في شعرية الفقدان، تتجلى قصيدة الشاعرة المغربية التي تعيد من خلالها استعادة شاعر لافت رحل مبكرا. ولكنه ترك رجع أشعاره في الذاكرة، وبين المكان والشاعر مساحة ضيقة تتحول الى استعارة تذكرنا بفداحة الفقد والغياب.

نِكَايَةً بِالمَدِينَةِ

نسيمة الرّاوي

 

إِلَى مُنِير بُولْعِيش شَاعِراً

رَمَى بِالأَبَدِيَّةِ إِلَى البَحْرِ وَانْسَحَبَ

فِي صَمْتِ الْعُظَمَاءِ

 

هَرَباً مِنْ بَشَاعَةِ الْمَشْهَدِ،

تَدْنُو "طَنْجَةُ الْعَالِيَة"

مِنَ "الْجَبَلِ الْكَبِيرِ"

الْمُطِلِّ عَلَى قَلْبِكَ الْمَنْسِيِّ

جِهَةَ الْبَحْرِ..

وَتِلْكَ الرَّافِضَةُ بِبِنْطَالٍ مُمَزَّقٍ*،

تَصْعَدُ رَغْمَ بَشَاعَةِ الْمَشْهَدْ..

 

عُشْبٌ مِنْ أَقَاصِي الْقَلْبِ يَسْقُطُ،

وَأَنَا أُمَشِّطُ عَلَى طُولِ "البُولِڤَارْ"

 هِپِّيّاً يَسْتَعِينُ بِقُبَّعَةٍ

كَيْ لاَ تُزْعِجَ أَصْوَاتُ الْمَطَارِقِ

قَصِيدَةً تَتَدَرَّبُ عَلَى الغِنَاءِ بِالْبَالِ،

قَصِيدَةً مُصَابَةً بِفُوبْيَا الضَّوْءِ..

 

هِپِّيّاً يُخْفِي وَجْهَ شُكْرِي

دَاخِلَ حَقِيبَتِهِ؛

كَيْ لاَ تَتَّهِمَهُ الْمَدِينَةُ

بِالْخُبْزِ الْحَافِي،

أَوْ زَمَنِ الأَخْطَاء..

هِپِّيّاً يُشْبِهُنِي

فِي التَّمَاهِي مَعَ مُوسِيقَى پَاكُو دِي لُوسِيَا

 

       لأَنَّ تَسْرِيحَاتِ نُجُومِ هُولْيُودَ لاَ تَرُوقُهُ

مَشَى الهِپِّيُّ

عَلَى سَجَّادَةٍ مِنْ غَيْمٍ،

وَلأَنَّ طَنْجَةَ لَيْسَتْ عَالِيَّةً بِمَا يَكْفِي،

مَشَى الهِپِّيُّ عَلَى سَجَّادَةٍ مِنْ غَيْمٍ...

 

مَقْبَرَةٌ تُجَاوِرُ الْبَحْرَ؛

بِالْمَقْبَرَةِ عُشْبٌ يَابِسٌ..

مِنْ بَعِيد

أَرَى سَفِينَةً تَحْمِلُ الْبَحْرَ

صَوْبَ الْمَقْبَرَةِ..

 

أَتَوَسَّدُ حُلْمَكَ لأُكْمِلَ حُلْمِي

بِقَصِيدَةٍ نَثْرٍ تُعَلَّقُ أَبْيَاتَهَا

عَلَى سِيَاجِ مَقْبَرَةٍ

نِكَايَةً بِالْمَوْتِ

نِكَايَةً بِالْمَدِينَةِ

 

طنجة 2010

 

الرافضة: قصيدة للشاعر المغربي الراحل منير بولعيش من ديوان "لن أصدقك أيتها المدينة".