توفي الكاتب ووزير الثقافة الاسباني السابق خورخي سيمبرون المقاوم في الحرب العالمية الثانية الذي احتجز في معتقل نازي والمعارض المناهض لفرانكو مساء الثلاثاء في باريس عن 87 عاما، هو الذي وضع غالبية إعماله بالفرنسية. سيمبورن كانا شاهدا على كبرى تمزقات القرن العشرين السياسية وقد استمد منها أعمالا ملفتة في الأدب والسينما. وقد رحل خورخي سيمبرون ب"هدوء تام" في منزله الباريسي على ما أفاد حفيده توماس لاندمان. وذكر التلفزيون الاسباني أن عائلة الكاتب لم تختر بعد مكان دفنه لكن من المرجح أن يكون في فرنسا حيث عاش كل حياته تقريبا. وقد كان وزيرا للثقافة بين عامي 1988 و1991 في حكومة الاشتراكي فيليبي غونزاليس. وكان خورخي سيمبرون انتقل للعيش في المنفى في فرنسا مع عائلته مع بدء الحرب الأهلية الاسبانية (1936-1939). وأشاد وزير الثقافة الفرنسي فريديريك ميتران بهذا الكاتب "الكبير" الذي اختار "اللغة الفرنسية وطنا ثانيا". وأضاف أن سيمبرون الذي كان يعتبر أن "الذي لا يوصف هو الذي لا يمكن الصمت عنه" سيبقى بالنسبة لنا جميعا مثالا رائعا للمفكر الملتزم في خدمة المثل الأوروبية". وأسف الكاتب اريك اروسينا لرحيل "شقيق كبير فضلا عن شخصية كبيرة من اسبانيا" متحدثا عن أمسية روى له خلاها سيمبرون وهو يضع يده على كتفه، نضاله ضد النازية ومن ثم ضد "فظائع فرانكو". واعتبرت وزيرة الثقافة الاسبانية انخليس غونزاليث-سيندي أن سيمبرون "كان مرجعا مهما جدا في ما نسميه اليوم الذاكرة التاريخية".
ولد سيمبرون في العاشر من كانون الأول/ديسمبر 1923 في مدريد في كنف عائلة بورجوازية تؤمن بالقيم الجمهورية وقد عرف المنفى منذ طفولته. فقد غادر والده المحامي الجمهوري اسبانيا اعتبارا من العام 1936 "وفاء لأفكاره" مع أولاده السبعة متوجها بداية الى هولندا وبعدها الى فرنسا. ومن باريس ترسخت لدى خورخي سيمبورن عند سقوط مدريد في أيدي فرانكو في آذار/مارس 1939، القناعة بأنه سيبقى دوما "اسبانيا شيوعيا". مع حلول الحرب العالمية الثانية التحق سيمبرون بصفوف المقاومة. وفي أيلول/سبتمبر 1943 وهو في سن التاسعة عشرة أوقفه الغيستابو ونقله الى معتقل بوخيفالد النازي. عند تحرير المعتقل في نيسان/ابريل 1945 اختار سيمبرون "فقدان الذاكرة الطوعي للاستمرار في الحياة". قطع هذا الصمت في العام 1963 مع روايته السردية الأولى "الرحلة الطويلة" وسيعود الى هذه التجربة الأليمة كذلك في العام 1994 مع "الكتابة أو الحياة". وبعد سنوات قليلة أمضاها مترجما في اليونسكو في باريس عاد الى اسبانيا حيث نسق التحرك السري للحزب الشيوعي الاسباني تحت اسم فيديريكو شانسيز. إلا أن خلافات نشأت بينه وبين رئيس الحزب سانتياغو كاريو الذي طرده من اللجنة التنفيذية في العام 1964 بتهمة "التحول عن سياسة الحزب". فكرس وقته بعدها للكتابة بالفرنسية والاسبانية. في العام 1969 حصلت راويته "الموت الثاني لرامون ميركادير" على جائزة فيمينا الأدبية الفرنسية. وقد وضع حوار أفلام "زد" (1969) و"الاعتراف" (لافو 1970) وكان يعمل في السينما مع ايف مونتان والمخرج كوستا غافراس.