متابعة أنجزها :سالم الفائدة – إبراهيم ازوغ – الزوهرة صدقي – الزهرة الغلبي – سميرة مترجي – أحمد بن مصطفى – أسماء نافع .
في فضاء شعبي يفوح بذاكرة ثقافية مديدة في الزمان والمكان ممتزجة بحس المقاومة ،بساحة السراغنة - درب السلطان الدار البيضاء ،افتتح المعرض الوطني للكتاب أبوابه في دورته الرابعة ،تحت شعار"الثقافة المغربية العوائق والرهانات"،للفترة ما بين 1و 25 أبريل 2011 حيث نُظمت هذه الدورة بشراكة بين الجمعية البيضاوية للكتبيين وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء ،وقد اختار المعرض الذي صار تقليدا سنويا أن ينفتح هذه الدورة على كل المبدعين الشباب في مختلف المجالات الثقافية . ولعل البرنامج المتنوع لهذه الدورة يكشف عن هذا البعد ، حيث اهتمت اللجنة المنظمة للاحتفاء بكل أصوات الهامش لرد الاعتبار للثقافة المغربية المرتبطة بهموم وقضايا الحياة وحوافها.وأيضا في انفتاح الجامعة على محيطها .
وفي هذا السياق تحدث شعيب حليفي (كاتب وأستاذ جامعي بآداب بنمسيك – الدار البيضاء)عن أهمية انخراط الجامعة المغربية ، وكلية الآداب والعلوم الآنسانية بنمسيك تحديدا، في الانفتاح على المحيط الاجتماعي والثقافي المتنوع ، وعلى جيل جديد من المثقفين والباحثين الشباب .كما لم يفت شعيب حليفي إعلان التضامن اللامشروط مع المثقفين العرب في ليبيا ومصر وتونس واليمن وسوريا ... الذين تعرضوا أو يتعرضون للقمع والتقتيل إلى شعوبهم التوَّاقة إلى الحرية والديمقراطية والمعرفة .
الاثنين 04 أبريل 2011
افتُتح برنامج الأنشطة بلقاء الشعر حيث نسق أشغاله نبيل لهوير رفقة محمد عرش، وكما كان مقررا تحدث يوسف بورة رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين،عن أهمية انطلاق هذا المعرض ودوره في التأسيس لثقافة بديلة تنفتح على محيطها الشعبي ، بشراكة مع كلية الآداب والجامعين والأدباء .
بعد ذلك ، وفي لقاء مُهدى إلى الشاعر محمد بنطلحة ، تم تقديم مجموعة من القراءات الشعرية بأصوات عدد من المبدعين الشباب ،فقرأت آمال الحسيني قصيدة لمحمود درويش بعنوان" تنسى كأنك لم تكن "،بعدها قدم عبد الغني الحوميدي قصيدة مالك بن الريب ،راثيا نفسه ،كما شارك سمير ملاح بقصيدته"آخر الأماني"،لتنتقل بنا بعده حسنى كرون إلى رومانسية نزار قباني من خلال قصيدته "من علمني حبا كنت له عبدا " .
في الجزء الثاني من الأمسية، قدم الشاعر محمد عرش ورقة نقدية حول تجربة الشاعر المغربي محمد بنطلحة ، متتبعا تجربته منذ إصداره الأول "نشيد البجع "،مبرزا كيف بدأ الشاعر من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء محاولا تشذيب لغته لتصير إيحائية ،كما توقف عند أهم إنتاجاته الشعرية: "سدوم"وامتزاجها بالأسطورة ،ثم "بعكس الماء "التي تمثل نموذجا للقصيدة النثرية الملتحمة بالواقع؛ كما توقف عند ديوانه الجامع "ليتني أعمى"،قبل أن يُنهي كلمته حول العمل الأخير لبنطلحة"قليلا أكثر"، ديوان مزج فيه الشاعر بين المنطق والفلسفة وحاول أن يكون بعيدا عن ذاته .وفي ختام هذه الورقة تمت قراءة بعض من نصوص محمد بنطلحة الجميلة .
إلى جانب الشعر المغربي ،تعرف زوار المعرض على شعراء موريطانيين من خلال أصوات أدباء موريتانيين ،حيث قدم أحمد ولد مصطفى قصيدة بعنوان "مئذنة البوح" للشاعر محمد ولد الطالب ،ثم تلى محمد ولد بادي قصيدة"البتول" لولد ابنو ولد احميدة،تناول الكلمة بعده محمد جناني فقدم قصيدة بعنوان اختاري ،قبل أن تقدم آمال الحسيني قصيدة من نظمها بعنوان "خطا يخطو ".
في الجلسة الثانية التي نسقت أشغالها الباحثة أمال الحسيني، تم توقيع عدد من الانتاجات القصصية والنقدية، "بطاقات نقدية" لصفية اكطاي الشرقاوي التي عبرت عن سعادتها وهي توقع إصدارها في هذا الفضاء الحي ، كما قدم القاص سعيد رضواني مجموعته القصصية الأولى " مرايا" معبرا عن سروره بهذه المناسبة الثقافية النادرة ؛فيما كانت ميزة هذه الجلسة حضور القاص المغربي عادل أوتنيل الذي لم تثنيه إعاقته الشاملة عن الإبداع والكتابة فقدم في هذه الجلسة عمله القصصي المعنون ب"على عتبات الليل" ، وقد أكد المبدع على أهمية مثل هذا اللقاء الذي يمنح الفرصة للمبدعين في التعبير عن رؤاهم وأفكارهم.
الثلاثاء 05 أبريل2011
شهد اليوم الثاني توقيع عدد من النصوص الروائية الجديدة ،حيث افتتح الجلسة سالم الفائدة الذي تحدث عن أهمية المعرض ودوره في التصالح مع الثقافة المغربية بمختلف أبعادها ،كما توقف عند أهمية هذه اللقاءات في تقديم وجوه إبداعية جديدة .بعد ذلك تناول الكلمة الباحث عبدالله قدوري ليقرب المتلقين من التجربة الروائية الأولى للمبدع عبد الرحمن مصلوحي وروايته "شمس الليل"متوقفا عند أهم المواضيع التي تناولتها الرواية: الاعتقال،البطالة،التردي الثقافي؛ أما عبد الرحمن المصلوحي فقد حاول من خلال كلمته تقديم تصوره للرواية قائلا "الرواية هي ضلعي الأعوج أكتب فيها ما لا يستقيم".
الروائي عبد القادر خلدون، وقع في هذه الجلسة روايته الثالثة "وجوه تائهة"، بعد أن صدرت له "وشم في الذاكرة " ،و"أوسمة من رماد" ،مركزا في كلمته على المصاعب التي تقف عائقا أمام المثقف المغربي في النشر والتوزيع ،وقد عبر بدوره عن فرحه مشاركة هذا الجيل من الشباب الذي يشق طريقه بإصرار وتجديد ؛ بعده عبر عبد الله خليل صاحب رواية "خلط الأوراق"عن مشاكل سوق النشر بالمغرب.
وتدخل شعيب حليفي أثناء المناقشة متحدثا عن أهمية الكتابة ضد اليأس وضد كل محاولات تبخيس الثقافة وتلجيمها ،كما وجه دعوة إلى الجيل الجديد من النقاد تحتهم على ضرورة تناول الأعمال الأدبية للجيل الجديد من الروائيين ،بغاية تشجيع وتطوير هذه التجارب وإغنائها ،كما تناول مختلف المشاكل التي تعترض الثقافة المغربية ،مبينا أنه في ظل سياسة الصمت التي تنهجها المؤسسات الرسمية، تصير مهام الكاتب أجسم وأكبر. في الأخير تناول الكلمة إبراهيم أزوغ وتحدث عن سياسة توزيع الكتاب ودورها في حرمان المتلقي من عدد من النصوص الإبداعية.
الأربعاء 06 أبريل 2011
تميز هذا اليوم بحضور مُلفت لعدد من الوجوه الإبداعية والنقدية المغربية ،فبعد كلمة منسقة اللقاء الزوهرة صدقي ، تم توقيع مجموعة من النصوص القصصية ،لكل من القاص محمد كويندي "سرير الدهشة"،والذي أكد أن اللقاء جاء ليرد شيئا من الاعتبار للكاتب المغربي بعد أن همشته المؤسسات الرسمية،أما محمد يوب الذي وقع مجموعته القصصية الجديدة "نماذج بشرية"، مُبرزا دور هذا اللقاء في تكسير مختلف الحواجز الطبقية في مجال الثقافة ، ومؤكدا في الآن نفسه على أن المثقف لا ينبغي أن يكون بخيلا ، بل عليه أن يقدم كل ما في وسعه للتواصل وكسر الحصار المضروب على الثقافة الملتزمة، بينما اكتفى القاص الشاب محمد أيت حنا بقراءة نص من مجموعته"عندما يطير الفلاسفة".
الجلسة الثانية كانت من تنسيق إبراهيم أزوغ ؛وقد تناول الكلمة في المستهل أحمد شيكر متحدثا عن مجموعتيه القصصيتين "تودة"و"العناصر"، مؤكدا على ضرورة التشبث بهذا المعرض خاصة أمام التراجع المريع الذي يشهده المشهد الثقافي المغربي، بينما ذهب المبدع محمد محقق الذي قدم مجموعته القصصية الأولى" خيوط متشابكة" ،إلى أن المعرض يشكل حدثا متميزا يكسر الجمود الذي ساد فترة طويلة. في النهاية فتح النقاش بين المشاركين والمهتمين ،وقد أشاروا أن دور المثقف اليوم يكمن في فضح سوء التدبير الثقافي الرسمي لمغرب اليوم، ودعا المشاركون إلى ضرورة فك الحصار المضروب على المثقفين المغاربة ، وتكثيف الجهود لمحاربة اليأس وكذا اللوبيات التي تحاول أن تجعل من الثقافة ترفا نخبويا لا علاقة له بحضارتنا ومجتمعنا .
الخميس 07 أبريل2011
في موضوع "الإبداع والاستشراف" افتتح الباحث إبراهيم أزوغ اللقاء مذكرا بأهمية الموضوع في الراهن الثقافي والاجتماعي لمغرب اليوم،معتبرا في السياق نفسه، أن الأدب يستشرف مستقبل وطنه بتشييده لتصورات ورؤى تساهم في تغيير البنية الثقافية من قيم وأفكار وعادات للمجتمع...تكون سبيلا للتغيير الاجتماعي المنشود. بعد ذلك تناول الروائي المغربي مبارك ربيع الكلمة حيث شدّدَ على أهمية مثل هذه اللقاءات الثقافية التي تعيد ربط العلاقة بين المثقف والمواطن المغربي بدءا، وبالفضاء الشعبي لدرب السلطان الذي يمثل صورة مصغرة لمجموع المغرب،وقد محور ربيع مداخلته ضمن هذا اللقاء، في ثلاثة عناوين؛ الأول: عن مفهوم المحاكاة والانتقال منه نحو الواقعية الروائية مستفيضا في الكلام عن حدود الواقع والالتزام في الأدب عموما والرواية على وجه التحديد،فيما انصرف في المحور الثاني إلى الحديث عن تجربته الشخصية مُشيرا إلى انشغال نصه الروائي "الطيبون" بالتحولات التي عرفتها مرحلة السبعينيات فكريا وسياسيا في المغرب، بينما اهتمت رواية "الريح الشتوية" بقضايا الأرض والوطن،أما نص "بدر زمانه" فيحتمل مداخل متعددة ... هكذا تتغير موضوعات الأدب- يقول مبارك- بالتغيرات التي تطرأ على المجتمع، ولعل رواية "أيام جبلية" المنشغلة باكتشاف عالم خارج المفترض تؤكد تحولات الأدب فنا ومضمونا. وانتهى الروائي المغربي في العنوان الثالث لورقته إلى الحديث عن حدود الاستشراف ومعناه في النص الروائي.
في مداخلة ثانية ، تناول الكلمة الباحث سالم الفائدة ، مُومِئا إلى قلة هذا النوع من الكتابات في الأدب العربي القديم ،لعوامل ثقافية ودينية ،كما حاول إبراز التطور الذي حدث ،حيث انفتح الأدب العربي على المستقبل محاولا كشف الحجب فاستعرض بعض التجارب الروائية العربية التي تجسد فيها التنبؤ بالمستقبل ،مثل رواية غسان كنفاني "عائد إلى حيفا"،التي تنبأت بعودة الفلسطينيين ،ورواية "الإسكندرية 2050" لصبحي فمحاوي ،التي تنبأت بالثورة المصرية الأخيرة ،كما توقف الباحث عند رواية "أجنحة الفراشة "لمحمد سلماوي ،التي دهش مؤلفها وهو يتابع الثورة المصرية حيث تتشارك الرواية مع الثورة في الكثير من الشعارات والأحداث . أما في الشق الثاني من مداخلته فقد توقف عند دور وأهمية هذا الأدب ،مبرزا كيف تستفيد البلدان المتقدمة منه في مجالات البحث العلمي ،إلى جانب ذلك فهو في نظر الباحث يوسع دائرة الحلم الإنساني ،ويحدد شكل المستقبل ،كما يحرر الإنسان من راهنية الزمن ،لتعويض ما هو مفقود في الحاضر.. بعد المداخلات أثرى عدد من الزوار النقاش بتساؤلاتهم حول تجربة مبارك ربيع،ودرجة ارتباطها بالواقع كما طرحوا عددا من الأسئلة حول الأدب وعلاقته بالمستقبل .
السبت 09 أبريل2011
افتتح الباحث ناصر ليديم ندوة " الأدب والهامش" بكلمة ترحيبية ،قبل أن يتناول أحمد بلاطي في مداخلته حضور الهامش في الأدب الحديث الذي يتجاذبه بُعدان، البعد الأول يتعلق بعلاقة الهامش بالمتن، حيث يعتبر الهامش جزءا للتوضيح والتفسير وإعلان الموقف، وعلى الرغم من أن الهامش يعلن عن نفسه باعتباره خارج المتن إلا أنه أساسي، لأن المبدع أو الكاتب يرى أن هذا الهامش ضروري للتوضيح وإلا ظل المستغلق غامضا، فالهامش هنا أساسي وضروري. أما البعد الثاني فيتعلق بالهامش باعتباره مكانا للإقصاء والتهميش والنفي والعزلة ،فهو بؤرة لكل الظواهر والقيم السلبية التي يسعى المركز للابتعاد عنها. هذان البعدان تحكما في حضور الهامش في الأدب خصوصا الرواية، فالأعمال التقليدية،المحددة هنا، بستينيات وسبعينيات القرن الماضي ،احتفت بالقيم باعتبارها ثابتة وكونية ولا متغيرة. وهذا أثر على الأعمال الأدبية التي احتفت بالهامش حيث أقصيت من مجال الدراسة الجامعية والأكاديمية الرصينة باعتبارها تحرك الآسن والراكد.
أما مداخلة بوشعيب الساوري فقد تناول فيها ثنائية الهامش والمركز من خلال المنظور التاريخي للأدب، فهو يرى أن الأدب يتطور عبر الجدل والصراع بين نصوص معترف بها وأخرى مقصية، وأعطى مثالا للأدب العباسي الذي كان يعتمد الشعر كجنس أدبي رسمي، في حين استطاعت القصة والسرد عموما أن يسحب البساط – بشكل ما - من الأدب الرسمي بعد الشعبية التي عرفها السرد في تلك الفترة، بالإضافة إلى النقاشات والسجالات التي حدثت بين الشعراء والقصاصين؛ كما تناول الساوري ثنائية الهامش والمركز على مستوى الدرس الأدبي الحديث والتي تجلت من خلال مؤسسة اتحاد كتاب المغرب باعتبارها مؤسسة مركزية، ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات باعتبارها مؤسسات هامشية استطاعت أن تثبت نفسها من خلال الأنشطة الثقافية التي تنظمها.
الأحد 10 أبريل
استمرت فعاليات أنشطة المعرض بحضور عدد من النقاد والمبدعين والمهتمين بالثقافة المغربية ،وقد افتتحت أشغال ندوة"الثقافة وسيلة للتنمية والتحديث " الأديبة صفية آكطاي الشرقاوي التي رحبت في بداية كلمتها بزوار المعرض وضيوفه ،مبرزة أهمية هذا المعرض في طرح مواضيع ذات أهمية قصوى في حياتنا الثقافية. بعد ذلك تقدم الباحث سمير ملاح بورقة استحضر فيها مفهوم الثقافة ،وصيحات المثقفين الداعية إلى الاهتمام بالثقافة وجعلها متنفسا يوميا كما هي الحاجات الأخرى ،كما تساءل عن الطرق الكفيلة بجعل الثقافة من أولويات الإنسان المغربي .
أما الباحثة آمال الحسيني فقد اختارت أن تتتبع في مداخلتها مفهوم الثقافة في السياق الغربي مستحضرة عددا من المفكرين الذين انشغلوا بالثقافة وتداخلاتها ،قبل أن تنتقل إلى الحقل العربي لتتوقف عند تجربة عبد الفتاح كيليطو ودورها في زعزعة عدد من البداهات المعرفية ،هذا وقد صاغت الباحثة الكثير من الأسئلة حول دور المثقف ووظيفته ،كما دعت في ختام كلمتها ضرورة اعتبار الثقافة غاية وليست وسيلة فحسب.
المداخلة الثالثة كانت للباحث إبراهيم أزوغ ،تحدث في البداية عن أهمية ثقافة الواقع اليومي في صنعنا كأفراد وجماعات،مبرزا دور حكايات الجدات في التربية والتأطير الأخلاقي ،كما بين خطورة اختزال الثقافة ،خاصة الدينية منها في كتيبات تفقدها معناها الحقيقي . وكإجابة عن سؤال كيف تكون الثقافة وسيلة للتنمية والتحديث ،ذهب الباحث إلى ضرورة تحمل جميع المعنيين بالأمر لمسؤولياتهم كمثقفين ومؤسسات رسمية ،خاصة وزارة الثقافة في التدبير المسؤول للشأن الثقافي بالبلد،والتربية والتعليم بإعادة التفكير في المناهج والمقررات الدراسية ، والشؤون الدينية في عدم تولية أنصاف الفقهاء أمور الدين بالوطن،أما وزارة الإعلام والصحافة فدورهما في التنمية يكمن في التوعية والإشادة بقيم العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية. تلت هذه المداخلات نقاشات عبّر من خلالها الحاضرون عن تفاعل جاد يرى أن الثقافة يمكن أن تكون سبيلا وركبا للتنمية والتحديث ؛ مثلما عبروا عن وجهات نظر متنوعة في كل اللقاءات السابقة والتي حجوا إليها بكثافة .
الاثنين 11 أبريل
شهدت جلسة هذا اليوم احتفاء خاصا بالرواية المغربية من خلال حضور الروائيين مصطفى لغتيري وسعيد العلام ،حيث افتتحت سلمى براهمة ، منسقة اللقاء، الجلسة معرفة بالمسار الإبداعي لمصطفى لغتيري، الذي بدأ بكتابة القصة القصيرة، ثم القصة القصيرة جدا، وأخيرا الرواية ، ،مبرزة احتفاء الكاتب بالحكاية التي يستقي أحداثها من اليومي المغربي العربي والإفريقي، بذل دخوله غمار التجريب وانشغاله بالتقنية. بعد ذلك تناول الكاتب متحدثا عن رواياته الأربع: "رجال وكلاب"، "عائشة القديسة"، "ليلة إفريقية"، و"رقصة العنكبوت"، كما تعرض للمراحل التي عرفتها الرواية المغربية، مؤكدا فقدان هذه الأخيرة لقارئها منذ انشغالها بقضايا الكتابة والتجريب بدل الانشغال بقضايا الإنسان ، كما أوضح أن رهانه الأساسي منصب على المتلقي العربي، من ثمة يأتي اهتمامه باللغة العربية.
أما سعيد العلام صاحب رواية"مدائن نون"فقد أوضح أنه جاء إلى الرواية من الفلسفة والقانون،يحذوه طموح قوي للوصول إلى الكونية، وبلوغ القارئ أينما كان، لذلك يمتطي صهوة الأسطورة ، ويتعالى عن الزمن والمكان، وتكون موضوعة الرواية الأساسية الوجود الإنساني بكل أبعاده وتجلياته، أو سيرة الإنسان منذ بداية الخلق إلى تطور الحضارة. وككل عمل روائي متميز، فإن أسئلة عدة تطرح بخصوصه، وضع الأسطورة داخل النص، العمل الضخم والقارئ وأزمة القراءة. وفي جلسة ثانية نسقت أشغالها الزهرة الغلبي قرأت كل مليكة الصراري وصفية الشرقاوي قصصا من مجموعتيهما كما قرأ حسن أنفلوس قصصا من مجموعته المعدة للنشر وقد لاقت هذه الأمسية ترحيبا واستحسانا من الجمهور.
الثلاثاء12 أبريل
تمحورت ندوة هذا اليوم حول توقيع المجموعة القصصية لسعيد جومال "الباب" وتوقيع مجموعة أحمد لطف الله "بياض من رباب" ومجموعة حنان كوتاري "النقش بالحناء" وقد نسق أشغال هذه الجلسات كل من الناقد محمد يوب والزوهرة صدقي والزهرة الغلبي بالتناوب ، حيث تناول الكاتب سعيد بوكرامي في دراسته لمجموعة "الباب" مفهوم الباب في القصص ودلالته السحرية المتعددة. واعتبر أن ساردها متلذذ وساخر ومحاذر ومرتاب وناقم يتمثل العالم بوعي شقي يدرك أن ما نسميه واقعا ليس سوى تجليات وعلاقات وأفعال مقنعة،ثم ناقش العناصر المكونة للبناء الحكائي مركزا على عنصر تعشيق القصة الذي اعتبره مكونا أساسيا في المجموعة لأنها مزيج من القطع الحكائية هناك برائحة تتمسك برائحة وذكرى تتمسك بأخرى وحكاية صغيرة تتمسك بحكاية أكبر. وشخصية عاجزة تتمسك بشخصية حيوية وشيء ثابت بشيء متحرك.
أما صاحب مجموعة الباب" فقد سلط الضوء على عنوان المجموعة القصصية " الباب " من الناحية اللغوية وعلاقته بالتيمة العامة للمجموعة وكذا بالنصوص الخمسة عشر المترتبة في خمسة .وقدم- في الختام - أحمد شكر بدوره شهادة في سعيد جومال . في الجلسة الموالية قرأت حنان كوتاري قصة من مجموعتها "النقش بالحناء" كما عرّفت بالتاريخ الأنتروبولوجي لهذا الطقس الذي تعتمده النساء في لفت انتباه الرجال؛ وقبل توقيع مجموعتها تدخلت العديد من النساء منوهين بهذه المجموعة. .
كما وقع القاص أحمد لطف الله مجموعته القصصية "رباب من بياض".
الأربعاء 13 أبريل
نسق أشغال اللقاء المفتوح حول "الجامعة والمعرفة والمجتمع " شعيب حليفي ، بحضور عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك عبد المجيد قدوري،الذي تقدم بكلمة مركزة حول تيارين مختلفين يتوزعان العالم ، راهنا ،بخصوص الإصلاح والتغيير ، أحدهما براغماتي ، وثانيهما مفاهيمي وخلص إلى أنه لكل منهما مزاياه وسلبياته، غير أن هذا الأخير، هو الذي يطفو حاليا على السطح، وتنهجه كلية الآداب، باعتماد توجه بناء الإنسان الذي تكمن ثروته في شبابه المتمثل في إشراك الطلبة في الانفتاح على محيط الكلية، وعلى العالم أيضا. تناول الكلمة بعده عبد الواحد خيري،رئيس مركز الدكتوراه بالكلية ،مشيرا إلى أهمية اللقاءات الثقافية المنفتحة على محيطها في ترسيخ تقاليد أدبية وثقافية تجعل هذه الأخيرة فعلا مشاعا في المجتمع، وليس حكرا على فئة دون أخرى .
في الجلسة الثانية التي نسقها الشاعر محمد عرش قدمت قراءات شعرية متنوعة،شارك فيها ثلة من الشعراء وأهل الزجل ، إلى جانب شاعرة صغيرة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات .كل ذلك مر في جو حميمي حظي بإعجاب وتقدير الجميع. فمن ديوان "خارج التعاليم، ملهاة الكائن" قرأ الشاعر رشيد الخديري قصيدة تنم على أن هذا الديوان يحتفل بتيمة الموت بشكل مناقض للطبيعة المأساوية لهذا اللغز الكبير ولعله وهو يقرأ قصيدته كان كمن يتغنى بالحياة وزخمها مما جعله يشد أسماع الجمهور إليه بفخامة الكلمة الشعرية وسحرها الآخاد . وبعد أمينة الإدريسي والطاهرة حجازي اللتين قرأتا قصيدتين جميلتين ،كما صدح صوت الزجال لحسن باديس الذي استقطب كثيرا من الجمهور الذي وفد كي يستمع لبعض قصائده ،ختمها بنوع زجلي يسمى السلام وهو النوع الذي لاقى ترحيبا لافتا..
الخميس 14 أبريل
افتتح الجلسة نور الدين صدوق انطلاقا من كتاب فاتحة الطايب (أستاذة بكلية الآداب الرباط) حول ترجمة الرواية المغربية ، مبينا أهمية الترجمة ودورها الفاعل في تلاقح الثقافات وتثاقف الأعراق المختلفة مذكرا بأن الترجمة في بلدان متقدمة تحظى بأهمية قصوى وتتقلص أهميتها في البلدان العربية إلى أقصى الحدود. بعد ذلك أعطى الكلمة إلى فاتحة الطايب لتقدم نبذة عن كتابها وانطلاقا من استعراضها لمسار حضور الأدب العربي الحديث في المشهد الثقافي الفرنسي، خاصة بعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، خلصت الباحثة في تقديمها إلى أن جائزة نوبل، التي منحت لروائي عربي، تزامنت مع بداية النشاط الفعلي لمعهد العالم العربي بباريس، وانخراط الروايات العربية وبشكل متواتر في مسار ترجمات الروايات الأجنبية إلى اللغة الفرنسية، ساهمت بشكل كبير في الرفع من اهتمام فرنسا والدول الأوروبية بوجه عام بالإنتاج الروائي العربي، وهذا ما يؤكد حسب الكاتبة على "ارتباط عملية الترجمة إجمالا بإشعاع الكتابة، الذي يفترض فيه)أي الإشعاع (الارتكاز على تميز النصوص في لغاتها الأصلية".
وأشارت إلى أنه إذا كان يحق لمن يتأمل في الانقطاعات المتتالية لحلقات "النهضة العربية"، وتعثر المسيرة الثقافية العربية بوجه عام، أن يطالب بالتفعيل المعقلن لحركة الترجمة إلى العربية، حتى يصبح هذا العصر عصر الترجمة بامتياز بالنسبة للعرب ـ من منطلق كون الترجمة سلاحا فعالا في معركة التحديث واكتساب الوعي في بلدان ما يسمى "بالعالم الثالث" ـ يحق لنا نحن، أيضا، الإعلان ولو بحذر شديد- ونحن نتأمل في حركة ترجمة الرواية العربية إلى اللغات الأوروبية في العقود الأخيرة - بأن الزمن الترجمي لم يعد أحادي الاتجاه، فعملية المثاقفة بين العرب والأوروبيين في المجال الروائي أصبحت تجري، رغم كل ما يعتورها من نقص وقصور، في اتجاهين بدل اتجاه واحد، بفضل تدعيم جائزة نوبل ـ النسبي ـ لتفاعل الرواية العربية مع منطق حداثة تتأسس على دينامية التمازج والتفاعل، وتزامن هذا الأمر مع اضطرار جل الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة إلى التزود بالإنتاج الروائي المزدهر خارج أوروبا، لملء الفراغ الذي تعرفه أنساقها الثقافية على مستوى الإنتاج الروائي المتميز.
وفي الجلسة الموالية التي أشرف عليها مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب، افتتح اللقاء الذي ترأسه نبيل لهوير، الباحث سمير ملاح في ورقة بعنوان "نفض التراب عن قبر التاريخ " في رواية سعد السعود لعبد الرحيم حبيبي ،حيث أشار الباحث في البداية إلى النفس الشعري الذي كتبت به الرواية وهي تنهل من معين الواقع والذاكرة عبر شخصيات تتميز بعفويتها وبساطتها ومرجعيتها التاريخية ،كما أشار بعد ذلك إلى مسألة الأسماء الرمزية المرتبطة بالحضارة المغربية ،والتي اختارها الكاتب لشخوصه بغاية تبيان دورها في بناء المغرب عبر التاريخ ،قبل أن يخلص في النهاية إلى أن الرواية تقدم مادة حكائية خصبة ومتنوعة ،بعيدة عن كل توجه إيديولوجي أو إسقاط مباشر الواقع.
في الورقة الثانية قارب الباحث تغولت وانمير رواية "كائنات من غبار " لهشام بن الشاوي ،مبرزا كيف جاءت هذه الرواية لتعكس رؤية الكاتب وكذا آثار الاغتراب والإقصاء والحرمان المادي والمعنوي على نفسية شخوصه الروائية ،كما عمل على فضح عدد من القيم البالية المتوارية خلف لبوس القيم المجتمعية .الأمر الذي جعله يغوص في عوالم متعددة ،داخل روايته مخلخلا ومخترقا للمحظور ،وقد ذهب الباحث في نهاية مقاربته إلى أنه يمكن إقحام هذه الرواية ضمن خانة الرواية الأطروحة التي يحتل فيها السارد حيزا مهما وقلقا وجوديا ملازما تفضح كل ما تمر عليه عين السارد مفصحة عن المسكوت عنه .
أما المداخلة الثالثة فكانت للباحث محند أوحمو عن رواية "ليلة إفريقية " لمصطفى لغتيري ،فقد توقف عند تجربة الكاتب واصفا إياه ب"الكاتب المتعدد والأصيل "،لينتقل بعد ذلك إلى عالم الرواية متتبعا أهم أحداثها ،فالروائي في نظره مشغول البال حول بعض القضايا التي تتناول الواقع والحياة .تتناول الرواية أيضا تمثلات الإنسان المغربي عن الآخر الإفريقي ،بملمح حكائي منشغل بأدق التفاصيل ،المرتبطة بحياة الكتاب وأحلامهم ،في النهاية اعتبر الباحث الرواية رواية حداثية عن غمة الإنسان في الواقع المغربي .
السبت 16 أبريل 2011
حول موضوع " المرأة والأنا " انطلقت أشغال المائدة المستديرة بورقة الباحثة سعاد مسكين:"المحكي النسائي المغاربي، الذات والاختلاف" ،حيث عملت على طرح خصائص الكتابة الذاتية المغاربية من خلال تناولها لثلاثة أعمال روائية ،"مراتيج" للكاتبة التونسية عروسية الناتولي ،التي تناولت قهر السلطة للذات المغتربة وهي تعلي من الفشل في الحب والاندماج والمشاركة في الحياة العامة ،بعدها تناولت رواية "فوضى الحواس"لأحلام مستغانمي ،مبرزة مختلف مظاهر الفوضى داخل الرواية ،كما تبين فوضى المخيلة ،فوضى الذات الأنثى وتيمة الحب ،وازدواجية القيم ،لا مبالاة الذات الأسئلة الكبرى للذات الأنثى؛ الرواية الثالثة كانت للمبدعة المغربية زوليخة موساوي الأخضري "الحب في زمن الشظايا"،وهنا توقفت الباحثة عند تشظي الذات،من خلال تشظي لغة الكتابة بين لغة التذويت ولغة التشخيص .
المداخلة الثانية تقدمت بها سلمى براهمة ،حول الأنا كمحور للإبداع ،موضحة كيف أن الإبداع عند المرأة يدور حول الذات وقضاياها ،وهو إبداع جاء كرد فعل يعارض الطرح النرجسي ،إلى جانب ذلك ذهبت الباحثة إلى أن هذا الإبداع يمتلك خصوصية تستحق أن ينتبه لها النقد ،كما أبرزت الفرق بين تناول الكتابة الذكورية والكتابة النسائية للذات فهي موضوع عند الأولى ،وذات عند الثانية لأنها تستعيد ذاتها ،وعليه فحضور الذات حضور محوري .
وحول موضوع الذكورة والأنوثة في الكتابة ،تدخلت المبدعة مليكة الصراري ،التي توقفت عند الأشكال الحاصل في الكتابة بمفهومها الذكوري والنسائي،مستحضرة تجربة الشاعر نزار قباني ،في تعابيره الأنثوية عن المرأة،قبل أن تخلص في نهاية مداخلتها إلى ضرورة التركيز على أدبية الأدب بدل الغوص في مثل هذه الإشكالات .هذا وقد تلى هذه المداخلات نقاش واسع بين الحاضرين الذين أكدوا على أهمية البحث في الإبداع النسائي ،كما أشار بعضهم، إلى ضرورة إقامة المزيد من الندوات والبحوث لإضاءة هذا الأدب وتقريبها إلى القارئ.
الجلسة الثانية شهدت لقاء مفتوحا بين القاص المغربي حسني مبارك وجمهور معرض الكتاب ،حيث نسق أشغال هذا اللقاء شعيب حليفي الذي تحدت في البداية عن أهمية المعرض في التأسيس لثقافة بديلة ،كما نفي في كلمته وجود أي أزمة للقراءة في المغرب مبينا ما يشهده المعرض من إقبال للقراء والزائرين ،قبل أن يعرج إلى تجربة حسني القصصية ،تناول الكلمة بعده القاص حسني مبارك ليتحدث عن تجربته وعلاقته بالقصة التي تشكلت مع اطلاعه على نصوص قصاصين عالميين بدرب السلطان ،فكان نتيجة ذلك أن ينشر عددا من القصص في الثمانينات ،قبل أن يصدر مجموعته الأولى "رجل يترك معطفه " وهي تجربة قصصية صادقة في ما تقدمه عن الواقع والحياة. بعد ذلك اتخذ اللقاء شكل حوار بين الناقد شعيب حليفي والمبدع حسني ، حول عدد من القضايا المرتبطة من بينها ،سر احتفاء حسني بالصورة ،وموقعه ضمن المشهد الإبداعي القصصي بالمغرب؟ ،ثم علاقته بكل من الرواية والسينما ؟.
كتفاعل مع هذه التساؤلات حاول حسني، بداية، إبراز علاقته المبكرة والمستمرة مع السينما،مستحضرا تلك الحقبة التاريخية التي كانت فيها درب السلطان تعج بدور السينما ،والتي ساهمت بقدر وافر في تشكيل الوعي الثقافي والسياسي إلى جانب الأندية السينمائية للشباب البيضاوي ،إلى جانب ذلك تحدث عن الانغلاق الذي يميز الكثير من المجموعات القصصية ،قبل أن يعود في الأخير للحديث عن علاقته الوجدانية بالسينما ودورها في تشكيل عالمه الأدبي .
الأحد17 أبريل2011
وحول موضوع "كازا بلانكا في ذاكرة الصورة" بحضور عدد من الباحثين والمهتمين في التاريخ والتراث المحلي للعاصمة الاقتصادية بالمغرب ...انطلقت أشغال الندوة العلمية بخيمة الندوات والتي صادفت احتجاج حركة 20فبراير بالحديقة المقابلة لمعرض الكتاب، كما تزامنت أيضا وانتصار فريق الرجاء البيضاوي واحتفالات محبيه ومشجعيه مما جعل درب السلطان، وساحة السراغنة تحديدا محجا لعدد لا يحصى من المواطنين البيضاويين وأضفى على جمالية المكان الشعبي مسحة وطابعا سحريا بتعدد لقاءاته وتمايزها واختلافها.
افتتح اللقاء الذي نسق أشغاله الأستاذ إبراهيم فدادي معبرا عن أهمية هذه الجلسة التي تشكل فرصة لدعوة شباب مدينة الدار البيضاء إلى التعرف على التاريخ المحلي للمدينة، ولتحفيزهم وتحسيسهم بضرورة الاهتمام بتاريخ هذه المدينة إذ لا يمكن – على حد تعبيره- كتابة ومعرفة تاريخ المغرب،ما لم نبدأ بمعرفة وكتابة تاريخ هذه المدينة العريقة في التاريخ، ولا يمكن كتابة تاريخ المدينة ما لم ندون تاريخ أحيائها..
قدمت المداخلة الأولى الباحثة بشرى روقي :" من كازابلانكا إلى الدار البيضاء" ركزت فيها عن الأصل التاريخي لتسمية المدينة مستحضرة مختلف الروايات التي كانت وراء تسمية مدينة الدار البيضاء، مؤكدة في معرض حديثها عن إشكال تعدد روايات التسمية، أن تاريخ المدينة يجمع بين التاريخ القديم والمعاصر مشيرة إلى أن أقدم إنسان في شمال إفريقيا كان بمدينة الدار البيضاء كما يؤكد ذلك البحث الاركيولوجي الحفري.
المداخلة الثانية للباحثة فاطمة العدام حول أنفا(الدار البيضاء) بين الخراب وإعادة التأهيل، بينت من خلالها كون المدينة ظلت مهملة لفترة طويلة من الزمن دون أن تشيد؛ مستندة في ذلك على البحث في التاريخ الوسيط لمدينة الدار البيضاء، منتهية إلى القول بأن المدينة تمت إعادة بنائها بعد الزلزال الذي لحقها في عهد سيدي محمد بن عبد الله، ومنذ ذلك الزمن - تقول الباحثة- والدار البيضاء تتوسع وتكبر مؤرخة بعمرانها لمغرب قديم ومعاصر جامع للعتيق والعريق.
فيما ذهبت المداخلة الثالثة التي قدمتها الباحثة في التاريخ المعاصر فاطمة إزم إلى الحديث عن الأهمية الاقتصادية للمدينة، والتي لم تكن بحسب البحث التاريخي وليدة العشرينية الأخيرة كما يعتقد الكثيرون، وإنما منذ التاريخ القديم للدار البيضاء كما أبرزت الباحثة أهمية استحضار انتفاضة الشاوية 1907 ليس للتأريخ للمدينة وحسب، وإنما للتأريخ وفي التاريخ الوطني بشكل عام ، وانتهت الباحثة إلى تجديد الدعوة إلى البحث والتنقيب في التاريخ المحلي للمدينة الذي لازال في حاجة إلى من يكتبه.
تلت هذه المداخلات نقاش جاد عبر فيه الباحثون والمهتمون بالتاريخ والحفريات والتراث المحلي للمدينة عن أهمية اللقاء، وأكدوا من خلاله حاجة المدينة إلى تضافر الجهود لتوثيق وتدوين تاريخها، أدان البعض الآخر ما لحق وطال مآثر عمرانية عريقة وعتيقة من تدمير بقرارات رسمية تفسد في اعتقادهم الهوية الحقيقية والتاريخ المادي الشاهد للمدينة وتعدم ملامحها العمرانية.
وحول ثلاثة كتب مغربية جديدة، بحضور مؤلفيها وهم سعيد عمري وسعاد مسكين ومحمد فخر الدين. وتنسيق بوشعيب الساوري.. قدم سعيد عمري مؤلفه " الرواية من منظور جمالية التلقي " مركزا على بعض الأسئلة التي وجهت المؤلف إلى تقديم كتابه. مبرزا أهمية نظرية التلقي كمنهج لدراسة تاريخ تلقي الأعمال الأدبية والتي مكنت من تتبع تلقي رواية أولاد حارتنا مسلحا بنقد النقد. وبعده تم تقديم كتاب "القصة القصيرة جدا "للباحثة سعاد مسكين التي أكدت أن اهتمامها بهذا النوع القصصي يأتي انطلاقا مما تراكم من إنتاج في السنوات الأخيرة بالمغرب، مركزة على إشكالية الجنس الأدبي، معتبرة أن القصة القصيرة جدا نوعا قصصيا، حاولت ربطه بالتحولات التي ميزت الإبداع المغربي في ارتباط بالمؤسسة الأدبية. وفي الأخير تم تقديم كتاب "حكايات شعبية من دكالة" للباحث محمد فخر الدين، الذي أكد أن منطلقه في جمع هذه الحكايات هو الأدوار التربوية التي تطلع بها، كالتربية على المواطنة والتربية على التراث والتربية على حقوق الإنسان وقبول الآخر. وفي نهاية اللقاء فتح نقاش أمام الحضور.
بعد هذا اللقاء ،توالت الأنشطة الثقافية الموازية لمعرض الكتاب بساحة السراغنة بتقديم وتوقيع كتاب كمال فهمي وهو بعنوان لعبة الحلم، وتنسيق عبد الله قدوري ؛ والكتاب هو عبارة عن مسرحية تيمتها الرئيسية الانتظار . رحل من خلاله الكاتب في رحلة مشوقة وممتعة واستشرف آفاق مستقبل واعد بين الماضي والحاضر والمستقبل .وواصل الكاتب حديثه عن مسرحيته التي بدأ كتابتها منذ 20 سنة منطلقا من منظور فلسفي استوحاها من قصة حي بن يقظان منتقلا من الرمزية إلى الواقعية محددا خاصياتها ومشيرا إلى عدة أمكنة بمدينة الدار البيضاء . عالجت مشكلة الانتظار المرتبط بالألم والقلق وعدم التواصل الإنساني . كما أبرز بعض مشاكل المغرب لتنتهي المسرحية بولادة إنسان جديد بالمغرب متطلعا إلى مجتمع حداثي.
الاثنين 18 أبريل
كان موعد الجمهور مع لقاءين ثقافيين متميزين، عرف الأول، الذي أدار أشغاله شعيب حليفي ، تقديم كتاب : " pierre loti au Maroc- de la place de l'autre dans le récit de voyage" ، استهله حليفي بتقديم مؤلفة الكتاب، سميرة الطويل(أستاذة بجامعة ابن زهر)، كما تحدث عن أهمية المؤلف في سياق الدراسات المهتمة بالنص الرحلي، مشيرا لمركزية موضوع الغيرية والآخر، والذي لا تكاد دراسة رحلية تخلو منه. بعد ذلك تناولت سميرة الطويل الكلمة كي تقدم كتابها حول رحلة الفرنسي "بيير لوتي" (1850-1923)، التي قام بها هذا الأخير لمدن مغربية كفاس ومكناس، بداية القرن العشرين، وحاولت الباحثة رصد تجليات نظرة الآخر للمغرب في هذه المرحلة انطلاقا من الأوصاف التي طبع بها "لوتي" أرض وأناس المغرب في رحلته، نظرة تدخل فيها الجانب الأيديولوجي بشكل جلي، في محاولة لتبرير دخول الاستعمار. بعد ذلك، فتح النقاش بمشاركة الحضور، حول ما قدمته سميرة الطويل عن مؤلفها ، وعن النص الرحلي بشكل عام.
اللقاء الثاني لهذه الأمسية، حاورت فيه الباحثة سميرة ملال، الأديب والإعلامي محمد الاحسايني، حول تجربة هذا الأخير الإبداعية والصحفية، وقد استمتع الحضور بلحظات حوارية شيقة، تعرف من خلالها على مسار الاحسايني الموسوم بإصدار أربعة نصوص روائية ،هي على التوالي:(عناصر منفصمة، ومذكرات كلب غير عابئ ولا مخدوع، وإصحاحات من سفر الخطيئة، وآخرها: الأزمنة السبعة) ،وعن علاقة الأدب بالصحافة، اعتبر ضيف الأمسية أن الإبداع يشكل جسرا مشتركا بين الاثنين، كما أن العمل الصحفي ، في نظره، يلامس العمل الأدبي السردي بالخصوص، كونه يتشكل من مجموعات صغيرة من الوقائع والأخبار. غير أن الفرد يكون أكثر حرية وإبداعية في العمل الأدبي المتخيل منه في العمل الصحفي المطبوع بالواقعية، وضرورة التحقق من الخبر إضافة إلى الرقابة الممارسة عليه. واختتم اللقاء بحوار مفتوح ، هذه المرة بين الاحسايني والجمهور الحاضر، حيث شكلت مواضيع الإعلام الثقافي، واللغة الإعلامية، والتجربة الإبداعية لمحمد الاحسايني أبرز عناوينه.
الثلاثاء 19 أبريل 2011
مرة أخرى يشارك مختبر السرديات وماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب في حلقة حول النصوص الروائية المغربية. في مستهل الحلقة ذكر منسق الجلسة محمد الهرمودي بأن الروايات محل الاشتغال تتميز بحداثة صدورها وأن ذلك شيء يحسب للباحثين الذين كسروا روتين الاشتغال على نصوص طالما ظلت هدفا لعناية الدارسين؛ ثم أحال الكلام للباحث عبد العزيز الضيف الذي وسم ورقته بـ"مقاربة تكوينية" لرواية "أوراق الرماد" لمحمد العتروس، مفصلا الحديث عن "رؤية العالم" ممثلة في البطل الإشكالي للرواية الذي يمثل الشخصية المغربية بأسئلتها الوجودية وتشظياتها وانكساراتها وتمردها ونقدها القاسي للمجتمع وثقافته. الورقة الثانية كانت مع الباحث الموريطاني محمد بن بادي بعنوان "لا صوت يعلو على صوت المؤلف"/ مقاربة في ضوء المنهج البنيوي لرواية "الرهائن" لمحمد صوف. وقد حاول من خلال هذه المعالجة أن يتوقف عند محطات أساسية وعناصر تحكم نسق الخطاب الروائي وتشكل كيانه البنيوي ليخلص إلى أن "رواية الرهائن هيمن عليها المؤلف بشكل مطلق فقد تحدث بدلا من شخصياتها وفكر عوضا عنهم حتى باتوا فعلا "رهائن" ليس لحيواتهم الخاصة... بل هم رهائن وأسرى لدى المؤلف نفسه.
أما الورقة الثالثة فقد كانت مع الباحثة سميرة ملال وقد اختارت لها عنوان "جدلية العوالم الممكنة: الواقعي والأسطوري" في رواية "دموع باخوس" لمحمد أمنصور وفي بداية معالجتها التي استنجدت فيها بالمنهج السيميائي قدمت ملخصا لمحتوى الرواية بينت من خلاله الخطوط العريضة لها والشخصيات الفاعلة فيها والأحداث المؤثرة في سيرها ،موضحة أن الرواية انطلقت من واقعة سرقة تمثال "باخوس" من مدينة "وليلي" وما عقب هاته الواقعة من أحداث دامية أودت بسكان قرية قرطاج ومن بينهم والد السارد "أنور" ،الذي عاش تحت وطأة التعذيب الذي مورس عليهم من طرف جهاز السلطة خلال عملية الاستنطاق؛ ليشكل هذا الحدث أثرا توليديا للكتابة بما هو جرح نازف اعتمل في ذات الكاتب ورافقها في مختلف محطات حياتها.انتقلت بعد ذلك الباحثة إلى دلالات الرواية من خلال عنوانها ثم المفاصل المشكلة للقراءات الممكنة
الورقة الرابعة والأخيرة كانت مع الباحث محمد محيي الدين حول رواية "هموم بطة" لأحمد المديني؛ مذكرا أن هذه الرواية تختلف عن روايات المديني الأخرى مركزا في بحثه على مكون الشخصية في علاقتها بمشكلات السرد مما أتاح له تأويل العديد من المحطات ذات الدلالات التي لا تبدو بسهولة في السطح .
الجلسة الموالية جاءت حول كتاب "التنشيط الإذاعي أي مفهوم وأية ممارسة" بحضور كاتبه المدني دروز ؛ وقد نسقت لهذا اللقاء الزهرة الغلبي الباحثة في مجال الإعلام والاتصال، مستعرضة أهم الخطوط التي تطرق لها الكاتب في مؤلفه والذي تناوله في ثلاثة فصول : عنون الأول بخصوصيات الخطاب الإذاعي ودرس من خلال الفصل الثاني مدى انفتاح الفضاء السمعي والبرمجة ، لينتقل في فصل ثالث ويعطي إحاطة شاملة عن تقنيات التنشيط مميزا بين الهوية والمهنية ، مركزة على القيمة المضافة التي أتى بها المؤلف محاولا خلق مجال للمعرفة والتكوين في تقنيات العمل الصحفي خاصة المذاع. وفي كلمة المدني دروز تحدث بداية عن علاقة الانترنيت بالإذاعة ، باعتبارها مصدرا مهما للمعلومة متسائلا عن مدى صدقها وجودتها كما تحدث عن عولمة الإعلام وتعميمه ، وانتقل ليتحدث عن دور الإعلام في التنمية ووسائل الاتصال وطرح سؤالا حول التنمية هل تنمي الإنسان اقتصاديا واجتماعيا ،أم تمده بالوسائل الضرورية تحديدا الإعلامية من أجل تنمية اقتصادية ومستدامة؟ وتحدث المؤلف أيضا عن الوضع الإعلامي في المغرب منتقدا الموارد البشرية غير الكفيلة بإنجاز الغاية المنشودة منه ، مركزا على دور التكوين المستمر كما تطرق إلى مبدأ الاستقلالية في العمل الصحفي طارحا مبادئ أخرى كالحرية والصدق والأمانة المهنية بالإضافة إلى الجانب الفني في العمل الصحفي ، وبعد ذلك فتح باب المناقشة الذي عرف تدخلات غزيرة ومتنوعة...
الأربعاء 20 أبريل
حول موضوع: "أدب الطبقة العاملة"، في الساعة الخامسة زوالا، ومن تنسيق نادية شفيق شارك ثلاثة قصاصين مغاربة "يوسف بورة"،"سعيد رضواني"،"محمد كويندي"، الجمهور الحاضر بانكساراتهم وطموحاتهم وآمالهم، وتجاربهم المنبعثة من فضاء عالم القاع، بالإضافة إلى مشاركة الباحثتين"سميرة مترجي"، و"الزوهرة صدقي بإلقاء الضوء على أدب مزجت كلماته بعرق من كتبوه، أدب تفوح منه رائحة الفقر والكد والقهر ، رائحة القاع.
الورقة الأولى في هذا اللقاء قدمتها الباحثة سميرة مترجي، حول نص"جراح" ليوسف بورة عنونتها ب(جراح: قراءة بالذاكرة في حياة القاع وأناسها)، حيث اشتغلت الباحثة على الذاكرة وآليات اشتغالها، التي تسير وفق مسار تركيبي بسيط يقوم على التوقف الذي يشكل عتبة بين الغوص في السابق والتهيؤ للاحق، والتكرار باعتباره حلية كلامية تفيد التوكيد من جهة والتنبيه من جهة أخرى، ثم التقييم لبعده الأخلاقي الذي يحضر غالبا في ساعة التجربة الذاتية. وقد حاول الكاتب في جراح النبش في حياة القاع حيث التهميش والإقصاء من خلال ما عاشه وما عايشه، فكان أن أجهد ذاكرته في الاسترجاع والاستذكار ليسجل حياة أناس خالطهم حتى النخاع، أناس يعيشون خارج التاريخ في اللازمان واللامكان. بعد ذلك صرح يوسف بورة بأن كتابه "جراح" هو ملامسة خجولة لمغامرة الكتابة، التي اكتشف أنها من أصعب الأمور التي يقدم عليها الإنسان خاصة إذا كان موضوعها يتطلب سبر أغوار الذات والغوص في متاهاتها، فقد غاص الكاتب في طفولته ومراهقته المشردة من خلال روايته "حقيقة دامعة"، لتأتي "جراح"، شاهدة على مرحلة شبابه، وما طبعها من مراجعات فكرية وسلوكية كان محورها انفتاحه على عالم الكتاب وفضائه الرحب، متمنيا إتمام ثلاثيته السيرذاتية .
تحدت بعد ذلك الكاتب محمد كويندي، عن الصعوبات التي واجهت الأدب العمالي، ورأى أن هذا الأخير استوقفته إشكالية المصطلح، واعتبر أن الكتابة هي إعادة توازن للحياة، التي نؤدي فيها جميعا أدوارا إما قسرا أو اختيارا، ثم أورد أمثلة عديدة لأدباء عمال استطاعوا قلب موازين الأدب وطبعوا أسماءهم بمداد امتزج فيه العرق بالدماء، من قبيل "زكريا تامر" الذي اعتبر أنه أثار ضجة في مسار القصة القصيرة، و"عبد الرحمن منيف" الذي أحدث طفرة في مجال الكتابة عن ثقافة الهامش، ويرى الكاتب أن كل مبدع يفكر فقط في اللغة لا يكتب، لذلك عليه أولا أن يفرغ مكنوناته عن طريق الكتابة ثم يتبعها بعملية التنقيح، ليختم بأن الكتابة شقاء كما هو الوعي عند كانط .
واختارت الباحثة الزوهرة صدقي الحديث عن "المتاهات السردية " عنوانا لمداخلتها التي تمحورت حول المجموعة القصصية "مرايا" لسعيد رضواني، معتبرة أن الأعمال الفنية التي تلفت الانتباه إليها، هي تلك التي تعرف كيف تجمع بين المضمون والشكل واللغة في بوثقة محكمة بحيث ترقى فنيا إلى درجة يستحيل معها تخيل شكل آخر لكتابتها غير الشكل الذي ظهرت عليه .و القاص سعيد رضواني لم يطل علينا إلا بعد أن أحكم فن السرد وأحاط بخصائصه الفنية والجمالية مما جعل قصصه جديرة بالمتابعة والقراءة، وترى الباحثة أن القاص لم يتخذ المتاهة موضوعا أو فكرة في مراياه، بل اتخذ موضوعات وقضايا اجتماعية ونفسية من قبيل (الجنس، السرقة، الاغتصاب، الجشع، القتل، البطالة...)، موضوعا لمتاهاته السردية، فالمتاهة عنده تكمن في اللعب بالعوالم المتعاكسة المتصادية التي تدفع بالقارئ ومنذ الوهلة الأولى إلى اتخاذ الحيطة والحذر خشية الضياع في المتاهات السردية لمراياه وذلك رغبة منه في إنتاج قصص مستفزة لا منومة.
تناول الكلمة بعد ذلك القاص سعيد رضواني ليبوح بمكنونات الأديب العامل، الذي يقاوم في كل لحظة انشطارا محتملا، وهو يجهل- كما يقول - كيف أصيب بلعنة الكتابة في بلد لا يقيم تماثيل لمبدعيه، بل تماثيله أجيال تناوبت على تقلد مسؤولية الثقافة فزجت بها في الدرك الأسفل، ليبقى المبدع وحيدا في حربه اليومية من أجل إثبات وجوده أمام أسرة تُحَمل قلمه وأوراقه وزر تدهور أوضاعه الاجتماعية، فيظل يتفتت حتى يتلاشى ثم يقال مات كاتب. وفي ختام هذا اللقاء افتتح باب نقاش عميق حول الأديب العامل وما قدمه من عطاءات لحقل الأدب.
الجمعة 21 أبريل 2011
تواصلت ، يوم الجمعة ، أنشطة المعرض بتوقيعين لجديد الكتابات عند الكاتب والصحفي عبد الرزاق السنوسي معنى والباحث في الفكر والفلسفة بوعزة الساهل. وقد استهل البرنامج توقيع كتابين للصحفي عبد الرزاق السنوسي معنى تطرق في الأول لمختلف المحن والمضايقات التي تعرضت لها الصحافة الاتحادية على مدة الخمسين سنة الماضية،مشيرا إلى معاناة الصحفيين مع السلطة والتوقيفات التي تعرضت لها هذه الصحافة الشئ الذي دفعها إلى تغيير الاسم مرات عديدة من التحرير إلى المحرر ثم إلى الاتحاد الاشتراكي ،أما الكتاب الثاني فهو عبارة عن بيبليوغرافيا شملت مجموعة من الأسماء البارزة في الساحة السياسية والثقافية في المغرب.
وفي الجزء الثاني من البرنامج كان الجمهور المثقف على موعد مع الباحث في الفكر والفلسفة بوعزة ساهل الذي قدم للتوقيع مجموعة من الكتب الفكرية منها: "نحن والرياضيات" "أوراق باشلارية" وقد أعطى الباحث صورة عن مساره الثقافي والفكري ورؤيته المختلفة لمفهوم العقل العربي باعتباره آلية لإنتاج الفكر والمعرفة، وقد شارك في تنشيط هذا اللقاء مجموعة من المهتمين بالفلسفة قدموا إضاءات حول تجربة الساهل، ومنهم الهادي الهروي ومحمد يوب والزوهرة صدقي .
السبت 22 أبريل 2011
إلى وقت متأخر من الليل ووسط أمطار الخير ، غصت خيمة الندوات بساحة السراغنة - الدار البيضاء بجمهور متنوع جمع المثقفين والباحثين وعموم المواطنين بمن فيهم رجال السلطة العلنيين والسريين ،ضمن معرض الكتاب في دورته الرابعة المنظم بإشراف الجمعية البيضاوية للكتبيين وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء ، يوم الجمعة 22 أبريل 2011 ..وذلك لحضور الحلقة النقاشية في موضوع : " كيف نُفكر في دستور المستقبل".. للملمة الأسئلة الأكثر إلحاحا ، المُقيمة في ثنايا نقاش لا يبترد ، هويته القبض على طمأنينة غير مزيفة ، وتشكيل الإحساس بالشخصية المغربية التوّاقة باستمرار إلى النقد والتجدد ، نأيا عن الانتكاس واليأس والانتظارية .
وقد ترأس هذا اللقاء شعيب حليفي الذي دعا إلى ضرورة سماع صوت المثقفين والأدباء المغاربة في ما يجري ، وهم الذين كانوا سبّاقين إلى ثقافة التغيير والانتقاد والاحتجاج ، وقال :"نريد دستورا نكون بعده متحررين من الظلم والقهر والاستعباد والجهل والفقر والبطالة واليأس ..متحررين من الذين أنتجوا كل هذه الأمراض المزمنة وجعلوها واقعا مقيما ... ممن انتهت صلاحيتهم وما زالوا راغبين في خنق أنفاسنا .."
ومن أجل فتح النقاش استعرض مضامين الدستور الذي عرضه علي باي العباسي (ضومنيكو باديا) على السلطان المغربي المولى سليمان في سنة 1805 معلقا عليه ومشيرا أن سيصدر قريبا ضمن عمل متكامل في منشورات مختبر السرديات .
الورقة الموالية كانت لعثماني الميلود (دكتور في الآداب وناقد أدبي) بعنوان "الإصلاح الثقافي جزء من الإصلاح الدستوري " ، تطرق خلالها إلى أن قضايا الإصلاح الثقافي لا تقل أهمية بأي شكل من الأشكال عن قضايا الإصلاح الاقتصادي والسياسي. بل أنه يمكن القول بأن أي إصلاح اقتصادي أو سياسي لن يضرب بجذوره في المجتمع إلا إذا أصبح جزءا من الثقافة السائدة لدى الشعب ومن وعي أغلبية المواطنين به. فالإصلاح الثقافي يتجه إلي عقل المواطن ووعيه وفكره ويؤثر علي موقفه ورأيه تجاه الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وإذا كان الإصلاح السياسي أو الاقتصادي يهدف إلي تغيير النصوص الدستورية والتشريعات والمؤسسات فإن الإصلاح الثقافي يتجه إلي الإنسان الذي يتعامل مع هذه الإصلاحات وذلك بهدف إيجاد المناخ الفكري لاقتناع المواطنين بها واعتبارها جزءا من ثقافة المجتمع. وهذا هو الشرط اللازم لتفاعل المواطنين مع عملية الإصلاح وتحويل النصوص والتغييرات المؤسسية إلى واقع حي ومعيش.
وأضاف بأن النظام الديمقراطي إذا كان يستند إلى الدستور والقوانين والمؤسسات البرلمانية فإنه يستند أيضا وبنفس القدر إلي مجموعة من القيم والأفكار بدونها تكون المؤسسات الديمقراطية مجرد هياكل دون مضمون أو محتوي. قيم مثل التسامح السياسي والقبول بالتعددية الحزبية وتداول السلطة واحترام الرأي الآخر وتبني الحوار أسلوبا ومنهجا لحل الخلافات. فليس من حق أي مجموعة أو حزب في المجتمع الديمقراطي أن يزعم امتلاكه للحقيقة الوحيدة الكاملة والمطلقة بل أن القيمة العليا في الديمقراطية هي قيام الأحزاب والقوي السياسية بطرح أفكارها المختلفة وبرامجها المتنوعة وقيام الطبقات الاجتماعية بعرض مصالحها ومطالبها. ويتم الوصول والاتفاق حول السياسات المتبعة من خلال الحوار بين هذه الأفكار والمطالب والمصالح.
وفي تدخل إدريس قصوري (دكتور في تحليل الخطاب ومحلل) اعتبر الدستور بمثابة أرضية لتخليق السياسات العامة منطلقا من سؤال حول كيفية تطبيق الدستور ؟ ليناقش الموضوع انطلاقا من نقطتين: الأولى تتعلق بالأوضاع المستفحلة في العالم والمتمثلة في الفقر وبالبطالة والاستبداد ، ثم معضلة المشاكل السياسية والاقتصادية ، ولهذا لا توجد برلمانات حقيقية، كما لا يوجد قضاء وأكثر من هناك توجد لوبيات تؤثر على مراكز القرار .
وهذا التعقيد ينتج فجوة بين الغرب والجنوب ،كما تحدث عن ضعف الاقتصاد الذي ينتج البطالة ،وعن الديون المتفاقمة داخل الدول العربية التي لها دور كبير في تبعية دول الجنوب ، وكل هذه الأحداث وغيرها جعلت الدول الغربية تعيد النظر في ترتيب أوراقها ، الذي نتج عنه عنف داخل العالم العربي .وانتقل بعد ذلك ليتحدث عن شروط الاندماج داخل الحراك الذي يعيشه العالم والمتمثل في المواكبة وعدم الرجعة . أما نور الدين صدوق (ناقد أدبي) فتحدث عن غياب رأي المثقف في مثل هذه الجلسات والتي من خلالها طرح علامة استفهام حول عدم مشاركة المثقف في الدستور ، ويجب أن تكون المشاركة واسعة شاملة ومشتركة بين المثقف والسياسي ؛ كما تحدث مصطفى لغتيري (قاص) عن ارتباط المثقفين بحركة التغيير والاحتجاج متوقفا عند المسألة الدينية ، وتحدث عن فعل إقصاء الإنسان البسيط غير الممثل في مثل هذه المحطات التاريخية في البلاد وختم تدخله بالتأكيد على ضرورة وضع بند يخص المثقف داخل الدستور والذي ظل مغيبا لمدة سنين .وتدخل محمد عرش (شاعر) عن الحاجة إلى المثقف العضوي وجدل السياسي والثقافي ؛ بينما انتقد بوشعيب الساوري (دكتور في الآداب وناقد أدبي) المرجعية الدستورية ذات الأصول الأجنبية والهادفة إلى حماية فئة ؛ أما الدستور فهو رهين بمفهوم التعاقد المبني على المصالح المشتركة ، متحدثا عن مفهوم التعاقد الذي يهدف إلى المساواة بين الأطراف .أما عبد الوهاب الدبيش (دكتور في التاريخ) فقد انطلق من اتفاقية الاستقلال الموقعة مع الفرنسين بتاريخ 2 مارس، مؤكدا على قراءتها وأن الدولة المستقلة تتحكم في أمورها الداخلية دون الخضوع لضغوطات أجنبية، ورجع إلى الوثيقة التي تنص على الاستقلال تحت دائرة النفوذ الفرنسي.كما تناولت سلمى براهمة (قاصة وباحثة) المثقف ودوره في الدستور المراجع مطالبة بضرورة إشراكه في هذه التحولات والاعتراف بخصوصيته الثقافية ودسترتها ، وألحت على ضرورة مناقشة هذه الإشكالية .أما عبد القادر خلدون (روائي) فبدأ بالتحديد المفاهيمي للثقافة ، ثم تحدث عن مصطلح المبدعين عوض المثقفين ، والمبدعون على جميع المستويات رافضون فرض الدستور على المثقف.
وتدخل محمد عطيف(كاتب وفاعل نقابي) معرفا بهيمنة الإعلام الذي يهلل لأناس لم تكن موجودة في الساحة قبل بروز التعديلات الدستورية ، حيث أنها كانت مخبأة في أوكارها واليوم أصبحت تتكلم وتقنن ، مركزا على أسلوب الانتقال السلمي الذي يجب على المغرب أن يسلكه، وفق شروط منها أولا إسقاط الفساد وقلعه من جذوره ،وللإعلام ضلع كبير في ذلك ،وطرح سؤالا حول مدى جدية الدولة في الإصلاح.
كما قدم عبد الرحمان غانمي (دكتور في الآداب وناقد أدبي) ورقة تحدث من خلالها عن الاستقلال والديمقراطية وعن المراحل الأساسية في الدستور منذ سنوات مثيرا سبب اعتقال الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل نوبير الأموي سنة 1992 ، فالقضايا المطروحة الآن في الدستور ليست بالجديدة علينا، وإنما هي مطروحة منذ عقود ، مؤكدا على أن الدولة عليها استثمار هذا التحول من أجل التغيير ، كما تحدث عن ضرورة أن يكون النقاش فكريا عوض أن يكون إيديولوجيا، ويجب طرح مشروع شمولي من أجل إبراز السياقات العامة التي تراعي الاختلافات والتعدد داخل المغرب،كما تناول التغييب داخل المجتمع المغربي بحيث انه لا يجب التحدث عن حركة 20 فبراير فقط والحال يجب النظر إلى الحركة الاجتماعية ذات الأصول الاجتماعية والتي تتضمن حقوق المواطنين مثل الشغل والتعليم والصحة ... حتى لو تم وضع أحسن الدستور في العالم لا نستفيد منه ما لم يكن هناك إصلاح اجتماعي .
وعن دور المثقف في المرحلة الحالية تدخل الشريشي المعاشي وعبد الحق نجاح وسعيد غصان (نادي القلم المغربي) متحدثين عن الدور الحقيقي للأدباء الفاعلين وضرورة الانخراط في النقد والتقويم . كما تدخل محمد محي الدين (باحث)في نفس السياق الداعي إلى المزيد من تفعيل الحراك ؛ أما أنيس الرافعي (قاص) فقد قال بأن الدستور الذي يتم التهيء له سيأتي على مقاس ورغبة الدولة وأنه يجب رفع القداسة حتى يصبح الجميع قابلا للمساءلة . وطرحت الزوهرة الغلبي(باحثة) المادة 21 من الميثاق الدولي والتي تنص على أن الشعب هو مصدر سلطة الحكم ،فيما تدخل كل من عبد الله الكلخة ومحمد فلاح وآمال الحسيني وعبد الله شكربية ... لطرح قضايا الحرص على دستور حقيقي نابع من حاجات الشعب المغربي الحقيقية .