. هذا فان يمجد النموذج الكلاسيكى امثال هؤلاء القادة- الحكام- فان هؤلاء القادة يكادون يشارفون الدكتاتوريين الكلاسيكيين بوصفهم ابطال قوميين-تاريخيين توفروا على "احلال الاستقرار" مثلهم كمثل نظرائهم الدكتاتوريين الكلاسيكيين(8).

(3) المفهوم الانجلو امريكي الاثيني للديمقراطية الدكتاتورية:
من الجدير بالذكر ان مفردة الجمهورية ومفردة الدكتاتورية ترجع الى العصور الاوربية الكلاسيكية. ويشير المصحلح الغربى الى تنويعات من السلطة فى المجتمعات الكلاسيكية والقديمة الى فرد يتفق على صلاحيته فيؤتى به لقيادة معركة او تمرير وراثة امبراطور مستبد او طاغية لحساب نظام اكثر ديمقراطية من سلطة اباطرة اواخر دورة المجتمع اليونانى التاريخية وبداية روما البدائية –حتى نهايتها عشية الحروب الاوربية التوسعية التنافسية فى الاقتتال على الاقطاعات الباكرة(9). وفيما كان مصطلع "الديمقراطية" قد اتصل بمفهوم يشارف "حكم الغوغاء" Rule by the mobs فان مفردة الدكتاتور لم تكن تعنى الطغيان او الاستبداد دائما. ذلك ان الضمير الجمعى السلطوى وتراث السلطة الكلاسيكة لم يكن يستهجن الدكتاتورية علنا او سرا بعد. فقد كان يؤتى بدكتاتور بهذا الوصف الى السلطة مع تلفيق اجماع اقران من التشكيلات السلطوية فى مواجهة ودرءا او استباقا لاحتمال حلول شرط حكم الغوغاء- العامة. وكان ذلك الديكتاتور يؤدتى به باسم الغوغاء-العامة. وكانت تشكيلات السلطة - الشيوخ والنواب فى روما القديمة "تنتخب" دكتاتورا فى اوقات الشدة كوسيط بين ما يبدو وكأنه خطر يهدد بحكم العامة- الغوغاء وتكريس سلطة تشكيلات السلطة القائمة فيقوم الدكتاتور بمشاريع فوق الدستور وفى غياب الدستور بمعرفة وتراضى تشكيلات السلطة فيما كان اجماع العامة-الدهماء يفبرك مع ذلك لضمان السلام والاستقرار(10). وكان الشيوخ وبعض القادة العسكرين الرومان-امثال مارك انطونيو وبومبيي Pompeius-Pompey قد راحوا فى تنافسهم على زعامة الامبراطورية التى كان يوليوس قيصر قد خلق شرط حلولها عبورا بالجمهورية يرشون العامة عشية اغتيال يوليوس قيضر فى 15 مارس سنة 44 قبل الميلاد لضمان اغلبية تيسر وراثة سلطة عسرة

ولعل الخشية الدائمة من حكم العامة ورشوتهم احيانا استقرتا فى مسام الادب السياسي وممارسة السلطة الاوربية الغربية ومنها الى امريكا. فقد وصمت البرجوزاية الصناعية فترة الحروب الاهلية الاوربية بان اطلقت عليها "الاقطاع "النغل" Bastard Feudalism. ذلك ان البرجوازية الصناعية اسقطت أصل الصراع بين النظام الملكى-العرش وقد ضغف امام البارونات وامراء الاقطاع والتجار الخ-و قد راحوا يستقوون علي العرش-على العامة. ولم تنفك البرجوازية الصناعية ان نذرت بالا يتكرر ذلك مرة اخرى. ومن يومها صارت صيحة ان ""ليس ثمة اسوا من حكومة الغوغاء Nothing is worse than an Auclocracy or Mobology تعبير ان تطير متخفيا لاقصاء العام الغوغاء وؤاء معمشات مفهوماتية استقرت فى اعصاب تشكيلات وطروحات تشكيلات السلطة الغربية وونظائرها حتى اليوم(11). واجادل انه اذ بقى اجماع الغوغاء- العامة-اجماع مفبرك باسمهم ونيابة عنهم تكاذبا فقد كرس الاشتباه فى اجماع العامة- الغوغاء وما برح مشتبه فيه مشبوه شبه مجرم وقد عبرت تلك السبهة عن نفسها فى كل من استباق الحركات الشعبية وفى اختراقها وفى الحركات المضادة وفى الثورات المشبوهة مثل الثورات الملونة الخ.

وقد ورثت التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية فى امتدادات السياسة الانجلو ساكسونية على الاقل والانجلو امريكية تقاليد السياسة والقيادة عبورا بالادب السياسي فى كل مكان بمعرفة وتواطؤ معظم النخب. فبقدر ما يشتبه فى ديمقراطية لا تصدر عن المفهوم الافلاطونى الاثينى- الاسبارطى للديمقراطية بوصف انه يتصل بديمقراطية تتمأسس على انفراد الرجال الحكماء الاثرياء من اليونانيين الاحرار- وتنويعاتهم الملفقة - بالسلطة خصما على واستلاب العبيد والنساء والبرابرة اى الاجانب ونظائر تلك الشرائح "المحدثة" - البروليتاريا- النساء الاقوام المقهورة فى المجتمعات المستقطبة اجادل ان الديمقراطية الامريكية تشارف- فى درجات المقياس المدرج نظيرتها الاثنينية. وقد يلاحظ كيف ان السلطة المذكورة او –و الجمهورية الرئاسية بهذا الوصف غالبا ما تصطفى واحدة او اخرى من الفئات المستلبة فتعلى اواحد او اخرى منواليا-دوريا-خصما على اخرى. فقد احلت البرجوازية الصناعية البروليتاريا -تلفيقا-فاوهمت الاخيرة تكاذبا ووجيزا ومؤقتا بانها تحل مكان الاقوام المقهورة فى المجتمعات المستقطبة فى الامتدادات مرة والغرماء مرة اخرى. ومرة ثالثة تحل الرأسمالية ما بعد الصناعية اقليات النساء - النسووقراط - وعمل المهاجرين الرخيص- مكان الرجال -البروليتاريا الصناعية وهكذا. وازعم ان ذلك يقيض لتشكيلات السلطة القائمة-الجهورية الرئاسية استباق واختراق الحركات الشعبية للمنتجي الفائض والكفاف والحياة منواليا فى المنطقة العربية مثلا.

(4) البعد المجتمعى والادارى لسلطة رئيس الجمهورية الرئاسية:
اجادل فيما يلى- استقراءا لاحداث و"تطورات" مسجلة واخرى تتظهر وتختفى فى جمل اعتراضة وثالثة منسية او- ومسكوت عنها - هى البعد المجتمعى التاريخى لمفهوم السلطة والمواطنة والقومية الامريكية. وازعم ان تلك الابعاد تكاد تتطابق بحيث لا يكاد مفهوم منها يخرج عن الاخر اذ تتعالقات تلك الفمهومات وتتكامل. فبقدر عنف بدايات وواقع الولايات المتحدة مرة ك "امة" ومرة كتشيلات سلطوية متمحورة حول المؤسسة العسكرية فان مفاهيم ومعايير وقيم السلطة الامريكية لا تكاد بعد اكثر من 200 عام تخرج عن اصولها الفطرية Pristine الا قليلا او-و بقدر ما لايخرج الحزبان السياسيان الكبيران بالضرورة عن سراط المصالح الامريكية الداخلية والخارجية التى غالبا ما تؤلف بالنتيجة مصالح رأس المال. ولعله من المهم تذكر كيف ان السلطة الامريكية وتشكيلات السلطة الامريكية ذات الخصوصية او الاستثنائية الكمية والنوعية تتطير من اى خصوصية او استثنائية كمية او نوعية اخرى. ففيما قد يرجع ذلك او بعض ابعاده الى ان السلطة الامريكية كانت قد تمأسست على "مواطن" مهاجر مفرد بعنف الهجرة وعلى الاستيطان فان قليلا ما يجمع بين الامركيين جامع مع ذلك سوى الولاء للسلطة القائمة عبر مفهوم مواطنة تدين لفكرة الامريكية Americanism التى تعبر عن نفسها فى الاقتراع او-و الانحياز الى احزاب سياسية لا تخلتف قليلا او كثيرا. واجادل ان ذلك الولاء يتمثل فى مناهضة كل خلاف فيصم حتى معارضة الوضع القائم على نحو يتحاول فيما بينه وبين عصاب اعراب الشتات ازاء اى نقد او خلاف مما يشارف لدى بعض طوائف اعراب الشتات–دولة اسرائيل والامريكان بدورهم فلا يرون من وراءه سوى خيانة ماثلة تتربص بهم الدوائر.

فان تحورت بعض طوائف اليهودية تباعا الى قومية عصبية تدعى انها تواجه خطر وجودي Existential danger فان المواطنة الامريكية تبدو وكأنها قد تحورت بالتماس بدورها الى ايديولوجية اصولية ترفض من عداها. ويستراب فى نقد اى شئ او ظاهرة امريكية من نمط اللا انتاج الشمال امريكى The North American Mode of Non-Production المتمأسس فوق الاستيلاء على الارض الى نمط الحياة وكأن "الامريكانوية Americanism" تختزل فى التراضى الا متحفظ وبلا انتقاء وفى كل وقت على ما هو قائم تنظيما وسياسيا. وقياسا لا يبق مع ذلك التراضي سوى افراد متصالحين مع الرأسمالية بوصف انهم ديمقراطيين أو-و جمهوريين مما يذكرك باجماع العامة الغوغاء في الادب السياسي الاثيني والروماني مع نشوء الجمهورية الاسراتية منذ يوليوس قيصر وتباعا. فان كان اوائل المهاجرين من اليهود الالمان قد جاؤوا الى الولايات المتحدة بخلفيات اشتراكية الا ان الاخيرون ما انفكوا ان استقطبوا فى ذهنية المهاجر المغامرة وفى ارث وتقاليد صهونية روثتشايلد بوصف ان الاخيرة عبارة عن اقطاعية خاصة لاسرة لا تحتاج لان تستطقب يهودا وحسب وانما كل من يتفق والمبادي السياسية الاقتصادية لمفهوم الاوليجاركية المالية التى تحكم وتتحكم فى معظم الجمهوريات الرئاسية.

وجماعات من الاخيرن قد راحت تخترق وتجند غيرها من الجماعات فلم تلبث الاجيال اللاحقة للمهاجرين الاوائل ان تأقلمت على فذوبت فى المناخ الثقافى والسايسى والتنظيمى لتلك الجماعات وصولا الى الهيمنة شبه الكاملة على تشكيلات السلطة وعلى ادواة انتادج واعادة انتاج السلطة والثروة والثفاقة والعلم والفرد المفرد حتى الافقار والموت وحيدا لخ . هذا وكانت الصور الحية للهجرة والاستيطان قد بقيت نابضة فى كل من الضمير الجمعى والحكايات الشعبية بوصف انها تراث جمعى- فولكلور لا يملك الامريكان سواه تراثا وتقاليد-و سير ذاتية فى مواجهة تاريخ السكان الاصليين وفى عزلة كاملة من الاخيرين مرة. ومرة اخرى كرست صناعة السينما تلك الصور فابقت عليها حية نابضة ومن ثم بقى الماضى بوصف انه ناريخ شعبى فى المخيلة الجمعية فيما راحت السلطة تستدعي ذلك التاريخ فى مواجهة مجاميع مهددة من الخارج -الشيوعية-الارهاب والسود من الداخل. بمعنى اخر ان ذهنية الاستهداف والعزلة ما لبثت ان غدت ادبا ومرجعية وتقليدا لكل من المجاميع والحركات الشعبية-الامريكية ونظائرها ان امكن وان وجدت- وللسلطة معا. واجادل ان الكيفية التى تتطابق بها مجمل الذاكرة الشعبية وذاكرة التشكيلات السلطوية الامريكية تكاد -باستثناء ميثلولوجيا دولة اسرائيل واستبطان اسطورة شعب الله المختار- تمثل تماهيا شبه استثنائى قد يشارف تنويعة فريدة من نوعها. فان كانت تشكيلات السلطة قد ادعت دائما ان تاريخها هو تاريخ الامة-الشعب بمفصلة اساطير وميثولوجيا السلطة فان تشكيلات السلطة الامريكية لم تحتاج فيما يبدو الى تشييد ميثولوجيا رسمية فى مواجهة تاريخ شعبى ما من اجل تكريس الحكايات والتاريخ الرسمى خصما على التاريخ الشعبى الذي لم يوجد اصلا. فلم يسمح لتاريخ شعبى بالوجود الا ما خلا فى روايات شتاينبيك وسارويان وفوستر ومعظمها سرديات ممحللة لجماعات صغيرة لا تترجم الا نادرا حالة الشعب الامريكي. فكل ما كان قد تعين علي تشكيلات السلطة الامريكية القيام به بلا عناء او-و بمجاهدات اقل بكثير من مجاهدات نظائرها التقليدية والحديثة جميعا هو محض ادعاء التاريخ الشعبى الممفصل اصلا.

والاحرى ان الذهنية الامريكية اذ تمحورت حول تشارك تاريخ رسمى- شعبى لا يتناقضان او- ويتواجهان فقد كانت تلك الذهنية حرية ان تفرز انتفاء شرط نشوء حركات جمعية-شعبية- فى مواجهة السلطة. ذلك انه فيما يشارف مفهوم المواطنة الامريكية الولاء شبه المطلق للسلطة القائمة فان نقد او معارضة السلطة حرى بان يشارف الخيانة بوصف ان نقد او معارضة السلطة يعنى مناصرة اعداء الشعب الامريكى وغرماء السلطة فالنظام القائم-الرأسمالية. وربما عادت اشكالية عمل حزبى امريكي خارج سياق المتصل Continuum العام للفكر الجمعى والسلطوى شبة المتماهيان لتلفيق أزمة اليسار الامريكى. فلعل تلك الاشكالية كانت قد تأصلت-ابان العداء الشيوعية على المفهوم المذكور اعلاه - الماكارثية وتنويعاتها وعلى شعار من ليس معى فهو عدوي- ولماذا يكرههوننا-انهم يفعلون لاننا اعنياء- او- وعلى ان معارضة النظام القائم يعنى الانتصار لاعداء الشعب الامريكي والتصالح مع غرماء حكامها.

واجادل انه ربما كانت مماهات النظام القائم-الرأسمالية مع مفهوم القومية قد ادى الى استقطاب مفهوم القومية ونقد او معارضة الرأسمالية بحيث غدت تلك المماهات تشارف العقيدة الشعبية لما غدى معه نقد الرأسمالية فى المخيلة الشعبية عدوان على الشعب الامريكي-الابيض بالطبع. ولعله يمكن من هنا فهم كيف تساوق ما قد يشبه القمع الاجتماعى فتراتب القمع الجمعى فوق القمع السياسى ففاقم الاخير. وحيث قد يفسر التماهى الاجتماعى والسياسي مع الرأسمالية فشل المشروع الاشتراكى فى الولايات المتحدة فان اتساع هوامش حركة الولايات المتحدة بالعولمة منذ ما بين الحربين قد راح يجتاج المشاريع الاشتراكية فيفشل مشاريع الاشتراكية بل حتى لاقتصاد المخطط. وتصيب امريكا من عداها بفيروس هذه الاستثنائية المتكاذبة فلا تطرح معظم المشاريع البديلة برنامجا اقتصاديا يخرج عن نموذج االتنمية الامريكي الا خفية او ربما بتعديلات مستحية. بل ان بعض الحركات الشعبية لا تجد فى قلبها بعد الجرؤ على النطق باسم الاشتراكية ناهيك عن اعلان موقف من المشروع الصهيونى والوجود الاسرائيلي وقد بات تعبير عن الدولة العبرية. ويصيب ذلك اليسار التقليدي والاشتراكيين بالاحباط مرة فيما يحييد تركز استثنائية Exceptionally/Exceptionalism الولايات المتحدة مرة اخرى فيما تزعم الولايات المتحدة وتدعو الى ديمقراطية التعددية الحزبية.

هل سلطة رئيس الجمهورية الرئاسية يمينية ام شبه مطلقة؟
لعل مجادلة ان كل من البعد المجتمعى والادارى لمفهوم القيادة والسلطة قد يغدو قابلا للاسقاط على البعد الفردى والعسكرى فى تركز كل من السلطة -العسكرية على الاقل- شبه المطلقة - فى يد رئيس الجمهورية الامريكية مما يفضى الى التسليم بسلطة رئيس الجمهررية المطلقة ومن ثم الولايات المتحدة نفسها كقوة عظمى-اى اهم ابعاد العولمة. وحيث يترتب بالضرورة عن سلطة رئيس الجمهورية المطلقة اللا يزيد مفهوم الديمقراطية عن محارة فارغة الا ان امريكا تخاتل باشعال حروب من اجل دمقرطة ما عداها باسم وسطية مشبوهة. وتتعين تلك الوسطية على تكريس النموذج الامريكى للتنمية وتنفي شرط نشوء احزاب يسار الوسط ناهيك عن اليسار الا ما خلا ما يسمى اليسار الجديد وقد احتكره المحافظون الجدد والليبراليون الجدد بوصفهم ثوريين تروتسكيين خيب اليسار التقليدى املهم فى الثورة فراحوا يشعلون الثورات الملونة والمضادة تباعا مستغلين تضور الناس للحرية والفعل الشعبى والانتفاض على جمهويات رئاسية وازلام كان المحافظون الجدد قد كرسوها ولم ينفكوا ان تخلوا عنها وعن ازلامهم بليل. ولعله من المفيد التطرق وجيزا الى سياق والمقصود بتلك الوسطية. ازعم ان الوسطية كانت قد نشأت ومفهوم التعددية الحزبية الذى انتشر فى الادب السياسي عشية سقوط المنظومة الاشتراكية بوصفهما من فخاخ اللغة او- الاطر الفكرية التى تعينت على غواية الشرق اوسطيين على الايمان بالرأسمالية بوصف الاخيرة علاج لكل المشاكل وقمة الانجاز الانسانى. ومن المفيد تذكر ان المجتمعات المفقرة ومنها العربية كانت قد حرضت على كل خلق شرط الجمهورية الرئاسية فى نفس الوقت الذى سمح لها بالتعددية الحزبية فتات موائد وفى ة فى جاه الملوك تفضلا. فقد سمح الرئيس انور السادات مثلا بالتعددية الحزبية في مصر مثلما يحدث لنا وبنا فى كل مرة فيسمحون ويمنعون مع تفريغ كل مفهوم وفيمة من محتواها مما نلاحظه اليوم تباعا(12).

المهم لم تزد الوسطية على مجاز spin او تزويق euphemism ليمين الوسط فى ترسانة هجوم الرأسمالية ما بعد الصناعية على ما عداها حتى لا تحبط تطلعات الشرق الاوسطيين فى النعيم الذى كان الغرب يعدهم به وهو يهم بالانقضاض على جنهورية الشيطان. وقد يبدو ايضا ان الوسطية بدأت كذريعة لمحاربة الفاشية. الا ان رأس رمح العداوة بقى موجه نحو كعب اخيل الشيوعية التى كانت قد نشأت صاعدة كواحدة من القوتين العظمتين ما بين الحربين الا انها لم توفق فى توفير ذلك القدر من السلع الاستهلاكية. وبالمقابل ما ان صعدت الولايات المتحدة كقوة عالمية عظمى فى الثلاثينات زعيمة على العالم الرأسمالى فقد راحت الولايات المتحدة تجد فى تصدير وارساء اساس تنظيم الانتاج والدولة على شاكلتها وتستهوى الناس فى كل مكان بالاستهلاكية التى باتت شعار العولمة تباعا.

نسب اختراق الجمهورية الرئاسية للدولة ما بعد القومية:
قد تتظهر لا ديمقراطية سلطة رئيس الجمهورية الرئاسية تحت ظل نظام الحزب الواحد على الخصوص مما يقيض لرئيس الجمهورية الرئاسية سلطات واسعة قد تبدو معها تلك السلطة شبه مطلقة على الرغم من وجود شقى البرلمان الاعلى والادنى او الفوقى والتحتى-الشيوخ والنواب. على انه قد يتعين على رئيس الجمهورية الجمهورية الامريكية مثلا-مع ذلك وبسبب تقارب الحزبين الامريكيين مما يبدو معه الامر وكأننا امام حزب واحد باختلافات طفيفة حقا-يتعين عليه ان يتخذ مواقف تصالحية تتسم بالمرونة والطواعية او-و يستخدم الفيتو. فان يأتى رئيس الجمهورية على بطاقة اقتراع منفصلة عن بطاقة الاقتراع العام فقد يمثل رئيس الجمهورية حزب اقلية نيابية-فى مجلس الشيوخ مثلا- فيما تمثل أغلبية النواب حزب اخر وبالتالى قد يجد رئيس الجمهورية نفسه مواجه باحد امرين او كليهما ربما لاذ يمخرج ثالث:
ا- أن يعمل رئيس الجمهورية على التوافق مع والتصالح حول سياسات وبرامج الحزب الخصم حتى يـتاتى له تسيير دفة السلطة كما قام الرئيس باراك اوباما تباعا بشأن برنامج الكفالة الحصية وما يقوم به تباعا بغاية الفوز بدورة ثانية أو- و
ب - ان يستخدم الفيتو
ج - أن يتجاهل سياسية حزب الاغلبية فى مجلس الشيوخ والنواب فى بعض السياسات مما لا ينبغى ان يخرج مع ذلك عن الاجماع الحزبى المتضمن فى طبيعة وتكوين الحزبين الكبيرين -اللذان لا ثالث لهما بالطبع-الكيفى والايديولوجى- اى المصالح الرأسمالية باسم ومن فوق رأس الامريكان -العامة-انفسهم –مما كان دائما مصالح المال الامريكى-الصهيونية العالمية-الدفاع عما يسمى " مبادئ العالم الحر" و"الملكية الخاصة"وحماية امن اسرائيل.

الادارة الامريكية الامبريالية-المستبدة Imperial Presidency Imperious وعسكرة الحلول:
يقول ارثر شيلزينجر Arthur Schlesinger ان عسكرة الادارة الامركية تكرست منذ الحرب العالمية الثانية حتى إدارة نيكسون وعرف تلك الرئاسة بالرئاسة الإمبريالية" Imperial Presidency وهى تلك التى يحتكر فيها رئيس الجمهورية اعلاه الحرب دون سواه. وكانت اخر مرة اعلن فيها رئيس الجمهورية الحرب بعد اعلان الكونجرس فى 1941 وكانت ضد ايطاليا. وكانت امريكا انضمت الى الحلفاء ضد المانيا وراحت تشعل حربا فى الشرق الاقصى تمهيدا لاجتياح اليابان. فحيث تتركز السلطة الامريكية العسكرية على الاقل -فى يد رئيس الجمهورية فان السياسة الخارجية الامريكية تصدر بدورها عن عسكرة الحلول او الحلول العسكرية. فان يحتكر رئيس الجمهورية وربما دائرة ضيقة ينتقيها مع كل مناسبة وكل سياسة من بين وزراءه فان له اللا يصطفى اى من هؤلاء ان اراد فيتجاوزهم الى شرائح ادنى تراتبيا. وقد لا ترجع سلطة رئيس الجمهورية العسكرية لكونه القائد الاعلى للقوات المسلحة ولكن والى ذلك فان ما يسمى ب "سلطات الرئيس الامريكى العسكرية لعام 1973 The War Powers Act، "تمنح رئيس الجمهورية الحق فى ان يرسل قوات امريكية الى اى مكان بدون اعلان الكونجرس واحيانا بدون اخطار اعضاء ادارته انفسهم الا انتقائيا ان فعل. وقياسا فان لرئيس الجمهورية الامريكية ارسال قوات امريكية الى اي مكان دون علم الكونجرس الا اذا لم يقيض للقوات الامريكية ان تنجز مهمتها العسكرية والعودة الى قواعدها سالمة فى مدة 60 يوما وهذه المدة قابلة للزيادة الى 90 يوما تسمح للقوات بالعودة الى قواعدها بدون خسائر فى ارواح الجنود الامريكان وبغض النظر عن ومهما كانت "الخسائر الموازية".

اى ان ليس على لرئيس الجمهورية ان يعلن الحرب الا بعد وطالما كسبها او- قيض للقوات الامريكية انجاز مهمتها والعودة الى قواعدها "سالمة" وقد التزمت ب 60 يوما قابلة للزيادة الى 90 يوما "دستوريا": ويمعنى اخر ان الكونجرس يبقى جاهلا بقرار رئيس الجمهورية اعلان الحرب الا اذا فشلت المهمة العسكرية او- و بعد مرور تسعين يوما على شن الحرب ان لم تنجح القوات فى مهمتها. فان كان لرئيس الجمهرية الامريكية ما يشبه احتكار توجيه ومسار السياسة الخارجية وصولا الى الانفراد باعلان الحرب دون استشارة الكونجرس او حتى اطلاع اعضاء حكومته فقد لا يتجاوز رئيس الجمهورية الامريكية الكونجرس وحسب وانما قد يتجاوز اعضاء حكومته انفسهم بما فيهم وزير الدفاع ووزير الخارجية(13). وكان نيكسون مثلا قد تجاوز اعضاء حكومته ولم يطلع سوى كسينينجر مستشار الامن الداخلى بامر القوات الامريكية التى ارسلها لنجدة اسرائيل فى 1973 وعلى الرغم من ان نيسكون كان قد ارسل قوات عسكرية دون اطلاع الكونجرس او اعضاء حكومته لنجدة اسرائيل فى حرب 1973 تفوق القوات التى اشتركت بها الولايات المتحدة فى الحرب العالمية الثانية(14). ومن ذلك ايضا مبادرة كل من ريجان وبوش فى تأجيج حروب – استعمارية – عالمية - ممحللة بصورة مباشرة اوغير مباشرة الكونترا – نيكارياجوا – يونيتا – انجولا - الحلفاء - العراق. ولم يعدم كلينتون من ان يفتعل حروبا عالمية ممحللة Localised world wars لخلق ستار دخان حول ممارسات محلية او ازماته وفضائحه الخاصة(15). وقد تتصل "الخصوصية" العسكرية لتشكيلات السلطة الامريكية مرة لانها مثلها مثل دولة اسرائيل اقامت نفسها على انقاض ثقافة وتاريخ واصحاب الحق الاصليين اذ حاصرت الاهالى الاصليين فحاصرت نفسها. ثم لم يلبث الحصار وذهنية الحصار ان استقرا فى اعصاب ومسام السلطة الامريكية وقد راحت بدورها تنشر فيروسه بين الافراد والجماعات فغدى الحصار خصوصية جديدة حيث تتناسب عسكرة الادارة الامريكية الى ذلك فى علاقة طردية وعلاقاتها الخارجية. ويصف ارثر شيلزينجر Arthur Schlesinger عسكرة الادارة الامركية منذ الحرب العالمية الثانية حتى إدارة نيكسون ب"الرئاسة الإمبريالية" Imperial Presidency فقد عرفت الادارات الامريكية -اللاحقة لرئاسة نيكسون ب "الرئاسات ما بعد الامبريالية- المستبدة" Post-Imperial Presidencies Imperious. واجادل ان تعريف الإدارة الأمريكية في تلك الفترة - وما سبقها مما ذكر اعلاه وما اعقبها -بالرئاسة الإمبريالية لكون السياسات الأمريكية العسكرية منذ حروب الهند الصينية وكوريا الشمالية الى فيتنام عبورا بازمة خليج الخنازير فحربى الخليج الخ كانت قد أدت الى وبقيت ذات مترتبات واسعة النطاق تتسم بوقع امبريالى عسكرى عبر حدود الولايات المتحدة لتسع العالم اجمع. فهل يؤلف تنظيم الحكومة فى تنويعة الجمهورية الرئاسية على الطريقة الامريكية وظيفة عولمة خصائص السلطة ام هى وظيفة تنظيم الانتاج ام كلاهما؟

الجمهورية الرئاسية وتخشب اطراف وفكر المعارضة:
اجادل ان كمياء المناخ اعلاه كانت حرية بان تفرز ما من شأنه الا تجد بعض المعارضات والنخب تحديدا معدى من ان تبدأ باستمثال الاحزاب الكبرى او- وتدخل فى لعبة الكراسى الموسيقية مع الاحزاب الصغيرة فى حالات معنية من ناحية. ومن ناحية اخرى فاذ قد يقيض وجود الاحزاب الصغيرة فى تلك الحالات - مع توفر امكانات التحالفات المستمرة - غرفة انعاش الجمهورية الرئاسية فان غرفة انعاش رئيس الجمهورية الرئاسية حرية بان تتسع لان الاستقطاب والاستلاب المتصل للمعارضين - يقيض كل من تحجيم وارهاب معارضي البيداء السياسية - كمثل ما توفر جيوش العاطلين لارباب العمل ابتزاز ومقايضة العمال فى موقف المفاوضة على الاجور خصما على العمل الحى. ذلك ان استقطاب واستلاب المعارضة بتحجيمها وارهابها قد يفذف بالمعارضات غير "المعسكرة" او-و المعتدلة خارج الحلبة فلا تجد الاخيرة سوى ان تتجرع بوارها فيما قد يوفر ذلك اطالة عمر رئيس الجمهورية الرئاسية بدوره.

وقد تدفع ديمقراطية التعددية الحزبية المظهرية- فيما يبدو انه يقيض عسكرة شرائح أو تشكيلات السلطة-احزاب المعارضة العربية- بالتماس او-و بالاقتهار الى التسلح من اجل التغيير فى غياب وسائل بديله. ويعبر عن ذلك التجمع الديمقراطي السوداني الذى اتخذ له فى التسعينات من شرق السودان واريتريا معاقل للكفاح المسلح مما لم ينفك ان غاض كمثل نهر الجاش او نبع موسمي. فلم يكن للمقاومة اسلحة نظام الانقاذ ولا برنامج واضح اكثر من اسقاط النظام. بل كان قادة بعض فصائل التجمع من التظهرية او السذاجة بحيث لم ير فى العولمة ضير على البلاد ولا ادرك تعالقها وبعض تنويعات الاسلام السياسي ولو تاريخيا. وقياسا لبى بعضهم دعوة من امريكا وهو اعزل تماما من اى سلاح نظري او ايديولوجي لمواجهة وحوشها الفكرية وايديولوجية والعقائدية وعلى رأس الاخير اعضاء اللوبى اليهود ومشاة الصهيونية العالمية والحزام الانجيلي الجنوبى وكافة فيالق الرأسمالية المالية العولمية الخ.

وكان التجمع الديمقراطي المذكور يضم فصائل اليمين التقليدي الطائفى وفصائل اليسار القديم باطيافه القومية من ناصرية وبعثية وصولا الى الحزب الشيوعي السوداني. وازعم ان التجمع اعاد انتاج التخالفات والتحالفات المضادة التى وقع فى فخها اليسار اما عجزا تنظيميا او فكريا او- وغواية لا تقاوم او ابتزازا من قوة اليمين السودانى الذى بقي امينا على خطابه السابق على الاستقلال السياسي. وقياسا فقد كان ذلك اليمين حريا بان يسرق المشهد خصما على من عداه مثلما فعل ذلك اليمين فى كل مرة تحالف فيها مع اليسار التقليدى باطيافه القومية الى الشيوعية. وكان ذلك قد تمثل فيما تمثل فى كيف ان جبهة الهيئات الديمقراطية التي كانت الجماهير الشعبية التلقائية واليسار بتويعاته المذكورة قد ابدعوها جميعا فى ثورة اكتوبر 1964 الشعبية المجيدة لم تنفك ان اخترقت فاحبطت ثورة اكتورب 1964 الشعبية التى ساقطت النظام العسكرى الاول. فان ساقطت تلك الثورة اول نظام عسكرى-1958-1964 الا ان اليمين التقليدي سرعان ما نظم نفسه فيما يسمى الجبه الوطنية وراح يزاحم جبهة الهئيات الديمقراطية بقياداتها العمالية والمهنية والفئوية الخ فتعينت الاولى على تصفية الثورة الشعبية لحسابها. ومن المفيد تذكر كيف ان مصر الدولة تعينت بدورها كما عهدها من خشيتها الدائمة من ديمقراطية شعبية تأتيها من فنائها الخلفى ان مصر الدولة ساهمت فى تصفية الثورة بتنشيط بعذ اعضاء جماعة الضباط الاحرار واهمهم كان موال للسياسات الرسمية المصرية خصما على كلى الشعبين المصرى والسودانى جميعا على مر التاريخ الا ما خلا جملا اعتراضية مثل ثورة 23 يوليو الوجيزة.

وكانت مصر الدولة لم تنفك ان باتت باتت تباعا جمهورية رئاسية خصصت مقدرات مصر رغم دستور مصر الاشتراكي الذى امم ادواة الانتاج وحقق الاصلاح الزراعى بقانون مرعى فى 1965. ومن المفيد التنبه على ان احدا لا ولم يكترث بدراسة ما يحدث فى السودان وان معظم اللذين اهتموا بذلك اما كانوا من الضحالة بحيث احتفوا بالكتابة عن انفسهم فى سير ذاتية مثلما كان المبشرون يفعلون وقد راحوا يسجلون لقاءاتهم مع الشخصيات السودانية المعروفة او- ولم تكترث الدولة المصرية بما قال الجادون منهم فى وضع سياساتها الخارجية. فقد بقيت مصر الدولة مشغولة بكل من قمع كل ثورة او انتفاضة شعبية سودانية فى فنائها الخلفي منذ ثورة 1924 على الاقل وباتفاقية مياه النيل. وقد بقىت بعض فضائل اليمين التقليدى المذكور اما تستدعى قوة مصر او- وتلجأ اليها فى وجه خصومها المحليين او تلوذ بمصر الدولة-الجمهورية الرئاسية من بعد. وكانت الدولة المصرية قد تحورت وقتها الى ما عرفته الامم المتحدة فى ثمانينات القرن العشرين بالدول الامبريالية التابعة Sub-imperialist states او الصغيرة. ذلك ان الرأسمالية المالية كانت قد راحت تتعين خلق كائنات تقوم بالوكالة عنها وتسمسر فى عملية سياقة الشعوب الى الخضوع لشرطيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولى والاولجاركيات الاسراتية المالية المحلية والعولمية. ولعل ذلك قد يفسر ما الت اليه مصر الجمهورية الرئاسية ونظيراتها فى تيسير عمليات المراكمة المالية ما بعد الصناعية او العولمة والمشروع الاسرائيلى واجندة الصهيونية العالمية وكلها تنويعات على بعضها مع تزويق المسميات.

ختاما:هل تعالقت ثورة 1968 الطلابية ونشوء الجمهورية الرئاسية في كل مكان:

فى محاولة فهم وتحليل ثورة الشباب العربي ريما كان مفيدا عقد قياسات بينها وبين تنويعات باكرة عليها. واموت وبى شئ من التنويعات التى لا يكترث معظمنا بها ولا يراها اصلا، ولعله من المفيد تذكر ان ربما كانت ثورة الطلاب الاوربين (1968)- والامريكان- وكانت الاخيرة على استحياء- ربما كانت تنويع باكر على ثورة العرب الماثلة منذ نهاية شتاء 2010-2011. وكانت ثورة الطلاب المذكورة قد اندلعت فى مناخ كتابات وفكر اليسار الجديد ومدرسة فرانكفورت. وكان من اهم مفكرى تلك الحركة هيربيرت ماركوزو Herbert Marcause-1898-1979 عضو مدرسة فرانكفروت ومؤسس اليسار الجديد ورأيت ميلز C. Wright Mills (16) صاحب فرضية او مقولة النخب ذات الياقات البيضاء the white collar elite - وفيها ينتقد النخب ويشرح اطروحاتهم وووصولية بعضهم وقتها. وقد قمعت الثورة والتفست لتختزل وقد تشرزم قادتها وحملوا مسئولية خلق شرط هروب الرساميل الخ الفرنسية مثلا. وقياسا كانت ثورة الطلاب حرية بان تغدو اخر اخر المحاولات التحريرية شبه المنظمة منذ نهاية الستينات وكانت قد همت فئات شعبية بصورة واسعة ومجلجلة بها وقد راحت تقتحم اسوار الرأسمالية وتتجاسر عليها وتجرؤ لاخر مرة منذ ما بين الحربين بالمناداة بالاشتراكية.

 

Description: socialism today

1968 Year of Revolution

ولعل قياسا يمكن عقده بين اهتراء حواف العولمة كما يلاحظ الناس فى كل مكان وما اعتور البرجوازية الصناعية عشية اندلاع ثورات الطلاب. فقد كانت اسوار البرجوازية الصناعية-و لم تكن قد انحسرت بعد لحساب الرأسمالية ما بعد الصناعية-هشة ومستهدفة من بين يديها ومن امامها بعد ثورة الطبقة العاملة الايطالية على الدولة البرجوازية الصناعية ما بين الحربين ، وكان العمال الايطاليون قد احتلوا المصانع واداروها خارج سلطة الدولة مما اوشك ان يوصل العمال الى السلطة خصما على برجوازية صناعية اخذ العجز ينتابها حتى لم تعد تملك التعين على اعادة انتاج المجتمع البرجوازي الصناعى مما كتب فيه جرامشى وخانه تولياتي. ولعل القياس بين ثورة العمال الطليان وثورة الطلاب لعام 1968 حريا بان يكون اكثر دقة. فقد احتل 10 ملايين عامل فرنسى المصانع فى شهري مايو ويونيو 1968 وعبروا عن قمة الثورية الشعبية فى فرنسا(18).

 

Description: http://s-ak.buzzfed.com/static/enhanced/terminal01/2011/1/31/13/enhanced-buzz-18807-1296498750-25.jpg

 

المهم ان الثورة الطلابية العمالية المذكورة بهذا الوصف اعلاه لم تنفك ان احبطت او-و اخترقت. وقياسا فقد كان احباط ثورة الطلاب قد تعالق وبداية انتشار مفهومات وممارسات كل من الجمهورية الرئاسية وتنويعات اليمين الجديد والاسلام السياسي والنسووقراط وما بعد الحداثة والديمقراطية ما بعد الليبرالية او-و الدمقرطة وغيرها من قاموس اقتصاد السوق وحرية الاسواق والعولمة فى كل مكان. ولعل ثورة الطلاب الهمت البرجوازية الصناعية مثلما الهمت ثورة الشباب العربي الرأسمالية المالية قارب نجاه من الانتفاضات الشعبية ومن اعدائها الالداء-الشعوب-فى كل مكان.

هل ثورة 1968 تنويع على ربيع العرب؟
ولعل ذلك قد يفسر ولو جزئيا كيف ان ثوار 1968 لم ينفكوا ان استوعبوا فى المشروع العولمي ومستلزماته تباعا. فقد راح معظم جيل ثورة عام 1968 الطلابية يحتل اغلب المراكز الهامة فى سلطة الدولة الفرنسية وقد تحورت الى ما بعد قومية تيسيرا لوراثة -الجمهورية الرئاسية بقيمها وتقاليدها المعدلة جينيا. ذلك ان الاخيرة كانت حرية بان تخصم على قيم وتقاليد الدولة القومية التى كانت قد باتت بائرة تباعا وعبئا على المراكمة المالية عابرة الجدود وعلى بيع وشراء العمل فى اسواق الاقتصاد الحر وشرطيات الكويز الخ. ويعتقد نقاد الطلاب الثائرين بهذا الوصف أن معظم الثوار كان من الطوباوية والمثالية بحيث لم يتوافقوا وقيم الجمهورية الرئاسية المعدلة جينيا بهذا الوصف. فقد بقى جيل ثورة 1968 امينا على تقاليد ومفاهيم سلطة قومية عفى عليها الزمن . ولم تنفك ثورة الطلاب ان اسلمت مكانها لليبراليين الجدد بصورة منظمة. وقد ترتب ان مئات الالاف من الشباب الفنرنسي المؤهل الطموح راح يهاجر. ويتهمهم خصومهم بانهم خلقوا شرط هروب الرساميل الى الخارج"مما يقع فى خانة ارتكاب الخطيئة المميتة بحق الرأسمالية المالية-المراكمة عابرة الحدود بدورها العولمة المشروع الصهيونى العالمي الخ.

فهل يتعين شباب ربيع العرب 2011 على ما اخفق فيه شباب اوربا وامريكا نهاية الستينات؟ ام ان وراء الاكمة ما ورائها؟ وما اذا كان السيناريو البادي تباعا صائر الى ما اظنه صائر اليه؟ ستكون ضربة معلم ان تعينت الدساتير التى يتدخل فيها من يفعل دون علمنا على خلق شرط عودة احزاب السلطة البائدة مجددا وق غيروا الوان المعاطف كما ثيجيدون عادة هل تحققنا بصورة كافية من طبيعة تلك الجمهورية الرئاسية التى لم يمس معظمنا مفهومها الا بقدر ما حددنا فترة الرئاسة بدورتين؟ الم يسلم يلتسين ما يسمى السلطة الديمقراطية التى ادعى ان الثورات المخملية انجبتها فى الجمهوريات الاشتراكية السابقة وفى الاتحاد السوفيتى من اجل قيام روسيا فيدرالية مرسملة لفلاديمير بوتين الرئيس الثاني لجمهوية روسيا الفيدرالية الرئاسية المرسلمة بمعرفة بل بمبادرة اوليجاركيات مالية مافيوزية Mafuso نشطة؟ وسوف اناقش التنويعة الاخيرة فى الجزء الثاني باذن الله

 

هوامش

(1) هذا البحث وغيره من الدراسات مسجل بموجب حق الاختراع فعلى من يرغب فى الاخذ او اقتطاف الحصول على اذن مكتوب من المؤلفة.

 Egypt's military is supplying arms to Libyan rebels with the US government’s full knowledge(2)

انظر(ي) BBC Radio4The Today Programme Sunday 21st. March 2011

 (3)Chronicle of a Death Foretold (original Spanish title: Crónica de una muerte anunciada) is a novella by Gabriel García Márquez، published in 1981

 (4) بلغ اخر تقدير لتكلفة الحرب على العراق وافغانستان $1،167،786،654،914 وراح حوالى 5 الاف جندي امريكى والفان و400 من جنود التحالف فى العراق وحدها

 (5)A top scientist gave a speech to the Texas Academy of Science last month in which he advocated the need to exterminate 90% of the population through the airborne ebola virus. Dr. Eric R. Pianka's chilling comments، and their enthusiastic reception again underscore the elite's agenda to enact horrifying measures of population control انظر(ي) Information Clearing House ICH:ـ: 26 يونيو 2010

 (6)انظر(ي) المقال بعنوان كيف يفرح الكارهون للشعوب بانتصاراتها وكأنها انتصارتهم هم؟ خديجة صفوت بالقدس العربي بتاريخ:2011-03-20

 (7)انظر(ى) Thornton :1994:The Boss

(8) يقول بارينجتون مور(الصغير) ان اصل مفهوم مفردة الدكتاتور يتصل بالزراعة وباول من امتلك ارضا فاخذ يدافع عنها بمال الدولة ان وجدت وباسمها وبجهد الارقاء - العامة-الغوغاء.انظر(ى) : Barrington Moore Jr.:1974: the Social Origins of Dictatorship and Democracy: Lords and Peasants in the Making in the Modern World

(9) من المفيد ملاحظة كيف تبقى كل من مفردة الدكتاتور والديمقراطية قابلتان للجدل فى ادب السلطة والحكم الغربى ربما حتى اليوم.

 (10) (انظر(ى) ايضا ماكس فيبر Max Weber 1970.

 (11) انظر(ى) BERSHADY، Harold:1973:Ideology and Social Knowledge. Oxford. وحين ورثت معظم شرائح الارستقراطية الكلاسيكية وشرائح السلطة الاقطاعية التقليدية الدولة مجددا اعادت كتابة تاريخها وكتابة تاريخ تلك الفترة فكرست مفهوم عنف العامة- الشعب- الغوغاء السياسى والتنظيمى.

 (12) صدر قانون الأحزاب رسميًا عام 1977 ليسمح النظام السياسي في مصر بالتعددية الحزبية مع وجود تنظيم الاتحاد الاشتراكي، الذى لم يلغى القانون صلاحياته الواسعة بل بل اعطاه صلاحيات اوسع منها الحق فى الموافقة علي تشكيل الأحزاب وخصما على الاخيرة. هذا وقد اشترط القانون ألا تتعارض مبادئ اى حزب مع مبادئ الشريعة والحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي. وحيث اشترط ايضا اللا تتعارض الاحزاب الجديدة مع ما يسمى النظام الاشتراكي الديمقراطي ومكاسب الشعب المصرى الاشتراكية- وكان الدستور المصري دستورا اشتراكي- كما ذكرنا فى مكان اخر-الا ان بدايات بيع مقدرات الشعب المصري بالمزاد العلنى وغيرها من الممارسات العولمية كانت قد بدأت ناهيك عن توريط مصربعدها بقليل فيما بات سفر تكوين اتفاقية كامب ديفيد تباعا..

 (13) كان قرار ريجان الحرب على أو غزو جرانادا فى اكتوبر 1983 بارسال قوات امريكية فى مهمة عسكرية "استعمارية" توسعية باسم الديمقراطية ودفاعا عن المصالح الامريكية دستوريا قد تم بوصف ان وجود جرانادا قمينة بان "يقوض الديمقراطية" الغربية وتهديد المصالح الامريكية. فعلى الرغم من ان الصفوف العليا من جنرالات الجيش الامريكى اعترضت على المهمة المفاجئة لعدم وجود معلومات كافية اذ قد لا تسمح العجلة التى اراد بها ريجان اجتياج جرانادا بليل قبل توفر المعلومات والاستخبارات الكافية زيادة على اعتراض الحكومة البريطانية- مارجريت ثاتشر شخصيا لدى ريجان- على اجتياح الولايات المتحدة لدولة عضو فى الكومنويلث -فقد تم غزو دولة جرانادا فى 25 اكتوبر 1983 بتهمة "الشيوعية والارهاب" ومعاداة الديمقراطية بحشد 35 الف جندى و15 بارجة حربية فى مواجهة دولة من الصغر بحيث لم تكن تملك جيشا. ومن البداهى ان القوات الامريكية عادت -بعد انجاز مهمتها بنجاح- دون مقاومة تذكر فى الواقع -سالمة غانمة طبعا- فلم يجازف الرئيس الامريكي بالطبع مرة اخرى بخسائر فى ارواح الجنود الامريكان الا ما خلا غواصون عسكريون كانوا قد انزلوا -دون تدريب كاف -عند سواحل جرانادا لجمع الاستخبارات اللازمة-فغرقوا عن بكرة ابيهم. وقد اخفيت تلك المعلومات عن كل من الكونجرس والشعب الامريكى زمنا فلم يكشف عنها الا مؤخرا والا لكان رئيس الجمهورية حرى بان يجازف باثارة كل من الرأى العام ضد سياسة الرئيس الخارجية وربما اعتراض الكونجرس عليها Channel 4 Policy by Other Means:23.3.2000: 20.15 hrs.

 (14) مذكرات كيسنجر : 1999 : وايضا فيلم وثائقى BBC2 حول نفس الموضوع فى الساعة التاسعة وربع مساء الخميس 12 اغسطس 1999 .

 (15) كمثل ضرب العراق بالتشارك مع القوات البريطانية بمعدلات لا مبررة حيث بلغ عدد طلعات القوات البريطانية 36 الف طلعة فى اكثر من 24 الف مهمة فوق الاراضى العراقية التى تقع تحت حظر التحليق ما بين مايو 1998 ومنتصف 1999 كلفت دافع الضريبة البريطانى وحده مثلا 60 مليون استرلينى. وقد قامت القوات الامريكية ب و70 غارة مابين يونيو ويوليو و14 غارة فى الاسبوعين الاولين وحسب من اغسطس 1999 . كما ضرب السودان وأفغانستان ولم يتردد كلينتون فلم يلبث ان شن الحرب على الصرب باسم "العون الانسانى" انقاذا للسكوفو الالبان "من مجاذر سلوبان ميلوسوفيتش".

 (16) انظر(ي) C Wright Mills: the American Middle classes: the White Collar Elite:1965

 (17) انظر(ي) ويكبيديا ثورة 1968

 (18) من لقاء مع الديجولى بيير ليلوش الساعة 3.30 فجر السبت اول يوليو 2000. Pierre Llulouche: Hard Talk: BBC1: 1.7.2000.