المصطفى الصوفي
فعلت اللجنة التنظيمية لمهرجان السينما الأفريقية خيرا، بتأجيلها للدورة ال14، التي كانت مقررة عقدها من 2 إلى 9 يوليوز المقبل، وذلك من أجل أن تكون الدورة في حال جيدة، عكس سابقتها التي تمرغت في وحل العديد من الأخطاء التنظيمية التي يتحمل فيها المسؤولية مدير المهرجان والعديد من معاونيه.
والواضح أن الدورة الجديدة التي تقرر تنظيمها من 16 إلى 23 من الشهر المقبل، عليها أن تحل الكثير من الإشكاليات التي لا تعطي الصورة المثلى لمهرجان تسيره مؤسسة قائمة الذات، بمباركة كبيرة من المركز السينمائي المغربي، الذي في الحقيقية قدم خدمات جليلة للمهرجان، بعد أن كادت رياح القرصنة تعصف به إلى وجهة أخرى.
إن على اللجنة التنظيمية للمهرجان، ومن يرأسها أن تتجاوز ذيل الكثير من الانتقادات التي توجه إلى مسيري الدورة، وهي كثيرة ومتعددة، تبدأ من الالتزام بالمسؤولية في كل شيء، بدل التنصل منها والهروب إلى النوم بسبب المرض أو" طلوع الدم" أو ما شباه ذلك، وهو ما حصل في الدورة السابقة، حيث خلفت بعض المواقف الكاريكاتورية، استياء العديد من المتتبعين والمهتمين، وبخاصة منهم ضيوف المهرجان الذين يأتون من خارج المغرب.
كما أن الاهتمام بوسائل الإعلام المحلية والوطنية، وتوفير شروط اشتغالها دون تفضيل زيد عن عمر، من الأمور التي يجب على لجنة التنظيم أن تفكر فيها، بدل رمي هموم المراسلين والصحافيين في سلة المهملات، والزج في بعض الضيوف في أماكن بعيدة لا ترقى إلى المستوى المطلوب.
ومن الأمور التي يجب على اللجنة التنظيمية، أن تتداول في تجاوزها، مسألة إقامة الضيوف وممثلي الصحف الوطنية ووسائل الإعلام، فضلا عن أماكن تغذيتهم، وتنقلهم، دون التمييز بين هذا وذاك، وبخاصة فيما يتعلق بدعوات الافتتاح والاختتام، وما إلى ذلك، وهو الأمر الذي كاد أن يفجر الدورة السابقة مباشرة بعد نهاية حفل الافتتاح، حيث كل واحد من اللجنة التنظيمية كان يتهرب من المسؤولية لحل إشكال استفادة البعض دون الآخر من دعوات" نادي الرماية"... وهي العملية التي شبهها بعض الظرفاء بالمهزلة.
والواضح أن مهرجانات فتية بالمدينة والإقليم، رغم عمرها القصير إلا أنها أبانت بحس العمل الجماعي، عن حسن في التنظيم، وسلاسة في التعامل، رغم قلة الإمكانيات، والطعن في الخلف، ومن ثمة على مهرجان السينما الإفريقية أن يأخذ العبرة، بهدف جعل المهرجان محطة مهمة لتكريم السينما الإفريقية والسينمائيين والاحتفال بالصورة في أبهى تجلياتها، بدل تغييب الجانب المعنوي في كل شيء والبحث عن الماديات التي تتبخر مع مرور الوقت، مثل غبار الفوسفاط الذي يتلاشى كما صعد من "فوارات" المناجم في الضواحي والأحراش.
أن مشاكل ومعضلات الدورة السابقة كثيرة ومتعددة، ولا مجال لذكرها في هذا المقام رغبة منا في المساهمة في إنجاح الدورة ولو بكلمة، ومن ثمة على اللجنة التنظيمية ومن يقودها إلى البحث بكل مسؤولية في مكامن الخلل، والتحلي بالمسؤولية، من أجل جعل المهرجان، قاطرة للتغيير الفني والإبداعي الحسن والجميل، لا أن يتحول إلى هدر للمال العام، وتبذيره، في وقت يحتاج فيه شباب خريبكة والإقليم إلى تلك الأموال، والى مبادرات جريئة من قبل المسؤولين في المدينة والإقليم لحل مشاكلهم، وتأتي في مقدمتهم الحصول على شغل كريم في منطقة تزخر بمؤهلاتها الطبيعية والاقتصادية.
إن شركاء المهرجان، الذين يساهمون بحصص مالية مهمة، في كل دورة، من حقهم مساءلة المسؤولين عن المهرجان، وعن كل دورة، عن مدى جدية كل دورة، ورهاناتها ونتائجها الفنية والإبداعية والتنموية، بدل أن يتحول المهرجان كل سنة إلى تبذير أموال مهمة، دون أن تكون للمهرجان أية فائدة، كما من واجب تلك الجهات أيضا، دعم مهرجانات فتية أخرى، ربما تقوم بأكثر من دور من أجل ترسيخ قيم الوطنية والمحبة والسلام، وتكريس الإشعاع الثقافي والفكري بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
عموما إن مهرجان السينما الأفريقية كمؤسسة وشركاء ومدعمين، يحتاج إلى حبة أسبرين ليتعافى من الكثير من مشاكله، ومن أتعابه القديمة، فله ما يكفي من النجاح، لكن أن تشار إليه البنان بعدم المهنية والاحترافية، والتخبط في مشاكل كثيرة، والصراعات الجانبية بين كثير من الأطراف، فذلك أمر لا يقبل، وعلى إدارة المهرجان أن تتحمل مسؤوليتها في كل كبيرة وصغيرة، حتى يظل المهرجان محطة "خريبكة" جميلة للاحتفاء بالسينما والسينمائيين في القارة الإفريقية.